fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

مخطط الأطماع الصهيونية… من النيل إلى الفرات

127

مخطط الأطماع الصهيونية… من النيل إلى الفرات

تتجاوز الأطماع الصهيونية حدود أراضي فلسطين التاريخية وحدود العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، ففي الأدبيات الصهيونية، تبدأ أراضي إسرائيل من نهر النيل في مصر، إلى نهر الفرات في العراق؛ في رقعه جغرافية تبلغ أكثر من مليون و300 ألف كيلومتر؛ فيمَا يعرف باسم: “دولة إسرائيل الكبرى”، ولا تخفي حكومة الكيان الصهيوني المحتل اليمينية المتطرفة أهدافها التوسعية الاستعمارية تجاه دول المنطقة.

فدوله “إسرائيل الكبرى” مخطط صهيوني قائم على عقيدة دينية، فمن يعتقد أن أطماع الكيان المحتل تشمل أراضي فلسطين فقط، وتتوقف عند ذلك؛ فلا بد من إعادة النظر؛ فالكيان الصهيوني المحتل يتغذى ويستفيد على الحروب والصراعات بالشرق الأوسط، بل ويسعى للاستثمار فيها وتأجيجها لتحقيق طموحات استعمارية طويلة الأمد.

فمَا مخطط إسرائيل الكبرى؟ وما دور الكيان المحتل وحلفائه بتأجيج صراعات الشرق الأوسط؟ وكيف يسعى الكيان المحتل إلى تفكيك دول المنطقة وتحويلها إلى دويلات متصارعة؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته، عن بعض النِّقَاط المهمة حول مخططات الكيان الصهيوني المحتل، الساعية إلى تفكيك دول المنطقة وتحويلها إلى دويلات متصارعة، ضمن إمبراطورية استعمارية إسرائيلية في الشرق الأوسط، في هذه السطور الآتية.

حكومة الكيان المحتل وسعيها نحو “إسرائيل الكبرى”:

خلال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وقف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني المحتل أمام قادة دول العالم، وتحدث بإسهاب عن حقبة جديدة من السلام في الشرق الأوسط على حدِّ تعبيره، مستخدمًا خلال حديثة خريطة لتوضيح الحِقْبَة الجديدة. (بي بي سي عربية).

والغريب: أن هذه الخريطة لم تقم أي أعتبار لوجود دولة فلسطينية، وإنما كانت خريطة الكيان المحتل شاملة جميع أراضي فلسطين التاريخية؛ إضافة إلى الجولان السوري المحتل؛ ووضعت الضفة الغربية، وقطاع غزَّة، داخل الحدود السياسية للكيان الصهيوني المحتل، وتحدث نتنياهو خلال حديثة عن الضفة والقطاع، وكأنها مناطق غير موجودة، وإذا كانت هذه الخريطة قد أثارت الكثير من الجدل إعلاميًّا، فإنها في الحقيقة لا تساوي شيئًا أمام ما يجري التخطيط له.

ففي يوليو من العام 1967م، تشكلت حركة “إسرائيل الكبرى”، وهي حركة سياسية نشأت بعد أسابيع من أستيلاء الكيان الصهيوني المحتل على قطاع غزَّة والضفة الغربية من فلسطين، وشبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا، في حرب 5 يونيو عام 1967م، ودعت الحركة حكومة الكيان المحتل إلى الاحتفاظ بالمناطق التي جرى الاستيلاء عليها، وضمها إلى الكيان المحتل وإقامة المستوطنات فيها. (المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات).

وبعد عدة سنوات اشتعلت حرب 6 من أكتوبر عام 1973م، التي نجحت مصر خلالها في استعادة شبه جزيرة سيناء، وعلى إثر الحرب اندمجت الحركة مع القائمة الوطنية والمركز المستقبل في اندماج سياسي، وأصبح لها تأثير ملحوظ في سياسة الكيان الصهيوني المحتل الخارجية تجاه دول المنطقة.

وفي العام 1981م، قام وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي “إرئيل شارون” آنذاك، بوضع دائرة المجال الحيوي للكيان المحتل أمام لجنه الدفاع والخارجية للكنيست، وشملت المنطقة التي تضم مصالح الكيان الصهيوني المحتل الإستراتيجية جميع مناطق العالم العربي المتاخمة؛ إضافة إلى إيران وتركيا وباكستان وشمال إفريقيا، في إشارة واضحة إلى خطط الكيان المحتل الاستيطانية لما بعد فلسطين.

وفي عام 1988م، قام ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، بتوجيه اتهام للكيان الصهيوني المحتل، بالتخطيط لتوسيع حدود الكيان من النيل إلى الفرات؛ وذلك بناءً على العملة التي أصدرها الكيان المحتل آنذاك، وادعى عرفات أن التصميم الجديد لعملة الكيان المحتل 10 أغورة المعدنية، تظهر خريطة “إسرائيل الكبرى”، التي تمثِّل الأهداف التوسعية الاستعمارية للصهيونية.

وخلال هذا العام 2023م، ظهر وزير المالية بحكومة الكيان المحتل “بتسلئيل سموتريتش” خلال تواجده في فرنسا، وظهرت معه خريطة “إسرائيل الكبرى”، بما فيها أجزاء من الحدود السياسية لدول لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، ويذكر أن سموتريتس نفسه يشغل منصب رئيس حزب الصهيونية الدينية.

والآن وبعد مرور أكثر من قرن على تأسيس الكيان المحتل على أراضي فلسطين، العديد من المنظمات الدولية والمؤرخين يزداد تأكيدهم على أن الكيان المحتل يعمل على تحقيق خططه الكبرى طويلة الأمد؛ فالكيان المحتل يمضي حاليًا في ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية، مع إبقاء السكان الفلسطينيين في عزلة تامة وحرمان شديد.

بداية مشروع “إسرائيل الكبرى” وخطة ينون:

لم تقتصر رؤية مؤسس الحركة الصهيونية “تيودور هرتزل” على أراضي فلسطين فقط، بل وبحسب ما جاء في الوثائق، هي دولة يهودية قومية تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات بالعراق؛ ولذلك ليس من المفاجئ أن نرى الكيان المحتل ينتزع الأراضي العربية من الفلسطينيين، ويضم الجولان وأجزاء من الضفة الغربية إلى الحدود السياسية للكيان الصهيوني المحتل ببطء.

ولم تكن فكرة “إسرائيل الكبرى” مجرد مخطط صهيوني قائم على أيديولوجية سياسية متطرفة، بل هو أكثر وأكبر من ذلك، والفكرة قديمة بقدم اليهود أنفسهم؛ فهو مشروع أصبح جزءًا لا يتجزأ من السياسة الخارجية للكيان الصهيوني المحتل والولايات المتحدة الأمريكية، التي تهدف إلى توسيع هيمنتهم الاقتصادية والعسكرية على دول المنطقة، وتفتيت المحيط الجغرافي للكيان الصهيوني المحتل، وإغراقه بالحروب الأهلية والصراعات الطائفية والعرقية، وتدمير قدراته العسكرية والاقتصادية.

تسير هذه الخِطَّة جنبًا إلى جنب مع خِطَّة ينون، وهي خطط إسرائيلية إستراتيجية طويلة الأمد لضمان التفوق الاقتصادي والعسكري للكيان المحتل إقليميًّا، وتقوم هذه المخططات على فكرة أن على الكيان المحتل أن يعيد تشكيل البيئة الجيوسياسية، من خلال تقسيم الدول العربية المحيطة به إلى دويلات أصغر وأضعف متصارعة. (فيتو).

وظهرت خِطَّة ينون أول مرة في مقال نشر في فبراير عام 1982م، للكاتب “عوديد ينون” الذي عمل سابقًا كمستشار “لآرييل شارون”، وعمل أيضًا كمسئول في وزارة الخارجية بالكيان المحتل، وتعمل الخِطَّة على مبدأين أساسيين من أجل بقاء الكيان المحتل وهي “يجب على إسرائيل أولًا أن تصبح قوة إقليمية إمبريالية كبرى في منطقة الشرق الأوسط، وثانيًا يجب أن تعمل على تقسيم المنطقة بِرُمَّتها إلى دويلات صغيرة متصارعة على أساس طائفي وعرقي ومذهبي”.

وبحسب بعض المراقبين: كان العراق التحدي الأكبر للكيان المحتل والولايات المتحدة الأمريكية، وتم تحديده باعتباره محور مخطط الكيان المحتل؛ الذي يستهدف العالم العربي، وبناءً على خِطَّة ينون، دعا الخبراء الإستراتيجيون بالكيان المحتل إلى تقسيم العراق إلى دولة كردية، ودوليتين عربيتين؛ واحدة للمسلمين السُّنة، والأخرى للشيعة. (اليوم السابع).

وكانت الخطوة الأولى نحو تحقيق ذلك الهدف، هي الحرب بين العراق وإيران التي اشتعلت في المدّة بين عامي: 1980 – 1988م، وعندما فشلت هذه الحرب في تقسيم العراق؛ تدخلت الولايات المتحدة بأسلحتها وجيوشها وحلفائها الأوروبيين، وأطاحت بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وتقترح خِطَّة ينون أيضًا: تقسيم لبنان وسوريا ومصر والأردن في المرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية سيأتي الدور أيضًا على إيران وتركيا وباكستان؛ كل ذلك بهدف ضمان الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة؛ ويستفيد الكيان المحتل من الصراعات والحروب الدائرة حاليًا في سوريا وليبيا واليمن؛ لأن هذه الصراعات تساعد الكيان المحتل على التدخل في شئون تلك الدول من جهة، وتصرف النظر عن القضية الرئيسة في المنطقة، وهي القضية الفلسطينية من جهة أخرى.

سعى الكيان الصهيوني المحتل لاستهداف الدولة المصرية:

ويواصل الكيان المحتل بذلك طموحاته نحو الهيمنة الإقليمية، بستار الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب؛ في حين يستخدم الأراضي الفلسطينية نقطة انطلاق لتحقيق المكاسب، وما يحدث في غزة مؤخرًا من تهجير قصري مخطط سلفًا، ودعوة مصر لاستقبال الفلسطيني في سيناء المصرية كخطة أولية لاحتلال كامل شبه جزيرة سيناء المصرية فيمَا بعد.

كل ذلك أعاد مخاوف الباحثين والمفكرين والمراقبين من المصريين وغيرهم من العرب، إزاء عودة مخطط “إسرائيل الكبرى”، ولم يكن قدوم حاملات الطائرات الأمريكية إلى الشرق الأوسط مجرد مصادفة، بل حَسَبَ بعض المراقبين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنتظر تحركًا عربيًّا خاصة من شبه جزيرة سيناء المصرية للتدخل واحتلال المنطقة. (بي بي سي عربية).

وهو ما يدركه عامة المصريين واستعدوا له جيدًا على المستويين الشعبي والعسكري، ففي 25 من أكتوبر الماضي؛ شهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اصطفاف تفتيش حرب الفِرْقَة الرابعة المدرعة بالجيش المصري الثالث بمدينة السويس، وقال قائد الجيش المصري الثالث اللواء أركان حرب شريف جودة “جاهزون لطي الأرض في نطاق مسؤوليتنا أو في أي مكان آخر للحفاظ على أمن مصر”.

وعلى المستوي الشعبي، فقد شهدت مصر في 20 من أكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة في العديد من ميادين البلاد، رفضًا لتهجير سكان قطاع غزَّة، ولتفويض الرئيس المصري لحماية الأمن القومي المصري.

ويدرك المصريين أن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزَّة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، هي مجرد البداية بمخطط الكيان المحتل والولايات المتحدة التوسعي، ومِن ثَمَّ سيأتي الدور على لبنان وسوريا والأردن والعراق؛ هذه البلاد التي يعاني بعضها من مشكلات اقتصادية وأمنية، وتحاول القُوَى الغربية والولايات المتحدة إضعافها ومحاصرتها، وفي حالة ما إذا تصدت باقي شعوب وحكومات المنطقة إلى هذه المخططات، فسيكون من السهل على الولايات المتحدة والكيان المحتل تنفيذ مخططاتهم.

ولا يخفي الكيان المحتل مخططاته ضد الدولة المصرية، حيث قال وزير خارجية الكيان الصهيوني المحتل سابقًا “موشيه شاريت” لرئيس وزراء الكيان المحتل “ديفيد بن غوريون”: «نحن قطرة في محيط من الكراهيَة، ولا بد من تدمير مصر، سوريا، العراق، بتحويلها إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا، بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر»، وافقه بن غوريون، وتحفظ على مصر بقوله: «إنهم مسلمون ومسيحيون، ولكنهم شعب واحد حتى الآن!». نجحوا في تدمير العراق، سوريا، ليبيَا، اليمن، ولا تزال المساعي الصهيونية والأمريكية والمحاولات المتكررة لإلحاق الضرر بالدولة المصرية. (المصري اليوم).

وبحسب بعض المصادر يسعى الكيان المحتل إلى تقسيم مصر إلى 4 كيانات منفصلة كالتالي: شمال الدلتا دويلة مسيحية عاصمتها الإسكندرية، جَنُوب الدلتا حتى أسيوط، دويلة إسلامية عاصمتها القاهرة، شرق الدلتا مع سيناء دويلة فلسطينية تحت الإدارة الإسرائيلية، من جَنُوب أسيوط حتى شمال السودان، دويلة نوبية عاصمتها أسوان! (المصري اليوم).

تدخل الكيان الصهيوني المحتل في الأزمة السورية:

على مدى أعوام عدة، ومنذ أن تحولت سوريا إلى ساحة للحرب بالوكالة بين أطراف إقليمية، وأطراف دولية ظل الكيان المحتل على مسافة بعيدة من هذا الصراع وإن استغله في بعض الفترات لتحقيق بعض الأهداف المحددة، وقد تمثلت هذه الأهداف في الضغط من أجل تجريد سوريا من أسلحتها الكيماوية وتوجيه ضربات جوية لطرق إمداد حزب الله بالسلاح داخل سوريا، وتصفية بعض المطلوبين لديها من المتحالفين مع حزب الله أو رجاله (اغتيال جهاد مغنية ومن بعده سمير القنطار).

كما عمل الكيان المحتل على توريط حزب الله بشكل أكبر في الحرب إلى حد تقديم مساعدات لبعض التنظيمات الأصولية التي تقاتله، فقد نشر موقع عرب إسرائيل بتاريخ 11 نوفمبر 2014 تصريحًا للمتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قال فيه: إن الجيش دأب منذ سنتين على تقديم المساعدات الإنسانية للجرحى الذين يفرون من القتال في سوريا.

واتهمت الطائفة الدرزية في الكيان المحتل في ردها على التصريح السابق، وفي نفس اليوم بأن هذه المساعدات تشمل أيضًا مقاتلي داعش والنصرة؛ بهدف استنزاف حزب الله وإبعاده عن التركيز على جبهة المواجهة معها في الحدود اللبنانية. (مركز الأهرام للدراسات السياسية).

وحقق الكيان المحتل على مدى هذه السنوات معظم أهدافه السابقة، وإن بقي الهدف الأهم، وهو: الحصول على اعتراف دولي بتبعية هضبة الجولان التي ضمها لأراضيه رسميًّا عام 1980 بالرغْم كونها أراضي سورية محتلة بحكم القانون الدولي محل شك؛ إذ سيتوقف مصير الجولان إلى حد كبير على التسوية النهائية للحرب الجارية هناك، وشكل الدولة السورية بعدها: سوريا تحت حكم مركزي أم سوريا فيدرالية، أم دويلات طائفية وعرقية، ومناطق فوضى غير مسيطر عليها من أية دولة؟!

الكيان المحتل وصراعات ليبيَا والسودان:

يحاول الكيان الصهيوني المحتل التدخل في الشأن الليبي؛ لتحقيق بعض المكاسب ضمن مخططة لتقسيم المنطقة؛ حيث تسربت معلومات إلى الصحف الإسرائيلية الناطقة بالعبرية، والإنجليزية، والعربية حول اجتماع سري جرى بين وزير الخارجية الإسرائيلي “ايلي كوهين”، ونظيرته الليبية في حكومة الدبيبة (غرب ليبيا)، تحت رعاية إيطالية؛ مما تسبب في احتقان شعبي عارم بين الليبيين، وهو ما دفع الدبيبة إلى إقالة الوزيرة وفتح تحقيق عام، وحظر التطبيع مع الكيان المحتل في محاولة منه لتهدئة الرأي العام.

ويرى الكيان المحتل في ليبيا رقمًا مهمًّا في معادلات منطقة شرق المتوسط، وبالتحديد على الصعيد الاقتصادي المتعلق بملف الطاقة، فبعد أن أعلن الكيان الصهيوني المحتل، وقبرص، واليونان، والولايات المتحدة عن تدشين مشروع خط أنابيب الغاز “الايست ميد”، سرعان ما اندفعت تركيا – في محاولة منها لمنع مشروعات إقصائية ضدها -، واستغلت حالة عدم الاستقرار السياسي في ليبيَا إلى حد توقيع اتفاقيتين لهما أهمية إستراتيجية طويلة المدى مع حكومة طرابلس في الغرب، وذلك في نوفمبر عام 2019م، وهما: ترسيم الحدود الاقتصادية البحرية بين البلدين، واتفاقية تعاون عسكري. وأتاحت هاتان الاتفاقيتان لتركيا ترسيخ وجودها عسكريًّا في ليبيا، وتطوير احتياطيات الغاز والنفط في المياه الاقتصادية، وتوسيع نفوذها إلى إفريقيا وأوروبا، من خلال موطئ قدم أنشأته في الساحة الليبية غير المستقرة.

ويسعى الكيان المحتل هو الآخر إلى الدخول على الخط، واستقطاب إحدى أطراف النزاع الليبي؛ للتأسيس لنفوذ صهيوني في ليبيا، وتأجيج الصراع بين الليبيين ضمن مخططاته الساعية إلى تفتيت المنطقة.

وفي ملف السودان، زار “إيلي كوهين” وزير خارجية الكيان المحتل، رئيس المجلس السيادي “عبد الفتاح البرهان”، في حين كان الموساد يرتب علاقات سرية مع قائد قوات الدعم السريع “حميدتي”، وهو ما يظهر أن الكيان المحتل قد دخل على خط الأزمة السودانية؛ لتأجيج الصراع، وتحقيق المكاسب، وتفتيت السودان، وإطالة أمد الصراع بين السودانيين.

الكيان المحتل والصراع اليمني:

يكمن اهتمام الدول والكيانات فيمَا يجري باليمن من منطلقات جيواستراتيجية، نابعة من موقعها الإستراتيجي على أهم الممرات البحرية، وهو مضيق باب المندب، والكيان المحتل بصفته قوة احتلال من أكثر الدول اهتمامًا ومتابعة للمشهد اليمني، وذلك لعده اعتبارات، أبرزها: أن 90% من واردات وصادرات الكيان المحتل تمر عبر البحر، و12% منها تمرّ في مضيق باب المندب.

بالإضافة إلى أن اليمن يمثِّل عمقًا إستراتيجيًّا للمملكة العربية السُّعُودية والعين الصهيونية على التطبيع مع المملكة تفوق أي دولة عربية أخرى؛ نظرًا لمكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية، ويرى بعض المراقبين أن الصراع في اليمن بين الحوثيين المدعومين إيرانيًّا والحكومة المدعومة من التحالف العربي سيصنع انقسامًا بين المحاور في المنطقة؛ هذا الانقسام والشرخ في جسد الأمة العربية والإسلامية سينعكس سلبًا على مصالح الشعب الفلسطيني وإيجابًا على مصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ولذلك يسعى الكيان المحتل إلى إطالة أمد الصراع بين اليمنيين ومراقبة ما يستجد في اليمن لتحقيق مكاسب ضمن مشروع ينون و”إسرائيل الكبرى”.

الخلاصة:

– يقوم مخطط “إسرائيل الكبرى” على تغيير البيئة الجيوسياسية المحيطة بالكيان الصهيوني المحتل، وتحويل دول منطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي وشمال إفريقيا إلى دويلات صغيرة متصارعة على أساس طائفي وعرقي ومذهبي، وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المحتل إلى تطبيق مخططاتهم على أرض الواقع، لضمان الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على المنطقة، وصرف النظر عن مشكلة الشرق الأوسط الحقيقة، المتمثلة بالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين وسوريا.

– إن أطماع الكيان الصهيوني المحتل لا تتوقف عند حدود الأراضي الفلسطينية، بل تتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك؛ ففي أدبيات اليهود تعد “إسرائيل” دوله كبرى تبدأ من نهر النيل بمصر وتمتد إلى نهر الفرات بالعراق، وهذه الأطماع لا تخفيها حكومات الكيان المحتل المتعاقبة، بل تجهر بها إعلاميًّا، وعلى لسان مسئولين بالكيان المحتل، وفي الأمم المتحدة.

– في سبيل تحقيق مشروع الكيان الصهيوني المحتل الخبيث، يسعى الكيان المحتل إلى توسيع حدوده السياسية بضم الأراضي العربية في الجولان السوري المحتل والضفة الغربية؛ وما يجرى الآن على الأرض في قطاع غزَّة من اجتياح بري وقصف عشوائي هو محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزَّة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وضم القطاع إلى الكيان المحتل، تمهيدًا لتوسيع حدود الكيان المحتل إلى سيناء فيمَا بعد.

– يدرك المصريون خطورة مخططات الكيان المحتل والولايات المتحدة الساعية إلى تقسيم مصر وتفتيتها، وقد استعد المصريون لمواجهة هذه المخططات بالحشد الجماهيري في جميع ميادين البلاد في أكتوبر الماضي؛ إضافة إلى الرفض القاطع والصريح لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، وفرض واقع جديد على المنطقة.

– يستثمر الكيان المحتل والولايات المتحدة في مشكلات وأزمات المنطقة الأمنية والاقتصادية، عبر التدخل في الشأن السوري والليبي والسوداني واليمني؛ لتأجيج الصراعات وإطالة أمدها، لضمان تفتت الدول العربية وتخلفها عن التطور العالمي، ولتأكيد الهيمنة الغربية على المنطقة.

المصادر:

المصري اليوم

مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

بي بي سي عربية

المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية

بوابة فيتو

اليوم السابع

التعليقات مغلقة.