fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

أزمة إحراق القرآن في السويد … كيف يستخدم اليمين المتطرِّف عداء الإسلام والمهاجرين لتحقيق مكاسب سياسية؟

115

أزمة إحراق القرآن في السويد … كيف يستخدم اليمين المتطرِّف عداء الإسلام والمهاجرين لتحقيق مكاسب سياسية؟

مجددًا وعَبْر البوابة السويدية، يعود اليمين المتطرف المحمَّل بمشاعر العداء للإسلام والمسلمين في أوروبا ليحتل صدارة المشهد من جديد؛ خاصة وبعد أن قام أحدُ زعمائه المتشدد الدنماركي “راسموس بالودان” من حزب “سترام كورس” اليميني بحرق القرآن؛ هذا الفعل الذي أشعل النيران والغضب في صدور المسلمين حول العالم؛ بالإضافة إلى موجةٍ مِن الاحتجاجات العنيفة في مملكة السويد.

وعلى مدى أيام، تواصلت تظاهرات واحتجاجات في عِدَّة مدن سويدية أسفرت وَفْق السلطات المحلية عن إصابة 26 شرطيًّا و14 مدنيًّا إثر صدامات عنيفة مع متظاهرين احتجوا على تجمعات مزمعة لحركة “سترام كورس” (الخط المتشدد) التي أعلنت خطة إحراق نسخ من القرآن في مدينة مالمو، كذلك أحرق زعيمها راسموس نسخة أخرى في لينشوبينغ (جنوب البلاد)، وتطورت الأمور بدخول العديد من الدول العربية والإسلامية على خط التنديد، واعتبار ما حدث “إساءة متعمدة للقرآن، واستفزازًا وتحريضًا على المسلمين”.

وتعود ظاهرة حرق نسخ من القرآن، وَفْق ما يقول مراقبون، إلى “تصاعد المخاوف من تنامي خطر إرهاب اليمين المتطرف بأوروبا في ضوء التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة”؛ الأمر الذي “يزيد حدة الاستقطاب داخل المجتمعات الأوروبية”، وَفْق ما يقول موقع “ستراتفور” المتخصص في الشئون الجيوسياسية والاستخباراتية.

مصطلح اليمين المتطرف:

“اليمين المتطرف”: مصطلح سياسي يطلق على كتل حزبية سياسية تدعو إلى حماية التقاليد والأعراف داخل المجتمع، وذلك عن طريق التدخل القسري، واستخدام العنف، واستعمال السلاح لفرض تلك القِيَم.

إذًا اليمن المتطرف هو وصف يُطلق على تيار سياسي يتبنى نزعة متطرفة معادية للمسلمين واليهود، والأجانب المهاجرين، ولديه تمسك متطرف بالقيم الوطنية وبالهوية السياسية والثقافية واللغوية.

صعد في السنوات الماضية الأخيرة العديد من التيارات والأحزاب السياسية التي تنتهج النزعة اليمينة المتطرفة في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، حتى وصلت إلى قمة السلطة في بعض الدول.

وحققت هذه الأحزاب مكاسب سياسية مهمة في العقد الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، وشاركت في حكومات وصارت ممثلة في برلمانات بلدانها، وكذلك في البرلمان الأوروبي(1).

استراتيجية السويد لمكافحة الراديكالية:

تبنت السويد عام 2017 إستراتيجية محلية لمكافحة الراديكالية والتطرف تصديًا للحركات اليمينية المتطرفة، بناءً على افتراض أن التطرف يُسهِّل، ويؤدي في الكثير من الأحيان إلى أعمال عنف ذات دوافع سياسية، أما الراديكالية: فيفترض أنها تنتج عن التفرقة الاجتماعية، وعدم الاندماج، والممارسات التمييزية أو العنصرية التي يمارسها السكان الأصليون، وقد تجتمع هذه العوامل في أشكال مختلفة؛ بحيث تتضافر وتغذّي بعضها الآخر، مسببة أزمة وجودية.

وتعتمد إستراتيجية السويد لمنع التطرف العنيف بشكل كبير على تجربة الدولة وخبرتها في منع الجرائم العنيفة (أقل نسبة في جرائم القتل بأوروبا)، وإن كانت الحكومة تتعامل رسميًّا مع حالات الجريمة والتطرف العنيف بشكلٍ منفصلٍ.

ورغم المجهودات الحكومية الكبيرة لامتصاص تفاقم مشاعر الكراهية والتطرف؛ حفاظًا على السلم الاجتماعي، والتي ميَّزت السويد عن باقي جيرانها الأوروبيين، تتجه الأمور عكس التيار ما يطرح تساؤلات بشأن من يدفع باتجاه ذلك، وما الأطراف المستفيدة؟ ولأي أغراض؟

صعود اليمين المتطرف في السويد:

مثَّل صعود حزب “ديمقراطي السويد” اليميني المتطرف وحصوله على 18 في المائة من الأصوات في انتخابات 2018، زلزالًا قويًّا يُلحق السويد بقائمة طويلة من الدول الأوروبية، التي صعد فيها اليمين المتطرف، من المجر وبولندا وإيطاليا والتشيك، مرورًا بالنمسا وألمانيا، وصولًا إلى الدنمارك وهولاندا.

ويصف عددٌ من المحللين السياسيين في السويد فوز هذا الحزب بهذه النسبة بأنه “يجعل العنصرية أكثر قبولًا في المجتمع السويدي”؛ إذ أصبح لمشاعر الكراهية والعداء حزب سياسي يغذيهما ويرعاهما، بل ويدافع عنهما.

وتراجعت قوى اليسار ويمين الوسط كما كان متوقعًا رغم احتفاظها بالصدارة وحصول كل منها على أكثر من 40 في المائة من الأصوات، فيما خسر ائتلاف اليسار والاشتراكي الديمقراطي 15 مقعدًا، بينما خسر ائتلاف يمين الوسط 14 مقعدًا. وكان هذا الصعود بمثابة صدمة لبعض المراقبين، فيما اعتبره البعض صعودًا محدودًا لا ينبغي المبالغة فيه؛ لأن الحزب لم يشارك في حكم البلاد، لكن وجه الخطورة فيما جرى لا يتعلَّق بمَن سيحكم بقدر ما يتعلق بالتحول الجوهري الذي طرأ على الخطاب السياسي، بل وطبيعة العملية السياسية التي تنعكس بالضرورة على الأرضية الاجتماعية.

وساهم تسارع معدلات الهجرة في السنوات الأخيرة تزامنًا مع الضغط الذي شكله حزب ديمقراطي السويد من داخل البرلمان وخارجه في تحول جوهري بالخطاب السياسي للأحزاب الكبرى؛ فقد صارت هي الأخرى تتبنى تقييد الهجرة بعد أن كان ذلك الموقف مقتصرًا على حزب السويد الديمقراطي؛ الأمر الذي أدَّى إلى جرِّ قلب الوسط السياسي نحو العداء للهجرة بعد أن ظل طويلًا في أقصى اليمين.

من بين 100 شخص على صلة بالجريمة المنظمة في 2017، 90 شخصًا ينحدرون من أصول أجنبية، واضطرت الأحزاب الكبرى ذات الخلفية الاشتراكية الاجتماعية إلى تغيير بعض سياساتها التي توصف بالمتسامحة تجاه المهاجرين، مثل: تشديد قيود الهجرة ومتطلبات الاندماج، وحتى التمتع بالتغطية الصحية للأجانب، لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، ما ضيَّق الخناق على الأجانب، وعزز الشعور بالإقصاء والتهميش.

وقال الأكاديمي السويدي، ماتياس غاردل، في تصريحات للتلفزيون السويدي الرسمي: إن العنصرية ضد المسلمين في بلاده، باتت أمرًا اعتياديًّا، ولفت غاردل، أستاذ تاريخ الأديان في جامعة أوبسالا: إن الاعتداءات التي تتسم بطابع عنصري ضد المسلمين، شهدت ارتفاعًا كبيرًا.

وأضاف: “هناك هجمة عنصرية جديدة على المسلمين، نسمي هذا بالإسلاموفوبيا، وقد باتت أمرًا اعتياديًّا بشكلٍ يبعث على الدهشة”.

وأظهرت آخر إحصائية صدرت في 2018: أن عدد الأشخاص المنحدرين من أصول مهاجرة في السويد، بلغ مليونين و400 ألف شخص، وبحسب الإحصائية التي أجرتها مؤسسة الإحصاء الحكومية في السويد؛ فإن نسبة المهاجرين يشكلون 24 في المائة من تعداد سكان السويد الذي يبلغ حوالي 10 ملايين شخص(2).

مَن راسموس بالودان اليميني المتطرف الذي أحرق القرآن؟

يرى ويدفيلدت أستاذ السياسة في جامعة أبردين في إسكوتلندا، الذي أجرى أبحاثًا عن الحركات اليمينية والشعبوية في الدول الإسكندنافية، أن بالودان استخدم في السابق نفس الطريقة في الدنمارك، وقد نظَّم احتجاجات مناهضة للمسلمين قام فيها بحركات مستفزة لهم بإلقاء كتاب ادَّعى أنه القرآن في الهواء وتركه يسقط على الأرض، أو لف كتابًا قال: إنه القرآن بلحم خنزير مقدد، وذلك غالبًا في أحياء يسكنها عدد كبير من المهاجرين.

اكتسب بالودان، وهو محامٍ نشأ في الدنمارك، سمعته المثيرة للجدل لأول مرة من خلال سلسلة من مقاطع الفيديو على الإنترنت أدلى فيها بتعليقات مهينة للإسلام وأتباعه وكذلك للسود، وواجه الناس بآرائه في الأحياء التي يتركز فيها المهاجرون. يقول ويدفيلدت: “يرى بالودان أن هذا احتجاج مشروع ضد ما يعتقد أنه أيديولوجية شريرة”، ويضيف: “وهذا يرتبط بالمناقشات الجارية في الدنمارك والسويد حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه حرية التعبير، وما يعتبر نقدًا مشروعًا، وما يرقى إلى الاستفزاز غير المشروع”.

في عام 2020، أحرق أنصار بالودان مصحفًا في مدينة مالمو السويدية، ما أثار احتجاجات عنيفة.

مُنع بالودان من دخول بلجيكا لمدة عام، ومن السويد لمدة عامين، وطُرد من فرنسا بعد أن أشار إلى نيته حرق مصحف في باريس.

أدين بالودان وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ في الدنمارك في يونيو / حزيران 2020؛ بسبب سلسلة من الجرائم، بما في ذلك العنصرية والتشهير، ونتيجة لذلك تم فَصْل المحامي لمدة ثلاث سنوات.

وقال ويدفيلدت: “حركته المتطرفة تركز على قضية واحدة فقط، وهي: حظر الإسلام وترحيل جميع المسلمين”، ويضيف: “على الرغم من أنك إذا اتبعت هذه السياسة، فسيكون ذلك بمثابة تطهير عرقي”(3).

تأجيج العنف لتحقيق مكاسب سياسية:

يرى البعض أن الاضطرابات التي استمرت لأيام خدمت بالودان، الذي سبق لحزبه المتشدد أن خاض الانتخابات الأخيرة في الدنمارك في عام 2019 بالاعتماد على برنامج مناهض للإسلام، لكنه لم يصل إلى عتبة 2٪ المطلوبة لدخول البرلمان.

ويبدو أن بالودان يركِّز اهتمامه الآن على السويد المجاورة، حيث يخطط الرجل البالغ من العمر 40 عامًا، والذي يحمل جنسية مزدوجة، لخوض الانتخابات البرلمانية في أيلول / سبتمبر القادم.

وقال أستاذ السياسة في جامعة أبردين في إسكتلندا، أندرس ويدفيلدت: “هذا هو بالضبط نوع الدعاية، ورد الفعل العنيف الذي يريده بالودان حتى يتمكن من الإشارة لذلك، وقال: هذا يظهر نوع المجتمع الذي أنشأته السويد من خلال التراخي الشديد بشأن الهجرة”(4).

إدانات عربية وإسلامية:

من جانبها: أدانت 13 دولة ومنظمة عربية وإسلامية، قيام بالودان بإحراق نسخة من القرآن الكريم.

وقد دانت مصر بأشد العبارات قيام مجموعة من اليمينيين المتطرفين في السويد بالإساءة المُتعمَّدة للقرآن الكريم، وما ترتَّب على ذلك من تأجيج لمشاعر المسلمين حول العالم.

وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان صحفي: أن هذه الواقعة تأتي ضمن الممارسات اليمينية المُتطرفة التي تُحرض ضد المهاجرين بوجه عام، والمسلمين على وجه الخصوص.

وقد أصدرت الدعوة السلفية بيانًا بشأن جريمة العدوان على “المصحف” في السويد، وذكر البيان أن البعض من سفهاء السويد أقدم على تكرار فعلتهم النكراء بإحراق المصحف الشريف، واختاروا شهر رمضان المبارك لفعل جريمتهم؛ لعلمهم أنه الشهر الذي يذكِّر المسلمين بنزول القرآن.

ولو أنهم كانت لديهم مسكة مِن عقلٍ إذ ظنوا أن القرآن ليس مِن عند الله؛ فكان في وُسعهم أن يقبلوا التَّحدِّي الذي تحدَّاهم به القرآن: “وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ”.

ولو أنهم يتدبرون ويستعملون عقولهم؛ لوجدوا أن القرآن قد أرشدهم إلى اختبار عادل يختبرون به صدقه وصدق غيره، فقال تعالى: “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا”.

وقد تدبَّره عقلاءُ كثر فهداهم إلى الإيمان كحال البروفيسور الفرنسي “موريس بوكاي” الذي تدبَّر القرآن من زاوية توافقه مع العِلْم الحديث، وبيَّن أن هذه الخاصية ينفرد بها القرآن، وتُثبِت بما لا يدع مجالًا للشك أنه مِن عند الله.

ومنهم مَن أبهره القرآن مِن جوانب متعددة، وإن قعدت به همته عن مخالفة دين قومه، مثل: الأديب والمفكر الذائع الصِّيت “جوته” حيث قال: “كلما قرأتُ القرآن شعرتُ أن روحي تهتز داخل جسمي؛ القرآن كتاب الكتب، وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم، وإذا كان الإسلام يعني الاستسلام لله، فكلنا نحيا ونموت على الإسلام”.

وقال: “إن التشريعَ في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية، وإننا -أهل أوروبا- بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه الإسلام، وسوف لا يتقدَّم عليه أحدٌ، وإذا كان هذا هو الإسلام، أفلا نكون جميعنا مسلمين”.

ونحن نقول لكل هؤلاء -الذين امتلأت قلوبهم غيظًا من القرآن، ومِن قوة حجته، ومِن إقناعه لذوي العقول والحجي، فأخرجوا غيظهم في حرق نسخ المصحف، وهو أمر لا يطفئ نار حقدهم، بل تبقى هكذا إلا أن يتوب أو يلقى الله بها- قول الله تعالى: “مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ”.

والدعوة السلفية إذ تستنكِر ذلك الإجرام تطالِب قيادات جميع دول العالم الإسلامي باستعمال أشد لهجات الاحتجاج لدى هذه الدول الراعية لمَن يسيء إلى الدين الإسلامي!

وتقديم شكوى في المؤسسات الدولية، ووضع الدول الغربية الكبرى أمام مسئوليتها في هذه الأحداث، وإن كنا لا ننتظِر منهم نصرًا، ولكن لعل الخجلَ أن يعرفَ إليهم طريقًا؛ فيكفوا عنا سفهاءهم.

إن المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي “وعلى رأسها: الأزهر الشريف” مطالبَة بالرد العملي بنشر القرآن وتفسيره، والتعريف بالإسلام في كلِّ ربوع الدنيا.

فوالله ما نسدي إلى البشرية شيئًا أنفع لهم من هدايتهم إلى القرآن والإسلام، كما قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”.

وتنصح “الدعوة السلفية” جميع المسلمين أن يستثمروا مواقعَ التواصل في التعريف بالإسلام وبالقرآن، وبالتعبير عن غضب الشعوب من هذا الإجرام المتكرر.

نسأل الله أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يردَّ كيدَ الكائدين إلى نحورهم؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل(5).

خطر اليمين المتطرف على أوروبا:

وَفْق ما توضِّحه تقارير وتحليلات غربية حول تصاعد تيار اليمين المتطرف في عموم الدول الأوروبية، “فإن نشطاء هذا الاتجاه يستغلون التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة لتوسيع أنشطتهم، ما يهدد بزيادة من حدة الاستقطاب داخل المجتمعات الأوروبية”.

وقال موقع “ستراتفور” الأميركي المعني بالشئون الجيوسياسية والاستخباراتية: “على الرغم مِن أن قيود كورونا خلال العامين الأخيرين دفعت بجماعات اليمين المتطرف في أوروبا إلى وقف تحركاتها على الأرض مؤقتًا؛ فإنهم تمكنوا من الانتشار عبر التواصل، ونشر الدعاية، وتشارك الآراء مع مواطنين آخرين؛ لتعزيز أفكارهم التي تنادي بـ(تفوق الرجل الأبيض)”.

ونقل الموقع عن الخبير الأمني سام ليتشنشتاين، قوله: “إن العديد من الأجهزة الأمنية والحكومات تمكَّنت من إجهاض الكثير من تحركات اليمين المتطرف؛ إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لا يزال هذا التيار أحد أخطر التهديدات في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”، مشيرًا في ذلك إلى أحداثٍ دمويةٍ ذات صلة كانت قد شهدتها أوروبا في العقد الأخير.

مضيفًا: أن “المتطرفين البيض” يشكِّلون تهديدًا أيديولوجيًّا وعملياتيًّا قد يتسبب في كشف مزيدٍ من عيوب الأجهزة الأمنية في القارة العجوز، ويزيد من حِدَّة الاستقطاب السياسي.

من جانبها ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية: “إن اليمين المتطرف بات تهديدًا عالميًّا يتطلب جبهة موحدة”، وذكرت المجلة في تقريرها الذي كتبته خبيرة شئون الأمن القومي والسياسة الخارجية هيذر أشبي: “أن جماعات اليمين المتطرف باتت تشكِّل تهديدًا خطرًا على المجتمعات الديمقراطية”.

وأوضحت المجلة: “أنه إذا كانت أيديولوجية اليمين المتطرف ليست بالأمر الجديد في أجزاء كثيرة من أوروبا؛ فقد أدَّى نمو الهجرة من الدول الإسلامية، وزيادة حركة الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، وردُّ السياسيين الشعبويين على ارتفاع معدلات الهجرة بنشرهم أفكارًا يمينية متطرفة، إلى ارتفاع مدِّ اليمين المتطرف في العقد الأول من القرن الحالي”.

وتتابِع “فورين بوليسي”: “إن محاربة التطرف اليميني لن تكون بالتأكيد مهمة سهلة، لكن الحفاظ على الديمقراطية والمساواة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان عبر العالم تستحق عناء المحاولة”.

ويروِّج اليمين المتطرف أفكاره ضد المهاجرين والمسلمين استنادًا إلى خطاب “الهوية الأوروبية”؛ إذ يعتبِر المسلمين والمهاجرين بشكل عام، خطرًا على هوية الغرب المبنية على المسيحية، وأنهم يأتون إلى أوروبا بدين مختلف، ويصعب دمجهم في المجتمع الأوروبي؛ لتمسكهم بثقافاتهم ومعتقداتهم(6).

الخلاصة:

القرآن الكريم الذي أحرقه ذلك الأخرق، هو كتاب أنزله الله تعالى رحمة للعالمين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، أُنزل للناس جميعًا، وليس فقط للعرب أو لفئةٍ من البشر: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة سبأ: 28].

إن حرق القرآن الكريم في السويد لا يندرج تحت بند الحريات، بل هو تصرف أخرق، يدل على مدى تغلغل الحقد والكراهية في نفوس البعض تجاه أكثر من ربع سكان العالم من المسلمين؛ بالإضافة لشدة عدائيته لله عز وجل الذي أنزل القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية.

تتشدق هذه الدول بمفاهيم هي في الحقيقة لا تطبقها إلا بشكل عنصري، تميِّز فيه البشر وَفْق أصولهم وألوان بشرتهم ودياناتهم، فقد كشفت الحرب الروسية – الأوكرانية عن مدى عنصرية العالم الغربي عمومًا تجاه شعوب شرق وجنوب العالم، وخصوصًا المسلمين منهم، وقد كشفت نواياهم وما يكتمون من خلال كلماتهم وخطاباتهم الموجهة لشعوبهم من أعلى الشخصيات الحاكمة في أكثر من بلدٍ، منها: فرنسا، وبولندا، وبريطانيا.

إن الشعوب الإسلامية في غالبيتها، ورغم ظروفها القاهرة، خصوصًا الاقتصادية منها، التي تُلقي بظلالها على باقي تفاصيل الحياة لَهِي شعوب متجذرة في الحضارة، وتعرف جيدًا معنى التعايش مع الآخر.

وبالإضافة إلى أنها مكونة من مسلمين ومسيحيين، فإنها تحتضن بكل ودٍّ وترحاب الكثيرَ من الجاليات الغربية، الذين جاءوا بحثًا عن الرزق، وخصوصًا في دول المشرق العربي، ويعيشون فيها بسلام واطمئنان، ولا نجد تجاههم أي خطاب كراهية كما تفعل قياداتهم وشعوبهم في بلادهم.

1_اليوم السابع

2_المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف

3_عربي بوست

4_D.W

5_ أنا السلفي

6_الاندبندت

التعليقات مغلقة.