قانون اللجوء السياسي ومنع المسلمين اللاجئين من الجنسية في الهند

قانون اللجوء السياسي ومنع المسلمين اللاجئين من الجنسية في الهند

 

فيوفِّر الدستور في الهند الحماية لحقوق الإنسان الخاصة باللاجئين وطالبي اللجوء، إضافة إلى حصولهم على الرعاية الصحية، وإمكانية تسجيل أطفالهم في المدارس، كما ينظم الوضع القانوني لهم القانون الصادر عام 1946 وقانون المواطنة الصادر عام 1955، ولا تفرِّق تلك القوانين بين اللاجئين الهاربين من الاضطهاد وغيرهم، بل تُطبق على الجميع دون تمييز.

لكن يبدو أن هناك تباينًا في المعاملة بين الفئات المختلفة من المهاجرين، حيث تنظمها مجموعة من القرارات السياسية والاقتصادية، وليست تلك القوانين، ويرجع ذلك إلى كون الهند ليست عضوًا في اتفاقية عام 1951 للاجئين ولا في بروتوكول عام 1967؛ ولذلك فإن منظمة الأمم المتحدة للاجئين تكون بابًا آخر يستند إليه اللاجئون للحصول على بعض حقوقهم.

لذلك فإنه يمكن للاجئين المسجلين لدى منظمة «الأمم المتحدة للاجئين» الحصول على تأشيرة طويلة الأمد «LTV»، يمكنهم من خلالها تقنين أوضاعهم والتمتع بحقوق وخدمات إضافية، مثل: التوظيف، والتعليم؛ بالإضافة إلى إمكانية مساعدتهم في العودة لأوطانهم، أو التواصل مع حكوماتهم لتسهيل حصولهم على حق المواطنة أو العيش في بلد آخر إذا دعت الحاجة.

ومع ذلك، فإن اللاجئين يواجهون العديد من التحديات، ومِن بينها: التمييز والحصول على أماكن إقامة وفرصة عمل، والشعور بعدم الأمان([1]).

ويُطلق اسم اللاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين على مَن تنطبق عليهم أحد الأوصاف الآتية:

  • مَن دخلوا الهند بدون جواز سفر صحيح أو وثيقة سفر.
  • الذين ظلوا في الهند بعد انتهاء وقت إقامتهم المسموح به.

وبمقتضى هذا القانون؛ فإنه يمكن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين أو سجنهم([2]).

وتعتزم الهند في الفترة المقبلة منح الجنسية للمهاجرين الذين واجهوا اضطهادًا دينيًّا، وذلك بموجب مشروع قانون قدَّمته حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية الهندوسية، لكن فقط إن كان هؤلاء المهاجرون من غير المسلمين.

وبموجب مشروع القانون المقدم؛ فإنه سيتم تعديل القانون القديم  ليتعين على المهاجر الإقامة في الهند أو العمل لصالح الحكومة الاتحادية لمدة أدناها أحد عشر عامًا حتى يتسنى له حق التقديم للحصول على الجنسية، ويستثنى من ذلك ست أقليات دينية هي البوذية والزرادشتية والهندوسية والسيخ والجينية وكذلك المسيحية، الذين يتعين عليهم الإقامة أو العمل في الهند ستة أعوام فقط حتى يكون لهم حق المواطَنة والحصول على الجنسية الهندية([3]).

فهذا المشروع في الحقيقة يتحيز بوضوح إلى جانب الهندوس، والمسيحيين، والبوذيين وغيرهم ممَن واجهوا اضطهادًا في بلادهم مثل: باكستان وبنغلاديش وأفغانستان، في مقابل تعرض المسلمين إلى الترحيل أو السجن.

ويُتهم حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في الهند بتبني أجندة تقسيمية -يعتبر القانون المقترح أبرز مثال عليها، وأنه يقوِّض مبادئ الديمقراطية وضد الدستور العلماني للبلاد-، حيث وافق على مشروع القانون في ديسمبر من العام الماضي وسيحال إلى البرلمان الذي يعد حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم صاحب الأغلبية فيه (في غرفته الأدنى)، وقادر على تمريره عن طريق حلفائه في غرفته الأعلى.

وعلى الرغم من دعم العديد من الوزراء رفيعي المستوى للقانون؛ إلا أنه يتعرض لانتقاداتٍ حادةٍ مِن معارضين وصفوه بأنه مجرد خطوة من الأغلبية الهندوسية للإشارة إلى أن الهند هي أرض الهندوس([4]).

ولم تقتصر هذه الانتقادات على بعض الأصوات المعارضة فقط، بل امتدت إلى العديد من الاحتجاجات على هذا المشروع الجديد، والتي قتل على أثرها نحو 21 محتجًا، وبخاصة في ولاية آسام التي كانت مركز حركة مستمرة منذ عقود ضد المهاجرين غير الشرعيين، والتي شهدت أعلى عددٍ من الضحايا، حيث يرون أن هذا القانون يعد تمييزًا ضد المسلمين ولا يتماشى مع الدستور، فبموجب هذا القانون يمكن للأقليات غير المسلمة من أفغانستان وبنجلادش وباكستان الذين فروا من الهند قبل عام 2015 أن يحصلوا على الجنسية، ولكن دون المسلمين([5]).

وبالنظر إلى أعداد المهاجرين في ولاية آسام تلك، نجد أن عشرات الآلاف من المهاجرين البنغاليين الهندوس غير المتضمنين في السِجِل الوطني الهندي سيكون بإمكانهم الحصول على حق المواطَنة للبقاء في الولاية ذاتها، والمطلع على التركيبة السكانية في ولاية آسام يجد أن نحو ثلثي السكان يدينون بالهندوسية، والربع بالإسلام([6]). وهو ما يعطي انطباعًا نحو نية الحكومة الهندية الاستفادة من هذا القانون بزيادة التأثير على تلك التركيبة، وتدعيم الهندوس أكثر في تلك المنطقة؛ لكون الإسلام هو الأسرع نموًا بين الأديان في ولاية آسام وفقًا لتقرير تعداد عام 2011 ([7]).

وكما يقول أحد المؤرخين عن مشروع القانون: “إنه في ظاهِره موجَّهٌ للاجئين من الأجانب، لكنه يستهدف بالأساس نزع الصبغة الشرعية عن مواطَنة المسلمين”([8]).

وختامًا:

فإن هذا القانون يبدو أن ظاهره فيه الرحمة وباطنه مِن قِبَله العذاب؛ فلو كان بالفعل مستهدفًا حماية الأقليات؛ لتضمن الأقليات الإسلامية التي تواجه اضطهادًا في بلادها: كالروهينجيا في ميانمار، وغيرهم.

———————————-

([1]) لاجئون في الهند يتقاسمون همومهم اليومية مع رئيس المفوضية

([2]) https://www.bbc.com/arabic/world-50716676

([3]) https://www.bbc.com/arabic/world-50716676

([4]) قانون جديد في الهند يمنح الجنسية للاجئين الذين يواجهون اضطهاداً دينياً.. لكن بشرط وحيد: ألا يكونوا مسلمين!

([5])  https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN1YR1S0

([6]) https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A2%D8%B3%D8%A7%D9%85

([7]) الإسلام في آسام

([8]) https://www.bbc.com/arabic/world-50716676

الروهينجااللجوء السياسيالهندالهندوسيةكشمير