fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

فشل التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات في ليبيا (الأسباب والتداعيات)

114

فشل التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات في ليبيا (الأسباب والتداعيات)

 

فضربة جديدة للمسار السياسي الليبي الهادف لإعادة الاستقرار في البلاد، بعد ما فشلت لجنة الحوار السياسي في جنيف في جولتها التفاوضية الأخيرة في الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع عقدها، فيما يملك مجلس النواب طوق النجاة لإنقاذ البلاد من الرجوع إلى المربع الأول.

وقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في يوليو 2021، انتهاء جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي التي عُقدت في جنيف لمدة أربعة أيام، وفشلَ المشاركين في التوافق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات العامة، وَفْق خريطة الطريق التي أقرها الملتقى في جولته الأولى في تونس، في نوفمبر 2020.

وشهدت الجولة الأخيرة من جلسات الملتقى تجاذبات وخلافات بين المشاركين على خلفية الخيارات التي طُرحت لإجراء الانتخابات؛ ما يثير تساؤلات عن مصير خريطة الطريق وحسابات مختلف الفرقاء.

القاعدة الدستورية والخيارات المطروحة:

حددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مدة انعقاد جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي بثلاثة أيام، غير أنها اضطرت إلى تمديدها يومًا آخر بعد ظهور خلافات حادة بين المشاركين حول الصيغ المطروحة بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات.

وفي محاولة للوصول إلى توافق، اختار المشاركون لجنة استشارية مكونة من 14 عضوًا من أعضاء الملتقى البالغ عددهم 75 عضوًا، كُلفت بمناقشة المقترحات المقدمة من اللجنة القانونية، وصياغة تفاهمات لعرضها للتصويت، غير أن اجتماعاتها انتهت من دون إنجاز.

وقد تركزت أبرز الخلافات، التي أدت إلى انتهاء جولة الحوار دون نتيجة أساسًا، حول موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والقاعدة الدستورية التي ستجري وفقها، في حين كانت الخلافات حول الانتخابات البرلمانية أقل حدة، وانحصرت في عدد غرف البرلمان ومقره.

وقد طُرحت بخصوص الانتخابات الرئاسية ثلاثة خيارات لإجرائها؛ تمثّل أولها في تنظيم الانتخابات العامة في موعدها المقرر أواخر عام 2021، وَفْق قاعدة دستورية مؤقتة تسمح بترشح العسكريين المباشرين لمهماتهم ومزدوجي الجنسية، ولا تشترط عليهم تخلِّيهم عن مهماتهم العسكرية وجنسياتهم الأجنبية إلا بعد الفوز (وهي قاعدة مفصلة على مقاس اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بحسب بعض وجهات النظر).

أما الخيار الثاني: فقد تمحور حول إجراء الانتخابات البرلمانية في الموعد المحدد في خريطة الطريق وَفْق قاعدة دستورية مؤقتة يجري التوافق عليها، وتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى حين معالجة النقاط الخلافية في مسودة الدستور التي صاغتها الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وتنظيم استفتاء شعبي على النسخة المعدلة.

 في حين ذهب الخيار الثالث إلى تنظيم استفتاء على مشروع الدستور أكتوبر 2021، ثم إجراء الانتخابات العامة وفقه في موعدها المحدد.

وإضافة إلى ذلك: ظهرت خلافات أخرى تعلَّقت أساسًا بعدد غرف البرلمان ومقره، وبصيغة انتخاب الرئيس بين مَن يدعم الانتخاب الفردي المباشر وبين مَن يرى ضرورة الانتخاب وَفْق نظام القائمة التي تتشكل مِن رئيس، ونائب له، ورئيس حكومة؛ ينتمي كل واحد منهم إلى أحد أقاليم ليبيا، غير أن الخلافات الأعمق التي أدت إلى انتهاء جولة الحوار من دون توافق كانت أساسًا حول الانتخابات الرئاسية.

القاعدة الدستورية:

يدرك مختلف الفرقاء المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي أهمية الانتخابات القادمة التي من شأنها منح الشرعية للسلطة التنفيذية المنبثقة منها، والتي ستكون مدعومة بموقف دولي، ومِن الأمم المتحدة يدفع باتجاه القبول بنتائج الاقتراع؛ ولذلك يسعى كلُّ طرف من أطراف الصراع، ومن ورائه داعموه الإقليميون إلى تمهيد السياق السياسي والدستوري بما يخدم حضوره أواخر العام الجاري.

وتعاني بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مشكلةً تعانيها جميع المنظمات الدولية في مقاربتها مسألة الانتقال الديمقراطي في دول العالم الثالث، حين تَعُدّ الانتخابات مخرجًا من الشروخ الاجتماعية والسياسية.

والحقيقة: أن الانتخابات يُفترض أن تجري بعد حلِّ هذه الشروخ بالتسويات وبغيرها، وإذا أجريت من دون حل، فإنها تُفاقمها وقد تُفجرها، كما تبيَّن في حالات عديدة.

ما بعد جنيف:

بعودة أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي من جولة جنيف، من دون التوصل إلى توافق على ترتيبات إجراء الانتخابات العامة في العام الجاري، يكون ملتقى الحوار السياسي الليبي قد وصل إلى طريق مسدودة بعد أن أفلح المشاركون فيه رغم الخلافات العميقة في التفاهم على خريطة طريق في الجولة الأولى في تونس نوفمبر 2020، وفي التوافق على اختيار رؤوس السلطة التنفيذية في جولة جنيف.

في حين يدرك الطرف المقابل أن القبول بخيارات فيها مساس بموعد الانتخابات المدون في خريطة الطريق وبأرضية دستورية تفرض شروطًا دقيقة على المرشحين من شأنه تغيير موازين القوة لغير صالحهم، وإعادة توزيع التوازنات السياسية والجهوية القائمة حاليًا، ولا سيما أن العامل الديموغرافي والتركز السكاني قد يدفعان في هذا الاتجاه.

وفي السياق ذاته: تتجه إرادة بعض الأطراف الإقليمية صاحبة المصلحة إلى محاولة الحفاظ على النفوذ الذي كسبته في ليبيا.

ورغم المطالب المتكررة بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا، كما نصَّت على ذلك خريطة الطريق، فإن الفرقاء الليبيين وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يدركون أن تحقيق هذا المطلب لن يكون أمرًا يسيرًا، وأن المصالح الإستراتيجية للأطراف التي تمتلك حضورًا عسكريًّا في ليبيا أبعد من موعد الانتخابات.

ومن هذا المنطلق: يمكن إدراك مواقف روسيا ومصر وتركيا، وغيرها من الدول الحاضرة في المشهد الليبي.

تعي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وطيفٌ من المجتمع الدولي أن إخفاق الفرقاء الليبيين في التوافق على أرضية مشتركة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر يُخفي أزمة عميقة ذات أبعاد سياسية واجتماعية وجهوية وإقليمية، وأن هذا الإخفاق من شأنه فتح الباب مجددًا أمام الخيار العسكري؛ وهو خيار يظل قائمًا وتتزايد مؤشراته الميدانية، وهو فعل لا يبدو أنه يحظى بفرص قبول أكثر هذه المرة، بل على العكس ازداد عدد خصومه الدوليين.

خطاب للأمم المتحدة:

وبدوره طالب عارف النايض رئيس تكتل إحياء ليبيا، يان كوبيش المبعوث الأممي لدى ليبيا، بمنع أي محاولات لرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ومساعديه لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في موعدها المحدد.

وشرح النايض بحسب خطاب وجهه إلى كوبيش، حصلت سكاي نيوز على نسخة منه، ست نقاط ترتكز عليها خطته لإتمام الانتخابات ومنع عرقلتها مثلما تريد جماعة الإخوان، مطالبًا بنشر نتائج تحقيق لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة فيما يتعلق بالعملية “المعيبة” التي أوصلت الدبيبة إلى السلطة وخاصة الملحق رقم 13 الذي تم حجبه من تقرير اللجنة الأخير.

كما دعا إلى فتح تحقيق شامل للنظر في الأساليب التي اتبعها المعرقلون للانتخابات وتمكنوا من خلالها من “تخريب” جلسات ملتقى الحوار السياسي الأخيرة وذلك بطرح مقترحات مخالفة للقانون الدولي والإجماع المحلي والدولي تنال من قطعية التاريخ المحدد لعقد الانتخابات، مطالبًا بنقل صلاحيات الدبيبة التنفيذية إلى نائبه لحين انتهاء التحقيقات وصدور نتائجها.

وطرح النايض، حلًّا بديلًا لاعتماد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، وذلك بتفعيل صلاحيات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بما في ذلك من قوانين تشكل أساسًا كافيًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في موعدها المقرر، وفي حال تعذر هذا الإجراء فيمكن حث مجلس الأمن على اعتمادها خلال جلسته المقبلة.

وناشد الخطاب المرسل إلى كوبيش بضرورة فرض عقوبات رادعة ناجزه على كل من سولت أو تسوِّل له نفسه عرقلة أو تخريب إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ومن بينهم بعض أعضاء الملتقى المعرقلين للانتخابات خلال الجلسة الأخيرة.

وشدد على ضرورة ممارسة الضغوط على جميع القوات الأجنبية والمرتزقة لمغادرة الأراضي الليبية بشكل عاجل، مطالبًا بضرورة إشراك الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية في إمكانية إرسال فرق دعم الانتخابات وحمايتها.

السيناريو البديل:

وبدوره قال فتحي المريمي مستشار رئيس مجلس النواب الليبي: إن البرلمان قادر على القيام بالدور التشريعي اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أكمل وجه، وَفْقًا لما لديه من قوانين وقرارات موجودة بالفعل؛ بالإضافة لقدرته على سن تشريعات أخرى.

وذكر المريمي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، بالقرار رقم 5 لسنة 2014، الذي بموجبه فوض مجلس النواب الليبي لاختيار رئيسه، مبينًا أن القاعدة الدستورية التي أتت بالمجلس الحالي ما زالت قائمة، ويمكن إجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة تأسيسيا عليها.

وأوضح: أن مجلس النواب يمكنه إعداد قوانين جديدة يقدمها للمفوضية العليا للانتخابات إذا احتاجت ذلك، خاصة بعد ظهور مشكلات بين أعضاء لجنة الحوار السياسي وفشلها في تقديم قاعدة دستورية للانتخابات.

معرقلي الانتخابات:

من جانبها أكَّدت عفاف الفرجاني الكاتبة الصحفية: أن انتخابات 24 ديسمبر استحقاق ومطلب وطني ودولي ومجلس الأمن والمجتمع الدولي كله يطمح إليها في ضوء المسار السياسي للوصول إلى حل الأزمة في البلاد، مبينة أن القوى المعطلة للانتخابات “إشارة إلى جماعة الإخوان” كشفت عن وجهها الحقيقي وعليه يجب الدفع بالمضي قدما لإجراء الانتخابات.

واعتبر محمد قشوط المحلل السياسي الليبي: أن ما أورده خطاب النايض، هو نتيجة طبيعية لعرقلة خارطة الطريق المتفق عليها، مؤكدًا على اتفاقه مع كل ماورد بها؛ لأنه عبر عن كل ما يدور في عقل المواطن الليبي الرافض لإطالة أمد الأزمة الليبية.

فشل التوافق على القاعدة الدستورية:

وفي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أشار قشوط إلى أن اللجنة الاستشارية المنبثقة عن لجنة الحوار كانت قد جهزت بالفعل مقترحها للقاعدة الدستورية تمهيدًا للتصويت عليها في لجنة الحوار؛ إلا أن الجميع فوجئ بعرض 21 عضوًا يتبعون الدبيبة لورقة أخرى تقترح تأجيل الانتخابات ومد أجل الحكومة إلى عامين ونصف، وهذا يعد نكوصًا واضحًا للمخرجات السابقة.

وبحسب تصريحات الفرجاني لموقع سكاي نيوز، فإنه إذ لم تمتثل حكومة الوحدة الوطنية لإرادة المجتمع الليبي فيجب على المجتمع الدولي والأعراف المنصوص عليها وأهمها قرار 7 المفروض على ليبيا منذ عام 2011، تفعيل العمل السياسي؛ لأن بديله هو العمل العسكري لإخراج المرتزقة من البلاد.

ووجهت فرجاني دعوتها إلى مجلس النواب بتفعيل قراره الذي أصدره عام 2014 القاضي بتوليه رئاسة الحكومة بديلًا عن الحكومة الوطنية لدعمها بعض التكتلات السياسية التي تدور في فلك جماعة الإخوان.

ورأى قشوط أن حكومة الدبيبة جاءت بهدف توفير الخدمات الأساسية والوصول إلى الانتخابات، لكنها فشلت في مهمتها الأولى في ظل انقطاع التيار الكهربي المتكرر، وها هو التيار التابع لها يسعى لعرقلة العملية الانتخابية.

ووصفت الموقف بالضبابي فمن غير المعروف ما الذي تحمله الأيام المقبلة على المشهد السياسي وهل سيتخذ المجتمع الدولي خطوات بشأن معرقلي خارطة الطريق من أجل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي.

وفسر قشوط عدم موافقة التيار التابع للدبيبة في ملتقى الحوار على استكمال خارطة الطريق والوصول إلى الانتخابات الرئاسية، لــ”خشيتهم من ترشح المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية للرئاسة لأنه حتما سيفوز بها”.

وبحسب مصدر بالملتقى أخبر أن الجلسة الختامية جرت وسط أجواء مشحونة وغياب تام للتوافق، مشيرًا إلى تلقي أعضاء بالملتقى رسائل تهديد للضغط عليهم من أجل تغيير مواقفهم بعضها من زملاء لهم.

وقالت مصادر لموقع سكاي نيوز إن تنظيم الإخوان وراء إفشال جهود ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي سعى للتوصل إلى قاعدة دستورية متوافق عليها من أجل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل(2).

مطالبات بحل اللجنة:

ومع فشل لجنة الحوار السياسي من جديد طالبت بعض الأطراف بحلها، والانتقال إلى الانتخابات العامة في الموعد المحدد لها بإشراف دولي.

الغريب أن أغلب النداءات لحل لجنة الحوار السياسي جاءت من داخلها، حيث قال عضو اللجنة محمد العجيلي الحسناوي، إنه “بعد فشل الحوار في إنجاز القاعدة الدستورية، فإن الحل يكمن في حل لجنة الحوار”.

وكان عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي بالقاسم النمر، سبق زميله الحسناوي في المطالبة بهذا الأمر، متهمًا مَن سماهم بـ”المعرقلين والمستفيدين من الوضع الراهن بإفشال ملتقى الحوار السياسي في جنيف”.

وأضاف النمر عبر حساباته على مواقع التواصل: “أن هؤلاء نجحوا في ترحيل الانتخابات بطرح مخالفات جسيمة لخريطة الطريق، أطاحت بالتوافق حول إجراء الانتخابات في موعدها”.

وخاطب النمر الشعب الليبي “لم يبقَ أمامكم إلا الخروج إلى الشارع، وإسقاط هذه الأجسام، وعلى رأسها ملتقى الحوار السياسي”.

غضب أميركي:

 في بيان شديد اللهجة بشكل لافت، عبر السفير الأميركي، المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، عن استيائه من فشل ملتقى الحوار السياسي بجنيف في التوصل إلى توافق حول القاعدة الدستورية التي ستجرى الانتخابات العامة بمقتضاها.

وقال نورلاند، في بيان نشرته السفارة الأميركية في ليبيا، “في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، اجتمع ملتقى الحوار السياسي الليبي، واتخذ قرارات مهمة بشأن مستقبل ليبيا، ورحب الليبيون والمجتمع الدولي على حدٍّ سواء بخريطة طريق الملتقى للمرحلة التحضيرية من أجل حل شامل، وحدد يوم 24 ديسمبر لإجراء الانتخابات العامة، وشدد عليه مجلس الأمن وأصبح نقطة مركزية في عملية برلين، بما في ذلك نتائج اجتماع برلين الوزاري، الذي عقد الأسبوع الماضي”.

واتهم نورلاند بعض أعضاء لجنة الحوار الليبية بمحاولة إفساد الملتقى ونسف خريطة الطريق السياسية، “تابعنا من كثب اجتماعات الملتقى في جنيف هذا الأسبوع، بما في ذلك عديد من الأعضاء الذين يبدو أنهم يحاولون إدخال (حبوب سامة) تضمن عدم إجراء الانتخابات؛ إما مِن طريق إطالة العملية الدستورية أو من خلال خلق شروط جديدة يجب تلبيتها لإجراء الانتخابات”، مشيرًا إلى: “أن بعض هؤلاء الأفراد يعملون نيابة عن القادة السياسيين الذين قدَّموا للولايات المتحدة تأكيدات واضحة بأنهم يدعمون الانتخابات في 24 ديسمبر”(3).

خلاصة واستنتاجات:

تعكس مؤشرات الأوضاع السياسية والعسكرية في ليبيا عقب تشكيل الحكومة الجديدة أن استكمال تنفيذ خارطة الطريق، من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نهاية العام قد يكون أمرًا متعذر الحدوث؛ لا سيما في ضوء اتساع طائفة الأطراف المحلية المستفيدة من بقاء الوضع الحالي، وصعوبة استكمال الشروط الدستورية لإجراء الانتخابات، وامتلاك أطراف عدة الأدوات العسكرية والقانونية لتعطيل تنفيذ هذه الخارطة.

لا تتطابق تصريحات الأطراف الخارجية الداعمة لإجراء انتخابات في ليبيا مع حقيقة استمرار الانقسام في الموقف الدولي؛ لاسيما في ضوء تفاقم حدة الصراع الدولي بين واشنطن وموسكو في بؤر صراعية عدة، وهو ما لا يمكن معه استبعاد تحول ليبيا إلى أحد ساحات الصدام بين الطرفين خلال الأشهر المقبلة.

سيتراوح مسار الأوضاع في ليبيا بين استمرار السلطة القائمة فيما بعد 24 ديسمبر المقبل، في ضوء استحكام الخلاف بين موسكو وواشنطن، وتلاقي ذلك مع مصالح الأطراف المحلية المستفيدة من بقاء الوضع القائم، لكن من دون تحوُّل ليبيا إلى أولوية بالنسبة لقطبيّ الصراع الدولي، أو انفلات الأوضاع الأمنية وعدة الصراع المسلح، وهو ما يتوقف كذلك على مسار الصراع الأمريكي الروسي وتفاعلاته.

خاتمة

لم تكشف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حتى الآن، عن تفاصيل خطواتها القادمة لمعالجة الانسداد الذي وصله الحوار، واكتفت بحثّ أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي على “مواصلة التشاور فيما بينهم للتوصل إلى حل توفيقي عملي وتعزيز ما يوحدهم”، غير أنها تعهدت بأنه “لن يتم قبول المقترحات التي لا تمهد الطريق وتمكن من إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر”[9]. ومن المتوقع أن تبادر البعثة، خلال الأيام القليلة القادمة، إلى تعيين موعد لانعقاد جولة جديدة من الحوار، كما يُتوقع أن تتصاعد الضغوط الدولية على المشاركين للالتزام بخريطة الطريق.

 

1_ عرب 48/ المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات/ فشل التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات في ليبيا: الأسباب والتداعيات

2_ سكاي نيوز/ ليبيا.. خلافات “القاعدة الدستورية” ضربة جديدة للمسار السياسي

3_ الإندبندت/ زايد هدية/ “نظام الانتخابات” يعطل لجنة الحوار السياسي الليبي

4_ مركز الإمارات للسياسات/ بلال عبد الله/ آفاق خارطة الطريق في ليبيا: السيناريوهات المحتملة

 

التعليقات مغلقة.