متظاهرو تايلاند يحددون 4 مطالب رئيسية… والملك يخاطب مناصريه لأول مرة منذ 40 عامًا

متظاهرو تايلاند يحددون 4 مطالب رئيسية… والملك يخاطب مناصريه لأول مرة منذ 40 عامًا

 

فقد طالب متظاهرو تايلند بحزمة من الإصلاحات السياسية، وحددوا 4 مطالب رئيسة، هي:

  • – عمل دستور جديد.
  • – المساواة بين الملك ورئيس الوزراء.
  • – حل البرلمان.
  • – إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

فيما خرج الملك لأول مرة أمامهم منذ 1979 حينما كان وليًّا للعهد موجهًا حديثه للمحتجين: “نحبهم جميعًا في كل الأحوال“؛ إلا أن المتظاهرين وصفوا رده بأن العكس هو ما حدث، فهناك مضايقات واعتقالات، وحالات وفاة حدثت بين المتظاهرين.

 

مِن ناحية أخرى: رفض رئيس الحكومة برايوت تشان أوتشا، الاستقالة وترك منصبه، ونقلت وكالات تصريحات له بأنه: يجب على الحكومة استخدام مرسوم الطوارئ شهر أو أقل إذا هدأت الأوضاع، مستشهدًا بصيحات الاستهجان على موكب الملكة سوتيدا، لكنها قالت كذلك: إن الاحتجاجات تضر بالاقتصاد والأمن القومي.

وسنرصد في هذا التقرير:

  • أبرز الملامح التي خرج المتظاهرون من أجلها، كما سنعرض وجهة نظرهم في الإصلاح الاقتصادي كيف يكون تجاه حالة البذخ التي يعيشها الملك وأسرته؟
  • كما سنجيب على تساؤلات محيّرة حول حقيقة استبعاد الحكومة مسلمي فطاني مِن تولِّي مناصب سيادية؟
  • وما حقيقة الحوزات الشيعية في العاصمة بانكوك؟
  • وهل استجاب الملك لمطالب المتظاهرين؟

هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال هذا العرض.

تايلند: دولة ملكية، وتُعرف بين السكان بتاي، أي: “الاستقلال”، وعاصمتها “بانكوك”، ويتحدث 90% من سكانها اللغة التايلندية، وهي اللغة الرسمية، أما سكان منطقة “فطاني”؛ فيتحدثون اللغة المالاوية.

ويبلغ عدد سكان مملكة تايلند نحو 70 مليون نسمة؛ 85% منهم بوذيون، ونحو 3 ملايين نسمة مسلمون، أغلبهم يعيشون في منطقة “فطاني”.

 

الاستعمار الأجنبي:

تعتبر تايلند بالنسبة للفطانيين في حكم الدولة المحتلة التي اسْتُعْمِرت واحْتُلت أراضيهم، فهي بلد إسلامي يعتمد في المقام الأول على الزراعة، ويقع جنوب شرق آسيا يحده جنوبًا ماليزيا، وفي الشمال تايلند، ويطل في الشرق بحر الصين الجنوبي، وفي الغرب المحيط الهندي، وإن كان الاستعمارأو الاحتلال التايلندي لا يختلف كثيرًاعن مثيله في باقي البقاع.

اقتصاد تايلند 24 عالميًا:

يُعد اقتصاد تايلند من الاقتصادات الصناعية الحديثة، ويحتل التصنيف 24 عالميًا والرابع جنوب شرق آسيا بخلاف السياحة؛ إذ يعتمد بشكل كبير على الصادرات حيث يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي وهو واحدًا من أسرع اقتصادات آسيا نموًا، ويعتمد على الصناعات الثقيلة كالسيارات وتجميعها، والخشب والرقائق، والأسمنت والمسنوجات، والزراعة، والدواء، والتعدين. 

تقسيم الأراضي:

اتفقت بريطانيا العظمى وتايلند لتقسم الويلات فيما بينهما وكانت فطاني من نصيب تايلند، حتى دعمت فطاني انقلابًا ناجحًا ليتحول نظام الحكم الملكي من ملكي مطلق إلى ملكي دستوري، واختار الفطانيون محمود محيي الدين أصغر أبناء السلطان عبد القادر قمر الدين، الذي يعيش في المنفى؛ ليكون حاكمًا لهم.

 

الموقع الجغرافي:

تقع تايلند جنوب شرق آسيا، وكانت تعرف باسم: “سيام”، يحدها من الشرق: لاوس وكمبوديا، ومن الجنوب: خليج تايلاند وماليزيا، ومن الغرب: بحر أندمان وميانمار “بورما”، وكانت “تايلاند” تُعرف في الماضي باسم: “سيام”، وتبلغ مساحة تايلاند حوالي: 513.120 كلم2، ويبلغ عدد سكانها حسب 2019 نحو: 70 مليون نسمة.

فطاني مطمعًا للدول الكبرى:

الأراضي الفطانية كانت مطمعًا لكثير من القوى الاستعمارية، فاحتل البرتغاليون منطقة مالاقا والمناطق الشمالية منها، وكانت فطاني من بينها 1511م، ثم جاء الهولنديون وكانت لهم علاقات تِجاريَّة مع فطاني منذ عام  1609م، ثم  جاء الإنجليز عام 1615م وأقاموا مراكز تجاريَّة لهم، ثم استطاع التايلانديون الاستيلاء على فطاني عام  1786م بعد محاولات كثيرة استمرَّت أكثر من قرنين.

دخول الإسلام:

طَرَق الإسلام أراضي تايلند منذ القرن العاشر الميلادي “الرابع الهجري” عن طريق التجار العرب والفرس وأثَّر تأثيرًا كبيرًا بين نفوس الأهالي والسكان الأصليين فأقبل عليه القبائل، وأُطلق على الذين اعْتَنَقوا منهم الإسلام اسم: “السمسم – Samsams”، ولكن يُعزى أهمُّ توسُّع إلى هجرات أهل الملايو (ماليزيا الآن) التي بدأت في القرن الثامن الهجري – الرابع عشر الميلادي.

سلطنة فطاني:

ظلَّت فطاني دولة مسلمة مستقلة لعدَّة قرون، وبدأت مأساة المسلمين هناك عندما تعرّضت دولتهم للغزو من مملكة سيام البوذية التي عرفت فيما بعد “بتايلند”، وعمل البوذيون منذ أواخر القرن الثاني عشر الهجري على احتلال البلاد، طمعًا في خيراتها وثرواتها.

فسلطنة فطاني بعد احتلالها أصبحت مكوّنة من عدَّة محافظات هي: “جالا”، و”فطاني”، و”ناراتيوات”، و”سنكلا”، و”ستول”، وكل محافظة يتبعها عدد من المراكز والقرى.

وللشيعة وجود ملحوظ في أيوتيا القريبة القريبة من العاصمة بانكوك حيث مسجد الإمام علي، ومركز ومسجد دار الزهراء، ومركز الإمام الصادق، و مدرسة دار العلم، وهناك حوزتان علميتان في تايلاند، إحداهما: حوزة المهدي وهي خاصة بالرجال، والثانية “حوزة المهدية العلمية” وهي خاصة بالسيدات في قلب العاصمة.

 

الشعب الفطاني يتمسك بحقه المسلوب:

أجبرت السلطات الشعب الفطاني على استعمال اللغة التايلندية وارتداء الزي الرسمي وقبول الثقافة، وترك العقيدة الإسلامية، وزاد الضغط بالحرمان والاستبعاد من الوظائف المرموقة، وإغلاق بعض المدارس لإجبار أولياء الأمور على دخول أبنائهم المدارس البوذية، ولكن الشعب نافح عن الإسلام وعن قوميته ولغته المالاوية، وتمسك بالحروف العربية، وتمسك بثقافته، وأصر على تسمية أبنائه بالأسماء العربية.

وظل هكذا يعاني الضغط والحرمان والاستبعاد من التعليم الجيد، والوظائف السيادية، وعاش عقودًا من الانقلابات والوعود الزائفة تارة، والسجن والتعذيب تارة أخرى، حتى ظن المتسعمرون أن أمر فطاني قد انتهى؛ لكن الشعب الذي ذاق مرارة وقسوة الحياة مع المحتل لم يطأطأ الرأس، وظل يفكر في حقوقه المسلوبة حتى لو كان الثمن حياته؛ فالأحفاد ليسوا ببعيدين عن فكر الأجداد.

“رواق للأبحاث” يلتقي بفطانيين:

سبتمبر 2020 تجمع آلاف المتظاهرين في العاصمة بانكوك مطالبين بحزمة من الإصلاحات، ومع الأيام ارتفع سقف المطالب من خلال دعوات للتجمع بالعاصمة بانكوك، رافعين شعار: “دستور جديد – المساوة بين الملك ورئيس الوزراء – حل البرلمان – وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة على صعيد غرفتي البرلمان، والذي يتألف من غرفتين: مجلس النواب ٥٠٠ مقعد لمدة أربع سنوات، ثم مجلس الشيوخ وعدد أعضائه ٢٠٠ ويظل ست سنوات”.

وللوقوف على حقيقة الوضع التقى موقع “رواق للأبحاث والرؤى والدراسات” بعددٍ من الطلبة الفطانيين الدارسين بالأزهر الشريف.

قال نور الدين عبد الرحمن: إن التظاهرات اندلعت في تايلند منذ الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2020؛ بسبب سياسة البذخ التي يتبعها الملك وعائلته، فهو يقيم إقامة شبه دائمة في ألمانيا، ويملك مليارات الدولارات، وأغلب الشعب يعيش الفقر والحرمان.

ورويدًا رويدًا زاد أعداد المتظاهرين حتى تخطى عددهم مئات الآلاف، وسط دعوات إلى تظاهرة مليونية تنديدًا بسياسات الملك ماها فاجيرالونجكورن، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية، بينها: إصلاح النظام الملكي، واستقالة رئيس الوزراء برايوت تشان أوتشا، وحل البرلمان، وعمل انتخابات حرة مبكرة.

وأضاف نور الدين عبد الرحمن: أن المتظاهرين طالبوا بدستور جديد، والمساواة بين الملك الذي يعيش شهور قليلة في تايلند، بينما يقضي أغلب العام في ألمانيا، وهو مَن يعين قضاة المحاكم كما يعين رئيس الوزراء، وهو ما يجعل رئيس الحكومة تابعًا للملك وليس للشعب.

ولفت نور الدين: أن الثروة والاقتصاد يتمركزان في يد البوذيين 85% من السكان، في حين أن أغلب مسلمي تايلند فقراء ويسكنون في فطاني، ويعملون بالزراعة، فالحكومة التايلندية تتظاهر بالتعامل مع مسلمي فطاني بشيء من الحيادية في الظاهر؛ ولكن الباطن تعمل ضد المسلمين وتحرمهم من الوظاف القيادية، وحتى التعليم الجيد فهم يتحكمون في الكهرباء، والذهب، والتعدين، والتصنيع؛ بينما تفرض الحكومة الطوارئ في فطاني.

كما يتعرض الشعب الفطاني للضرب والاعتقال، ويخشى أن تلجأ السلطات التايلندية لاستخدام القتل الممنهج والتطهير العرقي، والتهجير القسري كما يحدث في “مينمار”، فالحكومة لا تعمل بعدل بين السكان؛ إذ لا يوجد سفير أو وزير مسلم، فالوزرة كلها من الهندوس والبوذيين، بينما لا يخصص للشعب الفطاني أية مناصب اللهم سوى 7 مقاعد فقط في البرلمان.

أما عرفان حاج زين الدين -وهو من فطاني أيضًا ويدرس بالأزهر الشريف- فقال: نحن مِن شعب فطاني المسلم، نريد المساوة وتمثيل برلماني عادل، والمشاركة في التشكيل الوزاري، والتمثيل الدبوماسي، وإن كان الملك ماها فاجيرالونجكورن، وعد بإصلاحات خلال تحية لمؤيديه، لكنه قال ليس الآن، وهذا يعني أن الملك قد يخطط لاستغلال عامل الوقت لتذويب المطالب في بوتقة النسيان.

واتفق عرفان حاج  مع نور الدين عبد الرحمن، على أن الشيخ سعيد من اليمن، قَدِم إلى “فطاني” وكانت مملكة في القرن الخامس عشر الميلادي وكان يعمل في التجارة وهو طبيب، ودعا الناس والقبائل إلى الإسلام، وترك كثيرٌ البوذية والهندوسية وأسلموا، لينضم الشيخ سعيد اليمني “حضرموت” مع من سبقوه من التجار العرب والماليزيين.

وتابعا: كان يطلق على “فطاني” اسم: مملكة “ثري ويجايا” قبل دخولها الإسلام ثم تغير اسمها إلى فطاني، وتم احتلالها عام 1785، وأغلب سكانها مسلمون يعملون في الزراعة، ويحرص سكانها على التعليم، وبها 5 جامعات: 2 إسلامية، هما: جامعة الشيخ داود، وجامعة الفطاني، و3 جامعات حكومية، ويصل عدد الطلاب الوافدين للأزهر من تايلند كل عام نحو 3 آلاف طالب، أغلبهم من سلطنة فطاني. 

تايلاندحل البرلماندستور جديدمظاهرات