fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

اعتماد الجنيه المصري بالمركزي الروسي… الفوائد والمميزات ومستقبل الطلب على الدولار

249

اعتماد الجنيه المصري بالمركزي الروسي… الفوائد والمميزات ومستقبل الطلب على الدولار

تعد مصر ضمن الدول التي تضرَّرت إزاء الأحداث الدولية والإقليمية؛ لا سيما نتيجة وباء كورونا والتغيُّر المناخي من جهة، والحرب الروسية الأوكرانية من جهة أخرى؛ إذ تسارعت وتيرة تراجع الجنيه المصري أمام الدولار في الآونة الأخيرة، وسط ضغوط مستمرة نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات؛ ذلك أن انخفاض الجنيه يأتي ضمن محاولات مصر التوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، كما أن أزمة تعطل سلاسل الإمداد تسببت في أزمة ثلاثية الأبعاد -كأزمة الغذاء، والطاقة والاقتصاد، عانت منها أغلب الاقتصادات وخاصة الأسواق الناشئة.

تقليل الاعتماد على الاحتياجات الدولارية:

من المتوقع أن تؤدي تسوية جانب من المعاملات التجارية بالعملة المحلية بين القاهرة وموسكو إلى تخفيف الطلب على العملات الأجنبية -أي: الدولار- بالنسبة للدولتين: مصر وروسيا، كما يسهم ذلك في سرعة تدفق التجارة بين البلدين؛ دون الحاجة للاعتماد على عملات أجنبية بعيدة عن البلدين، وبالتالي تقليل الاعتماد على قروض خارجية لتلبية الاحتياجات الدولارية؛ فضلًا عن تقليل هيمنة الدولار أمام الجنيه.

ومع أن القرار ذات أهمية اقتصادية للدولتين؛ إلا أن قرار إدراج الجنيه يعني تحقيق الاستفادة الأكبر لمصر عن الجانب الروسي؛ لا سيما أن قيمة الصادرات المصرية لروسيا بلغت نحو 417 مليون دولار خلال النصف الأول من 2022، في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من روسيا نحو 1.7 مليار دولار.

إدراج الجنيه بالبنك المركزي الروسي:

في الساعات القليلة الماضية، أعلن البنك المركزي الروسي إدراج 9 عملات، من بينها: الجنيه المصري، في قائمة عملاته الأجنبية القابلة للتداول، اعتبارًا من 18 يناير 2023؛ مما يعد بارقة أمل جديد لتقليل الطلب على العملة الصعبة؛ سواء بالاحتياطي الأجنبي المصري أو الروسي. ‏

‏وقال البنك المركزي الروسي: إنه تم إدراج الدرهم الإماراتي، والريال القطري، والجنيه المصري، والبات التايلندي، والدونغ الفيتنامي، والدينار الصربي، والدولار النيوزيلندي، واللاري الجورجي، والروبية الإندونيسية، في قائمة العملات الأجنبية، مع أسعارها الرسمية مقابل الروبل التي حدَّدها بنك روسيا. ‏

ماذا يعني اعتماد الجنيه المصري بالمركزي الروسي؟

قال الدكتور علاء عز -الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية-: إن اعتماد الجنيه المصري كعملة بالبنك المركزي الروسي سيكون له أثر كبير في تعاملات الجنيه العالمية، مؤكدًا أنه لأول مرة يظهر الجنيه المصري على الشاشات الدولية؛ مما يعطيه قوة إضافية، ويمنحه مزيدًا من الثقة مقابل الدولار.

وأوضح الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية في تصريحات متلفزة: أن قرار اعتماد الجنيه في البنك المركزي، سينمي صادرات مصر لروسيا، ويخفِّض تكلفة الواردات من روسيا؛ لافتًا أن: القرار يسهم في زيادات الصادرات المصرية إلى روسيا، ومِن ثَمَّ إقبال مزيدٍ من الشركات الروسية للاستثمار في مصر.

توقعات الخبراء والمصرفيين:

نقلت تقارير محلية عن خبراء واقتصاديين: أن اعتماد سعر للروبل مقابل الجنيه هو خطوة أولى لتقليل الاحتياج إلى عملة الدولار في تسوية المعاملات التجارية مع روسيا.

وأشارت التقارير إلى أن مساحة التجارة بين مصر وروسيا كبيرة نسبيًّا؛ حيث تعتمد مصر على استيراد جانب من احتياجاتها من روسيا؛ خاصة فيما يتعلَّق بعددٍ من السلع الأساسية، من بينها: القمح والذرة، موضِّحة أنه بناءً على هذا الإجراء سيتم الاعتماد على أساس لقياس قيمة عملة البلدين عليه ما يسهِّل عملية التبادل التجاري بين البلدين، والاعتماد على عملة الدولتين.

توقعات شعبة المستوردين المصريين:

يرى رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية متى بشاي، أن لمصر مكاسب من اعتماد البنك المركزي الروسي للجنيه المصري، وقال بشاي في تصريحات لـ mbc مصر”: إن هناك عِدَّة فوائد ستعود بالنفع على الاقتصاد المصري من خلال إتاحة التعامل بالجنيه المصري في التعامل التجاري مع روسيا، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 4.5 مليار دولار.

وأشار رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين، إلى أن مصر تستورد من روسيا زيوتًا وبذورًا، وسبائك، وعربات سكك حديدية؛ فضلًا عن القمح، مشيرًا إلى أن القرار سيساهم في تخفيف الضغط على الدولار في ظلِ الأزمة الاقتصادية الراهنة.

ونشر المركزي الروسي بيانًا بموقعه الرسمي قال فيه: إن قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسميًّا مقابل الروبل تضمنت 9 عملات جديدة، من بينها: الجنيه المصري الذي يساوي أكثر من 2 روبل روسي.

ويسمح القرار الجديد لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين، وذلك بدلًا من الدولار.

وتعليقًا على المشهد، قال أبو بكر الديب -الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي-: “هناك العديد من الفوائد لاعتماد الجنيه المصري عملة رسمية من جانب البنك المركزي للاتحاد الروسي، أبرزها: تضاعف التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وزيادة السياحة تعد أهم المكاسب”.

مستقبل المعاملات التجارية بين القاهرة وموسكو:

وأضاف “الديب” في اتصال مع “سبوتنيك”: إن إعلان البنك المركزي الروسي، سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين بدلًا من الدولار، وسيعمل على “مضاعفة التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين”.

وأوضح الديب: أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا، وصل لنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021، وأن اعتماد الجنيه في البنك المركزي يزيد من صادرات مصر لروسيا، ويخفِّض تكلفة الواردات من روسيا، وبالتالي ينعش الاحتياطي النقدي الأجنبي، ويرفع من قيمة الجنيه حيث يخفض من الحاجة للدولار.

زيادة السياحة الروسية:

ويرى متخصصون أن السياحة المصرية ستكون الرابح الأكبر من تلك الخطوة، حيث تستفيد مصر بزيادة أعداد السياح الروس القادمين إليها، والذين يمثِّلون نسبة 25% من إجمالي السياحة الوافدة لمصر.

كما يسهِّل القرارُ عمليةَ التبادل التجاري بين البلدين، والاعتماد على العملتين في تسوية المعاملات التجارية، وَفْقًا للديب الذي أشار إلى أن الاستثمارات الروسية في مصر تصل إلى 8 مليارات دولار، وتتركَّز أغلبها في قطاع الطاقة.

وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من الاستثمارات الروسية في قطاعات الصناعة والطاقة، والنقل والأدوية، والصناعات الغذائية، وأن “يزيد عدد الشركات الروسية العاملة في مصر على 460 شركة”.

ولفتَ الباحثُ في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي إلى أن العلاقات بين مصر وروسيا قوية وتاريخية، حيث دعمت موسكو القاهرة خلال تحديات الستينيات -فيما يخص قناة السويس-، وحرب أكتوبر؛ فضلًا عن التعاون في بناء السد العالي، ومصانع الحديد والصلب بحلوان، ومصنع نجع حمادي للألومنيوم، وغيرها من المصان”.

ضغوط صندوق النقد:

ذكرت حنان رمسيس -خبيرة سوق المال المصري-: أن قرار البنك المركزي الروسي، سوف يساعد على استعادة الجنيه لقوته مرة أخرى مقابل الدولار، بعد ما تعرَّضت مصر خلال المرحلة الماضية لضغوط من صندوق النقد الدولي للقيام بالعديد من الإصلاحات، من بينها: تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار.

وأضافت: أن الجنيه فَقَد أكثر من 77% من قيمته خلال 13 شهرًا فقط؛ علاوة على أن قيمة الجنيه منذ تعويم 2016 انخفضت بشكل أكبر، متابعة: “بلا شك أن التعويم له فوائد للتدفقات والتعاملات الأجنبية، لكنه مؤثِّر بالسلب على الاقتصاد المصري”.

وتابعت “رمسيس” قائلة: “يرجع التأثير السلبي للتعويم على الاقتصاد المصري، نظرًا؛ لأننا دولة مستوردة، وليست منتجة؛ لذا فإن التأثير قوي جدًّا؛ لأنه أدخل البلاد في موجة من الغلاء فيما يتعلَّق بالخدمات والمنتجات والسل”.

وتابعت: “هذا الأمر يؤثر بالسلب على زيادة معدلات التضخم؛ ما يجعل الدولة مضطرة لرفع أسعار الفائدة، وندخل في عملية ركود تضخمي (أي: عزوف عن الشراء في ظل موجة الغلاء)، وهنا ندور في حلقة لا مخرج منها.

منافع متبادلة بين القاهرة وموسكو:

قال الدكتور عبد الرحمن شعبان -الخبير الاقتصادي-: إن قرار إعلان البنك المركزي الروسي تحديد أسعار صرف يومية للروبل الروسي مقابل 9 عملات أجنبية جديدة، منها 3 عملات عربية، من ضمنها: الجنيه المصري “خطوة اقتصادية جديدة نحو دعم الجنيه المصري في سوق الصرف العالمي”.

وأضاف: إن زيادة التبادل التجاري بين مصر وروسيا من شأنه أن يساعد في دعم الجنيه المصري؛ رغم أن سعر الروبل الروسي يبلغ 43 قرشًا فقط؛ لأن حجم التبادل التجاري المصري الروسي قد بلغ مؤخرًا نحو 5 مليارات دولار، ومن الممكن أن يحقق هذا التبادل التجاري -بالعملتين: الروبل والجنيه المصري بالاتفاق بين البلدين- طفرة كبيرة في التجارة بين مصر وروسيا.

زيادة الرحلات الروسية لـ 500 رحلة شهريًا:

أشار إلى أن قرار المركزي الروسي يساعد أيضًا على تقوية مركز العملتين: الروبل والجنيه المصري في أسواق الصرف في كلا البلدين، وأيضًا: يساعد على تشجيع السياح القادمين من روسيا إلى مصر، متوقعًا: أن تتخطى رحلات الطيران الروسي إلى جنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسي عَلَم 500 رحلة شهريًّا.

وقال الخبير الاقتصادي المصري -محمد نصر الحويطي-: “إن المعاملات التجارية بين مصر وروسيا حتى الآن ليست كبيرة بالدرجة التي تجعل من خطوة المركزي الروسي مؤثرة في هذا التوقيت، وهناك تباين كبير في الميزان التجاري بين البلدين، وعلى افتراض قبول مصر وروسيا لعملة كل منهما، فإن أكثر القطاعات استفادة من هذا الإجراء هو القطاع السياحي”.

وأكَّد أنه لم يكن هناك تبادل تجاري قوي بين مصر وروسيا، ولا يرى أن تلك الخطوة سيكون لها تأثير على المستوى الشعبي أو الاقتصاد في المدى القصير سوى على مستوى الملف السياحي إذا ما تمت استعادة السياحة لحالتها الطبيعية.

الخلاصة:

إذًا من المؤكد: أن قرار البنك المركزي الروسي سيكون له تداعيات إيجابية واقتصادية من شأنها أن تؤدي إلى التحرر من سطوة وسيطرة الدولار الأمريكي على العملة المصرية التي وصلت إلى ذروتها، كما يحدث تحوُّلًا نوعيًّا، والمساهمة في إقامة نظام نقدي متعدد الأطراف، وألا يقتصر فقط على الدولار.

وبالتالي يستطيع أي مستورد مصري أن يدفع ثمن الصفقة المستوردة من روسيا بالجنيه المصري أو الروبل الروسي، حسب السعر الذي وضعه البنك المركزي الروسي للجنيه والروبل، وهو: أن “الجنيه مقابل 2 روبل”.

كما يعني اعتماد الجنيه المصري في روسيا رسميًّا أن: ميزان التبادل الجاري بين البلدين سيتم التعامل معه وَفْقًا للجنيه والروبل، وليس بالدولار كما كان في السابق، وبالتالي عدم حاجة المستوردين إلى التحويل إلى الدولار في تسوية المعاملات التجارية بين البلدين.

كما يهدف قرار المركزي الروسي إلى: إنعاش الاقتصاد الروسي من جهة؛ لا سيما في ظل العقوبات الغربية على موسكو، وأيضًا يسهم في تخفيف الضغط على النقد الأجنبي “الدولار” بالنسبة لمصر من جهة أخرى، كما يزيد من عدد الشركات الروسية العاملة في مصر التي تقدَّر بأكثر من 450 شركة، بجانب توافد عدد كبير من السائحين الروس، ومِن ثَمَّ تدفق النقد الأجنبي؛ الأمر الذي سيرفع من قيمة الجنيه بشكل جيد أمام الدولار، كما يسهم في زيادة صادرات مصر لروسيا؛ بالإضافة إلى توفير ما يقرب من ملياري دولار سنويًّا وَفْقًا لخبراء واقتصاديين.

المصادر:

– سبوتنك

– الفجر

– المصري اليوم

تعليقات:

https: //www. elfagr. org/4602239

https: //sputnikarabic. ae/20230119/%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%B6%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%9F-1072489378. html

https: //www. almasryalyoum. com/news/details/2797239

التعليقات مغلقة.