fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

النفوذ الروسي ما بعد فاغنر في إفريقيا.. أهدافه ودلالاته

69

النفوذ الروسي ما بعد فاغنر في إفريقيا.. أهدافه ودلالاته

يحاول الدب الروسي التكثيف من تواجده في القارة السمراء في مواجهة الغرب، حيث تم الإعلان منذ وقت قريب عن “فيلق إفريقي روسي”، والكشف عنه مطلع عام 2024 ليكون بديلًا عن مجموعة “فاغنر” الروسية الخاصة؛ الأمر الذي يعكس سعي روسيا لتوسيع نفوذها العسكري في الشمال والشرق الإفريقي بعد تواجده بقوة في وسط وغرب القارة، وبالتالي يمنحه شرعية التواجد العلني في مواجهة الحضور الأوروبي الأمريكي.

يتوزع الفيلق المزمع إنشاؤه ما بين 5 دول إفريقية هي: ليبيا، وبوركينا فاسو، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والنيجر، وتحتضن ليبيا المقر الرئيسي له؛ وذلك بسبب نشاط عناصر فاغنر سابقًا في مدينة سرت التي تبعد 450 كيلومترًا شرق العاصمة الليبية طرابلس، إذ كانوا يتمركزون في قاعدة “القرضابية” الجوية وميناء سرت البحري، إضافة إلى قاعدة “الجفرة” الجوية جنوبًا، وقاعدة “براك الشاطئ” الجوية التي تبعد نحو 700 كيلومتر جنوب طرابلس.

نسلط الضوء في مركز “رواق”، للأبحاث والرؤى والدراسات، عبر هذا التقرير على بعض الأمور، وهي إنشاء فيلق “إفريقي روسي” بديلًا عن قوات فاغنر.. ما أسبابه وأهدافه ودلالاته؟ وهل يؤثر على الحضور الأمريكي الأوروبي في القارة؟ ما أهمية إفريقيا بالنسبة للدب الروسي؟ هل التواجد الروسي سيخلق التوازن مع حليفه الصيني؟ ما ملامح تعزيز الحضور الروسي؟ لماذا يرحب القادة الأفارقة حاليًا بروسيا أكثر من أمريكا وأوروبا؟

أسباب اختيار ليبيا مقرًا للفليق الإفريقي الروسي:

يأتي التركيز على الدولة الليبية لأهميتها الإستراتيجية، وأيضًا من عوامل اختيار ليبيا لتكون مقرًّا لهذا الفيلق ارتباطها بساحل البحر المتوسط، وهو موقع إستراتيجي لضمان خطوط الإمدادات العسكرية وتحركات العناصر التابعة للفيلق إلى الدول الإفريقية الأخرى، لتتبع إدارة الفيلق الإفريقي سلطة الإدارة العسكرية الروسية مباشرة، ويشرف عليه الجنرال يونس بك إيفكوروف، نائب وزير الدفاع الروسي. (الجزيرة).

تتكون النواة الأساسية للفيلق من مجموعات فاغنر، إذ تم دمج عناصر منها في قيادات الصفين الثاني والثالث داخل الفيلق؛ إضافة إلى مزيد من العناصر في نطاق قوة عسكرية لا تقل عن 40 إلى 45 ألف مقاتل، كما يتكون الفيلق من فرقتين إلى 5 فرق حسب القدرات القتالية وحجم العناصر.

عدد الأفراد والمجندين داخل الفليق الإفريقي:

وبحسب ما تم الإعلان عنه وكيفية إنشائه، وجنوده وأفراده، فإن الفيلق يضم من 40 إلى 45 ألف مقاتل، وقد بدأت عمليات الانتداب والتجنيد في ديسمبر / كانون الأول 2023 في عدد من الدول الإفريقية وفي روسيا، ونُشرت إعلانات التجنيد منذ الأيام العشرة الأولى من الشهر نفسه في القنوات العسكرية على تطبيق تليغرام.

ومن المتوقع ألا يفك الفيلق الإفريقي ارتباطه كليًّا بمجموعة فاغنر، إذ منحت أولوية الانضمام لأفراد من مرتزقة فاغنر الروسية الذين يشكلون تقريبًا نصف العدد الإجمالي لأفراد الفيلق، ثم إلى المقاتلين الروس الذين شاركوا في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما فتح الباب أمام العسكريين والمقاتلين الأفارقة الذين يتمتعون بقدرات قتالية عالية وبكفاءات متعددة، منها: قيادة المركبات القتالية والدبابات وقيادة الطائرات المسيرة وأنظمة الرادار ومنظومات الدفاع الجوي. (الجزيرة).

ومن المحتمل أن يضم الفيلق جنسيات متعددة، منها: الروسية والسورية وجنسيات إفريقية، وتناهز رواتب المقاتلين في الفيلق الإفريقي الروسي 3200 دولار، مع إمكانية تلقيها بالعملات الأجنبية في الخارج؛ إضافة إلى الحصول على الرعاية الطبية، وعدد من الامتيازات الاجتماعية، فضلًا عن التأمين على الحياة والتأمين الصحي على حساب الميزانية الفدرالية.

إنشاء الفيلق الإفريقي.. الأهداف والدلالات:

في سنة 2023 تمكنت روسيا من الدخول سياسيًّا بشكل قوي إلى عدد من الدول الإفريقية التي كانت تحت الهيمنة الفرنسية تاريخيًّا واقتصاديًّا وحتى عسكريًّا، ونجحت روسيا في تقديم نفسها مناصرة للاستقلال الإفريقي من الاستعمار الأوروبي، عن طريق دعم الأنظمة السياسية الصاعدة المناهضة للوجود الفرنسي في بعض البلدان، مثل: بوركينا فاسو، والنيجر، ومالي، وإفريقيا الوسطى.

من الناحية السياسية، ونظرًا لتغير موازين القوى التي كانت مؤشرًا على أن المنطقة مقدمة على تحولات جديدة يسعى الروس للاستفادة منها بقوة، لا سيما أنهم يجدون دعمًا في دول الساحل والصحراء، ومن قوى إقليمية مهمة تشترك مع موسكو في التوجهات السياسية، وفي خطط التموقعات الجيوإستراتيجية الجديدة. (الجزيرة).

أما من الناحية الميدانية فإن تشكيل الفيلق الإفريقي يتيح لوزارة الدفاع الروسية العمل على مواجهة النفوذ الغربي وتدارك مكانة موسكو في إفريقيا بعد 3 عقود من فكها الارتباط بالقارة السمراء، منطلقها في ذلك تأكد الكرملين أن الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) هم المعارضون الرئيسيون للوجود الروسي في إفريقيا، بما في ذلك فرنسا.

أما هدف “فيلق إفريقيا” المعلن تحت أو بهدف المساعدة في مواجهة النفوذ الاستعماري الجديد للغرب على الدول الإفريقية ذات السيادة وحماية مواقع البترول والذهب التي استطاعت فاغنر الوصول إليها سابقًا؛ إضافة إلى تزويد المجموعات المناهضة للوجود وللسياسات الغربية داخل الدول الإفريقية بالأسلحة والتدريب لدعم عمليات الانفصال عن فرنسا -المستعمر التاريخي للقارة-، وأيضًا الأنظمة الإفريقية التي تقع تحت السيطرة الأميركية والحلفاء الأوروبيين.

ما أهمية إفريقيا بالنسبة للدب الروسي؟.

يرتبط الفيلق الإفريقي بشكل مباشر ماليًّا وتنظيميًّا بالنظام الروسي بعد اعتماد تعديلات على قانون ميزانية القوات المسلحة الروسية في ديسمبر / كانون الأول 2023، تسمح للحرس الروسي بأن تشمل صفوفه تشكيلات من المتطوعين والأجانب. (الجزيرة).

ومن الواضح أن الصوت الإفريقي في المؤسسات الدولية، تشكل البُلدان الإفريقية نحو ثلث أعضاء المجتمع العالمي، وهي ممثلة في الهياكل المتعددة الأطراف، وتتمتع بالخبرة في العمل السياسي الموحد، من خلال الاتحاد الإفريقي وعدد من روابط التكامل دون الإقليمية. وبدون مشاركة البُلدان الإفريقية، فإن الأداء المستقر لنظام العلاقات الدولية، وتطوير العلاقات الاقتصادية العالمية، وتوفير نظام مستقر للأمن الدولي يكاد يكون مستحيلًا، كما تحتاج روسيا للترويج لنظريتها حول “التعدُّدية القطبية” للصوت الإفريقي المساند لها في المؤسسات الدولية. (موقع أبعاد).

وعلى ما يبدو وبالرغم من الاختلافات الكبيرة بين الأجزاء الشمالية وأجزاء جنوب الصحراء الكبرى من القارة، فإن القاسم المشترك بينهما، هو المشاكل ذات الطبيعة الإستراتيجية. وكانت إفريقيا تقليديًّا منطقة نفوذ عسكري لحلف شمال الأطلسي، ويتمتع الحلف بالعديد من المعاقل التي تتيح له السيطرة على الاتصالات البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، وكذلك في جنوب المحيط الأطلسي؛ بالإضافة إلى ذلك على أساس ثنائي تحتفظ عدد من الدول الغربية بمواقع عسكرية سياسية في المنطقة، سواء من خلال القواعد والوحدات العسكرية، أو على أساس التعاون العسكري الفني. (موقع أبعاد).

سوق إفريقيا الواعدة لروسيا:

كما تعتبر إفريقيا من الأسواق الواعدة للغاية للشركات العسكرية الخاصة وتصدير الأسلحة، حيث يتزايد الوجود العسكري الأجنبي لممثلي الشركات العسكرية الخاصة، فضلًا عن نمو شراء الأسلحة الأجنبية، فقد أصبحت إفريقيا ككل مشاركًا بارزًا في عمليات السوق العالمية للمعدات العسكرية والأسلحة الصغيرة، يتم إرسال ما يصل إلى 10% من صادرات الأسلحة العالمية إلى دول القارة.

أيضًا تمتلك القارة السمراء سوقًا ضخمًا للمواد الخام، ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة لتقييم دور إفريقيا في النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين هي المواد الخام (المعدنية بشكل رئيسي)، والموارد البشرية.

حيث هناك موضوع مشترك في الدراسات المخصصة للقضايا الإفريقية، وهو التنبؤ بأن إفريقيا في القرن الحادي والعشرين ستكون المنطقة الأكثر ديناميكية في النمو، مما يؤثر بشكل متزايد على طبيعة ومعدل النمو في البُلدان المتقدمة حتى الآن، حدثت بعض التغييرات في الوضع التقليدي للقارة الإفريقية في الاقتصاد العالمي خلال الفترة من (2001-2014)، شهدت إفريقيا إحدى أسرع المناطق الكلية نموًّا في العالم. (موقع أبعاد).

كذلك تحظى إفريقيا باهتمام كبير بالنسبة للمستثمرين الأجانب لأسباب تتعلق بالربحية العالية للاستثمارات، وفيما يتعلق بسياسات الدول الإفريقية نفسها التي تسعى إلى جذب رأس المال بنشاط، وقد ازدادت أهمية إفريقيا لروسيا، بعد ما تراجع مسار العلاقات مع الغرب، منذ الحرب في أوكرانيا.

التواجد الروسي وخلق التوازن مع الصين:

كما يساهم التواجد الروسي بقوة من خلق توازُن مع دولة لها حضور كبير في القارة، مثل: الصين، ورغم ما يبدو من علاقة تعاون بين روسيا والصين، لكن كِلا البلدين لديه مخاوف مشتركة من بعضهما البعض، وصراعات تاريخية، في المقابل تجمعهما الرغبة في نيل الاعتراف الأمريكي بالمكانة التي يريان أنهما يستحقانها.

يُشكّل الوجود الروسي في إفريقيا وتركيزه على الجانب العسكري، عامل توازُن مع التنامي الاقتصادي الصيني في القارة حتى لا تبدو موسكو في موقف ضعف أمام بكين خصوصًا بعد تزايد الاعتماد عليها اقتصاديًّا على إثر العقوبات الغربية لكي تحافظ روسيا على العلاقة السلمية والتعاون مع الصين، وتعزيز هذا التعاون؛ تعرض موسكو تقديم الخدمات العسكرية، القادرة على حماية المصالح الاقتصادية لبكين، والتعاون المشترك لطرد القوى الغربية، وإعادة هيكلة وتشكيل دول القارة التي تعصف بها الصراعات الداخلية، وتقاسم الثروة والنفوذ معًا. (موقع أبعاد).

ومن بين دلالات وأهمية حضور روسيا في إفريقيا، الضغط على القوى الغربية: تعتقد روسيا، أن بإمكانها تشكيل المزيد من الضغوط على الغرب، والدول الأوروبية خاصة عبر تهديد نفوذها التقليدي في إفريقيا، وإشغالها في معارك جانبية، وزيادة الأعباء العسكرية والاقتصادية عليها نتيجة تدخُّلاتها، وازدياد تدفُّق الهجرة غير الشرعية، وهو ما يُضعف مواقف هذه الدول في دعمها لأوكرانيا، ويمنح موسكو ورقة ضغط يمكن أن تقايض بها على ملفات أخرى تهمها في جوارها القريب ما بعد السوفيتي.

الفيلق الإفريقي.. هل يعيد تشكيل خرائط العالم؟

من الممكن أن يكون هناك دور بارز للفليق الروسي في إفريقيا وسط الترحيب به الآن، لا سيما أن روسيا تعتقد أن مشكلات إفريقيا، نابعة من التقسيم “الجائر” للحدود، التي تم رسمها وفْق مصالح وتوافُقات القُوى الغربية، لتقاسُم النفوذ والموارد فيما بينها، على أساس أنها باقية في القارة ولن تذهب، بينما كان من المفترض أن يُعاد النظر فيها بعد نهاية الظاهرة الاستعمارية، لكن القادة الأفارقة وقعوا في فخِّها، وهو ما أدى لخلق دول فاشلة، لا أمل في إعادة إصلاحها بشكل سلمي، دون إعادة تفكيك هذه المنظومة.

كما يتطلع بعض القادة الأفارقة خصوصًا دول الساحل والقرن الإفريقيين، أن تبادر روسيا بعملية التغيير هذه؛ لأن الحدود بشكلها الحالي ستجعل الكفّة دائمًا ترجح لصالح الصين والغرب، وخروج روسيا خاسرة من هذه المعادلة، وهو ما عبَّر عنه بوضوح بعض المسئولين والأكاديميين الروس.

لا سيما أن القارة الإفريقية توفر فرصة مثالية لروسيا لتحويل نظرياتها لواقع حول عدم “صلاحية” النظام العالمي القائم، ودورها في إعادة تغييره عَبْر تغيير كافة قواعده، لصنع نظام عالمي جديد. (موقع أبعاد).

الفيلق الإفريقي وأهداف روسيا الإستراتيجية:

لقد اتبعت روسيا سياسة يمكن وصفها بـ”الهجينة” لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في إفريقيا، جمعت فيها ما بين الخطاب السوفيتي، الذي يلعب على وتر التحرر من “الاستعمار” بصيغته الجديدة، والبراغماتية في التعامل مع أي قوة سياسية يمكن أن تعقد اتفاقيات معها، وتحقق لها مصالحها، بغض النظر عن خلفيتها الأيديولوجية أو الاجتماعية.

تحاول روسيا استغلال الأخطاء التاريخية الغربية، وتكرارها في الحاضر، من قِبل القُوى الغربية في إفريقيا، والتضخيم منها، عَبْر الضخ الإعلامي عن طريق وسائل إعلامها الناطقة بالفرنسية واللغات المحلية، وتعاونها مع بعض المنافذ الإعلامية المحلية، للتذكير بالإرث الاستعماري للغرب، ودور روسيا “الوريث” الشرعي للاتحاد السوفيتي في مساعدة حركات التحرر الوطني الإفريقية في الماضي، واستكمالها لهذه المهمة في الحاضر، مع التأكيد على عدم وجود ماضٍ استعماري لروسيا في المنطقة.

كذلك ربما العودة إلى التقاليد السوفيتية حيث برغم الانتقادات الحادة التي يوجهها بوتين للقادة السوفيت وسياساتهم؛ إلا أن مقربين من الرئيس بوتين أوضحوا أن الخطاب السوفيتي له جاذبية خاصة، وشعبية كبرى ما زالت حية حتى الآن في إفريقيا، خصوصًا عند الحديث عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادتها.

كما تتعامل روسيا مع قادة الدول الإفريقية، والقادة الجدد الذين وصلوا للسلطة عن طريق الانقلابات العسكرية بطريقة واقعية براغماتية دون قيود أو قيم لا بد من التقيد بها، مثل: الديمقراطية، وسلطة القانون، وحقوق الإنسان، وغيرها من الأدبيات السياسية التي يستخدمها الغرب للضغط على زعماء هذه الدول، أو ضرورة الالتزام بالاشتراكية، كما كان الوضع بالحقبة السوفيتية، وهو ما يوفر لقادة إفريقيا هامشًا واسعًا من المناورة، وقدرة على إيجاد بدائل لتثبت أركان حكمهم بعيدًا عن السياسة الغربية. (موقع أبعاد).

تعزيز القوة الناعمة لروسيا:

من الواضح أن سياسة روسيا الجديدة تعمل على بناء كوادر إفريقية، لديها عاطفة خاصة تجاه روسيا، من خلال التوسع في المنح الدراسية لأبناء القارة، والتي بلغت عام 2022، حوالي 34.000. البرنامج الأكثر شعبية بين الطلاب من (سيراليون ونيجيريا) العلوم الطبية، ومن (الكاميرون وتشاد) هندسة النفط والغاز، ومن (ساحل العاج ونيجيريا) الاقتصاد والشؤون المالية، بينما اختار مواطنو (بنين وأنغولا) الإدارة.

حيث اختارت (جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد وجمهورية الكونغو -برازافيل) العلاقات الدولية، ركزت برامج المنح على أن يدرس معظم الطلاب من إفريقيا باللغة الروسية، لتعلمها وخلق جيل من المتخصصين القادرين على التحدث بها، تهدف روسيا، للوصول بهذا الرقم إلى مئة ألف، خلال السنوات الخمس القادمة. (موقع أبعاد).

كما تم توقيع أكثر من 70 اتفاقية بشأن الاعتراف المتبادل بالدبلومات والدرجات العلمية بين روسيا والدول الإفريقية، وجعل اللغة الروسية إحدى اللغات الأجنبية لتدريسها في البلدان الإفريقية، وتدريس أربع لغات إفريقية محلية في المدارس والجامعات الروسية.

لذلك نقول: إنه من خلال هذا النهج “الهجين”، تقدم روسيا نفسها إلى إفريقيا، وخلفها الماضي السوفيتي الذي قدم المساعدة لدول إفريقيا في نَيْل الاستقلال، وبنائها اقتصاداتها وقدراتها العسكرية، وتعزيز القوة الناعمة عبر توفير الغذاء، وتحديدًا الحبوب، سواء في شكل منح وهِبَات أو بشروط دفع ميسرة.

على سبيل المثال: أعلن بوتين في يوليو 2023، أثناء انعقاد القمة الروسية الإفريقية الثانية، أن روسيا مستعدة لتوريد: “ما بين 25 ألفًا إلى 50 ألف طن من الحبوب إلى العديد من الدول الإفريقية في الأشهر المقبلة مجانًا”، وقد خص بهذه الإمدادات: (بوركينا فاسو، وزيمبابوي، ومالي، والصومال، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وإريتريا). كما أكد أن توصيل الحبوب سيكون مجانيًّا أيضًا.

الأهم أن تقدم روسيا أيضًا لقادة إفريقيا نموذجًا مختلفًا للتعاون عن الغرب، الذي اعتمد على سحب الموارد لصالح الشركات الكبرى، وحصر الاستفادة منها في فئة محدودة من ذوي النفوذ في القارة، أو النموذج الصيني الذي يركز على مشاريع البِنْية التحتية لتشغيل الاقتصاد الصيني، مقابل الديون ثم الاستحواذ على مرافق حيوية لسدادها، بينما المعادلة الروسية قائمة على “المقايضة” في تقديم سلع مقابل خامات، ودخول شركاتها للاستحواذ على مكامن الثروات الطبيعية، وبناء مؤسسات تخلق لها نفوذًا جيواقتصاديًّا، وتوسع من دائرة الربح والمستفيدين، ولا تشكل ضغوطًا على ميزانية الدولة، وهو ما أكدت عليه موسكو، ومن خلال توفير الحماية العسكرية والشخصية للزعماء، والحماية الدبلوماسية عَبْر حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، وهو ما يجعل العلاقة مع روسيا في العديد من النواحي أكثر جاذبية من الغرب والصين.

وقد ساهم هذا النهج في دفع العديد من العسكريين المغامرين للقيام بانقلابات، وتسويق أنفسهم لشعوبهم عَبْر التعاون مع روسيا على أنهم “قادة” جُدد للتحرر الوطني، وبالتحديد في بُلدان الساحل، التي تكتسب أهمية خاصة لروسيا، لما تمتلكه من موارد، وموقع إستراتيجي مهم.

إستراتيجية التوسُّع العسكري الروسي في إفريقيا.. لماذا ليبيا الأنسب؟

يجب الإشارة إلى أن روسيا لا تمتلك أي قاعدة عسكرية، بشكل رسمي في إفريقيا، بينما تربطها مع مصر اتفاقية بشأن الاستخدام المتبادل للأجواء الجوية والمطارات العسكرية في إطار “الجهود المشتركة لكِلا البلدين لمكافحة الإرهاب”، حسب البيانات الرسمية. (موقع أبعاد).

وذلك إدراكًا منها لصعوبة الحصول على قاعدة في إفريقيا، ونظرًا لمحدودية قدراتها المالية، سعت روسيا للتواجد عبر “الشركات” العسكرية، التابعة للخدمات الخاصة، لتشكل ما يشبه “المجسّات” لاستكشاف الوضع الداخلي، وصنع نفوذ وتواجُد مستقر، يؤهلها فيما بعدُ للبحث في إمكانية الحصول على قاعدة عسكرية تخدم أهدافها.

حيث تمثل القواعد البحرية الأولوية الأولى لروسيا في إفريقيا، وعلى رأس هذه الأولويات، ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال إفريقيا.

من ضِمن الدول المطلة على البحر المتوسط: (مصر- ليبيا – تونس – الجزائر – المغرب)، ليبيا هي الأنسب، لسهولة تحقيق هذا المطلب في ظل الانقسام الحالي بالبلاد، ولكونها رغبة قديمة منذ الحرب العالمية الثانية.

ولذلك يمكن فهم رهان موسكو على خليفة حفتر، وتقديم الدعم العسكري له، كان ستالين قد سعى إلى الحصول على قاعدة بحرية في ليبيا، أثناء تقاسُم تركة إيطاليا الفاشية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، حيث تكشف الوثائق السوفيتية والبريطانية والأمريكية المفرج عنها اليوم، إلحاح ستالين من خلال وزير خارجيته فياتشيسلاف مولوتوف، أثناء مفاوضاته مع نظرائه الحلفاء،على الحصول على قاعدة بحرية في ليبيا، ثم تدخُّله شخصيًا بالمفاوضات، في مؤتمر بوتسدام، الذي أفضى لرفض بريطاني مطلق لنقاش هذا الطلب بأي شكل من الأشكال. (موقع أبعاد).

روسيا تخوض معركة الحضور في إفريقيا:

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت قريب: إن جهود الغرب لعزل بلاده فشلت تمامًا، وإن موسكو تبني علاقات أقوى مع دول في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، وأماكن أخرى، حيث جاءت تصريحات لافروف جاءت في أعقاب جولة استمرت قرابة أسبوع، جاب خلالها عددًا من دول القارة الإفريقية، شملت مالي وموريتانيا والسودان؛ بالإضافة إلى العراق من خارج القارة، وعقب عودته من جولته الأخيرة قال: اليوم يمكننا أن نؤكد أن خطط الغرب لعزل روسيا أخفقت تمامًا.

وقبلها بفترة وجيزة فقط امتنعت 17 دولة إفريقية عن التصويت على قرار يدين روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس الماضي، على خلفية العملية العسكرية التي تخوضها في أوكرانيا، ومثلت الدول الإفريقية نصف عدد الدول التي امتنعت عن التصويت آنذاك، وهو ما اعتبره مراقبون تجسيدًا لتنامي الحضور الروسي في القارة الإفريقية.

وبالتالي فقد أفشلت إفريقيا محاولات الغرب لمحاصرة روسيا على خلفية الصراع في أوكرانيا؛ مشيرًا إلى أن كثيرًا من الدول الإفريقية أعلنت مواقف متوازنة في هذا الصدد، برفضها الاعتداء على أوكرانيا، وفي الوقت ذاته التأكيد على رفضها العقوبات الغربية القاسية ضد روسيا ومحاولات حصارها.

كما استطاعت روسيا خلال الفترة الأخيرة، استقطاب كثير من الدول الإفريقية، وتحييد دول أخرى، وأنه استخدم مدخلًا مقبولًا لدى معظم تلك الدول، سواء بالتركيز على الدعم الاقتصادي، أو التأكيد على رفض سياسة الأقطاب، والدعوة إلى تمثيل متوازن لكل دول العالم في مجلس الأمن، وهي مواقف تلقى تجاوبًا من جانب الدول الإفريقية. (الشرق الأوسط)؛ الأمر الذي ساهم في جعل روسيا تنجح خلال السنوات الأخيرة في تطوير علاقات اقتصادية وأمنية وعسكرية متنامية مع الدول الإفريقية، وقد ارتفع حجم تبادلها التجاري بين دول القارة بنسبة تجاوزت 34 في المائة خلال العام الماضي.

كما تنظر روسيا إلى إفريقيا وفق منظور إستراتيجي منذ سنوات، حتى قبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا، وأنها تحركت في شرق القارة وغربها بصورة نشطة خلال السنوات الأخيرة، مضيفًا أن موسكو استطاعت بالفعل بناء تحالفات قوية تمكنها من تجاوز أي محاولات لعزلها، فضلًا عن وجودها العسكري القوي، وخصوصًا في دول الساحل والصحراء، سواء عبر الاتفاقيات الدفاعية الرسمية، أو من خلال الدور الذي تلعبه شركة فاغنر الروسية.

روسيا ودعم إفريقيا في الدفاع عن استقلالها وسيادتها:

ليس خفيًّا أن روسيا قد ارتبطت مع الدول الإفريقية بعلاقات صداقة تقليدية اجتازت أكثر من امتحان خلال الزمن، فقد لعبت موسكو في العهد السوفياتي دورًا مهمًّا في الإسهام بتحرير القارة الإفريقية عبر دعمها نضال شعوب إفريقيا ضد الاستعمار والهيمنة والتمييز العنصري.

حيث قدَّمت دعما للدول الإفريقية في الدفاع عن استقلالها وسيادتها وتكوين بنيانها، ووضع أسس الاقتصاد القومي، وتشكيل القوات المسلحة ذات القدرة القتالية، كذلك شيّد الخبراء السوفيات -وبعدهم الروس- منشآت مهمة للبنى التحتية، بما فيها السدود والمحطات الكهرومائية والطرق والمصانع، وتلقّى آلاف الأفارقة دراستهم وتدريبهم المهني والعسكري في المعاهد والجامعات والكليات الروسية.

وهو ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمام أكثر من أربعين زعيمًا إفريقيا من رؤساء الدول والحكومات، الذين لبوا دعوته إلى المشاركة في القمة الروسية – الإفريقية الأولى، التي احتضنتها مدينة سوتشي الروسية في أكتوبر 2019، أنه يعد تطوير وترسيخ علاقات المنفعة المتبادلة مع الدول الإفريقية ضمن أولويات السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية.

وهو ما قد بدا لاحقًا أن هذا النهج تكرُّس في العقيدة الدبلوماسية الروسية في نسختها المعدلة، كما أن الحضور الروسي في القارة غدا جزءًا من الإستراتيجيات التي وضعتها موسكو لتعزيز قدراتها على مواجهة الضغوط الغربي، وهذا برز في النسخة الجديدة من العقيدة البحرية التي نصَّت على توجه موسكو لإنشاء قواعد عسكرية بحرية في مناطق مختلفة من العالم، بينها بطبيعة الحال القارة الإفريقية. (الشرق الأوسط).

ملامح تعزيز الحضور الروسي:

على خطٍّ موازٍ للتمدد الصيني في إفريقيا، فقد نشطت روسيا في تعزيز وجودها في إفريقيا، مستفيدة من سلبيات السياسة الغربية في القارة، ومن تاريخها الاستعماري. وأيضًا استفادت من تنامي حالة “عدم القبول” الإفريقي بالخطاب والمواقف الغربية تجاه إفريقيا، فبنت خطابًا وسياسات تناصر إفريقيا في قضاياها السياسية والاقتصادية المختلفة من ناحية، ومن ناحية أخرى أكدت أهمية المحافظة على سيادة الدول الإفريقية، ورفض إخضاعها بأدوات السياسة أو الاقتصاد.

وبدلًا من ذلك، النظر إلى إفريقيا بوصفها مسرحًا للشراكات التي تنعكس إيجابًا على تطلعات الدول والشعوب الإفريقية بما يسهم في تطورها وتقدمها، وتقديم قروض غير مشروطة بمواقف سياسية تتصل بأحوال الدول الداخلية وشؤونها، وقد مكَّنها كل ذلك من تحقيق وجود فاعل. (الشرق الأوسط).

وبالفعل نجحت روسيا وعززت من علاقاتها مع دول شمال إفريقيا، فطوَّرت علاقات اقتصادية وعسكرية مع مصر، كما بدأت بتعاون مشترك معها في مجال الطاقة النووية، وفي ليبيا سعت إلى تأسيس حضور عسكري دائم، وطورت علاقاتها الاقتصادية مع تونس، وبشكل خاص في مجالات السياحة، والحال كذلك مع الجزائر التي غدت الشريك العسكري الأول إفريقيا، والثاني عالميًا لروسيا في مؤشر مشتريات السلاح والمعدات الحربية.

دور روسيا في الشرق الإفريقي:

وفي شرق إفريقيا، فقد سعت روسيا لتطوير علاقات خاصة مع السودان، ونجحت في إبرام اتفاقية لتأسيس قاعدة عسكرية في بورتسودان على البحر الأحمر، كان يمكن لولا التغييرات التي حدثت في السودان والضغوط الأميركية القوية أن توفِّر لها بموقعها الإستراتيجي إطلالة على البحر الأحمر، وإشرافًا مباشرًا على حركة الملاحة البحرية والجوية، وعلى حركة التجارة العالمية، وخاصة النفط، وربما الغاز مستقبلًا، كذلك استعدت موسكو للاستفادة من فتح أفق جديد نحو الاستثمار في مجالات الطاقة والتعدين على الساحل السوداني.

وبما يخص إثيوبيا فقد عمَّقت معها روسيا تعاونها الدفاعي، وفي يوليو (تموز) 2021 تمّ التوقيع على اتفاقيات للتعاون العسكري بين البلدين، مثلما وقعا مذكرة تفاهم تضمن مساهمة روسيا في مجال الطاقة النووية، وقد وقعت روسيا مذكرة مماثلة مع كلٍّ من كينيا وزامبيا.

دور قوات فاغنر:

عززت روسيا علاقاتها ووجودها في عدد من دول غرب إفريقيا، حيث أصبح لها حضور وتأثير ونفوذ في دولة إفريقيا الوسطى التي أمدتها بشحنات أسلحة متتالية، واعتمدت على شركة “فاغنر” لترجيح موازين القوى في الصراع الداخلي الذي تفاقم في عام 2017 بين المعارضة والسلطة.

وهو ما قد مكَّن حضورها شبه العسكري هناك، من لعب دور كبير في توحيد المعارضة في هذه الدولة، وتوفير التدريب لقواتها، كما مكن “فاغنر” من الدخول في مجالات الاستثمار المختلفة، ولا سيما في مجال الألماس واليورانيوم، وفعلًا لروسيا الآن في هذا البلد نفوذ وتأثير سياسي يصعب تجاوزه.

أما في دولة تشاد المجاورة لدولة إفريقيا الوسطى، بدأت روسيا مساعيها وجهودها الرامية إلى تعزيز دورها في هذه الدولة التي كانت شؤونها، كما مواردها، حقًّا حصريًّا وتاريخيًّا لفرنسا قبل أن تنافسها أميركا خلال العقدين الأخيرين، وجاء دخول روسيا إلى المسرح التشادي منافسًا للنفوذ الفرنسي والنفوذ الأميركي في آن واحد.

وفي دولة مالي أسست روسيا علاقات وثيقة خلال السنوات الأخيرة مع السلطات المالية، وعزَّزت علاقات البلدين عبر توقيع اتفاقية تعاون في الدفاع عام 1994، وأعيدت مراجعتها عام 2019، وفي إطار تنفيذ هذه الاتفاقية، تولت روسيا تدريب ضباط الجيش المالي، وقدمت دعمًا عسكريًّا في إطار صفقة معدات عسكرية وقّعها الطرفان في ديسمبر.

وبالتالي وتحت تأثير العلاقة المتنامية مع موسكو تطوّر الموقف السياسي المالي من الوجود الغربي، وأقدمت السلطات المالية على طرد السفير الفرنسي، وحظرت تحليق الطائرات العسكرية الألمانية في أجوائها، ثم طردت القوات الدنماركية من أراضيها.

علاقات التعاون الاقتصادي:

بالفعل، نجحت روسيا في إبرام علاقات جيدة ووطيدة مع القارة السمراء بشكل أو بآخر، حيث لم تكتفِ روسيا في إفريقيا بعلاقات مع الدول التي سبق ذكرها، بل أسست علاقات مع دول أخرى تقوم على التعاون الأمني والاقتصادي.

كما تعمل الشركات الروسية في أنغولا، بجنوب غربي القارة الإفريقية في استثمارات النفط والمعادن الثمينة، مثل: الماس والذهب، وخلال عامي: 2017 – 2018، وقَّعت روسيا اتفاقيات تعاون مع أكثر من تسع عشرة دولة، منها مثلًا: نيجيريا، وأنغولا، وغينيا الاستوائية وبوركينا فاسو، كما وقعت اتفاقات لاستخراج الغاز الصخري من موزمبيق، الأمر الذي استطاعت من خلاله مد نفوذها بقوة في القارة وسط وغربا، وتحاول الآن جاهدة في إيجاد موطئ قدم في الشرق والشمال الإفريقي. (الشرق الأوسط).

– الخلاصة:

لقد بدا واضحًا أن إفريقيا قد لفظت الحضور الأمريكي الغربي، وخصوصًا في منطقة الساحل وبعض من دول القرن الإفريقي، والآن تحاول استبداله بروسيا والصين، نظرًا لنظرية الغرب، وهي المنفعة غير المتبادلة.

إن إنشاء فيلق إفريقي روسيا يعد فرصة سانحة لتعزيز التواجد الروسي في دول القارة، وذلك بعد ما تفكك الاتحاد السوفييتي، كما أنها خطوة ستغضب الغرب وتثير مزيدًا من القلق الكثير بالنسبة لأمريكا وأوروبا.

كما أن اتخاذ من ليبيا مقرًّا للفليق الإفريقي الروسي له دلالات واضحة ومدروسة، وذلك بسبب أهميتها الإستراتيجية، وارتباطها بساحل البحر المتوسط، مما يُسهل من الذهاب والسفر لدعم لهذا الفليق عبر البحر.

بالفعل نجحت روسيا، ولا تزال تحاول تعزيز الحضور في إفريقيا، فهي تخوض ضد الغرب معركة التواجد الحثيث في إفريقيا، وبالتالي فشلت أمريكا والغرب في عزلها عن دول القارة، وهو ما بدا واضحًا في رفض دول القارة إدانة روسيا في حربها على أوكرانيا رغم استنكارهم للغزو.

بالطبع، المرحلة المقبل سوف تشهد مزيدًا من التنافس الكبير والتواجد بين الصين وروسيا من جهة، وإن كانت بكين حاضرة في المشهد منذ سنوات، وما بين الولايات المتحدة والقارة الأوروبية من جهة أخرى.

إن امتلاك دول القارة السمراء للعديد من الثروات والمعادن حول العالم وموقعها الإستراتيجي على البحرين: الأحمر والمتوسط؛ جعل منها ملاذًا ووِجهة لا يمكن الاستغناء عنها أبدًا بالنسبة للدول العظمى، في ظل عدم استغلال هذه الثروات بالشكل الأمثل لتعود على شعوبها.

لقد نجحت روسيا في ضرب أكثر من عصفور بحجرٍ واحد، وهو أنها أفرغت قوات فاغنر من مضمونها القديم في عهد بريغوجين إلى عهد جديد وولاء ربما يكون محتومًا وقاطعًا للجيش الروسي، ومن ثم زيادة وتعزيز التواجد الروسي في القارة، عسكريًّا، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، لا سيما أن روسيا تبيع أكثر من 10% من صادرات السلاح حول العالم إلى دول القارة السمراء، بجانب صادرات الحبوب التي ربما تتفوق فيها موسكو عن أي دولة أخرى.

– المصادر:

الجزيرة.

الشرق الأوسط.

موقع أبعاد.

التعليقات مغلقة.