fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

التطورات التركية بخصوص غاز شرق البحر المتوسط وحقول الغاز

226

في خطوة تصعيدية من جانب تركيا للخلافات حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، اعترضت قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة «إيني» الإيطالية كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيرًا في المياه القبرصية، كما جدّدت التأكيد على عزمها القيام بكل الخطوات اللازمة من أجل الحفاظ على حقوق تركيا والقبارصة الأتراك ومنع اتخاذ خطوات أحادية في شرق البحر المتوسط.

وقد كشفت وسائل إعلام قبرصية أن السفن الحربية التركية كانت تجري مناورات في المنطقة، وأن حادثًا وقع الجمعة الماضي منع سفينة التنقيب «سايبم 12000» عن العمل، حيث أبلغ العسكريون الأتراك طاقم السفينة بعدم مواصلة الرحلة، لأن المنطقة ستشهد مناورات عسكرية، وفق ما ذكر متحدث باسم الشركة لوكالة «أسوشييتد برس». وقال وزير خارجية قبرص يوانيس كاسوليدس إن «السفينة أجبرت على قطع رحلتها إلى جنوب جزيرة قبرص حيث الحقل الغازي».

وقد أكدت الخارجية التركية في بيان لها وقوف تركيا الكامل مع ما تسمى «جمهورية شمال قبرص التركية»، وتأييدها البيان الصادر عن وزارة الخارجية فيها، الذي قالت فيه إنها لن تترد في اتخاذ خطوات مماثلة تجاه المساعي الأحادية لقبرص الرومية في التنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط.

واتهم بيان الخارجية التركية جمهورية قبرص بمواصلة العمل من جانب واحد على استغلال موارد الجزيرة وتجاهل حقوق القبارصة الأتراك، والتعامل مع هذه الموارد على أنها حق حصري لهم «وهو ما لن تقبل به».

وقال بيان الخارجية التركية:

«سوف نواصل الوقوف إلى جانب جمهورية شمال قبرص، لحماية حقوقنا وحقوقهم في شرق البحر المتوسط، وسوف نقوم بالعمل معًا من أجل وضع كل الخطوات اللازمة في هذا الإطار».

وفي خطوة استفزازية من تركيا تجاه مصر أعلنت أنقرة أنها تخطط للبدء في التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط قريبًا، وأنها لا تعترف باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص عام 2013. وهو ما حدا بمصر إلى تحذير تركيا من «محاولة المساس بسيادة مصر على المنطقة الاقتصادية الخاصة بها في شرق المتوسط».

وقد أوضح د. رمضان أبوالعلا، خبير البترول المصري والأستاذ بكلية هندسة البترول وأحد العلماء الذين قدموا دراسات للحكومة المصرية بشأن حقوق مصر في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط، أوضح في كشف لـ”العربية.نت” أن تركيا لن تستطيع المساس بسيادة مصر في شرق المتوسط، ولن تستطيع التنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر لعدة أسباب:

  • أولًا: إن اتفاقية الحدود بين مصر وقبرص اتفاقية دولية أودعت في الأمم المتحدة، وتم توقيعها بين دولة قبرص التي تحظى باعتراف دولي وتسيطر على ثلثي الجزيرة عدا الجزء الشمالي الذي تحتله تركيا منذ عام 1974، وأعلنت إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية، ولم تعترف أي دولة في العالم بها سوى الدولة التركية، وبالتالي فالاتفاقية سارية وملزمة قانونًا ولا يحق لتركيا ووزير خارجيتها أن يقول إنها غير ملزمة له أو أن ينازع في قانونيتها.
  • ثانيًا: هناك اتفاقيات مماثلة وقعت بين دول المتوسط، ولا تستطيع تركيا أن تنازع فيها أيضًا، مثل اتفاقية ترسيم الحدود بين قبرص وإسرائيل عام 2010، واتفاقية ترسيم الحدود بين قبرص ولبنان عام 2007، وكل هذه الاتفاقيات ومنها اتفاقية مصر وقبرص تتسق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982، ودخلت حيز التنفيذ في 16 نوفمبر 1994 بعد أن صادقت عليها 60 دولة، بينها مصر، فيما لم توقع عليها كل من تركيا وإسرائيل وأمريكا.
  • مضيفًا أن الاتفاقية تنص على إقامة نظام قانوني يضمن سيادة الدول على مياهها الإقليمية، وصون مواردها والحفاظ عليها، كما وضعت الاتفاقية الأطر العامة لاستغلال الموارد البحرية وأسست لمحكمة دولية لقانون البحار تختص بحل النزاعات.
  • ثالثًا: إن تركيا لم تقدم أي خطوط أساس لسواحلها التي تطل على مناطق الاكتشافات، وحتى لو كانت تسيطر على الجزء الشمالي من قبرص فهي لم تقدم أيضًا أي أساس لسواحلها المطلة على مناطق الاكتشافات، فضلًا عن أنه غير معترف دوليًا باحتلالها لشمال قبرص.
  • رابعًا: إن تركيا طبقًا للحدود الجغرافية والخرائط الجيولوجية والقوانين الدولية ليس لها الحق في المساس بسيادة مصر المستقرة على المناطق الاقتصادية، تم توثيقها وتحديدها سلفًا باتفاقية دولية، أودعت في الأمم المتحدة طبقًا للقانون الدولي، وإذا تجرأت وفعلت ذلك فمصر قادرة على الرد عسكريًا وقانونيًا وسياسيًا.

كما أوضح الخبير الاستراتيجي عمرو عمار أن إعلان تركيا رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص يأتي من منطلق احتلالها لشمال قبرص، مضيفًا أن إعلانها بدء التنقيب في شرق المتوسط لا يعني التحرش بمصر أو السيطرة على ثرواتها بل يعني أنها ستنقب ناحية شواطئ قبرص التي تحتل شمالها وليس في المنطقة الاقتصادية لمصر.

وقال أيضا: إنه حتى لو رغبت تركيا في التنقيب عن الغاز والبترول في المنطقة الشمالية لجزيرة قبرص التي تحتلها فلن يعترف بذلك دوليًا، إلا بعد أن تقوم بترسيم الحدود مع سوريا ولبنان وقبرص وهو ما لم يحدث، وربما لن يحدث لتوترات سياسية بينهم، وبالتالي فلا يعترف به دوليًا إلا بعد ترسيم الحدود البحرية.

وقال إن المسافة بين المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر بعيدة جدًا عن أي مناطق نزاع بين تركيا وقبرص، مشيرًا إلى أن الاعتراض التركي على الاتفاقية يخص الجانب القبرصي لخلافات سياسية بين البلدين ولا يخص الجانب المصري.

وتشهد منطقة شرق البحر المتوسط تصاعدًا و تصارعًا بين الدول المطلة عليه في التنقيب والكشف عن البترول والغاز في تلك المنطقة بعد العديد من الاكتشافات الضخمة في تلك المنطقة، ولا يخفى أن العداء المتبادل بين تركيا ومصر بعد أحداث 3/7 له دور كبير في تأجيج النزاعات بينهما، وتعامل كل منهما مع الآخر بطريقة متحفزة، إلا أن الاستفزازات من الجانب التركي متجددة ومستمرة، بل يمكن القول بأن النفسية التي تتعامل بها الخارجية التركية مع مصر نفسية إخوانية حتى النخاع، ورغم نجاح السياسة الخارجية التركية في عدد من الملفات إلا أنها في هذا الملف تبدو متعصبة ومتشنجة إلى أبعد مدى.

التعليقات مغلقة.