fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

مظاهرات الجامعات الأمريكية الديموقراطية الهشة.. سقوط المظلومية الصهيونية وقضية فلسطين

45

مظاهرات الجامعات الأمريكية الديموقراطية الهشة.. سقوط المظلومية الصهيونية وقضية فلسطين

اتسعت رقعة المظاهرات، والاحتجاجات الطلابية، في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية؛ رفضًا للحرب الشرسة التي يشنها الكيان المحتل على المدنيين في قطاع غزة، وشملت التظاهرات العديد من الولايات الأمريكية، بما فيها العاصمة واشنطن.

فمن لوس أنجلوس إلى نيويورك، وواشنطن، وصولًا إلى أوستن وبوسطن، وشيكاغو وأتلانتا؛ تتصاعد التظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين؛ وشملت الاعتصامات والمظاهرات، جامعات مرموقة عالميًّا؛ مثل: هارفارد، وييل، وكولومبيا، وبرينستن، وهو ما لم تشهده الجامعات الأمريكية، منذ حرب فيتنام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

وأثارت هذه التظاهرات المستمرة منذ أسابيع؛ ردود أفعال متباينة في الأوساط السياسية الأميركية؛ حيث حذر البعض من انتهاك الحريات، مع لجوء بعض الجامعات للقوة، وفض الاعتصامات، واعتقال مئات الطلاب والأكاديميين؛ وَسْط اتهامات من قبل الكيان المحتل، واللوبيات وجماعات الضغط، والسياسيين الأمريكيين للمتظاهرين الطلاب (بمعاداة السامية)، وقد بدأ طلبة مؤيدون للقضية الفلسطينية، اعتصامًا تضامنيًا مفتوحًا مع سكان غزة، في حرم جامعة جورج واشنطن، هو الأول في قلب العاصمة الأميركية.

فمَا تفاصيل التظاهرات التي تعم الجامعات الأمريكية والأوروبية؟ وكيف تظهر رفض الشعوب الغربية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة؟ وكيف تعامل السياسيين وأجهزة الشرطة مع التظاهرات التي شهدها العالم الغربي؟

يسلط مركز “رواق”، للأبحاث والرؤى والدراسات، عبر تحليلاته ودراساته المختلفة، في هذا التقرير، الضوء على تظاهرات الجامعات الأمريكية والأوروبية، واستخدام السلطات القوى لقمع الطلاب، والاتهامات الإسرائيلية والأمريكية للمتظاهرين الطلاب في هذه السطور الآتية.

تفاصيل تظاهرات الجامعات الأمريكية:

في خمسينيات القرن الماضي، صرح “دافيد بن غوريون”، رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، قائلًا: “سيموت كبارهم وينسى صغارهم”؛ هكذا عبر “بن غوريون”، عن استخفافه بالقضية الفلسطينية؛ معتقدًا بأن الحق سيموت بالتقادم؛ ولكن المفاجئة التي جاءت رفقة مفاجأة طوفان الأقصى، هي اصطفاف أجيال كاملة ذاكرتها أقوي من أن تنسي في العالم العربي، بل وحتى في معقل داعمي الكيان المحتل؛ أي: في الغرب. (رصيف 22).

حيث انتفض الكبير والصغير دفاعًا عن القضية الفلسطينية؛ التي اعتقد “دافيد بن غوريون” أن الجميع سينساها! ففي أكتوبر عام 2023م كسر جيل جديد من الشباب الفلسطيني شوكة الكيان المحتل في معركة طوفان الأقصى؛ وفي هذا العام 2024م، انطلق طوفان بشري في تظاهرات عمت جميع المدن العربية والإسلامية، من الأردن إلى ليبيَا وتونس والجزائر، مرورًا بمصر ولبنان، وغيرها، ولكن المفاجئة الأكبر؛ هي: امتداد التظاهرات إلى معقل داعمي الكيان المحتل؛ أي: الولايات المتحدة وأوروبا؛ فمن: هارفارد، وييل، وكولومبيا، وبرنسيتن؛ الجامعات الأمريكية التي ارتبطت عادة بالتفوق العلمي والعراقة في التدريس، والتي لطالما كانت عبارة أحد خريجي هارفارد، كفيلة بأن تقول لك بأن هذا الطالب من المبدعين.

لكن الآن باتت عبارة طالب من جامعة هارفارد، أول جامعة ييل؛ ترتبط مباشرة بالمطالبة بحق فلسطين، فهذه الجامعات الأمريكية العريقة؛ انتفضت لأجل غزة، ولوقف الحرب عليها، في سابقة هي الأولى منذ حرب فيتنام؛ فالأول مرة تنتقل الاحتجاجات المطالبة بحقوق الفلسطينيين، من المدن العربية والإسلامية، إلى الشوارع الأمريكية وجامعاتها وبهذه الكثافة.

وهو ما أربك حسابات السياسيين؛ الذين قرروا بداية مواجهة هذه الاحتجاجات بالقوة والقمع، ولكن سرعان ما فهموا أن كرة اللهب انطلقت ولا مجال لإيقافها؛ وهنا بدأ تحول جذري كان على رأسه ضغط واشنطن على الكيان المحتل التي رجحت أخبارًا مؤخرًا، تُفيد بانصياعها للتفاوض في القاهرة، وبحث وقبول الحلول مع فصائل المقاومة الفلسطينية. (الجزيرة).

وقد زاد الضغط الغربي (الإعلامي) حدة ولهجة مع الكيان المحتل؛ الذي كان يتلقى دعمًا مفتوحًا دائمًا ودومًا من الحكومات الغربية، ولا يمكن القول بأي حال من الأحول: إن الغرب انقلب على الكيان المحتل؛ لكن ما حدث هو أن طلاب الجامعات الأمريكية، ومن يسمون الجيل (Z)، وضعوا دوائر السياسة الغربية، وصناع القرار في موقف حرج؛ ما دفعهم لممارسة ضغط على الكيان المحتل، بحسب وسائل إعلام عالمية. (مركز رع للدراسات الإستراتيجية).

ولكن تبقى هذه الضغوطات الأمريكية على الكيان المحتل، محدودة ورمزية لتهدئة الشارع الأمريكي؛ في ظل تجاهل السياسيين وحكومة الاحتلال الإسرائيلي لمطالب الشارع، والاستمرار بشن الحرب الإسرائيلية الشرسة ضد المدنيين الفلسطينيين؛ وهو ما أدركه العديد من المتظاهرين والطلاب الأمريكي، الذي لجئوا إلى التصعيد مع السياسيين، ورفع الأعلام الفلسطينية في جامعاتهم.

انهيار رواية المظلومية الإسرائيلية في الغرب:

ما حصل في الولايات المتحدة وجامعاتها، لن يمر مرور الكرام؛ فالجامعات الثائرة الآن؛ مثل: هارفارد، وكاليفورنيا، وكولومبيا، وإنديانا، وغيرها؛ لطالما عدت مطبخ السياسة في العالم، ومنها تخرجت العديد من النخب، ليست الأمريكية فقط، وإنما في العديد من دول العالم الأخرى أيضًا.

وأن يقود جيل فيها حراكًا بمثل هذه الحساسية؛ فهذا له انعكاساته على المستقبل في الولايات المتحدة، وغيرها؛ وبالنظر إلى ما حدث ولا يزال يحدث حتى اللحظة؛ ففي بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وكبريات المدن والعواصم الأوروبية والغربية؛ صار طلبة الجامعات فيها على درب طلبة الجامعات الأمريكية؛ ما يعني أن رقعة التظاهرات، توسعت وبات من الصعب احتوائها، والسيطرة عليها. (dw).

وحتى في حال هدئت التظاهرات، فلن يتغير الكثير، وهذا التغير في العقلية نفسها؛ عقلية الغرب التي لطالما نظرت إلى الكيان المحتل، على أنه البلد المظلوم في محيط يكرهها ويتربص بها؛ ولطالما سمح الغرب للكيان المحتل، أن يرتكب الانتهاكات والجرائم التي لا تعد ولا تحصى، في سبيل ما يسموه حماية أنفسهم ممن يسمونهم الأشرار، لكن هذه القاعدة الآن، تم كسرها، وربما تحطيمها إلى الأبد؛ فلم يعد الكيان المحتل مقدسًا على الأقل لدي الجيل الصاعد، الذي بات يمتلك تصورًا عن مدى وحشية هذه الحرب، التي يشنها الكيان المحتل ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، في ظل استباحة كافة الأعراف والقوانين الدولية، وعلى مدار سنين، وانتهكت سلطات الكيان المحتل كافة حقوق الفلسطينيين دون أي حساب أو عقاب.

ولكن هؤلاء؛ أي الجيل القادم، لم يعد يصمت أمام انتهاك كرامة وحقوق شعب كامل، ويقف شاهدًا صامتًا كما فعل كثيرًا من الغربيين فيمَا مضى؛ بل خرجوا وصرخوا مطالبين بعودة الحق لأصحابه، وقد يورثوا هذه المطالبة لمن بعدهم، وفي هذا تدمير لرواية الكيان المحتل السائدة؛ التي دفع لترويجها الكثير.

اتهامات الكيان المحتل والساسة الغربيين للمتظاهرين الطلاب:

تزامن التظاهرات بالجامعات الأمريكية، مع غيرها من التظاهرات في المدن الأوروبية الكبرى، وعواصم الدول العربية والإسلامية؛ يزيد ضعف الرواية المظلومية، التي يروج لها الكيان المحتل وجماعات الضغط واللوبيات الصهيونية التي ترتع في الولايات المتحدة والدول الغربية.

ففي ظل ثورة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وعصر الصور؛ التي فتحت أذهان أجيال في الغرب على ما كان يجري بعيدًا عنهم، وعن عدسات إعلامهم؛ تحطمت الرواية الإسرائيلية، وانكشفت الحقائق؛ وهؤلاء الطلاب الغربيين الذين خرجوا منتفضين ومُتحدين، ومتحدِين ساستهم وقادتهم، وأجهزة شرطتهم؛ ليقولوا للظالم بأنه ظالم، وللمظلوم بأننا معك.

فمعلوم مقدار ما صرفه الكيان المحتل، وداعموه على الدعايات التي وظفت الإعلام، والفن، والسينما، وحتى الموسيقى؛ بل وزوروا التاريخ ليقنعوا أجيالًا بأنهم أصحاب الحق، ثم فجأة يظهر أن عقودًا من ضخ الأموال والعمل، لم تؤتى أوكلها على جيل، كانوا يراهنون على أنه سينسى ولن يبالي أو يكترث؛ لكنَّ المتظاهرين حول العالم أثبتوا العكس، ولسان حالهم يقول: كانت تسمى فلسطين، وباتت تسمى فلسطين. (الشرق الأوسط).

وأمام عجز الكيان المحتل وداعميه، وساسة الغرب، أمام التظاهرات التي عمت المدن، والشوارع والجامعات، والعواصم الغربية؛ وفشل الآلة الإعلامية الصهيونية، وجماعات الضغط واللوبيات، أمام الطلاب والمتظاهرين؛ أخذ الساسة الغربيون، وحكومة الكيان المحتل بإلقاء اتهامات زائفة، والترويج لأكاذيب متعددة لا أساس لها من الصحة؛ مثل اتهام المتظاهرين والطلاب بأنهم يدعمون (معاداة السامية) والعنصرية العرقية، أو وقوف جماعات ودول خلف التظاهرات؛ بالتزامن مع استخدام أجهزة الشرطة الغربية، القوة والقمع، لتفريق المتظاهرين؛ لكمًا وضربًا وسحلًا، واعتقالات بالمئات، وبالغاز مسيل للدموع، والصعق بمسدسات كهربائية، ومهيجات كيميائية، وهو ما يتعارض مع قوانين حرية التظاهر والتعبير التي ظل يتغنى بها الغرب (الديموقراطي) على مدار عقود عدة! (الشرق الأوسط).

بداية التظاهرات وتوسعها في الولايات الأمريكية:

مع دخول الحرب في قطاع غزة شهرها الـ7 واستشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 78 ألف آخرين، منذ 7 من أكتوبر 2023م حتى الآن، واتساع رقعة الاحتجاجات والتظاهرات في الدول العربية والإسلامية؛ امتدت تداعيات حرب الكيان المحتل على قطاع غزة، من الشرق الأوسط إلى مختلف الجامعات في الولايات المتحدة.

وكانت جامعة كولومبيا المحور الأساسي، والبداية لانطلاق التظاهرات والاحتجاجات إلى معظم الجامعات الأمريكية الأخرى؛ للتعبير عن معارضة الحرب في القطاع، وانتقل صدى جامعة كولومبيا إلى أكثر من 80 جامعة داخل الولايات المتحدة، وشملت مؤسسات رائدة؛ منها: هارفارد، وييل، وبوسطن، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الشمال الشرقي؛ مرورًا بجامعات برينستون، وبراون، وكولومبيا، ونيويورك، وجورج واشنطن على الساحل الشرقي. (بي بي سي عربي).

حيث وفي 18 من إبريل الماضي بدأت أولى الاحتجاجات البسيطة التي نظمها طلاب جامعة كولومبيا؛ مطالبين إدارة الجامعة، بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية، وسحب استثماراتها في شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية، والتوقف عن قَبُول أموال الأبحاث للمشاريع العلمية الجامعية المشتركة، التي تخدم الأهداف العسكرية للكيان المحتل.

ومع تدخل قوات الشرطة، واعتقال عشرات الطلاب؛ توسعت حالة الغضب لتمتد المظاهرات إلى عشرات الجامعات في الولايات المتحدة، وجاءت تحركات الشرطة الأمريكية، ضمن جهود مستمرة لوقف توسع دائرة الاحتجاجات؛ فيمَا انتقل الحراك الطلابي الرافض لصمت الغرب إزاء الوضع في غزة، إلى كبرى الجامعات الأوروبية، وصولًا إلى جامعة كوينزلاند، والجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، والسوربون في باريس. (بي بي سي عربي).

وكان القاسم المشترك بين الاحتجاجات، هو رفع المتظاهرين شعارات مؤيدة للفلسطينيين، ومطالب بإنهاء أعمال قتل المدنيين في غزة، ووقف الدعم العسكري والمالي والسياسي الأمريكي للكيان المحتل ما وضع الحكومات الغربية في موقف حرج.

إدارة الرئيس الأمريكي بايدن في مأزِق:

ونصب المحتجون خيامًا في حرم عدد من الجامعات؛ ونظموا نشاطات تضامنية مع فلسطين وقطاع غزة، بعيدًا عن أي تهديد بالعنف أو تعطيل للدراسة؛ لكن تجاهل الساسة الغربيين، وموافقة الكونغرس الأمريكي على حُزْمَة مساعدات عسكرية جديدة إلى الكيان المحتل؛ واستخدم القِوَة من قبل الشرطة، فاقم التظاهرات وزاد من اتساعها، ما وضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في أزمة، ما بين المصالح الصهيونية في الولايات المتحدة، ومطالبات الشارع والجامعات الأمريكية.

حيث عكس موقف إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، من الاحتجاجات الطلابية وقمع الشرطة الأمريكية والحرس الوطني لها؛ تمادي الولايات المتحدة في دعم حرب الكيان المحتل على المدنيين في قطاع غزة، حتى لو تطلب الأمر إهدار حق الطلاب في التعبير عن آرائهم وقمعهم بالقوة.

وفي 29 إبريل الماضي، وقع 21 نائبًا ديمقراطيًّا في مجلس النواب، رسالة إلى مجلس إدارة جامعة كولومبيا يطالبنها بالتصرف بشكل حاسم، لحل مخيم الاحتجاج هناك؛ بحجة أن وجوده ينتهك قانون الحقوق المدنية الفيدرالي من خلال خلق بيئة معادية وغير آمنة بشكل غير مسموح به للطلاب اليهود. (فرنسا 24).

ونددت الإدارة الأمريكية بخطاب الكراهيَة (ومعاداة السامية) في المظاهرات التي تشهدها الجامعات؛ وترى أن عددًا صغيرًا من الطلاب المتظاهرين، هم من زعزعوا الأوضاع بالجامعة، ومن واجب المسؤولين توفير البيئة المناسبة للتعلم، ولا يمكن أن يسمح البيت الأبيض بخطاب (معاداة السامية) في الحرم الجامعي، وأطلق بايدن إستراتيجية لمكافحة معاداة السامية. (فرنسا 24).

لكن مشاركة العديد من الطلاب، من خلفيات ثقافية، واجتماعية، ودينية، متعددة ومن بينهم اليهود؛ ينسف رواية السياسيين الأمريكيين، حول العنصرية ومعاداة السامية؛ إذ تُعد هذه التظاهرات التي تشهدها الجامعات الأمريكية، أكبر تظاهرات منذ حرب فيتنام، مطالبة بوقف حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة.

حرب غزة والانتخابات الرئاسية الأمريكية:

تأتي ثورة الجامعات الأمريكية، في وقت حرج بالنسبة إلى إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، إذ تعقد في نوفمبر القادم؛ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي ستحدد سيد البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة، ويتنافس المرشحان الجمهوري “دونالد ترامب”، والديموقراطي “جو بايدن”، في منافسة تشابه منافسة الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة 2020م، والتي حقق فيها الرئيس الديموقراطي “جو بايدن”، الفوز بالاعتماد على أصوات الشباب المسلمين الأمريكيين ومزدوجي الجنسية الأمريكيين من أصول عربية. (سكاي نيوز عربية).

ومع بَدْء الكيان المحتل حربه على غزة؛ أكد بايدن أن الولايات المتحدة الحليف الأكثر ولاءً للكيان المحتل، لكن مع سقوط قتلى في صفوف المدنيين بغزة، أعربت شخصيات ليبرالية وشبابية في الولايات المتحدة، عن الغضب إزاء استخدام أموال الضرائب لتمويل الكيان المحتل؛ وتحث هذه الشخصيات بايدن، على الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، ووقف جميع المساعدات للكيان المحتل.

وتُعد ولاية ميشيغان الأمريكية، ولاية متأرجحة في تصويتها للمرشحين للانتخابات الأمريكية، لما تضمه من العديد من الأمريكيين، من أصول عربية وإسلامية، وقد ساهمت بشكل كبير، في فوز العديد من الرؤساء الأمريكيين السابقين في السباق الانتخابي؛ وحذر مراقبون من أن سياسات بايدن والديمقراطيين، تجاه الكيان المحتل، والتي دفعت آلاف الطلاب في جميع أنحاء البلاد للاحتجاج.

يمكن أن تؤثر على تصويت الشباب لصالحه، وتضر بفرص إعادة انتخابه؛ وهو ما تظهره استطلاعات الرأي، أن دعم الشباب الأمريكيين لبايدن قد تراجع منذ عام 2020م، ومن المتوقع أن يزداد سخط الشباب عليه بعد عملية قمع الاحتجاجات؛ فقبل 6 أشهر من الانتخابات، يسير بايدن وإدارته على خط رفيع للغاية بين إدانة الاحتجاجات وعدم تنفير الناخبين الشباب التقدميين الذين يحتاجهم. (سكاي نيوز عربية).

الاستنتاجات:

لم يتوقع العديد من الساسة الأمريكيين والإسرائيليين، وصول التظاهرات بهذا الشكل الكبير، إلى الجامعات والمدن الأمريكية والأوروبية؛ في ظل عمل الآلة الإعلامية الإسرائيلية والصهيونية، ليل نهار، للترويج للأكاذيب وروايات المظلومية، التي يتعرض لها اليهود في الشرق الأوسط.

وما إن انتشرت الاحتجاجات والتظاهرات، إلى العديد من المدن والجامعات الأمريكية، التي أحدثت صدمة ومفاجأة للمسؤولين والساسة وصناع القرار؛ حتى أخذت الآلة الإعلامية الإسرائيلية والأمريكية، في إلقاء الاتهامات الزائفة، والمزيد والمزيد من الأكاذيب، بحق المتظاهرين والمحتجين، بالتزامن مع الاستخدام المفرض للقوة، من قبل الشرطة، والحرس الوطني الأمريكي، وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، في دول تصف نفسها بالديموقراطية، وتشجع حرية التعبير؛ وشكلت الأحداث المتسارعة، من الموافقة على حُزْمَة دعم عسكري للكيان المحتل، إلى تأكيد حكومة الكيان المحتل على إطلاق عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، مرورًا بخروج التظاهرات والاحتجاجات الطلابية في معظم المدن والجامعات الأمريكية.

شكلت جميعها؛ عامل ضغط على إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، الذي اتخذ قرارات لا تخرج عن حدود “الرمزية” ضد الكيان المحتل، مثل التهديد بوقف توريد الأسلحة إلى الكيان المحتل، في حال تنفيذ عملية رفح دون خطة إجلاء أمنه للسكان لتهدئة الداخل الأمريكي، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من تصريحات بايدن بشأن الأسلحة؛ إلا أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تؤكد أنها ماضية في عملية اجتياح رفح، ولا يزال القصف الإسرائيلي مستمرًا على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

الخلاصة:

– تعد الاحتجاجات والتظاهرات التي تشهدها الجامعات الأمريكية؛ الأول والأكبر من نوعها، منذ حرب فيتنام فمع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الـ7 واستشهاد وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، واستمرار العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، امتدت التظاهرات التي تشهدها المدن العربية والإسلامية، إلى الجامعات والمدن والعواصم الغربية التي تُعد مركزًا للصهيونية الإسرائيلية، تعبيرًا عن الغضب والرفض من قِبَل المتظاهرين للعدوان الإسرائيلي، ولدعم حكوماتهم للكيان المحتل، وبات الموقف الإسرائيلي ضعيفًا أمام المتظاهرين الغربيين دافعي الضرائب، مع فشل الرواية الإسرائيلية والآلة الإعلامية في الترويج للمظلومية.

– بالرغم من ادعاء الدول الغربية تمسكها بالديموقراطية وحقوق الإنسان، وحرية التعبير؛ إلا أن الاحتجاجات والتظاهرات في الجامعات والمدن الغربية، قد شهدت قمعًا عنيفًا ومفرطًا من قبل الشرطة، مع اعتقال المئات من المحتجين، واستخدام الصواعق الكهربائية، والمهيجات الكيميائية، وتحطيم مخيمات المحتجين في حرم الجامعات؛ في ظل تجاهل الساسة الغربيين للتظاهرات، ووصفها بالمعادية للسامية والعنصرية.

– تأتي التظاهرات والاحتجاجات في المدن والجامعات الأمريكية، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة السباق الانتخابي، لانتخاب رئيس الولايات المتحدة لأربع سنوات قادمة، مما وضع الرئيس الأمريكي والمرشح الديموقراطي “جو بايدن”، في تحدٍّ صعب، ما بين تلبية مطالب الشارع الأمريكي، أو الرضوخ لجماعات الضغط واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة؛ فكانت تصريحات بايدن (الرمزية)، المتمثلة في التهديد بوقف تزويد جيش الاحتلال ببعض الأسلحة والذخائر، محاولة لتهدئة الشارع الأمريكي.

المصادر:

رصيف 22

الجزيرة

مركز رع للدراسات الإستراتيجية

DW

الشرق الأوسط

بي بي سي عربي

فرنسا 24

سكاي نيوز عربية

التعليقات مغلقة.