fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

غليان في الشارع الإيراني بسبب فساد الملالي وترف أبناء النظام

113

غليان في الشارع الإيراني بسبب فساد الملالي وترف أبناء النظام

تتعامل دولة الملالي مع الشعب الإيراني بشيء من الكهنوت، ولا شك أن ذلك التعامل نتيجته كارثية، فحينما تتشابك الروابط السياسية مع الكهنوتية كما هو في إيران، فإن ذلك ينشئ حلفًا قويًّا لا يمكن تفكيكه بسهولة، وهذا الحاصل في دولة الملالي، فهناك نجد أن الدولة منقسمة إلى قسمين: دولة الشعب ودولة الملالي، وهي الدولة الفاسدة المتمثلة في المؤسسات، والحرس الثوري، والجيش والبنوك، وغيرها.

وهذه الحالة الداخلية رسمت حالة من الاحتقان نتيجة الأزمة الحاصلة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أودت بالعديد من الأسر في تعداد الموتى والفقراء، على الرغم من حالة البذخ والتنعم الثري لأبناء المسئولين والحكام؛ مما أدى إلى اتساع نطاق حالة الغضب الجماهيري، والشعور بالحرمان والظلم، كلك نجد أن النظام الإيراني يحاول فرض هويته من خلال القمع.

وهذه المقدمة جاءت نتيجة شعبية حكومة رئيسي التي لم تستطِع أن تُوفي بوعودها للمواطنين بعد عامٍ من وصولها إلى السلطة في أغسطس 2021م؛ خاصة أن “رئيسي” جاء بخلفية قضائية وشعار القضاء على  الفساد، ليجد الشعب الإيراني نفسه أن الشعار الحقيقي: “نحن مع الفساد”.

أرقام رسمية تدل على فساد الملالي:

تشير الأرقام والرصد الميداني إلى ارتفاع الأسعار خلال السنوات الأربع الماضية إلى أكثر من 15 ضعفًا في بعض الحالات، وخاصة فيما يطاول السلع الغذائية والضرورية للمواطنين.

وفي المقابل تراجعت القوة الشرائية للمواطن الإيراني بشكل حاد مع هبوط قيمة العملة الإيرانية نحو 500 في المائة، من نحو 4 آلاف تومان لكل دولار أميركي إلى 24 ألف تومان حاليًا، لا بل إن التراجع وصل إلى 32 ألف تومان، قبل أن يتحسن وضع العملة قليلًا خلال الأشهر الأخيرة الماضية.

وأدى هذا الوضع إلى زيادة نسبة الفقر في إيران، حيث كشف رئيس غرفة تجارة طهران، مسعود خوانساري، وَفْق موقع “انتخاب” الإصلاحي، عن أن 30 في المائة من عدد سكان إيران البالغ 85 مليون نسمة، يعيشون تحت خط الفقر، وأن الرقم سيصل إلى 50 في المائة إذا استمرت السياسات الحالية المتبعة.

وإضافة إلى ذلك أيضًا؛ يواجه الشباب الإيراني معضلة البطالة، وتشير آخر أرقام مركز الإحصاء الإيراني، إلى أن معدلها بلغ 9.6 في المائة لعام 2019، لكن الخبراء يشككون في صحة هذه الأرقام، ويؤكد مركز بحوث البرلمان الإيراني أن الرقم الحقيقي للبطالة خلال العام 2019 وصل إلى 24 في المائة.

علمًا بأنه سنويًّا يدخل بين 600 إلى 700 ألف شاب إيراني سوق العمل، لكن في ضوء الأزمة الاقتصادية الراهنة تبقى فرص العمل أمامهم محدودة جدًّا، ويشكل خريجو الجامعات 40 في المائة من العاطلين عن العمل في إيران(1).

صنبور الفساد لا يتوقف مع استمرار فضحه:

لا تتوقف فضائح الفساد في إيران، رغم أن الإيرانيين يعيشون في ظل ظروف اقتصادية قاسية تحت وطأة الفساد الداخلي والعقوبات الغربية، وحسب تقرير شبكة “العربية“، كشف تحقيق برلمان عن وقائع فساد في أكبر مصنع للصلب والحديد في منطقة مباركة بمدينة أصفهان، وقدمت لجنة البحث والتحقيق بالبرلمان تقريرًا من 300 صفحة إلى القضاء عن مخالفات واختلاسات بمبلغ 92 ألف مليار تومان، أي قرابة 3 مليارات دولار.

وبحسب التقرير، رصدت اللجنة ما لا يقل عن 1200 مخالفة لأنشطة شركة مباركة للصلب بين عامي 2018 و2021، وانتهاكات واسعة النطاق تشمل المحسوبية والفساد والهدايا والرشى ودفع أموال غير قانونية لمؤسسات حكومية، وللحرس الثوري الإيراني، ومكاتب أئمة الجمعة؛ إضافة إلى تبذير رأس المال، وإبرام صفقة مع شركة صينية غير متخصصة بمبلغ أكثر من الرقم الفعلي(2).

خروج الناس للشارع:

اليأس يدفع الناس للخروج للشارع؛ يواجهون الخطر، ويحاولون إيجاد حل، فالشعب الإيراني يختنق بشكل جدي وحقيقي، لكن النظام الكهنوتي ما زال مُمسكًا بزمام الأمور، يتحرك في مواجهة المظاهرات وفق دائرة لا يمكن تجاوزها، تأمين طهران ومشهد أولًا، ثم الإصرار على تنفيذ قرارات الحكومة غير الشعبية مع القمع البطيء وفتح نوافذ التنفيس، وعدم ترك وجه معروف يقود المظاهرات؛ لذلك لن تنجح ثورة شعب بلا قائد.

فالملالي يمنحون الفاسدين صكوك البراءة، يستمر الفساد ومن خلاله تُشترى الذمم، للفاسدين علاقات اجتماعية تنمو وتتداخل مع أسماء أُخرى؛ لذلك لا يمكن لنظام فساده يشبه الشبكة العنكبوتية أن يسقط فقط لأن الشعب يقتله البؤس واليأس.

فعلى الرغم من أن هذه الاحتجاجات الحاصلة الآن في الأوساط الإيرانية قد تبدو محدودةً مقارنةً باحتجاجات الوقود في 2019م واحتجاجات 2017/2018م، اللتين عمَّتَا معظم مدن إيران وكان لهُما طابعٌ شعبي، غير أنها تعكس الطابع الديني والاجتماعي للعملية الاحتجاجية في إيران، وتعكس كذلك اتساع نطاق حالة الغضب والاحتقان الجماهيري والشعور بالحرمان والظلم(3).

أبناء النظام الملالي في وادٍ والشعب الإيراني في وادٍ:

كشف أمين لجنة ما يسمى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لمجلس النواب الإيراني محمد صالح كلبايكاني، أن 3 إلى 4 آلاف من أبناء مسؤولي النظام يعيشون في الخارج، وفي بلدان توصف بالمعادية؛ خصوصًا الولايات المتحدة التي تنعت بالشيطان الأكبر.

وطالب كلبايكاني البرلمان بالتدخل؛ خصوصًا أن هذه القضية تستنزف موارد الدولة، حسب صحيفة “القبس“.

وحسب التقرير، أثيرت قضية حياة أبناء كبار المسؤولين وأسلوب حياتهم الباذخ وغير الملتزم بالقوانين والأنظمة المعمول بها في إيران على الرغم من شعاراتهم المعادية للغرب، ويقول إيرانيون: إن النظام يستثني أبناء المسؤولين من تطبيق القوانين التي وضعها، وإنه يوجد فئتين من الإيرانيين، فئة الشعب الذي تفرض عليه إجراءات صارمة، وأخرى من أبناء المسؤولين الذين يلبسون ويشربون بحرية ولا يلتزمون حتى بالحجاب(4).

مخاوف الملالي من التظاهرات:

في أقل من 24 ساعة، وبعد أول مسيرة احتجاجية تبلور الموقف السياسي للمنتفضين الذين سموا الديكتاتور باسمه في تظاهراتهم، وأعلنوا أنهم تجاوزوا شعارات المرحلة السابقة، واتخذوا قرار التصعيد السريع؛ لأنهم على قناعة بأن النظام غير قادر على تغيير سلوكه، وأن مجرد قبوله القيام بأي إصلاحات أو تقديم تنازلات هو أشبه بمن قرر أن يحفر قبره بيده، ما يعني أن الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت، ولكن تبقى المفاجأة الكبرى أن الإيرانيين كسروا حاجز الخوف، وهم يعلمون عواقب الأمور، ويعرفون أنهم يواجهون نظامًا عقائديًّا يمثِّل أسوأ أنواع الاستبداد.

ونتيجة لذلك حذَّر أمين عام مجمع خط الإمام، هادي خامنئي، وشقيق المرشد الحالي، علي خامنئي، من الوضع المؤسف الذي يعيشه الإيرانيون، وانفجار الشارع بالغضب في وجه النظام، خصوصًا أن المواطن المطحون تحت العقوبات يسمع كثيرًا عن فساد النظام(5).

وفي إطار خداع الشارع امتصاص غضب الشارع، حظر الرئيس الإيراني سفر أبناء المسؤولين إلى الخارج، طالما أباؤهم على رأس السلطة، خصوصًا بعد اتهامات طالت حكومته، بعد ثبوت هجرة نجل نائبة الرئيس لشؤون المرأة، أنيسة خزعلي، إلى كندا(6).

حامي الديار وحقوق الشعب الجيش والشرطة الإيرانية:

في ظل الظروف الحاصلة نجد أن الشعب الإيراني لا نصير له إلا الله، فالذي من المفترض أن يدافع عن حقوقة ويرفع ظلمه نجد أنه يغرق في الفساد، وهما: الجيش والشرطة الإيرانية؛ فلقد أصدر “قسم الأمن والدفاع” في “منظمة الشفافية الدولية” تقريرًا، صنف الوضع الدفاعي والأمني في إيران من حيث الفساد على أنه “متأزم”.

بحيث يفحص التقرير عادة، حالة الفساد في قطاعي الأمن والدفاع (المؤشر المتكامل للدفاع الحكومي) في 86 دولة، ويصنفها حسب الدرجات من صفر (الأسوأ) إلى 100 (الأفضل)، ويأخذ بعين الاعتبار العديد من المؤشرات بما في ذلك الوضع السياسي والمالي والعملياتي، والكوادر، والخدمات اللوجستية في المجالين الأمني والدفاعي، بشكل منفصل.

وحصلت إيران على 0 إلى 16 درجة في كافة المؤشرات الواردة في تقرير “منظمة الشفافية الدولية” الذي وصف الوضع في المؤسسة العسكرية في هذا البلد بـ”المتأزم”، إلا مؤشر الكوادر، حيث حصلت القوات المسلحة والأمنية الإيرانية على درجة 30 من 100، وهي درجة تشير إلى “وضع عالي الخطورة”(7).

الخلاصة:

النظام الإيراني دائمًا وأبدًا يعمل وَفْق أجندته الخمينية، ولا يراعي مصالح وحقوق الشعوب؛ فهو الداء الشيعي الخبيث، والذي يلتهم كلَّ ما هو مفيد ونافع للبشرية، كذلك لا يخفى على أحد من المتابعين أن نظام دولة الملالي يعين نفسه نظام كهنوتي وهو يعادي كل ما هو صالح؛ لأنه لايعرف سوى مصالح المعممين، فقد احتل فيها موضوع الفساد المالي والاقتصادي في السنوات الأخيرة أهميةً قصوى.

خاصة وأن تُهَم الفساد تلاحق الجميع؛ سواء كانت شخصيات دينية أوسياسية تظن نفسها بعيدة من المحاسبة، وهذا ما جعل قضية الفساد المالي والاقتصادي في إيران معضلةً هيكليةً تعوق جهد الإصلاح، ومجالًا للمزايدة السياسية يُستخدم أحيانًا سلاحًا في تصفية الحسابات مع الأطراف غير المرغوب فيها؛ بالإضافة إلى أن الشعب الإيراني يئن ويتوجع نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تلاحقهم، ولا بد من الصحوة الحقيقية لهذا الشعب؛ لأن مقدراته تسرف وتستنزف، فهو بلد غني بالثروات والخيرات؛ إلا أن المعممين لا يذرون الخير على أرضه، بل يذرونه في حساباتهم الخاصة.

1_ العربي الجديد

2_ شبكة رؤية

3_ عكاظ

4_ العربية

5_ فرارو

6_ خبر أونلاين

7_ العربية

التعليقات مغلقة.