القصة الكاملة للوباء العالمي الجديد “فيروس كورونا”

القصة الكاملة للوباء العالمي الجديد

“فيروس كورونا”

فيواصل فيروس كورونا المستجد، انتشاره في دول العالم، وخاصة في الصين (موطن المرض الجديد)، حيث سجل الفيروس إصابات في أكثر من 15 دولة، وفي كل يوم ترتفع عدد حالات الوفاة نتيجة الفيروس، بينما وصل عدد الإصابات الآلاف من المصابين، وهذا الأمر الذي أثار حالة من الخوف والفزع، انتابت دول العالم، ودفع دولًا إلى إلغاء رحلاتها (مِن وإلى الصين) خوفًا من انتقال المرض المعدي.
ويعد الفيروس المسئول عن الانتشار الوبائي الحالي في الصين فيروسًا معروفًا للأطباء الذين يخشونه جدًّا، فأسرة الفيروسات التي ينتمي إليها هذا الفيروس تدعى أسرة فيروسات كورونا، التي تسببت سلالات أخرى منها في انتشار وبائي: (سارس)، فتك بـ 9 في المائة من الذين أصيبوا به، و(ميرس) الذي فتك بـ 35 في المئة.
تعريف الفيروس:
فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (تُعرف اختصارًا MERS-CoV أو EMC/2012)، هو فيروس ذو حمضٍ نووي ريبوزي مفرد الخيط، إيجابي الاتجاه ينتمي لجنس فيروسات كورونا بيتا، وأُطلق عليه في البداية اسم: فيروس كورونا الجديد 2012م، أو اختصارًا: فيروس كورونا الجديد.
ظهور “كورونا”:
كان قد أُبلغ عنه للمرة الأولى في عام 2012، وذلك بعد تحديد تسلسل جينوم الفيروس، من فيروسٍ عُزل من عيناتٍ مخاطية لشخصٍ أُصيب بالمرض في عام 2012م عند تفشي الأنفلونزا الجديدة.
أول البلاغات عن الفيرس:
اعتبارًا من يوليو 2015م أُبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) في أكثر من 21 دولة، بما في ذلك: المملكة العربية السعودية، والأردن، وقطر، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وتركيا، وسلطنة عُمان، والجزائر، وبنغلاديش، وإندونيسيا، والنمسا، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، وبر الصين الرئيسي، وتايلاند، والفلبين.
ويُعتبر فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) واحدًا من الفيروسات العديدة التي حددتها منظمة الصحة العالمية كسببٍ محتملٍ لوباءٍ في المستقبل(1).
مصدر الوباء القاتل:
إن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية فيروس حيواني المصدر ينتقل من الحيوان إلى البشر، ومنشأ الفيروس لم يُفهم بعد فهمًا تامًّا، ولكن حسب تحليل مختلف جينومات الفيروس يُعتقد أن منشأه في الخفافيش، وأنه انتقل إلى الجِمال في وقتٍ ما مِن الماضي البعيد(2).
ويُعتقد على نطاق واسع: أن سلالات الفيروسات التي سببت انتشار وبائي: (سارس) و(ميرس)، والوباء الحالي لم تنشأ عند البشر، بل عند الحيوانات، ولحسن الحظ يندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها بعض الحيوانات إلى البشر.
يقول الأستاذ (أندرو إيستون) الذي يعمل في كلية علوم الحياة التابعة لجامعة ووريك الإنجليزية: “في أغلب الحالات، هناك حاجز بين الفصائل المختلفة لا تتمكن الفيروسات من اجتيازه، ولكن في بعض الحالات، مثلما يحدث حين يكون الإنسان يعاني من ضعف في المناعة أو إن حصل أمر يسمح للفيروس بالدخول، قد تحصل حالات إصابة نادرة ومتفرقة، وتبدأ الخطورة عادة بطفرة وراثية غير طبيعية”.
ويقول الأستاذ (إيستون): “يجب أن تتغير طبيعة الفيروس بطريقة ما في العادة لكي يحصل على فرصة النمو والانتشار بشكل جيد في مضيفه الجديد، وفي هذه الحالات النادرة التي ينتقل فيها فيروس من أسرة كورونا من الحيوان إلى الإنسان، قد تكون العواقب وخيمة جدًّا، ولكن من المفيد التذكر أنه ليس كل فيروسات كورونا تتميز بالخطورة، فقط تلك التي تنجح في الانتقال بين الفصائل”(3).
مراحل التطور في حياة “كورونا”:

النوع الأول:
بدأ ظهور النوع الأول من فيروس كورونا في منتصف التسعينيات، وكان منتشر بين فصائل محددة من الحيوانات، واقتصر على ذلك دون أن ينتقل للإنسان، ولكن منظمة الصحة العالمية تنبأت بتطور المرض دون تحريك ساكن.
النوع الثاني:
مع بداية الألفية الثانية ظهر نوعان متشابهان من فيروس كورونا كان منبعهما الصين، إذ سجلت مدينة هونغ كونج أول حالة إصابة بالفيروس الذي سرعان ما انتشر وقضى على نحب الكثير من البشر الذين لم يتم حصرهم جيدًا في تلك الأثناء؛ لعدم اكتمال المعلومات حول الفيروس والقدرة على تتبعه، بالإضافة إلى عدم وجود لقاحات تستطيع القضاء على الفيروس، وتم التعامل معه كأي فيروس يستهدف الجهاز التنفسي.
النوع الثالث:
كانت هونغ كونج أيضًا منبع النوع الثالث من الفيروس، والأكثر شراسة وتطورًا، والذي عرف بـ”السارس” الذي قضى على حوالي 1000 شخص، وانتقل خارج حدود الصين إلى بعض الدول الأوربية التي سجلت أيضًا الكثير من حالات الإصابة والوفاة، وخطورة السارس أنه كان يصيب الجهاز التنفسي العلوي، ويتسبب في مشكلات مزمنة حتى بعد النجاة منه.
وقد اكتشف الطبيب الإيطالي كارلو أورباني، في 2003 فصيلة الفيروس والذي عرَّفها بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة التي تنتمي لعائلة الكورونا، الفيروس الحيواني المنشأ ثم لقي حتفه نتيجة العدوى به.
النوع الرابع:
كورونا الجديد، هو النوع الرابع الأكثر تطورًا من السارس، والذي ظهر في السعودية عام 2012، ليظهر في رقعة جديدة بالقاع بشكل متطور وأكثر شدة عرف باسم فيروس كورونا المتسبب في المتلازمة التنفسية الشرق أوسطية، إذ اتسمت أعراضه بالسرعة والتتابع والتي تبدأ كأعراض الإنفلونزا العادية كالسعال والعطس، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والرعشة ووجع عام بالجسم، لم يتفشَ ذلك النوع مقارنة بالسابق، ولكن كانت حالات الوفيات بنسبة أكبر، وأعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قلقها بشأن سرعة تطور الفيروس وانتشاره في مكان مختلف يهدد بالانتشار حول دول العالم.
النوع الخامس:
فيروس الصين الجديد، تم التعرف عليه إثر أول حالة إصابة تم تسجيلها، وبعد فحص المريض تبين في التسلسل الجيني له إنه تابع لكورونا الجديد، وتم تحديد الفصائل التي تنتمي له فوجد أنه مرتبط بفيروسات الخفافيش التاجية، وفيروس كورونا السارس، ولكن يختلف عنهم في تسلسل الأعراض، ولم يتبين بعد مدى خطورة المرض، ولكن أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض أن الأمر قيد الدراسة، ولا زالت حالات الإصابة في ارتفاع وسط قلق عالمي من توسع دائرة الانتشار(4).
الإعلام الروسي والتلميح بأمريكا:
لقد أصبح تفشي فيروس كورونا في الصين مادة خصبة لنشر معلومات مغلوطة ونظريات مؤامرة عبر الإنترنت حول العالم، لكن في روسيا، انتقل هذه اللغط إلى أحد أبرز البرامج التليفزيونية، وتركز سردية الإعلام الروسي على نقطة واحدة بشكل متكرر، وهي أن النخب السياسية الغربية (خاصة الأمريكية) تقف وراء هذا الوباء، ووصل الأمر بالقناة الحكومية الأولى، أحد أبرز القنوات التليفزيونية، بتخصيص فقرة ثابتة لتناول “المؤامرة الغربية” بشأن فيروس كورونا، في برنامج الأخبار المسائي “الوقت”.
وتعرض القناة الأمر بطريقة تبدو وكأنها ساخرة وسخيفة، لكنها تترك لدى المشاهدين انطباعًا بأنها تحتوي على بعض الحقائق، وأحد أبرز المبالغات التي عرضها البرنامج مؤخرًا هو أن كلمة “كورونا” التي تعني “التاج” باللغتين: اللاتينية والروسية، تشي بضلوع دونالد ترامب في الأمر بطريقة أو بأخرى(5).
خريطة الانتقال والانتشار الفيروسي:
برزت عناوين إخبارية، مثل: “خريطة جديدة تكشف عدم نجاة أي دولة من براثن كورونا”، و”خريطة مرعبة تكشف كيف انتقل فيروس كورونا عبر آلاف المسافرين جوًّا من مدينة ووهان الصينية الموبوءة إلى 400 مدينة حول العالم”.
الحقيقة:
في وقت سابق من الشهر الجاري، نشر باحثون بجامعة ساوثهامبتون البريطانية، بحثًا عن الأماكن التي سافر إليها أشخاص من مدينة ووهان الصينية، حيث ظهر الفيروس، قبل أسبوعين من فرْض الحجر الصحي على المدينة.
ورجع الباحثون إلى بيانات الرحلات الجوية والهواتف المحمولة لسكان ووهان في سنوات سابقة، وقدّرت الدراسة أن نحو 60 ألف شخص ربما قد سافروا إلى نحو 400 مدينة حول العالم قبل أن تفرض السلطات في ووهان حظرًا على السفر.
ونشر الباحثون سلسلة من التغريدات عن العمل الذي يقومون به على موقع تويتر، ومن بين ما نشره الباحثون خريطة توضح مسارات الخطوط الجوية عالميًّا، دون توضيح أن هذه الخريطة لم تكن جزءًا من الدراسة.
وقد امتلأت الخريطة بالخطوط الحمراء والتي توضح مسارات الخطوط الجوية حول العالم.
وتفاعل بعض الناس مع التغريدة، وسأل البعض عما إذا كانت الخريطة المنشورة تمثل نتائج الدراسة؟ وأجاب فريق الباحثين بالنفي، موضحًا أنها حلقة في سلسلة من المنشورات ويُقصَد بها إظهار مدى اتساع شبكة الطيران العالمية، ومِن ثمَّ حذف الفريق التغريدة.
ومع ذلك، و”بطريقة ما، نشأت عن هذه التغريدة قصة غير صحيحة وانتشرت سريعًا عبر الإنترنت” بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي بجامعة ساوثهامبتون لبي بي سي.
يبدو أن الخريطة قد تلقفتها بعض المواقع، وكانت المبادرة مِن عددٍ مِن المواقع الإخبارية الأسترالية، كما ظهرت الخريطة في النسخ الإلكترونية لعددٍ مِن الصحف البريطانية مثل: الصن، والديلي ميل، ومترو.
واستخدمت قناة “7News” التلفزيونية الأسترالية الخريطة في فقرة نقاشية، ونشرت مقطع فيديو لهذه الفقرة، والذي حظي بدوره بأكثر من سبعة ملايين مشاهَدة، ويقول التقرير الذي أذاعته القناة الأسترالية إن الخريطة تتحدث عن تفشي الفيروس حول العالم، ويقول المذيع إن الخطوط الحمراء تشير إلى خمسة ملايين من السكان الفارّين من مدينة ووهان الموبوءة.
أما حقيقة الأمر: فهي أن الخطوط الحمراء إنما تمثِّل مسارات الرحلات الجوية حول العالم، وأما رقم خمسة ملايين فقد أتى من مصدر منفصل تمامًا؛ وكان عمدة مدينة ووهان قد أعطى هذا الرقم لدى حديثه عن إجمالي المسافرين من المدينة لقضاء عطلة العام القمري الجديد، ومعظمهم لم يغادر الصين(6).
الأعراض:
يتراوح الطيف السريري للعدوى بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بين عدم ظهور أية أعراض (غياب الأعراض) وبين الأعراض التنفسية المعتدلة وحتى المرض التنفسي الحاد الوخيم والوفاة.
وتتخذ الأعراض النمطية للإصابة بمرض فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية شكل الحمى والسعال وضيق التنفس، أما الالتهاب الرئوي فهو شائع، ولكنه لا يحدث دائمًا، كما تم الإبلاغ عن أعراض مَعدية معوية، تشمل الإسهال، ويمكن أن يتسبب الاعتلال الوخيم في فشل التنفس، الذي يتطلب التنفس الاصطناعي والدعم في وحدة العناية المركزة.
وقد مات 36% تقريبًا من المرضى الذين تم الإبلاغ عن إصابتهم بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ويبدو أن الفيروس يتسبب في مرض أوخم لدى المسنين، والأشخاص ذوي الجهاز المناعي الضعيف، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، مثل: السرطان، وأمراض الرئة المزمنة، وداء السكري(7).

حلول عند انتشار الفيروس:

لسوء الحظ، لا يمكن في أغلب الأحوال التصدي للفيروس باستخدام الأدوية والعقاقير؛ إذ يقول الأستاذ إيستون: “ليس هناك إلا القليل من الأدوية التي يمكنها التصدي للفيروسات بنجاح”، ولكن هناك إجراءات أخرى ينبغي على المرء اتخاذها، وهي إجراءات يسيرة: كغسل اليدين واستعمال المناديل الورقية، ويقول: “يعد اتباع التعليمات الصحية الأساسية أمرًا محمودًا، فهذه التعليمات والإجراءات تقينا العديد من الإصابات، وتعتبر في الوقت الراهن سلاحنا الوحيد للتصدي للوباء المنتشر حاليًا؛ وذلك لافتقارنا لأي علاج فعال الآن وفي المستقبل المنظور، ولكن، وإضافة إلى جهود الوقاية من العدوى، تعد الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع المصابين أمرًا حيويًّا.
ويشمل ذلك التعرف على المصابين بالسرعة الممكنة لتتسنى مساعدتهم أولًا، وللتعامل مع حالاتهم بطريقة لا تؤدي إلى انتشار الوباء ثانيًا، ولحسن الحظ: اعتُمدت إجراءات فعالة على النطاق الدولي عقب انتشار وبائي: (سارس) و(ميرس).
يقول إيستون: “سبق لنا أن مررنا بهذه التجارب مرتين في السابق؛ لذا يجري اعتماد إجراءات وقائية بسرعة، وتُتخذ القرارات بصددها في وقت أقصر”، وتَأمل القطاعات الصحية في مختلف دول العالم في أن تكون الدروس المستخلصة من انتشار أوبئة فيروس كورونا في الماضي مفيدة في التقليل من خطورة الانتشار الحالي، أو أي انتشارٍ جديدٍ قد يقع في المستقبل(8).
الوقاية والعلاج:
لا يوجد حاليًا أي لقاح ولا أي علاج محدد، والعلاج المتاح هو علاج داعم ويعتمد على حالة المريض السريرية.
على سبيل الاحتياط العام ينبغي لأي شخص يزور مزارع أو أسواق أو حظائر توجد فيها جِمال وحيوانات أخرى، أن يتبعوا تدابير النظافة الصحية العامة، بما في ذلك غسل اليدين بانتظام قبل لمس الحيوانات وبعد لمسها، وأن يتجنبوا ملامسة الحيوانات المريضة.
وينطوي استهلاك المنتجات الحيوانية النيئة أو غير المطهية بصورة كافية، بما في ذلك الألبان واللحوم، على مخاطر عالية للعدوى من مجموعة متنوعة من الكائنات التي يمكن أن تتسبب في مرض الإنسان، فالمنتجات الحيوانية المجهزة على النحو السليم عن طريق الطهي أو البسترة هي منتجات استهلاكها مأمون، ولكن ينبغي أن تتم مناولتها بعناية تجنبًا لتلوثها العارض من الأطعمة غير المطهية، أما لحوم الجِمال وألبانها فهي منتجات مغذية يمكن الاستمرار في استهلاكها بعد بسترتها أو طهيها أو غير ذلك من المعالجات الحرارية.
وإلى أن يتسنى فهم المزيد عن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية يُعتبر مرضى داء السكري والفشل الكلوي وأمراض الرئة المزمنة والأشخاص المنقوصو المناعة معرضين لمخاطر عالية للإصابة بالمرض الوخيم؛ بسبب عدوى فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية؛ لذا ينبغي لهم أن يتجنبوا مخالطة الجِمال وأن يتجنبوا شرب لبنها النيئ أو بولها أو أكل اللحم الذي لم يتم طهيه على النحو السليم(9).

 1_ ويكيبيديا

2_ منظمة الصحة العالمية

3_ بي بي سي

4_ كونسولتو

5_  بي بي سي

6_ بي بي سي

7_ منظمة الصحة العالمية

8_ بي بي سي

9_  منظمة الصحة العالمية

الصحة العالميةالصينسارسكوروناوباء