fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

بعد سيطرة المحافظين.. الانتخابات الإيرانية سيناريوهات ودلالات

54

بعد سيطرة المحافظين.. الانتخابات الإيرانية سيناريوهات ودلالات

عقدت الانتخابات البرلمانية الإيرانية في الأول من مارس 2024، وتعد هذه الانتخابات البرلمانية الإيرانية الـ12 في تاريخ الجمهورية الإيرانية الشيعية، وجاءت النتيجة في صالح التيار المحافظ الأصولي بأغلبية في البرلمان ومجلس الخبراء، وجاءت هذه النتيجة متوافقة مع توجه مجلس صيانة الدستور المنوط به فلترة المرشحين، والذي كان أغلبه من المحافظين، وهو ما جعل الطريق ممهدًا أمام الأصوليين.

وقد أُجريت الانتخابات بشقيها البرلمانية الـ 12 ومجلس الخبراء الـ 6  في 31 محافظة إيرانية لتشمل 208 دائرة انتخابية و59 ألف لجنة فرعية، وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 41 ألفًا %، وفي طهران تحديدًا بلغت 24%، كما يبلغ عدد الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة في الدورة الحالية الحالية 61 مليونا و172 ألفًا و298 شخصًا، في حين يبلغ إجمالي عدد المرشحين 15 ألفًا و200 مرشح لانتخابات مجلس الشورى و144 مرشحًا لانتخابات مجلس خبراء القيادة.

ويأتي هذا الاقتراع المزدوج لانتخاب 290 نائبا للدورة البرلمانية الـ 12، وانتخاب 88 عضوًا في مجلس خبراء القيادة المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى في دورته السادسة، ووفق النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في إيران، فإن 245 مرشحًا من أصل 290 تسلموا بطاقات الدخول إلى البرلمان في المرحلة الأولى وهناك 45 آخرون بانتظار جولة الحسم في إبريل القادم 2024، وقد تم الإعلان عن أن الحصيلة توضح بأن التيار المحافظ حصد أغلبية مقاعد البرلمان يليه المستقلون، ونحو 30 مقعدًا للإصلاحيين(1).

المحافظون الإيرانيون:

يشير مصطلح: “المحافظون الإيرانيون” إلى أن هناك قوى تتمسك بالأمر الواقع، في مقابل قوى أخرى إصلاحية تسعى لتغييره، وهذا التعبير هو أبسط شرح للقوى السياسية الإيرانية المتصارعة، ولدى هذا التيار المحافظ الأصولي بعض المبادئ التي يتبناها، وهي:

1_ يتمّسك بقوة بولاية الفقيه، وبزعامة علي خامنئي لهذه الولاية.

2_ يرفض أي منافسة ديمقراطية للسلطة الثيوقراطية.

3_ يضع قيودًا شديدة على الحريات.

4_ يضع الاقتصاد في خدمة دولة رجال الدين الشيعي.

5_ يملك وحده حق إدارة شؤون السياسة الخارجية للبلاد.

ويعتبر المحافظون الإيرانيون، مع اختلاف تياراتهم يلتقون حول هذه الأهداف الخمسة، وهذا ما وحَّدهم طيلة العقد الماضي ككتلة متراصة ضد الضغوط الإصلاحية، وهم على أي حال كانوا رسخَّوا هذه التوجهات في أربع حلقات ومؤسسات عدة.

الحلقة الأولى:

التي تعتبر صغيرة ومغلقة، تتألف من أبرز وأقوى رجال الدين الشيعي في السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.

الحلقة الثانية:

تتكّون من قاعدة النظام، وهي تضم أعضاء المنظمات الثورية، وميليشيات الباسيج، والبونياد (المؤسسات الخيرية)، وقوات الأمن الدينية، واللجان الثورية، وأجهزة الإعلام.

الحلقة الثالثة:

تضم كبار الموظفين والبيروقراطيين غير الدينيين الذين يدينون بالولاء للولي الفقيه.

 الحلقة الرابعة:

 تشمل الأفراد والمجموعات النافذة التي تعمل كوسيط بين النظام الديني وبين المجتمع المدني.

وهذه الحلقات التكوينية لتيارات المحافظين الأصوليين، وأما مؤسساتهم فهي:

 1_ مؤسسة مرشد الثورة (ولاية الفقيه).

2_ مجلس الخبراء.

3_ مجمع تشخيص مصلحة النظام.

4_ مجلس صيانة الدستور.

5_ المحاكم والقضاء.

6_ الحوزة العلمية في قم.

وعبر هذه الحلقات والمؤسسات، كانت تولد طبقة حقيقية لها مصلحة حقيقية في الحفاظ على النظام كما هو لأسباب أيديولوجية، وسياسية، واقتصادية(2، 3).

تحالف تيارات الأصوليين:

وقبل الانتخابات الإيرانية قبيل الانتخابات على توحيد صفوفهم وتقديم قائمة موحدة في العاصمة طهران، وتتمثل أشهر تيارات المحافظين في فصيل رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، و جبهة بايداري (الصمود) المتشددة، وقد اتفقتا على تقديم قائمة موحدة تضم مرشحين من الجناحين في محاولة لسيطرتهم على 30 مقعدًا بالعاصمة طهران وضواحيها في البرلمان الإيراني.

ويترأس القائمة قاليباف، وهو قيادي سابق في الحرس الثوري، مناصفة مع رئيس جبهة بايداري؛ رجل الدين الشيعي المتشدد مرتضى آقا طهراني، وهو نائب في البرلمان الحالي(4).

5 مكونات الأساسية للتيارات الأصولية المشاركة في الانتخابات البرلمانية:

1_ مجلس ائتلاف قوى الثورة الإسلامية – شوراي ائتلاف: المعروف محليًّا بالاسم المختصر “شانا”، والمقرب من رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف.

2_ مجلس اتحاد قوى الثورة الإسلامية أو مجلس اتحاد الأصوليين – شوراي وحدت اصولگرایان” الذي ينحدر من “الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية”، والمعروف أيضًا باسمه المختصر “جمنا”: ويتبنى هذا المجلس الأفكار الأصولية للآباء المؤسسين لهذا التيار في إيران، والذين ينضوون تحت أحزاب، مثل: “جمعية رجال الدين المقاتلين” و”حزب المؤتلفة”.

3_ التحالف الشعبي لقوى الثورة الإسلامية المعروف اختصارًا باسم: “أمناء”، والذي يتشكل من 20 جبهة وحزب وقوى سياسية، وهو تحالف أصولي أيضًا؛ إلا أنه يشتهر بمعارضته لـ “الآباء المخضرمين السياسيين” في التيار ذاته.

4_ جبهة ثبات الثورة الإسلامية – جبهة پایداري انقلاب إسلامي: التي توصَف بأنها الأكثر يمينية في الداخل الإيراني، وكانت قد تشكلت في 2012 للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ذلك العام.

5_ جبهة الثبات – مجلس ائتلاف قوى الثورة الإسلامية – شوراي ائتلاف: ويُعد رجل الدين والفيلسوف الشيعي الإيراني محمد تقي مصباح يزدي هو الأبرز في هذا التحالف، وتخشى التيارات السياسية الأصولية والإصلاحية معًا من نفوذ هذه الجماعة؛ لامتلاكها الأموال الوفيرة والقوة والعلاقات النافذة داخل المؤسسات الإيرانية(5).

دلالات التوقيت:

يرى العديد من الإيرانيين: أن الانتخابات الحالية ربما تكون الأهم منذ عام 1979 لعدة أسباب؛ فوفقًا للنظام الحاكم: تواجه الدولة في الوقت الحالي تحديات خارجية تستدعي تكريس سيطرة تيار المحافظين الأصوليين لقربه من فكر المرشد وقدرته على إدارة شئون البلاد في المرحلة الحالية، خاصة مع ترقب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، واحتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الحكم مجددًا، وما قد يطرحه ذلك من احتمال تبني سياسة أمريكية متشددة تجاه إيران، واستعدادًا من جانب النظام لاحتمال أن تقوم إسرائيل بشن حرب ضد إيران التي تتهمها الأولى بأنها ضالعة في عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي.

ويصنف النظام الإيراني المشكلات الداخلية الخاصة بـ”الوضع الاقتصادي المتردي، وانهيار الاتفاق النووي” باعتبارها الإرث الرئيسي لسياسات الرئيس السابق حسن روحاني، حيث تروج المؤسسات النافذة القريبة من المرشد ووسائل الإعلام التابعة لها لسردية تقوم على أن السياسات التي تبناها تيار المعتدلين -خلال سيطرة أقطابه على رئاسة الجمهورية والبرلمان (2013-2021)- كانت العامل الأساسي في ما وصلت إليه الأزمات التي تواجه إيران حاليًا، وربما يمثل ذلك أحد الاعتبارات التي دفعت مجلس صيانة الدستور إلى استبعاد روحاني من الترشح لانتخابات مجلس الخبراء، حيث اعتبر المجلس سجله خلال فترتيه الرئاسيتين بمثابة معيار لمؤهلاته.

ووفقًا لما سبق، استخدم النظام الأزمات الخارجية، وما تفرضه من تحديات تواجهها إيران كأداة لحث الشعب على المشاركة في الانتخابات، وذلك عبر آليتين:

الأولى:

محاولة استمالة فئة من الشعب عبر الرجوع إلى “قيم الثورة الإيرانية” التي تنص على ضرورة “نصرة المستضعفين”، وهو المبرر الذي تستخدمه إيران لتفسير تدخلاتها في أزمات المنطقة.

الثانية:

الترويج إلى أن ما يقوم به النظام من عمليات في الخارج تشكل ضربة استباقية لمصادر التهديد التي تواجهها إيران قبل أن تصل إلى أراضيها(6).

سناريوهات متوقعة:

في ضوء المعطيات سالفة الذكر يمكن استنباط بعض من التأثيرات المُحتملة، الداخلية والخارجية للانتخابات الإيرانية الحالية على النحو التالي:

مزيد من التشدد في الداخل:

من المُرجح أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من تشدد النظام الإيراني تجاه الداخل، وخاصة أن نسبة المشاركة التي حققتها هذه الانتخابات كانت مُرضية، بل وغير مُتوقعة بالنسبة له، كما أن نتائج الانتخابات جاءت بمجلسي شورى وخبراء “أكثر إطاعة”.

وربما يشمل هذا التشدد الإمعان في إقصاء التيارات الإصلاحية والمعتدلة، خاصة مع تراجع فرص فوزها في الانتخابات الحالية، إلى جانب تمرير القوانين التي من شأنها فرض القيود الاجتماعية على الإيرانيين؛ الأمر الذي يزيد من الفجوة بين النظام والشارع، ما قد يُنذر بتفجر الأوضاع مع أقرب حادث يشعل فتيلها.

استمرار تعثر المفاوضات النووية:

بالرغم من محدودية الدور المنوط بمجلس الشورى الإيراني بشأن المفاوضات النووية والبرنامج النووي لطهران، فإن ذلك لا يعني انعدام هذا الدور؛ إذ أدى رئيس المجلس السابق علي لاريجاني، والذي ترأس المجلس في الفترة من 2008 حتى 2020، دورًا في التوصل للاتفاق النووي المُوقع بين إيران والقوى الكبرى في عام 2015، هذا بخلاف الدور الذي أداه رئيس المجلس المنتهية ولايته، باقر قاليباف، في تصعيد بلاده نوويًّا، من خلال إقرار قانون خطة العمل الإستراتيجية لرفع العقوبات، والذي يقضي بأن تتنصل إيران تدريجيًّا من التزاماتها بموجب اتفاق 2015، وتطور برنامجها النووي للحد الذي بات على أعتاب إنتاج القنبلة النووية.

وعليه فمن المُرجح أن تشهد الفترة المقبلة مواصلة تصعيد برنامج إيران النووي؛ ومن ثم استمرار عرقلة مسار المفاوضات مع الولايات المتحدة، بل وتزايد حدَّة التصعيد مع الأخيرة؛ خاصة في الوقت الذي تتزايد في الترجيحات بشأن إمكانية عودة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، صاحب حملة الضغوط القصوى على إيران، إلى البيت الأبيض مرة أخرى في حالة فوزه في انتخابات نوفمبر المقبل.

تبني سياسات إقليمية أكثر حدة:

تأتي تلك الانتخابات في ظرف إقليمي دقيق، خاصة منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2023، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية التي تتصدرها حركة حماس. وتوظف إيران هذا الظرف في تحقيق مكاسب لها من خلال زيادة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، عبر أذرعها في المنطقة في لبنان واليمن وسوريا والعراق، في إطار الصراع الدائر مع تلك الأطراف، والذي تمثل المنطقة أحد أهم ساحاته؛ إذ يُحتمل أن يؤدي إحكام سيطرة الأصوليين على مجلسي: الشورى والخبراء في إيران إلى تبنيها سياسات أكثر حدَّة في التعامل مع الملفات الإقليمية، ولا ينفصل ذلك عن إعلان القوات البحرية للجيش الإيراني في 6 مارس التزود بـ42 إنجازًا دفاعيًّا جديدًا في بندر عباس المطلة على الخليج، وهو ما يُفسر في إطار الصراع بالممرات الملاحية في المنطقة، الذي يدور بين إيران وحليفها الحوثي من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى(7)

ناقوس خطر سياسي للنظام في إيران:

على الرغم من أن استحواذ الأصوليين على مفاصل الدولة في إيران خلال السنوات الماضية وخلال الانتخابات الأخيرة قد وطّد من نفوذهم بشكل غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ تسعينيات القرن الماضي؛ إلا أن استبعاد الإصلاحيين في الواقع يحمل في طياته عدة تهديدات سياسية داخلية لنظام الحكم في إيران سوف تتضح على الأغلب خلال السنوات المقبلة إن استمر الحال كما هو عليه؛ حيث إنه وعلى غير ما تذهب كثير من الآراء لدى الأروقة السياسية في طهران، فإن النظام السياسي الإيراني يحتاج إلى إشراك الإصلاحيين في الحكم خاصة خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل ما يلي:

1_ منع تكوين الإصلاحيين جبهة موحدة مشددة قد تتعاون مع الخصوم:

إن استبعاد الإصلاحيين على هذا النسق والشكل الجاري سوف يعمق من الخلافات بين الإصلاحيين والأصوليين من ناحية وبين النظام السياسي الإيراني برمته والإصلاحيين من ناحية أخرى؛ ذلك لأن الإقصاء العميق يختلف كلية عن الإقصاء النسبي، فالأول يُتوقع أن يُحدث تغييرًا في أيديولوجية الإصلاحيين ويجعلهم “أكثر إصلاحًا” مما يريد الأصوليون والدولة العميقة في إيران ممثلة في المجتمع الاستخباراتي والحرس الثوري ورجال الدين، مما يبعدهم بالأساس عن نهج النظام والدولة.

أما الإقصاء النسبي فهو يتيح متنفسًا على أي حال للجماعة السياسية السلمية الرسمية من خلال المشاركة في السلطة.

وعليه فإن النظام الإيراني كوحدة سياسية حاكمة سوف يخلق بذلك جماعة داخلية أكثر معارضة له قد تذهب بآرائها بعيدًا عما يريد النظام السياسي، حيث يمكن لها أن تختلف بذلك مع الآراء الجذرية والثابتة للنظام الممثلة في عدة مبادئ سياسية محلية من بينها القبول بنظرية ولاية الفقيه.

 بل لا يُستبعد أن يدفع الاستبعاد الإصلاحيين إلى التعاون مع خصوم النظام السياسيين في المستقبل.

2_ تجنب إعاقة الانتقال لمرحلة “إيران ما بعد خامنئي”:

إن تلك السيناريوهات السالف ذكرها قد تشكل تهديدًا داخليًّا لانتقال إيران لمرحلة ما بعد خامنئي؛ ذلك لأن الإصلاحيين لديهم سياسيون بارزون ومؤثرون في الحياة الداخلية ولديهم منابر ومنافذ إعلامية شتى، وهم باستطاعتهم أيضًا تحريك بعض من أنصارهم في الداخل، على غرار ما حدث في الاحتجاجات الخضراء في 2009. ويتناقض هذا بالطبع مع ما تحتاج إليه إيران خلال الفترة المقبلة من هدوء سياسي بغية الترتيب الدقيق لضمان الانتقال السلس لمرحلة ما بعد خامنئي.

3_ إيجاد قنوات حوار مباشر أو غير مباشر مع الغرب:

حينما بدت الحرب مطروحة بشدة على الطاولة خلال شهر فبراير 2024 بين الولايات المتحدة وإيران وخشيت الأخيرة من توجيه الجيش الأمريكي ضربات لها في العمق إثر مهاجمة موالين للحرس الثوري قاعدة “البرج 22” الأمريكية في الأردن، لجأ المرشد الأعلى علي خامنئي إلى السياسيين الإصلاحيين من أجل التفاهم مع واشنطن وإقناعها بأن إيران لن تتوسع في هجماتها أو ترفع من درجة عدم الاستقرار الإقليمي، وكان على رأس هؤلاء: وزير الخارجية الإصلاحي السابق، محمد جواد ظريف؛ أي: أن خامنئي لم يلجأ للوزير الحالي أو أي من الوزراء القائمين؛ لأن كلهم من الأصوليين الذين لا يتمتعون بعلاقات جيدة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة، بل إن بعضهم يخضع لعقوبات أمريكية أو أوروبية.

ومن هذا المنطلق فإن النظام الإيراني سوف يحتاج على الأغلب للسياسيين الإصلاحيين خلال الفترة المقبلة لأسباب عدة سوف تعزز وتقوي من الحاجة إليهم، خاصة في المرحلة المقبلة التي تحتاج إلى تهدئة إيران إقليميًّا ودوليًّا في ظل الترتيب لإيران ما بعد المرشد الحالي.

وتأتي من بين هذه الأسباب حاجة طهران للتواصل مع واشنطن والغرب بشأن ترتيبات المرحلة المقبلة والتعامل مع ملفات إقليمية ودولية، كما أن الخبرة والقبول اللتان يتمتع بهما السياسيون الإصلاحيون في التعامل مع الغرب، والتي اكتسبوها على الأغلب خلال فترة رئاسة حسن روحاني سوف تدفعان النظام للتشاور معهم.

4_ المسؤولية المشتركة أمام الشعب وانتخابات 2025 الرئاسية:

خلال فترة حكم الإصلاحيين برئاسة حسن روحاني (2013- 2021)، حمّل الأصوليون مسؤولية التدهور الاقتصادي والتراجع في عدة ملفات إلى السياسيين الإصلاحيين الذين كانوا يسيطرون على السلطة التنفيذية في البلاد؛ ما شجَّع في الواقع قطاعات من الإيرانيين على اللجوء للتيار الأصولي لعلهم يجدون الحل لديهم. أما مع استبعاد الإصلاحيين وإخراجهم من المشهد فإن المواطنين الإيرانيين سوف يحملون الأصوليين المسؤولية كاملة على النواحي الاقتصادية والسياسية، وغيرهما، ما يمثل بالأساس تهديدًا لمستقبل هذا التيار المحافظ على الناحية السياسية.

إذ قد يدفع ذلك من إحدى جوانب المشهد المصوتين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2025 أو خلال الدورات الانتخابية الأخرى للبرلمان ولمجلس الخبراء لاستبعاد الأصوليين من التصويت واختيار الإصلاحيين، كما أنه يمنح الإصلاحيين الفرصة لتزعم أي احتجاجات شعبية مقبلة في إيران(8، 9).

الخلاصة:

هذا النظام ليس ديكتاتوريًا بمعنى أنه لا يمتثل أوتوماتيكيًّا لإرادة تعسفية واحدة، بل هو نظام شمولي يفرض بالحديد والنار عقيدته على كل مفاصل المجتمع، ولم تكن العبرة من الانتخابات الإيرانية في استبعاد الإصلاحيين وسيطرة المحافظين، بل العبرة في أنها كرَّست الصراع داخل معسكر المحافظين ذاتهم؛ صراع بين المتشددين العقائديين، والمتشددين الأمنيين في الحرس الثوري حيث تتركز الثروة والسلطة لحوالي 70% من النشاط الاقتصادي الإيراني.

كذلك كان من المتوقع أن تسفر الانتخابات الإيرانية عن هيمنة الأصوليين على نتائجها؛ إلا أنه من غير المتوقع أن تحقق الأهداف التي يصبو إليها النظام الإيراني؛ إذ قد تزيد تلك النتائج من السخط الشعبي جراء سياسات النظام، ما قد يُنذر بانفجار وشيك في الداخل الإيراني، خاصة مع احتمال أن تشهد الفترة المقبلة حسمًا للملف الأبرز في الداخل وهو خلافة خامنئي في حال عجزه أو وفاته، وهي الإشكالية التي قد تفتح الباب على مصراعيه لصراعات بين التيار الأصولي الذي يدفع باختيار مجتبى خامنئي نجل المرشد الحالي، و”الدولة العميقة” التي تدفع بالرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، ليكون المرشد القادم، وذلك في تكرار لسيناريو خلافة خامنئي نفسه بعد وفاة سلفه الخميني.

1_ روسيا اليوم

2_ الوكالة السويسرية

3_ ويكيبديا

4_ الشرق الأوسط

5_ المرصد المصري

6_ مركز الأهرام للدراسات

7_ مركز المستقبل

8_ العربية

9_ المرصد المصري

التعليقات مغلقة.