fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي… الاتفاق البريطاني التركي نموذجًا

331

تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي… الاتفاق البريطاني التركي نموذجًا

 

فبعد مفاوضات مضنية، توصل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا  إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكسيت ليسدلا الستار على نحو عشرة شهور من مفاوضات مضنية بشأن طبيعة العلاقة مع التكتل، حينما تغادر المملكة المتحدة السوق الموحدة.

 وفيما يلي بعض ما عُرف عن الاتفاق الواقع في ألفي صفحة لم تنشر بعد، ويغطي مسائل، منها:

الرسوم الجمركية:

يعني الاتفاق أنه لن تكون هناك أي رسوم أو حصص على المنتجات البريطانية والأوروبية التي يتبادلها الطرفان.

وسيبقى على الصادرات البريطانية الامتثال لمعايير الصحة والسلامة التي يضعها الاتحاد الأوروبي، بينما تحكم قواعد صارمة المنتجات المصنوعة من مكوّنات مصدرها خارج المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. 

ورحبت لندن بغياب الرسوم كنقطة إيجابية رئيسية في الاتفاق، ستساعد في الوقت ذاته في المحافظة على جزءٍ من الميزات التي تمتعت بها بريطانيا أساسا كعضو في التكتل.  

الصيد:                           

 كان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلًا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيًّا، وآخر نقطة تم حلها قبل الإعلان عن الاتفاق. 

وأصرت بريطانيا مرارًا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.

وفي النهاية: توصَّل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجيًّا عن 25 في المئة من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف. 

 ومن المنتظر أن يتم يتم إجراء مفاوضات سنويًّا بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية، وفي حال لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة لبروكسل، فسيكون بإمكانها اتخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة. 

فرص متساوية:

وظهرت عثرة أخرى تمثَّلت بما أطلق عليها قواعد “الفرص المتساوية” التي أصر عليها الاتحاد الأوروبي لمنع الشركات البريطانية من امتلاك أفضلية على منافساتها الأوروبية في حال خفضت لندن معاييرها مستقبلًا أو دعَّمت الصناعات لديها.

وسعت المملكة المتحدة جاهدة لتجنب قيام نظام من شأنه أن يمكن بروكسل من إجبارها على الالتزام بقواعد التكتل في مسائل على غرار القواعد البيئية أو العمالة أو الدعم الذي تقدمه الدولة للشركات. 

الجمارك:

ستغادر بريطانيا الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة؛ ما يعني أن الأعمال التجارية ستواجه سلسلة قيود جديدة على الواردات والصادرات عبر المانش.

 وقالت المملكة المتحدة: إن الاتفاق يسمح بالاعتراف بخطط “التاجر الموثوق” التي من شأنها أن تخفف البيروقراطية على الجانبين، لكن لم يتضح بعد إلى أي درجة يمكن تطبيق ذلك. 

الأمن:

يرى الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق “يؤسس إطار عمل جديد لإنفاذ القانون والتعاون القضائي في المسائل الجنائية وتلك المرتبطة بالقانون المدني”. 

ومِن جهتها: أشارت لندن إلى أن الطرفين سيواصلان مشاركة المعلومات المرتبطة بالحمض النووي والبصمات ومعلومات الركاب كما سيتعاونان في إطار وكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول”. 

وتفيد بروكسل أنه “يمكن تعليق التعاون الأمني في حال حدوث انتهاكات من جانب المملكة المتحدة لالتزاماتها في ما يتعلق بمواصلة الامتثال إلى الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان”. 

 تغييرات كبيرة:

رغم الاتفاق حذَّر الطرفان من أن “تغييرات كبيرة” مقبلة اعتبارًا من يناير بالنسبة للأفراد والأعمال التجارية في أنحاء أوروبا. 

ولن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة للإقامة والعمل على طرفي الحدود.

وأكدت بروكسل أن “حرية حركة الناس والبضائع والخدمات، ورؤوس الأموال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستنتهي”.

وتابعت: “إن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين، هما: فضاءان تنظيميان وقانونيان منفصلان. وسيخلق ذلك قيودًا في الاتجاهين على تبادل البضائع والخدمات، وعلى الحركة عبر الحدود والمبادلات، غير موجودة اليوم”. 

نظرة على أحدث الاتفاقيات التجارية المُبرمة بين بريطانيا ودول العالم:

وقَّعت بريطانيا حتى الآن اتفاقيات تجارية مع 62 دولة، ويرصد هذا الجزء من التقرير أبرز الاتفاقيات التي توصلت إليها المملكة المتحدة مؤخرًا لتعويض خسارتها الناجمة عن مغادرتها للاتحاد الأوروبي:

  1.  الاتفاق التجاري مع سنغافورة:

أعلنت وزيرة التجارة الدولية البريطانية “ليز تروس” في الحادي عشر من ديسمبر توقيع اتفاقٍ للتجارة الحرة مع سنغافورة لزيادة فرص وصول كلا البلدين لأسواق بعضهما البعض. ويغطي هذا الاتفاق تجارة بقيمة 17.6 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يمثِّل ثاني أكبر اتفاق توقعه المملكة المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي. ومن المقرر أن تلغي الاتفاقية التعريفات الجمركية للبلدين في السوق البريطانية والسنغافورية لتسهيل إجراء المعاملات التجارية بينهما، وكذلك يتعين تخفيض الحواجز غير التعريفية في أربعة قطاعات رئيسية تضم الإلكترونيات والسيارات والمستحضرات الصيدلانية والأجهزة الطبية والطاقة المتجددة.

  1. الاتفاقية التجارية مع كينيا:

أعلنت وزيرة التجارة الكينية “بيتي ماينا”  أن بلادها قد وقّعت اتفاقية مع المملكة المتحدة لضمان استمرار شروط التجارة التفضيلية مع أكبر شريك أوروبي لها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبموجب الاتفاق ستظل الصادرات الكينية -بما في ذلك الشاي والزهور والفاكهة والخضراوات- تتمتع بإعفاء من الرسوم الجمركية والحصص بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، وفي المقابل: ستتمتع المملكة المتحدة بحرية الوصول للأسواق الكينية لتوريد سيارات وأدوية ومنتجات ورقية تقدر قيمتها بنحو 800 مليون جنيه إسترليني (بما يعادل نحو مليار دولار أمريكي).

  1. الاتفاق التجاري مع كندا:
    وفي أواخر نوفمبر الماضي، وقَّعت بريطانيا وكندا اتفاقية تجارية مؤقتة بينهما، حيث تهدف الدولتان بهذه الاتفاقية إلى ضمان استمرارية علاقاتهما الاقتصادية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من البريكست. وتمهد هذه الاتفاقية الطريق للمفاوضات من أجل اتفاقية جديدة معدلة اعتبارًا من عام 2021، وفقًا لما قالته الوزارة في لندن.
  2. الاتفاق التجاري مع تركيا:

يحاول كل من رئيس الوزراء البريطاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يجد في الآخر متنفسًا، فجونسون رغم نجاحه في اقتناص اتفاق مع الاتحاد الأوروبي للتجارة ما بعد بريكست لا يزال يعاني من حالة فوضى اقتصادية عمقها ظهور السلالة الجديدة لفايروس كورونا، أما أردوغان فيواجه هو الآخر أزمة مالية خانقة ورغم التدابير التي تم اتخاذها برفع نسب الفائدة إلا أنه لم يحقق الانفراجة المأمولة.

اتفاق تاريخي بين تركيا وبريطانيا تجاريًّا يجعل تركيا المقدمة من دول الاتحاد الأوروبي لدى بريطانيا، ومن خلال هذا التقرير نلقي الضوء على مكاسب هذا الاتفاق، ونتعرض لبعض التفصيل عن الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد البريكست، وكذلك الاتفاقات التي أبرمتها بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. 

اتفاق تاريخي بين تركيا وبريطانيا:

وقعت تركيا وبريطانيا اتفاق تجارة حرة؛ لضمان استمرار التبادل التجاري بين البلدين بعد خروج بريطانيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 25 مليار دولار.

وأوضحت وزارة التجارة البريطانية في بيان: أن الاتفاق يسمح “بضمان الرسوم الجمركية التفضيلية الحالية لـ 7600 شركة صدرت إلى تركيا في عام 2019”. 

وأضاف البيان: أنه يساعد على “حماية سلاسل التوريد في قطاعي السيارات والتصنيع”، بما في ذلك التعدين والنسيج، وقطع غيار السيارات التي ترسلها شركة فورد إلى تركيا لتجميع المركبات المخصصة لسوق المملكة المتحدة.

وأشارت لندن إلى أن “الجانبين ملتزمان أيضًا بالسعي للتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة أكثر فائدة”.

بينما وصف الرئيس رجب طيب أردوغان الاتفاقية الموقعة بأنها:أهم اتفاق منذ اتفاق الاتحاد الجمركيمع الاتحاد الأوروبي الذي تم توقيعه عام 1995.

 ما مكاسب تركيا وبريطانيا من اتفاق التجارة الحرة بينهما؟

وصفت وزيرة التجارة التركية روهسار بيكان الاتفاق مع بريطانيا بأنه “تاريخي” حيث إنه يتضمن نفس الشروط القائمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، اللذين يربطهما اتفاق اتحاد جمركي.

وأضافت بيكان: أنه بدون الاتفاق مع بريطانيا، لكانت تركيا قد خسرت صادرات بقيمة 4ر2 مليار دولار إلى بريطانيا بسبب أعباء ضريبية إضافية.

ووصل حجم التبادل التجاري بين بريطانيا وتركيا نحو 6ر18 مليار جنيه إسترليني (1ر25 مليار دولار) خلال عام 2019، حسب بيانات وزارة التجارة الدولية في لندن، ويذكر: أن بريطانيا هي أكبر سوق تصديري بالنسبة لتركيا بعد ألمانيا.

وقالت بيكان: إن اتفاق التبادل التجاري بدون رسوم جمركية يشمل كافة المنتجات الزراعية والصناعية. مضيفة: أن بلاده تعمل من أجل توسيع الاتفاق ليضم الاستثمارات والخدمات أيضًا.

التقارب التركي البريطانيا يقلل من تأثير العقوبات الأمريكية:

قال الأكاديمي التركي عطا أتون في مقال له على موقع “Haber7 “: إن بريطانيا لسنوات طويلة، حاولت أن تعيد نشاطها في منطقة الشرق الأوسط كما كانت سابقًا، لكن الولايات المتحدة لم تمنحها هذه الفرصة أبدًا.

وأضاف الأكاديمي في جامعة قبرص للعلوم: أن بريطانيا تحاول الآن تحويل الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، الذي استمر على مدى السنوات الخمس الماضية إلى فرصة، ساعية للدخول في الوقت ذاته إلى المنطقة.

ورأى أن بريطانيا أيضًا -وعبر دولة قطر- تسعى جاهدة لخرق الحصار الاقتصادي الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه على تركيا، كما أن إبرام الاتفاق بين شركة رولس رويس البريطانية لإنتاج محرك للمقاتلات التركية الوطنية، عام 2017، يظهر مدى التعاون الذي تسعى إليه لندن مع أنقرة، على الرغم من إلغاء الاتفاق بعد سنوات من إبرامه نتيجة للضغوط.

موقف أوروبا من الاتفاق:

  أثار هذا الاتفاق وهذا التقارب بين تركيا وبريطانيا حفيظة الدول الأوروبية التي لا تنظر بعين الرضا إلى هذا التقارب؛ نظرًا لسجل أنقرة الممتلئ بالتجاوزات التي زادت وتيرتها مؤخرًا حيال العديد من الملفات على الساحة الدولية.

كما تعرضت بريطانيا باعتبارها بلدًا مدافعًا عن حقوق الإنسان لانتقاداتٍ شديدةٍ لتقاربها مع النظام التركي الذي اشتهر بسجله الحافل بالانتهاكات الحقوقية، ورئيسه رجب طيب أردوغان الذي لم يتوانَ عن إطلاق تصريحات عدائية ضد أوروبا، ما جعل حلمه بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يتلاشى.

ويذكر: أن لندن أيَّدت انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي على عكس دول أوروبية عديدة أعلنت معارضتها دخول تركيا إلى النادي الأوروبي.

وتبحث بريطانيا بعد الطلاق مع الاتحاد الأوروبي عن بدائل لإنعاش اقتصادها وضمان الحصول على الأقل على وعود بإبرام صفقات تجارية في المستقبل، ويبدو أنها وجدت في تركيا المأزومة سياسيًّا واقتصاديًّا ضالتها.

وتعاني تركيا من أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي بلغ مستويات كبيرة على غرار انهيار الليرة التركية الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

ويقول مراقبون: إن النظام التركي يسعى للاستفادة من الصفقة مع لندن لترويج صورة معاكسة عن وضع البلاد الاقتصادي المتردي، خاصة بعد تداعيات أزمة كورونا.

وأخيرًا يمكن القول: إن الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة وتركيا سيعود بالنفع على الجانبين؛ إذ مِن المرجح أن تستفيد الأولى من تعميق علاقاتها التجارية مع تركيا تعويضًا لأي خسائر محتملة عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي، فيما سيصب الاتفاق في مصلحة الأخيرة التي تعاني من أزمات اقتصادية عميقة ومتلاحقة.

المصادر:

كل ما تريد معرفته عن الاتفاق التجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

ما هو اتفاق مرحلة ما بعد بريكسيت بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟

تركيا وبريطانيا توقعان اتفاق تجارة حرة

تركيا وبريطانيا توقّعان اتفاقاً للتجارة الحرة

تركيا تخسر مزايا السوق البريطانية بعد بركسيت

قُبيل وداع بروكسل، بريطانيا توقع اتفاقية تجارية مع تركيا

الاتفاق التجاري البريطاني التركي تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا

ما مكاسب تركيا وبريطانيا من اتفاق التجارة الحرة بينهما؟

تركيا وبريطانيا.. وحاجات الاتحاد الأوروبي

مرحلة ما بعد “بريكست”.. لندن وأنقرة توقعان اتفاقًا تجاريًا جديدًا لتعميق الشراكة الاقتصادية

التعليقات مغلقة.