الحرب في غزة… كيف استغلت روسيا الصراع بين إسرائيل وحماس؟

الحرب في غزة… كيف استغلت روسيا الصراع بين إسرائيل وحماس؟

يبدو أن حرب غزة قد حملت رياح الشتاء مبكرًا على كييف؛ تلك التي تُقوض حركة المعدات بشكل كبير؛ نتيجة الثلوج والبرد القارص، لا سيما بالنسبة للجيش الأوكراني، ومن الواضح أن الدعم الغربي الأمريكي الذي كان لا يتوقف عن أوكرانيا من كل حدبٍ وصوب، قد بات في التأرجح أو التراجع بشكل كبير، مما سيُضعف بالطبع من موقف أوكرانيا بشدة في ساحة المعركة على الجبهة، خصوصًا بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، بجانب الغضب العارم في الشارع الأوروبي؛ نتيجة فشل الهجوم البري المضاد، وتلويح بعض العواصم الأوروبية لتقليص الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا.

كما عزز الصراع المُحتدم بين إسرائيل وفلسطين، حيث القصف العنيف الوحشي على المدنيين العُزل في غزة من مكانة روسيا على الجبهة المستعرة مع أوكرانيا، لا سيما بعد ما توجه كثير من الدعم الكبير الذي توليه الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا إلى حليفتها إسرائيل (الاحتلال الصهيوني)؛ ما يعني أن كييف باتت في مأزق، وذلك وفق مسؤولين أوكران وأوروبيين.

في هذا التقرير، سوف يفتح مركز “رواق” للأبحاث والدراسات، بعض النقاط المهمة والشائكة، وربما سيكون له السبق عبر قراءاته وتحليلاته وتوقعاته المستقبلية للصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا، وكيف استغلت روسيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سياسيًّا وعسكريًّا؟ وهل بات التخلي الغربي عن زيلنسكي وشيكًا؟ وهل تدفع الحرب على غزة أوكرانيا للتفاوض؟ وهل خسرت أمريكا حظوظها في المنطقة جراء غضب الشعوب لدعمها احتلالًا يقتل الأطفال والنساء في غزة؟ تابعونا في هذه السطور.

لقد حقق القصف الصهيوني اللا إنساني على غزة والذي يتعارض مع كافة المواثيق والقوانين الدولية بعض المكاسب للجانب الروسي، خصوصًا أنه ينذر بمخاطر كارثية، ولكن في الوقت نفسه تعتبر حركة حماس روسيا بلدًا “حليفًا مقربًا”؛ لأنها على الأقل لم تدعم الكيان المحتل إعلاميًّا أو سياسيًّا ضد حماس، بل كانت ولا تزال تدين جرائم الاحتلال، وقدمت أكثر من مشروع قانون في مجلس الأمن لوقف الحرب وحماية المدنيين، ولكن “الفيتو الأمريكي” وقف حائلًا أمام إقراره، وعلى ما يبدو أن هناك تعاونًا عسكريًّا غير مُعلن بين حماس وروسيا، والدليل أن “كتائب القسام” وقبل ساعات من كتابة هذه التقرير، قد استهدفت طائرة مروحية إسرائيلية بصاروخ “سام 18” الروسي الصُنع شمال غزة، بجانب دبابة “ميركافا الإسرائيلية” غالية الثمن؛ مما أزعج الاحتلال كثيرًا، والشيطان الأكبر “واشنطن”.

مما جعلها خلال الوساطة المصرية القطرية في الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين مقابل رهائن فلسطينيين، أن تقوم بالإفراج عن مواطنين روس بغزة دون مقابل؛ الأمر الذي يشير بالقطع إلى ما جنته روسيا من تلك الحرب الصهيونية الهمجية في غزة.

روسيا والصين.. مكاسب “الحليفتين” من حرب غزة:

أرى أن موسكو وبكين الحليفتين استطاعتا أو تحاولان خلق ما يعرف بـ”القطب الموازي” عالميًّا في مواجهة الغرب ومحاولة القضاء على “القطب الواحد” ممثلًا في واشنطن، وبالتالي تُعد الأزمة الفلسطينية حاليًا فرصة سانحة أمام زيادة النفوذ الصيني الروسي عالميًّا واستقطاب كثير من دول العالم العربي والإسلامي إلى المُعسكر الشرقي.

وبحسب مراقبين، فإن الرئيس الروسي بوتين يرى عبر وصفه ضرورة الوصول إلى العنكبوت الذي مد أطرافه في كل شبر من العالم، مشيرًا في ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة جو بايدن، ما يدلل على قرب المعركة الأكبر على زعامة العالم بين روسيا والصين (قطب أول) من طرف، والولايات المتحدة من (قطب ثانٍ)، ما قد يشير إلى احتدام الصراع بين الدول الثلاثة؛ نتيجة تراجع الموالاة أو الدعم لأمريكا وزيادة التناغم والتعاطي أكثر في القرب مع الصين وروسيا.

نعود إلى الجبهة المُستعرة بين أوكرانيا وروسيا، وهي جوهر موضوعنا في هذا التقرير، حيث بات هناك تفوقًا روسيًّا واضحًا على صعيد المواجهات في أوكرانيا خلال الأيام الماضية وبالتحديد منذ بدء الحرب على غزة، لا سيما مع ازدياد؛ بل وتفاقم وجع وآلام الدول الغربية من ارتفاع فاتورة الدعم المتوالي لأوكرانيا دون مردود قوي على الأرض، بالتزامن مع انسحاب الكفة الأمريكية صوب الكيان الإسرائيلي، والذي ألقى بظلاله على عاتق أوروبا وحدها وفي المقابل تستغله روسيا. (سكاى نيوز).

ويرى سياسيون: أن هناك العديد من الاستفادات التي جنتها روسيا من استمرار حرب غزة، على خلفية صراع تاريخي على الأرض المحتلة، وهي:

– أولًا: تراجع الضغط الإعلامي الغربي الموجه على الشعب والحالة النفسية للشعب الروسي.

– ثانيًا: تراجع قيمة الدولار أمام الروبل الروسي بشكل كبير مع اندلاع حرب غزة.

– ثالثًا: زيادة التعاون والتعزيزات القوية بين موسكو وبكين في الشرق الأوسط، وزيادة نفوذهما؛ لا سيما مع ارتفاع وتيرة كُره الشعوب العربية لواشنطن.

– رابعًا: استفادة الدب الروسي من قطْع بعض دول في أمريكا الجنوبية -ومنها (بوليفيا)- علاقاتها مع إسرائيل.

– انشغال القاتل والعدو الأكبر (أمريكا) وأوروبا بحرب غزة عن مواصلة الدعم المقدم إلى أوكرانيا.

تدعم القَتَلة.. أمريكا تخسر حظوظها في المنطقة العربية:

بجانب ما تم ذكره سالفًا، فإن هناك مكاسب أخرى لروسيا من الحرب على غزة، حيث بات لروسيا العديد من المكاسب، ويمكن القول بأن موسكو باتت لها حاضنة سياسية للانتشار وإثبات قوتها في منطقة الشرق الأوسط بالشراكة مع التنين الصيني الحليف المقرب، الذي يشكل كماشة على نفوذ أمريكا بالمنطقة الشرق أوسطية، مما ساهم في رفض وخسارة واشنطن لحظوظها في منطقة الشرق الأوسط.

وعزا عسكريون إلى نقطة مهمة، وهي نقص الأسلحة الذي كان يمثل منذ فترة طويلة مشكلة بالنسبة للقوات الأوكرانية، وفي المقابل قيام روسيا مضاعفة إنتاج الذخيرة عبر خطوط إنتاج جديدة لبعض أنظمة الأسلحة الرئيسية، ما يعني عدم استطاعة أوكرانيا تحقيق أي خطوات ملموسة ميدانيًّا في القريب العاجل في هجومها المضاد ومع دخول فصل الشتاء والبرد القارص الذي زاد من الطين بلة. (سكاى نيوز).

هل بات التخلي عن زيلنسكي وشيكًا؟ وهل تدفع حرب غزة أوكرانيا للتفاوض؟

في تقديري: أنه ليس واضحًا حتى كتابة هذه السطور أن يتم التخلي كليةً عن أوكرانيا؛ لأنها تعد حرب بالوكالة بين الغرب (أمريكا وأوروبا) من جهة، والشرق من جهة أخرى (روسيا والصين) بهدف إضعاف الدب الروسي حيث التهديد الحقيقي لواشنطن على الأقل عسكريًّا، خوفًا من التمدد في الوسط والشرق الأوروبي، وهذا ما لوح به مسئولون أمريكيون.

كما يرجح سياسيون غربيون، إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتفاقم، قد يجعل الإدارة الأمريكية وأوروبا أن تحاولان الضغط على كييف للتفاوض مع موسكو، والأخذ في الاعتبار جميع الشروط الروسية والضمانات الأمنية التي طالبت بها موسكو من قبل.

ومما لا شك فيه: أن حرب الاحتلال الصهيوني على غزة ساهم في تخفيف الضغط عن الجبهة العسكرية الروسية، مع تخفيف حدة المساعدات الغربية والأمريكية، وخلو الملعب الأوكراني أمام روسيا مما قد يعزز من فرص فرض “سلام القوة” دون أي تنازلات، كما نرى حاليًا زيادة الضغط الشعبي، بل والرسمي على واشنطن في العواصم الغربية قبل الشرق أوسطية الرافضة لسياساتها المساندة لإسرائيل وقتل المدنيين العُزل في غزة.

عسكريون يرون: أن اشتعال جبهة القتال بين روسيا وأوكرانيا، على الصعيدين في الجبهتين: الشرقية والجنوبية، حيث زيادة عداد القتلى والجرحى الأوكران بقصف روسي على خاركيف، وإحباط موسكو لعمليات أوكرانية في خيرسون، تسبب في زيادة مخالوف القادة الأوروبيين. (سكاى نيوز).

بالتزامن مع ذلك، هناك زيادة في الأصوات المطالبة في الداخل الأوكراني التي تنادي باستقالة الرئيس الأوكراني زيلينسكي وتحميله مسؤولية تدمير البلاد والبُنى التحتية؛ بسبب انصياعه وراء الغرب على حساب شعبه، لا سيما أن الرئيس الأوكراني نفسه قد أعلن شخصيًّا عن تخوفاته من صرف الأنظار الغربية عن الحرب الأوكرانية؛ نتيجة الحرب في غزة.

من جهتهم يرى مراقبون: أن واشنطن تُعد “كلمة السر” في التصعيد الكبير والتوتر في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي سيكون له تأثير مباشر على العالم أجمع، وبالأخص في حرب روسيا ضد أوكرانيا، ولكن هذا التصعيد قد لا يؤدي إلى بدء مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا في القريب العاجل.

الخلل في ميزان القوى واستغلال روسيا للصراع في فلسطين؟

نعم.. يرى مستشارون في مركز السياسات الأوكراني، أنه من الممكن أن يؤدي التحول في التركيز صوب إسرائيل إلى الحد من قدرة أوكرانيا على الحصول على الأسلحة بدرجة بسيطة ونسب متفاوتة، لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه إلى أنه سوف يحدث خلل بشكل كبير في ميزان القوى الحالي لأوكرانيا أمام الجيش الروسي.

أضافوا المستشارون الأوكران: أن عجز الأسلحة ونقص الدعم قد يعني إجراء المفاوضات أو إجبار أوكرانيا على التفاوض دون أي ضمانات مع روسيا، بل العكس نفسه، وهي الموافقة على شروط روسيا التي طلبتها من قبل ومن الممكن أيضًا أن يؤدي إلى تجميد الحرب.

هل أصبح زيلينسكي عبئًا على الغرب مع حرب غزة؟

في رأيي أن الحرب لها كُلفة كبيرة وباهظة للغاية على كافة الأصعدة الغربية والأكرانية، كما تسببت تلك الحرب في معاناة الشارع الأوروبي، وارتفاع غلاء المعيشة والتضخم وتراجع معدلات الإنتاج، بجانب توقف بعض المصانع الثقيلة، وذلك نتيجة وقف استيراد الغاز والبترول الروسيين وهو الأرخص؛ مقارنة باستيراده بأسعار مرتفعة من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني أن زيلنسكي بات عبئًا على القارة العجوز وأمريكا أيضًا التي حولت من بوصلتها صوب الكيان المحتل “إسرائيل”. (سكاى نيوز).

كما تسببت الحرب على غزة في إجبار الولايات المتحدة الأمريكية الشرير الأكبر، ترك حليفها، زيلينسكي، في مأزق شديد، حيث أعلنت صراحة على لسان متحدث البيت الأبيض، جون كيربي، أنها أنفقت فعلًا 96% من الأموال المخصصة لكل أنواع الدعم لأوكرانيا منذ بداية العملية الخاصة، بما في ذلك توريدات الأسلحة، ولم يبقَ لدى البنتاغون سوى قرابة 1.1 مليار دولار، مخصصة لاستبدال الأسلحة لصالح مستودعات الجيش الأمريكي، بحسب صحيفة “فايننشال تايمز”.

وبين خبراء دوليين، أن حرب غزة تسببت في جعل كييف بمثابة العبء على كاهل الغرب بالكامل، وأردف الخبراء بالقول “الانقسام الأوروبي والغربي بشأن دعم أوكرانيا بدأ يدب في صفوف عواصم “القارة العجوز” قبل اندلاع حرب غزة، وبدأت الأزمة الأوكرانية تشكل عبئًا حقيقيًّا على الدول الغربية، في الأشهر الأخيرة، كما أن وجود اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا خلق العديد من المشكلات في المجتمعات الأوروبية، حتى قبل بدء الحرب في غزة”. (سكاى نيوز).

واشنطن تخطط للتفاوض مع روسيا في 2024.. ما السبب؟

أرى أنه وفي ظل الانقسام الحاد داخل أروقة المجالس التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية (الكونغرس + الشيوخ) وهما أصحاب الكلمة العليا في البلاد وفي صنع القرار الأمريكي، حيث الذي يرى بعض أعضائه أنه حان الوقت لوقف الدعم لكييف وجلوس زيلنيسكي على مائدة المفاوضات، وهذا ما قاله ترامب صراحةً “إذا فزت سأقوم بوقف الحرب في غضون 24 ساعة”، ما يدلل على وقف الدعم الفوري للجيش الأوكراني، الأمر الذي وقتها سيُجبر أوكرانيا على التفاوض.

وقد أعلن مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، جوناثان فاينر، إن واشنطن ستعمل على أن تدفع روسيا للتفاوض على تسوية في أوكرانيا في نهاية عام 2024 بشروط مواتية لكييف.

وأضاف فاينر: “نود أن يكون الأوكرانيون بنهاية العام المقبل في موقف يتعين فيه على روسيا اتخاذ قرار: إما أن يجلسوا (الروس) على طاولة المفاوضات بشروط مقبولة لأوكرانيا وعلى أساس ميثاق الأمم المتحدة، الذي يملي سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية، وكامل أراضي أوكرانيا، أو سيواجهون أوكرانيا أقوى، مدعومة بقاعدة صناعية أقوى في الولايات المتحدة وأوروبا وداخل أوكرانيا، وأن تكون كييف قادرة مرة أخرى على شن هجوم”. (آرتي عربي).

ولكن يشكك عسكريون في ذلك حول جعل أوكرانيا في موقف أفضل، لافتين إلى أن موسكو التي نجحت في استنزاف كافة مخازن الأسلحة لحلف شمال الأطلسي “النانو” وواشنطن وأوروبا، ومن الصعب أن تقبل موسكو بشروط أو إملاءات الغرب، خصوصًا أن أوراق اللعبة باتت حاليًا في يد الكرملين، بالتزامن مع وجود خلافات حادة في القارة العجوز، وأيضًا داخل الكونغرس الأمريكي بشأن استمرار الدعم لكييف، لا سيما مع فشل الهجوم المضاد.

وفي المقابل، قال المسؤول الأمريكي “بعد عام 2024 سنزيد إنتاج قاعدتنا الصناعية العسكرية، ونحن نعمل مع الأوكرانيين، بما في ذلك في مؤتمر هذا الأسبوع في واشنطن، لزيادة إنتاج قاعدتهم الصناعية العسكرية”، مضيفًا: أن حلفاء الولايات المتحدة يعملون على نفس الشيء. (آرتي عربي).

وأضاف فاينر: “هذا خيار إستراتيجي صعب للغاية، لا أعرف ما الذي سيقرره الروس في النهاية، لكننا نود أن نخلق لهم مثل هذه المشكلة”.

حال رفض الكونغرس.. هل من بديل عن المساعدات الأمريكية لكييف؟

فقد عزا خبراء وعسكريون، أن حلف شمال الأطلسي، والدول الغربية لن تتمكن في الوقت الحالي من إيجاد بديل للمساعدة العسكرية التي تقدمها واشنطن لكييف في حال رفض مجلس الشيوخ الأمريكي استمرار الدعم لأوكرانيا وقصره على دعم الاحتلال فقط ضد حماس.

يضيف مراقبون: ومع رفض الكونغرس طلب جو بايدن مخصصات مالية ضخمة بقيمة 106 مليارات دولار، فإنه من المرجح بشكل كبير خسارة كييف للنزاع مع روسيا في حال أصر أعضاء الكونغرس والشيوخ على موقفهم، كما أن أي تخفيض كبير في المساعدات العسكرية سيؤثر بالتأكيد على الجهد الأوروبي لدعم أوكرانيا.

وقد أرسلت إدارة جو بايدن طلبًا مجددًا إلى الكونغرس في أكتوبر الماضي للحصول على اعتمادات إضافية في الميزانية في السنة المالية 2024، التي بدأت في الولايات المتحدة في الأول من أكتوبر، وذلك في المقام الأول لتقديم المساعدة لإسرائيل وأوكرانيا، وكذلك بهدف مواجهة روسيا وخشية تمددها صوب أوروبا أو الصدام مع “الناتو”. (آرتي عربي).

الشيوخ الأمريكي يرفض تمرير قانون المساعدات لأوكرانيا:

ولكن رفض مجلس الشيوخ الأمريكي في الوقت الحالي، تمرير مشروع القانون المتعلق بتخصيص مساعدات بمليارات الدولارات، بما في ذلك لكييف وإسرائيل، ورفض النظر في المشروع.

ويعاني البيت الأبيض حاليًا، جراء تعطل تشريع من شأنه توفير مساعدات أمنية لأوكرانيا وإسرائيل في مجلس الشيوخ الأمريكي؛ إذ طالب الجمهوريون بإجراءات أكثر صرامة للسيطرة على الهجرة على الحدود الأمريكية مع المكسيك. ومع استمرار التصويت، بلغت النتيجة 41 صوتا مقابل 43، ما يعني أن الإجراء لم يتمكن من الحصول على موافقة 60 صوتًا، وهو أمر لازم في المجلس المؤلف من 100 عضو لتمهيد الطريق لبدء مناقشة مشروع القانون. (فرانس 24).

وعرقلت المعارضة الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي الشهر المنقضي طلبًا قدمه البيت الأبيض لإقرار حزمة مساعدات تستفيد منها بالدرجة الأولى أوكرانيا وإسرائيل؛ بسبب عدم تضمنها إصلاحات في مجال الهجرة.

حيث يرى السناتورات الجمهوريون أنه من الأفضل تصويتهم بالمضي قدمًا بإقرار هذه الحزمة، بتضمينها إصلاحات لسياسة الهجرة التي تنتهجها الإدارة الديمقراطية. وقال الأعضاء: “نحن فقدنا السيطرة بالكامل على حدودنا الجنوبية، وحان الوقت لحل هذه المشكلة”.

ويرى مراقبون: أن مثل هذه الخطوة تمثل هزيمة نكراء للرئيس جو بايدن، الذي كان قد حذر الكونغرس من أنه إذا انتصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه في أوكرانيا، فإن جيشه لن يتوقف عند حدود هذا البلد، إذ يمكن أن يذهب إلى مواجهة مع حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وكان البيت الأبيض قد حذر البرلمانيين من أن الأموال المخصصة لتقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا ستنفد بحلول نهاية العام في حال لم يوافق الكونغرس على تخصيص أموال جديدة لكييف. (فرانس 24).

وقف المساعدات.. هل تقوض مصداقية واشنطن أمام الحلفاء؟  

فقد ذكرت وكالة “بلومبرج” أن صعوبة إقرار مشروع قانون دعم أوكرانيا سيولد مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة بشأن موثوقية واشنطن كشريك، حسبما نقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء، حيث يرى مسؤولون أمريكيون: “إن أي طرف في العالم يعتمد على الضمانات الأمنية الأمريكية سيشعر بالصدمة، وسيشكك في مصداقية الاعتماد على الأمريكيين”. (بلومبرج).

كما أن الصدام السياسي في مجلس الشيوخ الأمريكي يمكن أن يقوض كل الدعم الذي تقدمه السياسة الخارجية الأمريكية لأوكرانيا، فضلًا عن تقويض موثوقية أمريكا الشاملة في عيون حلفائها في جميع أنحاء العالم.

من جهته، قال السيناتور الأمريكي عن الحزب الديمقراطي الحاكم، كريس ميرفي (من ولاية كونيتيكت): إنه ليس لديه أدنى شك في أن الولايات المتحدة على وشك التخلي عن أوكرانيا، ولم يحصل مشروع القانون الذي يخصص المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان على تصويت إجرائي في مجلس الشيوخ بالكونغرس الأمريكي حتى كتابة هذه السطور. (بلومبرج).

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ولا تزال الشرير الأكبر الذي يدعم تخريب الدول بهدف إضعافها، وبزعم الديمقراطية وحقوق الإنسان المزعومة – ولنا في أوكرانيا وفلسطين المحتلة الأُسوة – حيث قتل الأبرياء والمدنيين العُزل في غزة أمام مجتمع دولي مات ضميره.

– بالقطع هناك العديد من الاستفادات الجمة التي جنتها روسيا من حرب غزة، ومنها: تراجع الضغط الإعلامي الغربي الموجه لتحريض الشعب الروسي ضد بوتين، تراجع قيمة الدولار أمام الروبل الروسي بشكل كبير خصوصًا مع اندلاع حرب غزة، كذلك ساهمت الحرب في زيادة التعاون والتعزيزات القوية بين موسكو وبكين في الشرق الأوسط وزيادة نفوذهما، وتراجع النفوذ الأمريكي لدعمه احتلالًا يقتل الأطفال والأبرياء.

– إن التفاوض مع روسيا آتٍ لا محالة؛ لأنه لا بديل عن وقف الحرب إلا بالتفاوض، ولأن مخازن السلاح في أمريكا وأوروبا باتت خاوية وفق تصريحات أمين عام “الناتو” نفسه، وهذا ما ستدفع إليه الإدارة الأمريكية القادمة بشكل كبير، لا سيما في حالة خسارة جو بايدن للانتخابات الرئاسية المقبلة.

– لنكن منطقيين، أن التفاوض سيحدث لكن يا للأسف عندما تكون البُنى التحتية في أوكرانيا قد انتهت تمامًا؛ لأن الحرب تدور على أراضيها، وبالتالي فهى الخاسر الأكبر والملايين من شعبها ما بين لاجئ ونازح، بالرغم من خسارة وإنهاك روسيا اقتصاديًّا بسبب فاتورة وكُلفة الحرب.

– كما أن زيلنسكي يعاني داخليًّا وخسر سياسيًّا نتيجة الحرب بكل المقاييس، ورغم الدعم الغربي اللا محدود، إلا إنه بالكاد لا توجد مكاسب حقيقية على الأرض في ساحة القتال أمام الجيش الروسي، وبالتالي فإن مصير الرئيس الأوكراني سياسيًّا ربما سيكون نفس مصير بايدن أمام شعبه.

– لقد بات الخلاف في الاتحاد الأوروبي يطفو على السطح بعد ما كان وراء الكواليس، فهناك ساسة أوروبيين ذكروا صراحةً أن أوروبا تسير خلف الإدارة الأمريكية دون وعي في حرب أوكرانيا، وأضرت بشعوبها اقتصاديًّا وربما عسكريًّا؛ لأن الاقتصاد الأوروبي كان أكثر انتعاشًا عبر التعاون مع روسيا.

– بالأخير.. أرى أنه عندما تحقق الإدارة الأمريكية مُبتغاها من حربها بين أوكرانيا وروسيا عسكريًّا واقتصاديًّا، لأن مصانع السلاح قد انتعشت وازدهرت كثيرًا في أمريكا وخلقت الآلاف من فرص العمل، سوف تتخلى عن أوكرانيا ولو كان بوقف الدعم الفوري، مما سيجعل كييف حينئذٍ في وضع صعب وأكثر مرونة في التفاوض مع الجانب الروسي، حتى وإن لم يكن ذلك قريبًا.

المصادر:

سكاي نيوز

آر تي عربي

فرانس 24

بلومبرج

إسرائيلحماسروسياغزةقطاع غزة