fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

كيف ربح نتنياهو وخسرت غزة من هجوم إيران المسرحي؟

103

كيف ربح نتنياهو وخسرت غزة من هجوم إيران المسرحي؟

لقد كانت مسرحية الهجوم الإيراني الهزلية على الكيان المحتل التي قامت بها طهران في 13 إبريل الماضي، إذ أطلقت طهران نحو 350 صاروخًا ومُسيرة، حيث كانت مثابة ضربة موجعة لأهل غزة، فأقل ما يقال عنها، أو أنها توصف بـ “كرة الثلج” التي تدحرجت واندثرت على الأرض، لا سيما أنها عملية رخيصة سبقها تحذير وتنبيه عن تفاصيل الضربة ومكانها وتوقيتها بالأخص للكيان المحتل والولايات المتحدة الأمريكية.

الأمر الذي عرَّض دولة المرشد الإيراني والنظام في طهران لكمٍّ كبير من السخرية حول العالم، والحقيقة هو شيء متوقع ليس مستغربًا البتَّة من نظام معادٍ فقط لأهل السنة؛ لأنه ببساطة عميل بالوكالة للصهيوأمريكية في المنطقة العربية.

لكن المشكلة في الضربة أو المسرحية بامتياز هي أنها خدمت دولة الاحتلال ومجرم الحرب نتنياهو المتورط في غزة، وليتها لم تحدُث حيث تراجع الهجوم الدولي عليه وتحول من النقد إلى الدعم بعد صواريخ إيران التي لم تُثمن ولم تغني من جوع؛ سوى أنها أضرت غزة كثيرًا وربحت منها تل أبيب ومجرموها الذين يقومون بعمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي منذ ستة أشهر أو يزيد، الأمر الذي يكشف عن وجه المرشد الإيراني القبيح.

وكان على النظام الإيراني أن يموت خجلًا من هذا العار الذي لحق به وبشعبه بسبب هذا النظام الخائن العميل، ولمَ لا وهو متروك أصلًا، لكي يفعل ما يشاء ويعبث في المنطقة العربية تحت نظر وإمرة حليفه الولايات المتحدة الأمريكية لضرب استقرار دول أهل السنة؟!

وفي هذه الورقة البحثية نُجيب عن نقاط مهمة، وهي: كيف ربح نتنياهو وخسرت غزة من هجوم إيران المسرحي؟ لماذا أهداف إيران لم تخطئ أبدًا في دول المنطقة العربية بعكس التعامل مع الكيان المحتل؟ هل يمكن التصديق بأن دولة المرشد تحاول الدفاع عن غزة؟ كيف أضرت مسيّرات إيران غزة وغطّت ولو مؤقتا على المجازر والجرائم الجماعية بحق الأبرياء؟ ما دلالة تصريحات إيران بقولها: “مدينون لحلفائنا في سوريا والعراق ولبنان واليمن”؟ ماذا عن اعتراف الحرس الثوري بتوسيع خارطة الهلال الشيعي في المنطقة العربية؟

لقد بدت صواريخ إيران ومنذ الوهلة الأولى وكأنها مجرد تمثيلية هزلية؛ لأنها هددت بها إسرائيل مسبقًا وأعلمتها بالضربة؛ بل وحذرت الآخرين أيضًا أقصد هنا حلفاء الكيان الصهيوني؛ كيلا يأخذوها مأخذ الجدّ، وذهبت طائراتها المسيرة تتهادى في الطريق لأهدافها وليس أبدًا ترسانة طائراتها العسكرية الكبيرة والحديثة، فائقة السرعة، والمتطورة للغاية، الموجودة في مطاراتها.

وسبقت تلك الصور ومقاطع الفيديو، حيث الصواريخ والمسيرات الكارتونية، بحيث تمت مشاهدتها في سماء العراق والأردن، مما ترتب على ذلك قيام أمريكا وبريطانيا وفرنسا بإسقاط نحو 99% منها قبل أن تصل أصلا للأجواء الإسرائيلية، أي: عبث هذا وأي إذلال يقوم به نظام المدعو خامنئي تجاه دولة الاحتلال.

ما نتيجة الهجوم الإيراني؟

بعد هذه الدعاية والبروباجندا الكاذبة، ترتب على ذلك، إصابة طفلة بدوية بشظايا، وعولج 31 آخرون من إصابات طفيفة أو من الهلع فقط ليس إلا! وصاحبت هذا كله المظاهرات الصاخبة للجماهير الإيرانية في شوارع طهران، أما الآثار الفعلية لتلك العملية الهزلية، فكانت أولًا صرف أنظار العالم عن محنة غزة، التي تنحط إلى درك الإبادة الجماعية المتعمدة والتدمير شبه الشامل لها، وإعادة الحشد الدولي الظالم الذي لم يكترث لدولة الاحتلال، وتقديمها بمظهر الضحية للوحش الإيراني الكاسر.

يا سادة ما يمكن قوله هو: أن مسرحية طهران أعطت فرصة ذهبية للصهاينة؛ كي تنتهز الفرصة لانتقام إسرائيلي حقيقي وليس هزليًّا من إيران التي ضبطت متلبسة بمحاولة ضربها رغم إعلامها مسبقًا، وأيضًا في زيادة وتيرة الجرائم على الشعب الفلسطيني المكلوم.

الحرب على غزة:

بعد أسابيع من التململ على وقع الكلفة الإنسانية والمدنية المرتفعة للحرب والعدوان الغاشم على قطاع غزة، التي استدعت معها تحولات غير مسبوقة في المواقف الدولية تجاه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وحكومته، حيث هذا الشخص الدموي الذي كان ولا يزال يصارع من أجل البقاء في منصبه على حساب دماء الفلسطينيين. (إندبندنت).

حيث وصفه الرأي العام في دولة الاحتلال بـ “مسؤوليته عن الفشل الأمني والسياسي” في السابع من أكتوبر 2023، وعدم تمكنه إلى الآن من تحقيق أي “نجاح حاسم وملموس” في قطاع غزة مع رجال المقاومة وحركة حماس، ولكن جراء صواريخ إيران الكارتونية، ارتفعت أسهم نتنياهو السفاح سفاك الدماء خلال الأيام الأخيرة، وربما بات أبرز الرابحين، نتيجة الصواريخ والطائرات المسيرة من طهران كرد مخزي على استهداف “مبنى دبلوماسي” لإيران في سوريا الذي قد أسفر عن تدمير المبنى ومقتل 16 شخصًا، بينهم سبعة ضباط في الحرس الثوري الإيراني. (إندبندنت).  

كيف ربح نتنياهو المتورط في غزة من الهجوم الإيراني؟

لقد استدعى الهجوم الإيراني الذي شكل في رمزيته ورسائله سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة العبرية، بعد مهاجمة طهران لها بصورة مباشرة، كثيرًا من الأسئلة حول حجم الضرر الذي ألحقه بالفلسطينيين في قطاع غزة، فضلًا عن موقف نتنياهو السياسي داخل إسرائيل وخارجها، بعد أن كان يواجه موجة عنيفة غير مسبوقة من التظاهرات الداخلية، وتصاعد حدة الخلافات السياسية بين أعضاء مجلس الحرب بسبب مسار المفاوضات مع فصائل المقاومة الفلسطينية والحرب في قطاع غزة.

ونتيجة لإبلاغ تل أبيب بالضربة مسبقًا والإدارة الأمريكية، عن إطلاق مئات الصواريخ والمسيرات؛ الأمر الذي ساهم في تمكن الدفاعات الجوية الصهيونية وقبلها دفاعات الولايات المتحدة وحلفاء آخرين من اعتراض القسم الأكبر من الصواريخ والمسيرات بنسبة تجاوزت الـ99%، بحسب الجيش الإسرائيلي. (إندبندنت).

دعم “موقت” لنتنياهو و”مطلق” لإسرائيل:

لا شك أن الهجوم الإيراني على دولة الاحتلال، وحتى مع نتائجه المحدودة على الصعيد العملياتي على الأرض؛ إلا أنه أعاد أسهم نتنياهو وحكومته التي يسيطر عليها اليمين المتطرف، واستدعت سياساتها تجاه الحرب في غزة كثيرًا من الانتقادات من حلفاء تل أبيب، إلى الارتفاع وإن كان بصورة موقتة وفق البعض داخل تل أبيب.

الحقيقة الواضحة: أن الهجوم الإيراني ألحق ضررًا حقيقيًّا بالفلسطينيين وليس الكيان الصهيوني؛ لأنه ببساطة كانت حكومة نتنياهو على وشك قريب من خسارة المعركة العالمية لكسب وتأييد الرأي العام العالمي، كما كانت قاعدة دعمهم في الغرب وحتى في الولايات المتحدة تتقلص وتتهاوى بشكل كبير، حيث كانوا يخضعون لتدقيق مكثف فيما يتعلق بسير حرب غزة، لكن الهجوم الإيراني فتح الباب مجددًا لعودة التركيز مرة أخرى على ما يسمى كفاح إسرائيل من أجل البقاء وأنها في منطقة معادية وتدافع عن نفسها.

إعلام إسرائيلي: نتنياهو يدير الحرب بدوافع شخصية وليست وطنية:

وبالطبع منذ أكثر من ستة أشهر من عمّر الحرب والعدوان الصهيوني على غزة، كان يبحث نتنياهو عن تحقيق إنجاز ملموس وواضح في غزة؛ إلا أنه لم يتمكن من ذلك، وأصبحت هناك دوائر واسعة في الداخل الإسرائيلي تؤمن بأنه يدير الحرب بدوافع شخصية وليست وطنية، ولكن بعد الضربة الإيرانية ربما نجح نتنياهو في عودة زخم الدعم إليه وإن كان بصورة موقتة. (إندبندنت).

لم تمضِ أيام قليلة حتى تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لضغوط هائلة، خصوصًا بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة من مؤسسة “المطبخ المركزي العالمي” الخيرية على يد الجيش الصهيوني في غزة، في الأول من أبريل، بدا أن صبر الرئيس الأمريكي جو بايدن قد نفد أخيرًا تجاه حليفه المزعج الدموي، وفي اليوم نفسه، هاجمت إسرائيل المجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق، ما أسفر عن مقتل جنرال إيراني كبير وستة ضباط آخرين على الأقل، وذلك في انتهاك للاتفاقيات القانونية التي تحظر مهاجمة السفارات. (بي بي سي).

وعيد النظام الإيراني لا يتجاوز حد التهديد والوعيد فقط:

وفي المقابل: تعهدت إيران بالرد على هذه العملية، لكن الهجمات السابقة على كبار القادة الإيرانيين ولدت كلمات أكثر من الأفعال، وأن وعيد النظام الإيراني والحرس الثوري لا يتجاوز حد التهديد والوعيد بالتصريحات فقط.

ولكن خارج إيران، طغى الغضب الذي سببه مقتل فريق المطبخ المركزي العالمي، وهي مؤسسة خيرية مقرها الولايات المتحدة، على الهجوم على دمشق، حيث أصدر البيت الأبيض بيانًا غاضبًا من الرئيس بايدن، قائلًا: “لم يكن حادثًا منفردًا، ولم تفعل إسرائيل ما يكفي لحماية عمال الإغاثة أو المدنيين الفلسطينيين”.

وفي اتصال غاضب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، طالب بايدن بتنازلات كبيرة: يجب إغراق غزة بالمساعدات الإنسانية، ويتعين على إسرائيل أن تفتح المزيد من المعابر الحدودية، فضلًا عن ميناء الحاويات في أشدود، الذي يقع على بُعد أقل من ساعة بالسيارة من الأطفال الذين يموتون جوعًا شمالي غزة.

المتطرفين الصهاينة: الحرب قدمت لنا فرصة لا تقدر بثمن لإعادة توطين اليهود في غزة:

بالفعل وعد رئيس الوزراء الاحتلال نتنياهو بأن الأمور ستتغير، ورغم ذلك كانت إسرائيل ولا تزال تماطل، ولم يتغير شيء حقيقي على أرض الواقع، وتحت ضغط البيت الأبيض ولو مؤقتًا كان المتطرفون القوميون يرون أن الحرب قدَّمت لإسرائيل فرصة كبيرة لا تقدر بثمن، لإعادة توطين اليهود في غزة، تلك التي قد تم إخلاء المستوطنات اليهودية هناك وهدمها من قبل إسرائيل في عام 2005، في إطار انسحاب أحادي الجانب من المنطقة بعد اتفاق أوسلو. (بي بي سي).

كما كان واضحًا حتى لأصدقاء إسرائيل وأعدائها، على حدٍّ سواء، أن الحصار الذي فرضته على غزة لمدة ستة أشهر كان سببًا في خلق أزمة الغذاء الأكثر إلحاحًا في العالم، وكانت هناك موجة أخرى من التكهنات، بأن الولايات المتحدة ستضع شروطًا على استخدام الأسلحة التي تزودها بها إسرائيل، حيث طالب عدد من الديمقراطيين البارزين في الكونغرس الأمريكي، ودعت إلى وقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل، ووجهت انتقادات لبنيامين نتنياهو.

ولكن بعد هجوم إيران على إسرائيل الذي كان بمثابة شريان حياة لرئيس وزراء الاحتلال، حيث استُبدلت الدعوات المطالبة بوضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل بعبارات تضامن مدوية، إذ أتاحت له فرصًا سياسية جديدة، حيث غابت غزة عن العناوين الرئيسية للأخبار ليوم أو يومين على الأقل جراء ما فعلته دولة المرشد الشيعية. (بي بي سي).

ماذا قال بايدن عن صواريخ إيران؟

لقد أوضح الرئيس بايدن تمامًا ما يعتقد أنه يجب أن يحدث بعد ذلك وهو على إسرائيل أن تعلن النصر في هذه الحلقة، وأن “تكتفي بهذا الانتصار”، وليس أن ترد، وأعلن مرة أخرى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل “صارم”، وهو في الحقيقة صادق؛ لأنها صواريخ مسرحية، وتم اعتراضها أو الغالبية العظمة منها.

ربما يحاول الرئيس بايدن وإدارته بجد لوقف حرب أوسع نطاقًا وشاملة في الشرق الأوسط إلا على الفلسطينيين، وعدم وقف الإبادة والمجازر اليومية تجاههم والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف ما بين شهيد وجريح ومفقود، مع استمرار نقل إمدادات ضخمة من الأسلحة إلى إسرائيل، والتي تم استخدامها لإحداث آثار مدمرة ومميتة في غزة، لا سيما أن إسرائيل قبلت الأسلحة والدعم الدبلوماسي الذي رافقها، وتجاهلت دعوات جو بايدن اليائسة والغاضبة بشكل متزايد لاحترام قوانين الحرب وحماية المدنيين.

بعد أيام قليلة فقط من التعاون العسكري غير المسبوق من جانب حلفائها ضد إيران، يبدو أن إسرائيل عازمة مرة أخرى على تجاهل ليس فقط نصيحة جو بايدن بعدم الانتقام، ولكن أيضًا مشاعر مماثلة جدًّا من الدول الأخرى التي ساعدت في صد هجوم ليلة السبت بالشهر المنقضي من طهران. (بي بي سي).

من الضغط إلى الدعم.. هل أنقذ هجوم إيران نتنياهو من الحصار؟

إن تنفيذ إيران لتهديدها بالرد على الهجوم الذي طال قنصليتها في سوريا، بضربة جوية مباشرة ضد إسرائيل، صحيح تعد الأولى من نوعها بين البلدين، ولكنها دون جدوى، وطرحت تساؤلات بشأن تداعياتها على موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي طالما تعرض لضغوط داخلية وخارجية خلال الأسابيع الماضية، ارتباطًا باستمرار حملته العسكرية العدوانية على غزة وعدم رضوخه للمطالب الدولية بوقف إطلاق النار.

حيث سرعان ما تحوَّل نتنياهو “المُحاصر” والمتورط في غزة كما أطلقت عليه من تقارير دولية، من الموقف الدائم للانتقادات، إلى موقف التأييد والمساندة، بعد ما سارعت العواصم الغربية وخاصة الولايات المتحدة لإعلان دعمها لتل أبيب وإجراءاتها الأمنية ضد الهجوم الإيراني، ولم تكترث بما يحدث في غزة. (سكاي نيوز).

لقد اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن خلال حديثه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في خضم الهجوم الذي زعمت طهران، وأطلت عليه اسم “الوعد الصادق”، حيث أكد أن عليه أن “يعتبر هذه الليلة انتصارًا”، بالنظر لكون التقييم الأمريكي الحالي هو أن “الهجمات الإيرانية كانت غير ناجحة بشكل كبير، وأظهرت القدرة العسكرية المتفوقة لإسرائيل إلى جانب المساعدة من الولايات المتحدة، وقال نتنياهو عبر منصة إكس بعد الهجمات الإيرانية: “اعترضنا وتصدينا.. معًا سننتصر”.

مكاسب نتنياهو من هجوم إيران على الصعيد الدولي:

لقد استفاد نتنياهو سياسيًّا من الهجوم الإيراني الأخير وخاصة على الصعيد الدولي؛ إذ سيعيد له الزخم والدعم بعد مدة من الانتقادات، كما سيحاول توظيف واستغلال هذا الهجوم لتحقيق بعض المكاسب السياسية “الشخصية”، ومحاولة توحيد الشارع الإسرائيلي المنقسم، آملًا في ذلك البقاء على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة.

بعد أن أطلقت إيران ليل السبت / الأحد في 13 إبريل الماضي نحو 300 مسيرة وصاروخ باتجاه إسرائيل، ردًّا على قصف طال القنصلية الإيرانية في سوريا أسفر عن مقتل قيادات بالحرس الثوري الإيراني، واتهمت إسرائيل بالوقوف خلفه، ولكنه رد مدروس ومعلوم للأسف لدى الجهة المفترض أنها معادية لطهران كما تزعم. (سكاي نيوز).

بعد هذه المسرحية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس: “اعترضنا 99% من التهديدات نحو الأراضي الإسرائيلية.. هذا إنجاز إستراتيجي مهم جدًّا”، مشيرًا إلى أن إيران استخدمت صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة.

وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية بأنه لم تلحق أضرار تذكر جراء الهجوم الإيراني على إسرائيل، الذي استمر قرابة 5 ساعات، كما قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن بعض الصواريخ الباليستية الإيرانية تسببت بأضرار طفيفة بالبنية التحتية.

وقال بايدن: “بناءً على توجيهاتي، ومن أجل دعم الدفاع عن إسرائيل، قام الجيش الأميركي بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضي، وبفضل عمليات الانتشار هذه والمهارة الاستثنائية التي يتمتع بها أفراد جنودنا، ساعدنا إسرائيل في إسقاط جميع الطائرات بدون طيار والصواريخ القادمة تقريبًا، مما يدلل على أنها صواريخ يمكن وصفها ب “الفرقعة في الهواء” أو عبارة عن كرة ثلج ليس إلا.

جرعة تضامن لرئيس وزراء الاحتلال:

إن تبعات الهجوم الإيراني على موقف نتنياهو سيمنحه مزيدًا من الدعم والمساند وقد بدى بالفعل على المستوى الخارجي وليس الداخلي؛ لا سيما أن الداخل الإسرائيلي لا يزال مستاءً من إخفاق السابع من أكتوبر ويبدو مصممًا وفقًا لاستطلاعات الرأي، على التخلص من نتنياهو. (سكاي نيوز).

ورغم أنها عملية تمت باتفاق مسبق ومعلوم، ولكن الهجوم الإيراني أثبت مرة أخرى أن إسرائيل في موقع المدافع أمام تحالف يسعى إلى تدميرها وجر المنطقة بأسرها إلى حرب شاملة، مما يساهم بشكل أساسي في التخفيف من عزلة إسرائيل الدولية، ومعها حكومة نتنياهو، وتعطيها جرعة جديدة من التضامن والمساعدات الغربية التي لا تعرف الإنسانية وما يحدث في غزة خير دليل.

وعلى ما يبدو: أن الاتجاه سيكون في استغلال عودة التعاطف والتأييد الدوليين لإعادة ترتيب سُلم الأولويات مع ترك الانفعال جانبًا، وبالتالي فإن الفشل الذريع الذي مُنيت به إيران في مقابل النجاح الإسرائيلي العسكري والسياسي لا يؤثران كثيرًا على الخارطة السياسية الإسرائيلية الداخلية، وعلى النظرة المتحفظة تجاه فشل نتنياهو وحكومته منذ السابع من أكتوبر، ولكن هدَّأت من الهجوم عليه. (سكاي نيوز).

سلبيات عملية “الوعد الصادق” الكاذب:

نستنتج من ذلك: أن العملية الإيرانية ساعدت في دعم موقف نتنياهو السياسي، ومن خلالها يحاول -ولا يزال- كسب التعاطف الداخلي والخارجي، كذلك توظيف واستغلال الهجوم الإيراني لتحقيق بعض المكاسب السياسية الشخصية ومحاولة توحيد الشارع الإسرائيلي المنقسم على أمل أن يساعده ذلك على البقاء في السلطة.

كما أن طهران استخدمت مسيرات وصواريخ قديمة للغاية رغم امتلاكها مسيرات وطائرات حديثة وهذا ما أكده عسكريون، ما يدلل أن الضربة ليست بإعلام مسبق فحسب، بل لتتهادى لساعات في الجو قبل أن تصل تل أبيب أو أهداف للكيان المحتل، وأيضًا حتى لا تحدث أي خسائر من قريب أو بعيد وهو ما حدث بالفعل. (العربية).

إيران تعترف: مدينون لحلفائنا في سوريا والعراق ولبنان واليمن:

إن ما ذكره المسئول الإيران يدلل صراحة على جرائم إيران في المنطقة، وأن مبتغاها هو ضرب الدول العربية وأهل السنة وليس دولة الاحتلال كما تزعم، حيث ذكر محمد حسين صفار هرندي، المستشار الثقافي لقائد الحرس الثوري الإيراني: إن طهران مدينة لحلفائها في سوريا والعراق ولبنان واليمن لأنهم يحملون وزر الجمهورية الإسلامية بمحاربة أعدائها وإنهم أبعدوا سواتر الحرب من حدودنا آلاف الكيلومترات.

وبحسب وكالة أنباء “فارس” فقد أثنى صفار هرندي، في كلمة له في وقت قريب، في مدينة شهركرد، وسط إيران، على تمرد الحوثيين في اليمن، وقال: إنهم “يرددون شعاراتنا ويتصرفون كما نتصرف نحن في إيران من دون أن يروا مؤسس الجمهورية الإسلامية أو مرشد الثورة، ولكنهم عشقوا الثورة الإسلامية الإيرانية. (العربية).

كما هاجم مستشار قائد الحرس الثوري التيارات الإيرانية التي تعارض تدخل إيران في المنطقة العربية بقوله: “هؤلاء الذين يقولون لماذا نتدخل في العراق وسوريا ولبنان واليمن لا يعلمون أننا لم نقدم الكثير لحلفائنا، حتى إننا لو أردنا إنصافهم يجب القول إنهم يتحملون وزرنا.

والحقيقة: ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول إيراني عن تدخل بلاده بشكل واضح عن دعم دول الملالي للميليشيات التابعة لطهران، والتي أثبتت ولاءها لمبدأ تصدير الثورة الإيرانية إلى المنطقة والعمل وفق رؤيتها الإستراتيجية حتى لو كان على حساب الفتن والحروب والاضطرابات في بلدانهم.

إيران تعترف بتوسيع خارطة الهلال الشيعي في المنطقة:

لقد اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، مطلع الشهر الماضي فقط، بأن تدخلات إيران في اليمن وسوريا تأتي في إطار توسع خارطة الهلال الشيعي في المنطقة العربية. (العربية).

حيث أقرّ جعفري بوجود تدخل إيراني كبير في اليمن ودعم الحوثيين، قائلًا: يعلم الأعداء بأن لإيران تأثيرًا في اليمن من دون أن تقوم بتدخل مباشر فيه. ويزعم بالقول “ينتفض الحوثيين، ويواصل طريق الثورة الإسلامية والشهداء والشعب الإيراني العظيم ويقتدي بهم، حيث اختزل الشعب اليمني بالميليشيات الحوثية التي يصفها بأنها تواصل مسيرة الثورة الإيرانية”.

كما اعترف قائلًا: إن “إيران مستمرة بفتح بلدان المنطقة، وإن الجمهورية الإسلامية بدأت بسيطرتها على كل من أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين، وتتقدم اليوم في نفوذها في اليمن وبقية بلدان المنطقة”. (العربية).

الحقيقة.. كلمات قادة الحرس الثوري سالفة الذكر مهمة للغاية، وتكشف عن مدى التقارب والتعاون الحثيث بين طهران وواشنطن والكيان الصهيوني، وما يحدث في المنطقة هو باتفاق وتنسيق مسبق، والشواهد كثيرة وأخرها مسيرات الحرس الثوري تجاه تل أبيب؛ لأن الحقيقة الواضحة أن إسرائيل وإيران أقوى حليفين إستراتيجيين للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وهما من عملائها بالوكالة لضرب استقرار ووحدة الدول العربية ونشر الفوضى بها، وضرب أهل السنة على وجه الخصوص.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أنه ليس لأي عاقل أن يثق في إيران أو يعتقد بأنها قد تُنصف القضية الفلسطينية أو أنها حتى في أجندتها؛ لأنها ببساطة تعمل بالوكالة لخدمة إسرائيل وأمريكا في المنطقة العربية.

– للأسف لقد ربح نتنياهو وخسرت غزة من هجوم إيران المسرحي، وأن أهداف إيران لم تخطئ أبدًا في دول المنطقة العربية وتحديدًا في استهداف أهل السنة، بعكس التعامل تمامًا مع الكيان المحتل، ومن بين مكاسب نتنياهو من هجوم إيراني المسرحي، نوجزها في الآتي:

1- لقد أضرت مسيرات إيران بغزة وغطت ولو مؤقتًا على المجازر والجرائم الجماعية والتطهير العرقي بحق الأبرياء.

2- أن الهجوم الإيراني على إسرائيل، وحتى مع نتائجه المحدودة على الصعيد العملياتي على الأرض؛ إلا أنه أعاد أسهم نتنياهو وحكومته التي يسيطر عليها اليمين المتطرف.

3- وبعد ما استدعت سياسات نتنياهو الدموي وحكومته تجاه الحرب في غزة كثيرًا من الانتقادات؛ إلا أنها تغيرت وتحولت إلى الارتفاع وإن بصورة “موقتة” وأظهرته موقف المدافع عن شعبه.

4- كما دعمت الضربة الإيرانية المتفق عليها مسبقًا من موقف الكيان المحتل وكأنه يعيش في بيئة مليئة بالأشرار، ويجب عليه الدفاع عن نفسه من أجل البقاء.

– يجب أن نضع تصريحات الحرس الثوري في إيران بعين الاعتبار عندما قال: “مدينون لحلفائنا في سوريا والعراق ولبنان واليمن”، كذلك اعترافه بتوسيع خارطة طريق الهلال الشيعي في المنطقة العربية، فهي حقيقة نظام الثورة الخمينية وما رسّخت له.

– لقد استخدمت إيران طائراتها المسيرة القديمة، لكي تتهادى في الطريق لأهدافها ولم تستخدم طائراتها الحديثة، فائقة السرعة، والمتطورة للغاية، الموجودة في مطاراتها، ما يدلل عن حجم العمالة والخيانة والخزي والعار الذي لحق بإيران.

– يجب ألا ننسى أن إيران تدعم أذرعها وعملاءها لضرب دول المنطقة العربية بشكل حقيقي وصادق بالفعل، حيث مليشيا الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان، والشيعة والحشد الشعبي في العراق، ونظام بشار العلوي في سوريا.

– نقطة مهمة نذكرها، وهي: أن إيران عرضت مرارًا عبر وزير خارجيتها فكرة التطبيع وعودة العلاقات مع مصر، ولكن كان الرد المصري عبر الدبلوماسية المصرية ووزير الخارجية هو التأكد أولًا من عدم التدخل في شئون الدول العربية، ونشر التشيع، وهو ما أثنى وأكد عليه فضيلة شيخ الأزهر الشريف من قبل، وهو ما يجب أن تضعه الدولة المصرية دائمًا ومؤسساتها في عين الاعتبار، لعدم نشر الفتنة والطائفية في مصر.

– بالأخير.. نقول: إن عملية “الوعد الصادق” التي قامت بها إيران هي عملية كاذبة حقيقة بكل الشواهد والأدلة والبراهين، فهي دعمت نتنياهو ولو مؤقتًا وإسرائيل بشكل مُطلق، كما كانت بمثابة جرعة تضامن كبيرة، داخليًّا وخارجيًّا لرئيس وزراء الاحتلال لما يقوم به من جرائم وإبادة جماعية في غزة؛ لذا علينا ألا ننتظر يومًا من الأيام أن يكون هناك تعاون حقيقي بين الشيعة وأهل السنة، وما حدث في الأيام الأخيرة دليل واضح على خيانة وعمالة دولة المرشد الإيراني. ونقول للأجيال والنشء: لا تنخدعوا!

المصادر:

– إندبندنت

– العربية

– سكاي نيوز

– بي بي سي

التعليقات مغلقة.