حسابات روسيا في السودان بين دعم ميلشيات الدعم السريع ومساعي الحصول على موافقة الخرطوم لإنشاء قاعدة روسية على البحر الأحمر

حسابات روسيا في السودان بين دعم ميلشيات الدعم السريع ومساعي الحصول على موافقة الخرطوم لإنشاء قاعدة روسية على البحر الأحمر

لطالما عُدَّ موقف الكرملين من الصراع في السودان محلَّ نقاش من قبل العديد من المراقبين؛ فقد وطَّدت موسكو علاقاتها بالنظام السوداني السابق بدءًا من العام 2017م، وسعت روسيا إلى إنشاء قاعدة عسكرية روسية على السواحل السودانية بالبحر الأحمر كجزء من المساعي الروسية للانتشار البحري العالمي في العديد من الممرات والمضايق البحرية الحيوية حول العالم بما فيها مضيق باب المندب والبحر الأحمر. فيمَا كان دافع الرئيس السوداني الأسبق “عمر البشير” من التقارب مع الكرملين هو مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة على الخرطوم، فقد كان التدخل الروسي في سوريا والدور الذي لعبته في بقاء الأسد، دافعًا للبشير وقتها لأن يكون للاتحاد الروسي دور في السودان كي يخفف من تلك الضغوط التي تفرضها واشنطن والقوى الغربية.

إلا أن الأحداث المتلاحقة والتطورات التي شهدها السودان قد أجَّلت موضوع القاعدة الروسية؛ ومع اشتعال الصراع في السودان، برز اسم مجموعة “فاغنر” الروسية الخاصة ونشاطها المتزايد مع قوات الدعم السريع في عمليات التنقيب عن الذهب والمعادن النفيسة في السودان، بالرغم من محاولات موسكو للتقارب مع الخرطوم خلال الأشهر الأخيرة؛ ما يثير التساؤلات حول عدم وضوح الموقف الروسي في السودان.

فكيف يمكن فهم طبيعة الأهداف الروسية في السودان؟ وما دوافع الاتحاد الروسي للحصول على قاعدة عسكرية روسية على سواحل البحر الأحمر؟ وكيف تساهم تلك القاعدة في تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة وعالميًا؟ وما تداعيات ذلك على الصراع في السودان؟ وما هو مستقبل السودان في ظل المصالح المتصاعدة للقوى الخارجية في السودان؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات، في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة الضوء على السياسة الروسية تجاه الأزمة السودانية ودوافع الكرملين للحصول على قاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر ومستقبل الصراع السوداني، في هذه السطور الآتية.

السياسة الروسية تجاه السودان خلال السنوات الأخيرة:

يزداد الوضع في السودان تعقيدًا في ظل إصرار كل طرف على حسم الصراع عسكريًّا منذ انطلاقه في 15 من أبريل 2023م، وتحظى الأزمة السودانية باهتمام دولي واسع، بحيث بات واضحًا أن الصراع في السودان قد تجاوز أطرافه الداخليين، وباتت هناك أطراف خارجية فاعلة تحاول التأثير على مجريات الأحداث.

ورغم انشغال الكرملين بالصراع المحتدم مع القوى الغربية على الساحة الأوكرانية؛ إلا أن السودان لم يغب عن الإستراتيجية الروسية الخارجية في صراعها مع الغرب، فقبل تعقد الأوضاع في السودان وحرب أوكرانيا وتحديدًا في العام 2017م، عُقدت قمة جمعت بين الرئيس السوداني الأسبق “عمر البشير” والرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ووصف البشير السودان خلال اللقاء بأنه مفتاح روسيا إلى أفريقيا، وطرحت فكرة القاعدة البحرية الروسية على السواحل السودانية كجزء من استراتيجية موسكو الخارجية لتعزيز تحالفاتها وتوسعاتها المستمرة في أفريقيا. (مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية).

وتحدثت تقارير عدة لاحقًا عن قيام شركات روسية باستخراج الذهب في السودان، وعن تقديم عناصر من الشركة الأمنية الروسية الخاصة “فاغنر” المشورة لقوات الأمن السودانية خلال الاحتجاجات ضد حكم البشير أواخر عام 2018م، وأكد المسؤولون الروس وجود عسكريين روس في السودان، لكنهم نفوا تورطهم في قمع المظاهرات المناوئة للبشير حينها.

ومع إسقاط الرئيس السوداني عمر البشير وتأسيس مجلس السيادة السوداني وحكومة حمدوك، وانتهاج الخرطوم لسياسات جديدة للتقرب من الغرب لإسقاط الديون ورفع اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب الاجتياح الروسي لأوكرانيا مطلع العام 2022م، وما تلاها من ضم أراضٍ أوكرانية وتجنيد جزئي في روسيا؛ تراجع الاهتمام الروسي بالسودان إلا أنه لم يغب.

ففي تلك الفترة، عمل قائد مجموعة فاغنر “يفغيني بروغوجين” على تعزيز علاقات المجموعة مع قائد قوات الدعم السريع “محمد حمدان دقلو” وحماية مصالحه في السودان، وتحديدًا في مناطق التنقيب عن الذهب والمعادن النفيسة، وبحلول منتصف العام 2022م، باتت السياسة الروسية تجاه السودان أكثر وضوحًا وباتت الاستراتيجية الروسية هي التحالف مع حميدتي. (الجزيرة).

وإيذانًا ببدء هذه السياسة الجديدة؛ زار حميدتي موسكو لتعزيز العلاقات بينه وبين الروس، وفي ظل العقوبات الاقتصادية الغربية المنهمرة على الاقتصاد الروسي، تنظر موسكو إلى ثروات السودان من الذهب والمعادن وغيرها بوصفها وسيلة للتحايل على العقوبات الغربية، فيما تدفع موجة العقوبات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تسريع الاستيلاء على مناجم الذهب في السودان، ما زاد من نشاط فاغنر في البلاد وتحديدًا في إقليم دارفور والمناطق الجنوبية على حدود جمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة الأخيرة بحسب تقارير غربية، وذلك بفضل علاقات فاغنر وبروغوجين مع قوات الدعم السريع.

وفي ظل تصريحات واشنطن المطالبة بوقف إطلاق النار في السودان، والضغط على الجيش وقوات الدعم السريع للعودة إلى مفاوضات منبر جدة كمسار سياسي ترعاه بالشراكة مع السعودية لإنهاء الحرب؛ تنتهج موسكو سياساتها الخاصة تجاه السودان، ما بين دعم فعلي على الأرض لقوات الدعم السريع ومناورات سياسية بين حين وآخر للخرطوم، وهو ما بدا جليًّا خلال تصريحات الفريق “ياسر العطا” عضو مجلس السيادة السوداني، بحديثه عن طلب روسيا إنشاء قاعدة على البحر الأحمر أو نقطة تزود كما أسماها مقابل إمداد الخرطوم بالأسلحة والذخيرة.

دوافع الاتحاد الروسي للحصول على قاعدة عسكرية على البحر الأحمر:

بالنظر إلى الموقع الجغرافي الحيوي للسودان؛ إذ يُعد بوابة للقرن الأفريقي ودول الساحل ومضيق باب المندب أحد أهم الممرات البحرية المائية في العالم، إلى جانب امتلاك موسكو خلال الحقبة السوفيتية قواعد عسكرية في الصومال وإثيوبيا، فإن الكرملين يسعى إلى استعادة دوره الحيوي ومناطق نفوذه السابقة حول العالم، وتعزيز التحالفات وتوطيد النفوذ في القارة السمراء.

وكان واضحًا سعي الاتحاد الروسي إلى إنشاء قاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر خلال السنوات الماضية، وذلك لتزايد الأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة وتحولها من مجرد ممر دولي بحري إلى كونه شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية، مما ستحصد روسيا من وراءه العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية والتجارية، وهذا ما يفسر مساعيها الدائمة لإيجاد موطئ قدم لها في العديد من الدول المشاطئة للبحر الأحمر كالسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال، إلى جانب تصريحات الحوثيين خلال الأشهر الأخيرة وعروضهم المقدمة للكرملين لإنشاء قاعدة عسكرية على السواحل اليمنية.

ولكن باءت معظم تلك المساعي بالفشل؛ وأصبح معظمها غير مكتمل، وعلى الرغم من ذلك ظلت روسيا تعمل دائمًا على استكشاف فرص أخرى جديدة في المنطقة من أجل تحقيق هذا الهدف، فامتلاك الكرملين لقاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر سيعزز من الدور الحيوي للاتحاد الروسي كقوة مؤثرة في الساحة العالمية.

وبالنظر إلى دوافع اختيار السودان كموقع للقاعدة الروسية؛ فإلى جانب موارده الكامنة كالمساحات الشاسعة القابلة للزراعة وتوافر مصادر المياه والمعادن النفيسة ونشاط الجماعات الموالية لروسيا في المنطقة، ترغب موسكو في تثبيت تواجدها وتمركزها بشكل أعمق داخل القارة الإفريقية؛ ذلك بعدما عززت موسكو في السنوات الأخيرة تعاونها مع عدد من دول إفريقيَا؛ خاصة في المجال العسكري التقني.

من بينها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي كانت جميعها تحت مظلة النفوذ الغربي لكنها باتت اليوم مواقع لقواعد عسكرية روسية فتكرار مساعي الاتحاد الروسي لإنشاء قاعدة في بورتسودان الساحلية خطوة هدفت من خلالها إلى تعزيز تواجدها بالقارة الإفريقية بشكل عام ومنطقة البحر الأحمر بشكل خاص.

روسيا بين دعم حميدتي وعرض المساعدة للجيش السوداني:

على الصعيد السياسي الرسمي؛ كان الموقف الروسي تجاه الأزمة السودانية محايدًا بشكل كبير، فمع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سارعت موسكو إلى الدعوة للوقف الفوري لإطلاق النار في الخُرْطُوم، وحل القضايا الخلافية بين طرفي الصراع من خلال المفاوضات.

وتزامن ذلك مع لقاء “ميخائيل بوجدانوف” مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية بالسفير “محمد سراج” السفير السوداني لدى موسكو؛ لمناقشة تطورات الأزمة السودانية في أبريل 2023م. كما تبنّت موسكو استراتيجية الحُوَار السلمي للأزمة السودانية، وذلك عبر دعوتها من خلال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة “فاسيلي نيبينزيا” إلى تعاون دول الجوار السوداني من أجل وقف الصراع في مناطق القتال، والسعي نحو تهدئة الأوضاع في أقرب وقت. (الميادين).

وعملت موسكو على نفي الاتهامات الموجهة لقوات فاغنر بدعم مليشيات الدعم السريع، وأكد السفير الروسي لدى السودان “أندريه تشيرنوفول” أن 75% من عناصر الدعم السريع هم مُرْتَزِقَة أفارقة، وأن الغرب قد أشعل صراع السودان بعد أن تعارضت المصالح الغربية في البلاد مع سياسة الجنرالات السودانيين، وأُعطي الغرب الضوء الأخضر للإطاحة بالجنرالات العنيدين في الجيش على يد قوات الدعم السريع؛ لكن الرِّهان على الحرب الخاطفة قد فشل. (الميادين).

وبعيدًا عن الموقف السياسي الروسي الرسمي المعلن تجاه الأزمة السودانية، فالمعطيات على الأرض تشير إلى عكس ذلك؛ فتواجد قوات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في السودان منذ عام 2017م قد سمح لها بإقامة روابط قوية مع قوات الدعم السريع، لا سيما مساعدتها في التدريب والتجهيزات العسكرية.

حتى إن تقريرًا لصحيفة “ذا هيل” الأمريكية كشف عن 16 رحلة جوية روسية لتهريب الذهب من السودان خلال الفترة بين فبراير 2022م ويوليو 2022م؛ وذلك برغم نفي الدعم السريع وجود أي صلة مع قوات فاغنر في خضم تفاقم الصراع الراهن. (بي بي سي عربية).

وفي هذا الصدد، اتهمت تقارير غربية مجموعة “فاغنر” بالتورط في تزويد قوات الدعم السريع بصواريخ من نوع “أرض– جو”، كما أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى تلقي قوات الدعم السريع دعمًا لوجستيًا من بعض الأطراف الليبية المقربة من فاغنر، تمثل في 30 ناقلة وقود وشحنة من الإمدادات العسكرية. (بي بي سي عربية).

وتعكس تصريحات المسؤولين الأوكرانيين عن “محاربة روسيا في كل مكان” ودخول عناصر من القوات الخاصة الأوكرانية على خط الحرب الدائرة في السودان دعمًا للجيش السوداني، إلى جانب التقارير الغربية حول فاغنر؛ تأكيدًا على أن لفاغنر دورًا محوريًا في الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، غير أن السفير الأوكراني في الخُرْطُوم لم يؤكد أو ينفي مشاركة قوات من بلاده في الحرب المستمرة في السودان.

تداعيات دخول روسيا على خط الأزمة السودانية على المنطقة:

تشير المعلومات الواردة من السودان إلى قرب توقيع اتفاق تعاون إستراتيجي عام وآخر عسكري بين مجلس السيادة وروسيا، خلال الأشهر القليلة القادمة، يتيح لروسيا إنشاء قاعدة دعم لوجستي عسكرية على ساحل البحر الأحمر في بورتسودان، في تطور لافت قد يُعد بداية لتحول إدارة السودان نحو روسيا على حساب القِوَى الغربية ومصالحها في المنطقة.

وتنص الاتفاقية على أن تكون قاعدة الدعم اللوجستي قادرة على استقبال ما يصل إلى 4 سفن روسية في وقت واحد، بما في ذلك السفن العاملة بالطاقة النووية. وسيكون الجانب السوداني مسؤولًا عن الأمن الخارجي للقاعدة، بينما تقع مسؤولية حماية حدود المنطقة المائية والدفاع الجوي والأمن الداخلي للقاعدة على عاتق الجانب الروسي، وبالتالي ستتيح القاعدة لروسيا إمكانية استيراد وتصدير أي أسلحة وذخيرة ومعدات لازمة للقاعدة، وكذلك حق إقامة مواقع عسكرية مؤقتة بالسودان لحماية القاعدة المزمع إنشاؤها. (إنترريجونال للتحليلات السياسية).

وعند النظر إلى الدور المحوري الذي يلعبه البحر الأحمر في الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والخليج العربي، بدءًا من حرب الخليج الثانية عام 1991م، وحتى الآن؛ فإن الولايات المتحدة تنشر العديد من القطع البحرية من أساطيلها في المنطقة هناك، وتنفذ عمليات عسكرية إلى جانب القوات البحرية البريطانية.

وتصاعد الحديث عن إنشاء قاعدة روسية في السودان قد دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى التحذير من المضي قدمًا لتنفيذ هذا الاتفاق، وصرح بأن التعاون بين السودان وروسيا من شأنه أن يزيد من عزلة الخُرْطُوم ويعمق الصراع الحالي ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، الأمر الذي يمثل تحديًا واضحًا للنفوذ الأمريكي بمنطقة البحر الأحمر والسودان بشكل خاص وإفريقيا بشكل عام.

خاصة عقب تراجع النفوذ الأمريكي والغربي في معظم دول غرب إفريقيا التي شهدت انقلابات عسكرية خلال العام الماضي، واتجاه روسيا لتوطيد علاقاتها مع هذه الدول، وفي هذا السياق يتخوف بعض السياسيين السودانيين من أن إنشاء هذه القاعدة، قد ينجم عنه تحويل السودان والمنطقة إلى ميدان صراع للقوى العظمى، كون العلاقات الروسية الأمريكية تشهد تنافسًا محتدمًا على مناطق النفوذ وتوطيد التحالفات والتكتلات الدولية. وتحول الصراع في السودان إلى صراع بين القِوَى العظمى الخارجية سيعقد الأزمة السودانية أكثر وسيكون له وقع سلبي على الدولة السودانية.

مستقبل السودان في ظل المصالح المتعارضة للقوى الخارجية:

في ظل ما يتمتع به السودان من موارد وثروات طبيعية ومعدنية نفيسة، أثارت شهية القِوَى الخارجية ودفعت إلى استقطاب أطراف الصراع؛ إلى جانب دخول القِوَى العظمى صاحبة السياسات المتعارضة والتطلعات المختلفة في السودان والمنطقة العربية والإفريقية إجمالًا.

فإن تلك العوامل تُعقد المشهد السوداني أكثر؛ ولذلك فإن القِوَى السياسية السودانية مقتنعة بأن السبيل الوحيد الذي يمكن أن يقود إلى الضغط على طرفي الصراع للتفاوض وإنهاء الحرب الدائرة في البلاد، هو عدم التدخل الخارجي في الشأن السوداني وتوحيد القِوَى المدنية.

والخطوة التي أقدمت عليها تنسيقية تقدم بشأن انتخاب هيئتها التأسيسية، ووجود كيان يمثل قطاعًا واسعًا من السودانيين، هما من أبرز الحلول، أملًا في أن تحقق القِوَى المدنية نجاحًا خلال فترة زمنية قصيرة في حلحلة الأوضاع في السودان، مثلما كانت قِوَى الحرية والتغيير نواة لإنهاء فترة حكم البشير.

ويبدو أن مستقبل السودان بات غير واضح المعالم في ظل التطورات الأخيرة؛ ولذلك على الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية أن تكونا أكثر فعالية إزاء التدخلات الخارجية في الشأن السوداني ودعم مواقف المملكة العربية السُّعُودية والدولة المصرية الإيجابية في إيجاد حل سلمي يضمن سلامة السودان ووحدة أراضيه.

الخلاصة:

– شهد الموقف الروسي من الأزمة السودانية تطورات وفقًا لمتغيرات الصراع والمصالح الروسية في الداخل السوداني؛ فمن حياد سياسي رسمي ودعم فعلي على الأرض لقوات الدعم السريع، بات واضحًا الموقف الروسي أكثر خلال الأشهر الأخيرة، والسعي لإنشاء موطئ قدم دائم في السودان على سواحل البحر الأحمر، والتقارب مع الخُرْطُوم ومجلس السيادة السوداني؛ ويبدو أن موسكو باتت مستعدة للانخراط أكثر في الأزمة السودانية من أجل حماية مصالحها في القارة السمراء وعدم تقويضها، خاصة أن موسكو لن تتنازل عن نفوذها في السودان لصالح منافسيها الدوليين.

– يمكن القول: أن روسيا تسعى من خلال اتفاقها مع الحكومة السودانية إلى تأسيس تواجد طويل الأمد يتخذ من السودان بوابة استراتيجية إلى العمق الإفريقي، خاصة في منطقة القرن الأفريقي والساحل، في ظل كون موسكو تنتهج سياسة اختراق المناطق الهشة لتملأ الفراغ الأمريكي والغربي؛ حيث سعت لتعزيز تواجدها داخل القارة الإفريقية من خلال تعاونها العسكري مع العديد من الدول الإفريقية، كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، وعليه سيشهد السودان حالة من التنافس المحتمل على كسب النفوذ بين الغرب وروسيا، شأنه في ذلك شأن العديد من دول القارة، ما سيكون له تداعياته على الدولة السودانية، ويعزز من احتمالات ذلك السباق المحتدم بين الطرفين على تعزيز الوجود في أفريقيا على كافة المستويات.

– لدخول روسيا أو أيٍ من القِوَى الخارجية على خط الأزمة السودانية وقع سلبي على السودان والمنطقة، كون أن القِوَى الخارجية لديها تطلعات في المنطقة انطلاقًا من مصالحها الخاصة؛ وبالتالي يمكن القول إن السودان قد يتجه إلى مستقبل مجهول، ما لم يتم إيجاد حل سياسي سلمي للاقتتال المستمر ما بين الجيش والدعم السريع، ولذلك على المجتمع الدَّوْليّ والقوى الإقليمية الفاعلة في المشهد أن تدعم الجهود التي تبذلها المملكة العربية السُّعُودية والدولة المصرية لإنهاء الصراع الدائر في السودان.

المصادر:

مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية

الجزيرة

مركز رع للدراسات الإستراتيجية

الميادين

بي بي سي عربي

إنترريجونال للتحليلات السياسية

البحر الأحمرالخرطومالدعم السريعالسودانروسيا
Comments (0)
Add Comment