كيف تهدد تيارات اليمين المتطرف مستقبل الاتحاد الأوروبي.. ألمانيا مثالًا؟

كيف تهدد تيارات اليمين المتطرف مستقبل الاتحاد الأوروبي.. ألمانيا مثالًا؟

تعيش ألمانيا حالة من القلق الداخلي والجدل البالغ خاصة، وأوروبا عمومًا بسبب التوترات الدولية والإقليمية وانعكاساتها على القارة العجوز، لاسيما بعد ما ألقت الأزمة الأوكرانية بظلالها وتأثيراتها السلبية على دول الاتحاد الأوروبي، حيث انتابت حالة من القلق عدد من المشرعين الأوروبين؛ نتيجة تصاعد حزب البديل اليميني المتطرف في ألمانيا ودعواته لخروجها من الاتحاد؛ الأمر الذي أثار جدلًا سياسيًّا واسعًا لا زالت تداعياته مستمرة حتى الآن على الساحة السياسية الألمانية والأوروبية.

إذ قالت أليس فايدل، رئيسة حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AFD)، في وقت قريب: إن حزبها سوف يدفع لإجراء استفتاء على خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي إذا وصل إلى السلطة”، على غرار ما فعلته بريطانيا، مما فرض ردود فعل سلبية داخل ألمانيا، حيث طرح العديد من المخاوف والتساؤلات أيضًا بشأن مدى إمكانية تحقيق ذلك، وحدود تأثيره على مستقبل ألمانيا والاتحاد الأوروبي؛ لا سيما مع تصاعد شعبية حزب اليمين المتطرف في ألمانيا وبعض الدول الأخرى.

سوف نُجيب في هذه الورقة البحثية في مركز “رواق” للأبحاث والدراسات، عن بعض القضايا والتحديات التي تواجه ألمانيا خاصة وأوروبا عمومًا؛ نتيجة صعود أحزاب اليمين المتطرف، ومنها: كيف تهدد تيارات “اليمين المتطرف” مستقبل الاتحاد الأوروبي؟ ما أسباب تنامي شعبية حزب البديل اليميني في ألمانيا؟ ما الدول الأكثر تصاعدًا لليمين المتطرف؟ لماذا اليمين المتطرف يتبنى فكرة خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي؟ ما خطوات الاتحاد الأوروبي المقبلة بشأن الأزمة الأوكرانية؟ ماذا يعني تحوّل مركز ثقل البرلمان الأوروبي نحو أحزاب اليمين؟ ما نظرية “الاستبدال العظيم”؟

لطالما كان حزب البديل من أجل ألمانيا مناهضا للاتحاد الأوروبي بشكل علني، حيث وصفه في برنامجه الانتخابي بأنه مشروع فاشل لا يمكن إصلاحه ومع ذلك، فإن طرح الحزب فكرة خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي – التي عُرفت باسم “Dexit”- قد ارتفعت بشكل كبير تسبب في قلق بالغ لدى حكومات الاتحاد الأوروبي وفي ألمانيا على وجه الخصوص.

أسباب تبني اليمين المتطرف فكرة خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي:

– استمرار تدفق المهاجرين بنسب عالية إلى ألمانيا، إذ أظهرت بيانات الشرطة الألمانية تسلل أكثر من 92 ألف شخص إلى ألمانيا بشكل غير قانوني خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023، فيما قدّر مكتب الإحصاء الفيدرالي صافي الهجرة لعام 2023 بين 680 ألفًا إلى 710 آلاف مهاجر.

كما وصل إجمالي عدد طالبي اللجوء في ألمانيا في العام نفسه إلى 352 ألف شخص بزيادة قدرها 51% مقارنة بعام 2022، أغلبهم من السوريين والأتراك والأفغان، إضافة إلى 1.1 مليون لاجئ أوكراني استقروا في ألمانيا منذ بداية الحرب الروسية-الأوكرانية. (الأهرام).

ومع زيادة تدفق المهاجرين لألمانيا، يزداد الهجوم على الحكومة الفيدرالية من جانب المعارضة، خاصةً حزب “البديل من أجل ألمانيا”، ومن المعروف أن اليمين المتطرف عمومًا في أوروبا وجد ضالته في قضية المهاجرين التي أعادت تمركزه في السياسة الأوروبية خلال السنوات الماضية، من خلال تبني خطاب معادٍ للمهاجرين وداعٍ لطردهم نظرا لتأثيراتهم السلبية على المجتمعات الأوروبية.

– أيضًا: من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في ألمانيا في عام 2025، وسيقدم حزب البديل من أجل ألمانيا مرشحا لمنصب المستشار لأول مرة، مستغلًا تزايد شعبيته في السنوات الأخيرة التي وضعته استطلاعات الرأي في المركز الثاني بحوالي 23% من الأصوات بعد المحافظين مباشرة، في مقابل تراجع الخضر واليسار.

– تصاعد غضب الشارع الألماني ضد اليمين المتطرف، وهو ما أثار الاجتماع السري، الذي كشفه موقع “كوريكتيف (Correctiv)” للصحافة الاستقصائية في منتصف يناير 2023، والذي ضم أعضاء من حزب البديل وأشخاص من النازيين الجدد ورجال أعمال وغيرهم، احتجاجات حاشدة على مستوى البلاد بمشاركة مئات الآلاف في ألمانيا ضد حزب البديل الألماني، وصلت لحد المطالبة بفرض حظر كامل على الحزب، خاصةً أن هذا الاجتماع ناقش خطة شاملة ذات معالم ودوافع عنصرية تهدف لترحيل جماعي للأجانب وطالبي اللجوء وحتى الألمان من أصول مهاجرة الذين فشلوا في الاندماج. (الأهرام).

– كذلك تزايد معدلات البطالة وتراجع دولة الرفاه الألمانية، رغم قوته، تضرر الاقتصاد الألماني كغيره من الاقتصادات العالمية بتداعيات جائحة كوفيد -19، ثم الحرب الروسية – الأوكرانية، وهو ما انعكس على انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وتزايد علامات الركود الوشيك على الاقتصاد العام، وقد كان ذلك أكثر وضوحا في تزايد معدلات البطالة، والتي وصلت لأعلى معدلاتها في ألمانيا في نوفمبر 2023 بنسبة 5.9%، والذي اعتبره مكتب العمل الفيدرالي أعلى معدل بطالة منذ مايو 2021.

لذلك يحاول اليمين المتطرف توظيف أو استغلال هذه المؤشرات للهجوم على الائتلاف الحكومي من ناحية، وربطها بقضية المهاجرين من ناحية أخرى بصفتهم المتسبب في هذه الأزمة، لإبراز تراجع دولة الرفاه في ألمانيا، بما يخدم أغراضه السياسية وكسب مزيد من الشعبية في الشارع الألماني. (الأهرام).

كيف تهدد تيارات “اليمين المتطرف” مستقبل الاتحاد الأوروبي؟

تعتبر أحزاب “اليمين الشعبوي” والمتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي خلال يونيو المقبل، ما يجعلها، في حال حدوثه، “مجموعات ضغط أساسية على الحكومات، من أجل تنفيذ سياستها المتطرفة، وهذا الاحتمال ربما يضع على المحك مسلمات سياسية وحقوقية واقتصادية لطالما عملت في ظلها تلك الأسرة الأوروبية المكونة من 27 عضوًا.

لقد باتت الخشية من هذه اللحظة تطوف على ألسنة أحزاب اليسار والوسط، أما التعويل على أصوات المعارضين لهذه التيارات في دول التكتل، فقد يخيب لضيق الوقت قبل موعد الاستحقاق، إذ تحذر تقارير من تقدم اليمين الراديكالي “المتطرف” الذي يوصف بـ”الشعبوي” في الانتخابات الأوروبية المقبلة، الامر الذي قدد يمهد نحو انتصارات جديدة لساسة هذا التيار في جميع استحقاقات الدول الأوروبية، المحلية والبرلمانية والرئاسية.

ومع احتمالية أن ينجح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في العودة إلى البيت الأبيض في نوفمبر المقبل، فإن خطر اليمين المتطرف سيتضاعف، وفق تلك التقارير دولية وأوروبية. (الشرق بلومبرج).

ما الدول الأكثر تصاعدًا لليمين المتطرف؟

بين السادس والتاسع من يونيو المقبل، سيتوجه الأوربيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 705 نواب يمثلونهم في برلمان التكتل، وبحسب دراسة للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قد يتصدر اليمينيون نتائج هذه الانتخابات في تسع دول، منها: فرنسا، وهولندا، والنمسا، وبلجيكا، ويحلون ثانيا وثالثا في 9 دول أخرى.

وذكرت الدراسة أن تحالف أحزاب اليمين سيفرز أكثرية تحل محل تجمع التيارات الوسطية التي تقود البرلمان الأوروبي اليوم، ما يمكنها من قيادة توجهات التكتل بمختلف مجالات الحياة 5 سنوات مقبلة، لتحقق بذلك سابقة في تاريخ السلطة التشريعية للتكتل منذ انطلاق الاستحقاق عام 1979.

ويخلق الفوز المحتمل لأحزاب اليمين المتطرف تحديات كثيرة أمام خطط دعم التكتل لأوكرانيا، ومساعيه لمواجهة تغير المناخ، وتوجهاته لاحتواء تداعيات أزمة المهاجرين واللاجئين، وغيرها كثير من الإستراتيجيات الرئيسية والعامة. (الشرق بلومبرج).

وحذر تقرير صادر عن مجلس العلاقات الخارجية، من خطر نقل اليمين الراديكالي للنظريات الانفصالية إلى داخل البرلمان الأوروبي، خاصة أن اليمينيين المتطرفين في بعض دول التكتل مثل فرنسا، يدعون إلى مراجعة شاملة لجدوى العضوية الأوروبية، ولا يمانعون قيام مشاريع استقلال أوروبية على غرار ما فعلته المملكة المتحدة في 2020.

هاجس الحكومات من خطر اليمين على الهوية والديمقراطية:

لقد بات الذعر والقلق واضحان بين الاتحاد الأوروبي، حيث يتوقع مجلس العلاقات الخارجية أن يظفر التجمع اليميني “الهوية والديمقراطية” بـ40 مقعدًا إضافيًّا ليصل إلى 100 نائب في البرلمان، كما يمكن أن يحصد “الإصلاحيون والمحافظون” 18 مقعدًا جديدًا ترفع رصيدهم إلى 85 نائبًا، في مقابل زيادة ضئيلة في عدد نواب اليسار، وتراجع حصص أحزاب “الخضر” و”تجديد أوروبا” و”الشعوب الأوروبية” و”الاشتراكيين الديمقراطيين” مقارنة بالبرلمان الحالي.

ماذا يعني تحول مركز ثقل البرلمان الأوروبي نحو اليمين؟

الإجابة تتضمن 3 محاور رئيسية، الأول هو تقليص دعم أوكرانيا، والثاني التشدد في التعامل مع المهاجرين، أما الثالث فيتمثل في تهميش مواجهة تغير المناخ من أجل دفع عجلة الاقتصاد، ومساعدة الأوروبيين على تجاوز الظروف المعيشية غير المستقرة بسبب الحرب الأوكرانية.

كما أن اليمين المتطرف سوف يحشد خلف شعارات “ترثي” حال الاتحاد الأوروبي، بسبب سياسات متساهلة اتبعتها أحزاب اليسار والوسط مع اللاجئين عامة، والمسلمين على نحو خاص، فالمهاجرون، برأيهم، هم السبب الرئيسي للأزمات التي يعيشها التكتل، والتبعية لبروكسل أفقدت الدول قدرتها على إدارة هذا الملف. (الشرق بلومبرج).

إن ثمة وجه عنيف لليمين المتطرف يهدد القيم الأوروبية، ويستدعي عملًا حكوميًا لمواجهته خارج أروقة السياسة، والدولة الأكثر وضوحًا في هذه المعركة اليوم هي ألمانيا التي أعدت وزيرة داخليتها نانسي فيزر، خطة من 13 بندا لمكافحة التطرف اليميني، تتضمن تفكيك شبكاته، وتجفيف موارد تمويله، وسحب الأسلحة من مؤيديه.

وهو ما ذكرته بالفعل، حكومة برلين، قائلة إن كبار أعضاء حزب “البديل لأجل ألمانيا” AFD حضروا مؤخرا اجتماعا مع “النازيين الجدد”، يناقش خططا سرية لترحيل المهاجرين، منوهة بأن موظفين في الدولة كانوا بين المجتمعين، وما يجمع تيارات اليمين المتطرف يشكل أكبر تهديد للبلاد في الوقت الراهن، ولا يمكن تجاهله مهما كانت الاعتبارات.

ومن الواضح أن خطة وزيرة الداخلية قد وضعت خطة منذ ما يزيد على العام، ولكنها بقيت حبيسة الأدراج بسبب تفاهمات سياسية بين الأحزاب، إلا أن التظاهرات الكبيرة التي شهدتها البلاد مؤخرًا ضد اليمين المتطرف، أعطت الحكومة الضوء الأخضر لإحياء الخطة وملاحقة اليمينيين المتطرفين.

وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن أكثر من 38 ألف ألماني ينتمون إلى تيارات اليمين المتطرف في البلاد، منهم 14 ألفًا يصنفون كأشخاص عنيفين، ذلك أن جهود الحكومة لمحاصرة هؤلاء ومنعهم من ارتكاب أعمال عدائية، جاء متأخرا، كما تتحدث تقارير محلية مختصة في الداخل الأوروبي. (الشرق بلومبرج).

مشكلات محلية أمام الحكومات الوسطية في أوروبا:

إن أبرز المشكلات والقضايا التي تواجه الحكومات الوسطية في أوروبا حاليًا، تتمثل في اتساع رقعة التأييد الشعبي لليمين المتشدد رغم عدائيته، والانتخابات المحلية والبرلمانية التي جرت في دول التكتل خلال الأعوام القليلة الماضية، تؤكد ذلك وتعزز المخاوف العامة من سيطرة الشعبويين على القرار السياسي في مؤسسات بروكسل خلال سنوات قليلة.

وعلى سبيل المثال في بولندا، تصدّر حزب “القانون والعدالة” الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي بنسبة 35.38%، وفي الشهر نفسه تصدّر اليمينيون في سلوفاكيا وشكلوا الحكومة، وفاز حزب “البديل لأجل ألمانيا” نهاية العام الماضي بأول رئاسة لبلدية مدينة، وتتوقع استطلاعات الرأي، أن يتصدر انتخابات ولايتي تورينجيا وساكسونيا المقبلة.

وفي فرنسا، حصلت زعيمة حزب “التجمع الوطني” مارين لوبان على 41.8% من الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2022، وفي العام نفسه فاز حزب “فيدس” بزعامة فيكتور أوربان بانتخابات المجر، كما ترأست زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” جورجيا ميلوني الحكومة في روما.

وفي السويد، حصل حزب “ديمقراطيو السويد” على 73 مقعدا في انتخابات برلمان ستوكولهم قبل عامين، أما في فنلندا، فتمكّن التحالف اليميني من الوصول للحكومة في أبريل 2023، وبعدها بأشهر حصل الحزب الشعبوي بزعامة ألبرتو نونييس فيخو، على أكبر كتلة في الانتخابات التشريعية المبكرة التي شهدتها إسبانيا خلال يوليو الماضي.

أسباب اقتصادية ودينية لدى المتطرفين:

يُعتقد أن تمدد اليمين المتطرف إلى النقمة الشعبية ما يراه من وجهة نظره في فشل السياسات الرسمية في معالجة أزمة اللجوء في القارة العجوز. ووفق تقرير، يرى المتطرفون أن الخشية من تغيّر المجتمعات الأوروبية ديموجرافيا ودينيا، نتيجة لازدياد أعداد المهاجرين، وهو ما يستغله اليمين المتطرف في حشد الرأي العام خلف توجهاته، مشددًا على أن جماعات هذا التيار توظف جميع المشكلات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يعيشها التكتل في سياق دعايتهم ضد اللاجئين. (الشرق بلومبرج).

بالطبع لقد زاد حضور اليمين المتطرف في دول الاتحاد الأوروبي بعد حرب روسيا في أوكرانيا، وما جلبه من مشكلات اقتصادية كبيرة للقارة العجوز، أثرت على المواطن والشارع الأوربي والأهم أن الشعبويين يطرحون حلولا للأزمات لا يمكن تطبيقها، ولكنها تنطوي على دعوة جذابة للعودة إلى مرحلة مزدهرة قبل وقوع المشكلات.

لقد بدا واضحًا ما يشكله اليمين المتطرف من خطرًا داهما على مستقبل أوروبا وهو ما تراه الحكومات الوسطية هناك، فهي ترى أن الشعبويين مستبدون تأتي بهم الانتخابات، ومع مرور الوقت سيتحول التكتل من الديمقراطية المفتوحة إلى “استبدادية الأكثرية” التي سوف تعرّض حقوق الأقليات للخطر، وتعبث باستقلال القضاء والتوازنات السياسية في الاتحاد الأوروبي.

توسع مستمر للأحزاب اليمينية المتطرفة:

كما أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في دول أوروبا توسعت تدريجيًّا حتى دخلت إلى البرلمانات المحلية، ومن ثم وسَّعت حضورها حتى باتت تشارك الأحزاب الكبرى السلطة عبر التحالف مع الفائزين بأكثرية لا تسمح لهم بتشكيل الحكومات، أما المرحلة الثالثة، فستكون بتحولهم إلى أحزاب كبرى.

لذا ترى الحكومات الأوروبية حاليًا عموم وفي ألمانيا خاصة، أن تمدد الشعبويين في المشهد السياسي بدأ نهاية الألفية الماضية، ولكن ملاحظته والتدقيق في اتساعه لم يرق إلى المستوى المطلوب، وهو ما تسبب في تحوله إلى حراك خطير. (الشرق بلومبرج).

وبالتالي وصل حزب “الحرية” النمساوي الذي فاز بـ27% من الأصوات في انتخابات البرلمان قبل 25 عامًا ودخل الحكومة، كما وصلت ماري لوبان، زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية، أو التجمع الوطني كما يسمى اليوم إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في فرنسا منافسا لجاك شيراك عام 2002.

وذكرت تقارير أوروبية: أن معارضة الهجرة والإسلام والاتحاد الأوروبي، وحَّدت أحزاب اليمين المتطرف في القارة العجوز لسنوات طويلة، ثم ظهرت أسباب أخرى تتعلق بالحروب الثقافية، والحرب الأوكرانية، وحقوق الأقليات، ومعالجة أزمة المناخ التي تفرض الحكومات على الناس من خلالها تنازلات تحاصر اقتصادهم، وتزيد كلفة المعيشة عليهم.

هل يسيطر اليمين المتطرف على الانتخابات البرلمانية الأوروبية؟

لقد بات الناخبون في دول الاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضوًا على موعد مع الانتخابات الأوروبية في شهر يونيو المقبل من أجل اختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي. الأحزاب السياسية الرئيسية أطلقت حملتها وأعلنت عن رؤساء قائماتها، بينها في فرنسا “التجمع الوطني” اليمين المتطرف الذي سيقود جوردان بارديلا معركته الانتخابية.

وتشير الاستطلاعات والتقارير حاليًا إلى أن أحزاب اليمين المتطرف ستكتسح العديد من الدول في هذه الانتخابات. حيث أطلقت العديد من الأحزاب السياسية الفرنسية حملاتها لاستقطاب الناخبين وإقناعهم بأهمية هذا الموعد السياسي، ومنهم حزب التجمع الوطني “اليمين المتطرف” الذي قد بدأ بالفعل حملته منذ أيام قليلة من مدينة مرسيليا جنوب شرق فرنسا حيث نظم تجمعا شعبيا شاركت فيه مارين لوبان ورئيس الحزب جوردان بارديلا.

كما اختار حزب “النهضة” الذي كان قد أطلقه الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون عام 2016 تحت مسمى “الجمهورية إلى الأمام”، مدينة ليل في الشمال الفرنسي لينظم أول تجمع انتخابي في 9 مارس بمشاركة رئيس الحكومة غابرييل أتال وفاليري هاير التي ستترأس القائمة.

ويأتي هذا الموعد السياسي المهم في وقت تشهد الأحزاب اليمينة المتطرفة تقدما ملحوظا في العديد من الدول الأوروبية، الأمر الذي ينذر بحدوث تغييرات عميقة في صفوف البرلمان الأوروبي الذي يضم 720 عضوا من 27 دولة أوروبية، فعلى سبيل المثال، ألمانيا سيمثلها 96 عضوًا، فرنسا 81 وإيطاليا 76 (فرانس 24).

تقدم كبير لليمين والأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي:

تشير استطلاعات مبدئية، سواء كان في فرنسا أو في النمسا أو في بولندا أو في دول أوروبية أخرى، إلى فوز أحزاب اليمين المتطرف في تسع دول، كما ستحتل أحزاب يمينية متطرفة أخرى المرتبة الثانية أو الثالثة في تسع دول أخرى، وفق هذه التقارير، وهو ما ذكره تقرير عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه في حال تحقق هذا السيناريو، فسيرتفع عدد نواب معسكر اليمين المتطرف داخل البرلمان الأوروبي من 127 نائبا حاليًا إلى 180 أو أكثر.

وبالتالي، فإن ارتفاع عدد النواب من اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي سيكون له تأثير على العلاقات التي تربط الكتل الحزبية اليمينية المتطرفة فيما بينها، وعلى سبيل المثال: تضم المجموعة الأولى كل من حزب “العدالة والحق” البولندي وحزب “فراتيلي” (إخوة إيطاليا) الذي تتزعمه رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، وتضم المجموعة الثانية كلا من حزب “التجمع الوطني” الفرنسي والرابطة الشمالية الإيطالية بقيادة ماتيو سالفيني، إضافة إلى حزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي يتزعمه ماكسيمليان كراش. (فرانس 24).

لذا، تشير بعض التوقعات إلى إمكانية حصول المجموعة الأولى من الأحزاب على عدد أكبر من المقاعد لتصبح ربما القوة السياسية الأولى في معسكر اليمين المتطرف بالبرلمان الأوروبي، وقد يشهد 9 يونيو المقبل عند نهاية عملية فرز الأصوات صعودا قويا لليمين المتطرف في البرلمان الجديد وسيرتفع عدد النواب المناهضين للاتحاد الأوروبي.

صعود اليمين المتطرف وتأثيره على ملف الهجرة:

تخشى حكومات الاتحاد الأوروبي من خطر صعود اليمين في الانتخابات المقبلة، وتأثيرها على ملف المهاجرين وانتهاك الحريات بشأنهم، وبالرغم من التصويت على غالبية القوانين تتم وفق التحالفات الحزبية؛ إلا أن البرلمان الأوروبي تسيطر عليه تاريخيًّا أحزاب الوسط المتكونة من الحزب الشعبي الأوروبي (اليمين) والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (اليسار) إضافة إلى حزب اليمين الجديد (وسط يمين) الذي انضم إلى هذه الكتلة الحزبية في 2019(فرانس 24).

وتمثل هذه الأحزاب الثلاثة 60% من مقاعد البرلمان، لكن بات من المؤكد أن هذا التحالف سيفقد عددا كبير من المقاعد لصالح اليمين المتطرف، الأمر الذي سيجعل كفة البرلمان الجديد تميل نحو اليمين. وإذا تحققت هذه النتائج على أرض الواقع، فسنشهد تشددا كبيرا في سياسات الهجرة، كما سيكون من الصعب على البرلمان الأوروبي فرض عقوبات على بعض الدول الأعضاء التي لا تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة.

خطوات الاتحاد الأوروبي المقبلة بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية:

بالطبع، إن تشكيلة السياسة الأوروبية المقبلة خصوصًا في حال صعود أحزاب اليمين المتطرف ستؤثر على مجريات الحرب في أوكرانيا، والعلاقة مع روسيا وعلى مستقبل سياسة الدفاع الأوروبي المشترك وحتى على مسألة إمكانية ضم دول جديدة للاتحاد أو استحالة وصعوبة ذلك.

لقد تعالت أصوات تطالب منذ الآن إلى الاعتماد على ما يسميه بـ”اقتصاد الحرب”، ويأتي هذا في وقت يتهيأ فيه الاتحاد الأوروبي إلى النظر في إمكانية استمرار تقديم المساعدات المالية لكييف أو تقليصها، كما سيطرح موضوع الدفاع الأوروبي المشترك على طاولة المحادثات؛ خاصة بعد ما أكد دونالد ترامب أن الولايات المتحدة لن تحمي وتدافع عن الدول الأوروبية قبل أن تدفع لها الثمن (فرانس 24).

وبالتالي فهناك تحديات كبيرة أمام الاتحاد الأوروبي في تشكيله الجديد ومنها أن يفصل في ملف انضمام كلٍّ من: أوكرانيا ومولدوفا إلى صفوفه من جهة، وفي علاقاته مع روسيا من جهة أخرى، فإمكانية دخول عدد كبير من النواب الموالين لموسكو قد يغير السياسة الخارجية للبرلمان.

ومن المتوقع ألا يكون لهذه الانتخابات تأثير كبير على الحرب بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية وحركة حماس، خاصة وأن البرلمان صادق في 18 يناير على قرار يدعو فيه إلى وقف إطلاق نار فوري (فرانس 24).

حزب البديل في ألمانيا.. هل تتحول أوروبا إلى اليمين؟

لقد تصاعدت شعبية “حزب البديل من أجل ألمانيا”، وتزايدت مؤشرات اتساع القاعدة الانتخابية للحزب، وذلك من حيث عوامل زيادة شعبيته، وبرامج الحزب ومشاريعه؛ بالإضافة إلى نظرياته اليمينية المتطرفة، خاصة نظرية “الاستبدال العظيم”.

أصبح الحزب اليميني المتطرف راسخًا بقوة في المشهد السياسي الألماني، حيث وضع نفسه كحزب قوي بين الأحزاب الألمانية، وبات له حضور قوي في أغلب الولايات الألمانية. ويرفض حزب البديل من أجل ألمانيا جميع سياسات الحكومة الألمانية السياسية تقريبًا، فعلى المستوى الألماني يطالب الحزب بتقييد الهجرة وعدم السماح بعمليات لم الشمل العائلي للمهاجرين، وعلى المستوى الأوروبي يطالب بحل منظم للاتحاد الأوروبي وإنشاء مجموعة اقتصادية أوروبية جديدة.

تقدم حزب البديل اليميني في مدينة براندنبورغ:

تقدم حزب اليمين المتطرف في مدينة برانندبورغ على جميع الأحزاب الأخرى للمرة الأولى في الانتخابات الماضية، ويعد حزب البديل من أجل ألمانيا الآن أقوى حزب في استطلاعات الرأي في أربع ولايات اتحادية، وهي متقدمة بالفعل في تورينغيا 32%، وساكسونيا 35% وميكلنبورغ – فوربومرن 29%. وقد تزايدت الضغوط في براندنبورغ على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يتولى السلطة منذ أكثر من 30 عامًا، وسوف تصل النسبة إلى 20% فقط، أي: أقل بنقطتين مئويتين عما كانت عليه في الاستطلاع السابق.

ما هي نظرية “الاستبدال العظيم”؟

إن نظرية “الاستبدال العظيم” من وجهة نظر البديل المتطرف تعني أن أغلبية السكان الأوروبيين البيض، قد أصبحوا معرضين للخطر؛ بسبب تنامي قدوم المهاجرين من المسلمين وأصحاب البشرة السمراء إلى أوروبا؛ كما أن جوهر نظرية المؤامرة هذه هي: أن شعوب أوروبا تنقرض، ويتم استبدالها بمهاجرين بثقافة مختلفة أدنى منزلة وخطيرة.

وجزء من هذه النظرية هو: أن الدول والشركات تشجع الإبادة الجماعية للبيض من خلال رفع معدلات الهجرة؛ لمجرد الحفاظ على الرأسمالية العالمية؛ لذا حذرت تقارير أمنية في ألمانيا من انتشار نظريات مؤامرة يمينية متطرفة في الاجتماع الذي عقده حزب البديل من أجل ألمانيا في مدينة ماغديبورغ للإعداد لانتخابات البرلمان الأوروبي.

برامج حزب البديل المتطرفة.. أبرزها منع الحجاب وتدريس الإسلام:

تتضمن وثيقة مشروع برنامج الحزب مستويين، فعلى المستوى الأوروبي يطالب الحزب بحل منظم للاتحاد الأوروبي وإنشاء مجموعة اقتصادية أوروبية جديدة، أي إنشاء اتحاد الأمم الأوروبية بدلًا منه.

ويرى الحزب أن القرار حول انضمام ألمانيا إلى مجموعة أوروبية جديدة يتم تأسيسها بدلًا من الاتحاد الأوروبي، يجب أن يتم اتخاذه على أساس نتائج الاستفتاء العام. وعلى المستوى الداخلي، يتضمن البرنامج تقييد الهجرة وعدم السماح بعمليات لم الشمل العائلي للمهاجرين الموجودين في ألمانيا والالتزام بنسبة ثابتة لترحيل اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، كذلك منع ارتداء الحجاب في المدارس العامة والجامعات، وحظر النقاب كليًا في الأماكن العامة بمنع المآذن وصوت الآذان؛ بالإضافة إلى منع تدريس الإسلام في المؤسسات الحكومية؛ كما يتبنى برنامج الحزب نزع الجنسية الألمانية من المجرمين من أصول أجنبية وتغيير المادة (16) من الدستور الألماني، التي تمنع أن يكون الشخص بدون جنسية.

بجانب ذلك: يدعو برنامج حزب البديل من أجل ألمانيا إلى انتخاب الرئيس، وأن تكون مدة عضوية أعضاء البرلمان والحكومة محدودة وإنهاء العقوبات ضد روسيا وتعميق التعاون الاقتصادي معها. يطالب الحزب بإلغاء الضريبة على الميراث وتسهيل النظام الضريبي بوضع حد أقصى للضرائب.

اليمين المتطرف في ألمانيا وعوامل صعود حزب البديل:

لقد وافق حزب البديل من أجل ألمانيا على الانضمام إلى حزب الهوية والديمقراطية الأوروبي في 28 يوليو 2023، وهو مجموعة متحالفة أيديولوجيًا معه على المستوى الأوروبي.

ويزعم الحزب -أو هكذا يرى- أن الاتحاد الأوروبي كيان غير ديمقراطي غير قادر على الإصلاح، وأن الانضمام إلى حزب الهوية هو نهج جديد لمحاربة عدم كفاءة الاتحاد الأوروبي من الداخل، وبالتعاون مع الحلفاء من دول أخرى.

يتواجد الحزب في البرلمان الألماني “البوندستاغ” منذ عام 2017، وهو ممثل في (15) برلمانا من برلمانات الولايات الـ(16) في الولايات الغربية، لم يحتفظ الشعبويون اليمينيون بقوتهم في الانتخابات كما هو الحال في الولايات الشرقية. ويعتبر حزب البديل من أجل ألمانيا أكثر تكوينا في الولايات الشرقية من الولايات الغربية؛ إذ لم يجد البديل الألماني أي إستراتيجيات فعالة لتعبئة الأصوات عندما لا تكون قضية الهجرة على جدول الأعمال؛ بالإضافة إلى الاختلافات القوية بين الشرق والغرب، هناك أيضًا اختلافات كبيرة وغالبًا ما يتم تجاهلها بين الشمال والجنوب.

تحديات الحكومة الألمانية أمام تصاعد شعبية حزب البديل:

تواجه الحكومة الألمانية تحديًا كبيرًا أمام تصاعد شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا، وتزايدت مؤشرات اتساع القاعدة الانتخابية للحزب، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل وأسباب؛ من بينها: عدم وجود إستراتيجية واضحة من جانب الأحزاب المعتدلة والديمقراطية، كذلك نشر نظريات المؤامرة واستغلال الأزمات، لاسيما أزمة الطاقة وغلاء الأسعار والتضخم بسبب الأزمة الأوكرانية، وتحويلها إلى مواد انتخابية لاستقطاب أعضاء جدد.

أسباب تنامي شعبية حزب البديل في ألمانيا بين الطبقات الاجتماعية:

في يوليو 2023 حصد حزب البديل من أجل ألمانيا الأكثر شعبية في البلاد، حيث حصل على (21%) من الأصوات، في حين حصل الاتحاد الديمقراطي المسيحي وشريكه الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي على (25%) من الأصوات. حيث حذر نشطاء في أوروبا من الاستمرار في إدراك أن انتخاب حزب البديل هو مجرد احتجاج، وهنا تكمن خطورة الوضع على مستقبل المواطن الأوروبي بحسب نشطاء؛ كما يرى البعض أنه قد ترسخت في قطاعات من المجتمع مواقف معينة لا يمكن قبولها ولا تتفق مع المبادئ الديمقراطية، وبالنظر إلى النسب العالية التي حصل عليها حزب البديل في استطلاعات الرأي وإلى انتخاب سياسي بالحزب في دائرة زونيبرغ بولاية تورينغن -على سبيل المثال-، فهو يرسخ لجماعة راديكالية ناجحة.

التحديات المترابطة أمام الحكومة الألمانية:

لذلك، تتعامل الحكومة الألمانية مع اثنين من أكثر التحديات إلحاحًا التي تواجه البلاد، وقد تبيَّن أن أحدهما متصل بالآخر؛ وهما: تصاعد اليمين المتطرف والانحدار الديموغرافي طويل المدى.

يتسم التحدي الأول بأنه الأكثر إلحاحًا؛ إذ صار البديل من أجل ألمانيا أكبر قوة سياسية في العديد من ولايات شرق ألمانيا وتصل شعبيته إلى ناخبين جدد. ويتبنى العديد من الناخبين الألمان -خاصة في شرق البلاد- وجهات نظر عنصرية، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل إلى وجود مؤشرات على اتساع القاعدة الانتخابية لحزب البديل الأكثر تطرفًا؛ إذ إن ناخبي الحزب اليميني الشعبوي ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى، وأنهم ليسوا محصورين في الطيف الذي يطلق عليه الطيف المحافظ الذي يشعر بالحنين إلى الماضي بين الطبقة الوسطى، بل يمتد إلى الطيف الذي يسمى بالبراغماتي التكيفي في إشارة إلى فئات المجتمع التي تغير ولاءاتها السياسية حسب ظروف كل مرحلة. وبالتالي: فقد أصبح أن يضم برلمان الاتحاد الأوروبي سياسيين من حزب البديل من أجل ألمانيا يمثلون مواقف لا تتوافق مع النظام الأساسي الديمقراطي الحر.

عدم وجود إستراتيجية واضحة من جانب الأحزاب المعتدلة:

فقد علل نشطاء أوروبيون: أن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا يرجع إلى تنامي عدم وجود إستراتيجية واضحة من جانب الأحزاب المعتدلة والحكومة الألمانية؛ بالإضافة إلى إشاعة الحزب الخوف والكراهية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة خلال استغلال الأزمات لا سيما أزمة الطاقة وغلاء الأسعار والتضخم، وتحويلها إلى مواد انتخابية لجذ العديد من الأصوات الانتخابية. (المركز الأوروبي).

لذا نخلُص في هذا البحث إلى أن حزب البديل قد نجح في اللعب على مشاعر المواطنين بسبب أزمات كثيرة ومحققة يئنّ منها المواطن هناك، نتيجة في الاستفادة من قصور الائتلاف الحاكم في مجالات مختلفة، أبرزها: المخاوف المرتبطة بكُلفة التدفئة، وتبنيه مشروع حزب الخضر لحظر التدفئة بواسطة الطاقات الأحفورية اعتبارا من عام 2024، وهو طرح يلقى معارضة حتى داخل الائتلاف الحاكم من قبل الليبراليين.

ومن أهم النقاط التي يمكن أن نخُلص إليها أيضًا في صعود حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني بهذه الوتيرة المقلقة للحكومة الألمانية، هو معارضته للدعم العسكري الباهظ لأوكرانيا ودعوته لبدء مفاوضات سلام لإنهاء الأزمة الأوكرانية، وعودة المصانع المتوقفة، لاسيما مصانع الحديد والصلب التي توقفت بسبب نقص الوقود وتأثير ذلك على المواطن الأوروبي، وتأييده لمنع تدفق المهاجرين.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير، أن مستقبل الاتحاد الأوروبي بات مهددًا بشكل واضح وكبير؛ نتيجة صعود أحزاب اليمين المتطرفة وتصاعدها بشكل أكثر في ألمانيا.

– يرى حزب البديل اليميني المتطرف في ألمانيا أن فكرة إنشاء الاتحاد الأوروبي في الأساس كانت خطأ وغير مجدية ويجب أن تخرج ألمانيا منه؛ أسوة بالمملكة المتحدة، ويتبنى ذلك في مشروعه الانتخابي وفي جميع مؤتمراته.

– لقد ساهمت بعض الأزمات، ومنها: جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية والدعم الأوروبي اللامحدود لأوكرانيا إلى تصاعد فكرة خروج ألمانيا من الاتحاد وتبنى حزب البديل مشروع وقف الدعم فورًا والدعوة إلى مفاوضات سلام مع روسيا؛ لا سيما أنه يرى أن استمرار الدعم لكييف والعقوبات لم تعد تُجدِ منفعًا مع روسيا، خصوصًا بعد ما أغلقت أوروبا بعض المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، على خلفية وقف إمدادات الغاز والنفط الروسيين.

– إن نظرية “الاستبدال العظيم” الذي يتبناها حزب البديل المتطرف في ألمانيا تعني أن أغلبية السكان الأوروبيين البيض، قد أصبحوا معرضين للخطر بسبب تنامي قدوم المهاجرين خصوصًا من المسلمين وأصحاب البشرة السمراء إلى أوروبا، وبالتالي يروق له أن شعوب أوروبا سوف تنقرض.

– ومما يدعم فكرة حزب البديل في ألمانيا وباقي الأحزاب اليمينية الأخرى في القارة الأوروبية هو حال صعود دونالد ترامب لسدة الحكم، والذي أعلن عن انسحاب الولايات المتحدة من حلف “الناتو”؛ لأنه يكلفها مليارات الدولارات سنويا للدفاع عن أوروبا وأنه يحميها من روسيا، وبالتالي قد تكون بداية لتفكك أو خروج دول من الاتحاد.

– كذلك ترى الحكومات الوسطية الحالية في أوروبا أن حزب البديل المتطرف في ألمانيا، والأحزاب اليمينية الأخرى في باقي دول القارة، يعتبروا سيئي السمعة وينتهكون للحريات، وسيكون لهم تعاملات ربما تكون غير آدمية أو حقوقية مع المهاجرين، وخصوصًا من المسلمين، حيث حظر النقاب كليًّا في الأماكن العامة ومنع المآذن وصوت الآذان، ومنع تدريس الإسلام.

– بالأخير.. إذ استمر صعود الأحزاب المتطرفة في أوروبا مثلما هو الحال في ألمانيا وبعض دول الاتحاد، وكذلك حال عودة ترامب للحكم، ربما ستكون النواة في حدوث زلزالا قد يضرب بعض دول أوروبا، لاسيما بعد تلاقي رغبة ترامب وأوروبا أيضا في حلّ حلف شمال الأطلسي.

المصادر:

– الشرق بلومبرج.

– الأهرام.

– فرانس 24.

– المركز الأوروبي.

ألمانياالاتحاد الأوروبيالبرلمان الأوروبياليمين المتطرفبريطانيا
Comments (0)
Add Comment