قراءة في أبعاد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي على الوضع الداخلي والحرب في غزة

قراءة في أبعاد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي على الوضع الداخلي والحرب في غزة

لقد تسببت إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في زيادة الخلافات الحادة بينه وبين بنيامين نتنياهو، كما أسهمت في ردود فعل قوية في الشارع الإسرائيلي في ظل دعوات حاشدة للتظاهر وعدم توقفها إلا برحيل الحكومة، خصوصًا في ظل مواصلة العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، حيث عمق قرار إقالة غالانت من الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي وزيادة حالة الاستقطاب السياسي.

ولا شك أن إقالة وزير الدفاع جاءت بمسعى من نتنياهو لضمان استقرار الائتلاف والإبقاء على حكومته المتطرفة حتى نهاية ولايتها في أكتوبر / تشرين الأول 2026، والتي أتت نتيجة لإصرار غالانت على تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني نقصًا بالقدرات البشرية مع استمرار الحرب وخسائرها على الاقتصاد، وعقد صفقة تبادل مع حماس.

في هذا التحليل بمركز “رواق” للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، سوف نسلط الضوء على عدة نقاط مهمة؛ وهي: تداعيات إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على الداخل الإسرائيلي واستمرار أمد الحرب في غزة، من يُوقف الحرب الوحشية والمجازر بحق النساء والأطفال والشيوخ الفلسطينيين؟ ما مستقبل الدموي بنيامين نتنياهو في السلطة: هل ثمَّة مخاطر ستعاني منها دولة الاحتلال نتيجة هذا القرار الذي أثار الرأي العام وخروج العديد من التظاهرات والاحتجاجات ضد نتنياهو؟ لماذا لا يريد غالانت “انتصار كامل” في غزة بغضّ النظر عن أنه بعيد التحقق على عكس الدموي بنيامين نتنياهو؟

أبعاد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي على الوضع الداخلي والحرب في غزة:

تعاني حكومة نتنياهو من أزمة داخلية كبيرة حيث قُوبلت إقالة غالانت في أوجِّ الحرب المتعددة الجبهات، واحتمال توسعها لحرب إقليمية، بانتقادات شديدة اللهجة من الرأي العام الإسرائيلي وقيادات أحزاب المعارضة، الذين اتهموا نتنياهو بتعريض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر من أجل مصالحه الشخصية والحزبية وضمان بقائه على كرسي رئاسة الوزراء، كما لا ننسى أن نتنياهو يريد البقاء في المنصب ولو على حساب الشعبين الفلسطيني واللبناني ولا يكترث أبدًا بدماء الأبرياء لطالما تدعمه أمريكا والغرب، ولا يزال الدعم السخي متواصلًا في قتل الأبرياء.

وأعادت هذه الخطوة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي قرار نتنياهو مارس / آذار 2023 عندما أقال غالانت الذي أبدى تحفظه على خطة الحكومة في إجراء تعديلات على الجهاز القضائي، وحذر حينها من تداعيات وتأثير اتساع الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي على خطة إضعاف القضاء وعلى المؤسسة العسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى المساس بالأمن القومي الإسرائيلي. (بي بي سي).

إقالة غالانت ومستقبل الحرب في غزة:

لا شك أن إقدام نتنياهو على إقالة غالانت بـ”نظام داخلي جديد”، يعتبر مزيدًا من إمعان نتنياهو بفرض وقائع بالمشهد السياسي الإسرائيلي تمكِّنه من البقاء على كرسي رئاسة الوزراء لأطول فترة ممكنة، ولربما أن إقالة غالانت تمهد إلى إحكام سطوة نتنياهو على المؤسسة العسكرية من خلال تعيين يسرائيل كاتس وزيرا للدفاع، حيث ينظر إلى هذا التعيين على أنه شكلي؛ لأنه سيبقي نتنياهو صاحب القول الفصل بكل ما يتعلق بسير الحرب وتطورها.

كما يحاول عديد من مؤيدي نتنياهو -حسب ما يقول بعض الكُتّاب الإسرائيليون- وصف إقالة غالانت بأنها “خطوة خبيثة تسهم في تهديد تفكك الائتلاف وصرف أنظار الجمهور عن الفضائح العديدة التي بدأ نشرها فيما يتعلق بسلوك مكتبه في الحرب، وقد فعل ذلك بينما أنظار العالم أجمع تتجه نحو الانتخابات الدراماتيكية التي جرت بالولايات المتحدة الأمريكية.

إذًا يمكن القول هنا بأن كل هذه التفاصيل والتبريرات التي أعلنها رئيس دولة الاحتلال ما هي إلا ستار من الدخان الذي يخفي حقائق بسيطة وكئيبة مفادها: أن رئيس وزراء إسرائيل، ومن أجل خدمة احتياجاته السياسية وبقائه الشخصي بالحكم، واستعداده للمقامرة بمصير وأمن البلاد.

زيادة سطوة نتنياهو على المعارضة:

لقد أثار ما قام به نتنياهو رعبًا حقيقيًّا بداخل دولة الاحتلال على مستوى كبير من التخبط والقلق، فرئيس الوزراء منشغل في محاكمته بتهم فساد، وفي إحباط التحقيق بإخفاقات ما جرى يوم السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023، وكذلك في تحقيق الشاباك في سرقة المعلومات السرية المتعلقة بحرب غزة وتسريبها لصحف أجنبية. (بي بي سي).

لذا فإن إقالة غالانت التي من شأنها أن تعزز سطوة نتنياهو على المشهد السياسي والمؤسسة العسكرية والأمنية، وربما قد تمهد إلى إقالات أخرى متوقعة مثل رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، الذين ينظر إليهم نتنياهو على أنهم تهديد لولاية حكومته، وعائق أمام سياساته بخصوص الحرب وصفقة التبادل.

وبالتالي فلا شك أبدًا من أن نهج نتنياهو والإجراءات التي يقوم بها في ذروة الحرب بـ”الجنون”، وأن هذه الإجراءات تشير إلى الطريقة التي يعمل بها الدكتاتور، حيث يقوم نتنياهو الذي يوظف أهداف الحرب من أجل بقاء حكومته حتى أكتوبر / تشرين الأول 2026، وهو ما يعكس أكذوبة أن إسرائيل دولة ديمقراطية.

هل يحسم نتنياهو الدموي الحرب في غزة والقضاء على حماس؟

أيضًا هناك تداعيات جراء إقالة غالانت على سير الحرب، ومنها لربما أن خطوة نتنياهو هذه سوف تضع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية قبالة معضلة رهيبة، خصوصًا بعد مرور 13 شهرًا على هجوم حركة حماس المفاجئ على مستوطنات “غلاف غزة”، وبعد أن أدركت إسرائيل عمق الشرخ المجتمعي وتعاظم الاستقطاب السياسي فيها.

كل المعطيات والمؤشرات توحي بأن فرص الحرب بأوجها وتبتعد عن الحسم لأنها تواجه مقاومة صامدة وشعب فلسطيني لا يكترث بالموت حتى الأطفال والنساء، وفي المقابل فهو إعلان صريح من نتنياهو عن مزاعم أو مستقبل الديمقراطية المزعوم في إسرائيل؛ لذا فإن إقالة غالانت لن تكون الخطوة الأخيرة التي يخطط لها نتنياهو، وهو ما يطرح أسئلة حول أهلية رئيس الوزراء بالاستمرار في تولي منصبه في ظل الحرب أو عدوانه على شعبٍ أعزل. (بي بي سي).

ووفق عسكريين، فإن هناك دلالات عن مدى تأثير إقالة غالانت على الوضع الأمني والحرب على غزة ولبنان، وهو: أن إقالة وزير الدفاع تعد في أوج الحرب وهو حدث غير مسبوق، وتعتبر صفعة للمجتمع الإسرائيلي وللجنود الذين دفعوا ثمن الحرب غير مبررة على شعب أعزل مدافعًا عن أرضه وعرضه من عدوان صهيوني غاشم.

كما أن شرائح واسعة بالمجتمع الإسرائيلي، وكذلك في الجيش والأجهزة الأمنية، باتوا على قناعة تامة أن نزوات شخصية وسياسية لرئيس الوزراء هي التي تتحكم بسير المعارك، وتحدد أهداف الحرب، وليست احتياجات أمن إسرائيل، كما أن إقالة غالانت تثبت أن نتنياهو يجد نفسه مضطرًا للاختيار بين مصلحة إسرائيل وبين مصلحته الشخصية والسياسية، فهو يختار ذاته، إذ يواصل المراوغة والامتناع عن إعادة الأسرى، وكذلك التهرب من تحمل مسؤولية إخفاق السابع من أكتوبر / تشرين الأول، ومنع طوفان الأقصى. (بي بي سي).

هل إقالة غالانت بداية للإطاحة ببعض الشخصيات داخل الجيش والشاباك:

على ما يبدو وبحسب مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه بعد إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه، يعتزم نتنياهو إقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار، وهو ما يوضح ني نتنياهو للإطاحة بكل من يعارضه وفقط من أجل يستمر في منصبه.

وذكر موقع “والا” الصهيوني: إن إقالة غالانت تهدف في التوقيت الحالي، إلى صرف انتباه الرأي العام عن الشؤون الأمنية المتعلقة بمكتب رئيس الوزراء، وكذلك على خلفية قانون التجنيد وأزمة قانون السكن في الأشهر الأخيرة. (آر تي عربي).

وبالتالي فقد انعكست إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على الجمهور الإسرائيلي سلبًا، حيث أُطلقت دعوات للنزول إلى الشوارع، ولا تزال وعزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ لأنهم يرون أنه قد باع الجيش للحريديم.

وعلى إثر ذلك، تقوم الشرطة الإسرائيلية ولا تزال بإغلاق الشوارع المحيطة بمنزل نتنياهو، وإغلاق شارع أيالون في تل أبيب، خوفًا من استمرار المظاهرات الاحتجاجية وتداعياتها على الشارع والاقتصاد المتردي بسبب الحرب.

غضب الشعب الإسرائيلي وأزمة ثقة في نتنياهو:

بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إقالة غالانت من منصبه، وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس لتولي الوزارة خلفًا له؛ الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا لدى الرأي العام والدخول في أزمة ثقة بين نتنياهو وشعبه، كما أعلنها أيضًا رئيس الوزراء نفسه عن انعدام الثقة بينه وبين وزير دفاعه. (الجزيرة).

والدليل على ذلك التخبط: أن الداخل في إسرائيل يعتبر إقالة غالانت بأنها عملية “جنونية”، وأن إقالته في وقت الحرب أمر غير معقول، كما يرى البعض بأن وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس ليس لديه خبرة، بغض النظر عن المجازر والإبادة ضد شعب أعزل لم يكترث شيئًا؛ سوى أنه مرابط ومدافع عن أرضه ضد عصابة مرتزقة وعصابة أتت من شتات الأرض.

ولأن الرابح الوحيد مما يحدث هو نتنياهو؛ لأنه فرض رأيه وسياساته المتخبطة على الأرض، وبالتالي فمن الواضح أن سياسته حتى هذه اللحظة مجهولة، وأن إسرائيل لن تتقدم، بل وستعود إلى ما كانت عليه في الأول من شهر أكتوبر / تشرين الأول 2023.

إن الخلافات بين غالانت ونتنياهو بدأت منذ شهر مارس / آذار 2023 خلال أحداث التعديلات القضائية؛ لأن الخلاف بين نتنياهو وغالانت في الأساس هو “مسألة سياسية”، ولربما غالانت كان يخطط لاستبدال نتنياهو في محاولة لإحراجه وجعله ضعيفا أمام العالم، بمساعدة إدارة بايدن الذي استدعى وزير الدفاع لدعمه بدلا من نتنياهو.

“ليلة غالانت”… دلالات تظاهرات تل أبيب وخسائر فادحة أمام المقاومة:

يعد غالانت الوزير الوحيد الذي خرج ضد التعديلات القضائية وصرح أمام العالم بأن ذلك يشكل خطرًا على دولة الاحتلال، وبعد مرور 24 ساعة على تصريحاته آنذاك أقاله نتنياهو، وتظاهر الإسرائيليون في جميع أنحاء البلاد بشكل غير مسبوق بمشاركة قرابة مليون متظاهر، والتي سميت بـ “ليلة غالانت”.

حيث قد أعلنت نقابة العمال في إسرائيل إضرابًا عامًّا، وتراجع نتنياهو عن قراره بإقالة غالانت، ومنذ ذلك الحين توصف العلاقة بين غالانت ونتنياهو بـ “السيئة”؛ لأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدعم أي صفقة على الطاولة وتريد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بسب ما تعانيه من خسائر فادحة أمام المقاومة الفلسطينية رغم عدم التكافؤ في العتاد والدعم الأمريكي الغربي للكيان الصهيوني.

وفور الإعلان عن إقالة غالانت، تظاهر مئات الإسرائيليين في مدينة تل أبيب وبعض المدن الإسرائيلية حيث أغلقوا بعض الشوارع الرئيسية، كما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية 40 متظاهرًا على ضوء الاحتجاجات في مدينة تل أبيب، حسبما ذكرت صحيفة هآرتس.

وكانت الشرطة الإسرائيلية مستعدة سلفًا لاحتجاجات إقالة غالانت وتوقعت مشاركة الآلاف فيها، حسبما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية. وقال مسؤولون في جهازين أمنيين: إن إقالة غالانت في وقت الحرب فعل يفتقر للمسؤولية وحذَّر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من “اضطراب سياسي” بعد إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت.

في المقابل: أشاد المتطرف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بقرار إقالة غالانت، وقال في إشارة إلى غالانت: “لا يمكن تحقيق النصر الكامل معه”، كما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد كل المواطنين الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع، ودعت عائلات الرهائن الإسرائيليين للتظاهر رفضًا لإقالته.

خلافات وتخبطات داخل الحكومة:

وعلى ما يبدو أن خلافات كبيرة لا تزال بل تتصاعد بقوة داخل حكومة الدموي بنيامين نتنياهو بعد إقالة غالانت، حيث يرى المتطرف نوعام أمير، المعلق السياسي للقناة 14 الإسرائيلية المقربة من نتنياهو: أن خطوة إقالة غالانت كان يُفترض أن تحدث منذ فترة، وقال إن غالانت كان يعلم أن “ساعته تقترب”.

في حين تحدث عضو الكنيست دان إيلوز، من حزب الليكود، عن ضرورة وجود ثقة مطلقة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وبمجرد كسر الثقة يصبح الأمر خطيرًا. (الجزيرة).

وبناءً على هذه المعطيات السالف ذكرها في السطور السابقة، فإن إقالة غالانت في ظل العدوان الوحشي على غزة واستمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة دون الوصول لصفقة لإعادة الأسرى سيؤدي إلى تفجر الأوضاع الداخلية الإسرائيلية وهو ما بدا واضحًا الآن.

لأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مهمتها الأساسية هي إعادة الرهائن، وهذا لن يتحقق إلا بعد صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك يُلزم إسرائيل بوقف الحرب، وهو ما أكده رئيس الأركان الإسرائيلي بشكل علني.

أسباب وراء قرار إقالة غالانت:

من ضمن أسباب إقالة وزير الدفاع عدة نقاطك منها تجنيد الحريديم، ووقف الحرب وعقد صفقة تبادل أسرى مع حماس، حيث قد دعا يوآف غالانت الذي أقاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من منصب وزير الدفاع، الحكومة إلى العمل على إعادة المحتجزين من قطاع غزة “وهم أحياء”، مؤكدًا ضرورة أن يؤدي كل الإسرائيليين الخدمة العسكرية.

وقال غالانت في كلمة يوم الثلاثاء بعد عزله من منصبه: التزامنا هو إعادة الرهائن، علينا القيام بذلك سريعا وهم أحياء.

حيث شدَّد على أن الجميع في إسرائيل يجب أن يؤدي الخدمة في الجيش، في إشارة إلى اليهود المتدينين الذين كانوا معفيين من الخدمة الإلزامية إلى أن أنهت المحكمة العليا هذا الإعفاء في يونيو / حزيران الماضي.

لذا فإن إقالة غالانت تأتي نتيجة خلافات بشأن 3 قضايا بارزة، أولها تتعلق بقضية التجنيد، فهو يرى أن كلَّ من هو في سنِّ التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش، أما الخلاف الثاني يتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بأسرع ما يمكن، وهذا هدف يمكن تحقيقه بقدر من التنازلات وبعضها مؤلم. (الجزيرة).

كما أن الخلاف الثالث يتعلق بإصرار غالانت على وجوب تشكيل هيئة تحقيق رسمية فيما حدث بعد 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023.

وقد ذكر مكتب نتنياهو في بيان: إن رئيس الوزراء عيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفًا لغالانت، ورئيس حزب “اليمين الوطني” غدعون ساعر وزيرا للخارجية. ووفق وسائل إعلام صهيونية فإن نتنياهو أبلغ غالانت بقرار إقالته قبل 10 دقائق فقط من إصدار البيان، كما قالت القناة 12: إن مكالمة الإقالة بينهما استغرقت 3 دقائق فقط.

حيث الأمر الذي تسبب في ردود أفعال داخلية واسعة غلبت عليها الانتقادات الشديدة، وبينما خرج آلاف المحتجين إلى الشوارع رفضًا للقرار، يواصل جيش الاحتلال شن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة وسَّع نطاقها؛ مما يعني أن أهداف الكيان المحتل تواجزت مزاعم القضاء على حماس، بل للتطهير العرقي والتهجير القسري. (الجزيرة).

تظاهرات طاحنة داخل إسرائيل بعد إقالة غالانت:

لقد تسبب قرار بنيامين نتنياهو في تظاهرات كبيرة، حيث تجمع آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مساء الثلاثاء الماضي احتجاجًا على إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت؛ حيث تجمع المتظاهرون الذين هتفوا بشعارات مناهضة للحكومة ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد وقت قصير على إعلان إقالة غالانت. (اندبندنت).

لا سيما أن نتنياهو قد أشار في وقت سابق إلى أن “أزمة ثقة” نشأت تدريجيًّا بينه وبين غالانت ولم تسمح بإدارة طبيعية للحرب، بالرغم من أن غالانت ونتنياهو، وكلاهما من حزب ليكود اليميني اللذين على خلاف منذ شهور بخصوص أهداف الحرب أو العدوان الغاشم التي تشنها إسرائيل منذ 13 شهرًا في غزة بحجة القضاء على حركة المقاومة حماس.

بالطبع تصاعدت الخلافات بينه شخصين كلاهما متورط في حرب وحشية على غزة، لكنها استمرت في الاتساع وصارت علنية، حيث ذكر نتنياهو أن ذلك تزامن مع أقوال وأفعال تتعارض مع قرارات الحكومة وقرارات مجلس الوزراء.

يجب أن نؤكد على الخلافات بين نتنياهو وغالانت مستمرة منذ شهور، وهو ما يعكس انقسامًا أوسع بين الائتلاف الحاكم اليميني في إسرائيل والجيش الذي أعلن منذ فترة طويلة أنه يفضل التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال وإعادة عشرات الأسرى المحتجزين لدى “حماس”.

خصوصًا أن الحرب تفتقر إلى اتجاه واضح، في حين يزعم نتنياهو بأن القتال لا يمكن أن يتوقف لحين القضاء على “حماس” ككيان حاكم وقوة عسكرية في غزة، وهو ما قد رفضه غالانت حينما طالب باتفاق هدنة مع حركة “حماس” يسمح بالإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة، وسيمثل “فرصة إستراتيجية” لإسرائيل. (اندبندنت).

ختامًا… تداعيات إقالة غالانت على الوضع الداخلي والحرب في غزة:

نقول: إن الأوضاع في دولة الاحتلال سوف تسير من سيئ إلى أسوأ وحتى إن كانت لها الغلبة في غزة أو لبنان؛ نتيجة الدعم الأمريكي الغربي إلى تل أبيب، كذلك رفض غالانت للتعدي على السلطة القضائية وإصرار نتنياهو على تحقيق “نصر تام” على حماس، حيث قد وصف ذلك بأنه “هراء” وحثه مرارًا على وضع خطة لإدارة غزة بعد الحرب، ولربما يريد غالانت استمرار حماس واقتسام السلطة في فلسطين؛ لأنه يصبّ في مصلحة دول الاحتلال.

كما أن رفض غالانت أي مقترح ببقاء الجيش الإسرائيلي “قوة احتلال” في غزة، وهو ما أثار غضب بن غفير وسموتريتش اللذين عبرا عن رغبتهما في إعادة استيطان غزة؛ لأنه شخصية عسكرية، ويعرف ثمن البقاء في غزة مجددًا على عكس المتطرفان بن غفير وسموتريتش.

إن إقالة جالانت واستمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة دون الوصول لصفقة لإعادة الأسرى سيؤدي إلى تفجر الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، لاسيما بعد الضغط الجماهير والشعبي مع أهالي الأسرى لدى حماس؛ لأن إعادة الأسرى يُلزم إسرائيل بوقف الحرب، وهو ما يرفضه نتنياهو وباقي أعضاء الحكومة المتطرفون.

ومن الواضح جدًّا: أن نتنياهو لا يحب أن يبرز أحد وزراء ائتلافه الحكومي في الساحة، ويفضل أن يكون هو اللاعب الرئيسي وأنه الحامي لأمن إسرائيل ولو على حساب قتل الأبرياء في ظل دعم دولي وغربي لا محدود.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن إقدام نتنياهو على إقالة غالانت بـ”نظام داخلي جديد”، يعتبر مزيدًا من إمعان نتنياهو بفرض وقائع بالمشهد السياسي الإسرائيلي تمكِّنه من البقاء على كرسي رئاسة الوزراء لأطول مدة ممكنة.

– كما أن إقالة غالانت تمهد إلى إحكام سطوة نتنياهو على المؤسسة العسكرية من خلال تعيين شخص متطرف فكريًّا وعسكريًّا؛ مثل: يسرائيل كاتس الذي عُيِّن وزيرًا للدفاع.

– الحرب أو العدوان على غزة تفتقر إلى اتجاه واضح، في حين يزعم نتنياهو بأن القتال لا يمكن أن يتوقف لحين القضاء على “حماس” كـ كيان حاكم وقوة عسكرية في غزة، ونسي أنه المعتدي وقاتل الأبرياء، وأنها مقاومة لن تتوقف في صدّ محتل غاشم دموي.

–  ما حدث بين غالانت ونتنياهو هو تصاعد للخلافات بين شخصين كلاهما متورط في حرب وحشية على غزة، وليس أحدهما أفضل من الآخر أو يرفض العدوان على غزة، لكنها خلافات استمرت في الاتساع وصارت علنية.

– إقالة غالانت في ظل العدوان الوحشي على غزة واستمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة دون الوصول لصفقة لإعادة الأسرى، سيؤدي إلى تفجر الأوضاع الداخلية الإسرائيلية بشكل أكثر حِدة وهو ما بدا واضحًا في الشارع الآن.

– ثمّة خلافات جوهرية أخرى بين رئيس حكومة الاحتلال وغالانت، وهي ضرورة أن يؤدي الجميع الخدمة في الجيش، في إشارة إلى اليهود “الحريديم” الذين كانوا معفيين من الخدمة الإلزامية إلى أن أنهت المحكمة العليا هذا الإعفاء في يونيو / حزيران الماضي، وهو ما رفضه نتنياهو، لكي يضمن استمرار دعمهم لتصرفاته الوحشية في غزة وغيرها من السياسات الداخلية التي يرفضها الشارع الإسرائيلي.

– بالأخير.. ليس مستبعدًا تفجر الأوضاع الداخلية أكثر فأكثر، وانعكاساتها على حرب غزة، لا سيما وأن شرائح واسعة بالمجتمع الإسرائيلي، وكذلك في الجيش والأجهزة الأمنية، باتوا على قناعة تامة أن نزوات رئيس الحكومة شخصية وسياسية، وهي التي تتحكم بسير المعارك، وتحدد أهداف الحرب، وليست احتياجات أمن إسرائيل -كما يزعم-.

المصادر:

– بي بي سي

– الجزيرة

– اندبندنت

– آر تي عربي

غزةفلسطيننتنياهو