fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

ردًّا على الحظر الدولي… طهران تستدعي التنين الصيني بتوقيع وثيقة سرية للاستثمار في قطاع النفط

312

ردًّا على الحظر الدولي… طهران تستدعي التنين الصيني بتوقيع وثيقة سرية للاستثمار في قطاع النفط

تمهيد:

في إشارة واضحة على رغبة بكين في لعب دور محوري في شئون منطقة الشرق الأوسط، وفي تحدٍّ واضِح للعقوبات الدولية المفروضة على طهران؛ بسبب برنامجها النووي، وقَّعت الصين وإيران اتفاقًا في 27 مارس 2021. قال وزير خارجية البلدين: إنه لـ “شراكة إستراتيجية شاملة” لمدة 25 عام على الأقل.

ورغم أن تفاصيل هذا الاتفاق الذي أقلق الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تنشر بعد؛ إلا أن التكهنات تشير إلى أن الصين ستتحدى العقوبات الأمريكية بشراء النفط الإيراني، وفي المقابل: سوف تسمح إيران للصين بالاستثمار داخلها بقيمة تصل إلى حوالي 400 مليار دولار، منها: 280 مليار دولار في صناعة النفط والغاز، و120 مليار دولار في قطاع النقل والبنية التحتية والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.

 

بداية الحكاية:

 

لم تكن مصادفة أن اختارت الصين شهر يناير عام 2016، موعدًا لزيارة رئيسها تشي جين بينج إلى إيران، لتتزامن مع بدء تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران ومجموعة 5+1، المعروفة إعلاميا باسم: «الاتفاق النووي الإيراني».

عشية تلك الزيارة: أصدرت الصين «الكتاب الأبيض» حول سياستها الشرق أوسطية ــليست مصادفة أيضًا أن تزامن الإعلان عن هذه الخطة حينها مع يوم تنفيذ الاتفاق النووي في الثالث عشر من يناير 2016ــ والتي قامت وَفْق صيغة التعاون 1+2+3، المتمثلة في:

(1) اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيسى، و(2) مجالى البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، بجانب (3) مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء، والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة: كنقاط اختراق في التعاون في الطاقة الإنتاجية.

وخلال زيارته لإيران في الثالث والعشرين من يناير عام 2016، وعد تشي جين بينج وحسن روحاني بزيادة التجارة الثنائية إلى 600 مليار دولار أمريكي خلال السنوات العشر التالية، بناءً على حقيقة أن حجم التجارة بين البلدين بلغ نحو 52 مليار دولار فى عام 2014، وجرى حينها الاتفاق على سلسلة اتفاقات وبروتوكولات للشراكة الإستراتيجية، عكف الجانبان على دراستها منذ ذلك الوقت.

وكان من الطبيعى أن تتأثر جهود الشراكة الصينية الإيرانية بمجمل التغيرات التى أربكت العلاقات الدولية بعد عشرة أشهر على الزيارة، والتي تمثَّلت في انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وهو تحوُّل كانت له انعكاسات مباشرة على كلٍّ من: بكين وطهران، لا سيما بعد ما مضى الرئيس الجمهوري قدمًا فى تأجيج الحرب التجارية مع الصين من جهة، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني من جهة ثانية.

مكاسب اقتصادية:

من الناحية الاقتصادية: يمثِّل الاتفاق نقطة التقاء بين الصين وإيران، التقطها الطرفان في لحظة دولية مناسبة.

وفي ظل الظروف الحالية، يسمح الاتفاق للصين باستخدام موارد إيران الطبيعية فى دعم نموها الاقتصادي، وقد أبدت الصين اهتمامًا إيجابيًّا بهذا الأمر، بالنظر إلى احتياجاتها المتنامية للنفط الخام.

ويضاف إلى ما سبق: أن إيران من الدول الأكثر اكتظاظًا بالسكان فى غرب آسيا، ومن الطبيعى أن تسعى الصين لبناء شراكة تجارية طويلة الأمد معها، اخذًا في الحسبان حاجة إيران الماسة إلى الاستثمار الأجنبي في مشاريع الطاقة والبنية التحتية، التي تقدَّر بنحو 250 و150 مليار دولار في السنوات المقبلة، تتطلب مثل هذه المشاريع طويل الأمد.

ولا بد من التذكير بأن التجارة الثنائية بين البلدين تطورت من الصفر تقريبًا فى أوائل التسعينيات إلى أكثر من 50 مليار دولار في عام 2014، وقد زادت بشكل كبير من 400 مليون دولار فى عام 1990 إلى مليار دولار في عام 1997، ويرجع ذلك إلى حدٍّ كبيرٍ إلى توسع تجارة الطاقة بين البلدين، حيث تشير الإحصائيات الاقتصادية إلى أن النفط الإيراني كان يمثِّل بين و14 فى المائة من واردات الصين النفطية بين العامين: 2000 و2012.

بالنسبة لإيران، فإن الاتفاق الأخير ربما يمثِّل مخرجًا للأزمة التي يعاني منها اقتصادها، الذي يقف على حافة الهاوية بفعل العقوبات الغربية.

وأما بالنسبة للصين: فإن الاتفاق ينطوي على فائدة اقتصادية مزدوجة: ضمان الحصول على مصادر الطاقة الحيوية لنمو اقتصادها، كسب خطوط جديدة (طرق، موانئ، سكك حديد) لمشروع تطوير البنية التحتية العابر لبلدان أوراسيا.

أبعد من مناورة جيوسياسية:

من الناحية السياسية يمكن للاتفاق أن يعمِّق نفوذ الصين في الشرق الأوسط من جهة، ويقوض الجهود الأمريكية لإبقاء إيران معزولة من جهة ثانية، لكن مفاعيل الصفقة الإيرانية – الصينية تتجاوز المكاسب الاقتصادية والمناورة الجيوسياسية التي تنضوي تحت سقفها الأهداف الصينية والإيرانية الآنفة الذكر؛ إذ ينبغي مقاربتها ضمن منظور أوسع، يتصل خصوصًا بالتكامل الاقتصادي الآسيوي، الذى بات يشكِّل طموحًا لكافة دول أوراسيا، ولا سيما روسيا، بجانب دول وازنة أخرى، من بينها: الهند، وباكستان، وتركيا؛ ناهيك عن دول آسيا الوسطى.

ومما لا شك فيه: أن الصين وإيران تشكِّلان ركيزة أساسية لهذا التكامل، إذ غالبًا ما تشير الأدبيات المتصلة بالعلاقات الصينية ــ الإيرانية إلى إرثٍ يمتد إلى أكثر من ألفي عام وضع الأسس التاريخية للتواصل بين حضارتي: الصين الداخلية، وإيران العظمى، والتي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد على أقل تقدير، حين امتلكت الإمبراطوريتان: الفرثية والساسانية (اللتان احتلتا معظم ما هو اليوم إيران وآسيا الوسطى) صلاتٍ عديدة مع سلالات: هان وتانغ وسونغ ويوان ومينغ.

ولقرون من الزمن ارتبطت الحضارتان القديمتان فى آسيا اقتصاديًّا وثقافيًّا بشكلٍ أكبر عبر طريق الحرير، لا بل إن الحضارتين اتحدتا لفترة وجيزة تحت حكم إمبراطورية المغول.

اليوم توفِّر مبادرة الصين «حزام واحد طريق واحد» أو ما يسمَّى: بـ«طريق الحرير الجديد»، وسعي إيران للتكامل مع العالم من ناحية، وإمكانات الصين للاستثمار واحتياطيات إيران الهائلة من النفط من ناحية ثانية، سيناريوًا ممتازًا ومفيدًا للطرفين للتعاون.

ومن المعروف: أن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في العالم، وهي ثالث أكبر منتج فى منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، كما أنها تلعب دورًا مؤثرًا في تحديد السعر الدولى للنفط من جانب العرض في السوق.

أما الصين: فتعد ثاني أكبر مستهلك للنفط فى العالم، وأكبر مستورد صاف للبترول والمشتقات النفطية الأخرى فى العالم. وهذا يجعلها دولة مهمة للغاية، ولديها القدرة على التأثير في أسعار النفط العالمية من جانب الطلب.

على هذا الأساس، فإن مدى تعاون بكين وطهران يتضمن عنصرًا جوهريًّا في ديناميكيات الطلب / العرض على النفط، بكل ما ينطوي ذلك من تأثيرات مباشرة على الاقتصاد العالمي، وامتدادًا لذلك على الإستراتيجيات الدولية.

ويضاف إلى ما سبق: أن التعاون العسكري بين إيران والصين من شأنه أن يمنح الأخيرة موطأ قدم في الشرق الأوسط وغرب آسيا من خلال التدريبات والتمارين المشتركة، والبحوث المشتركة وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

وإذا ما أضيف إلى الجانب العسكري: البُعد المتصل بمشاريع البنية التحتية، فسيكون بإمكان الصين الاستفادة من إيران كمفترق طرق اقتصادي حيوي بين الشرق والغرب، ما يجعل منطقة الخليج الخط التالي الذي يقسم المصالح الإستراتيجية للصين والولايات المتحدة.

في هذا الإطار تسعى الصين لبناء عدة موانئ فى إيران، وبخاصة عند مضيق هرمز، ما يسمح لها بالحصول على موطأ قدم فى واحدة من أهم النقاط الحيوية لإمدادات النفط فى العالم؛ ما يعزز قلق الولايات المتحدة بشأن الطموحات الصينية، لا سيما بعد ما نجحت بكين فى تكثيف حضورها طوال السنوات الماضية من خلال العديد من الموانئ على طول المحيط الهندي من بحر الصين الجنوبى إلى قناة السويس.

بهذا المعنى يمكن توقع مروحة تداعيات للاتفاق الصيني الإيراني  على مجمل الصراعات القديمة والمتجددة على المسرح الجيوسياسى العالمي، أخذًا في الحسبان أن الأولويات الأميركية تعاد صياغتها بما يتناسب مع ضرورات مواجهة الخطر القادم من أقصى الشرق.

صحيح أن الشراكة الصينية ــ الإيرانية تأتي في مرحلة حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة التي ما زالت تواجه تحديات داخلية، من بينها: تداعيات جائحة «كورونا» وإرث دونالد ترامب؛ وصحيح أيضًا: أن الشرق الأوسط لم يعد يحتل مرتبة متقدمة فى سلم أولويات جو بايدن؛ إلا أنه من غير المرجح أن تخرج الولايات المتحدة من هذه المنطقة، كما يعتقد البعض، ولذلك فإن الشراكة الجديدة بين طهران وبكين ستفرض حسابات جديدة لدى صناع القرار في واشنطن، ما يعني أننا سنشهد عاجلًا أم آجلًا «حربًا باردة» جديدة.

دور صيني متزايد:

يأتي الاتفاق الصيني – الايراني الأخير في ظل نشاط دبلوماسي واقتصادي وعسكري متزايد من جانب بكين في المنطقة، حيث أقامت الصين علاقات دبلوماسية قوية مع جميع دول منطقة الشرق الأوسط، كما رفعت علاقاتها مع 13 دولة في المنطقة إلى مستوى “الشراكات الإستراتيجية”.

ومن ناحية أخرى: أصبحت بكين أيضًا أكبر شريك تجاري ومستثمر رئيسي في المنطقة منذ عام 2016، وفي العام التالي أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية خارجية لها في جيبوتي.

ومن جهة ثانية: تعاونت الصين مع غالبية دول الشرق الأوسط، خاصة مصر والإمارات، في مجال مكافحة جائحة كوفيد 19، خاصة فيما يتعلق بإنتاج اللقاحات. كما استمرت المساعدات الصينية سواء للشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في الدول المجاورة، أو للشعب السوري وغيره في مناطق الصراع.

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، أكدت الصين مرارًا على أن الوضع المتأزم الحالي ناجم عن انسحاب الولايات المتحدة الأحادي الجانب من هذا الاتفاق. وحثت بكين الولايات المتحدة على رفع عقوباتها غير المشروعة على إيران، واستئناف تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، بشكل شامل وغير مشروط.

وبالتزامن مع كل ذلك، يبدو أن المحللين العسكريين الصينيين يدعمون أيضًا بناء تحالفات جديدة ذات علاقة بمنطقة الشرق الأوسط، ومنها على سبيل المثال: تشكيل تحالف تركي – إيراني – باكستاني، رغبة منهم في ثني الهند عن التعاون مع “الرباعية” التي ترعاها واشنطن لاحتواء الصين (وتضم هذه الرباعية، التي يصفها عددٌ مِن المراقبين بأنها “ناتو آسيوي” كلًّا من: الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا).

وفي هذا الإطار: عَبَّر تحالف من البنوك الصينية (كونسرتيوم) مؤخرًا عن استعداده إقراض تركيا 3 مليار دولار لتمويل عدة مشروعات متوقفة في أسطنبول، وهو أكبر دعم مالي تقدمه الصين إلى الأتراك في التاريخ الحديث. 

اهتمام بكين المتزايد بمنطقة الشرق الأوسط، والذي كان آخر مؤشراته المهمة الاتفاق الصيني – الإيراني، يتزامن مع تعثر إدارة بايدن الجديدة في مقارباتها الأولى تجاه غالبية دول المنطقة، وخاصة إيران وتركيا وإسرائيل، فإدارة بايدن ما تزال “تعيد تقويم” علاقاتها مع تلك الدول.

وما زالت جهودها مع طهران لتجديد المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني تواجِه عقبات رغم المباحثات غير المباشرة التي تجري، وخط الهاتف بين البيت الأبيض والقصر الرئاسي في أنقرة لا يزال صامتًا، كما يوجد انسداد شبه كامل في عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية.

رؤية جديدة لأمن المنطقة:

ربما يكون هذا التعثر الأمريكي الواضح في تناول الملفات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط، هو ما دفع  وزير الخارجية الصيني وانج يي، إلى القيام بجولة غير مسبوقة في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 24 حتى 30 مارس الفائت، زار خلالها ست دول، هي: السعودية وتركيا وإيران والإمارات وعُمان والبحرين، (وهي الجولة الأولى من نوعها منذ 7 أعوام). وخلال هذه الجولة، كشف يي عن رغبة بكين في ترويج رؤيتها لنظام الأمن الجماعي الشامل في المنطقة.

وتقوم هذه الرؤية التي لا يمكن أن تكون عفوية، وإنما تأتي كجزء لا يتجزأ من الخطة الإستراتيجية لتقدم بكين في الشرق الأوسط، على التزام الصين بحل المشاكل في المنطقة، من خلال “استضافة حوار أمني خليجي متعدد الأطراف يركز في البداية على تأمين المنشآت النفطية والممرات الملاحية”.

كما طرح وزير الخارجية الصيني أيضًا خلال هذه الجولة مبادرة الـ5 نقاط بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ومفادها: “الدعوة إلى الاحترام المتبادل، والالتزام بالعدالة والإنصاف، وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، والعمل سويًّا على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون”، الأمر الذي يطرح تقديم دفعات بناءة للحوار الفلسطيني – الإسرائيلي، واستكمال الاتفاق النووي مع إيران، وبناء إطار عمل أمني في منطقة الخليج العربي.

أخيرًا: تداعيات محتملة:

الاتفاق الصيني – الإيراني، حال تطبيقه على أرض الواقع، سيمنح الصين، بلا شك، وجودًا إستراتيجيًّا في المنطقة ويرفع مكانتها كقوة اقتصادية، وربما أيضًا كقوة عسكرية، كما سيوفر هذا الاتفاق لطهران “عجلة خلاص” لاقتصادها المنهار، وإمكانية لتجاوز العقوبات الأمريكية، ولكن من وجهة نظر إستراتيجية وعسكرية قد يؤدي تنفيذ هذا الاتفاق، وخاصة تلك البنود المتعلقة بالتكنولوجيا والتعاون العسكري والاستخباري إلى إلحاق ضرر بقدرة المجتمع الدولي على إحباط البرنامج النووي الإيراني؛ خاصة إذا ما قررت إيران “الانطلاق” إلى القنبلة النووية كذلك، قد يؤدي تفعيل هذا الاتفاق على أرض الواقع إلى تدهور علاقات بكين مع معظم دول الخليج العربية.

فعلى سبيل المثال: ألمحت السعودية مرارًا إلى أنها لا تهتم كثيرًا بتبني عملية تدريجية من شأنها أن تسمح لإيران بالاندماج في محيطها الإقليمي قبل تناول القضايا الشائكة، وفي مقدمتها فرض قيود على برنامج إيران للصواريخ الباليستية؛ بالإضافة إلى إنهاء دعمها للميليشيات الموالية لها في العراق وسوريا، وأذرعها المتمثلة خاصة بحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

وفي ضوء ذلك: يرى عددٌ مِن المراقبين أنه ليس من الوارد في المدى المنظور تفعيل الاتفاق الصيني – الإيراني على أرض الواقع، حيث يوجد على الأقل عاملان مهمان من شأنهما التأثير السلبي على هذا الاتفاق، وهما: أولاً، توقع عدم استسلام الولايات المتحدة، وحلفاؤها الرئيسيين في المنطقة، وخاصة إسرائيل ومعظم دول الخليج العربي، تجاه “كابوس” تعاظم التعاون بين بكين وطهران، فعلى الأرجح سوف تكون هناك مساعٍ حثيثة من جانب واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط؛ للضغط على الصين لتقييد تعاونها مع إيران.

وثانيًا: معارضة بعض الشخصيات العامة والسياسية في إيران لاتفاق الشراكة مع الصين نظرًا لسرية بنوده وعدم إعلانه بشكلٍ شفافٍ وواضح أمام الشعب، فضلًا عن إمكانية أن يسمح للصين بنفوذ اقتصادي كبير على القطاعات الحيوية في البلاد.

وسوف تزداد خطورة هذه المعارضة في الفترة التي ستسبق الانتخابات العامة المقررة في البلاد هذا الصيف، حتى إن بعض الخبراء يرى أن اتفاق بكين الأخير مع إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي تتأهب للرحيل في الانتخابات المقبلة، قد لا يساوي أكثر من قيمة الورق الذي كتب عليه.

ومع ذلك يمثِّل الاتفاق الصيني – الإيراني تطورًا مهمًا للغاية؛ لأنه يأتي بعد عقودٍ من التردد في بكين بشأن تحدي واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، كما يمثِّل هذا الاتفاق أيضًا إشارة واضحة على بروز بكين في المشهد الشرق أوسطي بقوة، وعلى رغبة صينية جامحة لا تخطئها عين للحصول على موطئ في واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم. فكيف سيكون مستقبل منطقة الشرق الأوسط في وجود تنين صيني يستعد لوضع إحدى قدميه لأول مرة على شواطئ الخليج العربي بعد أن وضع قدمه الأخرى في جبيوتي وأصبح الشريك التجاري الأول لمعظم دول المنطقة؟!

وهل سيؤدي زيادة النفوذ الصيني في المنطقة إلى تحقيق الأمن والاستقرار فيها أم أنه سوف يصب مزيدًا من الزيت على النار المشتعلة في المنطقة؟!

أسئلة توحي في مجملها بأن منطقة الشرق الأوسط ربما تكون مقبلة على استحقاقات استراتيجية لا تبدو هينة.

المصادر:

الشراكة الصينية ــ الإيرانية.. الخليج خط اشتباك متقدم

هل فعلاً ستستثمر الشركات الصينية في إيران أم يكرر التاريخ نفسه؟

بعد الاتفاق الصيني – الإيراني .. هل تعزز بكين نفوذها في الشرق الأوسط؟

التعليقات مغلقة.