وثيقة العدالة العالمية بين جيشي روسيا والصين وشكل العالم الجديد

وثيقة العدالة العالمية بين جيشي روسيا والصين وشكل العالم الجديد

تحولات جديدة مقبلة سوف يشهدها العالم أجمع، تبدأ من ثلاث قضايا جوهرية تعدّ وقودًا لهذه التحولات والمعطيات، وكانت فاعلة بشكل كبير في الساحة الدولية؛ أولها: الحرب أو العدوان على غزة، الأزمة الأوكرانية، ودعم انفصال تايوان عن بكين؛ لا سيما بعد ظهور وثيقة سريَّة بين جيشي: روسيا والصين؛ تلك التي تكشف عن ضرورة “إعادة العدالة للعالم تبدأ من غزة”، فكُلها أمور بحاجة إلى إعادة النظر من الإدارة الأمريكية وسرعة لملمة ما تورطت به نتيجة تصرفاتها الخاطئة، وإلا فالقادم سيكون أصعب في ظل ترقب وحذر من استدعاء الأسلحة النووية.

الأيام المقبلة ستكون أكثر وضوحًا وكشفًا في خطوات تعامل واشنطن مع هذه الأزمات لاحتواء الموقف؛ خصوصًا أنها طالبت خلال الساعات القليلة الماضية بالتفاوض مع روسيا بشأن تطوير ثالوثها النووي، وإلا ستتعرض واشنطن مُجبرة لعُزلة دولية بشكل كبير باستثناء علاقتها مع أوروبا؛ إزاء هذه التطورات والمعطيات على الأرض التي تقوم بها حاليًا كبرى دول الجنوب العالمي لتغيير شكل وخارطة العالم الجديد.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح واشنطن في احتواء الموقف ولملمة ما خلفته من عداوات مع هذه الدول؟ وهل سيتجه العالم نحو عالم ثنائي أم متعدد القطبية؟

ملخص البحث:

يركز مركز “رواق” للأبحاث والدراسات على تفاصيل وثيقة العدالة العالمية بين جيشي: روسيا والصين، والتي تبدأ من غزة بحسب الوثيقة المسربة، بعد ما لم تجد بعض القوى العظمى متنفسًا أو ما يحفظ ماء الوجه تجاه العدوان والإبادة الجماعية في غزة بدعم أمريكي غربي، التسلح النووي وإعادة التوازن بين الشمال والجنوب العالمي، ومواجهة هيمنة واشنطن منفردة بعالم أحادي القطبية قائم على الظلم والتبعية، كذلك قلق إدارة بايدن من التقارب الروسي الصيني مع الدول العربية والشرق الأوسط، حيث يتضمن البحث عدة نقاط، وهي:

خطوات إنشاء نظام عالمي عادل، شكل العالم الجديد هل ثنائي أم متعدد القطبية، دخول روسيا والصين على خط المواجهة.. غزة أول خطوة على أجندة العدالة العالمية، تفاصيل وثيقة الجيشين: الروسي والصيني لمنظومة العدالة العالمية، وحرب الإبادة الجماعية في غزة وتوتر العلاقات مع مصر؛ كذلك تخوف جو بايدن من الفراغ في الشرق الأوسط في ظل تعاظم الحضور الصيني الروسي.

بداية، يجب ألا نغفل عما ذكره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مؤخرًا، قائلا: نثق في إمكانية البلدان حول العالم على بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

التسلح النووي وإعادة توازن القوى بين الشمال والجنوب العالمي:

حيث حذر في الوقت نفسه من صراعات إقليمية رهيبة، وأنظمة كانت قائمة لتعزيز القدرة على التنبؤ، بما في ذلك مبادرات الحد من الأسلحة والخطوط الساخنة من أجل السلامة النووية، ولكن تم تدمير أو تقويض عدد من هذه الأنظمة، وبدلًا من نزع السلاح النووي، هناك حديث الآن عن إعادة التسلح النووي بين الشمال والجنوب العالمي.

الأمر الذي يؤكد استمرار العديد من القوى في إنفاق مليارات الدولارات لجعل أسلحته النووية أسرع وأكثر ردعًا خفية ودقة، وبعد انتهاء حقبة الحرب الباردة بين القوتين العظميين التي حلت فترة وجيزة، يبحث العالم الآن من الأحادية القطبية التي لم تعد مقبولة إلى التعددية القطبية.

وبالتالي، لا سبيل أمام القوى الغربية والأمريكية من قبول بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يمكن أن يساعد على دفع فرص جديدة للقيادة والتوازن، والعدالة في العلاقات الدولية، ولكن في حال الرفض الأمريكي الذي لم يعد تركن إليه الدول الكبرى: كالصين وروسيا والبرازيل وكوريا الشمالية، وإيران على سيبل المثال، وحتى العديد من دول الشرق الأوسط، يمكن أن تتعمق خطوط الصدع بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، والاقتصادات المتقدمة والنامية، وكذلك داخل مجموعة العشرين، وبين مجموعة العشرين وبقية العالم.

كيفية إنشاء نظام عالمي عادل:

لقد جاءت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أن روسيا والصين تعملان معًا من أجل إنشاء نظام عالمي عادل يقوم على القانون الدولي وتوازن مصالح جميع الدول بنذير من القلق لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث ذكر بوتين عقب نتائج المفاوضات الروسية الصينية: “ينتهج كلا البلدين سياسة خارجية مستقلة وقائمة بذاتها، ونحن نعمل متضامنين لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب أكثر عدالة وديمقراطية”.

وطالب بوتين بالقول “ينبغي أن يقوم على الدور المركزي للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، والقانون الدولي، والتنوع الثقافي والحضاري، والتوازن المحسوب لمصالح جميع المشاركين في المجتمع العالمي”، بحسب ما ذكرته وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء. (الشرق الأوسط).

إن إشارة الرئيس بوتين إلى المفاوضات الروسية الصينية تركن أو ترمى إلى ظهور النهج الروسي والصيني مرة أخرى تجاه العديد من المشاكل الدولية والإقليمية متقارب أو متطابق، مما يجعلهما تكتسبان خبرات مفيدة في شراكة متعددة الأوجه ومفيدة للجانبين، وهو ما أكده رجل الكرملين بالقول: “يتضمن تراثنا المشترك العديد من الإنجازات الكبرى في مختلف المجالات، وأن الأصدقاء الصينيين تمكنوا من خلق أجواء ودية ودافئة وعملية، وموسكو وبكين توليان أهمية كبيرة للشراكة بين البلدين بوصفها نموذجًا لعلاقات الدول المتجاورة”.

خطط التنين الصيني والدب الروسي في مواجهة أمريكا:

إن خطط التنين الصيني والدب الروسي بدا واضحًا منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا على وجه التحديد في مواجهة الغرب والعالم أحادي القطبية، وكذلك دعم انفصال تايوان عن بكين؛ الأمر الذي ساعد كثيرًا في تعميق العمل في التعاون بمجال الطاقة، والسعي نحو تحديد أهداف جديدة واسعة النطاق، ومبادئ توجيهية طويلة المدى لتطوير مجمع العلاقات الروسية الصينية بأكمله؛ مما أسهم في جعل موسكو وبكين تمكنتا من تحقيق قدر كبير من التعاون العملي على الأرض، ومن ثم تغلب روسيا على العقوبات الغربية. (الشرق الأوسط).

أيضًا: لقد أكد الرئيس بوتين خلال اجتماعه مؤخرًا مع نظيره الصيني شي جين بينغ في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بكين حيث ذكر: “لقد حققت موسكو وبكين بالفعل قدرًا كبيرًا من التعاون العملي، حيث ارتفع حجم التجارة الثنائية بنحو الربع ووصل إلى مستوى جيد قدره 227 مليار دولار في عام 2023، بحسب ما ذكرته وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء.

مما يوضح بأن الصين هي الشريك الرئيسي لروسيا في المجال التجاري والاقتصادي، ووفق الإحصائيات الروسية، فإن روسيا قد تقدمت إلى المركز الرابع في قائمة الدول الشريكة التجارية للصين، وتمت الموافقة على خطة تطوير المجالات الرئيسية للتعاون الاقتصادي الروسي الصيني حتى عام 2030 خصوصًا بعد زيارة شي لموسكو في مارس 2023. (الشرق الأوسط).

قلق أمريكي رغم دعمه للاحتلال في قتل شعب غزة:

لقد فوجئ العالم بقيام الرئيس الأمريكي بتقديم مبادرة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد 8 أشهر من الإبادة الجماعية والمجازر على مرئي ومسمع من المجتمع الدولي، مما يوحى بالخوف من استمرار اشتعال رقع الشطرنج العالمي، لدرجة أن تقارير إعلامية كشفت أن مكتب نتنياهو وحركة حماس لم يعلما بما أعلنه بايدن سوى قبل الخطاب بساعتين، بغض النظر عن دقة الرواية. (الخبر الفوري).

ولكن مع استمرار حكومة نتنياهو الدموي في العدوان؛ إلا أن توقعات بقبول تل أبيب والحكومة الصهيونية المتطرفة بالمبادرة وحتى إن تأخرت، وهو ما يطرح السؤال المهم: ما الذي تغيير في المعادلة جعل واشنطن تسعى لإنهاء الحرب دون أن تحقق إسرائيل أهدافها بتهجير الفلسطينيين، والقضاء على حماس، وعدم الموافقة على البقاء عسكريا في القطاع. (الخبر الفوري).

دخول روسيا والصين على خط المواجهة.. غزة خطوة أولى:

يمكن القول بأن مبادرة بايدن ما هي إلا تطوير للمبادرة المصرية، لكنها جاءت نتيجة تغيرات كبيرة في المشهد الإقليمي والدولي، خلال الفترة الماضية، أبرزها: ربما الخوف من دخول روسيا والصين على خط الصراع أو المواجهة مع الكيان الصهيوني بعد ما كشفت الأيام الماضية وجود وثيقة سرية بين الجيشان الروسي والصيني تشمل: “الاتفاق على إعادة العدالة للعالم، وأن تكون غزة أول خطوة على أجندة العدالة العالمية”.

وبغض النظر عن شكل وكيفية هذه المواجهة وموعد انطلاقها؛ إلا أن استمرار السياسية الأمريكية ونهج الاحتلال الصهيوني يدفعان بقوة نحو اتساع دائرة الصراع ودخول دول كبرى على خط المواجهة بشكل أو بآخر والتي بدت تجلياتها واضحة الآن وتظهر في اتساع الصراع شيئًا فشيئًا مع حزب الله في الجنوب اللبناني، وكذلك في عسكرة البحر الأحمر وباب المندب في ظل اشتعال الخلافات والغضب المصري؛ نتيجة تصرفات الاحتلال الصهيوني في رفح الفلسطينية ومنع دخول المساعدات لشعب غزة.

فهذه التطورات أحدثت بشدة مزيد من القلق وأربكت حسابات البيت الأبيض حيث يفضّل بايدن إبعاد إسرائيل عن هذا الحريق العالمي بإطلاق مبادرته لوقف الحرب على غزة، يأتي ذلك بالتزامن مع فشل الغرب في تحقيق تغير على الأرض في حرب أوكرانيا لا سيما بعد استهداف العمق الروسي وتسليح كييف بصواريخ بعيدة المدي، وبعد ما أفصح بوتين بكل صراحة عن استخدام السلاح النووي التكتيكي وهو ما تسبب في تحولات كبرى في المشهد السياسي والجيوسياسي العالمي. (الخبر الفوري).

وثيقة الجيشين: الروسي والصيني لمنظومة العدالة العالمية:

 إن تفعيل الجيشان الروسي والصيني لمنظومة العدالة العالمية بحسب الوثيقة، سوف ينطلق من سوريا، حيث وقع الرئيس السوري بشار الأسد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال الأيام الماضية اتفاقًا يسمح بنقل الصواريخ الروسية النووية إلى طرطوس، وهو ما ضاعف من مخاوف واشنطن من إشعال حرب في الشام، وهو ما يتوافق مع سردية نشوب الحرب العالمية الثالثة.

لا سيما بعد ما فشلت واشنطن ومن خلال حرب الوكالة في أوكرانيا من حسم الصراع، والتحول نحو ضرب العمق الروسي بعد نجاح تجربة الصاروخ الاعتراضي النووي التكتيكي على الغواصة النووية فرجينيا، وهو ما يفسر تلهف بايدن على وقف الحرب في غزة لينقذ إسرائيل من سيناريوهات الحرب العالمية. (الخبر الفوري).

قلق إدارة بايدن من التقارب الروسي الصيني مع الدول العربية:

يمكن تفسير ذلك بأن إدارة بايدن تخشى من تحول البندقية الروسية الصينية ولو بشكل غير مباشر عن وجه إسرائيل في ظل التقارب الحثيث مع العرب ودخول بعض الدول العربية الكبرى في مجموعة بريكس، كما يعود إلى مخاوفه من إمكانية استخدام النووي التكتيكي من ميناء طرسوس السوري ضد إسرائيل؛ لذا فإن رؤية بايدن هي حماية وعزل إسرائيل عن أي سيناريو محتمل لحرب عالمية مفتوحة، وهو ما يفسر قبول نتنياهو الفوري مبادرة ومع تعديلات البيت الأبيض، لا سيما في ظل إمكانية روسيا في تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا في أي وقت لتجد تل أبيب نفسها أمام قوى عظمى.

وكما يتزامن ذلك التخوف مع فقدان واشنطن لعنصري الردع والمصداقية لدى شعوب الشرق الأوسط وشعوب المنطقة العربية بالتحديد جراء مع يحدث في غزة ومنع الكيان الصهيوني من دخول المساعدات، فقد تم تدمير الميناء العائم الذي أعلنت أمريكا عن إقامته لإيصال المساعدات إلى غزة، وما صاحبه من عُطب طال 4 سفن حربية. (الخبر الفوري).

والغريب أن “البنتاجون” الأمريكي ادعى بأن ذلك نتيجة للأحوال الجوية، وهو بالطبع أمر غير معقول أو حتى قابل للتصديق، ويحمل الكثير من علامات الاستفهام، وكأننا نشاهد فيلم سينمائي مزيف من صناعة هوليود، سيناريو العاصفة الجوية غير مقنع ويجعلنا حائرين كضحايا لإحدى عمليات النصب والكذب والتدليس المتعمد، ثم جاء اعتداء الحوثيين على حاملة الطائرات ايزنهاور في البحر الأحمر، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد نفي واشنطن الحادثة خرج الحوثيون بفيديو مصور للحادث، وهذه المرة تم حرمان أمريكا من تزييف الواقع، ومنعها من إخفاء لأضرار التي طالت حاملة الطائرات.

حرب الإبادة الجماعية في غزة وتوتر العلاقات مع مصر:

الواقع أن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، جعلت المنطقة مهيئة للانفجار في أي وقت، وكان حادث الاشتباك الحدودي الأخير بين القوات المصرية وقوات الكيان معبرًا عن التهاب الحدود، ورد مصر على استشهاد أحد جنودها وقتل عدد من أفراد الجيش الإسرائيلي، يؤكد جدية مصر في تهديداتها بإلغاء معاهدة السلام والدخول في حالة حرب شاملة مع الكيان؛ حيث رفضت القاهرة سحب الذخيرة الحية من جنودها، وتأكيدها للوسيط الأمريكي على أن الرد العملي العسكري على استفزازات الكيان ليس مستبعدًا أبدًا، وقد يكون من عدة جبهات وليس من الجبهة المصرية وحدها، وهو ما يعني التنسيق الكامل بين مصر وبين باقي الدول والأطراف المحيطة بالكيان، وهو مما لا شك فيه قد أربك المشهد الأمريكي بشكل واسع. (الخبر الفوري).

مصر وتحالف العدالة العالمية الروسي الصيني:

لقد جاءت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصين في تلك الأجواء الملتهبة، لإرسال سالة أو إشارة بأن مصر ليست بعيدة عن تحالف العدالة العالمية الروسي الصيني، وما تم الإعلان عنه خلال هذه الزيارة من تنسيق للمواقف السياسية والأمنية بين البلدين، كما تعتبر رسالة واضحة للغرب؛ خاصة أمريكا، فقد كان أحد أهداف هذه الحرب إجبار العرب على وقف التوجه شرقًا والخروج من تحالفهم الجديد مع روسيا والصين، لكن ما حدث أن العدوان على غزة والحرب الغاشمة دقت مسمارًا جديدًا في نعش العلاقات العربية الأمريكية، وقامت عدة دول عربية بسحب احتياطي الذهب من البنك الفيدرالي الأمريكي، وبدأت تتخلى عن الدولار في تجاراتها الدولية وبعضها بالدخول إلى مجموعة بريكس، ما يعني أن هذه الحرب لم تعزز فقط من التحالف العربي الشرقي، بل زادت من قيمته وأهميته لدى الطرفين.

يجب أن ننتبه في هذه الدراسة إلى أن معظم التقارير الدولية تؤكد أن المبادرة الأمريكية جاءت بعد فشل جيش الاحتلال في جميع الفرص التي طلبها على مدار 8 أشهر من الحرب على غزة، وأثبتت المواجهة أن جيش الاحتلال يعاني من خلل كبير رغم ما أحدثه من فجائع وقتل بسلاح الجوع مع الطائرات، ولم يتفوق إلا في الغارات الجوية المدمرة، وتكبد خسائر هائلة في المواجهة المباشرة على الأرض في المعدات والأفراد، والأدهى من ذلك هو: أنه يتم تصوير كل هذه المواجهات وإذاعتها على العالم، بما يُفقد جيش الكيان هو الأخر أسطورة الردع والقوة لهيبته المزعومة والمزيفة.

نماذج البطولات التي قدمتها المقاومة الفلسطينية:

إن البطولات التي قدمتها المقاومة الفلسطينية بحق في هذه الحرب تدرس وكانت مفاجئة للعالم أجمع، وأعطت الثقة للجيوش العربية على أنها قادرة على هزيمة دولة الاحتلال التي جاءت من شتات الأرض في أي حرب منفرده، وأنه بدون الحماية الأمريكية الغربية الظالمة التي لا تحترم الأرواح يصبح الكيان من الماضي. (الخبر الفوري).

فبعد ثمانية أشهر، فشل الكيان المحتل في تحقيق أهدافه من الحرب سوى قتل الأبرياء العزل، بل أصبح قيادتها لأول مرة مهددين بالسجن كمجرمي حرب، ولأول مرة يتم محاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية؛ علاوة على ثورة شعبية عالمية ضد الكيان وتفنيد روايته لصالح الرواية الفلسطينية في سابقة لم تحدث من قبل؛ الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل باتت تعاني من عُزلة دولية غير مسبوقة، مظاهرات في أغلب دول العالم، 10 دول سحبت سفرائها من الكيان، حرق 7 سفارات لإسرائيل في مناطق مختلفة من العالم، ثورة الجامعات وثورة المفكرين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين أصبحوا فجأة سلاحًا في ظهر الغرب؛ نتيجة انحيازه لكيان محتل مجرم، كما اعتراف 3 دول غربية بالدولة الفلسطينية على رأسهم إسبانيا. (روسيا اليوم).

كل هذه التطورات والأحداث التي جاءت متتالية توحي، بل تؤكد بأن أمريكا لا تختار السلام أبدًا، بل تريده وربما يُفرض عليها وتُجبر عليه من قبل الاحتلال، وكما يقول البعض تتدخل أمريكا اليوم لوقف الحرب؛ لأن ميزان المصالح والمكاسب بدأ يختل بين يديها، ذهبت أمريكا لوقف الحرب، وهي تعلم أنها خسرت الكثير، وأن حكومة نتنياهو قد انتهت، وأن فرص بايدن للفوز بولاية ثانية في مهب الريح، لكنها تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهذه حرب عض الأصابع يخسرها من يصرخ أولًا، كما أن مبادرة بايدن بداية الصرخة الصهيوأمريكية. (روسيا اليوم).

نظام عالمي جديد: هل متعدد أم ثنائي الأقطاب؟

لقد عزى مسؤولون روس مرارًا، وعلى رأسهم: الرئيس بوتين، وأخيرًا: سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، من قرب تشكيل “عالم متعدد الأقطاب”، مؤكدًا صراحة: أن ما تسعى إليه روسيا هو ثنائية قطبية مع الصين. (الجزيرة).

وهو ما يجعل أو يسهم في احتدام المواجهة بين الشرق من جهة والغرب من جهة أخرى، حيث السعي للتحكم في العالم بشكل نظام القطب الواحد على الجميع بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وفي المقابل الدفع بشكل قوى من قبل الصين وروسيا إلى عالم ثنائي أو متعدد القطبية؛ ما يعني أن الفترة المقبلة سوف يحتدم بها الصراع أو التنافس العسكري والاقتصادي على وجه التحديد وهو ما يحدث بالفعل الآن بين الصين وأمريكا، مع العلم أن البعض يذهب بالتوقعات إلى أن العالم يتجه نحو ثنائية قطبية بين روسيا والصين، وليس نحو تعددية قطبية.

ويرى آخرون أن روسيا تحاول جاهدة من الاستفادة من الصعود الصيني الحالي، كما قد استفادت من الوضع السوري لإعادة تموضعها في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل صعود دول، وتراجع بدا واضحًا في دور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى خلال السنوات الأخيرة. (الجزيرة).

بايدن: لن نغادر الشرق الأوسط ونترك فراغًا تملؤه الصين وروسيا:

لقد جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن لبعض من القادة العرب، بأن بلاده لا تعتزم الانسحاب من الشرق الأوسط وترك فراغ في المنطقة لمصلحة قوى أخرى واضحة لقلها البلاغ إزاء توريطها من قبل الاحتلال.

وقد قال بايدن في وقت سابق عبر لقاء قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر في جدة في ختام زيارة إلى الشرق الأوسط: “سنعمل في منطقة الشرق الأوسط، ونؤسس لعلاقات اقتصادية مستدامة، والولايات المتحدة ستبقى شريكا نشطًا في الشرق الأوسط، والمصالح الأمريكية مرتبطة مع النجاحات في الشرق الأوسط، ما يعني محاولة بايدن إرسال رسالة للعرب بأن أمريكا حاضرة ولن تترك الساحة فارغة.

حيث أكد قائلًا: “لن نتخلى عن الشرق الأوسط ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران، سنسعى للبناء على هذه اللحظة بقيادة أمريكية فاعلة وذات مبادئ، ولكنه بهذه الكلمات ودعمه اللامحدود من إثناء أي من الدولة العربية على زيادة التعاون مع روسيا والصين، ودخول بعض الدول الأخرى لمجموعة بريكس. (روسيا اليوم).

في الحقيقة. إن حديث جو بايدن عن دعم شركاء الولايات المتحدة الأمريكية والدول الحليفة لحل المشكلات التي تواجهها المنطقة، وقوله بأن “أنشطة إيران تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، ولدينا العزيمة لمواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة، وسنوفر الدعم لحلفائنا في المنطقة لمواجهة الإرهاب، لا ترقى إلى ما يحدث على الأرض من التدخلات الأمريكية السافرة، وبسبب توريطها من دولة الاحتلال -ليتها حتى تدخلات بهدف الحل والتهدئة-؛ إنما كُلها لدعم كيان محتل غاشم يقتل الأبرياء؛ مما تسبب في امتعاض جميع شعوب المنطقة، وعدم الثقة في إدارة بايدن التي تدعم قتل أصحاب الأرض. (روسيا اليوم).

الخلاصة:

– إن ظهور وثيقة سرية بين جيشي: روسيا والصين والحديث عن “إعادة العدالة للعالم تبدأ من غزة”، سوف تقود المجتمع الدولي نحو عالم جديد متعدد القطبية لا محالة؛ قد تكون غزة ليست الأصل بالنسبة للقوى العظمى، ولكنها تعتبر نواةً أو ضمن سبل الوقود نحو التحرر من التبعية؛ لأنها قضية عادلة والظلم فيها واضح لا يحتاج إلى تأويل.

– إن اعتراض الإدارة الأمريكية على قرار المدعي العام للجنائية الدولية حول إقرار مذكرة اعتقال بحق قادة الاحتلال الدمويين وعلى رأسهم نتنياهو، قد كشف للعالم أجمع حجم الظلم والكذب والتدليس من قِبل أمريكا والغرب وهو ما ذكره مدعي عام المحكمة نفسه وما تعرض له من تهديد، كما كان كاشفًا حقيقةً لازدواجية المعايير بحق مذكرة اعتقال بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا ونتنياهو، إذا كان حديث الساعة للإعلام الدولي، ولدى الإعلام الصيني والروسي والبرازيلي على وجه الخصوص.

– لقد لفظت الدول الكبرى انفراد واشنطن بعالم أحادي القطبية قائم على الظلم والتبعية؛ إذ لم تجد هذه الدول متنفسًا أو ما يحفظ ماء الوجه تجاه العدوان والإبادة الجماعية في غزة بدعم أمريكي غربي، والصمت أكثر من ذلك، وهو ما دفع دول أوروبية منفردة إلى الاعتراف بدولة فلسطين وذكرت أن ما يحدث في غزة هي إبادة جماعية وتطهير عرقي بامتياز.

– نذير قلق من إدارة بايدن رغم استمرار دعمها للاحتلال من احتمالية دخول روسيا والصين على خط المواجهة، وأن تضع روسيا أسلحة نووية وتكتيكية بعد ما عقدت اتفاقا مع سوريا يمكن تفعيله في أي لحظة، خشية أن تُوجَّه في أي لحظة إلى دولة الاحتلال في ظل تعاظم التقارب الروسي الصيني مع دول الشرق الأوسط والعرب بالتحديد.

– نعم تنظر الإدارة الأمريكية بمزيد من القلق حول وثيقة الجيشين: الروسي والصيني لمنظومة العدالة العالمية، وأنه بات يمثل خطرًا عليها؛ لا سيما في ظل تعاظم التقارب الروسي الصيني، وحتى ذهبت واشنطن تندد في مجلس الأمن بالتقارب الروسي الكوري الشمالي، وأنه اختراق للعقوبات على بيونج يانج.

– لقد خلَّف العدوان على غزة انقسامًا حادًّا في إدارة بايدن في ظل خلاف أعضاء الكونجرس حول مؤيد ومعارض لدعم الاحتلال، وأيضًا في انتفاض طلاب الجامعات؛ الأمر الذي وضع بايدن في مأزق حول استمرار دعم الاحتلال، كذلك تخوفه وهو ما ذكره صراحةً في “مؤتمر جدة” من خشية الفراغ في الشرق الأوسط والبلدان العربية، والذي قد يملأه الحضور الصيني الروسي.

– بالأخير.. يمكن القول بأن شرارة التوجه نحو عالم جديد باتت واضحة لا رجعة فيها، وكانت الانطلاقة فيه من ثلاث قضايا جوهرية ومهمة؛ أولها: الحرب غير المبررة على غزة وقتل الشعب جوعًا، والأزمة الأوكرانية، ودعم انفصال تايوان عن بكين، فكُلها أمور ستزيد من الضغط على الإدارة الأمريكية بعد تراجع دورها بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأن العالم بدا يتجه بقوة نحو عالم ثنائي أو متعدد الأقطاب.

المصادر:

– الشرق الأوسط

– الخبر الفوري

– روسيا اليوم

– الجزيرة

الصينروسياوثيقة العدالة