fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الصراع العميق بين الصومال وإثيوبيا.. جذور تاريخية وتداعيات معاصرة

0 54

الصراع العميق بين الصومال وإثيوبيا.. جذور تاريخية وتداعيات معاصرة

تُعتبر العلاقة بين الصومال وإثيوبيا نموذجًا معقدًا للصراعات الإقليمية التي تنشأ نتيجة لتفاعل قوى محلية ودولية.

إن صراع الصومال وإثيوبيا لم ينشأ في فراغ، بل هو نتاج تفاعلات متعددة الأطراف تشمل القوى الإقليمية الكبرى، التوازنات التاريخية، والسياسات الاستعمارية السابقة.

فقد تدهورت العلاقات بين إثيوبيا والصومال عقب توقيع مذكرة تفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال في الأول من يناير 2024.

وتنص المذكرة على منح إثيوبيا حق الوصول البحري إلى سواحل الإقليم لأغراض تجارية وعسكرية، في مقابل اعتراف غير مؤكد من أديس أبابا باستقلال الإقليم، ما أثار احتجاجات قوية من الحكومة الفيدرالية الصومالية، التي وصفت الاتفاق بـ”العدائي” واعتبرته تهديدًا لسيادة الصومال.

الصراع العميق بين الصومال وإثيوبيا.. جذور تاريخية وتداعيات معاصرة:

على مدار العصور، لم تشهد العلاقة بين الصومال وأثيوبيا نمطًا من التعاون والسلام كما هو الحال بين معظم الدول الأخرى.

بدلاً من ذلك، تميزت هذه العلاقة بالصراع المستمر والتنافس العنيف، مما يعكس طبيعة متأصلة في العلاقات بين إثيوبيا والعالم الإسلامي المحيط بها، يشير هذا الصراع إلى انقسام عميق في المصالح والتوجهات بين الدولتين؛ وهو: صراع يختلف جذرياً عن النزاع البسيط الذي يتناول قضايا حدودية أو موارد محددة، حيث يمكن أن يُحل النزاع غالباً بالوسائل السلمية.

الصراع بين الصومال وأثيوبيا هو صراع شامل ومعقد يستمر لمدد زمنية طويلة، ويعبر عن تعارض جوهري في المصالح والأيديولوجيات.

هذا الصراع ليس مجرد نزاع حول حدود أو موارد، بل هو صراع وجودي يعكس تبايناً عميقاً في الأهداف والمعتقدات بين الشعبين.

جذور الصراع التاريخية:

تعود جذور الصراع بين الصومال وإثيوبيا إلى حقب تاريخية قديمة، حيث مثلت إثيوبيا مركزًا رئيسيًّا للمسيحية في إفريقيا، بينما كان الصومال حاملًا لواء الإسلام في المنطقة، هذا التباين الديني أدى إلى صراعات تاريخية متكررة، حيث عمل كل طرف على حماية مصالحه وتعزيز نفوذه الإقليمي.

عندما تراجع النفوذ الإسلامي في المنطقة بسبب الاستعمار الأوروبي، انخرطت إثيوبيا في استراتيجيات توسعية بدعم من القوى الغربية؛ مما أدى إلى تعزيز موقفها الجغرافي والسياسي على حساب الصومال.

بينما كان الاستعمار البريطاني يدعم أثيوبيا، كانت الصومال تعاني من تقسيم أراضيها وتلاعب القوى الاستعمارية بها، مما عمق الهوة بين الدولتين.

التوسع الإثيوبي والطموحات الاستعمارية:

استفادت إثيوبيا من دعم الاستعمار البريطاني والفرنسي لتوسيع أراضيها، مما جعلها الدولة المهيمنة في المنطقة، وبموجب المعاهدات والمفاوضات التي أجرتها مع القوى الاستعمارية، تمكنت إثيوبيا من ضم أراضٍ صومالية واسعة؛ مثل: الصومال الغربي، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين البلدين.

رغم انسحاب الاستعمار، بقيت آثار هذه السياسات التوسعية قائمة، حيث اعتبرت إثيوبيا أن الصومال ما هو إلا منطقة تحت نفوذها، بينما اعتبرت الصومال أن أراضيها قد سُلبت بشكل غير عادل. هذا الصراع المستمر بين تطلعات إثيوبيا التوسعية وحقوق الصومال المشروعة ظل محورًا رئيسيًا في العلاقات بين البلدين.

تطورات الصراع في العصر الحديث:

في العصر الحديث، تتجدد المطامع الأثيوبية في الصومال، مما يعيد إحياء الصراعات التاريخية، وقد تترجم هذه المطامع في شكل مشاريع توسعية جديدة أو صفقات سياسية مثل مذكرة التفاهم الأخيرة مع صومالاند، والتي تُعد تجسيدًا للطموحات الأثيوبية القديمة.

تتمسك إثيوبيا بمبدأ التوسع الإقليمي وتستخدم المنفعة المتبادلة كغطاء لتحقيق أهدافها، مما يثير تساؤلات حول نواياها الحقيقية، الصومال، من جهته، يعاني من انعدام الاستقرار الداخلي، مما يجعله عرضة للضغوط الخارجية والتدخلات الأثيوبية، لكنه في ذات الوقت يتمتع بقدرات شبابية قوية وامتداد إقليمي يعزز من استراتيجيته الوطنية(1).

خلفية الصراع الحالي بين إثيوبيا وأرض الصومال:

في يناير 2024، وقعت إثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا حق استخدام ميناء بربرة على خليج عدن، وتسمح لها بإنشاء قاعدة بحرية هناك لمدة 50 عامًا.

وبموجب الاتفاق، يمكن لإثيوبيا غير الساحلية استئجار 20 كيلومترًا حول الميناء لأغراض تجارية وعسكرية. في المقابل: وعدت إثيوبيا ببحث إمكانية الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة.

ردود الفعل والصراع المحتمل:

أثار هذا الاتفاق ردود فعل غاضبة في الصومال، التي تعتبر أرض الصومال جزءًا من أراضيها، ووصف الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الاتفاق بأنه اعتداء على السيادة الصومالية، واصفًا إياه بأنه “عمل عدواني” يشكل “عائقًا أمام السلام والاستقرار”، وشهدت مقديشو احتجاجات واسعة ضد الاتفاق.

على الصعيد الدولي: عبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي عن قلقهما من تصاعد التوتر، ودعتا إلى تهدئة الأوضاع، كما أعربت تركيا ومصر عن دعمهما لوحدة الصومال وسيادته.

دوافع إثيوبيا وأبعاد الاتفاق:

من جانبها: ترى إثيوبيا في هذا الاتفاق فرصة استراتيجية لتأمين منفذ بحري، حيث يعتمد اقتصادها بشكل كبير على ميناء جيبوتي بعد فقدانها لموانئها عقب استقلال إريتريا، ووصف رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الاتفاق بأنه “تاريخي” ويراعي مصالح كلا البلدين.

احتمال الصراع العسكري:

في حين أن هناك توترات دبلوماسية قائمة، يعتقد المراقبون أن نزاعًا مسلحًا بين الصومال وإثيوبيا غير مرجح في الوقت الحالي؛ إذ يعاني كلا البلدين من مشاكل داخلية؛ فالصومال تواجه صراعًا مع حركة الشباب، بينما تتعامل إثيوبيا مع تداعيات حرب تيغراي وصراعات أخرى، إضافة إلى ذلك، القوة العسكرية لإثيوبيا تتفوق بكثير على قوة الصومال(2).

موقف القوى الإقليمية والدولية من الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال:

شهد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال ردود فعل متعددة من قبل القوى الإقليمية والدولية، ويعكس تحليل هذه المواقف مدى تأثيرها المحتمل على الأزمة الحالية.

المواقف الرئيسية هي:

المواقف الإقليمية:

– منظمة “الإيجاد”: رفضت الهيئة الحكومية للتنمية (الإيجاد) الانحياز لأي طرف، ودعت إلى ضبط النفس والتعاون بين الأطراف المعنية للوصول إلى حل سلمي وودي. وقد انتقدت مقديشو هذا الموقف لعدم كفايته في إدانة الاتفاق بشكل مناسب.

– الاتحاد الأفريقي: دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقيه محمد، إلى التهدئة والاحترام المتبادل لتخفيف التوتر بين إثيوبيا والصومال. وشدد على أهمية احترام وحدة وسيادة الأراضي لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.

– جامعة الدول العربية: أدانت الجامعة الاتفاق، ورفضت أي مذكرات تفاهم قد تمس سيادة الصومال أو تستفيد من الوضع الداخلي الهش. أكدت الجامعة دعمها الكامل لموقف الصومال، وأعربت عن مخاوفها من أن يؤثر الاتفاق على استقرار الصومال ونشر الأفكار المتطرفة.

– مصر: أكدت مصر رفضها للاتفاق ودعت الأطراف إلى احترام وحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، وشددت على حق الصومال في الاستفادة من موارده بالكامل.  

– تركيا: دعمت تركيا موقف الصومال، مشددة على ضرورة احترام سيادة ووحدة أراضي الصومال، وأكدت دعمها لمقديشيو في مواجهة الإرهاب واستمرار التعاون بين البلدين.

المواقف الدولية:

– الولايات المتحدة: دعت الولايات المتحدة إلى احترام سيادة الصومال وشجعت الأطراف على الانخراط في حوار دبلوماسي.

– الاتحاد الأوروبي: اتفق الاتحاد الأوروبي مع الموقف الأمريكي، مشددًا على أن احترام سيادة الصومال هو مفتاح السلام والاستقرار في القرن الإفريقي. 

– منظمة التعاون الإسلامي: رفضت الأمانة العامة للمنظمة الاتفاق، واعتبرته انتهاكًا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، وأكدت تضامنها مع الصومال ودعت إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة(6).

الرعاية التركية لمحادثات غير مباشرة بين الطرفين:

بدأت المحادثات غير المباشرة بين إثيوبيا والصومال تحت رعاية تركيا في يوليو الماضي، ولكن الجولة الأولى لم تحقق تقدمًا ملحوظًا.

وفي الجولة الثانية، قدم الوسيط التركي مقترحًا مبدئيًا يهدف إلى ضمان وصول إثيوبيا إلى البحر عبر الصومال، مقابل اعتراف إثيوبيا بسيادة الصومال على أراضيه. ومع ذلك، فإن التنازلات التي قدمتها الحكومة الصومالية لم تكن كافية لتحقيق الطموحات البحرية لإثيوبيا، التي يبدو أنها تتجاوز مجرد البحث عن بدائل لموانئ إريتريا وجيبوتي إلى الرغبة في وجود عسكري على سواحل البحر الأحمر.

الأبعاد السياسية والاقتصادية:

تُعَدّ الأزمة بين إثيوبيا والصومال امتدادًا لمساعي إثيوبيا لاستعادة ميزة الوصول البحري التي فقدتها منذ استقلال إريتريا في التسعينيات وحل القوات البحرية الإثيوبية، وتحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، تسعى إثيوبيا لتعزيز نفوذها في القرن الإفريقي، بما في ذلك إدارة الموانئ الرئيسية في المنطقة.

ومع وصول آبي أحمد إلى الحكم في أبريل 2018، بدأت الحكومة الإثيوبية في تنفيذ مشروع وطني يركز على تعزيز القدرة الاقتصادية والإستراتيجية للبلاد من خلال ضمان الوصول إلى الموانئ البحرية وتأمين حقوقها في استخدام نهر النيل؛ فضلًا عن تعزيز سلطة الاتحاد الإفريقي على موارد المياه والشواطئ.

المصالح الدولية وتأثيرها:

تتعدد المصالح والأدوار الدولية في الأزمة الحالية. تسعى تركيا، التي لها علاقات وثيقة بكل من الصومال وإثيوبيا، إلى تهدئة التوترات وحماية مصالحها في القرن الإفريقي.

ومن جانبها، عبّرت مصر عن قلقها من الاتفاق، معتبرة أن وجود قوة إثيوبية على ساحل البحر الأحمر يمثل تهديدًا لمصالحها الوطنية، خاصة في ظل تأثرها بسد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، وقد عززت القاهرة موقفها من خلال دعم سيادة الصومال وتكثيف التعاون الثنائي مع مقديشيو.

في السياق الإقليمي، تسعى دول مثل الإمارات والسعودية وقطر وإيران إلى تعزيز نفوذها في القرن الإفريقي من خلال سياسة المحاور، ما يضيف بعدًا إضافيًا إلى التعقيدات المحيطة بالأزمة.

آفاق المستقبل:

تتطلع الأطراف الثلاثة -إثيوبيا والصومال وإقليم أرض الصومال- إلى تجاوز نقاط الخلاف في الجولة الثالثة من المحادثات.

وقد أبدت الأطراف استعدادًا للتوصل إلى تسوية، بينما يواصل الوسيط التركي جهودًا حثيثة لنزع فتيل الأزمة وتقديم مقترحات توافقية(3).

هل تستعد إثيوبيا لشن حرب على «أرض الصومال»؟

في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأميركية، يوضح روبين أنه نادرًا ما يلقى أي ديكتاتور يستخدم المعسكرات للاعتقال والانتقام العرقي تقديرًا، ويشير روبين إلى أنه إذا أراد آبي أحمد الحفاظ على سلطته، يجب أن يبقي إثيوبيا في حالة أزمة مستمرة.

وقد أظهرت حرب تيغراي أيضًا ضعفًا آخر في إثيوبيا: الحاجة إلى ميناء، فقد حرم استقلال إريتريا، ونتائج الحرب ضد إثيوبيا، أديس أبابا من الوصول إلى البحر الأحمر، مما جعلها تعتمد على ميناء جيبوتي.

تدعم الاستثمارات الصينية مشروع خط سكة حديد وطريق سريع من جيبوتي، والتي تستقبل حاليًا 95% من واردات إثيوبيا، ولكن عندما توسع القتال إلى ما بعد تيغراي، تم قطع خطوط السكك الحديدية والطريق، مما دفع آبي أحمد إلى البحث عن ميناء بديل. ويعد ميناء “زيلع”، الموجود في شمال جمهورية صومالياند (أرض الصومال) وعلى بعد حوالي 17 كيلومترًا من حدود جيبوتي، هدفًا محتملًا.

بدأ مؤيدو آبي أحمد في الترويج لميناء زيلع كسبيل لإحياء تاريخ قديم، حيث كان الميناء في السابق يخدم مدينة هرار الإثيوبية، كما أن ميناء زيلع يمثل نقطة مهمة في النقاش حول إنشاء أسطول إثيوبي جديد، وهو ما يبدو غير منطقي لدولة حبيسة.

وعلى الرغم من أن إثيوبيا تعتبر واحدة من أكبر دول إفريقيا من حيث السكان بعد نيجيريا، إلا أن صوماليلاند أصغر بكثير من حيث الحجم والسكان. والميناء، رغم كونه معزولًا نسبيًا، فإن التحرك نحو زيلع قد يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك الأراضي الوعرة والبعيدة.

ورغم أن صوماليلاند تعتبر من بين أكثر الدول الديمقراطية في إفريقيا، فإن انفصالها عن الصومال في عام 1991 لا يزال غير معترف به دوليًا، مما يجعلها مثل تايوان في كونها دولة فعالة غير معترف بها. وفي المقابل، بينما يتجه آبي أحمد نحو الصين وتركيا وإيران وإريتريا، تتلقى صوماليلاند الدعم من بريطانيا والدنمارك وكينيا، كما أن الاتحاد الأوروبي موجود هناك بشكل متكرر.

قد تكون هناك دوافع تجارية وراء انزعاج الصين من صوماليلاند، نظرًا لأن التوسعات في ميناء بربرة تشكل منافسة متزايدة لميناء جيبوتي. ويعتقد روبين أن آبي أحمد قد يتوقع دعم الصين في حال اتخاذه خطوات نحو زيلع، سواء لمعاقبة تايوان أو لدعم الاستثمارات الصينية في جيبوتي. ولكن، من المحتمل أن يؤدي الهجوم الإثيوبي على زيلع إلى تصاعد التوترات في المنطقة، حيث قد يشعل فتيل النزاع ويزعزع استقرار جيبوتي، مما يؤدي إلى زيادة الهجرة والاضطرابات في الشرق الأوسط وأوروبا.

ويشير روبين إلى أن واشنطن قد تكون على خطأ إذا اعتقدت أنه لا يوجد لها مصلحة في القرن الإفريقي؛ حيث إن استقرار مينائي زيلع وجيبوتي مهم لتأمين حركة التجارة البحرية العالمية.

وفي هذا السياق: يرى روبين أن الدبلوماسية الحكيمة من قِبَل الإدارة الأميركية يمكن أن تساهم في تجنب تصاعد الأزمة. وقد يكون من الضروري أن يقوم المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي بزيارة زيلع عبر هرجيسا، لتأكيد التزام الولايات المتحدة بالاستقرار في المنطقة، وتجنب أي تصور قد يؤدي إلى تصعيد النزاع(4).

سياقات الأزمة:

توترات إقليمية متزايدة:

تتزايد التوترات في منطقة القرن الإفريقي، بما في ذلك السودان وكينيا وإريتريا؛ فضلًا عن الصومال، وقد حذرت التقارير من أن التوترات بين الصومال وإثيوبيا قد تؤدي إلى تقليص التعاون في مكافحة الإرهاب، مما يزيد من احتمالات التوترات الحدودية ويشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.

تقارب بين الحوثيين وحركة الشباب:

كشفت التقارير عن محادثات بين حركة الشباب والحوثيين بشأن التعاون العسكري، مما قد يؤدي إلى تفاقم الفوضى في منطقة البحر الأحمر وباب المندب.

رغم وجود بعض التكهنات حول التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب، لا تزال الأدلة غير مؤكدة(5).

التداعيات المحتملة:

قد ينتج عن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال عدة تداعيات تؤثر على منطقة القرن الإفريقي؛ أبرزها:

1. ضعف التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب: قد يؤدي قطع الصومال علاقاته الدبلوماسية مع إثيوبيا إلى سحب القوات الإثيوبية التي تقاتل “حركة الشباب” في الصومال، وقد يزيد ذلك من نشاط “حركة الشباب” ويؤدي إلى تصعيد الهجمات ضد القوات الإثيوبية وزيادة تأثير الحركة في المنطقة.

2. تبني دول إقليمية ودولية للموقف الإثيوبي: قد تسعى أرض الصومال إلى إقناع دول أخرى بتبني موقف إثيوبيا، مما قد يمثل نجاحًا دبلوماسيًّا لها ويشجع دولًا أخرى على الاعتراف بها.

3. توتر علاقات إثيوبيا مع جيرانها: قد يواجه الاتفاق توترات إقليمية مع الحكومة الصومالية وفقدان السيطرة على ميناء بربرة، مما قد يزيد من عدم الاستقرار في القرن الإفريقي ويؤثر على مصالح دول؛ مثل: جيبوتي وأريتريا.

السيناريوهات المستقبلية:

1. احتمالية الوساطة الإقليمية والدولية: قد تتعرض إثيوبيا لضغوط دولية وإقليمية لسحب اعترافها بـ “أرض الصومال” والتوصل إلى حل وسط، هذا السيناريو مرجح بالنظر إلى المصالح الدولية والإقليمية الكبيرة في منطقة القرن الإفريقي.

2. إمكانية التدخل العسكري: رغم اتخاذ الصومال إجراءات دبلوماسية، فإن التدخل العسكري يبدو صعبًا نظرًا للوضع الداخلي الضعيف نتيجة الحرب ضد “حركة الشباب”.

الخلاصة:

تُظهر العلاقة بين الصومال وأثيوبيا أن الصراعات الإقليمية يمكن أن تكون متجذرة في التاريخ وتتشابك مع المصالح الدولية، بينما تسعى أثيوبيا لتحقيق طموحاتها التوسعية تحت غطاء التنمية والتعاون، يظل الصراع مع الصومال مثالاً على كيفية تأثير التراكمات التاريخية على العلاقات بين الدول وتشكيل سياساتها المعاصرة.

وتبقى الأوضاع متوترة، وتبقى مسألة الاعتراف الدولي بأرض الصومال موضوعًا خلافيًّا معقدًا سيظل التفاعل بين التطورات الإقليمية والدولية عاملًا حاسمًا في تحديد مسار العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في المستقبل.

وتبقى جهود الوساطة التركية محورًا رئيسيًّا في محاولة الوصول إلى اتفاق يضمن مصالح جميع الأطراف ويعزز الاستقرار في المنطقة. نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الأطراف المعنية على تجاوز خلافاتها والوصول إلى صيغة توافقية تحافظ على سيادة الصومال وتلبي الطموحات التجارية لإثيوبيا.

في النهاية: تسعى إثيوبيا لتعزيز نفوذها في المنطقة وتعمل على استخدام جميع الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافها؛ مما قد يتسبب في مزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي.

المصادر:

1_ المركز الإفريقي للأبحاث والدراسات

2_ بي بي سي

3_ قراءات إفريقية

4_ الشرق الأوسط

5_ مركز المستقبل للدراسات

6_ مركز رع للدراسات والأبحاث

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.