مستقبل العلاقات المصرية التركية بعد زيارة هاكان فيدان وزير الخارجية التركي

مستقبل العلاقات المصرية التركية بعد زيارة هاكان فيدان وزير الخارجية التركي

تشهد العلاقات بين تركيا ومصر خطوات متسارعة نحو تعزيز التعاون الثنائي، حيث قام وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بزيارة رسمية إلى القاهرة يومي: 4 و5 أغسطس 2024.

تأتي هذه الزيارة استجابة لدعوة نظيره المصري، بدر عبد العاطي، وتهدف إلى بحث العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية؛ كما أن الزيارة كانت تعتبر تمهيدًا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة.

تزامنت زيارة فيدان مع التوترات الأمنية التي تشهدها المنطقة، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي شمل اغتيالات لقيادات مقاومة، بما في ذلك القيادي في حزب الله اللبناني، فؤاد شكر، ومقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران.

تأتي الزيارة أيضًا في وقت من الترقب للرد العسكري المتوقع من إيران وحلفائها على الهجمات الإسرائيلية.

أبرز فعاليات الزيارة زيارة العريش:

بدأ فيدان زيارته بجولة في مدينة العريش، حيث تفقد المخازن اللوجستية التابعة للهلال الأحمر المصري وميناء العريش البحري.

خلال الزيارة قدم محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، شرحًا مفصلًا عن آلية استقبال المساعدات من مختلف الدول والمنظمات الدولية.

تأتي هذه الزيارة في إطار اهتمام تركيا بالقضية الفلسطينية وتطورات الحرب الإسرائيلية على غزة، ولتلبية المطالب الشعبية التركية بتكثيف الدور التركي في أزمة غزة.

وقد أكدت تركيا تقديمها لمئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية عبر مصر، بما في ذلك إرسال طائرات شحن وسفن مساعدات إلى العريش(1).

لقاء مع الرئيس السيسي:

في اليوم الثاني من الزيارة، التقى فيدان الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحضور وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، وسفير تركيا بالقاهرة.

وناقش اللقاء نتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير الماضي، والتي أسفرت عن تحسين العلاقات الثنائية.

تم التطرق إلى الاستعدادات لعقد الاجتماع الأول للمجلس الإستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، والذي يهدف إلى تعزيز التنسيق والتشاور لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة(2).

المسؤولية الإقليمية:

أبرز اللقاء أيضًا شعورًا مشتركًا بين مصر وتركيا حول المسؤولية الإقليمية تجاه التحديات التي تواجهها المنطقة.

والرئيس السيسي أكد على أهمية ضبط النفس وتضافر جهود القوى الفاعلة والمجتمع الدولي لحل الأزمات.

ومن جهته: أكد فيدان على ضرورة التعاون الوثيق بين البلدين في ظل التهديدات الإقليمية، مشيرًا إلى أن الوضع في غزة يمثل تهديدًا كبيرًا، وأن تركيا تعتبر التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار غير كافٍ.

تصريحات فيدان ضد المواقف الأمريكية:

خلال المؤتمر الصحفي، عبر فيدان عن رفضه للسياسات الأمريكية التي تدعم التصعيد الإسرائيلي، مطالبًا بضرورة توقف الدعم الأمريكي لإسرائيل وفتح المجال لحلول سياسية ودبلوماسية.

وأشار فيدان إلى تململ القيادة التركية من المواقف الأمريكية، مؤكدًا أن استمرار دعم إسرائيل سيؤدي إلى تبعات خطيرة على مستوى المنطقة والعالم(3).

التمهيد لقمة أنقرة:

الزيارة تمثل أيضًا خطوة تمهيدية للزيارة المرتقبة للرئيس السيسي إلى أنقرة، والتي من المتوقع أن تعزز المصالحة وتجاوز الخلافات بين البلدين.

رغم أن هذه المصالحة جاءت استجابة للوضع الإقليمي المضطرب؛ إلا أن التعاون بين البلدين يسير بشكل إيجابي، مع خطط لرفع مستوى التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار وتعزيز الاستثمارات المشتركة(4).

التعاون الإستراتيجي والمجالات الجديدة:

زيارة فيدان تمثل خطوة مهمة نحو تأسيس علاقة إستراتيجية مستدامة بين تركيا ومصر.

من المتوقع أن يُفضي الاجتماع الأول للمجلس الإستراتيجي رفيع المستوى إلى توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات متعددة؛ تشمل: الاقتصاد، الدفاع، الطاقة، والتعليم، والثقافة.

هذه الاتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي وتقديم نموذج ناجح للتعاون الإقليمي بين دولتين مؤثرتين.

الاستثمار في البنية التحتية والطاقة:

في إطار التعاون الإستراتيجي، تركز تركيا ومصر على الاستثمار في مشروعات البنية التحتية والطاقة.

من المتوقع أن تشمل الاتفاقيات الموقعة مشروعات مشتركة في تطوير الموانئ، وإنشاء خطوط أنابيب الطاقة، وتحسين شبكات النقل.

كما أن هناك اهتمامًا مشتركًا بتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، حيث تسعى تركيا ومصر للاستفادة من مصادر الطاقة النظيفة لتلبية احتياجاتهما المتزايدة.

الأبعاد الأمنية والجهود المشتركة:

التهديدات الأمنية التي تشهدها المنطقة تضع ضغطًا على تركيا ومصر للعمل بشكل وثيق في قضايا الأمن الإقليمي.

التعاون بين البلدين قد يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في مكافحة الإرهاب، والجهود المشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة.

الزيارة تسهم في تعزيز التنسيق الأمني بين الجانبين؛ مما قد يساعد في تحقيق استقرار أكبر في المنطقة(5).

الردود الدولية والمواقف الإقليمية:

زيارة فيدان ونتائجها تأتي في سياق أوسع من التوترات الإقليمية والدولية، فالمواقف الأمريكية والإسرائيلية تجاه الأوضاع في غزة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل السياسة الإقليمية.

وانتقادات فيدان للسياسة الأمريكية تعكس توترًا متزايدًا بين تركيا والولايات المتحدة حول القضايا الإقليمية، وفي الوقت نفسه، تواصل تركيا ومصر التنسيق مع القوى الإقليمية الأخرى؛ مثل: إيران وقطر، لتبني إستراتيجيات منسقة لمواجهة التحديات المشتركة.

تعزيز العلاقات الثقافية والشعبية:

جانب آخر من زيارة فيدان هو: تعزيز العلاقات الثقافية بين تركيا ومصر. وهناك اهتمام مشترك في تعزيز التبادل الثقافي والفني بين البلدين، بما في ذلك تنظيم مهرجانات ثقافية، ومعارض فنية، وبرامج تبادل طلابي.

هذا التعاون الثقافي يساهم في تعزيز التفاهم المتبادل وتعميق الروابط بين الشعبين التركي والمصري.

الآفاق المستقبلية:

تفتح زيارة هاكان فيدان إلى القاهرة آفاقًا جديدة للتعاون بين تركيا ومصر، وتعكس الرغبة المتبادلة في تعزيز العلاقات الثنائية في ظل الظروف الإقليمية المعقدة.

إن نتائج هذه الزيارة، والتقدم في العلاقات بين البلدين، قد تؤدي إلى استقرار أكبر في المنطقة، وتوفير نموذج ناجح للتعاون الإقليمي في مواجهة التحديات العالمية(6).

مسار العلاقات المصرية التركية بعد زيارة وزير الخارجية التركي:

تدفع العلاقات بين مصر وتركيا نحو حقبة جديدة من التعاون والشراكة، بعد سنوات من القطيعة والتوتر؛ فالزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى القاهرة تعكس هذا التوجه الجديد.

وفي إطار هذه الزيارة، تم بحث العديد من القضايا الثنائية والإقليمية المهمة، مما يعكس رغبة البلدين في تعزيز علاقاتهما في مرحلة مفصلية. وفي هذا السياق سنستعرض مسار العلاقات المصرية التركية بعد زيارة فيدان، مع التركيز على أبرز الإنجازات والتحديات التي تواجهها(7).

مسار العلاقات بعد زيارة وزير الخارجية التركي:

تعزيز العلاقات الثنائية:

– زيارة هاكان فيدان إلى القاهرة تمثل خطوة بارزة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا.

– خلال الزيارة، تم التأكيد على أهمية تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير 2023. ومن بين هذه الاتفاقيات، هناك حوالي 20 اتفاقية تتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري، والتي من المتوقع أن تعزز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

– كما أظهرت الزيارة رغبة قوية في تحسين العلاقات الاقتصادية، حيث تم بحث زيادة حجم الاستثمارات التركية في مصر وتعزيز الصادرات المصرية إلى تركيا.

– وأكد الجانبان على أهمية تكثيف التعاون الاقتصادي لتحقيق فوائد متبادلة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة(8).

أبرز التحديات التي تواجه العلاقات المصرية التركية:

1. التوترات الإقليمية:

– تعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك التصعيد الإسرائيلي الإيراني والصراع في غزة، من التحديات الرئيسية التي تواجه العلاقات المصرية التركية.

– التوترات في هذه الملفات يمكن أن تؤثر على التعاون بين البلدين، وقد تتطلب تنسيقًا مستمرًا، وتعاونًا وثيقًا لتفادي تفاقم الأوضاع.

2. الخلافات السياسية السابقة:

– على الرغم من التحسن الملحوظ في العلاقات، لا تزال هناك بعض الخلافات السياسية السابقة التي قد تؤثر على التعاون بين مصر وتركيا.

– الدعم التركي السابق لجماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو 2013 كان سببًا رئيسيًّا للقطيعة بين البلدين.

– ورغم أن العلاقة قد شهدت تحسنًا؛ فإن معالجة هذه القضايا التاريخية وتجاوزها بشكل كامل يعتبر من التحديات التي تواجه الشراكة الجديدة.

3. القضايا الاقتصادية:

– على الرغم من أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا قد شهدت نموًّا ملحوظًا؛ إلا أن هناك تحديات تتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي.

– من بين هذه التحديات: الحاجة إلى تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الاستثمارات، وعلاوة على ذلك: يتطلب التعاون الاقتصادي مزيدًا من التنسيق بين البلدين لضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية المشتركة.

4. التنسيق في قضايا إقليمية معقدة:

– الملفات الإقليمية مثل الأزمة في ليبيا وسد النهضة تتطلب تنسيقًا عاليًا بين مصر وتركيا؛ في هذا السياق قد تواجه العلاقات الثنائية صعوبات في تحقيق توافق كامل حول كيفية التعامل مع هذه القضايا المعقدة.

– التنسيق الفعال والبحث عن حلول مشتركة سيكون أمرًا أساسيًّا للحفاظ على قوة العلاقة بين البلدين(9).

الخلاصة:

– تعتبر زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى القاهرة خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين مصر وتركيا بعد سنوات من القطيعة.

– الزيارة أظهرت رغبة قوية من الجانبين في تحسين التعاون الثنائي ومعالجة القضايا الإقليمية المهمة، ومع ذلك فتواجه العلاقات المصرية التركية مجموعة من التحديات التي تتطلب معالجة دقيقة وتنسيقًا مستمرًا لضمان نجاح الشراكة الجديدة. ومن خلال التعامل مع هذه التحديات بشكل فعال، يمكن لمصر وتركيا تحقيق فوائد كبيرة من التعاون المتزايد وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

– زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون بين البلدين ودفع المصالحة المصرية التركية إلى الأمام.

– من المتوقع أن تساهم الزيارة في وضع الأسس لعلاقة شراكة قوية ومثمرة، تلبي التحديات الإقليمية وتستفيد من الفرص الاقتصادية المتاحة.

– مع قرب زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا، يبدو أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو مرحلة جديدة من التعاون البناء، التي من شأنها أن تعزز الاستقرار الإقليمي وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات.

– تمثل زيارة هاكان فيدان إلى مصر خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين تركيا ومصر، في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة.

– الاجتماع الأول لمجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى سيكون فرصة لتوقيع العديد من الاتفاقيات وتعزيز التنسيق بين البلدين لمواجهة الأزمات الإقليمية وتخفيف تداعيات الأزمات الدولية.

المصادر:

1_سوريا

2_شاف

3_الشرق الأوسط

4_مركز الأهرام للدراسات

5_الأهرام اليومي

6_ترك برس

7_الحرة

8_مركز الإمارات

9_بي بي سي

أردوغانالسيسيبدر عبدالعاطيتركياحماسمصر
Comments (0)
Add Comment