مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات - نسخة تجريبية
تداعيات الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية.. دراسة في الأسباب والآثار
في سياق الاحتفالات بالعيد الوطني للمغرب، الذي صادف يوم الثلاثاء 30 يوليو 2024، وجَّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد فيها على اعتراف فرنسا بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب بشأن الصحراء الغربية، وذلك في إطار السيادة المغربية.
وأوضح ماكرون في رسالته: أن فرنسا تعتبر هذه المبادرة التي طرحت في عام 2007 كأساس وحيد للتوصل إلى حل دائم وعادل للقضية، مشددًا على دعم بلاده الثابت والواضح لهذه الخطة. وأضاف: إن مبادرة الحكم الذاتي ستكون الأساس الوحيد لحل سياسي مستدام وقابل للتفاوض وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي.
لم يكن هذا التوجه الفرنسي مفاجئًا، فقد سبقه تفهم فرنسي لافت في فبراير الماضي، عندما أعلن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال زيارته للمغرب عن دعم فرنسا “الواضح والمستمر” لمبادرة الحكم الذاتي، مما ساهم في تحسين العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ.
تهدف هذه الدراسة إلى تتبع مسار العلاقات المغربية الفرنسية من فترة الاستعمار، مرورًا بالاستقلال، وصولًا إلى الاعتراف الأخير، مع التركيز على دوافعه وتبعاته على العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى العلاقات الفرنسية مع دول الجوار المغربي، بالإضافة إلى الموقف الأممي من القضية.
نظرة تاريخية على العلاقات المغربية الفرنسية:
تعد العلاقات الفرنسية المغربية تاريخية ومعقدة، حيث تشمل جوانب معنوية ومادية، وتغطي أبعادًا سياسية، واقتصادية، وثقافية، واجتماعية. وقد مرت هذه العلاقات بمرحلتين رئيسيتين: مرحلة الاستعمار، ومرحلة الاستقلال وما بعدها.
الفترة الاستعمارية:
بدأت العلاقات بين فرنسا والمغرب تتعمق بشكل كبير في القرن التاسع عشر، وانتهت باحتلال فرنسا للمغرب عام 1912 بعد توقيع معاهدة فاس، ووضعت معاهدة فاس التي أبرمت في 30 مارس 1912 المغرب تحت الحماية الفرنسية، حيث احتفظ السلطان عبد الحفيظ بالسيادة النظرية، بينما تولت فرنسا السيطرة الفعلية على الشؤون الداخلية والخارجية للمغرب. أسست فرنسا إدارة استعمارية تحت قيادة المقيم العام، وجرى تقسيم المغرب إلى مناطق تديرها سلطات فرنسية.
شهدت هذه الفترة استغلالًا اقتصاديًّا واسعًا، حيث استثمرت فرنسا في استخراج الموارد الطبيعية؛ مثل: الفوسفات، والمعادن، وأقامت شركات فرنسية لاستغلال هذه الموارد؛ مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد المحلي وخلق تبعية اقتصادية للمغرب. كما تم اعتماد نظام تعليمي فرنسي، مما أدى إلى انتشار اللغة والثقافة الفرنسية بين النخب المغربية.
رغم ذلك، لم يتمكن الاستعمار الفرنسي من القضاء على حركات المقاومة الوطنية. فقد ظهرت حركات وطنية مثل حركة الاستقلال، التي قادها شخصيات بارزة؛ مثل: علال الفاسي، ومحمد الخامس، والتي نظمت احتجاجات ومظاهرات وأحيانًا أعمال مقاومة مسلحة بفضل النضال المستمر، تم التوصل إلى استقلال المغرب في 2 مارس 1956م(1).
الاستقلال وما بعده:
استمرت العلاقات بين فرنسا والمغرب قوية بعد الاستقلال، حيث احتفظت فرنسا بنفوذ اقتصادي وثقافي كبير في المغرب. لا تزال الشركات الفرنسية تعمل في المغرب، ويواصل الطلاب المغاربة الدراسة في فرنسا. شملت عوامل الاستقلال النضال الوطني، دور السلطان محمد الخامس، وتأثير الحرب العالمية الثانية على القوى الاستعمارية(2).
جهود توحيد الأراضي المغربية:
بعد الاستقلال، واصل المغرب جهود استعادة المناطق التي كانت تحت الحماية الإسبانية. استعاد المغرب منطقة طنجة الدولية في عام 1956، وتوالت استعادة المناطق الأخرى؛ مثل: طرفاية، وسيدي إفني. وقد سعى المغرب لاستعادة الصحراء الغربية من إسبانيا، وهو ما تحقق جزئيًّا من خلال المسيرة الخضراء في نوفمبر 1975، حيث نجح المغرب في استعادة جزء كبير من الصحراء الغربية عبر الضغط على إسبانيا.
تسبب النزاع حول الصحراء الغربية في استمرار التوترات، حيث أعلنت جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، قيام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، مما أدى إلى نزاع مسلح استمر حتى وقف إطلاق النار في عام 1991، الذي رعايته الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، تجري محاولات لحل النزاع عبر المفاوضات، ويستمر الوضع الحالي للصحراء الغربية في التميز بين السيطرة المغربية والبعثة الأممية “مينورسو”.
تطورات ملف الصحراء الغربية:
1. النزاع المبكر واستعادة السيطرة المغربية:
بعد استقلال المغرب عن فرنسا عام 1956، بدأ المغرب في استعادة السيطرة على الأراضي التي كانت تحت الحماية الإسبانية. ففي نوفمبر 1975، نظم الملك الحسن الثاني “المسيرة الخضراء” وهي مسيرة سلمية ضخمة ضمت حوالي 350,000 مغربي، مما دفع إسبانيا إلى الدخول في مفاوضات مع المغرب وموريتانيا.
ونتيجة لهذه الضغوط، تم توقيع اتفاقية مدريد في 14 نوفمبر 1975 بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا، والتي نصت على انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية وتقسيمها بين المغرب وموريتانيا. في 26 فبراير 1976، انسحبت إسبانيا رسميًّا من الصحراء الغربية، مما سمح للمغرب بضم جزء كبير منها.
2. إعلان جبهة البوليساريو:
بعد انسحاب إسبانيا، أعلنت جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، قيام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” في 1976. وبدأت الجبهة حربًا مسلحة ضد المغرب، مما أدى إلى نزاع طويل ومعقد حول المنطقة.
3. انسحاب موريتانيا:
في عام 1979، انسحبت موريتانيا من الصحراء الغربية، وضم المغرب حصتها من المنطقة، مما ساهم في تعزيز السيطرة المغربية على الصحراء الغربية.
4. وقف إطلاق النار:
في عام 1991، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو. منذ ذلك الحين، فشلت عدة جولات للمفاوضات برعاية أممية في التوصل إلى تسوية دائمة للنزاع.
5. التوترات الحديثة:
في عام 2016، شهدت منطقة الكركرات توترات بين جبهة البوليساريو والمغرب، حيث تدخلت بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” لمنع المواجهات، وسحب الطرفان قواتهما بعد تدخل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
6. إغلاق المعبر الحدودي:
في أكتوبر 2020، أغلق نشطاء صحراويون المعبر الحدودي الوحيد الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته إلى غرب إفريقيا عبر الأراضي الموريتانية.
7. إقامة الحزام الأمني:
في نوفمبر 2020، أعلن المغرب عن إقامة حزام أمني لتأمين المعبر الحدودي في منطقة الكركرات، بينما أعلنت جبهة البوليساريو انتهاء وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه قبل حوالي 30 عامًا.
8. الاعترافات الدولية:
في 2022، أعلنت إسبانيا: أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في عام 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية لتسوية النزاع. وفي 2023، اعترفت إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وقررت دراسة افتتاح قنصلية في مدينة الداخلة تكريسًا لهذا القرار(3).
تطور العلاقات السياسية والدبلوماسية بين فرنسا والمغرب:
تتميز العلاقات بين فرنسا والمغرب بقوة وشمولية، حيث تتجلَّى هذه العلاقات من خلال تبادل الزيارات الرسمية وتعاون مستمر في عدة مجالات، لدى البلدين سفارات وقنصليات متبادلة، مما يعكس مستوى التعاون الدبلوماسي، فرنسا تلعب دورًا داعمًا في مجالات الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب.
الزيارات الرسمية:
العلاقات بين المغرب وفرنسا قد شهدت العديد من الزيارات الرسمية التي ساهمت في تعزيز التعاون بين البلدين. الملك الحسن الثاني قام بعدة زيارات إلى فرنسا خلال فترة حكمه من 1961 إلى 1999، والتي كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية. الملك محمد السادس استمر في هذه التقاليد بعد توليه العرش في عام 1999، حيث قام بالعديد من الزيارات الرسمية إلى فرنسا، واجتمع مع الرؤساء الفرنسيين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية.
على الجانب الفرنسي: قام جميع رؤساء فرنسا بزيارات رسمية إلى المغرب منذ الاستقلال. من شارل ديغول إلى إيمانويل ماكرون، جميعهم أكدوا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين. زيارة الملك محمد السادس إلى فرنسا في 2019، وزيارة ماكرون إلى المغرب في 2017 كانت من أبرز هذه الزيارات، حيث تم خلالها بحث القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية(4).
العلاقات الاقتصادية والتجارية بين فرنسا والمغرب:
فرنسا تعتبر من أكبر الشركاء التجاريين للمغرب، وتساهم الشركات الفرنسية في مجموعة متنوعة من القطاعات بالمغرب، مثل: البنوك والتأمين والبنية التحتية والطاقة. يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 10 مليارات يورو سنويًا، يتضمن الصادرات والواردات.
أهم الصادرات المغربية إلى فرنسا:
تشمل الصادرات المغربية إلى فرنسا المنتجات الزراعية؛ مثل: الفواكه والخضراوات، والملابس والمنسوجات، والمعدات الكهربائية، والسيارات، والفوسفات.
أهم الصادرات الفرنسية إلى المغرب:
تتضمن الصادرات الفرنسية إلى المغرب السيارات، والطائرات، والمعدات الكهربائية، والأجهزة الطبية، والمنتجات الغذائية، والأزياء والعطور.
الشركات الفرنسية تستثمر بشكل كبير في المغرب، بما في ذلك في مشاريع في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية(5).
البُعد الاجتماعي في العلاقات بين فرنسا والمغرب:
البُعد الاجتماعي أصبح جزءًا مهمًّا في العلاقات بين البلدين. هناك عدد كبير من المغاربة المقيمين في فرنسا، ويبلغ عددهم حوالي 1.5 مليون شخص. هذه الجالية تساهم بشكل كبير في المجتمع الفرنسي من خلال العمل والأنشطة الاقتصادية والثقافية. المغاربة في فرنسا يحتفظون بتراثهم الثقافي ويشاركون في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
كما يوجد عدد من الفرنسيين المقيمين في المغرب، حيث يساهمون في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية. التحويلات المالية من المغاربة المقيمين في فرنسا إلى عائلاتهم في المغرب تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد المغربي(6).
الاعتراف الفرنسي بالصحراء كمغربية.. التحول من تحدٍّ إلى محفِّز:
قضية الصحراء الغربية كانت دائمًا تحديًا في السياسة الخارجية المغربية، وخاصة في علاقاتها مع فرنسا حتى يوليو 2024؛ لم يكن هناك اعتراف رسمي من فرنسا بمغربية الصحراء. موقف فرنسا كان يسعى للحفاظ على توازن بين المغرب والجزائر(7).
الجزائر تستنكر “اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية”:
أعربت الجزائر عن استنكارها الشديد لقرار الحكومة الفرنسية بدعم خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لتسوية النزاع في الصحراء الغربية، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية يوم الخميس.
وحذرت الجزائر فرنسا من أن هذا القرار يتعارض مع المصلحة العليا للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيانها: إن الحكومة الجزائرية تلقت القرار الفرنسي بـ “أسف كبير واستنكار شديد”، معتبرةً أن قرار الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لمخطط الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية هو “قرار غير متوقع، غير موفق، وغير مجدٍ”.
وأضاف البيان أن القرار الفرنسي ناتج عن “حسابات سياسية مشبوهة وافتراضات غير أخلاقية وقراءات قانونية تفتقر إلى الأسس السليمة”.
ووصفت الجزائر القرار بأنه “لا يساهم في توفير الظروف اللازمة” للتوصل إلى تسوية سلمية لقضية الصحراء الغربية، بل على العكس، يساهم مباشرة في “تفشي حالة الجمود والانسداد” التي تسببت بها خطة الحكم الذاتي المغربية على مدار أكثر من 17 عامًا.
واتهمت الجزائر فرنسا بأنها بهذا القرار “تناقض وتعرقل” الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإعطاء زخم جديد لمباحثات التسوية السياسية للنزاع في الصحراء الغربية(8).
فرنسا ترفض التعليق على غضب الجزائر من الاعتراف بمغربية الصحراء:
تطرقت «وكالة الأنباء الفرنسية» ضمن قصاصة لها، مساء الخميس، إلى تعبير الجزائر عن «استنكار شديد» لموقف الحكومة الفرنسية، التي أبلغتها «في الأيام الأخيرة» بقرارها الاعتراف بمغربية الصحراء، ودعم مخطط «الحكم الذاتي» تحت سيادة الرباط.
وأورد المنبر الإعلامي نفسه أن مكتب وزير الخارجية الفرنسي رفض التعليق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» على بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية. مضيفًا: أن هذا القرار «قد يؤثر على موعد الزيارة التي يفترض أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفرنسا، نهاية سبتمبر 2024 أو بداية أكتوبر 2024 المقبلين، بعد تأجيلات متعددة بسبب الخلافات بين البلدين».
وشددت الوكالة على أنه «سبق لفرنسا أن عبَّرت عن دعمها الواضح والمستمر لمقترح الحكم الذاتي خلال زيارة وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه للمغرب، في فبراير الماضي 2023، ما ساهم في تحسين العلاقات بين باريس والرباط»(9).
المقترح المغربي للحكم الذاتي:
المبادرة المغربية، المعروفة بـ”المبادرة المغربية بشأن التفاوض لتخويل الصحراء حُكمًا ذاتيًا”، تم تقديمها في 2007 كحل لقضية الصحراء الغربية. المقترح يشمل منح الصحراء حكمًا ذاتيًا تحت السيادة المغربية بدلًا من الاستقلال الكامل. المبادرة تتضمن التزام المغرب بإيجاد حل سياسي نهائي ومنح الصحراويين دورًا في إدارة شؤونهم ضمن إطار الحكم الذاتي(10).
الموقف الفرنسي قبيل الاعتراف:
فرنسا كانت تدعم الجهود المغربية دون الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء. موقفها كان يعكس توازنًا بين علاقاتها مع المغرب والجزائر، مع دعم المبادرة المغربية كإطار جدي للتفاوض دون الاعتراف الرسمي بالسيادة المغربية.
الأسباب الدافعة للاعتراف الفرنسي:
– تعزيز العلاقات الثنائية: إعادة تقييم الإستراتيجيات لتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية مع المغرب.
– الاستقرار الإقليمي: دعم الاستقرار والنمو الاقتصادي في المنطقة.
– إعادة ترتيب العلاقات مع الجزائر: توازن بين علاقاتها مع المغرب والجزائر.
– الضغوط الدولية: دعم الحلول التي تستند إلى القرارات الدولية.
– المصالح الاقتصادية: تعزيز التعاون في مجالات التجارة والطاقة والاستثمارات(11).
تداعيات الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية:
هذا الاعتراف، الذي يعتبر تحولًا ملحوظًا في السياسة الفرنسية، له تأثيرات كبيرة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب، الوضع الإقليمي، والتوازنات السياسية الدولية.
1. تأثيرات على العلاقات الفرنسية – المغربية:
أدى الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب بشكل ملحوظ؛ هذه الخطوة تُعزز من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مجالات عديدة؛ مثل: الأمن والتجارة والاستثمار.
المغرب الذي يعتبر حليفًا مهمًّا لفرنسا في شمال أفريقيا، قد يشهد زيادة في الاستثمارات الفرنسية وتعاون أعمق في مشاريع التنمية. فرنسا بدورها تسعى للاستفادة من هذه العلاقة الإستراتيجية في تعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة.
2. ردود فعل الجزائر والتوترات الإقليمية:
أثارت الخطوة الفرنسية استنكارًا شديدًا من الجزائر التي اعتبرت الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية تدخلًا غير مبرر في شؤون المنطقة، واعتبرته خطوة تتناقض مع مصالح السلم والاستقرار الإقليمي.
الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو وتستضيف قياداتها، سعت إلى التصعيد ضد القرار الفرنسي؛ مما أدى إلى توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا؛ هذا التصعيد قد يؤثر على التعاون الثنائي بين البلدين ويعقد العلاقات الدبلوماسية في المنطقة.
3. تأثيرات على الوضع الإقليمي:
الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية يعكس تغييرًا في المواقف الإقليمية وقد يساهم في تحفيز تحركات سياسية جديدة. القرار قد يشجع دولًا أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة، مما قد يؤثر على التوازن الإقليمي؛ كما أن هذا الاعتراف قد يعزز من موقف المغرب في مفاوضات الحل النهائي للنزاع، ويؤثر على الديناميات السياسية في المنطقة.
4. تأثيرات على السياسة الدولية:
في المستوى الدولي يأتي الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية في وقت حساس حيث تتباين مواقف الدول والمنظمات الدولية بشأن النزاع؛ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي؛ بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى، ما زالوا يدعون إلى حل سياسي متفاوض عليه. في هذا السياق قد يُنظر إلى الاعتراف الفرنسي كخطوة تؤدي إلى إحداث تغييرات في سياسات بعض الدول تجاه قضية الصحراء الغربية، وتستدعي إعادة تقييم استراتيجيات السياسات الدولية.
5. تأثيرات اقتصادية:
من الناحية الاقتصادية، قد يفتح الاعتراف الفرنسي أبوابًا جديدة للتعاون بين فرنسا والمغرب، خصوصًا في المجالات الاقتصادية مثل التجارة والاستثمار. فرنسا باعتبارها واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للمغرب، قد تجد في هذه الخطوة فرصة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب. في المقابل قد تؤدي هذه الخطوة إلى تعقيد علاقات فرنسا الاقتصادية مع الجزائر، التي تعد أيضًا شريكًا اقتصاديًّا مهمًّا.
6. ردود فعل الشعب المغربي والجبهة:
على المستوى الشعبي، قد يُنظر إلى الاعتراف الفرنسي كمؤشر على دعم دولي لموقف المغرب، مما يعزز من الروح الوطنية ويقوي من موقف الحكومة المغربية في التفاوض حول الصحراء الغربية. من جهة أخرى: فإن جبهة البوليساريو قد تستنكر القرار الفرنسي وتعتبره تقويضًا لحقوق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، مما قد يزيد من التوترات في المنطقة(12).
الخلاصة:
الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الغربية يمثل تحولًا بارزًا في السياسة الفرنسية تجاه النزاع، وله تأثيرات واسعة النطاق تشمل العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب، التوازنات الإقليمية، والسياسة الدولية.
بينما يعزز هذا الاعتراف من موقف المغرب ويقوي علاقاته مع فرنسا، فإنه يثير توترات مع الجزائر، ويعيد ترتيب الأوضاع في سياق الصحراء الغربية.
في النهاية: العلاقات بين فرنسا والمغرب تظل إستراتيجية ومتعددة الأبعاد، والاعتراف الفرنسي الأخير قد يفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع تحديات في العلاقات مع الجزائر.
المصادر:
1_ الجزيرة
2_ بي بي سي
3_مجلة الدراسات العليا لجامعة النيلين
4_ الإندبندنت
6_ تريندز
7_ بناصا
8_ فرانس 24
9_ الشرق الأوسط
10_ مقاتل الصحراء
11_ هسبرس
12_ الحرة