fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

معارك خاركيف والتقدم الروسي.. تطورات الموقف والأهداف الروسية الجديدة

86

معارك خاركيف والتقدم الروسي.. تطورات الموقف والأهداف الروسية الجديدة

تسابق روسيا الزمن للسيطرة على مقاطعة خاركيف الحدودية مع أوكرانيا قبل وصول شحنات الدعم الغربي الجديد لكييف، بهدف تشكيل منطقة عازلة على الحدود الروسية، وربما ضم خاركيف إلى روسيا فيمَا بعد، وذلك في ظل الاستعدادات الجارية لتنظيم قمة السلام بسويسرا يونيو المقبل، والتي تشارك فيها العديد من الدول بهدف وضع روسيا في موقف ضعيف أمام المجتمع الدولي.

ويسعى الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إلى تحقيق مكاسب سريعة على أرض المعركة قبل وصول شحنات الأسلحة الغربية الجديدة إلى أوكرانيا، والتي أعلنت عنها الولايات المتحدة في إبريل الماضي، كما أن نجاح القوات الروسية في حسم معركة خاركيف لصالحها، سيضع أوكرانيا وداعميها في موقف ضعيف في قمة سويسرا المقبلة، وَسْط المطالب الدولية الساعية لإيجاد حل سلمي للحرب في أوكرانيا.

فمَا أهداف روسيا في خاركيف، ومدى إمكانية تحقيقها في ظل عدم حسم جبهة دونباس والجنوب الأوكراني؟ وكيف تبدو تطورات الأحداث في أوكرانيا والقدرات العسكرية الروسية مع دخول الحرب عامها الثالث؟ وما جدوى قمة السلام بسويسرا في ظل التراجع الأوكراني وعدم المشاركة الروسية؟ وفي ظل اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية كيف تؤثر على مجريات الأحداث في أوكرانيا؟

يسلط مركز “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة الضوء على، معركة خاركيف والتقدم الروسي ومدى واقعية الأهداف الروسية رغم عدم حسم جبهة الشرق والجنوب الأوكراني وقمة سويسرا المقبلة للسلام، في هذه السطور الآتية:

الهجوم الروسي المفاجئ على خاركيف:

في الـ10 من مايو الجاري، فاجأت القوات الروسية الجميع بهجوم عسكري، وتقدم بري داخل مقاطعة خاركيف المحاذية لإقليم دونباس في الجَنُوب والحدود الروسية في الشرق، وَسْط هروب آلاف المدنيين من الهجوم البري الروسي المتجدد في شمال شرق أوكرانيا، والذي استهدف بلدات وقرى بوابل من المدفعية وقذائف الهاون.

وأعلن حاكم منطقة خاركيف الأوكرانية “أوليغ سينيغوبوف”: أن الحدود الشِّمالية للمنطقة برمتها تتعرض للنيران الروسية على مدار الساعة تقريبًا، في حين تواصل موسكو هجومهًا عبر الحدود ما يدفع الآلاف إلى إخلاء منازلهم. (الجزيرة).

ويأتي الهجوم الروسي بعد مرور أكثر من عام ونصف على التقدم البطيء للقوات الروسية وشبه جمود للجبهات في ظل عدم حسم الحرب في أوكرانيا مع دخول الحرب عامها الثالث، ويُعد الهجوم الروسي الحالي على مقاطعة خاركيف هو الثالث خلال الحرب.

إذ ومع بَدْء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022م، تقدمت القوات الروسية للسيطرة على مقاطعة خاركيف في إطار هجومها واسع النطاق واستمرت المعارك إلى أن حسمت القوات الأوكرانية المعركة لصالحها في 6 من سبتمبر 2022م، وجاء الهجوم الروسي الثاني والذي كان محدودًا ومتمثلًا في صد القوات الأوكرانية على أطراف لوهانسك وخاركيف. (بي بي سي عربية).

ولروسيا أهداف متعددة من وراء هجومها الحالي على خاركيف، إذ شكلت الهجمات الأوكرانية المتعددة عبر المسيرات والصواريخ على المقاطعات الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية وتحديدًا مقاطعة بيلغورود ورستوف، تحديًا للقوات الروسية.

ولذلك تكمن الإستراتيجية الروسية في السيطرة على مقاطعة خاركيف عبر هجومها الثالث الجاري حاليًا، في إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية لتتمكن القوات الروسية عبرها من التصدي للمسيرات والصواريخ الأوكرانية قبل وصولها إلى الأراضي الروسية؛ هذا إلى جانب ضعف التحصينات العسكرية الأوكرانية في خاركيف وتركيز معظم الجهود العسكرية الأوكرانية على مناطق الشرق والجنوب الأوكراني، وتحديدًا دونيسك، ما أدى إلى شبه جمود في جبهات القتال طوال الأشهر الماضية.

وقد صرح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” خلال زيارته إلى الصين إلى أن القوات الروسية تعمل على إنشاء منطقة عازلة في مدينة خاركيف بأوكرانيا، بهدف حماية المناطق الحدودية هناك وأن السيطرة على المدينة ليست جزءًا من خِطَّة روسيا في الوقت الراهن. (إيلاف).

جبهة خاركيف في ظل تجميد جبهات دونباس والجنوب الأوكراني:

وبالنظر إلى السيطرة العسكرية الروسية السريعة في خاركيف؛ إذ سيطرت القوات الروسية على العديد من القرى والبلدات، فمن المرجح أن هذه المناطق كانت ضعيفة التحصين بسبب القتال الديناميكي والقصف العنيف المستمر، مما سهل التقدم الروسي، وأجبرت المعارك العنيفة وحدة أوكرانية واحدة على الأقل على الانسحاب من منطقة خاركيف، وتسليم المزيد من الأراضي للقوات الروسية عبر المناطق الأقل دفاعًا فيما يسمى: “المنطقة الرمادية” المتنازع عليها على طول الحدود الروسية.

ما سيمكن القوات الأوكرانية التي انسحبت من إعادة تنظيم صفوفها وإنشاء المزيد من التحصينات الجديد في خاركيف لمنع تقدم المزيد من القوات الروسية؛ إلا أن القوات الأوكرانية، وبحسب بعض المراقبين الغربيين تعاني من نقص في الذخائر وفي انتظار المزيد من الدعم الأمريكي والأوروبي.

ومن جهة أخرى: فربما سيمكن الهجوم الروسي على خاركيف من تقليل ضغط الجبهات في دونيسك، فقد أنشأت القوات الأوكرانية العديد من التحصينات العسكرية بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد في أغسطس الماضي، وحشدت العديد من القوات على طول خط الجبهة وتحديدًا في دونيسك، ما جمد خطوط المواجهة ومنع تقدم القوات الروسية طوال الأشهر السابقة.

وبعد دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث دون نجاح الكرملين في حسم الصراع، بدا واضحًا الإخفاق الروسي وتخبط القيادة الروسية وتجمد الجبهات لعدة أشهر، فكان واضحًا أن الحرب أظهرت عدم كفاءة الجيش الروسي لاحتلال كامل أوكرانيا عبر السيطرة السريعة والخاطفة، وهناك تخبط في الأهداف والخطط، بدءًا باحتلال العاصمة كييف وتغيير النظام في أوكرانيا وهو ما لم يتحقق.

ثم الانسحاب الروسي من الشمال ومحاولات ضرب أوديسا في عملية قيل إنها تطويقية، بحسب بيان وزارة الدفاع الروسية في أواخر إبريل 2022م وهذا لم يتحقق أيضًا، إلى هدف السيطرة على كامل مناطق دونباس وزابيروجيا وخيرسون وضمها إلى روسيا، وهذا لم يتحقق بالكامل، ولا تزال العمليات العسكرية قائمة حتي اللحظة.

ولعل الاستعانة بمجموعة فاغنر العسكرية الخاصة في وقت سابق من العامين الماضيين للقيام بالعمليات العسكرية دليل على تعثر الجيش النظامي، وعكس تمرد بروغوجين الخلافات الحادة بين المجموعة العسكرية الخاصة وبين قيادة أركان الجيش الروسي، وبالرغم من نجاح الجيش الروسي نسبيًّا في عملياته العسكرية في سوريَا، بدءًا من العام 2015م؛ إلا أن الحرب في أوكرانيا أظهرت عدم كفاءة الجيش الروسي وقيادة أركانه.

وحتى الآن لم تتمكن روسيا من إجبار أوكرانيا على الحياد وعدم الانضمام إلى أي أحلاف عسكرية فلا تزال تصريحات زيلنسكي الراغبة في الانضمام للناتو قائمة حتى اللحظة وبالنظر إلى موقف القوي الغربية من دخول أوكرانيا إلى الحلف، فقد خفف وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس” من أي ابتهاج بالكلمات.

حيث قال “الباب مفتوح، ولكن ليس هذا بالوقت المناسب لاتخاذ القرار الآن” ويمتلك الرئيس زيلينسكي حدسًا دقيقًا إذ يعلم أن الولايات المتحدة وأوروبا قد طالهما الضرر من الحرب في أوكرانيا، وهما قلقتان بشأن آثارها الاقتصادية والسياسية على بلدانهما.

وبالنظر إلى ما تحقق حتى اللحظة فلم يتمكن أي طرف من حسم الصراع في أوكرانيا لصالحه، وبالعودة إلى معركة خاركيف فإنها تأتي في وقت حرج بالنسبة إلى إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” المقبلة على الانتخابات في نوفمبر المقبل، إذ يمثل تقهقر القوات الأوكرانية والتقدم الروسي السريع رغم الدعم الأمريكي الهائل لأوكرانيا الذي تجاوز 175 مليار دولار طوال أشهر الحرب أزمة داخلية يواجهها بايدن في الانتخابات المقبلة.

ولذلك يعمل بوتين على استغلال الوقت المتبقي قبل الانتخابات الأمريكية ووصول شحنات الأسلحة الجديدة لإحداث تغييرات جديدة في ساحة المعركة بعد الإخفاقات المتتالية للقوات الروسية على مدار الحرب، ففي مارس الماضي تصاعدت التحذيرات الغربية والأوكرانية من حشد عسكري روسي كبير تجاوز 100 ألف عسكري خارج خطوط المواجهة، إضافة إلى الانتشار العسكري الروسي في المقاطعات الأوكرانية الـ4 التي ضمتها روسيا والتي يقدر بنحو 500 ألف عسكري. (القاهرة الإخبارية).

وقال قائد القوات البرية الأوكرانية اللفتنانت جنرال “أولكسندر بافليوك”: إن روسيا تجهَّز 100 ألف جندي قد تستخدمهم في حملة هجومية جديدة واسعة النطاق محتملة في أوكرانيا هذا الصيف، أو لتعويض النقص في الوحدات المستنزفة، وأشارت مراكز دراسات الحرب في الغرب وتحديدًا في الولايات المتحدة إلى أن القوات الروسية قد تشن هجومًا في دونيسك وزابوريجيا؛ إلا أن المفاجأة الروسية كانت بهجوم روسيا في خاركيف. (القاهرة الإخبارية).

تداعيات السيطرة الروسية على خاركيف:

يكمن الهجوم الروسي الحالي وسرعة التقدم في سعى روسيا إلى استغلال نقص الذخيرة قبل أن تصل الإمدادات الغربية الموعودة إلى خط المواجهة والتي قد تؤدي إلى تجميد جديد لخطوط المواجهة أو على الأقل الحد من تقدم القوات الروسية.

وقال جنود أوكرانيون لوسائل إعلام غربية: إن الكرملين يستخدم التكتيك الروسي المعتاد من خلال إطلاق كمية غير متناسبة من النيران، وهجمات المشاة لإرهاق قواتهم وقوتهم النارية، إضافة إلى هجمات سريعة وخاطفة باستخدام دراجات نارية. (سكاي نيوز عربية).

وبالنظر إلى تكثيف المعارك في ما كان في السابق رقعة ثابتة من خط المواجهة، تهدد القوات الروسية بمحاصرة القوات الأوكرانية في الشمال الشرقي، بينما تشن معارك مكثفة في الجَنُوب، حيث تحقق موسكو أيضًا مكاسب على الأرض في دونيسك، وتأتي هذه الهجمات الروسية في الوقت الذي تنتظر فيه أوكرانيا دعمًا عسكريًّا غربيًّا؛ خاصة بعد إقرار مجلس النواب الأميركي على حزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار.

وبالعودة إلى تصريح الرئيس الروسي بوتين بعدم الرغبة في السيطرة على كامل مقاطعة خاركيف الأوكرانية في الوقت الراهن، إلا أن التقدم السريع للقوات الروسية والذي مكنها من السيطرة على 257 كيلومترًا خلال أقل من أسبوع، قد يفتح شهية الكرملين لمزيد من التقدم والسيطرة الكاملة على المقاطعة.

وإذا ما تمكنت القوات الروسية من ذلك، فإن أوكرانيا ستكون في موقف صعب للغاية، كون السيطرة على خاركيف سيمكن القوات الروسية من إحراز مزيد من التقدم سواء في اتجاه الجَنُوب في دونيسك وزابيروجيا، أو باتجاه الشمال في سومي وكييف، كون موقع خاركيف المتميز الذي يربط بين محاور الشمال والشرق والجنوب الأوكراني، وضعف التحصينات الأوكرانية فيها.

وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بيل بيرنز، “قد حذر من أنه بدون مساعدة إضافية من الولايات المتحدة، قد تخسر أوكرانيا الحرب أمام روسيا بحلول نهاية هذا العام” خاصة مع فِرَار العديد من الأوكران إلى خارج أوكرانيا تجنبًا للتجنيد الإلزامي ونقص العنصر البشري. (اليوم السابع).

ويأتي ذلك في ظل نجاح القوات الروسية على التأقلم أكثر مع متغيرات المعركة التي شهدت استخدامًا مكثفًا للمسيرات، وكانت مفاجأة استخدام القوات الروسية للدراجات النارية في التقدم السريع داخل القرى الصغيرة شرق خاركيف عاملًا في التقهقر الأوكراني.

المساعدات الأمريكية وقمة سويسرا للسلام:

في ظل الهجوم الروسي والتقهقر الأوكراني، سارع وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” إلى كييف في زيارة مفاجأة لتهدئه مخاوف الساسة الأوكران، مؤكدًا أن المساعدات العسكرية الأمريكية في طريقها الآن، وقال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين للرئيس الأوكراني: إن الأسلحة “ستحدث فرقًا حقيقيًّا في ساحات المعارك”؛ إلا أن ذلك يبقى محل شك، في ظل نجاح القوات الروسية في العام الماضي في إفشال الهجوم المضاد الأوكراني. (العربية).

وتعتبر الزيارات الدبلوماسية التي يقوم بها أكبر داعم عسكري لأوكرانيا ضرورية لاستمرار جهودها الحربية، ورغم أن سرعة تسليم الذخيرة والأسلحة الأمريكية كانت على رأس جدول أعمال الاجتماع بين “أنتوني بلينكن” والحكومة الأوكرانية؛ إلا أنها ليست سوى واحدة من المشاكل المتصاعدة في كييف.

ويأتي الهجوم الروسي المفاجئ والدعم الأمريكي السريع قبل أسابيع قليلة تفصل عن عقد قمة سويسرا للسلام في يونيو المقبل لمناقشة خِطَّة السلام الأوكرانية، دون حضور روسيا وبمشاركة العديد من الدول منها دول الجَنُوب العالمي ويأمل الدبلوماسيون الغربيون في مشاركة الصين في القمة، والتي ستركز خلالها الوفود المشاركة الغربية على مجموعة محددة من الأهداف، أهمها سبل التسوية مع موسكو.

وبالرغم من حجم المشاركة الكبيرة في المؤتمر؛ إلا أن مستوى الحضور من خارج حلفاء أوكرانيا الغربيين ليس واضحًا، وينظر إلى حضور الصين على وجه الخصوص، على أنه مهم لنجاح الاجتماع نظرًا إلى التأثير الذي يقول دبلوماسيون: إن بكين تتمتع به على موسكو؛ إلا أن بكين لم تصدر قرارًا بعد بالمشاركة في المؤتمر.

وسيناقش المؤتمر خِطَّة السلام الأوكرانية، والتي تدعو إلى احترام سلامة أراضي البلاد وسيادتها وانسحاب القوات الروسية، فضلًا عن الضمانات المتعلقة بأمنها مستقبلًا، وهو ما يتعارض مع أهداف الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا منذ البداية. (الشرق للأخبار).

إذ تسعى روسيا إلى نزع سلاح أوكرانيا وضمان حياديتها وتنازل أوكرانيا عن المقاطعات التي ضمتها روسيا؛ ولذلك يرى بوتين أن قمة سويسرا للسلام ما هي إلا محاولة لفرض شروط على روسيا لإنهاء الصراع، ونظرًا لحجم المشاركة الدولية الكبيرة فإن قمة سويسرا تُعد إحراجًا لروسيا أمام المجتمع الدولي، وأحد أشكال الضغط الغربي على موسكو.

الانتخابات الأمريكية والحرب الأوكرانية:

شهدت دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة شهورًا من الخلافات السياسية بين الجمهوريين والديموقراطيين والعراقيل داخل الكونغرس التي أدت إلى توقف الدعم الأمريكي إلى أوكرانيا، وذلك بسبب تأثر الداخل الأمريكي بالصراع الروسي الأوكراني إلى جانب الصراعات الأخرى في فلسطين والعقوبات الاقتصادية المتبادلة بين واشنطن وبكين وغيرها.

لذلك يرى العديد من المراقبين أن الانتخابات الأمريكية المقبلة، ستلعب دورًا حاسمًا في العديد من الصراعات والقضايا الدولية ومن بينها الصراع الأوكراني الروسي، وبالنظر إلى توجهات كلا المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة الديموقراطي “جو بايدن” والجمهورية “دونالد ترامب”/ فإن الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم ستحدد مسارين للمعارك الدائرة بين كييف وموسكو.

المسار الأول يتجه نحو التصعيد وحرب طويلة الأمد بهدف محاولة استنزاف روسيا؛ إلا أن ذلك محل شك في ظل تأثر الداخل الأمريكي اقتصاديًّا بتداعيات حزم الدعم الأمريكية المختلفة والعقوبات الاقتصادية وما تلاها من ارتفاع الأسعار على نطاق واسع.

أما المسار الثاني يتجه إلى إنهاء الحرب وتسوية الأزمة بين موسكو وكييف، وهو ما يتطلب تنازل أوكرانيا عن المقاطعات والأراضي التي ضمتها روسيا وتحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة، ما من شأنه تحقيق الأهداف الروسية وبالتالي يُعد ذلك هزيمة لأوكرانيا وحلفائها الغربيين وقد يؤثر على مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

كما أن توقعات المراقبين لتطورات المشهد انطلقت من تباين موقفي الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن” والرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” بشأن الدعم الأمريكي المقدم لأوكرانيا، واحتمالية عودة المفاوضات بين موسكو وكييف من جديد، فبايدن حرص منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب الأوكرانية على أن تصبح إدارته في مقدمة الدول الغربية التي تقدمت بالمساعدة لأوكرانيا بهدف دعم كييف في الثَّبات وهجومها المضاد.

وأعلن ترامب المرشح الرئاسي للانتخابات المقبلة أنه سينهي الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة حال فوزه بمقعد الرئيس، ولم يبدِ أي التزام باستمرار إرسال مساعدات إلى كييف وهو ما يثير القلق لدى أوكرانيا والحلفاء الأوروبيين؛ ولذلك تحرص أوروبا على تطوير صناعاتها العسكرية وإعادة التسلح على نطاق أكبر والعمل باستقلالية أكبر عن الولايات المتحدة. (الشرق الأوسط).

وهذا ما بدا واضحًا في تصريحات الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن رغبة بلاده في إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا، إلى جانب تصريحات الحكومة السويدية عن الاستعدادات لأي حرب مستقبلية محتملة.

الخلاصة:

– يأتي الهجوم الروسي الواسع على مقاطعة خاركيف الأوكرانية الحدودية، بعد شهور من جمود جبهات القتال وعدم قدرة القوات الروسية على تحقيق نجاحات تذكر، في ظل تموضع القوات الأوكرانية على طول خط المواجهة، وإقامة التحصينات العسكرية واستخدام المسيرات والصواريخ في قصف القوات الروسية المهاجمة في الشرق والجنوب الأوكراني؛ لذلك يأتي الهجوم الروسي خارج منطقة الحرب التقليدية في دونباس والجنوب، بهدف كسر جمود الجبهات وتحقيق انتصار جديد وتشتيت القوات الأوكرانية عن منطقة دونيسك في إقليم دونباس في الشرق.

– بالنظر إلى موقع خاركيف المتميز وضعف التحصينات العسكرية الأوكرانية فيها، فإن السيطرة الروسية المحتملة على المقاطعة، سيشكل انقلابًا في موازين الحرب، وسيضع أوكرانيا وداعميها في موقف حرج، فالدعم الأمريكي والهائل لكييف وتداعيات العقوبات الاقتصادية على روسيا، قد أثارت استياء الداخل الأمريكي إلى حد كبير في ظل التقدم الروسي السريع، وتأمل أوكرانيا في أن تؤدي حزمة المساعدات الأمريكية الجديدة، إلى تغيير في مجريات الحرب والحد من الانتصارات الروسية الأخيرة.

– تُعد قمة سويسرا للسلام التي ستعقد في يونيو المقبل، لمناقشة خِطَّة السلام الأوكرانية أحد أشكال الضغط الغربي على روسيا، وفي ظل العلاقات الروسية الصينية المتينة، يسعى الدبلوماسيون الغربيين إلى حضور الصين للمؤتمر في محاولة لإنجاحه، ونظرًا لاقتصار الحضور بشكل كبير على داعمي أوكرانيا من الدول الغربية، فإن فرص نجاح المؤتمر تبقى محل شلك.

– مع تأثر الداخل الأمريكي بتداعيات الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع واسع في الأسعار، ينظر إلى الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل، كعامل محوري في مستقبل الصراع في أوكرانيا، في ظل التوجه المختلف لكلا المرشحين: الديموقراطي “جو بايدن”، والجمهوري “دونالد ترامب” إزاء الحرب والدعم المستمر المقدم إلى كييف.

المصادر:

الجزيرة

بي بي سي عربية

إيلاف

القاهرة الإخبارية

سكاي نيوز عربية

اليوم السابع

العربية

الشرق للأخبار

الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.