تطورات المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة في ظل احتدام السباق ودخول دي فانس وتيم والز وأبرز التحديات والتوقعات
خلال الأسابيع الأخيرة، وبعد انسحاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” من السباق الانتخابي، ودخول “كامالا هاريس” بديلًّا عنه، احتدم السباق الانتخابي في الولايات المتحدة، مع نتائج استطلاعات الرأي الجديدة والتي تأتي في صالح الديمقراطيين، والتي أربكت حسابات المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” وأعضاء حزبه، وكان من اللافت تطورات المشهد السياسي والاجتماعي الأمريكي السريع، والذي تميز بتحولات كبيرة بشكل عام داخليًّا وخارجيًّا خلال السنوات القليلة الماضية؛ في ظل عدم وضوح السياسة الأمريكية والتراشق المستمر بين المرشحين للرئاسة.
وفي ظل تأثير الولايات المتحدة الأمريكية واسع النطاق في العديد من القضايا الدولية الحرجة؛ مثل: الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع والتنافس الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتأجيج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ فقد وضع العديد من المراقبين الانتخابات الأمريكية في صلب التطورات العالمية؛ لما لها من تداعيات على السياسة الأمريكية داخليًّا وخارجيًّا خلال السنوات الأربع القادمة؛ فكيف يمكن قراءة تطورات الانتخابات الأمريكية الأخيرة؟ وما عوامل صعود الديمقراطيين خلال الفترة الأخيرة؟ وكيف أثر اختيار دي فانس وتيم والز نائبين للمرشحين الجمهوري والديمقراطي على زخم الانتخابات الأمريكية؟ وكيف سيتعامل المرشحون مع تطلعات الناخب الأمريكي إزاء الاقتصاد؟ وكيف يمكن قراءة التوقعات المستقبلية للانتخابات الأمريكية في ظل التطورات الأخيرة؟
يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات، في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة الضوء على تطورات المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة في ظل احتدام السباق ودخول دي فانس وتيم والز وأبرز التحديات والتوقعات في هذه السطور الآتية.
صعود الديمقراطيين من جديد وتغيير المشهد السائد:
أدى انسحاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” ودخول النائبة “كامالا هاريس” إلى السباق الانتخابي، إلى قلب موازين المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة، ودفع إلى إعادة ترتيب الجمهوريين أوراقهم من جديد “فدونالد ترامب” والذي كان متفوقًّا على الرئيس “جو بايدن” في استطلاعات الرأي عقب محاولة استهدافه في ولاية بنسلفانيا واختياره “لجي دي فانس” نائبًا له في السباق الانتخابي، بدأ بالتراجع أمام صعود “كامالا هاريس” و”تيم والز” في استطلاعات الرأي الجديدة.
وأظهرت عدة استطلاعات رأي مختلفة، أجرتها وسائل إعلام أمريكية متعددة نهاية الأسبوع الماضي، تقدم مرشحة الحزب الديمقراطي “كامالا هاريس” على حساب منافسها الجمهوري “دونالد ترامب” في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة بنسبة 51 بالمائة مقابل 45 بالمائة، فيما يحاول الحزب الديمقراطي استغلال مؤتمره في شيكاغو لتعميق الفارق بين مرشحته وترامب، تاركًا الأخير يبحث عن إستراتيجية جديدة للعودة إلى اللعبة السياسية، بعد ما بنى كل خططه على مواجهة “جو بايدن”. (فرنسا 24).
فمع تعيين هاريس رسميًّا لقيادة حملة الرئاسيات للحزب الديمقراطي الأمريكي؛ انتعشت آمال الديمقراطيين في الفوز بالانتخابات الرئاسية، ومع اختيار المرشحة الديمقراطية لحاكم ولاية مينيسوتا “تيم والز” مرشحًا لمنصب نائب الرئيس، أعطى ذلك دفعة جديدة من الحماس والطاقة، ومنح أملًّا في موازنة البطاقة الانتخابية، وكسب تأييد الناخبين في المناطق الريفية التي كانت تشير التوقعات إلى أن هاريس تؤدي فيها أداءً “أسوأ” من بايدن في استطلاعات الرأي التي جرت في تلك المناطق.
ويأتي اختيار والز، مفاجأة بالنسبة لكثيرين؛ خاصة بعد ما سبقته موجة تكهنات باختيار حاكم ولاية بنسلفانيا “جوش شابيرو” نائبًا لهاريس، وفي مقابل شابيرو، المؤيد بقوة لإسرائيل، اعتبر مراقبون وديمقراطيون أن والز مؤهل بشكل مثالي لتوسيع نطاق جاذبية هاريس عبر اليسار الأمريكي، بينما كان شابيرو سيساهم في تفتيت الائتلاف الوطني الديمقراطي.
استبعاد شابيرو كان مدخل الرئيس السابق والمرشح الجمهوري المنافس “دونالد ترامب” للتعليق على الخبر، معتبرًا أن هاريس تجاهلت بدائل أفضل باختيار والز، ووصف المرشح الجمهوري، والز بأنه “رجل ليبرالي للغاية”، و”اختيار صادم” وقال في مقابلة على قناة فوكس نيوز “لا يمكنني أن أكون أكثر سعادة”. (الجزيرة).
وبالنظر إلى أبعاد اختيار والز؛ فيرجع ذلك إلى عدة نقاط أبرزها، عضويته بالكونغرس لـ12 عامًا، وشعبيته الواسعة بين الديمقراطيين مع تنفيذه برنامج إصلاحات يسارية ليبرالية أطلق عليه اسم “معجزة مينيسوتا” والذي اشتمل على إجازة عائلية مدفوعة الأجر، ووجبات مدرسية مجانية، وقوانين لحماية العمالة، وإلزام الحكومة باستخدام الطاقة النظيفة بنسبة 100%. ما عزز من شعبيته ومع ذلك فإن والز، الذي عمل في بداية حياته مدرسًّا للدراسات الاجتماعية في المدرسة الثانوية بمدينة مانكاتو بولاية مينيسوتا، أظهر أيضًا قدرة على اتخاذ مواقف وسطية.
وبعد قرار هاريس اختياره نائبًا لها، أبدى الديمقراطيون من مختلف التيارات تأييدهم للخطوة، واعتبر السيناتور المستقل “جو مانشين”، اختيار هاريس لحاكم من الغرب الأوسط، بأنه “الصفقة الحقيقية”.
عوامل صعود الديمقراطيين في الأسابيع الأخيرة:
يرى العديد من المراقبين، أن نجاح حملة “كامالا هاريس” في جمع نحو 200 مليون دولار خلال الأسبوع الأول من دخولها السباق الرئاسي، إلى جانب تقدمها في استطلاعات الرأي عقب اختيار “تيم والز” نائبًا لها؛ يعكس ترحيب الشارع الأمريكي بشخصية جديدة تجنب الناخبين الأمريكيين المشهد الانتخابي السابق عام 2020م، عندما تنافس ترامب وبايدن في السباق الانتخابي.
ويبدو أن هاريس والديمقراطيين، قد أحسنوا إدارة الحملة الانتخابية والظهور بهاريس كبديل عن بايدن وترامب، في ظل ترويج الحزب الديمقراطي لنجاحه السابق في فوز “باراك أوباما” عام 2008م كأول رجل أسود البشرة برئاسة الولايات المتحدة، ويسعى الحزب الديمقراطي إلى استخدام نفس الإستراتيجية في الترويج لهاريس كأول رئيسة أمريكية سوداء البشرة.
وبالنظر إلى خطة هاريس الاقتصادية وردود الفعل الأولية في الشارع الأمريكي عليها، فقد اشتملت ملامحها الأولى على منح أول خصم ضريبي على الإطلاق لبناة المنازل التي تباع للمشترين لأول مرة، فضلًا عن مساعدة تصل إلى 25 ألف دولار لتمويل الدفعة الأولى المقدمة والتي يستفيد منها المشترون “المنطبق عليهم الشروط” عند شراء أول مسكن لهم، وهي خطوة قدرت حملتها أن أربعة ملايين أسرة ستستفيد منها على مدى أربع سنوات. (القاهرة الإخبارية).
كما دعت إلى تحديد سعر شهري لدواء الأنسولين لعلاج مرض السكري عند 35 دولارًا للجميع، وإيجاد سُبل تفضي إلى إلغاء الديون الطبية، واستفادة الأسر من خصم ضريبي قدره 6000 دولار في العام الذي يولد فيه طفل جديد؛ إلى جانب دعم هاريس قانونًا فيدراليًّا يحظر على الشركات فرض أسعار مبالغ فيها على منتجات البقالة، وحثت على اتخاذ إجراء بشأن مشروع قانون في الكونغرس من شأنه منع أصحاب العقارات من استخدام الخدمات التي “تنسق” الإيجارات. (القاهرة الإخبارية).
وقد حظيت أطروحات هاريس الأولية على تأييد لا بأس به في الشارع الأمريكي، ويأمل الديمقراطيون وحلفاؤهم أن تثبت هاريس أنها مرشحة أكثر قوة وثقة مقارنة بالرئيس “جو بايدن” فيما يتعلق بالأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد؛ ووصف روبرت فايسمان، الرئيس المشارك لمنظمة مراقبة وحماية المستهلك “بابليك سيتزن”، خطط هاريس بأنها “أجندة مؤيدة للمستهلك ومعادية لتلاعب الشركات”.
وقال: “تحدثت إدارة بايدن عن ذلك لكنها لم تروج للتدابير المقترحة بأي حال من الأحوال بمثل هذه الشراسة التي تفعلها هاريس”.
وبعد الأداء السيء لبايدن في المناظرة التي جمعته مع ترامب في يونيو الماضي؛ يعول الديمقراطيون على تفوق هاريس في المناظرة الجديدة مع ترامب المقررة في الـ10 من سبتمبر المقبل، في ظل ما تحمله هاريس من طروحات اقتصادية قد حظيت بالقبول المبدئي لدى الناخبين الأمريكيين.ويعاني الاقتصاد الأمريكي من عدة أزمات؛ أبرزها: التضخم والبطالة التي قد ازدادت خلال السنوات الأخيرة، ما يجعل من البرامج الاقتصادية للمرشحين الديمقراطي والجمهوري، عاملًا حاسمًا في حسم السباق الانتخابي؛ غير أن الجمهوريين “ودونالد ترامب” يواجهون أزمات عدة في إعادة تنظيم حملتهم الانتخابية، والتي قد بُنيت على الهجوم على بايدن. وبالتالي فإن دخول هاريس إلى خط السباق الانتخابي قد أربك حسابات ترامب والجمهوريين .
دي فانس وتيم والز واحتدام السباق الانتخابي الأمريكي:
مثَّل اختيار “تيم والز” و”دي فانس” دفعة جديدة نحو مزيد من التنافس ما بين الحزبين، في ظل ما يحظى به الرجلان من تأييد واسع في الشارع الأمريكي؛ وفي أول خطاب له بعد اختياره نائبًا “لكامالا هاريس”، حذر والز من انتخاب ترامب لولاية أخرى قائلًا: “إن أجندة ترامب ونائبه غريبة وخطيرة ولا تخدم أحدًا سوى الأثرياء والأصوات الأكثر تطرفًا في بلدنا”. مشيرًا إلى مشروع 2025 الخاص بترامب قائلًا: “سيجعل مشروعهم 2025 الأمور أصعب بكثير بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون فقط أن يعيشوا حياتهم”، بحسب ما أفادت صحيفة الجارديان، وأكد في خطابه دعمه الكامل لهاريس خلال السباق الرئاسي قائلًا: “إنه لشرف حياتي أن أقبل ترشيحكم لي لمنصب نائب رئيسة الولايات المتحدة، نحن جميعًا هنا الليلة لسبب جميل وبسيط.. نحن نحب هذا البلد”. (الشرق الأوسط).
وكشف والز عن موافقته لإجراء مناظرة مع منافسه الجمهوري “جي دي فانس” في الأول من أكتوبر الماضي، والأول من أكتوبر هو أحد أربعة مواعيد اقترحتها شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية لإجراء مناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، وكتب والز على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي: “أراك في الأول من أكتوبر.. جي دي فانس”، ومع ذلك، قال دي فانس لشبكة “فوكس نيوز” عندما سُئل عن إمكانية إجراء مناظرة: “أشك بشدة في أننا سنكون هناك في الأول من أكتوبر”، كما قال فانس إنه يريد مناظرة والز أكثر من مرة.
وبشكل عام يندر أن يغير المرشحون لمنصب نائب الرئيس معادلات المعركة الرئاسية بشكل جذري؛ لكن والز منذ اليوم الأول لاختياره بدا أنه يمنح الديمقراطيين دفعة جديدة من الطاقة، وهذا ما أظهرته ردود الفعل بشكل خاص على وسائل التواصل الاجتماعي، حين حصدت منشوراته على منصة “تيك توك” خلال ساعات من اختياره أكثر من 43 مليون مشاهدة، جاءت نسبة 69 في المائة منها من مقاطع فيديو أنتجها منشئو محتوى تقدميون و28 في المائة جاءت من منشئي محتوى مستقلين سياسيًّا، وفقًا لشركة “كريدو آي كيو” المتخصصة في تحليل وسائل التواصل الاجتماعي، وبين ليلة وضحاها؛ تحول والز من شخصية مغمورة إلى اسم مألوف. (الشرق نيوز).
وعلى الرغم من التأييد والدعم الذي يحظى به نائب ترامب “جي دي فانس” في الشارع الأمريكي؛ إلا أن العديد من الأصوات داخل الحزب الجمهوري قد تحفظت على ترشيح دي فانس لهذا المنصب، ومن بين هؤلاء حاكم ولاية نيوجيرسي السابق “كريس كريستي” والذي اعتبر أن هذا الاختيار لا يتوافق مع برنامج ترامب؛ هذا وانتقد جمهوريون آخرون التوجه الاقتصادي لمرشح نائب الرئيس والذي يتعارض مع رؤية ترامب.
ويبدو أن اختيار فانس مرشح منصب نائب الرئيس يعكس صعود الجناح الاقتصادي الشعبوي في الحزب الجمهوري، وكان دي فانس قد اقترح التوقف عن السياسة الاقتصادية التقليدية للحزب الجمهوري، والتي تم اتباعها خلال العقود الماضية؛ كما أيَّد وجود دور أكثر فاعلية لتدخل الحكومة في الاقتصاد، وهو موقف يرفضه أغلب المحافظين داخل الحزب الجمهوري، ومعارضة اختيار فانس مرشحًا لمنصب نائب الرئيس شملت أيضًا معارضة كبار المتبرعين للحزب الجمهوري، من بينهم الملياردير “كينيث جريفين” والذي قال: إن ترامب لديه العديد من الخيارات الجيدة لنائب الرئيس بدل دي فانس.
ويرى عددٌ من المراقبين احتمالية أن يؤثر الخلاف بين الجمهوريين حول اختيار دي فانس نائبًّا لترامب على قرار الناخبين المترددين حتى اللحظة في الولايات المتأرجحة، في ظل الصعود السريع لكامالا هاريس وتخبط حملة ترامب واستمرار توجيهها الاتهامات لهاريس.
الاقتصاد الأمريكي وبرامج ترامب وهاريس:
يُعد الاقتصاد الأمريكي العامل الحاسم في حسم السباق الانتخابي الأمريكي في الـ5 من نوفمبر المقبل؛ فالصدامات التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأخيرة مثل الصراع التجاري مع الصين، والعقوبات الاقتصادية المتبادلة مع الاتحاد الروسي، وصراع الشرق الأوسط وتداعياته على الممرات البحرية وطرق الشحن التجارية الدولية، إلى جانب تداعيات جائحة فيروس كوفيد – 19 الاقتصادية؛ جميعها عوامل قد أثرت على أداء الاقتصاد الأمريكي وزادت من نسبة البطالة والتضخم ودفعت الناخب الأمريكي إلى التركيز على برامج الناخبين للحد مما يعانيه الاقتصاد الأمريكي، ويواصل الاقتصاد الأمريكي تسجيل نمو متين؛ إلا أن كلفة المعيشة تبقى مرتفعة، ولا سيما النفقات اليومية مثل الطعام والإيجارات وأسعار الدواء.
ومع اقتراب موعد الانتخابات تسعى هاريس للنأي بنفسها عن سياسات بايدن التي لا تحظى بشعبية متخطية محاولات ترامب وصفها بأنها ليبرالية متطرفة؛ ووضعت مشاريعها الاقتصادية في مواجهة مشاريع منافسها الجمهوري “دونالد ترامب” الذي تتهمه بخدمة الأشخاص الأغنى؛ كما تحدثت عن جهود والدتها لشراء منزل وأشارت إلى عملها لكسب مصروفها في ماكدونالدز حين كانت طالبة، وكل ذلك في محاولة منها لتمييز نفسها عن الملياردير الجمهوري ترامب.
وذكرت هاريس أن ترامب يريد زيادة الرسوم الجمركية بشكل حاد، ورأت أن هذا يعادل “فرض ضريبة وطنية على الاستهلاك” وهو ما سيكون “مدمرًّا”. (العربية).
ويشن ترامب هجومًا مركزًا على الديمقراطيين من هذا المنطلق؛ فقد أكد الرئيس السابق أنه في حال فوزه سيعمل على خفض الأسعار سريعًا واصفًا منافسته بأنها “شيوعية”، وهي كلمة لها دلالات سلبية جدًّا في الولايات المتحدة، وأظهرت نتائج استطلاع أخير للرأي أجرته جامعة ميشيغن أن الأمريكيين يثقون بهاريس على الصعيد الاقتصادي أكثر مما يثقون بترامب، وهو أمر لم يحققه بايدن قط حين كان مرشحًّا
.وثمة سؤال يطرح أيضًّا حول مدى استعداد هاريس للتميز عن الرئيس الحالي في المجالين: الاقتصادي والاجتماعي، فقد أطلق بايدن خطط استثمار ضخمة ومشاريع بنى تحتية هائلة؛ إلا أن ولايته تبقى بالنسبة إلى كثير من الأمريكيين مرادفًّا لغلاء المعيشة، وفي حين ركز بايدن على العمالة وإعادة التصنيع يُتوقع أن تركز هاريس على القدرة الشرائية واقتصاد يشمل الجميع.
وأثارت المرشحة الديمقراطية غضب ترامب باقتراحها إلغاء ضريبة البقشيش في الفنادق والمطاعم ونشاطات الخدمات الأخرى واتهمها ترامب بسرقة إحدى أفكاره؛ وأشادت هاريس وبايدن إلى جانبها بخفض أسعار بعض الأدوية كما أنها وعدت كذلك بزيادة الحد الأدنى للأجور في حال فوزها في الانتخابات المقبلة.
من جانبه ألقى ترامب اللوم على هاريس لإطلاقها العنان لما قال إنه تضخم مدمر وهو واحد من أكبر القضايا في الحملة الانتخابية؛ وسرعان ما سخر ترامب من ضحكة هاريس ووصفها بالمجنونة بحسب تعبيره كما انتقد صورة لهاريس على غلاف مجلة تايم وأصر على أنه يبدو أفضل منها بكثير. (بي بي سي عربي).
توقعات الانتخابات الأمريكية المقبلة:
يواجه المرشح الجمهوري للرئاسة “دونالد ترامب” صعوبة في إيجاد سبل لكبح صعود هاريس ومن المرجح أن يثير الاستطلاع الجديد مزيدًّا من القلق لدى فريق حملته؛ ويبدو أن حملة ترامب الانتخابية والتي قد بُنيت على الهجوم على بايدن وقدرته على إدارة الولايات المتحدة تعاني من أزمات داخلية في إعادة التنظيم والتأقلم مع دخول هاريس للسباق الانتخابي وانسحاب بايدن، وبالتالي فإن العديد من المراقبين لمشهد الانتخابات الأمريكية وفي ظل التقدم المستمر لهاريس في استطلاعات الرأي يرون أن هاريس باتت أقرب للفوز بالسباق الانتخابي من ترامب.
وفي ظل المشاحنات والتراشق المحتدم ما بين الحزبين والمرشحين والاختلاف الإيديولوجي الواسع في التعامل مع قضايا الولايات المتحدة الاقتصادية والداخلية بشكل عام إلى جانب دور الولايات المتحدة حول العالم؛ يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تبحث عن هويتها السياسية، فمن ناحية تجسد بطاقة ترشيح ترامب / فانس شعارًا مناهضًا للمؤسسة والنخبة. ومن ناحية أخرى: فإن بطاقة ترشيح هاريس / والز تمثل العودة إلى السياسة الخارجية الراسخة التقليدية خاصة فيما يتعلق بحلفاء الولايات المتحدة.
الخلاصة:
– أدى انسحاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” من السباق الانتخابي في يوليو الماضي، ودخول نائبته مرشحة بديله عن الحزب الديموقراطي، إلى إعادة الزخم للانتخابات الرئاسية الأمريكية من جديد، بالنسبة إلى الناخبين الأمريكيين، والذين لم يكونوا قد حسموا أمرهم بعد من بايدن وترامب، وقد رأو في انسحاب بايدن ودخول هاريس ابتعادًّا عن سيناريو انتخابات عام 2020م، ووجهًا جديدًا يعطي دفعه للسباق الانتخابي، وقد برز ذلك في نجاح حملة “كامالا هاريس” في جمع 200 مليون دولار من أموال التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي بشكل لافت.
– اختلفت ردود فعل الشارع الأمريكي حول اختيار “جي دي فانس” و”تيم والز” نائبين عن المرشحين ترامب وهاريس في السباق الانتخابي؛ إلا أن الاختيار قد مثَّل دفعه جديدة للانتخابات الأمريكية، وفي ظل أداء الاقتصاد الأمريكي غير المقبول بالنسبة إلى الناخبين، تُعد البرامج الاقتصادية للمرشحين العامل المحوري في حسم السباق الانتخابي المقبل، وهو ما دفع هاريس وولز إلى تسليط الضوء على برنامجهم الاقتصادي، واستغلال تخبط حملة ترامب والجمهوريين وهجومهم المستمر على هاريس.
المصادر: