fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

البعد الديني في السياسة الخارجية لأمريكا بين الصهيومسيحية والمحافظين الجدد

51

البعد الديني في السياسة الخارجية لأمريكا بين الصهيومسيحية والمحافظين الجدد

لا شك أن استخدام الدين من الطرق الشائعة لدى القوى العالمية، خاصة واشنطن، ولا يمكن أن نجد مناسبة تكون الولايات المتحدة الأمريكية طرفًا فيها، ولا يكون التوجه الديني حاضرًا فيها.

ولا نجد ما يسمى بفصل الدين عن السياسة إلا في مجتمعاتنا العربية، ولكن الحقيقة أن التمسك بالدين هو أصل من أصول الحياة، لا سيما إذا كان هذا الدين هو الدين الحق والرسالة المنزلة لإصلاح البشر والبشرية، وبالتالي: تعتمد واشنطن عليه بشكل كبير لتنفيذ سياستها الخارجية، ويتأثر عدد من مفكريها بالدين كعامل محدد للسياسة الخارجية؛ كأطروحة “صدام الحضارات” للمفكر الأمريكي صامويل هنتغتون.

نرى التدخلات الأمريكية تبرر دائمًا على سياسة واضحة منذ عام 2001، وهي تعتمد بشكل كبير على الدين كمرجعية خالصة، وذلك من خلال تقسيمها العالم إلى فريقين: الأول: يتمثل في قوى الخير، التي ترأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والآخر: في قوى الشر، التي تتمثل في الدول المارقة كما أطلقت عليها الولايات المتحدة.

كذلك نرى اللوبي الصهيوني وتحركاته داخل أروقة البيت الأبيض، وعمله بشكل مستمر على الضغط على الإدارات الأمريكية لتطويع السياسة الخارجية الأمريكية لخدمة الأهداف الإسرائيلية، كالخلافات بين النظام الأمريكي والنظام السوري، إلى جانب التهديدات العراقية المستمرة في فترة الرئيس الراحل صدام حسين. وهذا ما دفع تلك الجماعات للضغط على الإدارة الأمريكية عام 1990 لاستخدام القوة العسكرية لطرد العراق من الكويت، إلى جانب تزييف تقارير تفيد بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل. وبالتالي، تحاول “رواق” إبراز الدور الديني في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

إسرائيل ما بين الحليف والكهنوت الأمريكي:

الجميع يعلم أن دولة إسرائيل مدججة بالسلاح المتقدم، وليست بحاجة إلى ذخيرة متطورة، لكنها اليوم صارت مهبطًا للطائرات الأمريكية التي تنقل إليها شحنات من الأسلحة والذخائر، وتأتي حاملات الطائرات الأمريكية في شرق المتوسط لتهدد وتتوعد أي قوة عسكرية تمنع تدمير إسرائيل لقطاع غزة وقتل ما يزيد عن 2 مليون فلسطيني مدني. وهذا شيء غريب أن يحدث من دولة عظمى ترفع شعارات حقوق الإنسان؛ فنراها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ترفض وقف إطلاق النار وإنقاذ المدنيين الفلسطينيين من آلة البطش الإسرائيلية، التي تعمدت قتل الآلاف من الفلسطينيين.

كان هذا يستدعي التدخل الأخلاقي قبل السياسي؛ نظرًا لما يحمله من دلالات تقول بعنف ووحشية المعتدي وعدم مبالاته بأرواح الأبرياء، وإصراره على العقاب الجماعي بمخالفة صريحة للقانون الدولي.

الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة يتجاوز فكرة أنها دولة ديمقراطية وسط محيط من الدكتاتوريين، أو أنها علمانية وسط محيط من الدول الدينية، أو أنها حقوقية وسط محيط من دول مجرمة وقمعية، أو أنها دولة متحضرة وسط محيط من الهمج.

الأحداث تقول: إن الدعم له أسباب جوهرية أخرى، وما رفع تلك الأسباب إلا تبرير لوجود هذه العلاقة، وتصديرها بشكل متكرر في الإعلام الغربي يقفز على أن دولًا ديمقراطية أخرى حصلت على عداء وخصومة من الولايات المتحدة؛ حيث تتوفر إجراءات الانتخاب والتنافس في دول كثيرة بالعالم كفنزويلا وكوبا والعديد من دول أمريكا اللاتينية، لكن هذه الدول خصم على الأقل لصانعي القرار الأمريكي.

القاعدة هي: أن تكون ديمقراطيًّا تابعًا للولايات المتحدة، وإذا لم تكن تابعًا أو صديقًا فلست ديمقراطيًّا؛ إسرائيل هنا ليست نموذجًا للحقوق يُحتذى به؛ حيث لا يتمتع العرب بحقوق مساوية لليهود في المجتمع الإسرائيلي، كما تشير رويترز في تحقيق لها أنه وبرغم أن العرب يمثلون 20% تقريبًا من عدد السكان؛ إلا أنهم محرومون من الوظائف الكبرى القيادية، والنظام الاجتماعي والسياسي الإسرائيلي لا يعطيهم حق المنافسة والتأثير على صانع القرار في الدولة.

وفي تحقيق لمجلة “مجلس العلاقات الخارجية” الأمريكية، المجلد 95 العدد رقم 4 لسنة 2016، يُذكر أن العرب يُعاملون في إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية، حتى صحيفة هآرتس الإسرائيلية ألقت الضوء على هذا التمييز الذي يلقاه العرب في إسرائيل بتحليل منشور بعنوان: “حكومة إسرائيل تشكل خطرًا واضحًا وحاضرًا على مواطنيها العرب الفلسطينيين”.

ما سبق لا يمكن فصله بأي شكل من الأشكال عن بروز عدد من الشخصيات في القرنين الـ18 والـ19 مؤثرين في المجتمع الأمريكي، جمعت بين الروح اليهودية والمسيحية، وإن تدينت بأحدهما في سبيل استخلاص رؤية صهيونية دينية تدعو لإقامة دولة أرض الميعاد.

ما يمكن قوله: إن ثمة عوامل مجتمعة صاغت علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة؛ منها العامل الديني “الصهيومسيحي”، حيث يشترك البروتستانت الذين يشكلون أغلبية مسيحيي أمريكا مع اليهود الصهاينة في معتقد دولة آخر الزمان، والمعروفة بأرض الميعاد الذي جرى التنبؤ به في العديد من نصوص العهد القديم كسفر التكوين، وسفري: إشعياء وحزقيال، علاوة على نصوص رؤية يوحنا في العهد الجديد، وهو عامل ديني مؤثر ألقينا الضوء عليه في السابق، وسنتحدث عنه بتوسع اليوم.

قد أثبتت الأحداث الأخيرة في قطاع غزة أن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل ليست مجرد علاقة طبيعية بين دولتين أو بين أصدقاء أو حلفاء؛ إذ الصداقة والحلف يثبتان أن هناك تغيرًا وحواجز وهويات مختلفة، لكننا نتحدث اليوم عن علاقة بين كيان واحد لم يتم التعرف على اسم موحد له، ولكن يجمعهم ديانة واحدة (صهيومسيحية)(1).

دلائل شعبية على التوجه الديني:

كشفت استطلاعات للرأي تجريها مؤسسة غالوب بصورة دورية سنوية منذ 1975 أن شعبية إسرائيل تزيد على شعبية الرؤساء الأميركيين؛ أظهر استطلاع أجرته المؤسسة أن شعبية إسرائيل تبلغ 75%، وهي ثاني أعلى نسبة بعد نسبة 79% المسجلة في عام 1991 بعد حرب الخليج.

وتزيد نسبة تأييد إسرائيل بين الأميركيين هذا العام على نسبة تأييد الأميركيين للرئيس جو بايدن، حيث بلغت نسبة التأييد له ولسياساته 53% مقابل معارضة 43%، طبقًا لاستطلاع أجرته شبكة “سي إن إن”(CNN)  على 1044 أميركيًّا. ويرى بعض المعلقين أن التأييد الشامل يضر بالمصالح الأميركية في الوقت الذي لا تكترث فيه إسرائيل بمصالح واشنطن.

وفي آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب، رأى 85% من الجمهوريين إسرائيل بشكل إيجابي، مقارنة بـ77% بين المستقلين و64% بين الديمقراطيين.

وكشفت استطلاعات مؤسسة غالوب أنه من المرجح أن يكون الأميركيون الأكثر تدينًا من حيث حضور القداسات في الكنائس أكثر موالاة لإسرائيل، وعبر 71% ممن يحضرون الشعائر الدينية عن دعمهم لإسرائيل وليس للفلسطينيين، في حين أن النسبة بين أولئك الذين لا يشاركون في القداسات بلغت 49% فقط.

إن دعم الجمهوريين لإسرائيل ثابت في جميع أسئلة غالوب للمشاركين، حيث يتعاطف 80% من الجمهوريين مع الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين، وتريد أغلبية قوية من الولايات المتحدة أن تضغط أكثر على الفلسطينيين في المفاوضات، وأقل من نصفهم يفضلون إقامة دولة فلسطينية.

وينظر 66% من الديمقراطيين إلى إسرائيل نظرة إيجابية، لكن الثلثين يؤيدون أيضًا إقامة دولة فلسطينية، ويتعاطف أقل من نصفهم أكثر مع إسرائيل في النزاع(2).

الطبقة الحاكمة في السياسة الأمريكية:

مثلت حركة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة ركنًا أساسيًّا في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وقد سعت تلك الحركة منذ نشأتها إلى تكوين روابط مع متخذي القرار، باعتبارهم من ذوي المناصب الأكاديمية، والباحثين في مجال السياسات العامة والعلاقات الدولية، وقد كان لتلك الحركة أفكارًا مكنتها من التأثير في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة وأنها ساهمت بشكل كبير -من خلال قنواتها وآلياتها- في التأثير على الرأي العام والكونغرس الأمريكي. كما كان لتلك الحركة دورًا مهمًّا في القضية الفلسطينية، خاصة في عهد الرئيس بوش الابن (2001-2008) والرئيس باراك أوباما(2009-2016) .

النشأة اليهودية:

ارتبط نشوء تيار “المحافظين الجدد” بأفكار المفكر اليهودي الألماني ليو شتراوس، الذي هاجر من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1938 ميلاديًّا، وقد عمل شتراوس محاضرًا في جامعة “شيكاغو”، وتُشير نظرة شتراوس إلى حالة الحرب الدائمة للبقاء، وهذا بدوره سيُعزز من ظهور سياسة خارجية قتالية. ولم ينل شتراوس الشهرة إلا حينما استلهم المحافظون الجدد أفكارهم منه، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

و”المحافظون الجدد” هو مصطلح أطلقه الليبراليون الأميركيون، وكان الغرض منه هو التسفيه من أفكارهم، إلى جانب التمييز بينهم وبين المحافظين التقليديين، وبالرغم من أن المصطلح يشير إلى خروجهم من رحم المحافظين التقليديين؛ إلا أن المحافظين الجدد تبعوا النهج الليبرالي ثم انشقوا عن اليسار واليسار المتطرف الأميركي؛ لذا سعى الليبراليون لتسمية المنشقين عن صفوفهم لتجريدهم من صفة الليبرالية.

يُعد “إيرفينغ كريستول” الأب الروحي للمحافظين الجدد، كما أنه أول من استخدم هذا المصطلح في مقالة له بعنوان: “المحافظون الجدد: قصة الأفكار”، وكان الهدف من ذلك هو التمييز بينه وبين المحافظين التقليديين. وارتبط ظهور المحافظين الجدد بفترة الرئيس الأميركي “جون كينيدي” (1961-1963)، حيث سعى في تلك الفترة إلى تعيين العديد من الباحثين والأساتذة الجامعيين للمساهمة في رسم السياسة العامة للولايات المتحدة. وقد أُطلق على تلك المجموعة مصطلح: “النخبة الفضلى”، واتسمت تلك المجموعة بمعاداة الشيوعية.

وكان أوائل المحافظين الجدد من اليهود، وسعوا إلى تدفق الدعم الأميركي لإسرائيل بشكل دائم، والتدخل في الشؤون الدولية لتحقيق أهداف إسرائيلية. ويُشير الكاتب “آن هاسنج كان” إلى أن المحافظين الجدد هم ليبراليون يشعرون بالقلق من التوجهات الأميركية في مرحلة ما بعد فيتنام بشأن عدم التدخل في الشؤون الخارجية، والذي من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة أقل دفاعًا عن إسرائيل، وبالرغم من معارضتهم للحرب في البداية؛ إلا أنهم سعوا لتغيير موقفهم للانغماس بشكل أكبر في قضايا العالم.

ويُشير “جاستن فايس” إلى أن المحافظين الجدد اتبعوا الحزب الديمقراطي الأميركي، إلا أنه وفي منتصف السبعينيات شعر المحافظون الجدد أن الحزب الديمقراطي لم يعد يرقى إلى مستوى أفكارهم. في عام 1980، قرر غالبيتهم عدم دعم المرشح الديمقراطي “جيمي كارتر”، وذلك لمعارضته التصعيد ضد الاتحاد السوفيتي. وبدلًا من ذلك قاموا بدعم المرشح “رونالد ريغان” الذي اعتبر الاتحاد السوفيتي “إمبراطورية الشر”.

واتسمت فترة الرئيس ريغان بتعاظم دور المحافظين الجدد بتقلدهم مناصب رفيعة. واعتمد المحافظون الجدد في تلك الفترة استراتيجية للدفاع عن التفرد الأميركي بالقوة العسكرية، كما رفضوا أية اتفاقية أو معاهدة من شأنها أن تحد من انتشار الأسلحة الإستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي حسب قناعاتهم، فإن القوة الأميركية والسيطرة المنفردة على العالم ستجعلها قادرة على إقرار السلام الأميركي المشروط بتحقيق المصالح الأميركية.

يمكن تقسيم المحافظين الجدد إلى جيلين، تميز كل منهما بفكر عُد أساس المرحلة التي عاصروها، وكان كالتالي:

الجيل الأول: ظهر هذا الجيل في سبعينيات القرن المنصرم، وتمثلت رؤيته في وجود قوتين في العالم؛ قوة خيرة تمثِّلها الولايات المتحدة الأمريكية، وقوة تعد إمبراطورية للشر ممثلة في الاتحاد السوفيتي. وتضمنت رؤية هذا الجيل ضرورة امتلاك الولايات المتحدة أسلحة نووية لتقهر بها قوة الشر، وأن الدبلوماسية وإعطاء الثقة للسياسة الخارجية لا يمكن أن يحققا النتائج الحاسمة بشكل فعال، على عكس القوة العسكرية التي تستطيع أن تحسم المعركة بين الشر والخير.

وأشار الأمريكي “أندرو باسيفيتش”، أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن الجيل الأول من المحافظين الجدد حمل العديد من الأفكار التي تتمثل في أن الشر يمكن أن يسيطر على العالم ما لم تواجهه قوى الخير، وهذا ما حدث في الحرب العالمية الثانية. ويرى فوكوياما أن هناك أربعة مبادئ مشتركة ميزت تيار المحافظين الجدد حتى نهاية الحرب الباردة. وقامت تلك المبادئ على استخدام واشنطن لقوتها في الخير، والاهتمام بالديمقراطية، وعدم قدرة القانون والمؤسسات الدولية على فرض سيطرتها، وأن الهندسة الاجتماعية غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية وغير متوقعة.

الجيل الثاني: ظهر هذا الجيل في تسعينيات القرن الماضي، وكان ظهوره في فترة مناسبة لكافة الأفكار المتعلقة بالعالمية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وصعود الولايات المتحدة إلى هرم النظام العالمي واتسام النظام العالمي بالأحادية القطبية. وقد كشف الجيل الثاني عن نفسه في عام 1994، حينما تحالف مع الجمهوريين، إلا أن ولادته الحقيقية كانت عام 1996 بتقديمه مشروع القرن الأمريكي الجديد، وعرضه على الرئيس بيل كلينتون عام 1998.

وتمثلت أفكار الجيل الثاني في الآتي:

– أن قوة الولايات المتحدة وليدة الأحداث الجارية، وأن العالم يبحث عن قوة عالمية.

– أن الفوضى هي البديل لفشل واشنطن في استغلال الفرصة الراهنة.

– القوة العسكرية هي الأداة القادرة على حفظ مكانة الولايات المتحدة، وذلك من خلال استخدامها لصناعة نظام عالمي يلبي رغبات الولايات المتحدة الطموحة ويحقق مصالحها المستدامة والمتطورة.

– الدعم المطلق لجهود التسليح وتحديث القوات المسلحة الأمريكية(3).

الصهيونية والمصلحة هما المتحكمان:

يقودنا السرد السابق إلى بنية العقل السياسي الأمريكي وإلى العديد من المدخلات المهمة لذلك العقل الأكثر تشابكًا في عوامل تشكيله؛ فإذا رجعنا إلى دراسة جذور الوعي السياسي الأمريكي فسوف يتضح جليًّا مبدأ المصلحة المطلقة التي تميز التفكير الأمريكي، ممثلة في الفلسفة البراغماتية، إضافة إلى دور القاعدة الدينية التي بنيت عليها فاعلية اليمين الأمريكي وطموحاته في بناء إمبراطورية أمريكية. وبين هذين المبدأين، هناك تشابكات فكرية، اقتصادية، وسياسية، وقوى كثيرة فاعلة في البيئة الثقافية الأمريكية(4).

نتيجة واضحة للتعامل الأمريكي:

مما سبق، فمن غير الصحيح القول بأن الولايات المتحدة لم تنطلق في تعاملها مع العالم العربي من رؤية أيديولوجية أو عقائدية فقط، وإنما كذلك من رؤية براغماتية عملية واضحة لمصالحها في العالم العربي، في إطار رؤية استراتيجية أكثر وضوحًا لمصالحها الكونية؛ فالولايات المتحدة في سعيها لفرض نموذجها الحضاري وربط تحقيق هذا النموذج بدورها الرسالي في العالم، زاوجت في استراتيجيتها، منذ استقلالها وحتى الآن، بين البعدين الديني والقيمي والمصلحي الإستراتيجي. ولم يتم تغييب أو تهميش أي من هذين البعدين عبر مختلف مراحل تطورها، سواء كان هذا التطور للداخل عبر الولايات الأمريكية وفرضه على مختلف العرقيات والجنسيات التي يتكون منها المجتمع الأمريكي، أو عبر توسعها للخارج.

هذا التوسع الذي لم تكن بدايته الآلة العسكرية أو الاقتصادية الضخمة التي تمتعت بها الولايات المتحدة، ولكن أيضًا أدوات القوة المرنة كالثقافة، والفكر، والإرساليات الدينية، والمعاهد الثقافية، والمؤسسات التعليمية، ثم أدوات القوة الصلبة في مرحلة تالية، وتحديدًا مع تطورات الحرب العالمية الأولى(5).

الصهيونية المسيحية وأثرها على القضية الفلسطينية:

وبالتالي تعد الصهيونية المسيحية قوة دافعة في السياسة الخارجية الأمريكية؛ إذ تستمر بشكل كبير في التأثير على سياسة الولايات المتحدة الخارجية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتمثل في المصالح الجيوستراتيجية. وقد نظر بعض مواطني الولايات المتحدة إلى أن تلك المصالح تتمثل في الدعم الثابت للكيان الإسرائيلي، فيما رأى البعض الآخر أن ذلك الدعم كان سببًا رئيسيًا في زيادة مشاعر الكره للولايات المتحدة؛ إلا أن ذلك لم يمنع غالبية مواطني الولايات المتحدة من دعم إسرائيل بشكل علني ودائم.

ويرجع ذلك إلى التفاعلات التي نتجت عن التقاربات التي وقعت منذ زمن بين الديانتين المسيحية واليهودية، والتي ربطت بين سيطرة إسرائيل على أرض فلسطين كاملة والتمهيد لعودة المسيح مرة أخرى. وقد سعت الصهيونية المسيحية إلى دعم إسرائيل قبل نشأتها عام 1948، وذلك من خلال حشد الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، مما أثر على الدولة الفلسطينية.

وعلى رأس قمة المعتقدات، كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بداية لسلسلة من التصريحات العلنية التي تدعم وتساند إسرائيل من قبل أفراد اليمين المسيحي المتطرف، من تصريحات دينية تجاه الصراع العربي “الإسرائيلي” وشرعنة الممارسات “الإسرائيلية” تجاه الفلسطينيين.

وقد علل رئيس الوزراء الإسرائيلي “أرييل شارون” (2001-2006) المجازر التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني بأنها لا تختلف عن حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وبالرغم من وجود صحف “إسرائيلية” مثل صحيفة “هاآرتس” التي وثقت أفعال الجنود “الإسرائيليين” أثناء مواجهتهم للأطفال الفلسطينيين، وكذلك قيامهم بعمليات النهب لقرى جنوب لبنان؛ إلا أن جهاز الرقابة بصحيفة نيويورك تايمز قام بحذف تلك الأحداث، بالإضافة إلى عدم انتقاد صحف أمريكية أخرى لتلك المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين، بل وصل الأمر إلى دعمها في كثير من الأحيان.

وكانت الشخصيات اليهودية التي تضمنتها إدارة الرئيس بوش الابن ذات تأثير في سياسته الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ ففي إبريل 2002، أطلق الرئيس بوش الابن خطة “خارطة الطريق”، والتي تضمنت مقترحًا لإنهاء الصراع “العربي – الإسرائيلي”؛ خاصة بعد الضغوط العربية والأوروبية نتيجة الأعمال العسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ إلا أنه وفي الخطاب نفسه، أكد على ضرورة مكافحة ما أسماه بالإرهاب الفلسطيني حتى تتم التسوية بين الطرفين، وطالب من الدول العربية قبول الكيان “الإسرائيلي”، وأن السلام لا يتم إلا بقبوله والاعتراف به، وأن حل القضية الفلسطينية يمكن أن يتم من خلال المفاوضات(6).

وقد تضمنت المساعي اليهودية بشأن التغلغل في المسيحية لضمان مساندتها الإعلان عما يتعلق بعقيدة الألفية، التي تشير إلى عودة المسيح ليحكم العالم ألف سنة باعتباره ملك القدس، وسيسود في تلك الفترة السلام والعدل في عالم التاريخ والطبيعة وفي مجتمع الإنسان والحيوان؛ ما أدى إلى قيام بعض المسيحيين بدعم اليهود؛ حيث قاموا بتوظيف الوسائل المختلفة لنشرها، وبذل الجهود لدعمها ماليًا وسياسيًا وفكريًا. وتعلقت الأخيرة بالربط بين عودة المسيح وتجميع اليهود في فلسطين، وأشارت إلى أنه لا عودة للمسيح ما لم يتجمع اليهود بفلسطين.

وتجدر الإشارة إلى أن المسيحية الصهيونية تتحرك في ثلاثة محاور رئيسية هي:

1- قراءة النصوص الدينية قراءة مؤدلجة لتعضيد المشروع الصهيوني وإضفاء مشروعيته.

2- مساندة الكيان “الإسرائيلي” ودعمه بكافة الوسائل حتى اكتمال خطط الاستيطان، وهدم المسجد الأقصى.

3- تأجيج الصراعات في منطقة الشرق الأوسط؛ للإسراع والتعجيل بمعارك نهاية الزمان.

وكانت المحاور السابقة قائمة على عدد من المعتقدات الدينية التي ترسخت في أفكار أعضاء المسيحية الصهيونية، وتتمثل المعتقدات الدينية للمسيحية الصهيونية في الآتي:

1- الإيمان بأن الله أعطى الأرض المقدسة (فلسطين) لليهود، وأن القدس جزء من الأرض المقدسة.

2- إن اليهود هم شعب الله المختار، وبذلك فإن لهم أفضلية على بقية الأمم.

3- الالتزام بدعم إسرائيل، ليس كعمل سياسي فقط، وإنما كواجب ديني انطلاقًا من الإيمان باختيارات الله.

4- إن عودة المسيح مرتبطة بسلسلة من الأحداث تبدأ بإنشاء دولة إسرائيل، وإعادة بناء الهيكل الثالث، وحشد الجيوش المستعدة لمهاجمة إسرائيل، ومن ثم الوصول إلى معارك نهاية الزمان وظهور المسيح.

5- وقد آمنت الصهيونية المسيحية وأتباع المسيحية التدبيرية* بتلك السلسلة المتصلة، بل وحاولوا في أحيان تحقيقها للتعجيل من عودة المسيح؛ لذا لم يكن مستغربًا أن يقوم قادة الصهيونية المسيحية بتفسير التطورات السياسية وربطها بنبوءات العهد القديم والعهد الجديد معًا، كما يُلاحظ أن نظرة المسيحية الصهيونية إلى الكتاب المقدس نظرة غير كاملة، فتركيزهم الأكبر ارتبط بالنصوص التوراتية التي تُشير إلى بني إسرائيل أو اليهود(7).

السيكولوجية النفسية للشعب الصهيوني المسيحي:

لو كان يهود إسرائيل ينظرون لأنفسهم كشعب الله المختار، فالصورة نفسها تجمع بروتستانت أمريكا؛ حيث يتميز المذهب البروتستانتي (الإنجيلي) بقراءته التوراتية للعهد الجديد، والذي يتساوى فيه موقع العهد القديم مع الجديد، باختلاف بسيط، وهو: أن إنجيليي المشرق يميلون لتأويل هذه الدولة ويعتبرونها في السماء؛ أي: أن مسيحيي مصر الإنجيليين -مثلًا- في معظمهم ليسوا صهاينة؛ لأنهم كأي مشرقي يميلون للتأويل، وكذلك الأفارقة روحانيون يميلون لتأويل النصوص؛ بروتستانت جنوب إفريقيا -مثلًا- ليسوا صهاينة لهذا السبب، وهم معارضون لإسرائيل، ويرون دولتهم المزعومة مجرد خرافة وتشددًا دينيًّا لا داعي له.

أما إنجيليو الغرب فيفكرون بطريقة أخرى ولا يميلون لتأويل النصوص، بل اعتقادها على ظاهرها يجعل من فكرة شعب الله المختار حقيقة واقعة وفكرة مقبولة في المعتقد البروتستانتي. يساعد في ذلك جذورهم الاستعمارية المتوافقة سيكولوجيًا ونفسيًا مع دولة المسيح آخر الزمان ومعركة هرمجدون الأسطورية.

سيكولوجيا الأمريكيين هنا دفعتهم لعدم حصر هذا التكوين الجمهوري التحرري داخل حدودهم الجغرافية؛ فامتلكوا رؤية استعمارية شبيهة بالمعتقدات الفرنسية التي حملها نابليون بونابرت إلى المشرق؛ حيث ادعى أن حملاته العسكرية هدفها نشر “النور”، وكذلك فعلت الولايات المتحدة منذ عام 1898م حتى أوائل القرن العشرين باحتلال كوبا والفلبين، وتخليصهم –وفقًا للرؤية الأمريكية– من استعمار وظلم الإسبان.

وعقلية الأمريكيين التي تميل للسيطرة عبر المساعدات؛ فهم لم يتوسعوا في بداياتهم باحتلال أراضي الغير، مثلما فعلت بريطانيا وفرنسا وإسبانيا، لكنهم استبدلوا هذه السياسة بفكرة “المساعدات” ونشر قيم الحرية التي كانت من أبرزها فكرة “تحرير العبيد”، التي صدرها الأمريكيون بعد حرب أهلية مريرة منذ عام 1861-1865م؛ مما وضع الولايات المتحدة كقطب صاعد في بدايات القرن العشرين، ولديه من القيم والأفكار ما يميزه عن الآخرين.

اجتماع هذا التكوين النفسي للأمريكيين إضافة للمعتقد الديني بضرورة إنشاء دولة لليهود، هو الذي دفعهم للإيمان بأن إسرائيل جزء من الضمير الأمريكي؛ فهم شعب مظلوم وفقًا لرؤيتهم، وقد آن له الأوان أن يستقر ويرتاح. وكذلك هو شقيق ديني في الإيمان بقدسية العهد القديم/التناخ، واعتبار نصوصه الدينية ليست مجرد تاريخ منسوخ بشريعة النعمة كما يؤمن الأرثوذكس مثلاً، ولكنها نصوص مقدسة واجبة النفاذ. مثلما اشتهر عن الرئيس الأمريكي الأسبق “رونالد ريجان” (1911-2004)، الذي كان واحدًا من أشهر الذين رفعوا شعار الحرب الدينية ضد الروس أو ضد العرب والمسلمين.

وللتوسع في ذلك يُرجى قراءة سيرته الذاتية المشهورة “حياة أمريكية” An American Life ص 257، وفيها أن الحرب النووية مع الروس حتمية لبداية معركة هرمجدون التي كان دائم الحديث عنها في أي لقاء له مع اليهود، وينتظر بشوق ولهفة أحداثها ومجرياتها الأسطورية التي ذُكرت في تنبؤات أسفار “حزقيال وإشعياء” في العهد القديم.

ولفهم هذه العلاقة أكثر، يمكن العودة إلى تاريخ الولايات المتحدة في القرنين: 18 و19، حيث برزت عدة شخصيات مؤثرة في المجتمع الأمريكي جمعت بين الروح اليهودية والمسيحية، وإن تدينت بأحدهما في سبيل استخلاص رؤية صهيونية دينية تدعو لإقامة دولة أرض الميعاد. ومن هؤلاء الحاخام التشيكي “إسحاق ماير وايز” Isaac Mayer Wise (1919-1900م)، الذي هاجر إلى أمريكا واستقر فيها منذ بلوغه عامه 37، وبجهوده العلمية والسياسية ومؤتمراته، نجح في تكوين تيار اجتماعي ونخبوي صهيوني في الولايات المتحدة، ولكن بعيون مسيحية، نظرًا لنشاطه الكبير في التقريب بين المعتقدين على أسس بروتستانتية كما شرحنا عاليه. وقد سمى “وايز” مشروعه “بمعهد صهيون الجامعي”، وشاركه فيه الحاخام “يعقوب حزقيال” Jacob Ezekiel (1812-1899م).

كذلك “ماير أمشيل روتشيلد” (1744-1812م)، التاجر الألماني اليهودي الشهير ومؤسس عائلة روتشيلد في أوروبا، الأكثر شهرة في العالم، والمعروف عن عائلته مساهماتهم في منح اليهود الأموال لشراء الأراضي بفلسطين. وأيضًا “أيفريل هاريمان” W. Averell Harriman (1891-1986م)، ابن إمبراطور السكك الحديدية “إدوارد هاريمان”، والذي يقول عنه “عبدالمنعم شميس” في كتابه “أمريكا وإسرائيل” صـ18، الصادر عن دار الكاتب العربي للطباعة والنشر في الستينات: “في انتخابات حاكم ولاية نيويورك 1958، تقدم إيفريل ضد “نلسون روكفلر”، ووقف يومًا في حملاته الانتخابية واتهم منافسه بأنه يسير في ركب السياسة العربية المتحررة ويعادي إسرائيل، ثم اهتزت الصحافة في نيويورك، وللصهاينة فيها النصيب الأعظم. وأعلنت صحيفة “مسز اسكيف” في جريدتها “نيويورك بوست” أنها اشمأزت لهذا الاتهام، ولذا سحبت تأييدها لهاريمان لأنه ظلم منافسه روكفلر، الذي ساهم في دفع الإعانات المالية لإسرائيل طوال 12 عامًا مضت”(8).

وسائل الصهيومسيحية في التأثير على السياسة الأمريكية:

سعت الصهيومسيحية إلى التأثير بأشكال مختلفة على الحكومة الأمريكية والرأي العام من خلال:

1- محطات الإذاعة والتلفاز:

عملت الصهيومسيحية على التواجد في المجتمع الأمريكي والتأثير فيه من خلال التغلغل وسط اليمين المتطرف. واعتمدت التيار على بعض القنوات الإذاعية مثل “فوكس نيوز” و”سي إن إن”، وبدأت تلك المحطات في توسيع رقعة المتابعين لها، ما عزز من فرص المحافظين الجدد في طرح أفكارهم.

2- المؤسسات البحثية: انطلق فكر الصهيومسيحية من ثلاث مؤسسات بحثية، واستمدوا من خلالها الأفكار والاستراتيجيات لتنظيم عملهم. كانت من ضمن تلك المؤسسات “مؤسسة هوفر”، إلى جانب “معهد هادسون”، وأخيرًا “مؤسسة التراث” التي تبنت الفكر الريغاني، و”معهد كاتو”، الذي تبنى الفكر الليبرالي فيما يتعلق بالشأن السياسي. حاولت الصهيومسيحية من خلال تلك المؤسسات إقناع الدوائر في الإدارة الأمريكية بأفكارهم، خاصة ما يتعلق بالحرب الاستباقية أو الوقائية، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وقد ساندت المراكز البحثية موقف الصهيومسيحية، خاصة معهد “أمريكان إنتربرايز” للأبحاث، والذي يعد أهم معهد للصهيو_مسيحية على الإطلاق، إلى جانب العديد من المراكز الأخرى مثل معهد “المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة”، الذي يعتبر الأقرب إلى الإدارة الأمريكية لبوش، ومعهد “مشروع القرن الأمريكي الجديد”، الذي يدعو بشكل مستمر لسياسة خارجية أمريكية تعتمد على الأدوات العسكرية، ومعهد “بحوث إعلام الشرق الأوسط”، الذي هو أداة من أدوات الاستخبارات الإسرائيلية في الولايات المتحدة.

3- الصحف والمجلات: كانت مجلة “كومنتاري” هي المجلة الأولى للصهيو_مسيحية، وبدأت بالصدور عام 1945، ثم بعد ذلك مجلة “ويكلي ستاندارد”، وهي مجلة الجيل الثاني، وأسسها “ويليام كريستول”، وتميزت مقالاتها بالثورية، بالإضافة إلى العديد من المجلات والصحف الهامة مثل مجلة “فورين أفيرز”، وصحيفة “نيويورك تايمز”. تُعد صحيفة “واشنطن تايمز” منصة لأهم كتاب الصهيومسيحية، والتي تنشر من خلال أعدادها الأفكار السائدة داخل الجماعة، وتميز كتاباتهم بالطابع المُعادي للسلام في الشرق الأوسط والإسلام (9 ،10 ،11).

الخلاصة:

السياسة الخارجية الأمريكية، التي كانت قبل إعلان قيام إسرائيل عام 1948 تسعى بشكل مباشر إلى تقليل التفاعل مع العالم الخارجي، قد كسرت تلك القاعدة عندما شاركت في الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، والتطور الاقتصادي والعسكري الذي شهدته الولايات المتحدة يتم تسخيره لخدمة أهدافها الخارجية. ويمكن القول إن الكيان الإسرائيلي استطاع أن يضع نفسه ضمن الأهداف الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط باعتباره الورقة الرابحة والحليف الذي لا يجب أن يُهزم على الإطلاق.

والدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة يتجاوز فكرة أنها دولة ديمقراطية وسط محيط من الدكتاتوريين، أو أنها علمانية وسط محيط من الدول الدينية، أو أنها حقوقية وسط محيط من دول مجرمة وقمعية، أو أنها دولة متحضرة وسط محيط من الهمج؛ فالأحداث تقول: إن الدعم له أسباب جوهرية أخرى، وما رفع تلك الأسباب إلا تبرير لوجود هذه العلاقة. وتصديرها بشكل متكرر في الإعلام الغربي يقفز على أن دولًا ديمقراطية أخرى حصلت على عداء وخصومة للولايات المتحدة؛ حيث تتوفر إجراءات الانتخاب والتنافس في دول كثيرة بالعالم كفنزويلا وكوبا والعديد من دول أمريكا اللاتينية، لكن هذه الدول خصم على الأقل لصانعي القرار الأمريكي.

كما أن سياسة الصهيومسيحية هدفت وبشكل مباشر لخدمة المصالح الإسرائيلية في المقام الأول، وهو ما أثر على سير القضية الفلسطينية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

استمدت الصهيومسيحية سلطتها من خلال الأحداث والتحولات العالمية مثل انهيار الاتحاد السوفيتي والداخلية كأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لتقديم حلول قد تبدو عملية للإدارات الأمريكية، وتخدم المصالح الإسرائيلية في الوقت ذاته.

إن فترة الرئيس بوش الابن شهدت تعاظمًا في أدوار الصهيومسيحية؛ لانضمامهم إلى تلك الإدارة ولقدرتهم على تنظيم أهدافهم وإقناع الرأي العام الأمريكي، بل والعالمي في بعض الأحيان.

تداخلت المسيحية الصهيونية مع حركة المحافظين الجدد لخدمة المصالح الإسرائيلية، من خلال اشتراك الطرفين في المؤسسات والمنابر الداعية إلى خدمة المصالح الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية.

وتبقى الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن للبُعد الديني دورًا في السياسة الخارجية الأمريكية، من خلال النصوص التوراتية التي اعتمدها غالبية رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية؛ خاصة الرئيس بوش الابن، للحصول على دعم الرأي العام الأمريكي للاستمرار في سياسة دعم الكيان الإسرائيلي.

1_ مواطن

2_ الجزيرة

3_ المركز الديموقراطي العربي

4_ الحوار الثقافي

5_ السياسة الدولية

6_  اليهود واليهودية والصهيونية

7_ جلوبال مونستري

8_ الجزيرة

9_ بروتوكولات حكماء صهيون

10_ الحوار المتمدن

11_ الرأي

التعليقات مغلقة.