fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

أرمينيا وأذربيجان لعبة تحريك العرائس بيد الكبار!

271

أرمينيا وأذربيجان … لعبة تحريك العرائس بيد الكبار!

 

ويكأن كُتِبَ على التاريخ أن الصراعات التي لم تحسم لابد لها أن تنشط كل حين.

صراع أرمينيا وأذربيجان صراع قديم ليس وليد اللحظة، صراع مترامي الأطراف، صراع في ظاهره بين دولتين صغيرتين، ولكن في الحقيقة أنه صراع بين دول كبرى لتضارب مصالحها كما هو الحال في غالب صراعات العالم اليوم!

هو نزاع تاريخي بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم “ناغورنو كاراباخ”، ولكن في الأبعاد الإستراتيجية والجغرافيا السياسية والاقتصادية، هو صراع يحضر فيه لاعبون كثر، مِن: روسيا إلى تركيا إلى أميركا إلى إيران، وربما “إسرائيل”.

والسبب الرئيسي للصراع: أن أرمينيا تدَّعِي أن الإقليم حقًّا لها؛ لكونه من الناحية الديموغرافية تسكنه أغلبية أرمينية، لكنه من الناحية الجغرافية يقع في قلب أذربيجان،كأن لو هناك ولاية أمريكية تسكنها غالبية مكسيكية فمن حق المكسيك أن تطالب بضم الولاية لها!

الموقف الأوروبي:

الموقف الأوروبي بكل أطرافه، وخصوصًا الطرف الفرنسي، يطالب حتى الآن بوقف إطلاق النار، ويطالب بوقف الأعمال العسكرية والذهاب للمفاوضات للتوصل إلى حلول دائمة لقضية ناغورنو كراباخ، ولكن يمكن للأوروبيين -وتحديدًا الفرنسيين-، أن يأخذوا موقفًا مغايرًا وأكثر قربًا من أرمينيا في حال تطورت الأمور.

اليوم هناك ظروف سياسية وميدانية جديدة، لها علاقة بما يجري في الشرق الأوسط، ففي حال تطورت الأمور بالنسبة للفرنسيين ومجمل الأوروبيين سيكون الأمر مصيريًّا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أذربيجان ستكون مصدرًا للطاقة والغاز لأوروبا، وهناك خط النفط الممتد من أذربيجان عبر تركيا إلى اليونان، وهذه المسألة يمكن أن تعتبرها أوروبا خطًّا أحمر بالنسبة لها.

ويؤكّد الكثيرون أن فرنسا هي مَن قامت بدفع أرمينيا لضرب أذربيجان لإضعاف تركيا وتشتيتها وإلهائها عن تمددها في المتوسط، وهذا صراع متجدد كل فترة، وليس وليد اللحظة؛ فما سبب اشتعال الصراع مجددًا؟

ومن هنا يرى الباحث “باسراد باشايف” -المتخصص في العلاقات الدولية وتجارة الطاقة- أن هدف أرمينيا هو: السيطرة على طرق النفط والغاز، والسكك الحديدية التي تمر عبر الإقليم، وتعطيل صادرات النفط والغاز من المنطقة؛ لا سيَّما أن أذربيجان هي واحدة مِن أقدم الدول المنتجة للنفط في العالم، ومورد مهم للنفط والغاز في منطقة بحر قزوين؛ إذ تمتلك احتياطات غاز تبلغ 2.1 تريليون متر مكعب، بما يعد أحد العوامل الرئيسة لاقتصاد أذربيجان.

تقول وجهة النظر الأخرى: إن موسكو تسعى لإثارة النزاع بين الطرفين من خلال ساسة، مثل: قسطنطين زاتولين النائب الأول لرئيس لجنة الدوما لرابطة الدول المستقلة؛ حتى تتمكّن روسيا من التلاعب بالجانبين دائمًا، وحفظ نفوذها داخل أرمينيا وأذربيجان، بحسب سفير الولايات المتحدة السابق لدى أذربيجان ماثيو بريزا، خلال تصريحات تليفزيونية لشبكة (تي آر تي وورلد).

لربما يظن أحدهم أن الصراع صراع طائفي بين البلدين، لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا حيث إنه صراع قومي وصراع مصالح من الطراز الأول؛ حيث إن أذربيجان رغم أن الدِّين مهمش فيها، لكنها ذات أغلبية شيعية، ومع ذلك فإيران تساند أرمينيا تحججًا بالعلاقات الموسَّعة بين أذربيجان وإسرائيل، حيث إن أذربيجان من أكبر مستوردي الأسلحة الإسرائيلية في المنطقة، وتدَّعي أن أذربيجان تساعد إسرائيل في عملية التجسس على ايران!

ماذا بعد؟!

ستسعى الكثير من الدول لوقف إطلاق النار وإنهاء الصراع قدر المستطاع خصوصًا دول أوروبا وآسيا الوسطى حيث إن أذربيجان تعد مصدرًا مهمًّا للنفط والغاز في أوروبا وآسيا الوسطى حيث إنها تنتج قرابة 800 ألف برميل من النفط يوميًّا؛ لذا كما يسعى الكثيرون لاحتدام واشتعال الصراع لمصالحهم سيسعى الكثيرون لوقف الصراع لمصالحهم أيضًا!

التعليقات مغلقة.