fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

منح أموال روسيا إلى أوكرانيا بين المؤيدين والمعارضين

49

منح أموال روسيا إلى أوكرانيا بين المؤيدين والمعارضين

في سياق التصعيد الذي شهدته الأزمة الروسية الأوكرانية، شهدت السنوات الأخيرة تطورات مهمة على صعيد العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا؛ ففي فبراير 2022، على خلفية التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، قررت مجموعة السبع الكبرى والاتحاد الأوروبي تجميد مبلغ ضخم قدره حوالي 300 مليار يورو (325 مليار دولار) من احتياطيات البنك المركزي الروسي؛ هذا القرار كان أحد أبرز الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها الغرب بهدف الضغط على موسكو، إذ شكلت هذه الأصول نحو نصف احتياطيات روسيا من الأصول الأجنبية، والتي كانت مودعة أساسًا في دول مجموعة العشرين.

ومع مرور الوقت، تصاعدت التوترات بشكل أكبر، ففي يونيو 2024، وافقت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على استخدام الفوائد الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة لتمويل دعم إضافي لأوكرانيا.

تمثل هذا الدعم في قرض بقيمة 50 مليار دولار، يهدف إلى تعزيز قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد التصعيد الروسي المستمر.

مصادرة الأصول الروسية:

في خطوة لاحقة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في 26 يوليو 2024، عن تحويل مبلغ 1.5 مليار يورو (1.63 مليار دولار) من عائدات الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، مما أثار ردود فعل قوية من موسكو.

في تفاصيل تجميد الأصول عقب الاجتياح الروسي لأوكرانيا، اتخذت الدول الغربية خطوات ملموسة لمعاقبة موسكو اقتصاديًا، ومن بين تلك الخطوات، كان تجميد الأصول الروسية المملوكة للبنك المركزي الروسي في الخارج، والتي بلغ مجموعها حوالي 300 مليار يورو، تمثل هذه الأصول نسبة كبيرة من الاحتياطيات الروسية في الخارج، وقد كانت مودعة في الأساس لدى دول مجموعة العشرين.

قام الأعضاء الرئيسيون في مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي بتجميد الأصول الروسية على شكل أموال نقدية وأوراق مالية، على سبيل المثال، تم تجميد حوالي 191 مليار يورو (208 مليارات دولار) من الأصول على منصة يوروكلير الدولية في بلجيكا، التي تتخصص في تسوية وحفظ الأوراق المالية، بالإضافة إلى ذلك، جمدت فرنسا نحو 19 مليار يورو (21 مليار دولار)، وألمانيا نحو 210 ملايين يورو، كما أعلنت سويسرا وبريطانيا عن تجميد أصول روسية قيمتها مجتمعة تصل إلى حوالي 30.2 مليار دولار.

إلى جانب ذلك، كانت هناك أموال مجمدة لأفراد خاضعين للعقوبات. في ألمانيا، قدرت الموارد الاقتصادية للأفراد والأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي بنحو 4.1 مليار يورو (4.5 مليار دولار)، أما في سويسرا، فبلغت قيمة الأصول المجمدة حوالي 17.6 مليار فرنك (نحو 20 مليار دولار)، وفي المملكة المتحدة قدرت بمبلغ 22.7 مليار جنيه إسترليني (29 مليار دولار)، حسب بعض التقارير التي قدرها بـ 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار). في الولايات المتحدة وكندا، قدرت الأصول المجمدة بنحو 5 مليارات دولار و328 مليون دولار على التوالي، وقد تم تنفيذ إجراءات التجميد بناءً على التشريعات المحلية للدول التي فرضت العقوبات.

هذه التطورات تعكس مدى التزام المجتمع الدولي بالضغط على روسيا من خلال أدوات اقتصادية، وتوضح كذلك عمق الانقسامات الدولية حول الصراع الروسي الأوكراني واستمرار التداعيات الاقتصادية العالمية الناتجة عنه(1).

تطور جديد.. مجموعة السبع تتفق على آلية تمويل أوكرانيا 50 مليار دولار عبر الأصول الروسية المجمدة:

اتفق قادة “مجموعة السبع” خلال قمتهم التي عُقدت في إيطاليا في الشهر الثامن من عام 2024 على تخصيص قرض جديد لأوكرانيا بقيمة 50 مليار دولار، وذلك باستخدام الفوائد الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة، حسبما أفاد مسؤول أمريكي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته.

ووفقًا للوكالة الفرنسية للأنباء، أكد المسؤول أن “التفاهم السياسي قد تم على أعلى المستويات بشأن هذا الاتفاق، وسيتم تخصيص 50 مليار دولار هذا العام لدعم أوكرانيا”.

في وقت سابق من هذا العام، أقر الاتحاد الأوروبي استخدام عائدات فوائد الأصول التي جمدها الحلفاء الغربيون للبنك المركزي الروسي، التي كانت نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، لدعم كييف، وقد أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، يوم الخميس أن قادة مجموعة السبع المجتمعين في إيطاليا توصلوا إلى اتفاق لاستغلال الأصول الروسية المجمدة بقيمة 50 مليار دولار لدعم أوكرانيا.

وأوضحت ميلوني التي ترأس بلادها مجموعة السبع هذا العام 2024، قائلة: “أؤكد لكم أننا توصلنا إلى اتفاق سياسي لتقديم دعم مالي إضافي لأوكرانيا بقيمة 50 مليار دولار بحلول نهاية العام”.

الهدف من هذا الاتفاق هو: تسريع وتيرة تقديم المساعدات عبر قرض كبير مقدمًا، على أن يُسدد في النهاية من الأرباح المستقبلية، ومع ذلك، هناك مخاطر تتعلق بإمكانية تآكل التمويل إذا تم رفع التجميد عن الأصول أو في حال التوصل إلى اتفاق سلام.

وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم جزء كبير من هذا المبلغ، ولكنه أوضح أن المساهمة قد تكون “أقل بكثير” حيث سيكون القرض مبادرة مشتركة.

وأضاف: “لن نكون المقرضين الوحيدين؛ سيكون ذلك قرضًا تضامنيًا، وسنتقاسم المخاطر لأن لدينا التزامًا مشتركًا بإنجاح الأمر.” ورغم أنه لم يحدد المبلغ بدقة، أوضح أن البيان الختامي للقادة في قمة بوليا سيتحدث عن “قروض بصيغة الجمع”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تكون الجهة المقرضة الوحيدة. من جانبه: رحَّب المستشار الألماني أولاف شولتس بالاتفاق، واصفًا إياه بـ “الاتفاق التاريخي”.

وفي تصريحات صحافية على هامش القمة في جنوب إيطاليا، قال شولتس: إن هذا الاتفاق يشكل “قاعدة للحصول على كل ما تحتاج إليه أوكرانيا في المستقبل القريب، سواء على صعيد الأسلحة أو الاستثمارات في إعادة الإعمار”. وأضاف: أن الاتفاق يُرسل “إشارة واضحة للرئيس الروسي” ويعكس تضامن الغرب مع كييف(2).

طبيعة الأصول الروسية المجمدة لدى الغرب:

الأصول التي تم تجميدها تشمل ممتلكات البنك المركزي الروسي، صندوق الرفاه الوطني، وزارة المالية، وكذلك الوكالات والأقسام الأخرى المرتبطة بالدولة الروسية. بعبارة أدق: الأصول المجمدة هي تلك التي يمكن نقلها للأغراض التي اعتمد من أجلها هذا القانون عبر آليات الصناديق الخاصة. وقدرنا أن قيمة الأصول المجمدة تصل إلى نحو 280 مليار دولار، وهي تابعة للبنك المركزي الروسي، ويتم الاحتفاظ بأغلبها في الودائع الأوروبية.

وتقع معظم هذه الأصول في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد في بلجيكا التي تحتفظ بـ191 مليار يورو، وفي فرنسا التي تحتفظ بـ19 مليار يورو، كما تحتفظ سويسرا بمبلغ يقدر بحوالي 7.8 مليار يورو، وألمانيا بـ5.3 مليار يورو، والولايات المتحدة بـ4.6 مليار يورو. تتنوع هذه الأصول بين مبالغ نقدية، وأوراق مالية وسندات.

بحسب بعض التقارير، قامت الدول الغربية، وخاصة أعضاء مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، بتجميد حوالي 260 مليار يورو (ما يقارب 280 مليار دولار) من أصول البنك المركزي الروسي، منها 191 مليار يورو (208 مليارات دولار) محظورة على منصة يوروكلير الدولية في بلجيكا، وهي مجموعة تضم جهة إيداع الأوراق المالية الدولية وبنك يوروكلير.

بينما جمدت فرنسا حوالي 19 مليار يورو (21 مليار دولار)، وألمانيا جمدت حوالي 210 ملايين يورو. أما سويسرا وبريطانيا فقد جمدت أصولًا روسية تقدر بنحو 7.7 مليار فرنك سويسري (8.8 مليار دولار) و13.7 مليار جنيه إسترليني (15.6 مليار دولار) على التوالي. وتزداد هذه المبالغ عند إضافة الأموال المجمدة للأفراد الخاضعين للعقوبات.

على سبيل المثال: في ألمانيا، تقدر الأصول المجمدة للأفراد بجانب أصول البنك المركزي بنحو 4.1 مليار يورو (4.5 مليار دولار). في سويسرا، يصل المبلغ الإجمالي إلى 17.6 مليار فرنك (حوالي 20 مليار دولار)، وفي المملكة المتحدة، تقدر بـ22.7 مليار جنيه إسترليني (29 مليار دولار)، بينما ذكرت صحيفة “الغارديان” أنها قد تصل إلى 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار).

وفي الولايات المتحدة، تقدر الأصول المجمدة بنحو 5 مليارات دولار، وفي كندا بـ328 مليون دولار. وتم تجميد هذه الأصول بناءً على التشريعات المحلية للدول التي فرضت العقوبات.

رغم أن بلجيكا تحتفظ بالنصيب الأكبر من هذه الأصول، من غير المرجح أن تقوم بروكسل بمصادرتها. في الاتحاد الأوروبي، لا يُعتبر الاستيلاء على الأصول أمرًا محتملًا، بناءً على ميثاق الاتحاد الأوروبي الذي ينص على تعويضات متناسبة، بينما لا تتبع المملكة المتحدة مسار المصادرة، وأكدت سويسرا في فبراير 2023 أنها لا تمتلك مثل هذه الآليات.

تحتفظ بلجيكا بأعداد كبيرة من الحسابات التي تمر عبرها الأموال الروسية، وقد اقترحت بلجيكا، وهي التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي حتى النصف الأول من عام 2024، استخدام الأصول المجمدة كضمان لسندات يمكن إصدارها لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا.

وبموجب هذه الخطة، قد تقوم دول الاتحاد الأوروبي بنقل الأصول إلى كييف إذا رفضت روسيا دفع تعويضات لأوكرانيا بعد انتهاء النزاع.

وقد عبر رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، عن هذه الفكرة في يناير 2024، وتبعتها المملكة المتحدة بتأييد هذا الخيار في مارس. وصرح بعض وزراء الخارجية الأوروبيين أن هناك فرصة لاستخدام القروض المشتركة أو السندات التي تعتمد على الأصول الروسية المجمدة كضمان لتوفير الأموال لأوكرانيا، مع تأكيد الدفع عند دفع روسيا للتعويضات(3).

موسكو تنتقد دعوة مجموعة السبع لمنح كييف قروضًا من عائدات الأصول الروسية المجمدة:

انتقدت روسيا بشدة القرض البالغ مليار يورو الذي أعلنت دول مجموعة السبع “G7” أنها ستقدمه لأوكرانيا، والذي سيتم تمويله من عائدات الأصول الروسية المجمدة.

وفي مؤتمر صحفي وصفت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، هذا الإجراء بأنه “عمل إجرامي وساخر” يشكل “ضربة جديدة للقانون الدولي”، وأكدت زاخاروفا أن استخدام الأموال التي تُعتبر مسروقة من روسيا لدعم العمليات العسكرية الأوكرانية يمثل انتهاكًا خطيرًا للقوانين الدولية.

كما هددت زاخاروفا بأن رد الفعل الروسي على هذه الخطوة سيكون “مؤلمًا” لبروكسل، مشيرة إلى أن هذا القرض سيكون له عواقب وخيمة، وأوضحت أن مثل هذه المبادرات تضر بالنظام المالي العالمي وقد تؤدي إلى أزمات اقتصادية مدمرة، وأضافت أن هناك تأثيرات مباشرة متوقعة على الشركات الأوروبية العاملة في روسيا نتيجة لهذه الخطة.

وأشارت زاخاروفا إلى أن هناك ممتلكات ورؤوس أموال أوروبية كافية في روسيا، مشيرة إلى تصريحات سابقة من جانب المتحدثين باسم الحكومة الروسية بشأن المصادرات المحتملة.

في المقابل: تعامل الكرملين بحذر مع هذه الأنباء، حيث صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن روسيا ستراقب تطورات قمة “G7” عن كثب، ولكنه لم يُدلِ بأي تعليق حول القرارات المحتملة التي قد يتم اتخاذها(4).

منح أموال روسيا إلى أوكرانيا بين المؤيدين والمعارضين:

تعد مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا قضية معقدة من الناحية القانونية، ولها أبعاد أخلاقية وسياسية متعددة، يتطلب هذا القرار التعامل مع تحديات قانونية ودبلوماسية كبيرة، وقد يحتاج إلى قرارات قضائية أو تشريعية خاصة لتأكيد شرعيته.

حجج المؤيدين:

1. عقوبة ضرورية: تعتبر الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية أن تجميد الأصول الروسية كان إجراءً عقابيًّا ضروريًّا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا. ويفسرون استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا على أنها تعويض عن الأضرار التي تعرضت لها.

2. الحجج القانونية: يجادل بعض الخبراء القانونيين بأن العقوبات التي تفرضها الدول تسمح باستخدام الأموال المجمدة لأغراض معينة؛ مثل: المساعدة الإنسانية أو إعادة الإعمار، بشرط أن يتم ذلك بشفافية وتحت رقابة صارمة.

3. السوابق: يشير الخبراء إلى أمثلة سابقة حيث تم استخدام أموال مجمدة من دول أخرى لتمويل جهود إعادة الإعمار. على سبيل المثال، تم استخدام أموال مجمدة من يوغوسلافيا والعراق لتمويل مشاريع إعادة الإعمار.

4. تعويض مشروع: يرى بعض المختصين أن تجميد الأصول الروسية كان عقوبة مشروعة بسبب تصرفات روسيا ضد أوكرانيا. لذا فإن استخدام هذه الأموال لتعويض أوكرانيا عن الأضرار هو إجراء منطقي. ويشيرون إلى أن الأموال المجمدة تابعة للدولة الروسية وليست ملكية خاصة، مما يجعل استخدامها لأغراض دعم أوكرانيا ليس بمثابة مصادرة لأموال الأفراد.

موقف المعارضين:

1. رفض روسي: تعارض روسيا بشدة هذه الخطوة، معتبرة إياها سرقة لأموالها وانتهاكًا للقانون الدولي.

2. مخاوف قانونية: يرى بعض الخبراء أن مصادرة الأصول دون حكم قضائي يشكل سابقة خطيرة قد تقوض حقوق الملكية الخاصة وتفتح المجال لسوء الاستخدام؛ كما يشيرون إلى عدم وضوح الأساس القانوني لاستخدام الأموال المجمدة دون موافقة رسمية من روسيا أو قرار من مجلس الأمن الدولي.

3. التأثير على الاستقرار المالي: تحذر بعض الدول من أن استخدام الأموال المجمدة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار المالي العالمي وتقويض الثقة في النظام المالي الدولي.

4. سابقة خطيرة: يُحذر منتقدون من أن استخدام الأصول الروسية المجمدة قد يُشكل سابقة خطيرة لانتهاك حقوق الملكية، مما قد يُشجع على مصادرة الأموال لأغراض سياسية في المستقبل.

5. مجلس الأمن: يشير المعارضون إلى أن الأموال المجمدة تخضع للقوانين الدولية، ويتطلب استخدامها موافقة من مجلس الأمن الدولي، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

6. تصعيد التوترات: يشعر الرافضون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين روسيا والدول الغربية، مما قد يفاقم الصراع القائم(5).

سوابق غربية لاستخدام الأصول المجمدة للدول:

1. العراق بعد حرب الخليج: بعد حرب الخليج الأولى، تم تجميد أصول عراقية في عدة دول، واستخدمت بعض منها في برنامج “النفط مقابل الغذاء” الذي أطلقته الأمم المتحدة لدعم المساعدات الإنسانية.

2. ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي: بعد سقوط نظام معمر القذافي، جُمدت أصول ليبية في عدة دول، وتم استخدام بعض منها لدعم الحكومة الليبية الجديدة في جهود إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية.

3. الأصول الإيرانية المجمدة: في بعض الحالات، تم استخدام الأصول الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة لأغراض إنسانية أو لتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية، مثل قرار محكمة أمريكية في 2016 باستخدام بعض الأصول الإيرانية لتعويض ضحايا هجمات 11 سبتمبر، رغم الجدل القانوني حول ذلك.

4. أفغانستان بعد سقوط طالبان: بعد سقوط حكومة طالبان في 2001، تم تجميد أصول أفغانية في الخارج، واستخدمت بعض هذه الأصول لدعم الحكومة الأفغانية الجديدة وللأغراض الإنسانية.

على الرغم من هذه السوابق، فإن استخدام الأصول المجمدة لدعم دولة أخرى يتسم بتعقيدات قانونية وسياسية كبيرة، ويتطلب عادةً سندًا قانونيًّا قويًّا؛ مثل: قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو تشريعات وطنية محددة.

القيود القانونية والسياسية على استخدام الأصول المجمدة لدعم أوكرانيا:

القيود القانونية:

1. القانون الدولي:

   – اتفاقيات جنيف: تنص على حماية ممتلكات الدولة أثناء النزاعات المسلحة، وقد يُعتبر استخدام الأصول المجمدة انتهاكًا لهذه الاتفاقيات.

   – قرارات الأمم المتحدة: قد تتطلب بعض الأصول المجمدة قرارات محددة من مجلس الأمن للإفراج عنها أو استخدامها لأغراض معينة.

2. القوانين الوطنية:

   – التشريعات المحلية: في العديد من الدول، يتطلب استخدام الأصول المجمدة موافقة قضائية أو تشريعية، مما يجعل عملية التحويل قانونيًا صعبة بدون هذه الموافقات.

   – القيود القضائية: يمكن للكيانات المتضررة؛ مثل: الحكومة الروسية أو الشركات الروسية، رفع دعاوى قضائية للطعن في استخدام الأصول المجمدة، مما قد يؤدي إلى تأخير أو منع استخدامها(7).

ردود أفعال روسية حلو القرار:

ردًّا على الموقف الأخير، أعلن أحد المندوبين في الاتحاد الأوروبي في 21 مايو 2024 أن الاتحاد سيواجه عاجلًا أم آجلًا ضرورة إعادة الأصول الروسية المجمدة التي تم الاستيلاء عليها. وحذر من أن “العواقب المترتبة على هذه السابقة ستكون غير متوقعة، وقد تؤثر على منطقة اليورو، واقتصادات الدول الأعضاء في الاتحاد ومناخ الاستثمار”.

من جانبها، حذرت مديرة أحد البنوك المركزية من أن بلادها ستتخذ “الإجراءات المناسبة لحماية مصالحها إذا تصرف الغرب بالأصول الروسية المجمدة”.

وفي تصريحات أكثر وضوحًا، أكد أحد المسؤولين الماليين أن “إذا تم حجز الممتلكات والأموال والاحتياطات الخاصة بنا من قبل الدول الغربية واستخدامها، فإننا سنتصرف بنفس الطريقة تمامًا، وسنصادر جميع الأصول التي تمتلكها الدول الغربية في بلدنا”.

وفي تصريح سابق في فبراير2024، أشار إلى أن بلاده جمدت أصولًا غربية بقيمة لا تقل عما جمده الغرب.

محاذير:

يرى بعض الخبراء والمراقبين: أن قرار تحويل عائدات الأصول الروسية المجمدة كمساعدة عسكرية لدعم أوكرانيا، إن حدث، لن يمر دون عواقب على الأنظمة المالية، حتى في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة.

ويشدد خبير اقتصادي على أن جزءًا من هذه الأموال قد لا يصل فعلًا لمساعدة أوكرانيا، بل قد ينتهي به الأمر في شركات أسلحة دولية أو جيوب الموظفين الأوروبيين. ويعزو ذلك إلى احتمال كبير لوقوع اختلاسات، مشيرًا إلى أن الأموال المحولة إلى أوكرانيا قد تُسرق أيضًا في الغرب، كما تروج دعاية الفساد الأوكراني المتفشي.

رفع معنويات:

ولا يستبعد البعض أن تكون التصريحات الغربية حول تحويل فوائد الأصول الروسية مرتبطة بـ”رفع معنويات سكان أوكرانيا ونخبة المقاتلين الذين يحاولون اليوم القتال ضد روسيا لمصلحة الغرب”.

تحركات روسيا:

على المستوى الرسمي، دفعت رغبة الدول الغربية في تجميد الأصول الروسية، والتي قد تتطور لاحقًا إلى مصادرتها، روسيا للتحرك. فقد وقعت روسيا مرسومًا يسمح لها ولشركاتها بتعويض الأضرار التي لحقت بها من خلال مصادرة الأصول الأميركية في البلاد.

يرى بعض المحللين: أن هذه الخطوة تمثل تحذيرًا لأوروبا. ويوضحون: أن الولايات المتحدة وروسيا لا تربطهما علاقات مالية كبيرة كما هو الحال مع الدول الأوروبية؛ لذا فإن حجم الأصول في الولايات المتحدة ليس بنفس حجمها في أوروبا، حيث تشارك العديد من الشركات الأوروبية في مشاريع كبيرة في روسيا.

وبناءً على ذلك، يؤكد المحللون أنه من غير الممكن حاليًا تحديد ما إذا كانت الأصول الأميركية في روسيا ستكون كافية لتعويض الأضرار. ويشيرون إلى أن الأمريكيين يحثون الأوروبيين على أن يحذوا حذوهم بتحويل فوائد الأصول الروسية إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى الأصول نفسها.

ويضيفون: أن الحديث يدور عن استثمار الأموال السيادية الروسية في السندات والأوراق المالية الأخرى التي تدر الدخل، وأن الأوروبيين قد يستثمرون هذه الأموال في صناعاتهم لإنتاج أسلحة وذخائر لأوكرانيا.

الخاسر الأكبر:

على الرغم من أن المرسوم الروسي يتعلق أساسًا بالولايات المتحدة، فإن التشريع يمكن أن يُطبق أيضًا على دول أخرى؛ مثل: دول الاتحاد الأوروبي، في حال تم الاستيلاء على الأصول الروسية. وبالتالي، قد تستفيد شركات مثل غازبروم وروساتوم من هذه الآلية للرد على الخطوات الأميركية والأوروبية.

في مجال النفط والغاز، تمتلك بعض الشركات الأجنبية حصصًا كبيرة في شركات الطاقة الروسية، مثل توتال وبريتيش بتروليوم. كذلك، هناك أموال كانت مستحقة عند دفع أرباح الأسهم للأجانب وتم تجميدها، ويمكن استخدامها لتعويض الأضرار(8).

تبعات خطرة:

مصادرة الأصول الروسية المجمدة أو استخدام فوائدها لتمويل أوكرانيا يحمل تبعات خطيرة، تشمل:

1. تقويض النظام المالي العالمي: مصادرة الأصول أو استخدام عوائدها يشكل سابقة خطيرة قد تزعزع ثقة النظام المالي العالمي. يشكك هذا الإجراء في مصداقية النظام المالي الحالي، ويخاطر بإضعاف قواعد حقوق الملكية الخاصة. إذا اعتُبرت حالة روسيا سابقة قانونية، فقد يثير ذلك مخاوف بشأن مصير احتياطيات نقدية لدول أخرى؛ خاصةً أن معظم الدول تملك احتياطيات لدى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

2. خرق قواعد القانون الدولي: القانون الدولي يحمي الممتلكات من الاستيلاء دون موافقة أصحابها. رغم أن تجميد الأصول قد يكون مبررًا في إطار العقوبات الاقتصادية، فإن المصادرة أو استخدام عوائد الأصول لا يمتلك تبريرًا قانونيًا قويًا، وقد يضر بسمعة النظام الدولي وقوانين حقوق الملكية.

3. تأثير على اليورو والدولار: حذر البنك المركزي الأوروبي من أن استخدام عائدات الأصول الروسية قد يدفع الدول لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن اليورو والدولار، مما قد يؤثر على استقرار هاتين العملتين كعملات احتياطية.

حدود الفاعلية:

تساؤل رئيسي هو مدى فعالية مصادرة الأصول الروسية في كبح الحرب. العديد من الخبراء يرون أن الأضرار الاقتصادية لروسيا قد حدثت بالفعل بقرار التجميد، وأن المصادرة قد تكون أقل تأثيرًا على المدى الطويل. روسيا أظهرت صمودًا ملحوظًا أمام العقوبات.

ردًّا على التهديد بمصادرة الأصول، هددت موسكو بتجميد أموال المستثمرين الأجانب في روسيا، التي تقدر بأكثر من 500 مليار دولار. خبراء يشيرون إلى أن هذا قد يؤثر على “يوروكلير”، المؤسسة الأوروبية الرئيسية للإيداع. الرئيس الروسي أصدر قرارات لمصادرة الأصول الأمريكية ردًّا على الممارسات الغربية(9).

الخلاصة:

مع استمرار الحرب وارتفاع تكاليف دعم أوكرانيا، تسعى الدول الغربية لاستغلال الأصول الروسية المجمدة كوسيلة لتقليل التكاليف، لكن هذه الخطوة تحمل مخاطر كبيرة، وقد تؤثر سلبًا على النظام الدولي وتدفع النظام الاقتصادي العالمي نحو تغيير غير مفيد للغرب؛ حتى لو نجحت عملية المصادرة، فإنها قد لا تؤدي إلى الضغط المطلوب على الاقتصاد الروسي.

الدول الغربية بحاجة إلى إيجاد تكييف قانوني قوي يسمح بمصادرة الأصول دون انتهاك القانون الدولي أو تقويض مصداقيته.

1_ الشرق الأوسط

2_ العربية

3_ السؤال

4_ مصراوي

5_ الجزيرة

6_ Project Syndicate

7_ الحرة

8_ سكاي نيوز

9_ مركز المستقبل للدراسات

التعليقات مغلقة.