fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

لبنان تحت خط الفقر… ورفع الدعم يهدد النسيج الاجتماعي

223

لبنان تحت خط الفقر… ورفع الدعم يهدد النسيج الاجتماعي

 

– تسييل احتياطي الذهب يعرض البلاد للإفلاس… والتضخم تخطى 100%.

– حزب “الله” يقوض استقرار المنطقة… والصواريخ الفاسدة أزمة جديدة.

– “بشار” يزيح الستار عن ودائع سورية بقيمة 42 مليار دولار… أين ذهبت؟

– الحريري يقدِّم حكومته الجديدة المؤلفة من 18 وزيرًا.

يبدو أن الإدارة الأمريكية ما زالت تملك قوى فاعلة في لبنان قد تُمكِّنها من تغيير المعادلة السياسية؛ بالرغم من الظهور والتواجد الفرنسي القوي على الساحة، فالرئيس الخاسر دونالد ترامب لديه من الأوراق ما يكفي لتشديد العقوبات على التيار الشيعي حزب “الله”، وحركة “أمل”، وقيادات المصرف المركزي وفي مقدمتهم رياض سلامة، وبعض رجالاته: كالمصرفي أحمد إبراهيم صفا، صاحب الصفقات المشبوهة، وغسيل الأموال وتبييضها لصالح “حزب الله”.

أمريكا ترى أن مسئولي المصرف اللبناني يواجهون ملاحظات مالية وشبهات فساد مالي كبير، وبالتالي عليهم إخراج ما في جُعبتهم من أدلة جنائية، توضح مسار المليارات التي خرجت من المصرف وإلى أين ذهبت؟!

فبحسب -وول ستريت جونال-، فإن ثمة تمويل مالي وفساد تم لصالح حزب الله، وهو ما رفض التعليق عليه مسئولي المصرف المركزي اللبناني، في الوقت الذي تتنامي فيه الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية ما قد يصل بالأمور إلى حافة الانفجار بعد تدني معدلات الأجور من 450 دولارًا شهريًّا، الى أقل من 83 دولارًا.

لائحة العقوبات… 42 مليار دولار ودائع سورية:

ووسط هذه التحديات والمعوقات، هناك من يرى أن ما يحدث من تجاذبات سياسية واقتصادية وعسكرية ربما يكون مضبوطًا على إيقاع الإدارة الأميركية التي تقضي أيامها الأخيرة في الحكم، فالسفيرة الأميركية في لبنان “دوروثي شيا” كشفت عن قرب إدراج بلادها ما بين 22 إلى 24 شخصية مصرفية لبنانية على لائحة العقوبات، وهو ما قد يخرجها من المنظومة المالية العالمية؛ خاصة وأن الرئيس السوري بشار الأسد أطلق تصريحات نارية منذ أسابيع عن أن ودائع بمليارات الدولارات لسوريين -(22 و42) مليار محتجزة في المصارف اللبنانية والذي كان نشطًا ولديه ودائع بالعملة الصعبة تزيد عن 170 مليار دولار- وهو ما يجب الوقوف عنده باهتمام بالغ حول أزمة الشعب السوري واللبناني، ودور إيران وحزب الله فيما يحدث بالمنطقة من توتر ونزاعات سياسية وعسكرية.

رفع الدعم… واللعب باحتياطي الذهب!

وفي خضم تخبط الرهانات الخاسرة، والضياع السياسي، لوَّح أصحاب الشأن إمكانية تقليص عدد ساعات الإنارة، وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان، واستخدام جزءٍ مِن احتياطي الذهب؛ رغم أن قانون 42/ لعام 1986 منع منعًا باتًا من بيع أو رهن أو تسييل احتياطي الذهب، وهو ما نفاه رياض سلامة بقوله: “إن الذهب موجود بين لبنان ونيويورك، ووضعه مطمئن وبخير“، مِن دون أن يدخل بالأرقام.

وهذا أمر غريب أن يتداول على الساحة استخدام الاحتياطي الذهبي للخروج من الأزمة المالية العاصفة، فبعد فناء الاحتياطي النقدي فكيف يمكن للبنانيين أن يأتمنوا هذه السلطة على مدخراتهم، وما تبقى لهم من ثروات وسبائك ذهبية قدرها البعض بـ “284 طنًا؟!

المصرف المركزي يُشير إلى أنه بدا يعمل ببعض الآليات المالية للتغلب على أزمة النقص الدولاري من خلال عدة خطوات، من بينها: ضخ سيولة دولارية، كما عززت احتياطيات البنوك المحلية من الليرة المربوطة بالدولار الأمريكي، وجاءت تلك العمليات على سبيل مبادلة احتياطيات المصرف من أوراق الدين المقومة بالليرة بسندات دولية مقومة بالدولار.

وفي المقابل: حصلت البنوك المحلية على سندات دولية وشهادات إيداع بالدولار صادرة حديثًا؛ إضافة إلى أن المركزي قام بإصدار سندات مقومة بالليرة بُغية تعزيز القوائم المالية للبنوك.

البنك الدولي يحذر: 60% تحت خط الفقر:

المرصد الاقتصادي للبنك الدولي توقع أن يصبح أكثر من نصف سكان لبنان فقراء بحلول 2021، متأثرًا بارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194%، مقابل 171% بنهاية 2019، كما رجّح المرصد الاقتصادي للبنك الدولي تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى -19.2% خلال العام 2020، معتبرًا أن انهيار الليرة جاوز معدلات التضخم ليلامس حدود 100% وهو حد غير غير مسبوق.

وتظهر أرقام دائرة الإحصاء أن 60% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر، و18% من الأسر تتقاضى الحد الأدنى من الأجور650 ليرة، و44% من الأسر يتقاضون 150 دولارًا، و73% يقل دخلهم الشهري عن 300 دولارًا، وبالتالي: فإن دعم السلع قد يفجر أزمة اقتصادية واجتماعية حادة بسبب المخاوف العديدة التي يخشاها البعض؛ بسبب التعدد والطائفية، وأطماع بعض القوى الخارجية، مثل: أمريكا لصالح إسرائيل، وإيران عن طريق ذراعها السياسي والعسكري “حزب الله” الشيعي لتنفيذ مخططاتها الساعية له في المنطقة ومحيطها الإقليمي.

افتراضات وتساؤلات:

ثمة تساؤلات وافتراضات بشأن تسارع الأحداث على الساحة الداخلية بشأن تأخر التأليف الحكومي؟ وارتفاع العجز المالي والإداري للبلاد؟ فضلاً عن أثر التداعيات الاقتصادية العنيفة التي قد تجر البلاد إلى حافة الانزلاق نحو الإفلاس المالي والإداري؟ فهل سيسمح العالم بانهيارالمنظومة المالية لدولة لبنان؟ وكيف السبيل؟

 

أسئلة وافتراضات صعبة ومؤثرة عجز الساسة اللبنانيون أنفسهم على وضع إجابة لها، كما عجزوا أيضًا على لملمة الجراح السياسية بينهم، وتفرغوا للظهور والتنظير الإعلامي غير عابئين بما يحيق بهم من مخاطر، وغضوا الطرف عن بعض القوى الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها: إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تسابق الزمن والضغط كنوع من تهيئة الأجواء، وتحقيق بعض المكاسب، من بينها: الحد من النفوذ الفرنسي، وإخضاع لبنان إلى ترسيم الحدود البحرية مع تل أبيب شرق البحر الأب

 

يض المتوسط.

معوقات وضغوط:

تواجه لبنان العيد من المعوقات والضغوط الدولية والخارجية، فبحريًا أعربت الجمهورية اللبنانية أنها لن تريد التنازل عن أية أجزاء، ولن تسمح باستقطاعات من حدودها البحرية مع إسرائيل، وهو قد ما يعني مزيدًا من الاحتقان بين إدارة الخاسر دونالد ترامب والرئيس اللبناني ميشيل عون.

من ناحية أخرى: ألقى سعد الحريري بالكرة في ملعب الرئيس اللبناني، للخروج من حالة التأزم خشية تدهور الوضع المالي 

للدولة أو انزلاقها نحو بئر الإفلاس.

واقتصاديًّا: فالمصرف المركزي في لبنان عجز عن مواصلة دعم المحروقات والدواء والقمح، ما فاقم من معاناة ملايين اللبنانيين، وباتت الأمور أشد وطأة وأكثر سوءًا، والخوف من المجهول أصبح أكثر واقعية، فلبنان ذلك البلد الذي كان يعتمد على السياحة والاستثمار العقاري وتحويلات العاملين بالخارج أصبح في حاجة لا يُرثى لها، فالسلع المحلية تُعاني النُدرة والسوق المحلي يعج بالبدائل السورية والإيرانية، وكلما زاد وصول “حزب الله” إلى المؤسسات تعززت قوة السوق الموازية للتيار الشيعي.

التأليف الحكومي… ومحاصصة المعوقات:

ووسط هذه المتراميات يبدو أن فيتو أمريكي حول حزب الله وجبران باسيل، وهو ما سيرجح غلبة التوازن على تأليف الحكومة الجديدة، بتقسيم 6 حقائب لسعد الحريري ومثلهم لميشيل عون،  ومثلهم أيضًا للتيار المسيحي.

وفي المقابل: يريد جبران باسيل الحصول على 7 حقائب وزارية (الرئيس/ التكتل/ حزب الطاشناق) بينها وزارة الطاقة، ويتمسك الحريري بحقيبة خدماتية لتيار المردة، كما يحصل وزراء الفريق الشيعي على حصة على أن يكون الوزير الثاني من حركة أمل، ويحق للحريري تسمية وزير مسلم مقابل وزير مسيحي؛ لكن هذا ما يبدو في الظاهر، بيد أن أغلب الظن أن الولايات المتحدة سيكون لها فيتو آخر غير معلن لمواجهة المساعي الفرنسية أو مبادرة إيمانويل ماكرون في المحيط الإقليمي.

هذا وخص اجتماع ضم كل من الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة المنتظرة سعد الحريري، بشأن ترشيد الدعم، وهو ما يخشاه كثيرون من أن أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر، واللعب بورقة تقليص الدعم سيكون له آثار اقتصادية عنيفة، خاصة على بلد غير مستقر سياسيًّا واجتماعيًّا، ويعاني من الفساد والإهمال.

تقارير دولية: “حزب الله” يقوض استقرار لبنان:

مجلة “فورين بوليسي” الأميركية كشفت عن تقييم أعدّته وزارة الخارجية الأميركية حذّرت بموجبه من أن “حزب الله” يقوض استقرار لبنان، وأن نفوذه المتزايد يهدد استقرار البلاد ويؤثرعلى المنطقة؛ وهذا ما أكَّدته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في تقرير لها: أن مسئولين أمريكيين وحلفاء غربيين تابعين لها، يمارسون ضغوطًا على المصرف المركزي في لبنان، كجزءٍ مِن حملة لتتبع الفساد، وكنوع من تهميش لـ”حزب الله”، وذلك على إثر انسحاب شركة “ألفاريز ومارسال” المكلّفة بالحوكمة، وتتبع الفساد المالي في لبنان.

توازيًا مع ما تعرضت له شركة البحث والتدقيق -ألفاريز ومارسال- من معوقات؛ سواء من مسئولين سياسيين أو اقتصاديين أو ممَن تربطهم علاقات وثيقة بـ”حزب الله”: كمحافظ المصرف المركزي رياض سلامة، وأحمد إبراهيم صفا، و22 شخصية مصرفية أخرى تعمل معهما، وهو ما جعلهم عرضة لاحتمالية عقوبات أمريكية عليهم، فالتدقيق الشامل للمصرف اللبناني لم يرَ النور طالما رياض سلامة قابعًا في منصبه منذ “1993 حتى تاريخه!”.

مَن المسئول عن أزمة الصواريخ الفاسدة؟

 

الفساد طال جهات سيادية بالدولة؛ هذا ما كشفت عنه صحيفة -الأخبار اللبنانية- في تقريرين يومي: 30و31 من ديسمبر 2019 عن استيراد لبنان- 2000 صاروخ من طراز جراد 122 ملم، مداها 20كيلو متر- اشتراها الجيش اللبناني من صربيا بنحو 3 ملايين و300 ألف دولار، وتبيَّن فيما بعد أن الصواريخ إنتاج 1982، وتم طلاؤها وإعادة كتاب سنة التصنيع بعد 2017، وإقحام اسم روسيا في الصفقة لإضفاء نوع من الشرعية عليه؛ رغم أن الصواريخ كانت فاسدة وتم التخلص منها في صربيا وبيعت للجيش اللبناني، وملابسات الصفقة المشبوهة ما زالت قيد التحقيق، وبعد كشف الموضوع أرسلت الشركة الصربية خطابًا يعرض على لبنان إمكانية إرسال 777 صاروخًا من نفس الطراز ومداه 40 كيلو مترا عوضًا عن الصفقة الفاسدة.

واستنادًا على ما سبق، فإن ضعف رقابة المصرف المركزي ساعدت في تعزيز الفساد المستشري، وهو ما عزَّز مِن وجود دور محوري ومهم لـ”حزب الله” في تمويل عملياته العسكرية القذرة في الداخل والخارج؛ فقد سبق وتمت إدانة أحمد إبراهيم صفا على خلفية اتهامات مصرفية على إثر مساعدة “حزب الله” في غسل مليارات الدولارات غير متداولة بمعرفة (البنك اللبناني – الكندي) عام 2011؛ بخلاف أن أحمد إبراهيم صفا نفسه فتح حسابات مصرفية لتبييض أموال الحزب حول العالم، وهذا ما كشفته وزارة الخزانة الأمريكية.

 ونوهت الخزانة الأمريكية كذلك عن دور التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، والذي يقف حجر عثرة أمام تأليف الحكومة، ويهدد بمواصلة سياسة التلويح بحجب توقيع الرئاسة عن التشكيلة الأولى للحكومة، أو تفخيخها بالثلث المعطل من الوزراء الاختصاصيين، لكن الخُطوة الأهم والتي يحتاجها اللبنانيون هي: التوقف الفوري عن التنظير، واحترام الوقت وعدم إضاعته، والبدء وبسرعة في تأليف الحكومة للخروج من المأزق السياسي لوقف الهدر المالي، من أجل إعادة التوازن لبلد مزقته الطائفية والمحاصصات الحزبية والسياسية، وآن الأوان لاستعادة الثقة واختيار قادة على قدرٍ مِن المسئولية؛ حتى لا تجف آخر قطرات الإصلاح، ومِن ثَمَّ الانجرار إلى حافة الإفلاس المالي، وتصبح لبنان دولة فاشلة وهذا ما نخشاه ونحذر منه.

التعليقات مغلقة.