fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران

44

قراءة في الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران

لقد جاء الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران التي أطلقتها صوب تل أبيب في الأول من أكتوبر الماضي 2024 ليبرهن على “الأكذوبة” والدعاية أمام الشعوب العربية ليؤكد أنه عداء غير موجود بالمستوى المطلوب يبدو ظاهريًّا ولكن ثمَّة صداقات وعلاقات باطنة، ومنذ سنوات كانت العلاقات على المستوى الرسمي بين طهران وتل أبيب في أفضل حالتها وعلى عكس ما تتناوله أو تدعيه وسائل الإعلام، سواء الإيرانية أو الإسرائيلية.

كما العداء بين طهران وتل أبيب لا يتجاوز حد الدعاية والتنافس الجيوسياسي فقط في المنطقة، فكل من إيران ودولة الاحتلال الصهيوني له مشروعه التوسعي في المنطقة والذي يدفع ثمنه أهل غزة الآن، وهو ما بدا واضحًا عندما أبلغت السلطات الإيرانية الجانب الإسرائيلي عبر وسطاء بأنها لن ترد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف عددًا من المواقع العسكرية الإيرانية والذي أدى لمقتل جنديين إيرانيين وتدمير بعض المواقع الحربية.

في هذا التقرير بمركز “رواق” للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، وضمن تحليلات المركز، سنحاول تسليط الضوء على عدة محاور رئيسية، وهي: قراءة في شكل الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران؟ ماذا عن العلاقات والشراكات التي لا تزال قائمة بين شركات إيرانية وأخرى صهيونية؟ كيف يتم توعية الأجيال القادمة والنشء الصغير عن أن العداء بين تل أبيب وطهران “وهمي” لا قيمة له، بل هي مجرد “أكذوبة”؟ لماذا كل من المشروعين الصهيوني والصفوي هما وجهان لعملة واحدة، وهي تقسيم المنطقة وتخريبها وتدميرها حتى لا تقوم لها قائمة كما حصل في لبنان واليمن والعراق وسوريا؟

قراءة في شكل الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران:

بداية. يجب أن نؤكد على أمرين مهمين، وهما: أن الأمة العربية تقع بين سندان ومطرقة صهيونية شيعية، فهما مشروعين كلاهما خبيث، حيث المشروع الصهيوني الذي بدأ مطلع القرن العشرين، والثاني: هو مشروع “دولة الفقيه” في مطلع القرن الحادي والعشرين، وسنلقي الضوء على هذين المشروعين، في هذا التقرير بالتفصيل لنكشف من خلال قراءتنا التحليلية لمتابع مركز “رواق” عن مدى آثار وتبعات ذلك على الأمة العربية والإسلامية.

وبكل أسف ما زال قطاع كبير ممن يطلقون على أنفسهم المثقفين والتنويريين المخدوعين بإيران وشعارتها، ومعسول خطابها للشعوب العربية، مع أنه لم يبقَ عذرٌ لأحدٍ بعد أن ساهم مشروع ملالي إيران مع الغرب في تدمير العراق بلدًا، وجيشه الذي كان من أهم الجيوش العربية في الجبهة الشرقية في مواجهة إسرائيل، وهو الجيش الوحيد القوي الذي بقي لمواجهة إسرائيل بعد مصر.

إن ما يحدث بين الكيان الصهيوني وإيران أشبه بالمسرحية، صحيح قد يوجد بعض العداء الطفيف أو التنافس، لكن ليس بالقدر الذي يرمي إليه البعض، وهو ما يدلل على ذلك أن إيران قد أبلغت الكيان الصهيوني عبر وسطاء في أنها لن تقوم بالرد على الهجوم الإسرائيلي على منشآت عسكرية في العاصمة طهران، حيث تخيرت عدم الرد للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتجنب التصعيد.

تنسيق بين طهران وتل أبيب قبل الرد الإسرائيلي:

أضف إلى ذلك: أن درجة التنسيق كبيرة بين الطرفين وقد كشف أن الدولة العبرية وجهت رسائل لإيران عبر وسطاء عرب وأوروبيين قبل الهجوم بساعات تشير فيها لطبيعة العملية والأهداف المرسومة ما يعني وجود نوايا من البلدين لاحتواء التصعيد وعدم الدخول في حرب واسعة أو مفتوحة، ما يعني أن غزة ليست أهمية بالنسبة لإيران كما يتم الترويج له. (ميدل إيست).

حيث قد حدد التحذير المواقع التي سيتم استهدافها من قبل إسرائيل وسط تهديد بأن الرد القادم سيكون أقوى في حال قررت طهران تنفيذ هجوم جديد، كما أن دولة الاحتلال حذرت إيران قبل الهجوم حيث مما يشير أن إسرائيل أبلغت الجانب الإيراني عن طبيعة الهجوم وأنه يمثل أقل رد يمكن أن تقوم به.

لذا فإن مزاعم إيران أو محاولة تهدئة الشارع الداخلي في إيران عن قولها بأنها تحتفظ بحق الرد على أي عدوان، ومما لا شك فيه أن إسرائيل ستواجه ردًّا متناسبًا على أي فعل تقترفه ربما يأتي لامتصاص غضب المتشددين في طهران والذين يطالبون برد قوي على الضربة الإسرائيلية لمواقع عسكرية في إيران.

وهو ما يؤكد أن نبرة أو موجة التصعيد بين تل أبيب وطهران قد انتهت في الوقت الحالي بعد الضربة المتفق عليها بتنسيق أمريكي. (ميدل إيست).

لماذا حاولت إسرائيل تقليل خسائر إيران؟

نعم دولة الاحتلال أرادت إرسال رسالة إلى طهران، بعدم العبث معها وفي نفس الوقت حاولت تقليل الخسائر قدر الإمكان للحفاظ على مستوى عدم التصعيد، حيث خططت إسرائيل بأن تكون ضربتها بخسائر قليلة، وأن تحافظ على التأثير عند مستوى يسمح لإيران بإنكار الأضرار الجسيمة واحتواء الموقف؛ الأمر الذي يؤكد الفرق بين الضربة الأولى لطهران والأخيرة، وقد أكد ذلك مسؤولون إيرانيون بأن الضربة لم تسبب أي ضرر. (العربية).

يمكن القول بأن النية الإسرائيلية كانت هي الحفاظ على التأثير عند مستوى يسمح لإيران بإنكار وقوع أضرار كبيرة تجبرها على الرد واحتواء الموقف، وما الذي سيهاجمونه بشكل عام، وما لن يضربوه، خصوصًا بعد ما ألمحت تل أبيب عن ماهية الهجوم وحتى لا تتلقى أي رد من الإيرانيين.

نقول: إن الرسالة الإسرائيلية لإيران وحتى عبر وسطاء كانت محاولة للحد من تبادل الهجمات المستمر بين البلدين، ومنع الانزلاق إلى تصعيد أوسع، وهو ما جعل إيران تستطيع إحباط الهجوم الإسرائيلي بشكل كبير، ولم تلحق الضربات سوى “أضرار محدودة” في بعض المواقع، حيث وقعت الضربات على مواقع في محافظات طهران وعيلام والأهواز.

بالطبع لا نرضى ولا نقبل بأي أذى يقع على إيران من الكيان الصهيوني وحتى وإن كانت دولة مبتدعة لكنها إسلامية، لكن ما يؤكد رواية أو سردية عدم التصعيد ومدى التنسيق بين طهران وتل أبيب واضح، لاسيما أن دولة الاحتلال ظلت تحشد الرأي العام والتهديد والوعيد لطهران ولم يقع شيء.

وقد حثت الإدارة الأمريكية بقوة حليفتها إسرائيل إلى عدم ضرب المواقع والمنشآت النفطية والنووية في الداخل الإيراني. (العربية).

إيران وإسرائيل تضحكان عليكم أيها العرب:

لقد ظن البعض مؤخرًا أن الحرب بين إيران وإسرائيل قد تندلع بين لحظة وأخرى بعد أن ادعت إسرائيل أنها أسقطت طائرة استطلاع إيرانية داخل الأجواء الإسرائيلية كانت قادمة من قاعدة إيرانية في سوريا، ومما زاد في تأزم الوضع بين طهران وتل أبيب أن النظام السوري المدعوم من إيران أسقط طائرة إسرائيلية في اليوم نفسه لأول مرة منذ واحد وثلاثين عامًا. (الجزيرة).

إن هذه الأجواء المتوترة أو المحمومة جعلت الكثير يتوقع أن تشتعل الحرب بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، لكن حقًّا أن السياسة علمتنا ألا نأخذ أبدا بظاهر الأمور مهما كانت مشتعلة إعلاميًّا ودعمها أصحاب الأجندة، فهناك تربيطات تتم في الخفاء بشكل مباشر أو غير مباشر.

والحقيقة التي لا تجدها في وسائل الإعلام ولا في التصريحات السياسية النارية، بل تجدها على أرض الواقع ألا نركز على كل ما يقوله الساسة، بل على ما يفعلونه على الأرض، ولو نظرنا إلى ما فعلته إسرائيل وإيران على الأرض، نجد أن الطرفين حلف واحد يتقاسم العالم العربي بالمسطرة والقلم، وكما ذكرنا سالفًا فكلٌ له مشروعه الخاص في المنطقة العربية ولكن هذه حقيقة يريد البعض ألا يصدقها.

ولا ننسى حقيقة مهمة للغاية ذكرها بعض الساسة السوريون المؤيدون للنظام نفسه بالقول: “لا تتفاجؤوا بالتغلغل الإيراني المتزايد في المنطقة عمومًا وسوريا خصوصًا: فهناك اتفاق بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، يسمح لإيران بالتمدد واستعداء العرب للتخفيف من العداء العربي لإسرائيل”.

العداء بين الصفويين وبني صهيون “ضحك” على العرب:

وبطريقة أدق: إن هناك اتفاقًا منذ زمن بعيد بين إسرائيل وإيران على تقاسم العداء مع العرب، فبدلًا من أن تظل إسرائيل البعبع والعدو الوحيد للعرب في المنطقة، تتقاسم العداء مع إيران، بحيث يخف الضغط على إسرائيل، وبالتالي نقول: إن كل العداء هذا الظاهر بين الصفويين وبني صهيون مجرد ضحك على الذقون لتفكيك الشعوب العربية، أما الخوف الإسرائيلي من الوجود الإيراني في سوريا ولبنان فقد أصبح نكتة سمجة لم تعد تنطلي على تلاميذ المدارس.

وما يدلل على ذلك، لما كانت أن تسمح إسرائيل وأمريكا لذراع عسكري إيراني؛ مثل: حزب الله أن ينشأ على الحدود مع إسرائيل مباشرة ولبنان بعد فترة قصيرة جدًّا من وصول الخميني إلى السلطة، وبالتالي أن يهدد دولة الاحتلال من على مرمى حجر، إلا أنها تعلم يقينًا بأن إيران ليست خطرًا عليها. (الجزيرة).

إن المخطط الصهيو أمريكي وإسرائيل الذي سمح لإيران الخمينية أن تتمدد حتى تصل إلى حدود إسرائيل؛ لأن ما زعمه الخميني عند وصوله إلى السلطة في إيران في نهاية سبعينيات القرن الماضي قادمًا من بلاد الغرب شعار محاربة الشيطان الأكبر، وأنه سيواجه أمريكا وكل الجهات المتحالفة معها في الشرق الأوسط وعلى رأس هذا العدو إسرائيل، وأن الإيرانيين الجدد يرفعون شعار تحرير القدس وإغراق الصهاينة بالماء، كلها أكذوبة وطعم ابتلعتها الشعوب وربما القادة العرب.

إذًا لو كانت ترى إسرائيل وأمريكا ثمة تهديدات من إيران أو أنها تمثل خطرًا على أي منهما لقامتا بأخذ كل الاحتياطات ورصد كل التحركات الإيرانية الجديدة لحظة بلحظة خوفًا من حملة الثأر الإيرانية المزعومة التي أطلقها الخميني ضد الشيطان الأكبر وربيبته إسرائيل، والدليل أن ما حدث هو العكس تمامًا للشعار الذي رفعه الخميني، حيث وجدنا حجم التغلغل الإيراني في المنطقة بعد سنوات قلائل على الثورة الإيرانية ضد الشاه. (الجزيرة).

تفاصيل وكواليس نشأة حزب الله اللبناني:

لقد سمح ثلاثي الشر في المنطقة العربية والشرق الأوسط من بناء أذرع لإيران في المنطقة، وفي بداية الثمانينيات ظهر فجأة إلى الوجود “حزب الله اللبناني” كأول طليعة وذراع عسكري لإيران في المنطقة، حيث أسست إيران حزب الله على الحدود مباشرة مع ما تسميه وسائل الإعلام الإيرانية “الكيان الصهيوني”، بعد أن قضت بالتعاون مع النظام السوري على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية واليسارية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض حربًا حقيقية ضد إسرائيل؛ إذ فجأة ظهر حزب الله ليرفع شعار تحرير القدس من على الحدود مع إسرائيل مباشرة، وليس من طهران… والسؤال المهم الآن: لماذا تسمح إسرائيل لإيران بإنشاء حزب الله الذي يعلن العداء والقضاء على دولة الاحتلال على الحدود اللبنانية معها مباشرة؟

لو كانت إسرائيل تخشى من إيران وميلشياتها الطائفية في سوريا، لما سمحت هي وأمريكا لتلك الميلشيات بدخول سوريا أصلًا، ومن سلم العراق لإيران على طبق من ذهب. (الجزيرة).

العلاقات القائمة بين شركات إيرانية وأخرى صهيونية:

علينا أن نبدأ في هذه الفقرة بما ذكره وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف منذ سنوات عن العلاقات بين طهران وتل أبيب، حيث ذكر بالقول: لا نمانع من علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، وأن إيران لا تمثل خطرًا على إسرائيل فهي لم تفعل أي عداء ضد تل أبيب، وأن المشكلة الحقيقة في أن إسرائيل لا تريد في حل مشاكلها مع المسلمين والعرب، فهذه كلمة عن العلاقات مع إسرائيل للمثل عن إيران. (اليوم السابع).

فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقرير لها أن حجم الاستثمارات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية بلغ 30 مليار دولار، كما أن إسرائيل تعتمد على التين والبلح الإيراني، بالإضافة إلى أن هناك العشرات من الشركات الإسرائيلية تقيم علاقات تجارية مع إيران وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران.

وأوضحت الصحيفة أن الجالية اليهودية في إيران التي تعد أكبر جالية يهودية في العالم حيث تبلغ 30 ألف يهودي، تلقى اهتمامًا واسعًا من قبل رؤساء إيران بتوصية خاصة من على خامنئي، والعكس فإن نحو 200000 ألف يهودي إيراني في إسرائيل يحظون باهتمام الحكومة الإسرائيلية. (اليوم السابع).

معابد يهودية وأهل السنة لا يُسمح لهم بالصلاة في مساجدهم:

لقد تجاوزت معابد اليهود في طهران وفق صحف عبرية الـ 200 معبد يهودي، في حين أن أهل السنة في طهران عددهم مليون ونصف المليون لا يسمح لهم بالصلاة في مساجدهم، وقد ذكرت بعض التقارير أن إيران تستفيد من يهودها في أمريكا عبر اللوبي اليهودي بالضغط على الإدارة الأمريكية لمنع ضرب إيران مقابل تعاون مشترك تقدمه إيران لشركات يهودية.

وأغلب اليهود الذين تقلدوا مناصب مهمة في إسرائيل من أصول إيرانية على سبيل المثال، بنيامين فؤاد اليعازر زعيم حزب العمل السابق ووزير البنى التحتية، وشاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي الذي يعد من أكبر المعارضين لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية، وموشية كاتساف الرئيس الإسرائيلي الأسبق.

حساب سري إسرائيلي لصالح إيران بمليارات الدولارات:

وفي وقت سابق: أرسلت رئيسة الرقابة العسكرية، سيما فكنين، برسالة حادة للمستشار القانوني للحكومة طالبته فيها إبلاغ الشاباك بفتح تحقيق حول اتهامات تخص مسئولين رفيعي المستوى سربوا معلومات سرية وحساسة عن إيران لصحيفة “هاآرتس” العبرية، وهو: ما يؤكد على مدى التعاون الاقتصادي والأمني بين إيران وتل أبيب على حساب العرب.

حيث إن تسريب المعلومات متعلق بنشر أسرار مفاوضات سرية وحساسة بين إيران وإسرائيل حول قضية تعود إلى 30 عامًا وتخص اتهام إيران بدين مستحق على إسرائيل، وما أغضب المسئولين في الأجهزة الأمنية من التسريب هو الكشف عن حساب سرى إسرائيلي أودعت فيه مليارات الدولارات خصصت للتسوية مع إيران. (اليوم السابع).

المشروع الصفوي والمشروع “الصهيوأميركي” في المنطقة العربية:

نقول. إن الذي لا خلاف عليه هو أن الثورة السورية كانت محطة فارقة في دفع إيران نحو مزيد من العداء لأهل السنة، ولا ننسى أن الحساسية تجاه المشروع الإيراني قد بدأت تتصاعد شيئا فشيئا بعد احتلال العراق وتحالف القوى الشيعية التابعة لإيران وما فعلوه بأهل السنة في العراق وبعض الدول العربية، هذا بجانب ما جرى في لبنان بعد حرب 2006، وخاصة اجتياح حزب الله لبيروت مايو 2008، وما يمكن وصفه بهيمنة الحزب على لبنان واضطهاد وتهميش السنة.

لذلك يمكن أن نُوصَّف المشهد اليوم وإلقاء اللوم على إيران التي استخفت وحلفاؤها بالغالبية الساحقة من أهل السنة الذين يزيدون عن 90% من أبناء الأمة، وما قامت به من ممارسات التبشير المذهبي الشيعي والتخريب في الدول العربية مثل العراق واليمن ولبنان وسوريا.

في المقابل: لا يمكن بجانب المشروع الإيراني، التقليل من خطر المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وما يقوم به من جرائم ومحاولة الهيمنة والسيطرة على دول المنطقة وتقزيمها وتحجميها أمنيًّا واقتصاديًّا مثلما يحدث مع مصر حاليًا في ممر ملاحي دولي “قناة السويس”.

إن المشروع الأمريكي الصهيوني سيبقى تحديًا إضافيًّا وعبئًا على المنطقة لعدد من الاعتبارات، ومنها: الاحتلال الصهيوني لأراضي فلسطين واستمرار الدعم الأمريكي الغربي اللامحدود، وثانيها مناهضة هؤلاء جميعًا لأي تقدم أو نهضة حقيقية والعبث بأي محاولات للتكامل والتوافق والشراكة العربية مثل تحالف عربي مشترك.

ختامًا.. لماذا إيران وإسرائيل وجهان لعملة واحدة؟

إذًا نقول: إن العالم العربي تكتنفه قوتان إقليميتان ترغبان في الاستيلاء عليه تمامًا، بعد ما تم الاستيلاء على أجزاء كبرى منه بالفعل ولنا في اليمن ولبنان والعراق الأسوة من أفعال إيران من جهة، وبناء المستوطنات وزيادتها في فلسطين ومحاولة ابتلاعها من قبل دولة الاحتلال اللقيطة من جهة أخرى. (موقع طريق الإسلام).

نعم، إن هذين البلدين وإن كانا تابعين للمنطقة جغرافيًّا؛ إلا أنهما منفصلان لغويًّا، وحضاريًّا، ودينيًّا، وثقافيًّا، وينطلقان في عدائهما للمسلمين من عقيدة عنصرية واحدة، ترى العرب أقل شأنًا، وترى تفوقًا للجنس الفارسي واليهودي، وإذا كانت إسرائيل تحتل فلسطين رسميًّا، فإن إيران في المقابل تحتل الأحواز، وجزر الخليج العربي الذي تسميه الخليج الفارسي.

وكما أوضحنا سالفًا إذا كانت إسرائيل تتغلغل بنفوذها العالمي ومخابراتها المتقدمة في العالم العربي، فإن إيران تمتد بجماعاتها المسلحة التي يصل نفوذها إلى احتلال أجزاء من العالم العربي؛ مثل: العراق واليمن وسوريا ولبنان، ومثلما تحاول إسرائيل فرض التطبيع بكل أنواعه على العالم العربي، فإن إيران تحاول فرض مذهبها الشيعي وفرض نفوذها الثقافي على بلاد المسلمين السنَّة، بل لا يوجد في طهران مسجد واحد للمسلمين السنّة.

إن تصرفات الكيان الصهيوني ودولة الفقيه الشيعية متشابهان، فمثلما استولت إسرائيل على فلسطين بالقوة والقتل والإبادة لشعب فلسطين كما هو الحال في غزة الآن، وشنت حروب العصابات وارتكبت المذابح وأخلت مساحات هائلة من سكانها، فإن إيران شكلت جيش المهدي وميلشيات الحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان، وعملت على تغيير التركيبة السكانية والديمغرافية في كل الدول التي تسيطر عليها في العالم العربي.

لذا نؤكد على أن الكيان الصهيوني ودولة المرشد الإيراني متفقان في مشروعهما التوسعي في الدول العربية التي تدفع ثمن هذا العداء وهذا التنافس، وللأسف لا يزالان يسعيان إلى ابتلاع ما تبقى من العالم العربي الإسلامي كله، بعد ما ابتلعا بالفعل أجزاءً كبرى منه، وعلينا أن ندرس ذلك لأولادنا وأحفادنا كي لا يبتلعوا الطُعم. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

الخلاصة:

– لقد جاء الرد الإسرائيلي ليُبرهن على “الأكذوبة”، والضحك على الشعوب العربية بالأخص في عداءٍ غير موجود بالشكل المطلوب أو كما يتحدث عنه المغيبون، ومنذ سنوات كانت العلاقات على المستوى الرسمي بين طهران وتل أبيب جيدة للغاية.

– كما ذكرنا، نحن كأمة عربية وإسلامية لا نقبل بأي أذى يقع على إيران من الكيان الصهيوني وحتى وإن كانت دولة مبتدعة؛ لأنها دولة إسلامية، لكن ما يؤكد رواية أو سردية عدم التصعيد ومدى التنسيق بين طهران وتل أبيب واضح للغاية، وكيف تم إبلاغ إيران بالضربة وأماكنها وتوقيتها لتكون مستعدة وجاهزة بتنسيق أمريكي، وذلك فقط للحفاظ على المشروع الصفوي بجانب الصهيوني في المنطقة التي تعاني ويلات الحروب الأهلية والتفكك بسبب أفعال هاتين الدولتين.

– ثمة علاقات مستمرة ومنها اقتصادية لا تزال بالفعل بين دولة الاحتلال وطهران، فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقرير لها منذ فترة أن حجم الاستثمارات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية بلغ 30 مليار دولار، كما أن إسرائيل تعتمد على التين والبلح الإيراني؛ بالإضافة إلى أن هناك العشرات من الشركات الإسرائيلية التي تقيم علاقات تجارية مع إيران وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران.

– إن العداء لأهل السنة خاصةً وللدول العربية عمومًا واضح من إيران، حيث توجد معابد يهودية في طهران تفوق الـ 200 معبد وَفْق تقارير إسرائيلية، في حين أن أهل السنة يتعرضون للقمع والتنكيل في طهران وعدم السماح لهم بالصلاة في مساجدهم.

– علينا أن ننتبه جيدًا، حول حقيقة العداء المزعوم بين الصفويين وبني صهيون، وكيف أنه مجرد ضحك على الشعوب العربية لتقاسم المنطقة وابتلاعها فيما بينهما، أما الخوف الإسرائيلي من الوجود الإيراني في سوريا ولبنان فقد أصبح نكتة سمجة لم تعد تنطلي حتى على النشء الصغير.

– وبكل أسف ما زال قطاع كبير ممَّن يطلقون على أنفسهم المثقفين والتنويرين المخدوعين بإيران وشعاراتها، ومعسول خطابها للشعوب العربية، مع أنه لم يبقَ عذر لأحد بعد أن ساهم مشروع ملالي إيران مع الغرب في تدمير العراق، وجيشه الذي كان من أهم الجيوش العربية في الجبهة الشرقية في مواجهة إسرائيل.

– بالأخير.. هناك أمر مهم؛ وهو: أن “ثلاثي الشرّ” أمريكا وإسرائيل وإيران قد سمحوا في المنطقة العربية والشرق الأوسط ببناء أذرع لإيران، ونذكر في بداية الثمانينيات عندما ظهر فجأة “حزب الله اللبناني” كأول طليعة وذراع عسكري لإيران في المنطقة، حيث أسست إيران حزب الله على الحدود مباشرة بعد أن قضت بالتعاون مع النظام السوري على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض “حربًا حقيقية” ضد إسرائيل آنذاك، وهو لما كانت تسمح به إسرائيل وأمريكا لإيران بإنشاء حزب مسلح يعلن عداءه للاحتلال على الحدود اللبنانية معه مباشرة.

المصادر:

– ميدل إيست

– العربية

– الجزيرة

– موقع طريق الإسلام

التعليقات مغلقة.