fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في مستقبل العلاقات الروسية داخليًّا وخارجيًّا في ولاية جديدة لبوتين

77

قراءة في مستقبل العلاقات الروسية داخليًّا وخارجيًّا في ولاية جديدة لبوتين

منذ وصول الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إلى الحكم في روسيا بداية القرن الحالي، سعى إلى استعادة أمجاد الأمة الروسية عبر توسيع نفوذ روسيا المعاصرة إلى أبعد مدى ممكن، ومساهمة روسيا في بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب تؤدي فيه روسيا دورًا حيويًّا إلى جانب القوى الدولية الأخرى.

لكن ما عانت منة روسيا عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، من أزمات اقتصادية عدة وصراعات داخلية مسلحة في القوقاز، حال دون تنفيذ أهداف بوتين فأخذ في البداية بإعادة ترتيب البيت الداخلي الروسي وإصلاح الاقتصاد، وفرض سيطرة روسيا على الشيشان وداغستان، وغيرهما من الجمهوريات ذاتية الحكم في الداخل الروسي، ومع استقرار أوضاع روسيا داخليًّا ظهرت تطلعات بوتين الخارجية السياسة والاقتصادية والعسكرية.

فمن الناحية الاقتصادية: أنشأت روسيا إلى جانب عدد من شركائها الآخرين -أبرزهم الصين والبرازيل- منظمة البريكس؛ لتكون منافسة لمجموعة دول السبع الصناعية الكبرى، إضافة إلى توسع الاستثمارات الاقتصادية الروسية في الدول العربية والإسلامية والإفريقية، وغيرها.

 وعسكريًّا: شنت روسيا حروب عدة في جورجيا وأوكرانيا لردع الناتو عن الحدود الروسية، إضافة إلى انخراطها في حروب ونزاعات عدة في سوريَا وعبر ذراعها فاغنر في إفريقيا.

وسياسيًّا: عمل الرئيس بوتين على تعزيز تحالفات روسيا الخارجية مع العديد من الدول حول العالم؛ أبرزهم: الصين، والدول الإفريقية والإسلامية والعربية: كالسعودية، ومصر، والجزائر.

فكيف تمكن بوتين من إصلاح الداخل الروسي خلال السنوات السابقة؟ وما التطلعات الروسية الجديدة في الدول العربية والإسلامية والإفريقية في ظل فوز بوتين بفترة رئاسية جديدة؟ وفي ظل التقارب الروسي الصيني: هل ينجح بوتين في تأسيس عالم متعدد الأقطاب وإنهاء الهيمنة الأمريكية؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة الضوء على السياسة الروسية الخارجية الجديدة بعد فوز بوتين بفترة رئاسية جديدة ومستقبل التحالفات الدولية والعلاقات الروسية الإفريقية العربية في هذه السطور الآتية:

أوضاع روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي خلال فترة التسعينيات:

تولى الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” سوده الحكم في روسيا خلفًا للرئيس “بوريس يلتسين” في وقت حرج للغاية؛ إذ لم يمضِ على تفكك الاتحاد السوفيتي أقل من عقد كانت الدولة الروسية المعاصرة خلالها تعاني من أزمات داخلية متعددة أبرزها الاقتصاد الروسي الفقير والمتهاوي، الذي كان يشهد انحدارًا وتراجعًا في سعر صرف العملة الروسية (الروبل)، وإخلالًا بالقواعد الصحيحة لاقتصاد السوق. (مركز المعلومات).

إذ سادت المضاربات واحتكار السلع وعدم دفع الرواتب، وتفشي التضخم؛ إضافة إلى العجز الضخم بالميزانية وارتفاع الدين الوطني والتخلف عن السداد وعدم دفع الأجور، وإلى هذه القائمة يمكن كذلك إضافة المديرين مشكوك في نزاهتهم وحالة شبه إفلاس للمؤسسات وسلطة طاغية للعصابات، وفساد إداري سائد طوال التسعينيات كان ذلك كله في سنوات السلم.

حيث أشارت بيانات وتقارير لمراكز اقتصادية مختلفة، إلى أن نمو الاقتصاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، كان أفضل من حِقْبَة التسعينيات التي أعادت الدولة العظمى لمصاف دول العالم الثالث في كثير من المجالات بالرغم من الاحتياطي الإستراتيجي الهائل للثروات، ولا سيما النفط والغاز. (الخليج الجديد).

ويضاف إلى ذلك تراجع دور روسيا الكبير على الساحة الدولية، والاضطرابات الداخلية التي شهدتها وترافقت مع نمو المشاعر الانفصالية، أو تلك المطالبة بهامش أوسع من السيادة لدى مكونات جغرافية عديدة داخل البلاد، اتخذت في بعض المراحل حالة التمرد المسلح كما حدث في الشيشان وداغستان، ورغبة تتارستان بالاستقلالية الأكبر عن سلطة موسكو المركزية. (الجزيرة).

وعلى الجانب الآخر من العالم: كانت الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتفِ بمناطق نفوذها في أمريكا الشِّمالية وغرب أوروبا، تطمح للتوسع أكثر في وَسَط وشرق أوروبا ومنطقة البلقان وشرق آسيا والقوقاز وآسيا الوسطي، وغيرها من المناطق المختلفة حول العالم، والتدخل العسكري للإطاحة بالأنظمة السياسية المعادية للولايات المتحدة في العراق وليبيَا ويوغسلافيا السابقة وغيرها، في ظل عجز روسي وانهيار تام في جميع مفاصل الدولة الروسية.

بوتين وإصلاح الداخل الروسي:

ويرى “ألكسندر نوفوجيلوف” أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة موسكو الحكومية “أن فلاديمير بوتين قاد روسيا في وقت كانت فيه البلاد في حالة محفوفة بالمخاطر، على المستويين: الاقتصادي والسياسي، وكان الاقتصاد في حالة ركود والسكان فقراء”.

أمام هذه التحديات الجمة داخليًّا وخارجيًّا، وضع بوتين نظامًا جديدًا صارمًا لإدارة روسيا المعاصرة، تمكن عبره من وضع حد لهذه التهديدات واستعادة سلطة الدولة؛ فضلًا عن تنفيذ إصلاح إقليمي وإداري واسع النطاق، أنعش التفاعل بين المركز والأقاليم، وثبت سيطرة الدولة على كافة نواحي الحياة فيها عبر حسم صراعات داغستان، وانتهاج سياسة جديدة في التعامل مع أزمة الشيشان عرفت في روسيا بالشيشنة؛ التي يقوم جزء منها على استقطاب “أحمد قديروف” أحد قادة الجماعات المسلحة المناوئة لروسيا في القوقاز، وتمكينه من حكم الشيشان ودعمه في القضاء على جميع الحركات المسلحة في الشيشان، فيمَا عُرِف بالحرب الشيشانية الثانية.

ومن الناحية الاقتصادية: ألغى بوتين جميع سياسية سلفة الرئيس “بوريس يلتسن” السابقة التي حولت روسيا نحو اتجاه اقتصاد السوق (المشوه)، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في انهيار الاقتصاد الروسي خلال التسعينيات، فعمليًّا ما قام به بوتين في السنوات الماضية الأخيرة، هو إلغاء النموذج الليبرالي للاقتصاد مع المحافظة على بعض من الدور للقطاع الخاص، بالشراكة مع مؤسسات الدولة. (روسيا اليوم).

ويرى “زياد منصور” الباحث المختص في التاريخ الروسي “أن روسيا وخلال عهد الرئيس بوتين، خاصة خلال العامين الأخيرين شهدت عودة نشطة إلى فكر ستالين، وفي الوقت نفسه تم إعطاء دور كبير للكنيسة الروسية، وللإفتاء في كل من جمهوريتي: الشيشان وداغستان؛ ما أحدث نوعًا من الشراكة السياسية والدينية”.

السياسية الروسية الجديدة خلال فترة حكم الرئيس بوتين التي تمتد لأكثر من عقدين، باتت تسمى في روسيا بالبوتينية على غرار الستالينية في ثلاثينيات القرن الماضي، بالرغم من الاختلافات المتعددة بين التوجهين (البوتينية، والستالينية).

مستقبل الداخل الروسي بعد فوز بوتين بفترة رئاسية جديد:

بالرغم من حزم العقوبات الاقتصادية الهائلة المتتالية على الاقتصاد الروسي؛ إلا أن المؤشرات الاقتصادية المختلفة تشير إلى عدم فعالية العقوبات الدولية على الاقتصاد الروسي في المدى القريب، إذ تشير العديد من التقارير إلى أن الاقتصاد الروسي في تحسن مستمر ونمو سريع، بالرغم من العقوبات الاقتصادية.

وأصبح لدى الكثيرين في روسيا العديد من الأسباب التي تجعلهم يشعرون بأن العقوبات الاقتصادية الغربية تعمل لصالحهم، إذ سجّلت الأجور في روسيا ارتفاعًا وخاصة بالنسبة للعمال من ذوي الأجور المنخفضة، الذين ارتفعت أجورهم بمعدل سنوي بلغ 20% ويدعم هذه المكاسب نقص العمالة والجرعة الكبيرة من المساعدة الحكومية، مع دعم الروبل من خلال ضوابط رأس المال، وحرق الحكومة لاحتياطاتها لدعم الإنفاق الدفاعي والشركات. (سكاي نيوز عربية).

كما تشير وكالة “بلومبرغ” إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق على الدفاع وحده ضعف ما تنفقه روسيا على كل شيء، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية وذلك في الوقت الذي تنافس فيه إمكانيات التعليم والرعاية الصحية في روسيا مثيلاتها في الولايات المتحدة على سبيل المثال.

كذلك تتابع “بلومبرغ” أن الحذر الذي أبداه بوتين بعد الحرب الروسية الأوكرانية في الشأن الاقتصادي، جعل الميزانية العمومية لروسيا في ظل الصراع، واحدة من أكثر الميزانيات صحة في العالم، وحظيت بإشادة وكالات التصنيف وصندوق النقد الدَّوْليّ. (سكاي نيوز عربية).

كما أثار بوتين الحنين إلى أمجاد الماضي عبر تقديم نفسه على أنه يدافع عن الهُوِيَّة الروسية في الدول السوفيتية السابقة، وتشير العديد من التقارير الاقتصادية إلى أن الاقتصاد الروسي سيظل متماسكًا إلى حد كبير مع تأثير خفيف للعقوبات الاقتصادية على المدى الطويل.

العلاقات الروسية العربية الإسلامية:

مع عودة الدور الروسي على الساحة الدولية، برزت السياسة الروسية الجديدة ما بعد الاتحاد السوفيتي تجاه دول المنطقة؛ إذ عملت روسيا على تعزيز علاقاتها مع العديد من دول المنطقة العربية والإسلامية المختلفة، أبرزها: مصر وسوريا والعراق والسعودية والإمارات وتركيا وإيران، فمنطقة الشرق الأوسط وما تضمه من دول عربية وإسلامية تجمعها العديد من الشراكات الاقتصادية مع الاتحاد الروسي؛ على رأسها: استثمارات روسيا في بعض البلدان العربية في قطاع النفط والغاز كما هو الحال في العراق ومصر، وهناك العلاقات التجارية التي تشمل استيراد الدول العربية للقمح والحبوب من روسيا، كما أن السياحة الروسية تشكل موردًا مهمًّا للعديد من الدول العربية، مثل: مصر وتونس، والمغرب والأردن.

وقد صرح وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في أبريل 2019م، أن بلاده نفذت 400 مشروع استثماري في المنطقة العربية بتكلفة بلغت 40 مليار دولار وأن نصيب الشركات الروسية منها 25 مليار دولار، وفي ظل العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا يسعى الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إلى تعزيز الشراكات والعلاقات الاقتصادية مع كلٍّ: من مصر والإمارات والسعودية والجزائر وإيران وتركيا، والعديد من الدول الإسلامية الأخرى، في خطوة لتخفيف وطأه العقوبات الغربية وتنويع الشراكات الروسية. (بوابة الفتح).

ولذلك فإنه وخلال السنوات القادمة وبعد فوز الرئيس بوتين بفترة رئاسية جديدة، ستشهد العلاقات الروسية العربية والإسلامية مرحلة جديدة من التعاون مع اكتمال المشاريع الروسية في المنطقة، منها مشروع محطة أكويو للطاقة الكهروذرية في تركيا ومشروع السيل التركي، ومحطة الضبعة النووية في مصر، ومشروع ممر الشمال الجَنُوب المار بالأراضي الإيرانية، والمشروعات البتروكيماوية والطاقية الروسية في السُّعُودية والإمارات، وصفقات التسلح الروسية المختلفة مع العديد من دول المنطقة؛ أبرزها: الجزائر.

وسياسيًّا حافظت روسيا على موقفها المتوازن فيمَا يتعلق بالقضية الفلسطينية على عكس المواقف الغربية التي اصطفت مع الكيان المحتل طوال العقود الماضية، كما وبرز الدعم الروسي السياسي في بعض الأوقات للشعب الفلسطيني في مجلس الأمن الدَّوْليّ خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. (بوابة الفتح).

وتنطلق السياسة الروسية في المنطقة من مصالح براغماتية بحتة، وهو ما قد يؤدي في بعض الأوقات إلى تعارض في المصالح العربية والروسية، مثل: زيادة التقارب الروسي الإيراني في وقت تنتهج فيه إيران سياسات عدائية اتجاه جيرانها العرب.

كما وأن محاولات روسيا التقارب مع الحوثيين في اليمن والاعتراف بسلطتهم في صنعاء سعيًا لتأسيس منطقة نفوذ روسية جديدة في البحر الأحمر كما جرى الحديث إعلاميًّا مؤخرًا، يمثل تحديًا للمصالح العربية والسياسات الإقليمية المشتركة في المنطقة.

لذلك أرى أنه على الدول العربية بما تمتلكه من موارد وثروات طبيعية وثقل إقليمي وثروة بشرية، العمل على زيادة شراكاتها الاقتصادية والتجارية وتطوير العلاقات السياسة مع الاتحاد الروسي لقطع الطريق عن الأهداف الإيرانية الخبيثة وأذرعها الإرهابية الساعية إلى استغلال التنافس الدَّوْليّ الحالي للحصول على اعتراف دولي بجماعات إرهابية موالية لإيران تنشط في العديد من دول المنطقة، وفي نفس الوقت المحافظة على السياسة العربية الحالية البعيدة عن الانخراط في الصراعات الدولية في أوكرانيا وغيرها.

العلاقات الروسية الإفريقية:

تعاني العديد من دول القارة الإفريقية من الفقر والبطالة وأزمات عدة لا حصر لها، بالرغم من موارد القارة الإفريقية الهائلة؛ إلا أن المشاريع الغربية وتحديدًا الأوروبية في القارة الإفريقية، تقوم على استغلال موارد القارة عبر استعمارها اقتصاديًا ووضعهًا تحت الهيمنة الغربية.

ومع بَدْء الحرب الروسية الأوكرانية وما سبقها من انقلابات عسكرية في دول الساحل الإفريقي وغيرها، دخلت روسيا سريعًا على الخط انطلاقًا من عدة دوافع، أولها: البناء على الإرث السوفيتي في القارة المتمثل في دعم حركات التحرر الوطني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، واستغلال عداء الشعوب الإفريقية للغرب وتحديدًا أوروبا. (مركز رع للدراسات الإستراتيجية).

كما وتسعى روسيا إلى فك عزلتها الدبلوماسية بعد الحرب الأوكرانية التي يسعى الغرب إلى توسيعها عبر ممارسة ضغوط على القادة الأفارقة للحد من علاقاتهم الدبلوماسية مع روسيا، وثالثًا تسعى روسيا إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني مع دول القارة الإفريقية، وزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري، لذلك مثلت انقلابات إفريقيا العسكرية وتحديدًا في دول الساحل، الفرصة الذهبية لروسيا للدخول إلى إفريقيا ومنافسة النفوذ الغربي فيها.

فسرعان ما قدمت روسيا الدعم للقادة الأفارقة الجدد لا سيما العسكري عبر مجموعة فاغنر الخاصة التي باتت تنتشر في عدة دول إفريقية، واقتصاديًا صرح الرئيس الروسي بوتين في يوليو 2023م، عن استعداده لتوزيع القمح والحبوب الروسية مجانًا على 6 دول إفريقية وهو ما تم تنفيذه في فبراير الماضي، في محاولة لزيادة استقطاب الدعم الإفريقي لروسيا سياسيًا في المحافل الدولية.

وتكمن العديد من التحديات التي تواجه العلاقات الروسية الإفريقية، أبرزها: ضعف حجم التبادلات الاقتصادية وفجوة الأولويات بين روسيا والدول الغربية، وهو ما قد تعمل روسيا خلال السنوات القادمة على مواجهة تلك التحديات.

التقارب الروسي الصيني وتحدي الهيمنة الأمريكية:

خلال 16 – 17 من مايو الجاري، سيتوجه الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إلى الصين في أول زيارة خارجية له خلال فترته الرئاسية الجديدة، وقد وصف بوتين علاقات بلاده مع بكين بأنها عامل استقرار على الساحة الدولية، ولا تخفى روسيا والصين رغبتهم في الحد من الهيمنة الأمريكية العالمية عبر تطوير نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

وتكمن العديد من العوامل المؤثرة في طبيعة العلاقات التي تجمع بين روسيا والصين؛ أبرزها: طبيعة علاقات القوة في النظام الدولي الراهن، فالضغوط الغربية على روسيا والصين للحد من صعودهما تُعد أحد أبرز المتغيرات الرئيسية التي تؤثر في العلاقات بين الدولتين، كما وأن رغبة الرئيسين: شي جين بينغ، وفلاديمير بوتين، في تطوير وتنامي العلاقات وزيادة التقارب بين روسيا والصين تؤدي دورًا مهمًّا في صعود البلدين على الساحة الدولية.

كما أدت الحرب الروسية الأوكرانية دورًا محوريًّا في زيادة تقارب البلدين لا سيما اقتصاديًّا، حيث رأت العديد من الشركات الصينية السوق الروسية مفتوحة أمامها مع خروج العديد من الشركات الغربية، كما وزاد التبادل التجاري بين البلدين إلى مستوي غير مسبوق بلغ 200 مليار دولار.

وتهدف الصين من خلال سعيها إلى تعزيز التقارب مع روسيا إلى الحصول على مجموعة من المكاسب الاقتصادية إذ تُعد روسيا مصدرًا رئيسيًّا للطاقة بالنسبة للصين، كما أنها تؤدي دورًا مهمًّا في مساعدة بكين على تحقيق بعض أهدافها الاقتصادية والمالية، مثل: تدويل اليوان، وإيجاد بديل موثوق به للأنظمة الغربية؛ فضلًا عن ضمان الوصول إلى السلع والموارد الروسية، بما في ذلك النفط والغاز بأسعار رخيصة بجانب الاستفادة من الثروات الباطنية في روسيا. (مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة).

وسياسيًّا تحرص كل من: موسكو وبكين على الحصول على دعم ومساندة الجانب الآخر فيمَا يتصل بقضاياهما ومصالحهما الجوهرية، في ظل استناد العلاقات بين الدولتين إلى المصلحة المتبادلة وتفهم كل طرف للمصالح الأمنية والعسكرية والسياسية للطرف الآخر.

وفي هذا الإطار، يمكن تفسير تأكيد بوتين مؤخرًا محورية علاقات بلاده مع الصين خلال خطاب النصر في الانتخابات، وتشديده على دعم بلاده للصين في مِلَفّ تايوان، وإشارته كذلك إلى عمق التحالف والتعاون مع بكين. (مونت كارلو الدولية).

وبالرغم من عدم وجود تحالف اقتصادي وعسكري بشكل رسمي بين البلدين؛ إلا أن الولايات المتحدة لا تخفي مخاوفها من العلاقات الروسية الصينية التي باتت تراها تهديدًا لمكانتها الدولية؛ خاصة مع تزايد حدة التنافس الدولي أكثر وأكثر ودخول الصين وروسيا إلى العديد من المناطق الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة مثل التعاون الروسي الصيني مع دول أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط.

وهو ما تقابله الولايات المتحدة بإنشاء تحالفات وتكتلات جديدة في شرق آسيا: كتحالف أوكوس وكواد، وتوسيع الناتو في شرق وشمال أوروبا وضم فنلندا والسويد، وبات واضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا لم تعد تتسيد العالم كما كانت خلال فترة التسعينيات وأوائل القرن الحالي، وخلال العقود القادمة سيتطور النظام الدولي وتتشكل عدة أقطاب دولية، فإلى جانب الولايات المتحدة الصين وروسيا والهند وهو ما يسعى الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إلى تحقيقه خلال فترة رئاسته الجديدة.

الخلاصة:

– عمل الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” فور تولية رئاسة الاتحاد الروسي مع مطلع القرن الحالي، على إجراء إصلاحات شاملة في الداخل الروسي من أجل استقرار الأوضاع التي تدهورت وتفاقمت مع تفكك الاتحاد السوفيتي وضعف سلطة موسكو المركزية خلال فترة رئاسة “بوريس يلتسن” فمَا قام به بوتين خلال فترته الرئاسية الأولى، لاقى تأييد الكثير في الداخل الروسي خاصة مع إلغاء العديد من القرارات الاقتصادية الليبرالية والحد من الفساد الإداري والتدهور الاقتصادي وتحسن الأوضاع الاقتصادية، وفرض سلطة موسكو في الشيشان وداغستان وتتارستان، وغيرها من المناطق الفيدرالية.

– أخذت موسكو خلال فترة حكم الرئيس بوتين، في انتهاج سياسات خارجية براغماتية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا وإفريقيا، انطلاقًا من الإرث السوفيتي ما مكن روسيا من تأسيس علاقات واسعة وقوية مع العديد من الدول، أبرزها: الصين والدول العربية والإفريقية والإسلامية، تقوم على المصالح والمنفعة المشتركة، وهو ما ستستمر روسيا في العمل عليه خلال السنوات القادمة لكسر حاجز العقوبات والعزلة الدولية، التي تفرضها القوى الغربية على روسيا.

– في ظل مساعي الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جين بيج، في الحد من الهيمنة الغربية العالمية، ستشهد العلاقات الروسية الصينية مزيدًا من التعاون والتطور خلال السنوات القادمة، وهو ما تراه الولايات المتحدة تهديدًا لأمنها القومي وتعمل على الحد من صعود روسيا والصين، وممارسة مزيد من الضغوط على الدول النامية، لضمان استمرار الهيمنة الأمريكية العالمية إلى أطول فترة ممكنة.

المصادر:

مركز المعلومات

الخليج الجديد

الجزيرة

روسيا اليوم

سكاي نيوز عربية

بوابة الفتح

مركز رع للدراسات الاستراتيجية

مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

مونت كارلو الدولية

التعليقات مغلقة.