fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

ما الذي ينتظر القضية الفلسطينية في عهد الرئيس بايدن؟

107

ما الذي ينتظر القضية الفلسطينية في عهد الرئيس بايدن؟

 

فتعد القضية الفلسطينية أحد أهم القضايا التي تشغل حيزًا كبيرًا على أجندة السياسة الخارجية للديموقراطي جو بايدن؛ الذي وصل إلى السلطة عقب الجمهوري دونالد ترامب الذي شهد عهده بعض التغييرات الهيكلية والظرفية في السياسة الخارجية الأمريكية.

وعلى عكس القرارات التعسفية التي جرى اتخاذها ضد فلسطين، بضغوط مكثفة من اللوبي الصهيوني الذي هيمن على السياسة الأمريكية في عهد ترامب، فإنه من الملاحظ وجود توقعات إيجابية نسبيًّا حتى اللحظة بخصوص عهد بايدن، غير أنه من غير الممكن الانخداع بهذه الأجواء الإيجابية، والقول إن تغيرًا جذريًّا سيطرأ على علاقات الولايات المتحدة وسياستها تجاه القضية الفلسطينية.

قبل طرح أي تقييم بشأن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء القضية الفلسطينية، سيكون من المفيد التذكير بسياسة إدارة ترامب فيما يتعلق بالقضية؛ في هذا الإطار ينبغي أن نشير إلى السياسة الأمريكية الفضفاضة للمنطقة بعد تقلد جو بايدن سدة الحكم.

ملامح السياسة الأمريكية في المنطقة في عهد بايدن:

خرج وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن ليعلن الخطوط العامة لسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

لا يوجد بينها ما يخالف التوقعات، ولا تحمل ما يدفع إلى التفاؤل أو التشاؤم، فلا تزال الدول المعنية تحتاج إلى مزيدٍ مِن التوضيح، أو أن الأقنية الأمنية والدبلوماسية تتكفل كالعادة بشرح ما بين السطور.

العنوان الأبرز لسياسة الرئيس جو بايدن الخارجية هو تخليه عن شعار: “أمريكا أولًا” الذي تبناه سلفه دونالد ترامب، ليس بصيغة تفضيل مصالح الخارج على الداخل، وإنما بانتزاع مصالح واشنطن دون ضوضاء، لطالما كانت القوة بكل أنواعها المحددة الرئيسية لسياسة البيت الأبيض منذ أصبحت الولايات المتحدة القطب الأقوى حول العالم، ولكن ترامب هو الرئيس الوحيد الذي شذ عن القاعدة ومارسها بأسلوبه، إن جاز التعبير.

ما هو غير واضح في السياسة المعلنة هو اللا موقف الذي تتبناه أمريكا تجاه مجمل قضايا وأزمات المنطقة، استعرض وزير الخارجية مواقف بلاده مما يجري بعين صحفي حيادي، وكأن لسان حاله يقول: إننا لا نؤيد غلق أيٍّ مِن الملفات الآن، أو -على الأقل-: لا نزال في طور دراسة موقفنا تجاه كل ما يعيشه الشرق الأوسط والمنطقة العربية عمومًا.

باختصارٍ شديدٍ تكلم الوزير فازدادت خطط الولايات المتحدة وسياساتها غموضًا، ولا يبدو أن بايدن سيتخلى عن إسرائيل(1).

إرث بايدن من القرارات الترامبية:

ينبغي أن نشير إلى أن ترامب قد اتبع سياسة صَعَّدت من التوتر بصورة صريحة، عبر 3 قرارات خطيرة تم اتخاذها بشأن القضية الفلسطينية.

أول هذه القرارات كان قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وقد اتخذ هذا القرار الذي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي سابق على اتخاذه في السادس من ديسمبر 2017، كنتيجةٍ لمساعي جاريد كوشنر صهر ترامب وأحد كبار مستشاريه الذي تربطه علاقة وثيقة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، عقب هذا القرار الذي تم اتخاذه بغية دعم ادعاء إسرائيل بأن القدس هي العاصمة الأبدية لها، دعت إدارة ترامب الدول الأخرى لاتخاذ خطوات مشابهة في هذا الاتجاه، ولكن عددًا قليلًا فقط من الدول نقل سفارته إلى القدس استجابة لهذا النداء.

وبهذا الخطأ الإستراتيجي الذي لا يمكن تلافيه ضُرِب بحساسيات ومقدسات كل المسلمين لا الشعب الفلسطيني المظلوم فحسب عرض الحائط، كما خسرت الإدارة الأمريكية باتخاذها هذا القرار دور “الوساطة” المزعومة، وتلقت علاقاتها بفلسطين ضربة قاتلة؛ وعليه قررت السلطة الفلسطينية قطع علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية كردٍّ على هذا القرار.

وفي أعقاب ذلك قامت إدارة ترامب عبر قرار أصدرته في العاشر من سبتمبر 2018 بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية الموجود في واشنطن منذ عام 1994، باعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل تزعزع الإيمان بحل الدولتين.

ثاني هذه القرارات: كان قرار إدارة ترامب في أغسطس من عام 2018 إيقاف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.

وبالرغم من أن إدارة ترامب قد بررت هذا القرار بالمشاكل الموجودة في نمط عمل الوكالة؛ إلا أن هذا القرار قد تم تقييمه على مستوى الرأي العام الدولي كبُعدٍ جديد للدعم الأمريكي المقدَّم إلى إسرائيل.

وكانت إدارة ترامب قد أبدت ردة فعل على قرار منظمة اليونسكو إدراج البلدة القديمة الموجودة في مدينة الخليل الفلسطينية إلى قائمة التراث العالمي عقب هذا القرار على الفور، وما لبث ترامب أن قرر الخروج من اليونسكو مع إسرائيل في يناير من عام 2019، وقد اعتبر هذا القرار الذي اتخذ لإرضاء إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة تجليًّا ملموسًا لنمط السياسة الشعبوية.

القرار الثالث: كان مشروع “اتفاقية القرن” المزعومة التي طرحها الرئيس ترامب على جدول الأعمال، مدعيًا أنها ستصيغ حلًّا دائمًا للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وكان ترامب قد أزاح الستار عن خطة السلام المزعومة المتعلقة بالصراع في مؤتمر صحفي نظَّمه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في يناير من عام 2020.

 غير أن وجود مواد في هذا المشروع لا يمكن قبولها بالنسبة للجانب الفلسطيني كترك إدارة القدس لإسرائيل، ومنح الفلسطينيين رقعة أرض صغيرة فقط شرق القدس، على أن تكون الدولة الفلسطينية دون قوة عسكرية تحميها؛ كل ذلك أظهر بوضوح أن الخطة تخدم التوسع الإسرائيلي.

وقد اعتبر هذا المسعى الذي يقف جاريد كوشنر وراءه “خيانة القرن” في نظر المجتمع الدولي، حتى وإن تم إظهاره كخطة بريئة من قِبَل الإدارة الأمريكية، وفي هذا السياق لوحظ قيام بعض الدوائر بمحاولة فصل القضية الفلسطينية عن قضية القدس، سواء عن وعي أو دون وعي، متناولة تلك القضيتين كل على حدة، ولكن هذا الموقف لا يخدم سوى السياسات التوسعية الإسرائيلية، وعليه ينبغي التأكيد على أنه لن يكون من الممكن تصور وفهم القصية الفلسطينية بمعزلٍ عن وضع القدس.

خطوات إدارة بايدن للتطبيع:

من ناحية أخرى: فالخطوات التي خطتها إدارة بايدن تجاه القضية الفلسطينية أكثر إيجابية نسبيًّا، وفي هذا السياق وبالرغم من أن بايدن ما زال حديث العهد في المنصب إلا أن لتصريحه بأنه سيبذل جهودًا في قضية حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، وأن المساعدات التي قطعت في عهد ترامب ستعود مجددًا أهمية من حيث إعادة تأسيس العلاقات، كذا فقد صرَّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه في حالة أوفت إدارة بايدن بوعودها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فسوف يكون من الممكن أن يتم تطبيع العلاقات بين البلدين.

إعلان إدارة بايدن أنه سيتم مد الفلسطينيين بـ 15 مليون دولار مساعدات إنسانية لمكافحة السلالة الجديدة من فيروس كورونا، وقرارها في السابع من إبريل إرسال مساعدات تقدر بـ75 مليون دولار من أجل تنمية قطاع غزة والضفة الغربية و150 مليون دولار أخرى من أجل برامج الأونروا؛ كل ذلك يمكن اعتباره خطوات على طريق تطبيع العلاقات الثنائية.

وعن تصريح وزارة الخارجية الأمريكية بأن “احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان هو حقيقة تاريخية” الذي ورد في تقريرها لعام 2020، فيمكن تقييمه على أنه جزء من عملية التطبيع.

يأتي الاجتماع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس الخطوات الجديدة المحتمل أن تخطوها إدارة بايدن من أجل تطبيع العلاقات الأمريكية – الفلسطينية، وسيكون لخطوت مثل فتح قنصلية أمريكية للفلسطينيين في القدس الشرقية على الأقل، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتبني مبادرات دبلوماسية نشطة تدعم حل الدولتين أهمية كبيرة لاستعادة العلاقات الثنائية بنفس الشكل، فالتراجع عن قرار الانسحاب من اليونسكو الذي هو ثمرة لمقاربة شعبوية، ورفع المساعدات المالية المقدمة لمنظمة الأونروا وفلسطين، وممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف أعمال الاستيطان اليهودي غير الشرعي هي من الخطوات الواجب اتخاذها على هذا الطريق فقط، عندئذٍ قد تتشكل أجندة واقعية لحل القضية الفلسطينية(2).

تصريحات محسوبة:

وجَّه جو بايدن رسائل واضحة متكررة بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لا سيما في غياب أي أمل في تسويته بسرعة، ليس ضمن أولوياته، ولكن على غرار كثيرين من الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، تجبر الأزمة الرئيس الحالي على التدخل في الحد الأدنى، لتجنب الانفجار.

ويضع العنف المتصاعد الرئيس الديموقراطي أمام معادلة معقدة دبلوماسيًّا، بما أن الأوراق التي يمتلكها محدودة، ولكن سياسيًّا أيضًا إذ دفعه الجناح اليساري لحزبه إلى أخذ مسافة واضحة من إسرائيل بعد الدعم الثابت والقوي الذي أبداه دونالد ترامب.

وقال المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأدنى آرون ديفيد ميلر لوكالة فرانس برس: “يمكن أن نفهم بسهولة أن إدارة بايدن تعتبر هذا جهدًا فائدته قليلة وغير مربح، ومحفوفًا بالأفخاخ السياسية”.

وأضاف الخبير في مؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي: “لا آفاق لنجاح في هذا الملف؛ ليس هناك قائد في الجانبين مستعد لاتخاذ قرارات”.

وتابع: “في أحسن الأحوال، يمكن لإدارة بايدن أن تأمل في تهدئة العنف فقط في الأزمة الحالية”.

ودعا سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون الولايات المتحدة إلى التدخل من أجل وضع حدٍّ لأعمال العنف المتجددة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

 وقال: “نحن بحاجة إلى تدخل أمريكي. من الواضح أنهم (الأمريكيون) هم الذين ما زالوا يملكون الرافعات الدبلوماسية الرئيسية حاليًا، رغم أنه ينبغي لأوروبا أن تكون أكثر حضورًا”.

وتابع: “هناك تصعيد كبير، ومن الضروري أن تتدخل الإدارة الأمريكية”، مؤكِّدًا: “أن علينا أن ننخرط؛ أوروبيين وأميركيين، مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية لمحاولة إيجاد حلٍّ في الأيام المقبلة”.

في الأيام الأخيرة ضاعف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان الاتصالات والتصريحات من أجل “التهدئة”.

وأجرى ساليفان محادثات مع الحكومة المصرية لبحث الوضع بين غزة وإسرائيل، ووضع خطوات لإعادة الهدوء في الأيام المقبلة.

وذكر مراقبون أن واشنطن تتدخل مع شركاء عرب آخرين، مثل: الأردن، وقطر، لكن التصعيد العنيف الذي نجم جزئيًّا عن تهديد بإخلاء منازل فلسطينيين في القدس الشرقية لصالح مستوطنين يهود، أدَّى إلى اشتباكاتٍ ثم إلى إطلاق صواريخ من حماس باتجاه الدولة العبرية وضربات مكثفة للجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.

خطة سلام مزعومة:

وعبَّر بلينكن عن دعمه إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل، لكنه اعترف بأن “لا احتمال واقعيًّا في هذا الاتجاه على المدى القصير”.

وأشار المتحدث باسم الحزب نيد برايس مرة أخرى إلى أن “الطرفين ليسا في وضعٍ يسمح لهما حاليًا بإجراء مفاوضات حقيقية للتحرك نحو حل الدولتين”.

وأعلن الملياردير الجمهوري خطة سلام تنص على أن تضم الدولة اليهودية جزءًا كبيرًا من الضفة الغربية، تاركًا للفلسطينيين دولة صغيرة عاصمتها في ضواحي القدس.

وقال نيد برايس ساخرًا: “أعتقد أنه يمكننا الجزم أن هناك عناصر مما يسمَّى بخطة السلام، هذه لا تمثِّل نقطة انطلاق بنَّاءة”.

وتبنت إدارة ترامب أخيرًا أولوية تكمن في تطبيع دول عربية أخرى علاقاتها مع إسرائيل ونجحت في ذلك، ما ساهم في تهميش القضية الفلسطينية.

لا قطيعة:

ودعمت إدارة بايدن هذا التطبيع الذي يعد من أحد النجاحات الدولية النادرة التي تعترف بها للحكومة السابقة، لكنها أحيت في الوقت نفسه دبلوماسية أكثر تقليدية وتوازنًا حيال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

واتهم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بايدن بـ”الضعف”؛ لعدم دعمه إسرائيل بقوة كافية في الأزمة الحالية.

وكتب في بيان: “تحت حكم بايدن أصبح العالم أكثر عنفًا واضطرابًا؛ لأن ضعف بايدن وعدم دعمه لإسرائيل أديا إلى مزيدٍ من الهجمات على حلفائنا”.

ويقيم الرجلان المخضرمان في السياسة الخارجية الأمريكية: “جو بايدن، وأنتوني بلينكن” علاقات متينة وطويلة الأمد مع إسرائيل، لكن مواقف التأييد المبالغ به للدولة العبرية في عهد ترامب ساعدت في نمو معارضة متزايدة داخل الحزب الديموقراطي الأمريكي خصوصًا حيال بنيامين نتانياهو الذي يُنظر إليه أكثر فأكثر على أنه زعيم لليمين المتطرف.

وقالت فيليس بنيس، الباحثة في معهد الدراسات السياسية الذي يوصف باليساري: إن الرئيس الأمريكي -ورغم بعض الخلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي- لم ينفذ قطيعة حقيقية مع قرارات خلافية عديدة اتخذها سلفه.

وأضافت لوكالة فرانس برس: “بما أن إسرائيل لا تريدنا أن نعود إلى الاتفاق النووي الإيراني، ونحن سنفعل ذلك في كل حال، لن نتخذ أي قرار آخر قد يثير استياء إسرائيل، مثل: الضغط ضد انتهاكاتها المباشرة للقانون الدولي”(3).

هل بايدن أفضل للفلسطينيين؟

من جهته يرى الباحث في الشأن السياسي الأمريكي والمقيم في شيكاغو نادر الغول: أن بايدن بالرغم من موافقه الداعمة لإسرائيل سيمثِّل حلًّا أفضل للفلسطينيين، فهو أعلن وبشكلٍ واضحٍ أنه سيعيد استئناف المساعدات للفلسطينيين، وسيعمل على إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات؛ إضافة إلى أنه يؤمن بحلِّ الدولتين.

وبحسب الباحث من شيكاغو فإن “بايدن قد يلجأ إلى سياسة تصالحية مع الفلسطينيين، حيث قد يعيد افتتاح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن الذي أغلقته إدارة ترامب”، كما أنه سيدعم العمل على إعادة التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ولا يعتقد الغول أن بايدن سيلجأ إلى غلق السفارة الأمريكية في القدس، فالقرار متخذ في الأوساط الأمريكية منذ عام 1995؛ إلا أن الإدارات المتعاقبة جمَّدت تنفيذه، وترامب نفذ القانون فقط؛ لذلك فإن إغلاق السفارة يحتاج إلى قانون آخر، وقد يحتاج الأمر إلى سنوات لإقراره، لذلك يتوقع الغول أن “بايدن سيعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، التي أغلقتها إدارة ترامب، وذلك في خطوة رمزية من أجل خلق توازن سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.

وكانت صحيفة لوس أنجليس تايمز قد كتبت على موقعها الإلكتروني، أن جهود بايدن لإعادة المساعدات المباشرة إلى الفلسطينيين، في حال فوزه، التي قطعتها إدارة ترامب عقابا لهم على ما وصفه بعدم تعاونهم لإنجاح صفقة القرن، قد يواجهها مصاعب بسبب سن قانون تيلور فورس عام 2018، والذي يحظر وصول المساعدات الأمريكية إلى بعض المؤسسات الفلسطينية ما دام أن السلطة الفلسطينية تمنح رواتبًا لعائلات الفلسطينيين الذين قُتِلوا لتنفيذهم هجمات ضد الإسرائيليين.

بيد أن الصحيفة الأمريكية لفتت الانتباه إلى أنه سيكون من الأسهل لبايدن استئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، التي تدعم مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، والمستشفيات في الأجزاء التي يسيطر عليها الفلسطينيون من القدس الشرقية، وكلها تواجه وقفًا للمساعدات من قِبَل حكومة ترامب(4).

من غير المنتظر أن يطرأ تغير جذري على السياسة المتبعة:

وزير خارجية بايدن أنتوني بلينكن، كان قد ذكر ضمن تصريح له حول القضية الفلسطينية كان قد أدلى به عقب توليه المنصب: أن الإدارة الجديدة ستواصل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

بلينكن -إلى جانب ذلك- اعترض على إعلان المحكمة الجنائية الدولية عبر قرار أصدرته في الخامس فبراير من العام الجاري، اختصاصها وصلاحيتها القضائية للنظر في الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وبقية الأراضي الفلسطينية.

انطلاقًا من التصريحين السابقين يتضح: أن إدارة بايدن لا ترغب في إفساد علاقاتها مع إسرائيل، وأنها لن تفي بما يقع على عاتقها من مسؤوليات تجاه القضية الفلسطينية بالمعنى الكامل؛ بالإضافة إلى ذلك: عندما نأخذ في الاعتبار تصريح بايدن عندما كان نائب الرئيس أوباما بأنه “إذا لم تكن هناك إسرائيل، ربما كنا سنضطر لاختراعها لحماية المصالح الأمريكية” سيكون من الضروري عدم رفع سقف التوقعات من إدارة بايدن فيما يخص القضية الفلسطينية.

وختامًا: لما كانت العلاقات الاستراتيجية للولايات المتحدة بإسرائيل ومقاربتها نحو القضية الفلسطينية سياسة عليا للدولة فوق كل الإدارات الموجودة في السلطة، فمن الضروري عدم توقع حدوث تغيير جذري فيما يخص هذه القضية في عهد بايدن.

وما تطبيق إدارة بايدن لقرار إدارة ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس على وجه الخصوص إلا مؤشر مهم على هذا الوضع.

في المقابل: من المتوقع أن تخف حدة الموقف المتصلب تجاه فلسطين الذي تم تبنيه في عهد ترامب، وأن تتم العودة جزئيًّا إلى وضع ما قبل ترامب.

إن اتخاذ إدارة بايدن خطوات ملموسة في وقت قريب من أجل إعادة الدفع بالمساعدات التي تم تعليقها في عهد ترامب وإرسال مساعدات مادية إلى فلسطين يرفع من التوقعات بشأن التطبيع في العلاقات.

وعليه يمكن القول: إنه عند تقييم الوضعين معًا نجد أن هناك نوعًا مِن التفاؤل الحذر بشأن العلاقات الأمريكية – الفلسطينية، والقضية الفلسطينية في عهد بايدن يسود الأجواء(5).

1_ العين الإخبارية/ بهاء العوام/ العودة الأمريكية الفضفاضة إلى المنطقة

2_ سيتا/ محمود الرنتيسي/ ما الذي ينتظر القضية الفلسطينية في عهد بايدن؟

3_ مصراوي/ (أ ف ب)/ ما موقف بايدن من النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي؟

4_ DW/ علاء جمعة/ هل فوز بايدن بالرئاسة هو السيناريو الأفضل للفلسطينيين؟

5_ سيتا/ محمود الرنتيسي/ ما الذي ينتظر القضية الفلسطينية في عهد بايدن؟

التعليقات مغلقة.