الهدنة الإسرائيلية مع حماس “اتفاقات متكررة”

يترقب الفلسطينيون ما ستؤول إليه الأمور في الأيام القادمة في ظل الحديث عن التهدئة بعد سنوات عجاف عاشها قطاع غزة، وتحديدًا بعد إصرار مصر والأمم المتحدة على إخراج القطاع من أزماته الصعبة والضغط على حماس وإسرائيل لتضييق هوة المطالب قبل إتمام الاتفاق.

ويبدو أن اتفاق التهدئة المتوقع بين إسرائيل وحركة حماس قد يؤسس لمرحلة جديدة لها استحقاقاتها من قبل جميع الأطراف، لا سيما في ظل القطيعة التي يعيشها الفلسطينيون بين الضفة والقطاع.

ويرى المحلل السياسي حسن عبدو، أن قطاع غزة يعيش الآن أمام اتفاق مبادئ سيكون محل خلافات وتفسيرات مختلفة في المستقبل.”وأن وضع غزة السياسي غير واضح في هذا السياق ووجود حماس ودمجها في الفضاء الإقليمي مسألة ما زالت لم تُبحث وغير واضحة في الاتفاق، و أن هذا الاتفاق قد يحيّد قطاع غزة في صراعها من الاحتلال الإسرائيلي، ولكن ستبقى ملفات عديدة عالقة [1].

في حين يرى المحلل السياسي د. مخيمر أبو سعدة، أن دخول وفد عال المستوى من حركة حماس إلى قطاع غزة وعلى رأسهم صالح العاروري، مؤشر على الدخول في مرحلة جديدة وذلك من خلال هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي مقابل إنهاء الحصار عن غزة، وقد تكون هناك مرحلة لاحقة تتضمن صفقة تبادل أسرى؛ حيث إنه من الواضح أن إسرائيل لم تلتزم في السابق بكل ما تم التوقيع عليه، وخاصة صفقة شاليط في عام 2011، ولكنها الآن أمام ضغوط دولية وضغوط مسيرات العودة، وهو ما قد يشكل بعض الضمانات لعقد اتفاق دائم بينها وبين حماس.

ويدور الحديث عن تهدئة متوقعة بين إسرائيل وحركة حماس، تقضي بحل الأزمات الاقتصادية في غزة، ويتم تطبيقها عبر أربع مراحل، وتشمل صفقة تبادل أسرى وفتح معبري رفح وكرم أبو سالم بشكل مستمر وغير ذلك من الإجراءات، مقابل وقف مسيرات العودة والبالونات الحارقة وتقديم مرونة في بعض الملفات من قبل حركة حماس [2].

إلا أن البعض يوجه انتقادات لحماس لقبولها توقيع هدنة الخمس سنوات لكن التعليق من حماس بأن على المعترضين أن يقترحوا بديلًا عن هذا الاتفاق في ظل التبدلات الخطيرة في الخريطة السياسية للمنطقة. ويرى هؤلاء أن هذه الاتفاقية قد تكون محاولة لزيادة هوة الشقاق والخلاف بين الفرقاء الفلسطينيين إلا أن هؤلاء لا يستطيعون أن ينكروا أن العلاقة متصدعة أصلًا وما فعلته السلطة و«حماس» ببعضهما لا يحتاج إلى مبررات للقيام بالمهمة.

ويرى الداعمون لتوجه حماس الجديد أن الذين يستنكرون على «حماس» قبولها بأن مصر ترعى الاتفاق لا يدركون أنه من المستحيل تحقيق أي اتفاق من دون مصر وبالتالي هذا اتفاق الضرورة.

لماذا وضعت صلاحية الاتفاق خمس سنوات؟

لا يعرف على وجه التحديد كيف تم حساب الضمانات، وهل المدة تعبر عن اختبار  نيات والانتقال إلى مرحلة أخرى أهم لاحقًا، ربما! فإسرائيل لا تثق بـ«حماس» التي دائمًا تضع اللوم في إطلاق الصواريخ على جماعات مسلحة في غزة خارج سلطتها، ولا «حماس» تثق بوعود إسرائيل لأنها كثيرًا ما تقوم باعتقال الذين أفرجت عنهم كما تم في صفقة شاليط الشهيرة. لذا فإن البعض يرى أن مدة الخمس سنوات هي فرصة جديدة للطرفين ربما تمهد لتغييرات فلسطينية مستقبلية مهمة [3].

لكن رغم الحديث الإيجابي عن اقتراب التهدئة التي تردد أنها باتت في «الربع الأخير»، لما للوسطاء المصريين من تجارب ناجحة في هذا الشأن، يخشى سكان غزة من تطورات، تدمر جهود الوساطة، وتصعد الأمور ميدانيًا، بشكل غير محسوب.

وفي الشق الآخر من التحركات، يجري البحث بشكل معمق في ملف المصالحة، وإنهاء أزمة تطبيق الاتفاق الموقع بين فتح وحماس، حيث جرى الكشف خلال الأيام الماضية، عن قيام مصر (راعي الاتفاق)، بتقديم مقترحات جديدة لحل الخلاف القائم، والتي ربما تقابل بموافقة الفريقين، لتبدأ على الفور بعدها حال لم تطرأ تطورات كالمرات السابقة، مرحلة التطبيق الفوري، رغم اعتراض فتح والقيادة الفلسطينية العلني عما يجري من مباحثات حالية لإرساء تهدئة في غزة [4].

وفي الصدد، يقول المعلق العسكري الإسرائيلي أندريه كوجنيكوف، لـ”كوميرسانت”:

“كانت إسرائيل ولا تزال مهتمة بالحفاظ على الانقسام بين حماس وفتح. في الوقت نفسه، لا يريد محمود عباس سيطرة مدنية على غزة، إذا كانت حماس ستقرر قضايا الحرب والسلام. الاتفاق بين حماس وإسرائيل يعني، بالنسبة له، أن حماس ستحصل على حصانة وستتمكن من إعادة بناء بنيتها التحتية في الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح [5].

إن فكرة التسوية هي مسيرة تدحرجها مصر منذ عشرة أشهر، وفي مركزها إعادة السلطة الفلسطينية إلى السيطرة في القطاع، والتي هي شرط في المستقبل الأبعد لاتفاق إسرائيلي – فلسطيني.

ومن خلال متابعة مواقف حركة حماس خلال الفترة القليلة الماضية نجد تغيرًا حادثًا في استراتيجيتها، وهو ما بدا واضحًا بداية من الوثيقة السياسية الجديدة للحركة والتي تم الإعلان عنها بالدوحة خلال العام الماضي، والتي وجهت لها العديد من الانتقادات و اتهم البعض حماس بالتراجع عن موقفها في بعض القضايا والحقوق الفلسطينية المصيرية.

كذلك يمكن ملاحظة هذا التحول في السياسات و التصريحات لقادة الحركة كما هو الحال في تصريحات  يحيى السنوار  زعيم “حماس”:

لم نعد نريد السلطة في غزة، ولم تعد حماس متحمسة للخطة المصرية. و بدأ الحديث عن تسوية منفردة مع إسرائيل، مقابل شروط إسرائيل غير مستعدة لأن تسمعها مثل ميناء في غزة مثلًا.

وواقعيًا حتى الآن لا توجد تسوية أو اتفاقية مكتوبة متفق أو موقع عليها بين إسرائيل و”حماس”. أو آلية رقابة يمكن رفع الشكاوى إليها عند خرق الاتفاق، وبالتالي ما هو متاح حاليا هو تهدئة بين حماس و إسرائيل، أم هدنة قصيرة الموعد قيد الاختبار حسب تصرح إسرائيل؟ أم أنها بداية تسوية حسب ما ترنو إليه مصر والأمم المتحدة؟ أم أنها

إجراءات متناغمة تأتي في سياق ما يروج له تحت عنوان “صفقة القرن“؟!

لذا فإن كل الأجوبة متاحة ولا توجد اعتراضات واقعية على أي منها.

إجراءات متناغمة تأتي في سياق ما يروج له تحت عنوان “صفقة القرن”؟!

لذا فإن كل الأجوبة متاحة

ويبدو أن الأيام القادمة قد تحمل تطورات أخرى في هذا الملف؛ خصوصًا مع اتهام حماس للسلطة الفلسطينية بعرقلة اتفاق الهدنة مع إسرائيل!!!

 

 

 

[1] إرم نيوز

[2] إرم نيوز

[3] الشرق الاوسط

[4] القدس العربي

[5] روسيا اليوم

+