fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الفيلق الإفريقي الروسي.. فاغنر جديدة تؤسس لها موسكو في إفريقيا

76

الفيلق الإفريقي الروسي.. فاغنر جديدة تؤسس لها موسكو في إفريقيا

مناورة روسية جديدة في إفريقيا، فبعد “بريغوجين” وتمرد مجموعة فاغنر على الكرملين؛ لم ينتهِ دور فاغنر وعناصر المجموعة، بل استحدث لهم سيد الكرملين دورًا جديدًا؛ فمجموعة فاغنر الروسية، تلعب دورًا محوريًّا في توسيع نفوذ موسكو، في العديد من دول العالم، لا سيما الدول الإفريقية؛ التي تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى ساحة مواجهه مُحتدمة، ما بين روسيا والغرب وتحديدًا فرنسا.

فصراع روسيا والغرب في أوكرانيا، وصلت أصداؤه إلى ليبيا، ودول الساحل الإفريقي؛ ومجموعة فاغنر ألبسها بوتين حله جديدة، وأطلق يدها في إفريقيا، تحت اسم جديد: “الفيلق الإفريقي”، فالدب الروسي عينه على النفط والذهب، وموارد وثروات إفريقيا الهائلة، وفي سبيل السيطرة عليها سيدعم الكرملين المتمردين الأفارقة بالسلاح؛ للإطاحة بأصدقاء أوروبا، وواشنطن القلقة من تحركات بوتين ترسل تحذيرات لخليفة حفتر.

فمَا هو الفيلق الإفريقي الروسي في القارة الإفريقية؟ وما أهمية ليبيا في السياسة الخارجية الروسية تجاه إفريقيا؟ وهل باتت روسيا قوة عظمى مهيمنة في القارة السمراء؟ وما موقف الغرب من أنشطة روسيا في إفريقيا؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته على بعض النقاط المهمة حول الفيلق الإفريقي الروسي الجديد الذي تأسس لمواجهة الغرب في إفريقيا، وأهمية ليبيا في السياسة الخارجية الروسية اتجاه إفريقيا؛ في هذه السطور الآتية.

الفيلق الإفريقي الروسي في القارة السمراء:

عقب تمرد زعيم مجموعة فاغنر الروسية “يفغيني بريغوجين”، ومقتله في تحطم طائرته في أغسطس 2023م، واتهام الغرب مجموعة فاغنر بارتكاب جرائم حرب في كثير من البلدان؛ بدأت موسكو تبحث عن بديل جديد، ليملأ فراغ قوات فاغنر المتمركزة في القارة الإفريقية.

فصحيفة “فيدوموستي” الروسية، نشرت تقريرًا قبل مدة يكشف تشكيل روسيا لقوات عسكرية خاصة جديدة، تعرف باسم: “الفيلق الإفريقي” لتكون بديلًا عن مجموعة فاغنر العسكرية، ومن المفترض أن يكتمل هذا الهيكل العسكري الجديد، بحلول صيف العام الجاري، ليكون حاضرًا في 5 دول إفريقية، هم: ليبيا وبوركينا فاسو، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطي، والنيجر؛ وسيتبع الفيلق مباشرة، الإدارة العسكرية الروسية؛ وسيشرف عليه الجنرال الروسي “يونس بك يفكوروف”، نائب وزير الدفاع الروسي. (الجزيرة).

ليبيا ستكون المركز الرئيسي للفيلق، حيث بدأت روسيا التفاهم مع قائد الجيش الليبي “خليفة حفتر”، خلال زيارات “يفكوروف”، المتكررة إلى بنغازي؛ ويذكر أن عناصر مجموعة فاغنر، تنشط في مدينة سرت الليبية، التي تبعد مسافة 450 كيلومترًا شرق العاصمة الليبية طرابلس، بحَسَبَ وسائل إعلام غربية.

حيث يتمركز عناصر المجموعة في قاعدة القرضابية الجوية ومينائها البحري؛ بالإضافة إلى قاعدتي: الجفرة وبراك الشاطئ الجويتين، والفيلق الجديد يضم عناصر روسية وسورية وإفريقية، وستكون مهمته زيادة التغلغل الروسي في إفريقيا؛ لحماية مواقع النفط والذهب التي استطاعت مجموعة فاغنر في وقت سابق الوصول إليها. (الجزيرة).

ومن مهام الفيلق أيضًا: مد مجموعات المتمردين داخل الدول الإفريقية بالأسلحة، لدعم عمليات التمرد، والإطاحة بأنظمة حاكمة في إفريقيا كانت موالية للولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية؛ فروسيا قد انتهجت سياسة الحرب الهجينة، بدعم المجموعات المتمردة والانفصالية.

إذًا فنواة الفيلق الإفريقي الروسي الجديد، هي مجموعات فاغنر، مع إدماج مزيد من العناصر؛ فالحديث هنا يدور حول قوة عسكرية، لا تقل عن (40 – 45) ألف مقاتل؛ إذ يتكون من فرقيتن إلى 5 فرق، وذلك حسب القدرات القتالية، وحجم العناصر.

استقطاب عناصر للتجنيد في الفيلق الإفريقي:

ولدى روسيا الإمكانية لتجنيد مزيد من العناصر، وقد نشر أحد المدونين الروس، إعلانًا في 20 من نوفمبر 2023م، عن خدمة التعاقد في الفيلق الإفريقي الروسي، ويزعم المدون: أن الراتب المبدئي لأفراد الفيلق الإفريقي 280 ألف روبل شهريًّا، وهو راتب أعلى بكثير من الرواتب التي أفادت التقارير أن وزارة الدفاع الروسية قدمتها لمقاتلي مجموعة فاغنر السابقين، مع إمكانية تلقى الراتب بالعملات الأجنبية في الخارج، بما يوازي 3200 دولار؛ إضافة إلى الحصول على الرعاية الطبية، وعدد من الامتيازات الاجتماعية. (الجزيرة).

وقد بدأت عمليات الانتداب والتجنيد بالفعل في ديسمبر الماضي في عدد من الدول الإفريقية وفي روسيا، وقد منحت أولوية الانضمام لأفراد من مجموعة فاغنر الذين يشكلون حوالي نصف العدد الإجمالي لعناصر الفيلق الجديد.

ثم إلى المقاتلين الروس الذين شاركوا في الحرب الروسية الأوكرانية؛ كما فتح الباب أمام الأفارقة، الذين يتمتعون بقدرات قتالية عالية، وبكفاءات متعددة: كقيادة المركبات والدبابات، وتوجيه الطائرات المسيرة، وأنظمة الرادار ومنظومات الدفاع الجوي المتطورة وغيرها.

أما عن تمويل الفيلق الجديد، فهو يرتبط ماليًّا وتنظيميًّا بالنظام الروسي، بعد اعتماد تعديلات على قانون ميزانية القوات المسلحة الروسية في ديسمبر الماضي تسمح للحرس الروسي، بأن تشمل صفوفه تشكيلات من المتطوعين والأجانب.

ويدرك الكرملين: أن أنشطة الفيلق الإفريقية في منطقة الساحل الإفريقي؛ ستكون مُستحلية بدون دولة إفريقية، تمتد حدودها من ساحل البحر الأبيض المتوسط وحتى حدود دول الساحل الإفريقي.

ليبيا بوابة التغلغل الروسي في إفريقيا:

ولا يوجد أمام الكرملين سوى ليبيا، كونها مناطق انطلاق تطل على البحر، وهذا كان سبب تكرار زيارات نائب وزير الدفاع الروسي، للقاء قائد الجيش الليبي “خليفة حفتر”، في بنغازي من أغسطس وحتى نهاية سبتمبر في موسكو. (اندبندنت عربية).

فبالنظر إلى الموقع الإستراتيجي المهم الذي تتمتع به ليبيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط؛ يجعلها محطة لإيصال العتاد العسكري والعناصر التابعة للفيلق إلى باقي الدول الإفريقية، وتشير التقارير إلى اتجاه روسيا لإنشاء قاعدة بحرية في مدينة طبرق لتكون نقطة تمركز تسهِّل وصول البوارج والقطع البحرية الحربية المحملة بالأسلحة والعتاد، ومنظومات الدفاع الجوي.

وبعد إنشاء القاعدة البحرية سيتم الدفع بجميع الإمدادات إلى الوَسَط الليبي الذي أصبحت روسيا تهيمن عليه بشكل كبير من خلال تمركزها في قاعدة الجفرة، وبعض القواعد والمهابط الترابية في وَسَط وجنوب ليبيا.

ومنذ مطلع 2022م تسيطر على ليبيا حكومتان: إحداهما: برئاسة “أسامة حماد”، وكلفها مجلس النواب في بنغازي، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية، ومقرها في طرابلس، برئاسة “عبد الحميد الدبيبة” الذي يرفض تسليم السلطة إلى حكومة “أسامه حماد”.

موقع ليبيا الجغرافي وعلاقاتها القديمة مع موسكو دفعت الكرملين لاختيار التحالف مع قائد الجيش الليبي “خليفة حفتر”، الذي يرى أن موسكو هي الحليف القديم والأهم لليبيا، وفي نفس الوقت يتلقى “خليفة حفتر” تحذيرات من الخارجية الأمريكية بعدم اتباع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، لإنشاء هذا الفيلق العسكري في إفريقيا.

كما قالت الخارجية الأمريكية بأن مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، قد زعزعت استقرار ليبيا، واستخدمتها كمنصة لتنظيم أنشطتها في المنطقة، وأن قوات فاغنر زرعت مئات الألغام في ليبيا عام 2020م، في أثناء الانسحاب من طرابلس، وأعاقت العملية الانتخابية في ليبيا العام 2021م، وليس لموسكو أي مصلحة في التوصل إلى حل سياسي للصراع الليبي؛ بحَسَبَ الخارجية الأمريكية، ودعت واشنطن المقاتلين الروس لمغادرة الأراضي الليبية فورًا واحترام إرادة الشعب الليبي، ووجهت الدعوة نفسها إلى جميع القوات الأجنبية الأخرى الناشطة في البلاد. (اندبندنت عربية).

المشروع الروسي الجديد في إفريقيا:

وهنا يظهر القلق الأمريكي من تحركات بوتين الجديدة، لمحاصرة نفوذ الغرب في إفريقيا؛ حيث إن إنشاء الفيلق يمكن روسيا من التغلغل في الدول الإفريقية، لإحكام السيطرة عليها، عبر تنصيب حكام جدد يحققون المصالح الروسية، وينهون مصالح الغرب هناك، وتكون على أيديهم نهاية عصر إفريقيا الفرنسية، وبداية عصر إفريقيا الروسية.

وهذا ما حدث في انقلابات دول الساحل الإفريقي العسكرية الأخيرة، خلال السنوات الماضية؛ وأخرها كان النيجر والغابون، والرؤية الروسية الجديدة ومشروع موسكو الطموح في إفريقيا، يستهدف دولًا عدّة.

فالمشروع لا يزال في مرحلة بداية الانتشار؛ لذلك سيساعد الفيلق، في سيطرة روسيا على مصادر الثروات، وتثبيت سلطة الأنظمة السياسية؛ لتثبت موسكو مناطق نفوذها عسكريًّا في القارة السمراء، مستغلة بذلك الفراغ الذي تركة الانسحاب الغربي من إفريقيا، متمثلًا بفرنسا، وتزايد الرفض الإفريقي الشعبي، للوجود الأوروبي.

حيث عززت موسكو وجودها في القارة السمراء لإيجاد حلفاء لها، وتحاول تقديم نفسها كدولة مناصرة لاستقلال الدول الإفريقية، بعيدًا عن حقبة الاستعمار الأوروبية، وفي السابق كانت تتحدث التقارير عن وجود فاغنر في 13 دولة إفريقية، وهذا الانتشار والوجود الروسي متمثلًا في مجموعة فاغنر لن تتخلى عنه روسيا بسهولة، خصوصًا في ظل حاله القبول الشعبي في بعض الدول الإفريقية، حتى يتخلصوا من تأثير فرنسا على بعض الحكومات والسلطات.

مواجهة روسيا والغرب على أراضي إفريقيا:

الصراع بين الغرب وروسيا، بدأت تتضح ملامحة أكثر وأكثر، ووكلاء الجيوش والدول باتت أكثر وضوحًا، فالفيلق الإفريقي ذراع موسكو الجديد في إفريقيا، ليس الذراع الوحيد، بل عاد أيضًا للظهور إلى الواجهة من جديد ذراع فرنسا القديم في إفريقيا، والمسمى: مجموعة مجلس الدفاع الدولية؛ ليكون وكيلًا لفرنسا في إفريقيا.

فعقب طرد فرنسا من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وتوسع رقعة العداء المتنامية لفرنسا في الساحل الإفريقي كله؛ تحدث الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن شكل جديد للحضور الفرنسي في إفريقيا، ويبدو أن هذا الشكل الجديد بدأ يتضح أكثر وأكثر بشكل لا يختلف قالبه الاستعماري التقليدي بعد إسناد مهمة إفريقيا إلى شركات عسكرية خاصة، تابعة لحكومة باريس، على رأسها مجموعة مجلس الدفاع الدولية التي أصبحت بحَسَبَ بعض التقارير الفرنسية، أداة النفوذ الجديدة لباريس في القارة الإفريقية.

على أن يكون تركيزها أيضًا ينصب على العودة بفرنسا لإفريقيا من حيث يهددها عدوها الروسي، أي من ليبيا؛ ولكي نعرف تمامًا، ما هي مجموعة مجلس الدفاع الدولية، يمكن أن نقرأ عنها في تقارير الفرنسيين ذاتهم.

حيث كتبت صحيفة “لوموند”، الفرنسية بأن مجموعة مجلس الدفاع الدولية (DCI) أداه النفوذ الفرنسي الجديد في إفريقيا، تزامنًا مع اتساع رقعة العداء الشعبي للوجود العسكري الفرنسي في القارة السمراء. (TRT عربي).

مجموعة مجلس الدفاع الدولية والسياسة الفرنسية الجديدة في إفريقيا:

وتُعد مجموعة مجلس الدفاع الدولية شركة عسكرية شبه خاصة، تابعة للحكومة الفرنسية التي تمتلك 55% من أسهم الشركة منذ تأسيسها عام 1972م، وتعمل هذه المجموعة لصالح وزارة القوات المسلحة الفرنسية، ويكفي أن نعلم أن نحوًا 80% من موظفي مجموعة مجلس الدفاع الدولية الفرنسية، هم جنود وضباط، ونخب عسكرية فرنسية سابقة. (TRT عربي).

وبالطبع لم تُخفِ باريس أن هدف مجموعة مجلس الدفاع الدولية، إعادة فرنسا إلى إفريقيا، وهو ما جاء على لسان الرئيس التنفيذي للمجموعة “صامويل فرينغانت” خلال جَلسة استماع أمام مجلس الدفاع بالبرلمان حيث قال: إن المجموعة تُعيد توجيه نشاطها نحو إفريقيا، بصفتها أداة نفوذ لوزارة الجيوش التي تضمن وجودًا فرنسيًّا سريًّا إذا لزم الأمر. (TRT عربي).

وحتى نتأكد من أن فرنسا تريد من مجموعة مجلس الدفاع الدولية مواجهة روسيا في إفريقيا، خاصة في نقطة انطلاق الروس في ليبيا، يمكننا أن نعود بتاريخ المجموعة الفرنسية إلى عام 2018م، حين كان نشاطها بعيدًا عن القارة الإفريقية؛ إذ لم تتعامل المجموعة سوى مع 3 دول إفريقية، أي: ما لا يتعدى 0.1% من نشاطها الإجمالي، لكن هذا الواقع تغير كليًّا خلال عام 2023م، عندما بدأ النفوذ الروسي في القارة الإفريقية يزاد أكثر وأكثر؛ حتى بات أن موسكو، مهيمنة على الشأن الإفريقي، وتحرك الضباط العسكريين الأفارقة في دول الساحل للإطاحة بحلفاء باريس وعقب الإطاحة بهم تعمل موسكو على دعم السلطة العسكرية الانقلابية الجديدة التي تقضي رويدًا رويدًا على النفوذ الفرنسية في القارة، طاردة باريس من كل مناطق نفوذها.

فجرى توسيع نشاط المجموعة الفرنسية العسكرية في إفريقيا، إلى 14 دولة، وهو ما يعادل 15% من النشاط الإجمالي للمجموعة؛ حتى إن مجموعة مجلس الدفاع الدولية الفرنسية، فازت بصفقة توريد مسيرات وطائرات بدون طيار للقوات الجوية في جمهورية بينين في غرب إفريقيا، مع الإشراف الكامل على برنامَج تدريبات لأجهزة أمنية واستخباراتية مختلفة هناك. (TRT عربي).

ومنذ يناير 2024م تنفذ المجموعة مهام مختلفة، مع القوة المختلطة متعددة الجنسيات، ضد جماعة بوكو حرام، مستهدفة مقراتها ومعسكراتها المختلفة، وعلى رأس هذه المهام: تكليف المجموعة الفرنسية بإعادة تأهيل البنية التحتية الاستخباراتية لتلك القوات.

واليوم يبدو أن الهدف الرئيسي للمجموعة الفرنسية الانتشار داخل ليبيا لمواجهة روسيا، ولربما يكون الحضور الأول في إقليم فزان الليبي الذي لطالما كان مكان نفوذ تاريخي لباريس، قبل أن تسحب روسيا البساط من تحت أقدام باريس هناك؛ إلا أن فرنسا التي ترغب بالعودة مرة أخرى، وتأكيد نفسها كقوي عظمي لديها اليد العليا في إفريقيا عقدت العزم على العودة إلى ليبيا، حيث ينتظرها الروس.

الاستنتاجات:

خلال السنوات الأخيرة بات واضحًا نجاح مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في توسيع نفوذ موسكو في العديد من الدول، وعلى الرغم من تمرد زعيم المجموعة وعناصرها على السلطة الروسية؛ إلا أن موسكو لم تتخلَّ عن دور فاغنر وعناصرها؛ فهي أداه مهمة للكرملين في دعم حلفاء روسيا وضرب مصالح الغرب في العديد من المناطق حول العالم.

وهذا ما دفع باريس إلى انتهاج سياسة شبيه بسياسة الأذرع والوكلاء التي تنتهجها موسكو؛ حيث بات لفرنسا وكيلها الخاص أيضًا في إفريقيا، وسريعًا توسع نشاط مجموعة مجلس الدفاع الدولية الفرنسية في 14 دولة إفريقية؛ فالغرب لن يسمح بانحسار نفوذه في إفريقيا، وشرطي الغرب في إفريقيا ممثلًا بفرنسا، سيخوض المواجهات مع روسيا، ولن ينسحب من المنطقة سريعًا.

ويبدو أن ليبيا هي البوابة لإفريقيا، فالدولة الليبية تتمتع بموقع جغرافي يجعلها ذات أهمية كبرى في السياسة الخارجية الروسية؛ إذ تطل ليبيا على السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ولا تخفى موسكو رغبتها القديمة المتجددة في بناء قاعدة عسكرية لها على السواحل الليبية القريبة من الحدود الجنوبية لدول حلف شمال الأطلسي الناتو.

وفي نفس الوقت لليبيا حدود مشتركة مع عدد من دول الساحل الإفريقي؛ ولذلك قد تزداد حدة التنافس والاستقطاب في ليبيا المنقسمة أصلًا، ما يطيل من عمر الأزمة الليبية ويؤجج الصراعات الليبية الداخلية أكثر وأكثر.

الخلاصة:

– ظلت موسكو تبحث عمن يملأ فراغ مجموعة فاغنر العسكرية في العديد من الدول، لا سيما دول القارة الإفريقية، ومع مطلع العام الجاري كشفت الصحف الروسية عن تشكيل موسكو لمجموعة عسكرية جديدة على غرار فاغنر، تعرف باسم: “الفيلق الإفريقي”، وهذه المجموعة الجديدة، وعلى عكس فاغنر، تتبع مباشرة وزارة الدفاع الروسية، ومهمتها ضمان المصالح الروسية وتوسيع نفوذ موسكو في القارة السمراء، وبالنظر إلى طبيعة المجموعة العسكرية الجديدة، فإنها تضم العديد من المقاتلين، أبرزهم: مقاتلو مجموعة فاغنر، والعسكريون الذين شاركوا في الحرب الروسية في أوكرانيا.

– لدى روسيا مشروع تجاه إفريقيا بات أكثر وضوحًا؛ إذ تسعى موسكو لتوسيع نفوذها في الدول الإفريقية، وتعزيز علاقاتها المختلفة مع العديد من السياسيين في جميع أنحاء إفريقيا؛ والإطاحة بحلفاء الغرب في منطقة الساحل الإفريقي، وغيرها، وهذا ما بدا جليًّا في انقلابات دول الساحل الإفريقي الأخيرة، حيث تدخلت موسكو لدعم القادة الجدد ولضرب المصالح الفرنسية والأوروبية في المنطقة، مستفيدة من بعض التأييد الشعبي الرافض للوجود الفرنسي في إفريقيا، وتُعد ليبيا محورًا مهمًّا في السياسة الخارجية الروسية نتيجة لموقعها الجغرافي؛ كونها قريبة من حدود دول حلف الناتو الجنوبية، ولديها حدود أيضًا مع دول الساحل الإفريقي.

– ليست روسيا وحدها التي لديها جيش وكيل لها في إفريقيا؛ بل فرنسا أيضًا قد انتهجت نفس سياسة موسكو؛ حيث عادت للظهور من جديد، مجموعة مجلس الدفاع الدولية الفرنسية، وهي شركة عسكرية فرنسية تمتلك وزارة القوات المسلحة الفرنسية ما نسبته 55% منها، وقد انتشرت بسرعة في العديد من البلدان الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، ساعية إلى الحفاظ على نفوذ باريس، وتأكيد الهيمنة والمصالح الفرنسية في القارة السمراء، ويبدو أن الصراع الروسي الغربي، سيزداد حدة أكثر وأكثر خلال السنوات القليلة القادمة؛ وسيشمل إلى جانب أوكرانيا دول الساحل الإفريقي، وغيرها من الدول الإفريقية الأخرى.

المصادر:

الجزيرة

اندبندنت عربية

TRT عربي

الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.