أثر بعثة صندوق النقد الدولي على خطة تطوير السياسة الضريبية

توالت الأنباء عن بعض ملاحظات و توصيات بعثة صندوق النقد الدولي الدورية لتقييم الحالة الاقتصادية المصرية، في إطار متطلبات القرض الذي تحصل عليه مصر من الصندوق.

ففي الزيارة الأخيرة تم عرض الإصلاحات الضريبية التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، بدءًا من التشريعات التي أدخلتها على قوانين الضرائب، وأبرزها قانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون إنهاء المنازعات الضريبية، وتعديلات قانون ضريبة الدخل الخاصة بضريبة الدمغة على تداولات البورصة، وتعديلات شرائح الدخل الخاصة بالخصومات الضريبية على الرواتب والإجراءات الإصلاحية الهيكلية التي دخلت على هيكل الإدارة الضريبية، والتي تسبَّبت في ارتفاع الحصيلة الضريبية بواقع 8% على المستهدف وزيادتها بنحو 30% عن حصيلة العام المالي الماضى.

وقد أعقب ذلك إعلان بعثة الصندوق توصيتها للحكومة المصرية بالتوسع في جمع الإيرادات (الضرائب) للإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأكثر إلحاحًا، والاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، والحد من الإعفاءات الضريبية، وجعل النظام الضريبي أكثر تصاعدية، بمعنى أن “الناس الأكثر ثراء يدفعون ضرائب أكثر بشكل تصاعدي“، بالإضافة إلى رفع كفاءة إدارة وتحصيل الضرائب[1].

حيث أوضحت بعثة الصندوق في ورقة التقييم للحالة الاقتصادية المصرية -ضمن وثائق نتائج المراجعة الثانية للاقتصاد المصري- أن هذه الاقتراحات تساهم في زيادة إيرادات الحكومة بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط، وأنها تساهم في الحفاظ على استدامة استقرار الاقتصاد المصري، على المدى البعيد، وبما يحقق الانخفاض التدريجي في عجز الموازنة واحتواء الدَّين العام. كما أوصت البعثة برفع الدعم عن الوقود بشكل نهائي، وتوسيع برامج الدعم النقدية؛ مثل كرامة وتكافل، وتقليل الدعم العيني.

ومع استمرار السياسة الحكومية فيما يسمى برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي فإنه تتنامى العديد من الأزمات والمشكلات التي تنعكس بشكل كبير على حياة أفراد المجتمع، والتي يمكن أن يعبَّر عنها من خلال ارتفاع الأسعار و معدبل التضخم و وصوله إلى مستويات مرتفعة، وارتفاع معدلات البطالة بالإضافة إلى تراجع قطاعات إنتاجية مهمة (صناعية – زراعية)، و عدم تبنِّي الحكومة لخطة اقتصادية إنتاجية تنموية مستديمة، بل تبنِّي خطة توسعية في مجالات الإسكان والطرق على حساب قطاعات الإنتاج؛ مع استمرار هذه السياسة الحكومية فإنه يصبح من المتوقع أن تلجأ الحكومة إلى تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي برفع ما تبقى من الدعم، وزيادة الضرائب خصوصًا مع عدم تنامي المخصَّصات السلبية في موزانة الدولة كمخصَّصات خدمة الدَّين التي من المتوقع أن تصل في الموازنة القادمة إلى 520 مليار جنيه، و هو الأمر الذي سيدفع الحكومة إلى مزيد من الاقتراض لسد عجز الموازنة، وبالتالي ارتفاع جديد في حجم الدَّين المحلي والخارجي في حالة من حالات الدوائر المفرغة، والتي توضح بشكل كبير قدر الخلل في السياسات المالية والنقدية للحكومة المصرية.

[1] مصراوي