fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

بعد زيارة بشار الأسد للعاصمة الإيرانية طهران… ما الدوافع والدلالات؟!

188

بعد زيارة بشار الأسد للعاصمة الإيرانية طهران… ما الدوافع والدلالات؟!

في زيارة هي الثانية منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد بالمرشد الأعلى أية الله علي خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني في طهران، وبحضور العميد قاآني.

أتت الزيارة في ظل متغيرات وتطورات إقليمية ودولية حاسمة صعبة وخطرة، فعلى الصعيد الإقليمي بدأت تتغير معالم التحالفات والتوازنات والتي يلعب فيها الوضع الدولي دورًا محوريًّا وأساسيًّا لجهة ظهور نظام دولي جديد لم تحدد معالمه بعد، وبطبيعة الحال سوريا وإيران بحكم اصطفافات التحالفات الجديدة معنيتان بكلِّ هذه المتغيرات.

فحتمًا هي ليست زيارة بروتوكولية، بل هي زيارة فوق الاستراتيجية ومفصلية، تأتي في ظل ظروف معينة ومخاطر محيطة بالمنطقة سواء في سورية أو لبنان أو المنطقة بشكل عام، وتأتي بالتزامن مع تطورات إقليمية ودولية تفرض خارطة تحالفات سياسية جديدة، وتتطلب مواقف استثنائية لمواجهة التحديات القائمة.

ووفق المعلومات هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، وأيضًا تؤسس لمرحلة جديدة في الوضع الإقليمي، والملفت: أن اللقاءات تخللتها اجتماعات مغلقة بين الرئيس الأسد وخامنئي، ونقطة مهمة في هذه الاجتماعات أيضًا كان حضور العميد إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس هذه الاجتماعات.

دوافع الزيارة وجوانب مهمة:

الزيارة التي لم يعلن عنها إلا بعد رجوع الأسد لدمشق تمت في ظل معطيات إقليمية ودولية تتطور بحدة وبسرعة؛ فعلى مستوى ساحة الصراع في سوريا؛ لا زالت إسرائيل تستهدف -على مدار السنوات الخمس الماضية- مواقع عسكرية إيرانية بهجمات صاروخية في محيط العاصمة دمشق تتمركز فيها ميليشيات الحرس الثوري، وميليشيات مسلحة أخرى تابعة لإيران، أبرزها: ميليشيات حزب الله اللبناني؛ إذ تعتبر إسرائيل الوجود العسكري الإيراني سواء في الجنوب، أو بالقرب من العاصمة دمشق في الوسط السوري من أكبر مهددات أمنها.

واستطاعت تل أبيب كذلك -وعبر سنوات- الفوز بـ”منحة روسية” كبيرة تمثلت في “التنسيق الأمني” مع الجانب الروسي بشأن الضربات العسكرية التي تشنها ضد الأهداف الإيرانية داخل سوريا، من خلال “الإخبار المسبق” للقيادة العسكرية الروسية بالهجمات التي ستستهدفها داخل سوريا، لكن مستجدات الوضع الميداني على الأرض، وبالتحديد تلك التي تمت في إبريل 2022، والتي تمثلت في إعادة انتشار الميليشيات الإيرانية داخل قواعد ومناطق عسكرية كانت خاضعة للإشراف الروسي داخل سوريا؛ أدَّت إلى رفع وتيرة الهواجس الإسرائيلية حيال تكريس إيران لنفوذها العسكري داخل الأراضي السورية.

وسواء كانت عملية إعادة انتشار الميليشيات الإيرانية في مواقع عسكرية روسية داخل سوريا تمت بالتنسيق بين الجانبين الإيراني والروسي، أو باستغلال إيران حالة الفراغ التي أحدثتها عملية سحب روسيا لبعض قواتها المتواجدة هناك؛ فإن ثمة مَن يشير إلى ازدياد الهواجس الأمنية لإسرائيل نتيجة هذا التغيرات على الأرض السورية؛ الأمر الذي يرفع من “احتمالية” أن تتجه إيران إلى تصعيد جبهة الجنوب السوري مجددًا إذا ما استمرت إسرائيل في استهداف ميليشياتها داخل سوريا، بينما يرى آخرون: أن التصعيد “المحتمل” لجبهة الجنوب السوري من قِبَل إيران مجددًا “ربما” يأتي دعمًا للمقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة التي تشهد حاليًا توترًا أمنيًّا ملحوظًا على وقع المصادمات بين قوات الأمن الإسرائيلية، وعناصر المقاومة الفلسطينية نتيجة الانتهاكات التي يمارسها المتشددون الإسرائيليون داخل المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وكلا الاحتمالين يدفعان إلى عودة متغير “الاستهداف والاستهداف المضاد” بين إيران وإسرائيل على الجبهة السورية ليكون هو عنوان المرحلة القادمة.

وعلى جانب آخر: فإن هذه الاحتمالات قد تدفع إسرائيل إلى التلويح بإعادة توظيف “الورقة السورية” كأداة ضغط في مواجهة روسيا التي سمحت للميليشيات الإيرانية بعملية إعادة الانتشار الواسعة في وسط وجنوب سوريا، وذلك عبر الترويج لتغير ما قد يشهده الموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

هذا بخلاف أن حالة انشغال روسيا -حليف إيران في سوريا- بالحرب ضد أوكرانيا، سيتيح لإيران -حال استمرار أمد الصراع الروسي الأوكراني- الفوز بالعديد من فرص الاستثمار الاقتصادي في سوريا؛ حيث حرصت روسيا دائمًا على ضمان استحواذ شركاتها على معظم العقود الخاصة بإعادة الإعمار لا سيما في مناطق سوريا المفيدة؛ هذا إلى جانب عقود الطاقة، والاستثمار في البنية التحتية، إلى جانب الارتباطات الخاصة بعقود التعاون العسكرية والتسليح.

ومن ثَمَّ فإن مزيدًا من الانشغال الروسي في أوكرانيا، يعنى بالتبعية مزيدًا من تراجع الاهتمام الروسي بسوريا، وهو ما يصب في صالح الحليف الإيراني، ومن هنا، يمكن تفسير تصريحات المرشد الأعلى الإيراني بضرورة دفع العلاقات الإيرانية – السورية إلى مزيد من التنسيق والفاعلية في ضوء متغير الحرب الروسية – الأوكرانية، وتأثيره على نمط التفاعل الروسي – الإيراني في سوريا مؤخرًا، بكونها تدفع إلى ضرورة استغلال الطرفين السوري والإيراني؛ هذا “المستجد النوعي” في ترقية حالة التعاون الإستراتيجي بينهما.

يضاف إلى ذلك: حالة التعثر الشديدة التي تواجه مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني، على وقع عثرات التفاوض من ناحية، وانشغال الأوروبيين والولايات المتحدة بالحرب في أوكرانيا من ناحية ثانية، حيث ينعكس تعثر المفاوضات بوضوح على حالة تفاعلات إيران في الإقليم بصورة مباشرة، فلا يزال الجانب الإيراني مصرًّا على التمسك بالدور الإقليمي متعدد الجبهات والحلقات الذي يمارسه -عبر عقود- في المنطقة، ورفضه التام لأي اتفاق يدخل هذا الدور ضمن معادلات المساومة الدولية معه.

كذلك يعد التقارب السوري – العربي من ناحية، والتطبيع العربي – الإسرائيلي من ناحية ثانية، من ضمن الأسباب التي دعت إيران إلى “إعادة تذكير” النظام السوري بأهمية الحفاظ على المصالح الإيرانية في سوريا، وعدم وضعها موضع مساومة داخل أية معادلات إقليمية دولية من المحتمل ظهورها على وقع حالة التغير التي بدأ يشهدها هيكل النظام الدولي نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، وما قد يرتبط بها من متغيرات على مستوى الإقليم والعالم(1).

دلائل إيرانية:

ووضع الباحث في “المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام” رشيد حوراني، في حديث مع “العربي الجديد”، زيارة الأسد إلى طهران في سياق الرسائل الإيرانية المتكررة التي تؤكد “أن إيران ماضية في مشروعها وتمددها في سورية، وهي نقطة ارتكاز بالنسبة لها”.

وأعرب عن اعتقاده بأن الجانب الإيراني “يتخذ من سورية ورقة تفاوض يحقق من خلالها بعض المطالب”، مشيرًا إلى أن الزيارة “تدشن مرحلة جديدة بين الطرفين (النظام وإيران) في ظل انشغال روسيا بأوكرانيا، عنوانها التصعيد”.

ولفت إلى أن الزيارة “تزامنت مع العديد من المضايقات التي يقوم بها عناصر النظام بالتعاون مع المليشيات المدعومة إيرانياً، ضد القوات الأميركية في منطقة شرق الفرات”.

ولم يستبعد حوراني أن تكون الزيارة “دعائية استعراضية في ضوء ما يعانيه الطرفان من ضغوطات إقليمية تتمثل بانفتاح تركي على دول الإقليم، ودولية بهدف تقليص نفوذ إيران في سورية”، وفق حوراني.

من جهته: قال المحلل السياسي رضوان زيادة لـ”العربي الجديد”: إن الزيارة “تعزيز لتحالف الشر بين الأسد ونظام طهران”، مضيفًا: “تُظهر في الوقت نفسه حجم التغلغل والسيطرة الإيرانية في الوضع السوري. الأسد بيدق بيد موسكو وطهران”.

وحول تبعات الزيارة على التطبيع العربي مع الأسد، أعرب زيادة عن اعتقاده “أن حجة التطبيع العربي لإبعاد الأسد عن إيران غير جدية، فالأسد لن يتنازل عن طهران مقابل وهم التطبيع العربي”.

وأشار زيادة إلى أن الأسد “ربما يشعر أن موسكو لن تساعده الآن فهي في مأزق”، وبرأيه فإن الأسد يحتاج إلى مساعدات عاجلة من طهران(2).

ملاحظات الزيارة:

وعلى غرار زيارة الأسد السابقة إلى طهران، أواخر شباط / فبراير 2019، لوحظ غياب العلم السوري عن القاعة التي شهدت لقاء خامنئي والأسد، وكذلك غياب وفد وزاري سوري يمكن أن يوحي بأي جدول أعمال ذي طابع عملي اقتصادي أو تنموي أو حتى عسكري. ويُذكر أنه خلال تلك الزيارة كان خامنئي قد حرص على إشراك قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» يومذاك خلال استقبال الأسد؛ الأمر الذي أثار في حينه استياء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فتقدم باستقالته قبل أن يتراجع عنها.

وكان لافتًا أن خامنئي ذكّر الأسد خلال الزيارة الأخيرة بأن «بعض قادة الدول المجاورة لإيران وسوريا يلتقون بقادة الكيان الصهيوني» مضيفًا: بأن شعوبهم ترفع شعارات ضدهم في يوم القدس، غامزًا بذلك من قناة الإمارات التي كانت أول دولة عربية تكسر عزلة النظام السوري وتستقبل الأسد.

والمفارقة أن التلفزيون الرسمي الإيراني نقل عن رئيس النظام السوري قوله: إن «العلاقات الإستراتيجية بين إيران وسوريا حالت دون سيطرة الكيان الصهيوني على المنطقة»، متجاهلًا حقيقة لهاث أصدقاء نظامه الإماراتيين نحو التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي(3).

مضامين معلنة من الزيارة:

في المضمون فإن الزيارة تشكل حاجة إيرانية خلال هذه المرحلة بقدر الحاجة نفسها التي تشكلها للأسد ونظامه، فهي تصب في إطار تنسيق المواقف للتعامل مع التطورات والمستجدات المتوقعة على الصعيدين: الإقليمي والدولي، وما فيها من إعادة ترتيب الأوراق ومناطق وحدود النفوذ بين القوى الفاعلة والمؤثرة في معادلاتها، فالنظام الإيراني يعمل على تثبيت معادلة دوره ومساحة نفوذه في الإقليم استعدادًا لوضعها على طاولة أي تسوية إقليمية أو دولية، وهي رسالة للأطراف الإقليمية المعنية بمواجهة النفوذ الإيراني، وأن المعادلة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار أن النظام لن يسمح بإدخال أي تعديل يؤثر أو يؤدي إلى تقليص نفوذ المحور الذي يقوده، والممتد من العراق مرورًا بسوريا ووصولًا إلى لبنان؛ إضافة إلى اليمن، وأن التداخل في مناطق النفوذ مع القوى الإقليمية الفاعلة والمنافسة له على هذه الساحة لا يعني إمكان استسلامه أو تراجعه، بخاصة أنه بدأ مسارًا يأمل بأن ينتهي إلى تسويات مع العواصم الإقليمية حول بعض الملفات المتأزمة، مثل: الرهان على حصول إيجابية على خط الحوار مع السعودية حول الأزمة اليمنية، وتمرير الاستحقاقات الدستورية في العراق في إطار تفاهمات مع الجهات المؤثرة في هذه الساحة في أنقرة وأبوظبي والرياض.

أما في الموضوع السوري الذي يشكل مركز الاهتمام الإيراني خلال المرحلة المقبلة في ظل مساعيه إلى إدارة الملفات الأخرى من طريق الحوارات المتشعبة، فإنه يسعى ويعمل لتسهيل انطلاق مسار الحل السياسي المتحكم بمسار إعادة الإعمار الذي ما زال عالقًا ومعطلًا على الرغم من إعلان النصر الذي رافق زيارة الأسد العام 2018، وهو ما كرس حقيقة أن الانتصار الميداني تصعب ترجمته سياسيًّا واقتصاديًّا من دون التوصل إلى تفاهمات مع القوى المؤثرة في الساحة السورية.

تثبيت التحالف أو العلاقة الإستراتيجية بين طهران ودمشق يأتي في الوقت الضائع الذي تنشغل فيه موسكو بحربها التي بدأت تتحول إلى استنزاف في أوكرانيا، مما أتاح لطهران أن تلتقط أنفاسها على الساحة السورية بعد أن عمدت موسكو إلى محاصرة دورها والتضييق عليها، وقد تكون هذه الخطوة إما بالتفاهم بينهما ومن باب ملء الفراغ منعًا لدخول لاعبين جدد أو تعزيز أدوار لاعبين موجودين، وإما من باب توظيف الانشغال الروسي وفرض تقاسم جديد لمساحات النفوذ بينهما، وفي كلا الحالين التواطؤ على مواجهة الطموحات التركية ومحاصرتها، ولعل المؤشر الأَوَّلي لهذه المتغيرات جاء مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نية حكومته إعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم، وإعلان الحكومة الألمانية تقديم دعم للاجئين بأكثر من مليار يورو، ومعها قطر بنحو 50 مليون دولار، وهو ما يعني في المحصلة الضغط على أنقرة تمهيدًا لإنهاء أزمة الشمال السوري وإعادته إلى سيطرة الحكومة المركزية في إطار تعزيز سلطة النظام وتأهيله للمرحلة المقبلة.

ولم تغب مسألة إعادة سوريا إلى الجامعة العربية والاحتضان العربي للنظام في دمشق عن بنود المحادثات التي دارت بين المرشد الأعلى والأسد؛ إذ لا تعارض طهران هذه الجهود لأنها تفتح الطريق أمام تفعيل مسار الحل السياسي، وتسهم في طمأنة العواصم العربية المعنية بالأزمة السورية بإمكان تحويل هذا البلد إلى مساحة حوار وتفاهم، وليكون مدخلًا لحلِّ ملفات ونزاعات أخرى عالقة بين الطرفين، بخاصة الساحة اللبنانية التي من المتوقع أن تشهد بعد الانتخابات البرلمانية عودة فاعلة ونشطة للدور السوري.

أما في موضوع السلام الإقليمي وإمكان تفعيل مسار التفاوض بين دمشق وتل أبيب الذي يعد جزءًا من الجهود العربية الساعية إلى الدفع بعملية السلام في المنطقة، فلا يبدو أن طهران تعارض هذا التوجه بما يضمن لدمشق استعادة أراضيها في مرتفعات الجولان، وحتى تحويلها إلى منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت إشراف دولي، من دون أن تدخل دمشق في مسار تطبيعي سيشكِّل إحراجًا لها ومحاصرتها على هذه الساحة؛ بخاصة أن النظام في طهران يرى أن معركته في الإقليم محصورة مع تل أبيب والتصدي لمساعيها الرامية إلى إخراجه من مناطق نفوذه في لبنان وسوريا والعراق، بما تشكله من موقع متقدم في رؤية كلا الطرفين الإستراتيجية وتقاسم النفوذ الجيو – سياسي(4).

إيران طوق النجاة لبشار:

الكل يعرف أن إيران حاضرة بثقلها السياسي والعسكري في سوريا، وأن “طهران لها تواجد قوي داخل نظام دمشق، وأصبحت جزءًا من عقيدتها السياسية التي كانت تتصرف بها سوريا مع دول المنطقة والجيران ولتحركاتها في جامعة الدول العربية”.

قال الخبير الإستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط الدكتور فواز كاسب: “والربيع العربي زاد من هذا التجذر الإيراني في النظام السوري؛ ذلك لتشبثه به زيادة على الدعم الروسي له للحفاظ على بقائه على المسرح السياسي السوري؛ لأن هذا الوضع يخدم مصالح جيو – اجتماعية، وكذلك جيو – اقتصادية لطهران”، كما أن تمسك إيران بالنظام السوري، يضمن لها “امتدادها الشيعي” بالمنطقة وفق تفسير كاسب.

وهذه الزيارة تؤكد بالنسبة لكاسب: “أن سوريا ما زالت تدور في المدار السياسي الإيراني. وطهران لها غاية من مثل هذه الزيارات، وهي: بقاؤها محورًا رئيسيًّا في المنطقة له تأثير مباشر على أكثر من بلد عربي”.

ولا يخفي الخبير الإستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط أنه: “فعلًا إيران حققت مكاسب سياسية في بلدان عربية، وأتت ظروف سياسية جديدة لتستثمرها أكثر، لا سيما المتغيرات التي يعيشها العالم؛ بسبب الحرب في أوكرانيا، وتريد طهران أن تستفيد منها بأقصى ما يمكن، بالرفع من طلباتها في التفاوض بفيينا بشأن الملف النووي”.

وكانت وكالة رويترز نقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة: أن المسؤولين الغربيين فقدوا الأمل إلى حدٍّ كبيرٍ في إمكانية إحياء الاتفاق النووي الإيراني، مما أجبرهم على التفكير في كيفية الحد من برنامج إيران النووي حتى في الوقت الذي أدَّى فيه الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حدوث انقسام بين القوى العظمى.

وبدا الاتفاق النووي على وشك انبعاثه من جديد في أوائل مارس / آذار عندما دعا الاتحاد الأوروبي – الذي ينسق المحادثات – الوزراء إلى فيينا لإبرامه، لكن المحادثات أصبحت في مهب الريح بسبب مطالب روسية في اللحظة الأخيرة، وما إذا كانت واشنطن سترفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

ويبدو أن مسألة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية يشكِّل العائق الأساسي لتقدم المفاوضات في الوقت الحالي، حيث يجد الرئيس الأمريكي جو بايدن صعوبة في التغلب على المعارضة المحلية لرفعه من قائمة الإرهاب(5).

الخلاصة:

من المعطيات والدلالات السابقة تشير إلى أن اجتماع الرئيس السوري في طهران بنظيره الإيراني وبوجود المرشد الأعلى، في ظل التوقيت الدولي والإقليمي الراهن، “ربما” يؤشر على “تصعيد نوعي جديد” قد تمارسه طهران على مستوى ملفات انخراطها الإقليمي؛ لا سيما في الملف السوري استغلالًا لحالة التغير المحتمل في نمط تفاعلات وبنية النظام الدولي الحالي على وقع الحرب الروسية الأوكرانية من ناحية، وعلى وقع تفاعلات القوى الدولية مع مفاوضات برنامجها النووي من ناحية ثانية، ومع متغيرات التفاعل الإسرائيلي مع الوجود الإيراني في سوريا من ناحية ثالثة.

1_  مركز الأهرام للدراسات

2_ العربي الجديد

3_ القدس العربي

4_ الأندبندت

5_ فرانس 24

التعليقات مغلقة.