fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الصهيونية وتأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط

110

الصهيونية وتأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط

مع بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر الماضي؛ شاهدنا دعمًا عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا كبيرًا وغير محدود، من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني المحتل، وعلى الرغم من التظاهرات التي انتشرت في بعض الولايات الأمريكية، التي تطالب بوقف إطلاق النار وإيقاف الدعم الأمريكي للكيان المحتل؛ إلا أن الدعم الأمريكي لم يتوقف، بل ازداد أكثر وأكثر؛ وهو ما أثار عدة تساؤلات، عن مدى قوة وتأثير جماعات الضغط واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية على القرار السياسي الأمريكي.

فمَا جماعات الضغط وكيف نشأت؟ وما آليات عمل جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟ وما قدرات وأركان جماعات الضغط الصهيونية التي تعمل على رسم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وتغيير القرارات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته، عن بعض النِّقَاط المهمة حول؛ جماعات الضغط واللوبيات في الولايات المتحدة والعالم وتأثيرها على القرار والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، في هذه السطور الآتية.

جماعات الضغط (اللوبيات) ونشأتها وتطورها داخل الدول الغربية:

أصل جماعات الضغط يعود إلى القرن الثامن عشر، وتحديدًا في المملكة المتحدة؛ فقد عرف حينها رجالًا كثر، يتنقلون في مسارح لندن للتقرب من أي سياسي بريطاني قوي في الدولة موجود حينها؛ وذلك بهدف دفع رشوة مالية لهم، أو تقديم معلومات ونصائح، وقد عرفوا حينها باسم رجال الضغط، ولكن الظهور الحقيقي لجماعات اللوبي المنظمة، كان في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبالتحديد في فندق “ويلارد إنتركونتيننتال” القريب للغاية من البيت الأبيض، ففي أواسط القرن التاسع عشر، كان الرئيس الأمريكي “يوليسيس جرانت” يتجه يوميًّا إلى هذا الفندق، للراحة وتناول الفطور؛ وهو ما دفع الكثير ممن لهم مصالح، في التقرب من رجل البيت الأبيض إلى دخول الفندق وانتظار الرئيس الأمريكي أو أحد مساعديه في الرواق. (مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات).

حاملين معهم الكثير من الطلبات والعروض، وبات الرجال المتوقفون في رواق الفندق يزدادون عامًا بعد عام؛ حتى تحولوا لشركات منظمة تمارس الضغط على الكونغرس الأمريكي وحتى الرئيس الأمريكي نفسه؛ وذلك مقابل مبلغ مالي محدد، ومن ثم تم تمرير قانون في الدستور الأمريكي، يسمح لتلك الشركات بالعامل بشكل قانوني، تحت اسم: “الوسطاء” أو المستشارين، ما حول عملهم الخفي إلى قانوني.

كيف تعمل جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟

تعد جماعة الضغط في الولايات المتحدة الأمريكية جزءًا من آلية عمل النظام السياسي الأمريكي، وتستوجب عملية فهم النظام السياسي الأمريكي، الرجوع إلى الدستور الأمريكي للتعرف على آلية عمل النظام السياسي ومؤسساته الفاعلة في الحكم، ونوعية وحجم الصلاحيات والسلطات المتاحة، وفقًا للدستور الأمريكي، لتلك المؤسسات.

إضافة إلى تناول المواد التي منحت حماية دستورية لعمل المؤسسات غير الرسمية، مثل جماعات الضغط؛ فالسياسة الأمريكية لا يرسمها أفراد، وإنما هنالك مؤسسات، رسمية وغير رسمية، تتفاعل مع عوامل داخلية وخارجية مستمرة في التغيير؛ حيث امتاز الدستور الأمريكي بعدة خصائص، أهمها: آلية الفصل بين السلطات والنظام الفيدرالي، فقد سهلت هذه الخصائص من عمل جماعات المصالح في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكين بعضها من الضغط على صناع القرار السياسي الأمريكي لتحقيق اهدافها.

وتلعب جماعات الضغط دورًا فاعلًا في صنع السياسة العامة للولايات المتحدة، وعبر جميع مراحلها بدءًا من مرحلة إثارة اهتمام الحكومة بالمشكلة ووصولًا إلى تقييم القرار، مستخدمة العديد من الوسائل المباشرة وغير المباشرة لتحقيق تلك الأهداف.

فبمجرد عرض قضية ما على إحدى مؤسسات الضغط الأمريكي ودفع المبلغ المطلوب؛ تبدأ هذه المؤسسات واللوبيات وجماعات الضغط عملها بطرق عدة، حيث تملك نفوذًا لدي رجال الأعمال، وفي وسائل الإعلام أيضًا وحتى عصابات الجريمة المنظمة، ولعل أشهر الإستراتيجيات التي تتبعها تلك الشركات، هي الحملات الإعلامية المنظمة؛ التي تدعمها بإحصاءات ودراسات بحثية، ووثائق رسمية، تخرج عن بعض مراكز الأبحاث والدراسات الأمريكية، التي تصنف ضمن المراكز الحيادية. (الموسوعة السياسية).

وهو ما يؤدي إلى تغيير الرأي العام اتجاه قضية ما، ويرسم صورة قد تكون مغايرة للواقع في بعض الأوقات؛ كالذي حدث في 7 من أكتوبر الماضي خلال عملية طوفان الأقصى، عندما تم اتهام جنود وفصائل المقاومة الفلسطينية باتهامات زائفة، والترويج لها في الإعلام الغربي.

كما تعمل اللوبيات أيضًا على الضغط بشكل مباشر على السياسيين، وذلك عبر وسطاء أو مستشارين، يعملون معهم؛ وكل ذلك يؤدي إلى صرف أموال أكثر، كما تلعب تلك الشركات والمؤسسات دورًا في الانتخابات الأمريكية بشكل مباشر؛ فقبل أي انتخابات للرئاسة، أو الكونغرس، تنقسم تلك الشركات، والمؤسسات إلى تأييد جهات عدة، وتطلق حملتها الإعلامية؛ لدعم مرشحين معينين، خصوصًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وغالبًا ما تنجح الشركات الكبرى بحشد الدعم أكثر من البقية؛ وذلك بسبب الخبرة الطويلة، والنفوذ الواسع، لاسيما داخل وسائل الإعلام الأمريكية، وقد يتساءل البعض عن سبب ترك هذه الشركات والمؤسسات تعمل، وتُغيير السياسة الأمريكية، والآليات القانونية التي تستند عليها في عملها.

وهنا وبالرجوع إلى الدستور الأمريكي، ووفقًا للتعديل الأول للدستور الأمريكي، الذي تضمن وثيقة الحقوق عام 1971م، تم إصدار مادة تنص على حق المواطنين في مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف، وتحت هذه المادة من التعديل، تعمل اللوبيات وجماعات الضغط بالولايات المتحدة، وهو ما يجعل عملها قانونيًّا دون أي مشكلة. (جامعة النهرين).

اقتصاد جماعات الضغط وانتشارها عالميًّا:

اللوبيات وجماعات الضغط، لا توجد في الولايات المتحدة الأمريكية فقط؛ بل تتوزع في مختلف دول العالم، وخصوصًا الدول الأوروبية والكبرى؛ ففي المملكة المتحدة -على سبيل المثال- توصف شركات ومؤسسات اللوبيات وجماعات الضغط، بالأكثر نشاطًا في لندن، وأكثرها تحريكًا للمال سنويًّا.

كما أن جماعات الضغط واللوبيات لا تعمل في السياسة فقط، مع أن ظاهرة اللوبيات كلها جاءت لتحقيق أهداف سياسية؛ إلا أن اليوم بات هناك جماعات ضغط لمختلف الأعمال والنشاطات: كالاقتصاد، والأدوية، والأعمال وحتى شركات التكنولوجيا، وفي بعض الأحيان تتحد جميع اللوبيات ومؤسسات وجماعات الضغط، لتحقيق هدف واحد، وهو: الحصول على قرار معين.

وفي السنوات الأخيرة تحول عمل اللوبيات إلى صناعة رائجة، تتجه إليها العديد من شركات المحاماة، والاستشارات القانونية؛ الساعية لتحقيق أهداف صعبة وسريعة، ما حولها من ظاهرة تعتمد على النفوذ والتحكم إلى صناعة تتم عبر المال وبطريقة أسهل.

ووفق بيانات مركز السياسات المستجيبة، ففي العام 2020م أنفق على شركات ومؤسسات جماعات الضغط وحدها، ما يفوق 3.5 مليار دولار؛ وكلها بهدف التأثير على القرار السياسي الأمريكي، ودفعت تلك الأموال من مختلف القطاعات والمجالات؛ ثم إن أغلبها أتت من إنفاق الشركات الأمريكية الداخلية العاملة بالسوق الأمريكي.

فقطاع الصحة الأمريكي لوحدة، قد أنفق 615 مليون دولار لجماعات الضغط واللوبيات، بهدف التدخل أو تغيير قرارات الحكومة الأمريكية، وقد احتل صدارة ذلك الترتيب في ظل جائحة كورونا من العام 2020م؛ وأتى القطاع المالي والمصرفي الأمريكي في المرتبة الثانية، 539 مليون دولار؛ أما ثالثًا فأتي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، 436 مليون دولار؛ وهذه المبالغ المالية توضح حجم الأرباح الهائلة لتلك القطاعات، ودوليًّا دفعت روسيا لوحدها؛ 41 مليون دولار لمؤسسات ولوبيات الولايات المتحدة، كما دفعت قطر 34 مليون دولار. (عربي بوست).

مصالح دول الشرق الأوسط وجماعات الضغط بالولايات المتحدة:

تحتل منطقة الشرق الأوسط أهمية إستراتيجية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية؛ نظرًا لموارد النفط والموقع المهم؛ بالإضافة إلى وجود الكيان الصهيوني المحتل الحليف الرئيس والأهم للولايات المتحدة في تلك المنطقة.

وهذا ما جعل دول منطقة الشرق الأوسط تسعى للحصول على دعم أمريكي في القضايا التي تلامس مصالحها، مثل: صفقات الأسلحة والنفط والقيود التجارية والحرب على الإرهاب، وغيرها من القضايا.

وفي هذا الصدد تعتمد بعض دول منطقة الشرق الأوسط على نخبة من أعضاء الكونجرس السابقين، والدبلوماسيين السابقين ووسطاء السلطة العاملين في شركات العلاقات العامة الضاغطة بهدف التأثير في القرار التشريعي الأمريكي، كقطر وتركيا -على سبيل المثال-.

ويعد الكيان الصهيوني المحتل أهم لوبي ضاغط على القرار السياسي الأمريكي، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل على المستوى الدولي أيضًا؛ إذ بدأ بممارسة نفوذه في الضغط والتأثير منذ ما يزيد على مائة عام؛ يليه بذلك التأثير لوبي دول الخليج بمباشرة نشاطهما في فترات متقاربة في فترة الثمانينيات والتسعينيات، ويتبعه بعد ذلك تأثير اللوبي التركي، الذي بدأ نشاطه في تسعينيات القرن الماضي.

أركان جماعات الضغط واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة:

ويُعتبر لوبي الكيان المحتل من أكثر جماعات الضغط الأجنبية تنظيمًا على المستوى السياسي والإعلامي والمالي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ويتألف معظم اللوبي الصهيوني من يهود أمريكيين ملتزمين بالدفاع عن الكيان الصهيوني المحتل وضمان مصالحة، والضغط من أجل تبني الولايات المتحدة سياسة تحمي مصالحه من حيث الوجود والأمن؛ ولا يقتصر تأثير اللوبي على السياسة الخارجية الأمريكية، ولكنه يمتد ليتفاعل مع شريحة واسعة من القضايا الأمريكية الداخلية.

وتنظيم جماعات الضغط واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية شديد التعقيد، حيث قد بني على عدة أركان، من بينها: ثروة العائلات اليهودية الهائلة.

وفي أدبيات اليهود، تعتبر فلسطين أرض الميعاد بالنسبة لهم، وعبر التاريخ سعى اليهود لاحتلالها بداية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وبعد نجاحهم في تحقيق هذا الهدف يسعى اليهود وكيانهم الصهيوني المحتل إلى ضمان مصالحهم ومصالح الكيان المحتل، معتمدين بذلك على ثرواتهم ومواردهم المالية الهائلة.

وتقوم السياسة الصهيوني على عدة أركان، هي الكيان الصهيوني المحتل، وجماعات الضغط الصهيونية بالولايات المتحدة؛ بالإضافة إلى نادي أثرياء اليهود وشركاتهم، وهي أركان لا يمكن الفصل بينها، فكل واحد منها يعزز وجود الآخر، فجماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة، مهمتها تأمين الدعم للكيان المحتل، وكذلك أثرياء اليهود؛ وبالمقابل يوفر الكيان المحتل لهم قوة حاضنة لمشاريعهم؛ فالكيان المحتل أشبه بثكنة عسكرية وشركة اقتصادية كبرى، ولكي نوضح للقارئ طبيعة العَلاقة بين هذه الأركان لا بد من تفصيلها لتقدير حجم قوتها.

نادي أثرياء اليهود في العالم:

لا ينكر أحد حجم وقوة الولايات المتحدة في العالم، فهي قوة عسكرية واقتصادية وسياسية في العالم أجمع، وذلك من خلال شركاتها ومعاملاتها وإنتاجها الاقتصادي الضخم؛ بالإضافة إلى جيشها المنتشر في العالم كله عبر قواعدها العسكرية المنتشرة في كل مكان؛ حتى في ظل تصاعد نفوذ روسيا والصين لا تزال الولايات المتحدة هي القُوَى العظمي.

وكما يقال في السياسة: مَن يحكم أمريكا يحكم العالم؛ وهنا يبرز دور جماعات الضغط واللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة، الذي يضم يهود أمريكا؛ بالإضافة إلى المتعاطفين معهم من الثقافات الأخرى، ويضم اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة أكثر من 34 منظمة يهودية وأشهرها على الإطلاق: منظمة “أيباك” التي قال عنها “إيهود أولمرت” رئيس حكومة الكيان المحتل سابقًا: “نحمد الله أن لدينا أيباك، أعظم مؤيد وصديق عندنا في العالم بأسره”، وهي اختصار للجنة الشئون العامة الأمريكية الصهيونية.

ويضاف إلى هذه المنظمات: الشركات الكبرى التي لها تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي، التي يمتلكها اليهود أو يستثمرون فيها المليارات من خلال الأسهم والسندات؛ ما يمنحهم حضورًا وتأثيرًا على الشركات والمؤسسات الأمريكية.

فبحسب بعض الدراسات: قرابة 80% من المديرين التنفيذيين في الشركات وأصحاب المناصب الكبرى في المؤسسات داخل الولايات المتحدة هم من اليهود، أو من المقربين من اليهود؛ ثم إن 21% من العائلات الثرية في الولايات المتحدة الأمريكية من اليهود؛ و 18% من هذه الأسر أبناؤها أعضاء في نادي مليونيرات العالم، وكون الولايات المتحدة من الدول التي تتركز ثرواتها في أيدي 10% فقط من سكانها، فإن اليهود هم نصف هؤلاء 10% ويبلغ عدد المليونيرات في أمريكا وحدها من اليهود قرابة 3 مليون يهودي، وهم يشكلون نصف أغنياء اليهود حول العالم، ولا أرقام دقيقة عن حجم ثروة اليهود، ولكنها حَسَبَ بعض التقديرات تناهز 10 تريليون دولار، وهذا الرَّقَم يساوي 3 أضعاف ميزانية الدول العربية مجتمعة. (صحيفة الراكوبة).

أما عن الوظائف التي يعملون بها والقطاعات التي يستثمرون فيها، فهناك 41% يعملون في القطاع التكنولوجي والفني، و13% يعملون في قطاع إدارة الأعمال والمشاريع، و7% يعملون في التجارة وقطاع المصارف؛ أما عن حجم تأثيرهم في الولايات المتحدة فهو يتلخص في الفكرة التي تقول: إن جماعات الضغط الصهيونية تتحكم في القرار السياسي للولايات المتحدة الأمريكية؛ فاللوبي الصهيوني يمتد نفوذه إلى المؤسسات الحكومية الرسمية في الولايات المتحدة، مثل :الكونغرس والبيت الأبيض، والتأثير على سياسة الولايات المتحدة الخارجية وعلاقاتها بباقي دول العالم. (اليوم السابع).

وكان لجماعات الضغط الصهيوني في الولايات المتحدة دور، في خوض الولايات المتحدة عدة حروب في العراق وليبيَا في السنوات الأخيرة، وبالرغم من أن الولايات المتحدة هي مركز أثرياء اليهود؛ إلا أن هذا لا يعني أن بقية اليهود في العالم ليسوا من الأثرياء.

فالثراء بالنسبة لليهود هو عبارة عن ثقافة، فنحو 65 يهودي حول العالم يستثمرون فيمَا نسبته 10% من ثروات العالم أجمع، وهم على قائمة الأثرياء في أمريكا وروسيا وأوروبا وكندا؛ واللافت للنظر أنهم يمتلكون استثمارات وأسهمًا ضخمة في العديد من المؤسسات في قطاعات مختلفة في العالم، أهمها ما يعرف باقتصاد المعرفة والتكنولوجيا الرقمية.

كشركات محرك البحث جوجل وفيسبوك وتويتر، وغيرها؛ كما لهم الذراع الأطول في عالم المصارف والمال؛ بالإضافة إلى سطوة اليهود في أسواق الطاقة، وبالتأكيد نفوذهم في عالم الفن والأعمال، ففي عالم الصِّحافة والإعلام والسينما، يمتلك اليهود أو يساهمون في إدارة محطات تلفزيونية شهيرة وعالمية كمحطات: (FOX NEWS/ CBC NEWS/ CNN) وغالبية إنتاج شركات الأفلام في هوليوود وصحف الواشنطن بوست والنيويورك تايمز، وتمتد سطوتهم إلى (BBC) البريطانية، ووكالة الأنباء الفرنسية. (اليوم السابع).

منظمة “أيباك” الصهيونية:

عند الحديث عن لوبي الكيان المحتل لا يمكن إغفال منظمة “إيباك”، أو كما تسمى اللجنة الإسرائيلية الأمريكية للشؤون العامة؛ بوصفها أكبر منظمة مؤثرة في القرار الأمريكي السياسي والعسكري لحماية مصالح الكيان الصهيوني المحتل في المنطقة العربية.

وتعد منظمة “أيباك” من أهم جماعات الضغط المؤثرة في القرار الداخلي بواشنطن بعد الرابطة الأمريكية للمتقاعدين (AARP)، وأكثرها نفوذًا في صناعة القرار الأمريكي العام مقارنة بجماعات الضغط في شركات النفط والتسلُّح والغذاء، أو مقارنة بالإعلام والكنائس وبيوت الخبرة والبنوك والمحاماة وغيرها، متغلبة بذلك على كثير من جماعات الضغط الأمريكية الأخرى كالاتحاد الوطني للسلاح، واتحاد العمل الأمريكي، ومجلس المنظمات الصناعية.

أُسست “أيباك” في ستينيات القرن الماضي، وسعت منذ تأسيسها إلى لم شمل اليهود في الولايات المتحدة وتوحيد جهودهم للدفاع عن الكيان الصهيوني المحتل والعمل لمصلحته، وذلك من خلال استثمار المال والاقتصاد ودعم نادي أثرياء اليهود حول العالم في التأثير في المراكز العليا لصناع القرار الأمريكي، واستقطاب تضامن كبار المسؤولين الأمريكيين من نواب ووزراء ومستشارين، وغيرهم.

وتضم أيباك حوالي “4500 من كبار الشخصيات اليهودية في المجتمع الأمريكي، ويشارك في عضويتها أكثر من 50 ألف عضو يتبرع كل منهم على نحو سنوي منتظم بمبالغ من 25 دولارًا إلى 5000 دولار. ولم تتشكل هذه الأعداد بين ليلة وضُحاها، بل كانت نتيجة عمل مستمر ومتسلسل في الانتقال بين خطوط الضغط والتأثير إلى أن أصبح لوبي الكيان الصهيوني المحتل جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في تشكيلة الجماعات الضاغطة في الولايات المتحدة الأمريكية. (مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات).

فمنظمة “إيباك” وباقي منظمات وشركات الضغط الصهيونية بالولايات المتحدة، إلى جانب نادي أثرياء اليهود حول العالم؛ تشكل جميعها سلاح الكيان الصهيوني المحتل الاقتصادي والسياسي والإعلامي؛ للضغط على الولايات المتحدة والدول العظمي لتحقيق مصالح وأهداف الكيان المحتل واليهود.

أبرز القضايا الدولية التي تدخل فيها اللوبي الصهيوني:

إن جماعات الضغط واللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة الأمريكية، لها تأثير سلبي على مصالح الولايات المتحدة؛ فانحياز الولايات المتحدة التام للكيان المحتل فيمَا يتعلق بالقضية الفلسطينية، قد أضعف صورة الولايات المتحدة كدولة ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان وحق تقرير المصير للشعوب أمام دول وشعوب العالم العربي والإسلامي، وهو ما زاد من دعم المقاومة الفلسطينية وتأييدها عربيًّا وإسلاميًّا ضد الكيان المحتل، وأفقد الولايات المتحدة مصداقيتها كدوله ساعية إلى السلام في الشرق الأوسط.

إضافة إلى ذلك الدعم الهائل الذي حصل عليه الكيان المحتل من الولايات المتحدة بعد معركة طوفان الأقصى في 7 من أكتوبر الماضي، حيث حركت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة حامله الطائرات جيرالد فورد إلى الشرق الأوسط لدعم الكيان المحتل؛ بالإضافة إلى جولات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن السياسية لعدة دول لإظهار الدعم الأمريكي الكامل للكيان المحتل.

وفيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط كغزو العراق مثلًا، يرى العديد من المراقبين والسياسيين الأمريكيون: أن ذلك الغزو كان من أكبر الأخطاء الفادحة في التاريخ الأمريكي بشكل جلي.

ويرى جون ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة: أن الكيان المحتل واللوبي الصهيوني كانا المحرضين والفاعلين الرئيسين في سوق الولايات المتحدة لهذا الخطأ الفادح، واشترك في ذلك كل من الحكومة مع الغالبية الشعبية في “الكيان المحتل”، وعلى رأسهم رئيس الوزراء آنذاك شارون، ورؤساء وزراء سابقين كايهود باراك ونتنياهو، الذين كانوا يدفعون بقوة وشدة للحرب ضد العراق إلى درجة أن اللوبي الموالي للكيان المحتل نصح بالتقليل من شدة اندفاعهم لكيلا يظهر الأمر على أنه حرب “إسرائيلية” ضد العراق. (مركز الحُوَار السوري).

كما أشار ميرشايمر إلى تصريح للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في العام 2006، الذي قال فيه: “إن كل السياسيين الإسرائيليين” الذين يعرفهم كانوا يفضلون الحرب على العراق بغض النظر عن امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، مشيرًا إلى أن استطلاعات الرأي الشعبية داخل “الكيان المحتل” أشارت إلى نسبة 77.5% مؤيدة للحرب ضد العراق، وقد أجريت الاستطلاعات قبل شهر من الحرب.

الخلاصة:

– يعود نشأة جماعات الضغط واللوبيات إلى القرن الثامن عشر بالمملكة المتحدة، وبدأت بجماعات لها مصالح تتقرب من السياسيين والمسئولين بالمملكة المتحدة؛ ولكن أخذت هذه الجماعات شكلها كمنظمات ومؤسسات رسمية في الولايات المتحدة الأمريكية، مستغلين ثغرات قانونية بالدستور الأمريكي؛ لممارسة أعمالهم ونشاطاتهم وممارسة نفوذ وضغط على الساسة وصانعي القرار الأمريكي.

– تمارس جماعات الضغط واللوبيات أعمالها من خلال تأثيرها على الشركات والمؤسسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول، وتعتمد بشكل رئيس على التلاعب في تقارير مراكز الأبحاث، ووسائل الإعلام؛ للتأثير في الرأي العام وقلب الحقائق وبناء صورة مغايرة للواقع.

– إن دور جماعات الضغط واللوبيات غير مقتصر على السياسة فقط؛ فهناك جماعات ضغط في قطاعات مختلفة، كالاقتصاد، والأدوية، وشركات الأعمال، وغيرها؛ التي تمارس نفوذًا هي الأخري لتحقيق مصالح وأهداف مختلفة، فمؤسسات وجماعات اللوبيات تحرك المليارات سنويًّا، وهو ما يظهر بوضوح نجاح جماعات ومؤسسات الضغط واللوبيات في الدول الغربية.

– تتعاون العديد من دول العالم والشركات وقطاعات الأعمال مع جماعات الضغط واللوبيات بالولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك يرجع إلى قوة تأثير جماعات الضغط في السياسة الأمريكية، إذ أنفقت دولًا كثيرة ملايين الدولارات لجماعات الضغط بالولايات المتحدة؛ أبرزهم: روسيا وقطر وتركيا ودول الخليج العربي، وغيرهم.

– يملك الكيان الصهيوني المحتل، منظمات ضغط ولوبيات تتكون من عدة أركان؛ أبرزها نادي أثرياء اليهود، ومنظمة “أيباك”، التي يمارس من خلالها الكيان المحتل نفوذًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وكندا، وأوروبا، ومختلف دول العالم.

-لعبت جماعات الضغط واللوبيات الصهيونية دورًا رئيسيًّا في رسم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه دول منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي؛ فكان للوبي الصهيوني دور كبير في الحرب ضد العراق عام 2003م؛ إضافة إلى تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيَا عام 2011م.

وأخيرًا: الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي الأمريكي الهائل للكيان المحتل في ظل معركة طوفان الأقصى؛ فكل هذا التحرك الأمريكي مدفوعًا بتأثير اللوبيات وجماعات الضغط الصهيونية بالولايات المتحدة.

المصادر:

مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات.

الموسوعة السياسية.

جامعة النهرين.

عربي بوست.

صحيفة الراكوبة.

اليوم السابع.

مركز الحوار السوري.

التعليقات مغلقة.