التقارب السعودي الإيراني… هل يُغيِّر التوازنات في المنطقة؟

التقارب السعودي الإيراني… هل يُغيِّر التوازنات في المنطقة؟

لقد طرحتِ المبادرة الصينية بشأن التقارب السعودي الإيراني، تساؤلات عديدة حول مدى مصير تلك المشاورات بين السعودية وإيران من جهة، وما بين الرياض ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، بجانب ما يسفر عنه أيضًا هذا التقارب في وقف وإنهاء النزاع في اليمن، ورفع المعاناة عن كاهل اليمنيين الذين دفعوا أثمانًا باهظة جراء جرائم الحوثي المقيت.

وبالتالي، لا يمكن غض الطرف عما ارتكبته إيران وأذرعها في اليمن؛ إذ كانت كثير من المؤشرات تربط مدى الإعلان عن التقارب السعودي – الإيراني وانعكاساته على الملف اليمني المثقل بدماء حرب ضروس أشعلها وكلاء طهران في اليمن، بل وفي العديد من دول المنطقة منذ ثمانية أعوام متتاليات.

لقد انتهجت المملكة العربية السعودية، سياسية جديدة، سواء على الصعيد الخارجي، الإقليمي، والدولي، خلال الثلاث أو الأربع أعوام الماضية التي تسعى من خلاله إلى التخفيف من حدة التوتر في المنطقة كون المملكة تمتلك أوراقًا وعلاقات ومقومات تجعلها لاعبًا لا يُستهان به أمام طهران.

وفي ذلك التقرير يسلِّط مركز “رواق” للأبحاث، الضوء على بعض النقاط، وهي:

ما مدى تأثير التقارب السعودي الإيراني على الحرب في اليمن؟

هل ينهي معاناة اليمنيين والمشردين؟

هل تعدل ميلشيا الحوثي عن جرائمها ضد الشعب اليمني؟

هل حقًا إيران ستكون جادة في وقف الدعم للحوثي وانتهاج سياسة جديدة بعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة؟

يتوقع سياسيون، بأن الاتفاق السعودي – الإيراني سيكون له تأثير على الملف اليمني والحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 8 سنوات بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليًّا وميليشيا الحوثي، كما يمكن أن يعيد الاستقرار إلى المنطقة، كما توالت ردود أفعال وبيانات داعمة عقب الإعلان عن توجه الرياض وطهران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث تؤكد جميعها على أهمية خفض حدة التصعيد وتعزيز الدبلوماسية في عموم الشرق الأوسط.

وساطة صينية:

تم الاتفاق يمثِّله من طهران، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومن الرياض، مساعد بن محمد العيبان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ومستشار الأمن الوطني السعودي، واتفق خلاله البلدان على إعادة تفعيل اتفاقية للتعاون الأمني التي تعود لعام 2001؛ بالإضافة إلى اتفاقية أخرى سابقة للتجارة والاقتصاد والاستثمار، برعاية صينية وهو اللافت للنظر حيث حضور قوي للصين على الساحة الدولية.

وقطعت السعودية العلاقات مع إيران في عام 2016، بعد اقتحام سفارتها بطهران إثر خلاف بين البلدين بشأن إعدام الرياض لرجل دين شيعي، كما أنها جاءت بعد عام على بدء العمليات العسكرية من “التحالف العربي” بقيادة السعودية ضد “الحوثيين” في اليمن. “الحل اليمني”.

أهمية التقارب السعودي الإيراني:

يرى مراقبون: أن حدوث التقارب الفعلي بين السعودية وإيران، ربما ستكون له لا محالة من تداعيات على الوضع في اليمن، حيث للدولتين ثقل خاص في الحرب الجارية في هذا البلد الذي يعاني جراء تصرفات الحوثي، منذ ثماني سنوات؛ إذ من المتوقع أن يكون هناك تبادلًا للأسرى في سياسة التقارب بين الطرفين. فرانس 24.

وقد اتجهت الأنظار نحو ما يحدث في اليمن الشقيق وشعبه المشرد بمجرد الإعلان عن اتفاق استئناف العلاقات بين السعودية وإيران في مارس الماضي، حيث تتواجه الدولتان على مائدة مفاوضات تستهدف عدة مجالات أبرزها الملف الأمني وما يحدث في اليمن. فرانس 24.

وعبرت السلطات في اليمن والحكومة الشرعية عن أملها في أن استئناف العلاقات بين البلدين، مع توقعات بأن فتح عهد جديد في العلاقات الإقليمية، ووضع حدًّا لتدخل الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الداخلية في اليمن. فرانس 24.

هل يُفضي إلى نتائج إيجابية في اليمن؟ 

في تقديري: أن انطلاق محادثات في جنيف، بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي حول تبادل الأسرى، والتي أسفرت فعليًّا عن عودة لمجموعة كبيرة من الأسرى بين الطرفين، نتيجة الاتفاق الأولي في تحسن العلاقات بين السعودية وإيران، برعاية أو وساطة صينية.

كما أن التوصل لاتفاق بين طهران والرياض ربما قد يُعيد الدفء للعلاقات بين البلدين، ولكن يظل الأمل في تحريك الملف اليمني قائمًا بفضل الحوار الإيراني السعودي؛ إلا أن تجسيد النوايا الحسنة للطرفين على أرض الواقع يبقى في الانتظار، خصوصًا من الجانب الإيراني والحرس الثوري الذي هو سبب الصراع في المنطقة، وأيضًا في معاناة الشعب اليمني نتيجة دعمه العسكري واللوجستي للحوثي.

المركز العربي للدراسات السياسية:

ووفق المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف، الذي قال: “علينا أن ننتظر نتائج إيجابية على الملف اليمني بعد تبادل السفراء بين الإيرانيين والسعوديين، وهو ما يعني فتح القنوات المباشرة بين القوتين”.

ورجح مراقبون ومحللون: أنه يكون هناك أمل كبير، وتحديدًا بشأن تبادل الأسرى مرة أخرى، وأن هذا التفاؤل ينطلق من الأجواء الجديدة في العلاقات بين طهران والرياض، والذي ربما سيدعو السعودية إلى ممارسة الضغط على الحكومة اليمينة والإيرانيين على الحوثيين بوساطة ودعم أممي ودولي لإحراز تقدمًا في الملف اليمني.

ماذا عن جدية إيران في وقف الدعم للحوثي؟

من جهتهم يرى محللون سعوديون: أن المفاوضات والحل الجذري للخلاف يجب أن يعبر عن إرادة حقيقية من الطرف الإيراني قبل الدخول في مرحلة تفاؤل، مؤكدين “نحن في مرحلة أولى لاختبار مدى جدية إيران نحو الاتفاق”.

وتوجد الكثير من الملفات الشائكة على طاولة المفاوضات أبرزها: اليمن، والتدخل في هذا البلد، وتصرفات الميلشيات، كذلك التهديد الذي يمثله الحوثيون على السعودية، وأمن الطاقة والممرات المائية.

عدد القتلى في اليمن إزاء جرائم الحوثي:

يرى مراقبون: أن التقارب بين الرياض وطهران يجب أن يكون تأثيره مباشر على النزاع في اليمن، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 377 ألف قتيل خلال ثمانية أعوام، وتسبب في أزمة إنسانية خطيرة، وذلك بحسب آخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة؛ لذا فمن المبكر الاعتقاد أن اليمن قد خرج من النفق المظلم، وإن كان الاتفاق المبرم في بكين سيعود بالنفع على اليمنيين الذين تنفسوا الصعداء جزئيًّا مع هدنة امتدت ستة أشهر.

الأزمة في اليمن:

إن أبرز الملفات التي سيطالها التأثير من التقارب السعودي الإيراني، هو الملف اليمني، حيث إن السعودية وإيران ضمن بعض الدول الكبرى بالمنطقة، ولكنهما على طرفي نقيض في العديد من الملفات، إذ تبدي الرياض قلقها من نفوذ طهران الإقليمي ولما تقوم به من تدخلات وتمويل بعض التنظيمات في دول عربية، مثل: سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، بجانب مخاوف العالم من برنامجها النووي. “الحل اليمني”.

نص الاتفاق بين البلدان برعاية صينية خلال المحادثات، التي أُجريت بين 6 و10 مارس الماضي، على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، من جانبها: رحَّبت الحكومة اليمنية بالاتفاق مؤكدة على إيمانها بالحوار، وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والوسائل السلمية.

هل تتغير التوازنات في المنطقة؟

وقالت الحكومة اليمنية في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ” في وقت سابق: إن موقفها يعتمد على أساس الأفعال والممارسات لا الأقوال، والادعاءات، ولذلك ستستمر في التعامل الحذر تجاه النظام الإيراني حتى ترى تغيرًا حقيقيًّا في سلوكه، وسياساته التخريبية في اليمن والمنطقة. “الحل اليمني”.

وتمنت الحكومة في بيانها: أن يقود الاتفاق بين الرياض وطهران إلى مرحلة جديدة وجادة من العلاقات في المنطقة، بدءًا من كف طهران عن تدخلاتها في الشؤون اليمنية والعربية، وألا تكون موافقتها على هذا الاتفاق نتيجة للأوضاع الداخلية والضغوط الدولية التي تواجه النظام الإيراني جراء النزاع الأهلي والتظاهرات هناك التي أرهقت نظام الخميني.

الدفاع عن الشرعية اليمنية:

ويرى محللون: أن التقارب الإيراني السعودي في مرحلته الأولى، ولا يمكن الجزم حاليًا بأن هذا التقارب سوف يؤثر على الملف اليمني من عدمه؛ لأن العلاقات السعودية الإيرانية كانت في أوجها في عام 2015، وتم خلالها إنشاء تحالف عربي بقيادة الرياض للدفاع عن الشرعية اليمنية، وطهران آنذاك كانت تتمتع بعلاقات قوية مع السعودية والحكومة اليمنية، لكنها كانت تقوم في الوقت نفسه بدعم الميليشيات الحوثية.

ومن وجهة نظر المحللين اليمنيين: فإنه لا يمكن أن نشاهد خلال الفترة القادمة توحدًا في وجهات النظر بين الرياض وطهران بشأن الملف اليمني، لا سيما أن هناك تعهد من قِبَل إيران بمنع أي اعتداء على السعودية أو قصفها بالطيران المسيّر أو الصواريخ البالستية من قبل جماعة الحوثي على سبيل المثال، كما حدث عشرات المرات من قِبَل الحوثي على المطارات ومحطات النفط السعودية. “الحل اليمني”.

تمديد الهدنة لمدة أطول:

لقد حصل الملف اليمني في بكين خلال المحادثات السعودية الإيرانية على أكبر مساحة من النقاش الثنائي بين السعودية وإيران، حيث تم الاتفاق على تفاهمات اتخذت بالأساس طابع وعود متبادلة، هذه التفاهمات لم ترتقِ إلى مستوى اتفاق ثنائي لحل الأزمة اليمنية، وإنما آليات مرحلية للتحضير لعملية سياسية في البلاد.

وتحدث الجانبان على دفع الوضع قريبًا نحو الهدنة لمدة أطول مما كانت عليه سابقًا، بما يخلق أجواء إيجابية، ويساعد في إطلاق العملية السياسية من خلال مسار تفاوضي بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وحكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًّا، حيث وعد الجانب الإيراني، السعودية بطلب صيني حثيث، بأنه سيحُثُّ ميليشيا الحوثي على وقف استهداف الأراضي السعودية ومنشآتها النفطية، وفي نفس الاتفاق، طلبت السعودية من طهران إنهاء الحصار على صنعاء، وعدم تقويض عمل الحكومة الشرعية هناك؛ مما يؤثر على الشعب اليمني الشقيق. “الحل اليمني”.

وقف التدخل في شؤون الدول:

يعد نهج المصالحة بين الرياض وطهران، هو نهج سياسي يخدم الأمن والسلام والتعايش بين البلدان؛ ولذلك كان من أولويات تلك الخطوات التي أقدمت عليها المملكة، ووافقت في مصالحتها مع إيران هو: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام العلاقات، وهذا الذي يجعلنا نقول: إن المملكة قد احتوت الكثير من الخلافات؛ بل كانت ولا تزال مرجعية لحل أي خلاف وعدم استمرار التوتر في المنطقة. “موقع عدن”.

لم يكن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية مفاجئ لدى الكثير بغض النظر عن مكاسب الصين في هذا التقارب، لكن يجب أن نعلم أنه سيكون هناك واقع جديد يمهد لعلاقة قادمة وتبادل تجاري وعمل دبلوماسي بين الدولتين، وما يدور في وجداننا جميعًا: ما الذي سيتغير في الملف اليمني؛ خاصة وأن المملكة العربية السعودية وإيران لاعبان رئيسيان في القضية اليمنية؟

إن بيان الحكومة الشرعية في اليمن كان فيه كثير من عدم الثقة بالنسبة لتغيير سلوك إيران التدميري في اليمن بشكل كامل؛ لذلك دعت الحكومة في بيانها إيران إلى حسن نواياها والكف عن استمرار دعم الانقلاب على الشرعية للوصول إلى حلول سلمية تخفف المعاناة عن الشعب اليمني ووقف جرائم الحوثي تجاه الأبرياء.

يعتقد البعض بأن الاتفاق السعودي الإيراني سوف يسهم في حل بعض القضايا المعقدة في اليمن وليس كلها، ومنها مثلًا، ملف الأسرى والمعتقلين واحدًا من القضايا الحساسة التي شرعت الأمم المتحدة في المفاوضات لأجلها، بالتزامن مع اتفاق السعودية وإيران في بكين. “موقع عدن”.

ماذا عن ملف الأسرى والمعتقلين؟

 ذلك، من المرجح أيضًا: أن تنجح مفاوضات الأسرى والمعتقلين وقد تفشل، ولكن يعتقد محللون: أن يكون التوقع الأقرب هو الفشل في بعض الملفات الشائكة، كما هناك ملفات أخرى أكثر تعقيدًا قد تحتاج لسنوات قادمة، ويعزو آخرون أن حل القضية اليمنية بات ممكنًا في حال ساهم واتفق المجتمع الدولي، وليس السعودية وإيران فقط.

لقد قامت المملكة العربية السعودية بجهود كبيرة في دعم السلام في اليمن، وكذلك على المستوى الإنساني والإغاثي، وانتهاج ثقافة الحوار لحل كل الخلافات لا يكفي تجاه قوى دولية لها حساباتها الأخرى، ولكن كما يقال: “إن اليد الواحدة لا تصفق”، وبالتالي فالأزمة اليمنية بحاجة إلى قرار دولي جامع يحقق سلامًا عادلًا وشاملًا مبنيًّا على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وأي جهود أو مساعي لتحقيق ذلك هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب التي باتت على مشارف العام التاسع. “موقع عدن”.

يمكن القول بأن الحل في اليمن يكمن في إدراك الجميع أن مفاتيح إنهاء الانقلاب وتحقيق تفاهم موضوعي وجاد مع ميليشيات الحوثي المدعوم من النظام الإيراني مع رغبة الجميع في إغلاق ملف الحرب الذي طالت مأساته واتسعت مقاساته على الشعب اليمني أو غيره، مثل: سوريا، وليبيا، والعراق. “الإندبندت”.

انقلاب الحوثي في 2014:

إن مهمة إنهاء الحرب في اليمن، ومعاناة الشعب التي أشعل فتيلها انقلاب ميليشيات الحوثي منذ عام 2014 بدعم إيراني لم يتوقف بعد، سبقته ست حروب مع نظام الرئيس الراحل علي صالح منذ عام 2004 في أعقاب ظهور جماعة عقائدية انتحارية تدعي الحق الإلهي في الحكم، وهذا يرجح أنها لن تتم بمجرد عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية فقط.

ووفق مراقبين؛ فقد حقَّقت ميليشيا الحوثي بسبب الفراغات البينية الفادحة التي تركتها الشرعية، مكاسب سياسية واقتصادية إستراتيجية وعسكرية لم تكن تحلم بها، ومِن ثَمَّ فليس من السهولة لجماعة طائفية كهذه أن تفرط بها، ولكن من الممكن أن يتيح ذلك للسعودية -قائدة التحالف العربي- الإمساك بزمام الأمور التي ستغلق هذا الباب الذي دخلت منه رياح كثيرة شغلتها عن ملفات عدة، منها: مواصلة السير نحو المستقبل في إطار مساعيها للتحول إلى قوة اقتصادية كبرى ضمن “رؤية 2030” التي تترجم الطموح السعودي غير التقليدي في المنطقة. “الإندبندت”.

الصراع الطائفي العرقي:

من الصعب أن نفسر الحرب الدائرة في اليمن على أنها مجرد صراع نفوذ بين السعودية وإيران، ولكن الواقع يؤكِّد أن المسألة أكثر تعقيدًا بعد ما اتخذت الأخيرة من الصراع الطائفي العرقي وسيلة لمشروعها السياسي الذي يهدد بنسف ما بقي من نسيج اجتماعي وطني، ظل متعايشًا لقرون طويلة وتفكك وتصدع بسبب هذه التدخلات غير المبررة، والتي تنتهج سيادة الدول.

يحاول النظام الإيراني بشكل حثيث وبشتى الطرق منذ عقود؛ لتصدير ثورته الطائفية، ودعم ميليشيات ذات بنية دخيلة ترفض خيارات الشعب اليمني وتوافقهم السياسي في اختيار مَن يحكمه، وشكل دولته استنادًا إلى اعتقاد طهران بتفوقها الجيني ومحاولتها استنساخ التجربة الإيرانية (قائد الثورة – المرشد الأعلى)، وفرض عقيدة “الولاية والحق الإلهي”.

كذلك في ظنها: أن القوة الميليشياوية بإمكانها ابتلاع اليمن واقتلاع هويته ليصبح، وفقًا لمسعاها الحثيث، مجرد حوزة شيعية والشعب مجرد حشد شعبي يردد خلف “المشرف” الصرخة، ويقدم ماله ونفسه فداءً لعَلَم الهدى سيدي عبدالملك الحوثي المزعوم، ومشروعه الطائفي المرفوض عربيًّا ويمنيًّا.

ويرى مراقبون: أن الاتفاق السعودي اليمني، من الممكن أن يحد من النزاع الذي انزلق إلى صراع طائفي لا ينتهي لمجرد عودة العلاقة بين بلدين؛ لذلك نحن أمام أمام توقعين:

الأول: يكمن في تخفيف حدة الصراع في اليمن وترك القضية اليمنية لأبنائها، مع استمرار كل طرف بدعم حليفه مع بوادر تمديد الهدنة.

أما التوقع الثاني: يكمن في إيجاد تسوية سياسية شكلية تكرس الوضع القائم؛ بمعنى أن ما تحت يد الحوثيين يظل معهم، وما تحت يدي الأطراف الأخرى يظل كما هو في شكل حل سياسي سيظل ملغومًا ربما ينفجر بعد وقت معين، وهو ما يجعل المشكلة قائمة دون حلٍّ حقيقي. “الإندبندت”.

حضور دولي كبير للصين:

يرى مراقبون ومحللون: أن اللافت في الاتفاق السعودي الإيراني، برعاية بكين هو الحضور الصيني الكبير، الذي ساهم في عقد اجتماعات مع قادة السعودية ودول الخليج العربي التي تعد حيوية لإمدادات الصين من الطاقة، مما يشير إلى تزايد الحضور الصيني دوليًّا وحتى عربيًّا بالشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار مراقبون: إلى ظهور دور الصين بشكل مؤثر في المنطقة، وترجم خلال زيارة شي جين بينج، إلى الرياض نهاية العام الماضي: أن بكين أفضل وسيط ممكن لإيجاد صيغة تفاهم بدلًا من حال العداء التي نشبت بين البلدين عقب نشر إيران أذرعها المسلحة في المنطقة، وتهديدها الأمن والسلم الدوليين؛ مما يضع إيران على محك الالتزام الدولي أو خسارة حلفائها الصين الذين يحرصون بقوة على علاقات متطورة مع السعودية ودول المنطقة.

اختراق دبلوماسي لحساب بكين:

نشرت “أسوشييتد برس” تقريرًا لها، وصف الخطوة بالتقدم الكبير أو بـ”الاختراق الدبلوماسي الكبير” الذي تم التفاوض عليه مع الصين، معتبرًا أنه يقلل من فرص نشوب نزاع مسلح بين الخصمين في الشرق الأوسط، سواء بشكل مباشر أو في النزاعات بالوكالة حول المنطقة. “الإندبندت”.

وبحسب تقرير الصحيفة، تمثِّل الصفقة التي أبرمت في بكين بين الرياض وطهران، انتصارًا دبلوماسيًّا كبيرًا للصين بحيث ترى دول الخليج العربية أن الولايات المتحدة تنسحب ببطء من الشرق الأوسط الأوسع، كما تأتي في وقت يحاول الدبلوماسيون إنهاء حرب طويلة في اليمن.

وبالرغم من انتهاء الهدنة؛ إلا أن الحكومة اليمنية والتحالف العربي لم يخترقا وقف إطلاق النار، ولم تتوقف رحلات صنعاء، ولا تدفق الوقود إلى الحديدة، بينما ارتكب الحوثيون جملة انتهاكات بعضها تمثَّل في هجمات صنَّفها: مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأوروبي، والخارجية الأمريكية بهجمات إرهابية، وهي تلك العمليات التي طالت موانئ تصدير النفط واستيرداه. “الإندبندت”.

الخلاصة:

– يجب أن يتمخض الاتفاق السعودي الإيراني، وعودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين عن حلٍّ جذري في اليمن، ونيَّة حقيقية وجادة لوقف الدعم الإيراني للحوثي في اليمن.

– إن وقف دعم طهران لمليشيا الحوثي سيجعله أقرب إلى سياسة التفاوض مع الحكومة الشرعية، ومِن ثَمَّ التفاهم والوصول إلى حلول تخفف من آلام الشعب اليمني المكلوم الذي يعاني ما بين مريض وجريح، وقتيل ومُشرد.

– كما أن استمرار الدعم الإيراني وتدخله في الشأن اليمني سيفاقم من الأمور ويُفضي إلى مزيدٍ من القتلى جوعًا ومرضًا، كما يمثِّل تهديدًا مباشر للدولة السعودية وحدودها.

– لقد برهن الاتفاق السعودي الإيراني، على الحضور الدولي القوي للصين بعد العُزلة على حساب الهيمنة الأمريكية، وبالتالي التوجه العالمي نحو نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.

– كذلك، فإن وقف الحرب في اليمن قد يسهم في الوصول إلى تسوية في سوريا وعودة اللاجئين؛ لا سيما في ظلِّ مبادرة عربية (مصرية – سعودية) برعاية جامعة الدول العربية.

– وفي تقديري: إن هناك تخوفًا كبيرًا، بات واضحًا جليًّا لدى الشارع الإسرائيلي؛ جراء التطبيع بين السعودية وإيران، فهي لا تريد استقرارًا في المنطقة، ومِن ثَمَّ تخوف الاحتلال من التطبيع بين باقي دول المنطقة وما بين طهران؛ مما يجعل الاحتلال أكثر عزلة.

– أيضًا في تقديري: إن وقف تصدير الثورة الخُمينية الخبيثة ومحاولة استنساخها في دول المنطقة سيكون له فوائد كبيرة لدول المنطقة، وحتى على الشعب الإيراني نفسه، فالنظام في طهران مُنهك اقتصاديًّا وسياسيًّا، وأعداؤه في ارتفاع مستمر؛ جراء القمع والقتل والتنكيل، وعدم العدالة في توزيع الثروات، وهذا ما سيجعله يتنفس الصعداء ويعزز قدرته على احتواء الموقف المتردي، كما يجعل بعض الأنظمة العربية التي تدعمها إيران تتفاوض من أجل الحل والتسوية السلمية.

المصادر:

الإندبندنت

– موقع عدن.

– موقع الحل اليمني.

– رؤية الكاتب.

https://www.independentarabia.com/node/430216/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%85%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%82%D8%AF-%D8%AA%D8%B6%D8%B9-%D8%A3%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7