fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تسليح المستوطنين لقتل المدنيين… فضيحة وثيقة “بن غفير”

115

تسليح المستوطنين لقتل المدنيين… فضيحة وثيقة “بن غفير”

في جريمة جديدة لم يستطع الغرب نفسه الداعم لإسرائيل السكوت عنها، تُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الأبرياء العزل بغطاء أمريكي بغيض، حيث لم يكتفِ جيش الاحتلال باستدعاء الجنود الاحتياط لقتال شعب أعزل، في أعقاب عملية السابع من أكتوبر “طوفان الأقصى”، بل ذهب إلى ما هو أقبح وأشنع وهو تسليح المستوطنين وتدريبهم لقتل الأبرياء من الأطفال والنساء؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة أعمال العنف والقتل والتطهير العرقي ضد المدنيين العزل، خصوصًا من الأطفال والنساء.

سوف نستعرض في هذا التقرير لمركز “رواق” للأبحاث، ما كشفت عنه “الوثيقة السرية” التي كشفت عن بُغض وحقد “بن غفير” الإرهابي المتطرف، وأهدافه من تسليح المستوطنين، وعدم ملاحقة أي معتدٍ منهم على المدنيين الفلسطينيين، وكيف تزايد عنف المستوطنين ضد الأبرياء خلال الفترة الأخيرة، وهل توقف القتل عند حد الرصاص، وكيف أجبرت المناظر البشعة المروعة وجرائم المستوطنين وكبيرهم الإرهابي الأكبر وزير الأمن الإسرائيلي على تنديد الغرب نفسه الذي يدعم الاحتلال الصهيوني؟

لقد تحدثت تقارير دولية وغربية عن معاناة الفلسطينيين بشمال وجنوب غزة إزاء عنف الاستيطان، كما في الوقت نفسه يعاني سكان الضفة الغربية المحتلة من عنف المستوطنين وجرائمهم، بعد ما خطط جيش الاحتلال تسليح من لديهم خبرة في القتال بزعم الدفاع عن المستوطنات.

أكثر من 30 ألف رخصة سلاح:

قررت دولة الاحتلال أن يخضع المستوطنون الذين تتراوح أعمارهم بين 27 إلى 50 عامًا، الذين لم يخدموا في جيش الاحتلال لتدريب أساسي متسارع لمدة ثلاثة أسابيع، وبعد ذلك يتم تسليحهم وتمركزهم في الضفة الغربية، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

حيث أفادت وزارة الأمن العام الإسرائيلية، في بيان نقله الموقع العبري، بأنه تم إصدار 31 ألف رخصة سلاح خاص، منذ بدء العدوان على غزة، مشيرة إلى أن عدد الطلبات تجاوز 236 ألف طلب. (القاهرة الإخبارية).

لماذا التسارع في طلبات الحصول على تصاريح الأسلحة؟

وبزعم ملاحقة عناصر حماس في الضفة، فقد شهدت طلبات الحصول على تصاريح الأسلحة النارية ارتفاعًا ملحوظًا منذ 7 أكتوبر، إذ وصلت ربع مليون، وهو ما يعادل إجمالي العدد الصادر خلال الـ20 عامًا الماضية، ما يعني الاضطهاد والعنف ضد المدنيين، مما يعكس حجم التسهيل الكبير والمبالغ فيه في الحصول على تراخيص الأسلحة النارية، الذي يعد تهاونًا حكومة الاحتلال الصهيوني والتشجيع على مهاجمة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وفي تصرف ليس مستغربًا البتة عن المتطرف “بن غفير”، لا سيما في أعقاب الهجوم لفصائل المقاومة الفلسطينية، فقد قرر تخفيف وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، القيود المفروضة على تصاريح السلاح، وبعد إجراء مقابلة هاتفية مع إدارة ترخيص الأسلحة النارية بالوزارة، يمكن للمواطنين المؤهلين الذين ليس لديهم سجل إجرامي أو مشكلات صحية الحصول على رخصة سلاح في غضون أسبوع.  (القاهرة الإخبارية).

كما وذهب هذا المتغطرس ضد كل ما فلسطيني، بل ربما كل ما هو مسلم إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث السماح للمواطنين بامتلاك ما يصل إلى 100 رصاصة، بدلًا من 50 فقط، وبدأت دولة الاحتلال في توزيع الأسلحة والخوذات والسترات الواقية من الرصاص على آلاف المتطوعين الأمنيين في المدن المختلطة والمجتمعات.

عنف المستوطنين ضد المدنيين هو الأكبر منذ عقدين:

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد أكثر من 200 فلسطينيًّا في الضفة الغربية على يد قوات الاحتلال، وفي بعض الحالات على يد المستوطنين، منذ 7 أكتوبر الماضي، وهو ما يمثل أكبر عدد من الشهداء في شهر واحد بالضفة منذ عقدين تقريبًا، كما تم الإبلاغ عن أكثر من ألف حادث عنف سياسي في الضفة بين 7 و27 أكتوبر.

ويتصاعد العنف إلى مستويات لم تشهدها الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية، وسط مداهمات عسكرية وهجمات المستوطنين ومظاهرات عنيفة. (القاهرة الإخبارية).

وابل من الاعتقالات ضد الفلسطينيين بدون أي جريرة:

ومنذ عملية طوفان الأقصى، فقد اعتقل جيش الاحتلال وفق تقارير دولية نحو 2000 فلسطينيًّا في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك أكثر من 1000 من فصائل المقاومة، وحتى قبل اندلاع الحرب الحالية في غزة، كانت التوترات متصاعدة في الضفة الغربية المحتلة، منذ أكثر من عام وسط تصاعد ملحوظ في الاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال.

وفي تصرفات لا تعرف الإنسانية مطلقًا ضد الأطفال والنساء التي ضرب بها الغرب عرض الحائط، فقد تم تسجيل قرابة 100 حادثة عنف ضد المدنيين نفذها مستوطنون مسلحون منذ 7 أكتوبر، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 20 مرة مقارنة بشهر سبتمبر الماضي أمام مجتمع دولي صامت؛ بل يحمي مُرتكبي هذه الجرائم من بني صهيون.

وبحسب خبراء، فإن تلك الحوادث تشكل أكثر من ضعف عدد الأحداث المسجلة، التي شارك فيها المستوطنون خلال التوترات السابقة في مايو 2021، عندما أدى اندلاع أعمال عنف عقب اقتحام المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة.

القتل لم يتوقف عن الرصاص، بل إضرام النيران في المنازل:

لم يتوقف حد القتل من الاحتلال وأذرعه “المستوطنين الإرهابيين” ضد الفلسطينيين عن حد القتل بالرصاص، بل ذهب إلى ما هو أبشع، حيث شارك المستوطنون ولا يزالون حتى كتابة هذه السطور فيما يقرب من 300 حادثة عنف جماهيري مُوثقة ومُسجلة، بعد أن داهموا القرى وألقوا الحجارة وأضرموا النار في المنازل والسيارات والمتاجر والمزارع، واعتدوا جسديًّا على الفلسطينيين.

وبناءً على ذلك، أشار موقع “ACLED” لتحليل بيانات الحروب والنزاعات، إلى أن مئات الفلسطينيين أُجبروا على الانتقال إلى أماكن أخرى في الضفة الغربية المحتلة، بسبب عنف المستوطنين في الأسابيع الأخيرة، وبتشجيع من دعم الشخصيات اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية، ومن المرجح أن يغتنم المستوطنون الفرصة، وسط استمرار أعمال العنف للحصول على أماكن أكبر في الضفة. (القاهرة الإخبارية).

“وثيقة بن غفير السرية”:

يرى خبراء أن ما كشفته القناة 12 العبرية عن “وثيقة سرية” قدمها رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار تؤكد أن ما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير يمنع مواجهة إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، يعد تطهير عرقي وحطر داهم على حياة الشعب الفلسطيني صاحب الأارض، كما أنها محاولة للتهجير القسري المتعمد.

وعزا الخبراء بالقول إلى نص الوثيقة وهي: أن “الشرطة الإسرائيلية لا تطبق القانون على العناصر الإرهابية اليهودية بتوجيهات الوزير المتطرف بن غفير؛ هذا ما جاء في الوثيقة السرية التي أعدها قائد القيادة المركزية اللواء يهودا فوكس، ويحذر فيها من عدم القدرة على التعامل مع جرائم الكراهية في إحدى الحالات، كما لم  يتم في الوثيقة تعريف عنوان “الانتقام” كجريمة قومية”، مؤكدين أنها جرائم ضد الإنسانية لن ترحم الاحتلال وداعمه الأكبر ممثل في الإدارة الأمريكية التي تتشدق بحقوق الإنسان.

وقالت القناة العبرية بحسب النص: “الوثيقة تحذر من أن الشرطة الاسرائيلية لا تتعامل مع الإرهاب اليهودي في مناطق الضفة الغربية، وذلك بناءً على توجيهات بن غفير، وهذا التحذير جاء لأن الشرطة لا تملك الأدوات اللازمة للتعامل مع الجريمة القومية التي ترتكبها العناصر اليمينية المتطرفة.”

وأضافت: “الوثيقة سرية، ولم يطلع عليها سوى عدد قليل، وأرفق الجنرال فوكس بالوثيقة رأي كبار مسؤولي الشاباك، بما فيهم رئيس الشاباك، وصرح مسؤولون كبار في الشاباك، في بيان وصف بالغريب، أن الشرطة بالكاد تطبق قانون الجريمة القومية حيث أفاد الشاباك عن محادثات مع كبار مسؤولي الشرطة ويبدو منها أن هذه تعليمات من الوزير بن غفير إلى كبار المسؤولين في منطقة الضفة الغربية؛ لتجنب تطبيق القانون ضد عناصر اليمين المتطرف”. (شبكة راية الإعلامية).

وتابعت “تتضمن الوثيقة أمثلة لحالات عدم تطبيق القانون، حيث قدم الشاباك معلومات ولم يتم إجراء أي اعتقالات، أو تم إطلاق سراحهم على الفور حسبما ترجمت صدى نيوز. وفي إحدى الحالات، تمت كتابة نقش “انتقام”، ولم يتم تعريف ذلك كجريمة قومية والادعاء في الرأي هو أن بن غفير يأمر بتجنب التنفيذ، والنتيجة عدم القدرة على التعامل مع الأحداث ومنع اشتعالها على الأرض”.

وزعمت الشرطة الصهيونية، قائلة: “منذ بداية الحرب وحتى الآن، هناك انخفاض بنسبة 50% في الحوادث المُدرجة في الجرائم القومية؛ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وهناك زيادة بنحو 30% في عدد القضايا التي فتحتها النيابة العامة”. (شبكة راية الإعلامية).

“الفصل العنصري” وتصريح قتل الفلسطينيين من دون عقاب:

في تقديري: أنه بات واضحًا أن زيادة وتسليح عصابات من الاحتلال هي محاولة لفرض مزيد من السيطرة على بعض المناطق في الضفة الفلسطينية، كما أنه يعد تصريحًا لقتل الفلسطينيين من دون عقاب أو حساب، وذلك بالتزامن مع مخطط الأبارتهايد “الفصل العنصري” الذي أقره الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا، خصوصًا أنه يُلحق المستوطنات بالأجهزة الأمنية والسيادية الصهيونية.

والدليل: ما يقوم به الاحتلال وعصاباته المُسلحة مؤخرًا من قتل واعتقال جماعي واستيطان، وأيضًا بالتزامن مع محاولة تهويد القدس التي تدل على فاشية ونازية حكومة نتنياهو المتطرفة، والتي تضم أعضاء متطرفين استخدمهم نتنياهو للوصول إلى سُدة الحكم مرة أخرى.

توثيق عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية:

في تقديري: أن ترك المدنيين العُزل من الأطفال والنساء والشيوخ أمام هؤلاء القتلة سيمثل تحولًا جيوسياسيًّا وديمغرافيًّا لقطاع الضفة، حيث المُبتغى للاحتلال الصهيوني تهجير المدنيين نحو الجنوب لقطاع غزة مع الشريط الحدودي لسيناء وهو ما يحدث بالفعل، والضفة باتجاه غور الأردن، ولكن أرى أن إصرار الفلسطينيين على البقاء المقاومة وتمسكهم بحقوقهم رغم الموت الذي يلاحقهم في كل ساعة على يدِّ الإرهابيين الفعليين من الصهاينة، ورغم تلحف هؤلاء الأبرياء للسماء وافتراشهم للأرض؛ إلا أن هذا الصمود الحثيث أمام مجتمع دولي ابتلع ألسِنته، سيقف حائلًا أمام وصول الاحتلال الدموي الغاشم إلى أهدافه.

وقال مسؤولون فلسطينيون: إنه في غارة واحدة على مخيم للاجئين الفلسطينيين، وغارة جوية نادرة في المنطقة، في 12 أكتوبرالماضي، قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 12 شخصًا، وقالت الشرطة الإسرائيلية: إن ضابطًا واحدًا قُتل. وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع: إن هناك “خطرًا حقيقيًّا” لخروج الأراضي المحتلة عن نطاق السيطرة.

وذكر السكان الفلسطينيون في الضفة الغربية: إنه بينما يركز العالم أنظاره على الكارثة التي تتكشف في غزة، فإن المستوطنين الإسرائيليين يستغلون ذلك بدخول القرى وطرد المدنيين الفلسطينيين، بل وحتى قتلهم. (بي بي سي).

وفي ثلاث حالات على الأقل بحسب لقطات فيديو أو شهادات شهود عيان من القرويين تم توثيقها، كان المستوطنون يرتدون الزي العسكري أو يرافقهم الجيش الإسرائيلي في هجماتهم.

تقرير “بي بي سي” والشهادات المُوثقة من الأهالي:

وفي تقرير لـ قناة “بي بي سي”، فإن ثلاثة من الرجال الأوائل الذين لقوا حتفهم على يد مستوطنين في قصرة ذهبوا للدفاع عن عائلة في منزل على مشارف القرية، بعد أن اقترب المستوطنون من المنزل وبدأوا في رشقه بالحجارة.

ويقولون: إن المستوطنين فتحوا النار بعد ذلك على الجيران الفلسطينيين الذين جاءوا للمساعدة، فقتلوا ثلاثة شبان – حسن أبو سرور، 16 عامًا، وعبيدة أبو سرور، 17 عامًا، ومصعب أبو رضا، 25 عامًا – وأصابوا عدة آخرين بجروح خطيرة. وقتل معاذ عودة (21 عامًا) في وقت لاحق خلال اشتباكات مع جنود.

وكان من بين الجرحى أب وابنته البالغة من العمر ستة أعوام، وكانا يعيشان في المنزل، وقد أصيبا برصاصة في الوجه والبطن على التوالي، بحسب شخصين استقبلا القتلى والجرحى في عيادة طبية قريبة.

وكان أحد الذين ساعدوا في العيادة عامر أبو سرور، وهو ابن عم آخر للضحايا، وكان على عامر أن يتصل بسعيد أبو سرور، والد عبيدة البالغ من العمر 17 عامًا، وقال عامر في مقابلة مع “بي بي سي”، وهو يقف بجانب سعيد في قصرة: “قلت له إن ابنك أصيب بجروح طفيفة، لم أستطع أن أبلغه هذه الصدمة عبر الهاتف”.

ما هي شهادة المركز الطبي عن عنف المستوطنين؟

قال هروع سعيد، وعيناه تلمعان بالدموع: “أخبروني أن ابني أصيب، لكن لم يكن من الممكن أن أراه في تلك اللحظة… أخبرتهم أنني أريد رؤية ابني الآن، ودخلت تلك الغرفة ورأيت أنه بفضل الله استشهد”.

وبينما كانت السيارات وسيارات الإسعاف تشق طريقها على طول طريق نابلس – رام الله، تعرضت قافلة مدنية لكمين نصبه مستوطنون إسرائيليون متشددون، وفي الاشتباك الذي أعقب ذلك، وبحسب لقطات الفيديو وشهادات شهود العيان، رشق المستوطنون القافلة بالحجارة، ورد بعض أعضاء قافلة الجنازة بالحجارة، ورد المستوطنون والجنود الإسرائيليون بإطلاق الرصاص الحي. (بي بي سي).

وفي “الفوضى وإطلاق النار العشوائي الكثيف”، فقد عابد وادي أثر شقيقه إبراهيم، وهو سياسي محلي يبلغ من العمر 63 عامًا من حركة فتح، وأحمد نجل إبراهيم، طالب الحقوق البالغ من العمر 24 عامًا، ويبدو أن لقطات فيديو لجزء من المواجهة تظهر أحمد وآخرين وهم يهربون من إطلاق النار.

وقال عابد وادي: “أخبروني أن ابن أخي أصيب برصاصتين في بطنه وأخرى ​​في رقبته، وأصيب أخي في خصره باتجاه قلبه”.

جرائم المستوطنين تلاحق جثث الضحايا وهم أموات:

يضيف الأب الفلسطيني المكلوم: “لم تكن هناك أسلحة في موكب جنازتنا”. وأضاف: “عادة كنا نرفع العلم الفلسطيني من السيارات، لكننا لم نرفع علمنا بسبب الخوف”.

وواصل سكان قصرة حديثهم بحسب تقرير قناة “بي بي سي”: إن الخوف ساد القرية. كانت نهاية الأسبوع الماضي هي بداية موسم قطاف الزيتون في المنطقة، لكن السكان الذين يعتمدون على المحصول في دخلهم، قالوا: إنهم لن يذهبوا إلى البساتين الواقعة على أطراف القرية خوفًا من إطلاق النار عليهم من قبل المستوطنين.

لقد كانت هناك بالفعل زيادة كبيرة في أعمال العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين هذا العام، حتى قبل هجوم حماس، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، مع الإبلاغ عن أكثر من 100 حادثة كل شهر وطرد حوالي 400 شخص من أراضيهم بين يناير وأغسطس الماضيين. (بي بي سي).

منظمة إسرائيلية تعترف بالجرائم… “وشهد شاهد من أهلها”:

قالت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” لبي بي سي: إنها وثقت منذ الهجوم “جهدًا منسقًا ومنظمًا من قِبَل المستوطنين ضد المدنيين من الفلسطينيين؛ لاستغلال تركيز الاهتمام الدولي والمحلي برمته على غزة وشمال إسرائيل.

وسجلت البيانات الجزئية التي جمعتها “بتسيلم”، والتي تغطي الأيام الستة الأولى بعد هجوم حماس، ما لا يقل عن 46 حادثة منفصلة قالت فيها: إن المستوطنين هددوا، أو هاجموا، أو ألحقوا أضرارا فادحة بممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقال روي يلين المتحدث باسم بتسيلم: “لقد فرت الكثير من العائلات والمجتمعات الرعوية بسبب تعرضها للتهديد من قبل المستوطنين في الأسبوع الماضي، لقد أعطى المستوطنون السكان مهلة نهائية للمغادرة وأخبروهم أنهم إذا لم يفعلوا ذلك فسوف يتعرضون للأذى. وقد تم إخلاء بعض القرى بالكامل”.

وكانت إحدى تلك القرى هي وادي السيق، بالقرب من رام الله، التي كانت في السابق موطنًا لمجتمع بدوي فلسطيني يبلغ عدد سكانه حوالي 200 شخص.

وفي 9 أكتوبر الماضي، هاجمت مجموعة مكونة من حوالي 60 مستوطنًا، يرتدي العديد منهم الزي العسكري، التجمع، وفقًا لاثنين من السكان الفارين من القرية حاليًا. وقال عبد الرحمن كعابنة (48 عامًا) وهو مزارع من وادي السيق: “لقد هاجمونا بالسلاح وأرهبوا الجميع، ثم أعطونا ساعة واحدة للخروج مع أغنامنا وهددونا بالقتل إذا لم نخرج”. (بي بي سي).

ما وحدات المستعربين؟

نعم، إنها جرائم كاشفة وواضحة لا تحتاج إلى دلائل أو برهان أكثر من ذلك بعد ما اعترفت بها بي بي سي البريطانية ومؤسسة “بتسليم” الإسرائيلية، لذا نسأل إلى أي مدى سوف يغض الغرب وأمريكا الطرف عن مثل هذه الجرائم البشعة؛ أليست هذه الجرائم تقع ضمن أو مخالفة لحقوق الإنسان؟!

لقد أنشأت دولة الاحتلال وحدات إسرائيلية أنشئت في ثلاثينيات القرن الماضي تسمى: بـ وحدات المستعربين أو “فرق الموت”؛ تلك التي يتم اختيارها بعناية فائقة ومواصفات خاصة، مثل: الهيئة والشكل واللغة، والعادات والتقاليد، لكي تكون هيئتهم أقرب ما يكون للعرب والمسلمين وفي بعضهم من يطلق لحيته حتى لا يشعر به المواطنين الفلسطنيين أو العرب عند الاندماج والاختلاط أثناء تنفيذ مخططهم وجرائمهم.

في تصوري: إن هذه المجموعات المستعربة التي تعمل داخل فلسطين وبعض البلاد العربية تستخدم لنقل المعلومات واختراق الأوساط والتكوينات؛ للحصول على أكبر كم من المعلومات وإرسالها إلى قوات الاحتلال لتحسين القدرة على اتخاذ القرارات، وملاحقة الناشطين أوعتقالهم أوتصفيتهم في حال رفضوا تجنيدهم، ولكي تسير خطط الكيان المحتل نحو التوغل أو الاقتراب أكثر من أفكار كل فلسطيني أو عربي تجاه دولة الاحتلال.

ما أود قوله: إنهم أقرب بالجواسيس، لكنهم من نوع مختلف تمامًا؛ لأنهم أقرب لبني جلدتنا أو منهم أحيانًا، وهؤلاء يمثلون خطرًا داهمًا على القضية واسترداد الأرض، ولكن معية الله تكشف دومًا مثل هؤلاء؛ لأنها قضية عادلة، وهي مقاومة في مواجهة عصابات محتلة.

بالأسماء.. الاحتلال وإنشاء وحدات خاصة من المستعربين:

– (دفدوفان) وتعمل في الضفة الغربية .

– (شمشون) وتعمل في قطاع غزة .

– (الجدعوينم) تابعة لما يسمى بـ “حرس الحدود”، وتعمل بالأساس على نطاق واسع في الضفة الغربية .

– (وحدة يمام)، وهي تابعة لما يسمى بحرس الحدود، وهي الوحدة الخاصة بمكافحة العمليات الفدائية.

– وحدة هاعنيدونيم، وتعمل في منطقة القدس، تم استحداثها في عام 1990م.

– وحدة سرية تابعة لشرطة الاحتلال تعمل داخل مناطق الـ 48.

عربدة المستوطنين في الضفة وشهود عيان:

يقول المواطن على عرعرة (35 عامًا): إن السكان ساروا أكثر من عشرة كيلومترات وهم يفرون. وأضاف: أن “المستوطنين سرقوا كل شيء من منازلنا، كانت ابنتي مرعوبة، لقد ضربونا ولم يتركوا لنا شيئًا”.

ووفقًا لمنظمة “بتسيلم” ويش دين، وهي منظمة إسرائيلية أخرى لحقوق الإنسان تراقب أعمال العنف في الضفة الغربية، فإن أعمال الترهيب والتهجير القسري التي تم الإبلاغ عنها في وادي السيق تكررت في المجتمعات المحلية في جميع أنحاء المنطقة منذ 7 أكتوبرالماضي.

وفي واحدة من أكثر الحوادث المروعة الأسبوع الماضي، دخل مستوطن إسرائيلي قرية فلسطينية تسمى التواني بالقرب من الخليل وأطلق النار على أحد السكان الفلسطينيين العزل في بطنه من مسافة قريبة.

بدأت الحادثة عندما هاجم مستوطنان مسلحان، برفقة جندي، منزلًا على أطراف القرية، وفقًا لثلاثة من السكان، من بينهم صاحب المنزل.

وقال مصعب رباعي (36 عاما): “جاء ثلاثة إسرائيليين إلى منزلي وكانوا مسلحين وكان أحدهم يرتدي زي الجيش، وجاء أحد المستوطنين إلى المنزل ودفعني وضربني على رأسي بالمسدس وقال لي: إنه سيطلق النار عليَّ”. (بي بي سي).

وأضاف: إن الجيران استجابوا لندائي طلبًا للمساعدة، وكان من بينهم زكريا عدرا، وهو أب لأربعة أطفال. وتظهر لقطات الفيديو التي صورها باسل، ابن عم عدرا، المستوطن الذي قيل إنه ضرب رباعي بينما الجندي الإسرائيلي يقف على مقربة من مجموعة الجيران الفلسطينيين. ثم يقترب المستوطن المسلح فجأة من عدرا ويضربه ببندقيته ويطلق النار عليه في بطنه من مسافة بضعة أقدام فقط.

هذا، ويخشى العديد من الفلسطينيين الآن أن يزداد الوضع في الضفة الغربية سوءًا، فقد أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في وقت قريب من كتابة هذه التقرير، أن الحكومة ستشتري 10 آلاف بندقية إضافية لتسليح المدنيين الإسرائيليين، بما في ذلك سكان مستوطنات الضفة الغربية، وهي خطوة تهدد بتسارع اضمحلال الخطوط الفاصلة بين المستوطنين المسلحين وأفراد الجيش في الضفة الغربية.

وفي قصرة، قال السكان: إنهم سمعوا، نبأ العشرة آلاف بندقية. وقال: “لن يغير ذلك شيئا بالنسبة لأهالي قصرة”.

وأضافوا: “لقد رأينا دائمًا البندقية في أيدي المستوطنين، هم يطلقون النار علينا منذ فترة طويلة”.

لكنَّ شيئًا ما تغير، على حد قولهم. وبدا الأمر كما لو أن المستوطنين أصبحوا أكثر عدوانية وتطرفًا. وقال الأهالي: “يتم حرق المنازل الزراعية، وقطع أشجار الزيتون، والاقتحام بالسيارات، والأراضي تُسرق”.

وتابعوا: “هذا ليس واقع قريتنا فقط، لو نظرت إلى القرية التالية والتي بعدها، سترى مشاعر الغضب والألم التي يشعر بها أبناء كل هذه القرى، لن ترى نهاية لذلك”. (بي بي سي).

أوروبا تندد بعنف المستوطنين.. هل يكفي الشجب والإدانة؟

فقد وصف الاتحاد الأوروبي أعمال العنف ضد المدنيين بإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية وتصاعده ضد الفلسطينيين، الذي أدى إلى “سقوط أعداد كبيرة جدًّا من الضحايا المدنيين، وإجبار سكان بعض التجمعات الفلسطينية على ترك منازلهم”، وأكد الاتحاد الأوروبي أن “الوضع قد يخرج في لحظة عن السيطرة، ويسبب معاناة لا توصف للمجتمعات المحلية”.

وأكد البيان الأوروبي أنه من واجب الكيان الإسرائيلي حماية المدنيين في الضفة الغربية من عنف المستوطنين المتطرفين، وضمان محاسبة الجناة، وهذا التزام قانوني يجب الوفاء به، مشيرًا إلى أن اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تأتي “بالتزامن مع الوضع المأساوي بالفعل في غزة، ما يزيد من خطر التصعيد الخطير للصراع، وهو ما يجب تجنبه بأي ثمن”. (وكالة الأنباء القطرية).

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير وفي ذات الوقت نوجه رسالة إلى مَن هم مِن بني جلدتنا، الذين يُدينون عناصر المقاومة الفلسطينية: “لطالما من يموت هو من الدم العربي أو المسلم؛ فعلينا نحن العرب فقط أن نشجب وندين لحفظ ماء الوجه”.

– إلى كل مُتصهين، أو داعم للاحتلال بقلمِه، أو مِنبره الإعلامي، أو برنامجه -كما نرى الآن-، لن يرحمكم التاريخ ودم الأطفال والنساء، سوف يلاحقكم في أحلامكم ومنامكم وعليكم أن تموتوا خجلًا.

– لو سلمنا بأن تسليح المستوطنين هو الدفاع عن أنفسهم من أبرياء عزل سلاحهم الوحيد “الحجارة”؛ فلماذا لم يتم محاسبة المعتدين الإرهابين من بني صهيون ضد الأبرياء؟ فهل هي الديمقراطية؟ ما يعني أنها قضية عقدية وليست مجرد حرب على الأرض فقط.

– إن قرار الاحتلال الصهيوني تسليح الإسرائيليين بين سن 27 إلى 50 عامًا هدفه خطير وهو التطهير العرقي؛ بل ومحاولة التغيير السكاني والديمغرافي في الضفة وتوسيع رقعة الاستيطان الوحشي.

– كما أنها محاولة بائسة لإرهاب الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم، ولكنه في ظني هدف بعيد المنال والتحقق؛ فالطفل هناك يُهدم منزله ويقف ضاحكًا مبتسمًا فى وجه عصابات وطائرات الاحتلال التي لا تعرف حقوق إنسان كما يدعون! إنها معية الله.

– من الممكن أن يكون الاحتلال انتصر شكلًا بمعداته وطائراته الأمريكية، ونجح في هدم المنازل وتجريف الأراضي، ولكنه يعلم جيدًا أنه قد هُزم واقعيًّا أمام صمود الفلسطينيين، والدليل ما يرويه الجنود والمجندات الفارين من ساحة القتال عن شجاعة وبسالة المقاومة، وهذا يكفي.

– بالرغم من قيام الاحتلال بإنشاء وحدات خاصة وفرق من المستعربين في ثلاثينيات القرن الماضي، وهي لا شك إجراءات خطيرة، خصوصًا إنه مدعوم بأحدث أجهزة التجسس والتصنت والأموال التي تستخدم للإغراء، وتهدف أيضًا إلى ملاحقة النُشطاء وعناصر المقاومة في أي مكان داخل وخارج فلسطين، ومع ذلك القضية كانت ولا تزال حية في قلوب أصحاب الضمائر من أمتنا شعوبًا، وقيادةً، وعلماء، ودعاة.

– بالأخير.. “القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة العادلة على وجه الأرض والعالم كُله يعلم ذلك بأن الحق فيها عادل ومعلوم؛ كالشمس في وضح النهار”، وأن غزة ستكون مقبرة الاحتلال وأن تسليح المستوطنين لن يزيد الاحتلال إلا خزيًا أمام العالم أجمع، والفلسطينيين إلا إصرارًا ووحدة، وهذا ما أجبر الغرب والأمريكان على التنديد بجرائم وإرهاب الاستيطان ضد الأبرياء؛ بل وقررت واشنطن فرض عقوبات على أي مسؤول يسمح لهم بقتل المدنيين ولو شكلًا.

المصادر:

القاهرة الإخبارية

شبكة راية الإعلامية

بي بي سي

وكالة الأنباء القطرية

التعليقات مغلقة.