تداعيات الصراعات الإقليمية على الأمن القومي المصري… ليبيا غربًا والسودان جنوبًا

تداعيات الصراعات الإقليمية على الأمن القومي المصري… ليبيا غربًا والسودان جنوبًا

تمتلك الدولة المصرية شعبًا كبيرًا وذكيًّا يعي جيدًا ما يحاك من مؤامرات ضد الدولة، كما تمتلك جيشًا قويًّا يُعد من أكبر الجيوش بالمنطقة، فعلى المستوى الشعبي يدرك المواطن تمامًا كل تلك المؤامرات التي تحاك ضده، سواء في الخفاء أو العلن، وكيفية صناعة الصراع على حدود الدولة شرقًا وغربًا وجنوبًا، ولكن المواطن يتصدَّى لها ولا يزال بوعي ويقظة، كما يلتف خلف قيادته السياسية؛ برغم الصعاب والمعاناة التي يعيشها في ظل الظروف الدولية والإقليمية الراهنة.

ولقد كانت الدولة المصرية وشعبها بكافة أطيافها عصيَّة على المؤامرات التي تحاك بها داخليًّا من قِبَل العدو وأجهزة الاستخبارات العالمية، التي فشلت في زعزعة الاستقرار في الداخل، فذهبت تصنعه بالدول المجاورة للنيل منها من جهة، ولتسلل المتطرفين إلى الداخل المصري وتهديد استقراره من جهة أخرى، ولمَ لا وتظل مصر عمقًا جغرافيًّا ومطمعًا لبعض دول العالم، فهي ذات نطاق إستراتيجي وجغرافي كبيرين، حيث تربط بين قارتي: آسيا وإفريقيا، كما أن بها ممرًا ملاحيًّا لا يزال هو الأهم والأبرز حول العالم الذي يربط بين البحرين المتوسط والأحمر، عند محافظتي: بورسعيد والسويس؛ كلها عوامل جعلتها محط أنظار العالم.

من هنا لا يهنأ المتربصون بمحاولة زعزعة أمنها، إما من خلال العبث بمقدراتها داخليًّا، وهو ما يقظت له الدولة بأجهزتها، والعديد من القوى السياسية والحزبية، أو من خلال حدودها الغربية والجنوبية، فمصر تمتلك حدودًا طويلة بجهة الغرب مع ليبيا تقدر بـ 1,115 كم، كما تحدها من الجنوب مع السودان حدود يبلغ طولها نحو 1276 كيلومتر، هذا بجانب المصاهرة وحركة التنقل الدائمة بين محافظة أسوان مباشرة مع السودان.

ولكن دعنا عزيزي القارئ: أن يجيب لكم مركز “رواق” للأبحاث والدراسات عن بعض الأسئلة المهمة، والتي يجب أن ينتبه لها كل عربي، وهي:

لماذا لم يتوقف النزاع في ليبيا في ظل استنزاف ثورات البلاد كل هذه السنوات؟

كيف نجحت أمريكا في تشريد الملايين في سوريا واستحواذها وحدها على “ثلث الدولة”، وخصوصًا على الأماكن المنتجة للنفط؟

هل ما يجري في السودان هي صراعات داخلية فقط أم بأيادي ومخططات غربية قديمة وحديثة؟

كيف هندسَ الغرب وإسرائيل الصراع في السودان ليطفو على السطح بهذا الشكل؟

ما خطط الغرب لتقسيم السودان إلى دويلات صغيرة حتى لا ينعم شعبه بثروات البلاد؟

وقبل هذا وذاك ماذا يُراد بالدولة المصرية… ولماذا تأجيج الصراعات من حولها شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا؟

إن المؤامرة الكبرى التي يتعرَّض لها السودان الشقيق من قِبَل الكيان الصهيوني، الذي يستهدف إثارة الأزمات الداخلية وزرع الفتن القبلية والقلاقل، ذلك الذي يُمهد لتقسيمه إلى عدة كيانات أو دويلات؛ أسوة بما حدث في جنوب السودان، وفي تقديري الشخصي: أن إسرائيل لم تكن لتمضي قدمًا في تنفيذ هذه المؤامرة الخبيثة، دون أعوان من الداخل السوداني؛ سواء أفراد أو جماعات وهذا ما حكاه الواقع ونسمع به من سياسيين في السودان، بجانب الغطاء الأمريكي المعهود بالمنطقة في تأجيج الصراعات.

وفي ظل الأزمات المفتعلة في السودان، والتي تشكل عائقًا أمام استقرار الحكم والحياة في الخرطون والولايات المجاورة، نجد أن المخططات اليهودية والغربية تعمل على قدم وساق، وربما تسارعت وتيرتها في هذه الآونة بعد الاتفاق السعودي – الإيراني ومحاصرة المنطقة وخنقها بالأزمات، كذلك لاستهداف السعودية ومصر واليمن؛ لا سيما بعد اتخاذ العديد من الدول العربية موقفًا محايدًا تجاه الأزمة في أوكرانيا والانفتاح العربي الأسيوي، ومحاولة تقليل الهيمنة الأمريكية.

إن التهديدات القادمة من الحدود الغربية لمصر عبر ليبيا واحدة من أبرز مصادر التهديد التي تتصاعد أمام مصالح الدولة المصرية، لا سيما أن ليبيا مَرَّت مثل باقي دول الربيع العربي بمرحلة ما بعد الثورة وتداعياتها التي تعاني منها حتى اللحظة، وهي المرحلة التي شهدت ولا تزال حالة من عدم الاستقرار والتغير العشوائي على الأصعدة السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية.

ومنذ اندلاع الثورة وتعاقب الحكومات في ليبيا منذ انهيار نظام القذافي، عجزت تلك الحكومات في وضع ليبيا أو استردادها مرة أخرى من أيادي الجماعات المتطرفة والمسلحة؛ الأمر الذي تسبب في زيادة القلق المصري، بل الإقليمي والدولي لدول الجوار، وعلى رأسها: مصر، نتيجة تهريب السلاح وتسهيل دخول المخدرات أو المساعدة في الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، ودخول جماعات متطرفة، ولكن مع يقظة الشعب المصري مع الجهات المعنية نجحت في دحر ومواجهة تلك الجماعات، لاسيما يفي منطقة سيناء.

وفي ظل استمرار الصراع الليبي وتأثيره بشكل مباشر وغير مباشر على مصر غربًا، وعبر الحدود وتأثر العمالة المصرية، جاء الصراع في السودان بالجنوب المصري، ليمثِّل تحديًا كبيرًا أمام الدولة المصرية وقيادتها السياسية وكافة الأجهزة المعنية، حيث تداعياته المتصلة بعدة قضايا، منها قضية الأمن المائي مع أديس أبابا، والحدود والتبادل التجاري والاقتصادي مع السودان الذي يقدر بحوالي مليار ونصف المليار دولار خلال عام 2022. 

تداعيات تفكك الدولة الليبية:

تشكِّل الجماعات الجهادية في ليبيا، ولا تزال أبرز مشكلات المسار الانتقالي الديمقراطي في ليبيا حتى كتابة تلك السطور، خصوصًا أنها بمثابة مرآة عاكسة ليس فقط لمأزق بناء الدولة، بل لما يمثله تنامي وجودها من تأثيرات ذات طبيعة تهديدية على الأمن القومي لدول الجوار إقليميًّا ودوليًّا، وخاصة بالنسبة لمصر.

كما أن ليبيا تمثِّل بالنسبة لحدودها الشاسعة مع مصر تُعد نقطة ارتباط إستراتيجي، بحكم مرتكزات الجوار الجغرافي والتاريخ المشترك والاتصالات الاجتماعية، بالتالي يترتب علي ذلك تبعات ومصالح أمنية واقتصادية وسياسية مشتركة، وهو ما يعني أن عدم استقرار أي من البلدين يشكل تأثيرًا مباشرًا على الآخر، وبالتالي فإن تفكك السلطة في ليبيا أحدث أثرًا سلبيًّا وبالغًا للمكونات الداخلية الليبية المتصارعة، ومنها: الجماعات الجهادية المسلحة، وخطرها على الأمن القومي المصري.

خطر النزاع في ليبيا على الأمن القومي المصري:

كما ذكرنا سالفًا: أن مصر من أبرز دول الجوار الإقليمي للدولة الليبية تأثرًا بتنامي الجماعات الجهادية، وخاصة المسلحة في شرق ليبيا، لا سيما في ضوء وجود مجموعة من خطوط التشابك الجغرافي والسياسي والأيديولوجي بين التيارات في البلدين، وهو ما تسبب في زيادة ونشاط الجماعات المسلحة في سيناء ودخول السلاح قبل أن تتغلب عليها الدولة المصرية فقط خلال الأشهر الماضية، وإعلان سيناء خالية من الإرهاب بتكاتف وسواعد الشعب المصري مع جيشه وباقي الأجهزة الأمني “المركز العربي”.

لا سيما أن بعد سقوط نظام القذافي كان من الصعب، السيطرة على طول الحدود المشتركة بين مصر وليبيا؛ الأمر لعب مؤخرًا دورًا في نمو الجريمة المنظمة بأشكالها المختلفة من تهريب سلاح وتجارة مخدرات، والبشر، وغيرها، ولعل أبرز القضايا الاقتصادية التي تشتبك فيها البلدان هي العمالة المصرية التي تأثرت بشكل مباشر في ليبيا بعد استهدافها هناك من قِبَل الجماعات المسلحة.

من هذا المنطلق، لا يمكن تصور غياب مصر عن الساحة الليبية بالنظر إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ، والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين، وكلها حقائق تفرض أن تظل القاهرة لاعبًا أساسيًّا في ليبيا دفاعًا عن مصالحها الحيوية وتأثيرًا فيما تراه عمقها الإستراتيجي الذي تؤثر فيه وتتأثر به، ومن هنا فإن الجدل لا ينصب على أن يكون لمصر دور في الأزمة من عدمه، بل يتمحور حول طبيعة هذا الدور والمقاربة التي تعتمدها القيادة المصرية حاليًا في تعاطيها مع هذا الملف بكل تعقيداته السياسية ومخاطره الأمنية “المركز العربي”.

لماذا الأمن الليبي أولوية للدولة المصرية؟

– إن عامل الجغرافيا الذي يجعل من مصر لاعبًا أساسيًّا في كل ما يجري على الساحة الليبية تأثيرًا وتأثرًا؛ فمصر بحكم العلاقات التاريخية بين الشعبين، والمصالح المشتركة تملك أوراقًا كثيرة للتأثير في الساحة الليبية بقدر ما تجعلها عرضة للتأثر بما يجري فيها.

– يحظى الدور المصري بمباركة ومساندة وتأييد مؤسسات الدولة الليبية المعترف بها دوليًا والمتمثلة في برلمان طبرق والحكومة الليبية المنبثقة عنه، وهو تأييد بالغ الأهمية ويسمح لمصر بالتحرك على الساحة الليبية بشكل أكبر.

– كما تملك مصر ورقة مهمة على الساحة الليبية، وهي ورقة العمالة التي يمكن أن تستخدمها مبررًا مشروعًا للتدخل في ليبيا دفاعًا عن مصالح وأرواح مواطنيها هناك، والذين يزيد عددهم عن المليون عامل في مواجهة التهديدات والمخاطر.

– بجانب أن مصر تمتلك أحد أكبر الجيوش في المنطقة وبإمكانيات قتالية ضخمة ما يتيح له فرصة التدخل على الساحة الليبية إذا ما تفاقمت الأوضاع بشكل خطير “المركز العربي”.

كيف يؤثر التوتر في السودان على الأمن القومي لمصر؟

كما هو الحال مع الدولة الليبية غربًا، والممتدة لمئات الكيلومترات بالشريط الحدودي، تعد السودان أيضًا عمقًا إستراتيجيًّا وأمنيًّا للدولة المصرية، كما يشغل بال الكثيرين، وعلى رأسهم: الرأي العام المصري، والسياسيون، والأجهزة المعنية، لما يحدث في السودان من صراع على الحكم “الشرق الأوسط”.

فالحدود بين مصر والسودان طويلة وشاسعة للغاية، وعدم استقرار السودان يعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، وهو ما ذكرته القيادة السياسية، لا سيما وأن الجماعات المتطرفة والمسلحة تنشط في هذا التوقيت كما حدث في ليبيا، وتسللت إلى مصر عبر الصحراء الغربية، كذلك هو الحال مع الخرطوم، كما ترتبط مصر والسودان بقضايا شائكة ومشتركة ومنها أزمة سد النهضة. 

ومنذ أن تجددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، زادت المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، وبالتالي يمكن أن تؤثر على ملف سد النهضة في وقتٍ تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب “السودان ومصر “الشرق الأوسط”.

وأكد مراقبون وخبراء وَفْق صحفية “الشرق الأوسط”: أن للاضطرابات الأخيرة في السودان تداعيات على أكثر من ملف إقليمي، من بينها: أزمة “سد النهضة”، لافتين إلى أن الارتباك السياسي سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ الصيف المقبل.

وقد أنهت أديس أبابا، في يوليو 2021 المرحلة الثانية من ملء الخزان، وفي أغسطس 2022 أنهت المرحلة الثالثة، وقبل أيام أعلنت أنها انتهت من بناء 90% من السد، وسط تصاعد للأزمة مع دولتي: المصبِّ؛ بسبب عدم التوافق على الملء والتشغيل، واتخاذ أديس أبابا قرارًا منفردًا بالتصرف دون مشورة أو تنسيق مع الدولتين “القاهرة – الخرطوم”.

من جهته: أعرب الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، عن أسفه للاضطرابات التي شهدها السودان، مشيرًا إلى أن استقرار السودان يمثِّل مصلحة إستراتيجية لمصر وللمنطقة بأثرها “الشرق الأوسط”.

وأضاف في تصريحات صحفية بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”: أن أي اضطرابات يشهدها السودان ستكون لها انعكاسات عميقة على ملفات إستراتيجية حيوية، ومن بينها الأمن المائي، لافتًا إلى أن تماسك الموقف السوداني والمصري يمثِّل ضمانة حقيقية للحفاظ على الحقوق التاريخية والثابتة قانونيًّا لدولتي المصب.

بدوره: أكد الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن أحداث السودان ستؤثر مباشرة على أكثر من ملف ذي طبيعة إقليمية، ومنها ملف سد النهضة؛ لا سيما مع اقتراب الملء الرابع، والذي من المتوقع أن يكون الأكبر من حيث كمية المياه التي تنوي إثيوبيا احتجازها؛ الأمر الذي يلقي بأعباء إضافية على القاهرة في إدارة هذا الملف الحيوي.

وأضاف عبد الوهاب بحسب صحيفة الشرق الأوسط: إن أي احتجاجات أو تحفظات سودانية على قرار السلطات الإثيوبية ستكون شبه منعدمة في ظل الاضطراب الداخلي؛ إضافة إلى ما يمكن أن تحدثه الاشتباكات العسكرية من تأثير على ملف النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا “الشرق الأوسط”.

تداعيات الصراع في السودان على مصر:

تراقب الدولة التي تجاور السودان من جهة الشمال، ذات الحدود الطويلة مع الخرطوم، وبالتالي تجد الدولة المصرية نفسها في معضلة، على الرغم من أنها قد تتحمل أكثر من غيرها فاتورة صراع قد يطول بين الجهات المتشابكة هناك.

 “بي بي سي”:

تقف أجهزة الدولة المصرية على مسافة واحدة من كلا أطراف الصراع الجيش السوداني، في حين يرجح مراقبون وسياسيون أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” يلقى تأييد أكثر من دولة في المنطقة.

وتستضيف مصر نحو خمسة ملايين سوداني فروا من ويلات الفقر والقتال، وهناك اتفاقية لحرية الحركة بين البلدين، والتي تسمح للمواطنين من الجانبين بالتنقل بينهما في الاتجاهين للإقامة والعمل، وليس من الصعب ألا نلاحظ الزيادة الكبيرة في أعداد الأشقاء السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة في الأشهر المقبلة، وهو ما بدأ بالفعل.

حيث أصبح العالم يرى بوضوح تلك الزيادة في أعداد الإخوة السودانيين في مصر، وتبقى هذه الأرقام مرشحة لزيادة كبيرة في حال استمرار القتال في شوارع السودان بين طرفي الصراع على السلطة، فالإخوة السودانيين أو العرب عمومًا على مرِّ التاريخ وفي الأزمات مُرحَّب بهم دومًا في بلدهم الثاني الدولة الشقيقة الأكبر (مصر) “بي بي سي”.

ولكن هذا ليس السبب الأوحد الذي يجعل إرساء السلام والاستقرار في السودان قضية مهمة بالنسبة لمصر، فوجود نظام ضعيف في الخرطوم أو ظهور نظام سياسي بديل معادٍ قد تكون له تداعيات خطيرة على الدولة المصرية.

وتعد مصر السودان حليفان لا يمكن الاستغناء عنهما في نزاعهما الطويل مع إثيوبيا حول سد النهضة المثير للجدل، حيث وصفت القيادة المصرية مشروع الطاقة الكهرومائية العملاق على النيل الأزرق بأنه تهديد وجودي؛ نظرًا لما ينطوي عليه استكماله من احتمالات التحكم في تدفق مياه النيل إلى مصر، التي تُعد العامل الأكثر أهمية لحياة المصريين.

كيف يتأثر التبادل التجاري بين مصر والسودان؟

بالطبع سيواجه التبادل التجاري بين القاهرة والخرطوم، مشكلة كبيرة؛ لا سيما بعد نشوب صراع مسلح بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، وما تبع ذلك من توقف معظم الأنشطة الاقتصادية والتجارية بالبلاد.

وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد سجَّلت قيمة التجارة بين مصر والسودان ارتفاعًا بنسبة 18.2% خلال عام 2022، لتبلغ 1.434 مليار دولار في مقابل 1.212 مليار دولار خلال عام 2021.

ويستحوذ السودان على 13.2% من إجمالي قيمة التبادل التجاري بين مصر والقارة الإفريقية، حيث بلغت صادرات مصر للسودان نحو 929 مليون دولار خلال العام الماضي، بينما وصلت صادرات السودان لمصر في 2022، لنحو 504.5 مليون دولار.

علاقات بشتى المجالات بين القاهرة والخرطوم:

ووفق دبلوماسيون: فإن العلاقات بين القاهرة والخرطوم، هي علاقة متعددة ومترابطة للغاية تربطها الإخوة والعلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين؛ إذ بها تعاون في جوانب عدة: أمنية، وعسكرية، وسياسية، واقتصادية، وما يتعلق بالصحة والتعليم، محذرين في الوقت نفسه من استمرار الاقتتال؛ الأمر الذي يؤدي إلى نزوح ملايين اللاجئين والمشردين فرارًا من الاقتتال إلى دول الجوار، وعلى رأسهم: مصر.

ويرى اقتصاديون: أن ما يحدث من صراع في السودان سيكون له التأثير المباشر على النشاط الاقتصادي، وتأثر تعاملات السودان التجارية مع مصر ودول الجوار، منوهًا بأن الضرر سيقع على جميع المجالات، وليس المجال التجاري أو الاستثماري فقط، بل تأثر الصادرات المصرية أيضًا إلى الخرطوم وإلى دول القارة خلال فترة الحرب، ومِن ثَمَّ تراجع النقد الأجنبي الذي يقدر بأكثر 2.5 مليار دولار من خلال التعاون تجاري والاقتصادي مع دول القارة السمراء.

الخلاصة:

– بعد ما تم الإشارة إليه في هذا التقرير، يجب أن تبادر الدول العربية، وعلى رأسهم: مصر في إنهاء الصراع في السودان، ووقف الاقتتال هناك حفاظًا على توحد السودان، وأيضًا لعدم تمدد الصراع إلى دول الجوار، لا سيما بعض الدول “الهشَّة”.

– تقع الدولة المصرية أمام تحديات كبيرة؛ فقد فشلت الأجهزة العالمية في خرق وزعزعة الاستقرار الداخلي بها؛ فذهبت إلى الدول المجاورة للنيل منها، وأيضًا لتهديد الأمن القومي المصري… ليبيا غربًا، والسودان جنوبًا “مخططات غير مباشرة”.

– لا يمكن لدولة أن تقوم أو تقوى برأسين في الحكم كما هو الحال في ليبيا، مما يحتاج إلى وساطة وضغوط إقليمية ودولية على طرفي النزاع في السودان، لا سيما مصر والسعودية اللتان لهما علاقات كبيرة وقوية مع الأطراف المتصارعة هناك؛ وإلا سيذهب السودان وشعبه إلى الهاوية (ليبيا نموذجًا).

– في الحقيقة يجب أن نتوقف كثيرًا في الكلام المتناقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي نسب إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وإن شكك فيه البعض: ” قالت ميركل خلال القمة الحكومية بدبي عام 2021: إن الهند والصين لديهما أكثر من 150 عقيدة مختلفة، ويعيش الناس فيهما بسلام، بينما المسلمون لديهم رب واحد، ونبي واحد، وكتاب واحد، لكن شوارعهم تلونت بالأحمر من كثرة دمائهم”.

– إن فشل الاتفاق الإطاري في السودان يُبرهن على كيفية صناعة الصراع في السودان من ممثل الأمم المتحدة، وكذلك إسرائيل؛ خصوصًا بعد زيارة مسئولين من الموساد إلى الخرطوم منذ أشهر قليلة، وتلقي أحد طرفي الصراع هناك الضوء الأخضر من بعض السفراء الغربيين وفق مراقبين ومحللين قبل وقوع الخلاف بين قوات الجيش والدعم السريع بساعات قليلة.

– هناك مَن يدعم أحد طرفي الصراع من الداخل ومن بعض القوى الداخلية المنتفعة أيضًا على حساب الشعب السوداني الذي يعاني جراء هذه الأحداث؛ مما يؤكد أن التكاتف والوحدة والاصطفاف من كافة القوى المختلفة هو السبيل والملاذ لتماسك الدولة وأجهزتها.

– مصريًا، فالدولة وكافة أجهزتها المعنية والمختلفة أمام تحديات كبيرة إقليميًّا ودوليًّا، فالعدو الصهيوني على سبيل المثال يدعم بناء سد النهضة بضراوة منذ اللحظة الأولى، وله أيادٍ خفية ومعلنة مع أديس بابا للنيل من استقرار الدولة المصرية وأمنها المائي، ومحاولة تجويع المواطنين وتبوير الأراضي.

– إن الصراع الليبي غربًا وتفكك الدولة، كذلك ما يجري في السودان جنوبًا بمثابة الحصار للدولة المصرية وأمام تحديًا كبيرًا، لا سيما في ظل حدود شاسعة من الصعب تغطيتها بشكلٍ كامل، وعلى الشعب أن يدرك ذلك أيضًا ليقف بجانب قيادته السياسية.

– إن محاربة الفساد والإهمال المالي والإداري وتشجيع الاستثمار بأي بلد، يُعد من أولى خطوات تثبيت واستقرار أركان الدولة، وقطع كافة الطرق وتفويت الفرص على المتربصين، سواء من الداخل أو الخارج.

– كذلك، إن المخططات الإسرائيلية الغربية لم ولن تتوقف بعد، وذلك لمحاولة إنشاء أنظمة جديدة تحقق أهدافها، وتقسيم المنطقة، ومنها خطط إعادة تقسيم السودان إلى دويلات صغيرة، وضرب استقراره حتى لا ينعم بثرواته، النفطية، الذهب، والمعادن.

المصادر:

– المركز العربي.

– الشرق الأوسط.

– بي بي سي.

– سكاي نيوز.

– الكاتب نفسه.