fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

توتر العلاقات المصرية التركية بشأن الاكتشافات البترولية في البحر المتوسط

207

تجلت بوادر أزمة جديدة بين القاهرة وأنقرة، سببها –الظاهري- حقول الطاقة الضخمة في شرق البحر المتوسط، لتضاف بذلك إلى سلسلة التوترات السياسية والإعلامية المستمرة بين البلدين منذ نحو 5 سنوات. وتأتي الأزمة الجديدة بعد أيام من افتتاح مصر “حقل ظهر” الذي يعد أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في منطقة البحر المتوسط. وتبلغ احتياطات الحقل 30 تريليون قدم مكعب، ويحتل مساحة 100 كيلو متر مربع.

وقد بدأت الأزمة الجديدة بتصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال فيها: “إن تركيا تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب“. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة “الأناضول” التركية عن صحيفة “كاثيميريني” اليونانية “أن الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص لا تحمل أي صفة قانونية”. وشدد على أن “التنقيب عن الموارد الطبيعية -بهذه المنطقة- وإجراء دراسات عليها يعد حقًا سياديًا لتركيا”.

وبعد أيام من تصريحات أوغلو، ردت وزارة الخارجية المصرية ببيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع “فيس بوك” قالت فيه:

أية محاولة للمساس بالسيادة المصرية على المنطقة الاقتصادية الخالصة لها في شرق المتوسط مرفوضة وسيتم التصدي لها“.

وفي هذا الإطار علق بشير عبد الفتاح، الباحث في “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية” على التصريحات التركية بأنه لا يوجد تصعيد محتمل، ما حدث هو إجراء تتبعه بعض الدول لإظهار يقظتها لما تعتبره حقوقها. كل طرف يحاول أن يسبق بادعاء حقوقه فور ظهور اكتشافات بالمناطق الحدودية، حتى وإن كان ليس متيقنا من ملكيتها، على أمل أن يحصل على (جزء من الكعكة). وبالتالي لا أظن أن الأمور سوف تتطور لمرحلة المواجهة، ولكن ربما تطمح تركيا إلى أن يحدث تفاوض حول الثروات الموجودة في منطقة شرق المتوسط”.

في حين يرى مجدي سمير، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن تصعيد أنقرة يرجع إلى محاولة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتخفيف الضغوط الواقعة عليه، خاصة بسبب عملية “عفرين” العسكرية في سوريا، ويقول لـ”النهار”: “إن أردوغان كلما شعر بضغوط داخلية وخارجية عليه، سعى إلى (تفجير قنبلة) لإحداث ضجة تمتص الضغوط المحيطة به، فالاتفاقية التي يتحدثون عنها، وقعت قبل نحو 4 سنوات، فهي ليست جديدة، وأن أي تصعيد على الأرض لن يتعلق بمصر وحدها، ولكنه قد يستدعي تدخل الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، كما أن هناك تواجدًا روسيا في البحر المتوسط وسوريا، وكذلك الولايات المتحدة متواجدة في سوريا والعراق“.

ويمكن تفسير الهجوم التركي على مصر أيضًا بأنه نتيجة الضغوط على النظام التركي التي تتمثل في بعض المشاكل الاقتصادية، وقد كشفت تقارير حديثة عن أن العجز في الميزان التجاري تضاعف في كانون الثاني الماضي، وكذلك عجز في الحساب الجاري، والديون الداخلية ترتفع، وهو ما يمثل قلقًا بالغًا لأردوغان حيث إن الملف الاقتصادي والإنجازات التي تمت فيه هي سر تفوقه سياسيًا على خصومه السياسيين خلال العقد الماضي وأن المشاكل الاقتصادية الحالية تمثل ضغطًا وتهديدًا له ولحزبه، وهو ما بدت مؤشراته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أوضحت تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، وعدم قدرته على تحقيق الأغلبية المطلقة التي تسمح له بتشكيل الحكومة منفردًا.

وبناء عليه فإن حزب العدالة والتنمية وأردوغان يضعان نصب أعينهم الانتخابات التشريعية والرئاسية في بدايات 2019.

وحتى الآن يبدو أن الأمر لا يتجاوز حدود التصريحات الإعلامية العدائية التي اعتاد النظام التركي أن يوجهها إلى مصر في الخمس سنوات الأخيرة، ولو كانت تركيا جادة فيما تدعي لكان لها موقف معلن وقت توقيع الاتفاقية بين مصر وقبرص قبل عدة سنوات.

التعليقات مغلقة.