الاكتشافات البترولية الحديثة في مصر

تعرضت مصر إلى أزمات قوية في توفير مصادر الطاقة خلال فترة ما بعد يناير 2011 ونقص الإنتاج من المواد البترولية والغاز الطبيعي اللازمَين لتوفير احتياجاتها من الطاقة. وهو ما أثَّر بالسلب على قطاعات واسعة من الخدمات المقدمة كالكهرباء وتوفير المواد البترولية للسيارات ووقود المنازل والوقود اللازم لقطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة، وهو أدى لحدوث أزمات متكررة وإعاقة معدلات التنمية بشكل كبير، وهو الأمر الذي كان له مردود سيء مجتمعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.

وبداية من عام 2014 أولت مصر هذا الملف اهتمامًا كبيرًا من خلال التوسع في الاستيراد للمواد البترولية والغاز الطبيعي لتوفير احتياجات البلاد منهم؛ حيث تبلغ الاحتياجات 78 مليون طن سنويًا، منها 4 ملايين طن تُنتج محليًا والباقي يتم تدبيره من خلال الاستيراد.

وتسعى مصر إلى رفع إنتاجها بحلول 2019-2020، بنحو 3.2 مليون طن، ليصل إلى 7.6 مليون طن، لينخفض بذلك العجز بين الإنتاج والاستهلاك إلى نحو 0.3 مليون طن، وتصل نسبته إلى 3.8% من الاستهلاك.

وتعمل الهيئة العامة للبترول على تطوير معامل التكرير المصرية، بقيمة تصل إلى ١٢.٦ مليار دولار، لترتفع الطاقة الإنتاجية للمعامل المصرية إلى ٤١ مليون طن سنويًا. حيث تمتلك مصر نحو 8 معامل لتكرير النفط الخام بطاقة إنتاجية تقدر بـ 38 مليون طن سنويًا، يُستغل منها نحو 25 مليون طن سنويا فقط.

وتسعى مصر إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة والعمل على تحويل الدولة إلى مركز إقليمي لإعادة تصدير الغاز عن طريق الربط بقبرص وتركيا وإسرائيل وآخرين، وذلك خلال ثلاث سنوات؛ إذ تعتمد مصر منهجية الاعتماد على الغير في التنقيب واستخراج المواد البترولية المختلفة.

وأبدت مصر مؤخرًا مرونة في العقود وتحسين الشروط السعرية مع شركات التنقيب، وهي عوامل لتحفيز المستثمرين، التي كان لها أثر مباشر لزيادة الاتفاقات النفطية.

وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاقات متعددة مع شركة بريتش بتروليم (بي بي) و شركة إيني. وهو ما نتج عنه أكبر اكتشاف للغاز في منطقة البحر المتوسط (حقل ظهر).

وقد أدت الاكتشافات الضخمة -مثل حقل الغاز «ظهر» الذي اكتشفته «إيني» بالبحر المتوسط في أغسطس الماضي- إلى اهتمام الشركات بالاحتفاظ بمواقع قوية في المنطقة التي من المعتقد أنها ما زالت تحوي مكامن هائلة غير مستغلة.

وتقدر احتياطات حقل «ظُهر» -الذي اكتشفته الشركة الإيطالية «إيني» في المياه العميقة بالبحر المتوسط- بنحو 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي (تعادل نحو 5.5 مليار برميل مكافئ) ليصبح أكبر كشف يتحقق في مصر وفي مياه البحر المتوسط، وضمن أكبر 20 كشفًا للغاز على مستوى العالم.

ومن المتوقع أن يبدأ الحقل الإنتاج بمعدل 700 مليون إلى مليار قدم مكعبة في اليوم، تزداد إلى 2.7 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2019.

وقد أكد رئيس شركة «إيني» الإيطالية كلاوديو ديسكالزي، أن حقل الغاز الطبيعي الذي نجحت الشركة في اكتشافه سيغطي احتياجات مصر من الغاز الطبيعي لعقود مقبلة، كما سيجعلها واحدًا من أهم مصادر الغاز الطبيعي لإيطاليا وباقي دول الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر إقامة 20 منصة لاستخراج الغاز من حقل «ظهر» في أكبر عملية تكنولوجية وهندسية لاستخراج الغاز على مستوى العالم باستثمارات تقدر قيمتها بـ12 مليار دولار لتنمية الحقل.

وأعلنت شركة «دانة غاز» الإماراتية مؤخرًا، تسجيلها اكتشافات كبيرة من الغاز في بئري «بلسم2» و«بلسم3» ضمن منطقة حقوق تطوير حقل «بلسم» في دلتا النيل بمصر. وأوضحت الشركة في بيانها أن التقديرات الأولية تُشير إلى وجود احتياطات مؤكدة ومحتملة تقدر بـ165 مليار قدم مكعبة من الغاز، ما يعادل 28 مليون برميل من النفط المكافئ يوميًا.

في حين ستكون حصة الأسد من الإنتاج الإضافي الذي ستضخه «بي بي» في السنوات القليلة المقبلة، ستأتي من مشروع غرب دلتا النيل الذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 2.1 مليار قدم مكعبة يوميا؛ بالإضافة إلى حقل الغاز «أتول» الذي اكتشفته «بي بي» بشرق دلتا النيل في مارس الماضي قد يضخ 250 مليون قدم مكعبة يوميًا. ومؤخرًا قد قامت مصر بالإعلان عن مزايدة عالمية لعدد 11 رقعة للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط ودلتا النيل.

إينيالبحر المتوسطالهيئة العامة للبترولبلسمحقل ظهردانة غازمصر