fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

التغيرات المناخية (وكوفيد 19) يتصارعان على العالم!

263

التغيرات المناخية (وكوفيد 19) يتصارعان على العالم!

 

تنزيل الدراسة PDFالتغيرات المناخية (وكوفيد 19) يتصارعان على العالم!

فمع تفشي فيروس كورونا بهذا الشكل وهذه السرعة الكبيرة في غالبية دول العالم، ربط كثيرٌ مِن العلماء بين سرعة تفشيه وبين التغيرات المناخية، وأن ما سبقه من فيروسات وأمراض، مثل: السارس، والميرس، هو نتيجة لهذه التغيرات، مما يعني أن القادم من الأمراض الفيروسية والمعدية بسببها سيكون كثيرًا، فكورونا ما هو إلا إنذار؛ فهناك الكوليرا، وحمى الضنك، والملاريا، وغيرها من الأمراض عائدة وبقوة.

فجائحة “كورونا” تعطي العالم دروسًا لن يمكن تجاهلها، وقد يكون الدرس الأبرز أن كلّ أسلحة العالم وأمواله لم تتمكن من وقف انتشار وباء نتج عن التلاعب بالطبيعة.

وصحيح أن الفيروس الجديد انتقل كغيره من الفيروسات القاتلة عن طريق الحيوان، غير أن المسئولية تقع على الإنسان لتلاعبه غير المنضبط بعالم الحيوان، وهذا يعطي أهمية مضاعفة للحفاظ على التوازن الطبيعي وحماية البيئة، والأكيد أن صرف المليارات على البحث العلمي وحماية البيئة والرعاية الصحية كان أجدى من صرفها على برامج التسلُّح.

فالفيروس القاتل ضرب القواعد العسكرية وحاملات الطائرات نفسها، ووقف كلّ السلاح عاجزًا عن مواجهته، وقد تفتح الجائحة الباب واسعًا في المستقبل على اعتماد الاجتماعات عبر الإنترنت، كوسيلة تخفف من أعباء السفر، وتقلل من الانبعاثات، وعلى أهمية استمرار التواصل الإنساني المباشر، فقد تفرض دروس جائحة “كورونا” نمطًا جديدًا في الاجتماعات الدولية، يقرِّبها أكثر من العمل المنتج ويحدُّ من الهدر.

ترُى هل تدفع الكارثة العالم إلى إعادة تحديد أولوياته، بوضع البيئة والصحة وحياة البشر فوق التفوّق العسكري والاقتصادي؟ أم يعود العالم إلى عاداته القديمة مع زوال الجائحة، ويغوص من جديد في سبات عميق في انتظار فيروس آخر بعد سنوات؟

المتوقع هو الافتراض الأول، وإن كان المرجو أن تطلق الصدمة نهضة بيئية وصحية تغيّر وجه العالم، لكن هذا يستدعي تحوُّلًا من أنماط الاقتصاد المتوحش إلى الاقتصاد الأخضر، وتبديلًا جذريًا في الأنماط الاستهلاكية، بما يعيد التوازن بين المنظومة الطبيعية والبشر.

تحليلات الباحثون في المناخ العالمي:

لوحظ انحسار كبير في نسبة الغازات الملوِّثة والغازات المسببة للاحتباس الحراري في بعض المدن والمناطق، نتيجة تأثيرات انتشار فيروس كورونا على الأعمال وحركة السفر والتنقل.

وقال باحثون في نيويورك لبي بي سي: إن النتائج الأولية التي تمخضت عنها بحوثهم تشير إلى نسبة غاز أول أكسيد الكربون -الناتج بدرجة رئيسية عن استخدام السيارات- قد انخفضت بنسبة 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما انخفضت إلى حدٍّ كبيرٍ نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ثمة خشية من أن نسب هذه الغازات ستعود للارتفاع بعد انتهاء الوباء.

وفي حقيقة الأمر: ليس مفاجئًا أن تنخفض نسب الغازات الناتجة عن عمليات إنتاج الطاقة والنقل والمواصلات وسط تباطؤ النشاط الاقتصادي على النطاق العالمي نتيجة تفشي الوباء.

ويقول علماء: إنه بحلول شهر أيار / مايو، عندما ترتفع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة سقوط وتحلل أوراق الأشجار، فإن النسب التي تسجل الآن تعد الأصغر منذ الأزمة المالية التي عصفت بالعالم قبل عقد من الزمن، ولو أن الدراسة التي أعلن عن نتائجها في نيويورك نظرت في المراحل الأولى لتفشي الوباء؛ إلا أنها تشير مع ذلك إلى أن التعليمات الحكومية بتجنب التنقل والسفر غير الضروريين بدأت تؤتي أكلها، فحركة المرور في نيويورك انخفضت بنسبة حوالي 35 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أما نسبة غاز أول أكسيد الكربون الذي تنتجه محركات السيارات فقد انخفضت بنحو 50 في المائة في يومين من أيام الأسبوع الحالي، حسب ما قال باحثون في جامعة كولومبيا.

وتوصل الباحثون أيضًا إلى أن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في جو نيويورك انخفضت من 5 إلى 10 في المئة، كما انخفضت نسبة غاز الميثان أيضًا، ورغم وجود جوانب ينبغي توخي الحذر منها في تفسير النتائج التي خلصت إليها هذه البحوث، فإنها تشبه إلى حدٍّ بعيدٍ التأثيرات البيئية لانتشار الفيروس في الصين وإيطاليا.

فحسب تحليل أجراه موقع Carbon Brief المتخصص ببحوث المناخ، انخفض استخدام الطاقة في الصين بنسبة 25 في المائة على مدى أسبوعين، وقد ينتج عن ذلك انخفاض يبلغ 1 في المائة من الانبعاثات الصينية هذه السنة، كما سجلت في الصين وإيطاليا انخفاضات كبيرة في نسبة غاز ثاني أكسيد النتروجين، وهو تطور له علاقة بانحسار استخدام السيارات والنشاط الصناعي بشكل عام، ومن المعروف أن ثاني أكسيد النتروجين من الغازات الملوثة الخطيرة علاوة على مساهمته في رفع درجات الحرارة، ومع مسير حركة النقل الجوي نحو التوقف الكلي، وزيادة عدد الموظفين الذين أخذوا بالعمل من بيوتهم، فمن المرجح أن تنخفض الانبعاثات الضارة في كثير من دول العالم.

وبينما سيزيد عمل ملايين الناس من بيوتهم من استخدام الطاقة الكهربائية للإضاءة والتدفئة وغيرها، فإن تأثير القيود المفروضة على وسائل النقل العام وتباطؤ الاقتصادات قد يكون له أثر على الانبعاثات الكلية.

وقال الأستاذ رويسين كوماني، من جامعة كولومبيا، والذي رأس فريق البحث في حالة الهواء في نيويورك: “أتوقع أن نرى أقل نسبة ارتفاع في غاز ثاني أكسيد الكربون في الفترة من أيار / مايو إلى أيار / مايو في نصف الكرة الأرضية الشمالي منذ عام 2009 وحتى قبل ذلك”.

وعبّر آخرون من العاملين في هذا المضمار عن آراء مماثلة، ويعتقدون أن انحسار النشاط الاقتصادي سيؤثِّر على نسب غاز ثاني أكسيد الكربون لهذه السَّنة بأسرها.

وقالت الأستاذة كورين لي كويري -من جامعة شرق أنغليا في بريطانيا-: “يعتمد الأمر على المدة التي قد يستغرقها الوباء قبل انحساره، وعلى مدى تباطؤ الاقتصادات ولا سيما في الولايات المتحدة، ولكن على الأغلب، أعتقد بأننا سنشهد انحسارًا في الانبعاثات العالمية هذه السنة”.

ومضت للقول: “إذا استمر انتشار الوباء لثلاثة أو أربعة شهور، فإننا سنشهد انخفاضًا في الانبعاثات بالتأكيد“.

ولكن الأمر الذي قد يكون له تأثير كبير على حجم الانبعاثات وتلوث الهواء على الأرجح سيكون الأسلوب الذي تتبعه الحكومات المختلفة لتحفيز اقتصاداتها بعد انحسار تهديد الوباء، ففي عامي: 2008 و2009 بعد الأزمة المالية العالمية، ارتفعت نسبة الانبعاثات الكربونية بنسبة 5 في المائة نتيجة برامج التحفيز التي أدت إلى ارتفاع استخدام النفط والفحم(1).

فالتغيرات المناخية باتت تضرب بلا هوادة كل دول العالم، ورغم أن قمة المناخ في فرنسا عام 2015 كانت أهم قمة تركز ضمن ما تركز على الصحة، لكن الاستهانة من قبل الدول الصناعية كانت السمة الرئيسية، بل ضرب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب عرض الحائط بما صدر عن هذه القمة، لكن رغم ذلك لم تتوقف تحذيرات العلماء والمنظمات في هذا الخصوص، خاصة تأثير التغيرات على صحة الإنسان، فالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أصدرت بيانًا عن حالة المناخ العالمي في 2019 توقعتْ فيه أن يشهد العالم في السنوات الخمس المقبلة رقما قياسيًّا جديدًا كل عام في درجات الحرارة العالمية، ووثقت المنظمة ظواهر الطقس والمناخ وتداعياتها على التنمية الاجتماعية ــ الاقتصادية، والصحة البشرية، والهجرة والنزوح، والأمن الغذائي والنظم الإيكولوجية البرية والبحرية.

المنظمة نفسها أكدت على لسان رئيسها (بيتيرى تالاس): أن الفترة الواقعة بين عامي: 2015 و2019 كانت أدفأ خمسة أعوام في التاريخ، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي كان كل عقد من العقود المتعاقبة أحرّ من أي عقد سابق منذ 1850.

وعلميًّا وصحيًّا، هناك دراسة أعدها المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية حدد خبراء من 27 أكاديمية علمية وطنية في نوفمبر الماضي “الضرر الواسع النطاق الذي تسببه التدفئة العالمية بالفعل لصحة الناس والتأثيرات الخطيرة المتزايدة المتوقعة في المستقبل”.

الدراسة قالت: «ستؤدي موجات الحر والفيضانات الحارقة إلى مقتل عدد أكبر من الضحايا مع زيادة الطقس القاسي، لكن هناك آثار غير مباشرة خطيرة أيضًا من انتشار الأمراض التي ينقلها البعوض تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية».

ووفقًا لما يؤكده البروفيسور السير أندرو هينز -الرئيس المشارك لتقرير الأكاديميات الأوروبية-: “هناك تأثيرات تحدث الآن وخلال القرن القادم، يجب تصنيف تغير المناخ كواحد من أخطر التهديدات للصحة”(2).

ينبغي أن تدمج معالجة ملف التغير المناخي مع حل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كوفيد 19، بحسب مقترح ستبلغه بريطانيا لحكومات 30 دولة في الأسبوع المقبل، وزراء البيئة من 30 دولة في مؤتمر على الإنترنت يستمر ليومين في محاولة لتحقيق تقدم في خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويطلق على هذا التجمع اسم: “حوار بطرسبرغ بشأن المناخ”.

وسيركز التجمع على كيفية تنظيم تعافٍ اقتصادي “صديق للبيئة” بعد انتهاء المرحلة الحادة من الوباء، والهدف الآخر هو التوصل إلى اتفاق دولي بشأن تخفيضات طموحة لانبعاثات الكربون بالرغم من تأجيل المؤتمر الرئيسي “COP26″، والذي كان مقرر عقده في غلاسغو في نوفمبر، ولم يحدد بعد تاريخ جديد لانعقاده.

التغير المناخي أسوأ من كورونا:

قال البروفيسور بيتر دي مينوكال، مدير مركز المناخ والحياة في لامونت: إن فيروس كورونا مثَّل تهديدًا للعالم منذ عدة شهور، ولكن مع جهود العلماء المستمرة سيتم التوصل إلى لقاح في خلال عام، ولكن تغير المناخ سيتجه نحو الأسوأ، وفقًا لـ”روسيا اليوم” نقلًا عن صحيفة “إكسبرس” البريطانية.

وبالرغم من وجود فوائد قصيرة المدى لأزمة فيروس كورونا، مثل: انخفاض غازات الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الهواء؛ فإن تغير المناخ مأساة أكبر بكثيرٍ مِن الجائحة الحالية.

وأكَّد “بيتر”: أن تغير المناخ سيكون بمثابة قنبلة موقوتة تستدعي الاهتمام العاجل، حيث إنه سيؤثر سلبًا على جميع مناحي الحياة البشرية، بما في ذلك توافر المياه العذبة وإنتاج المحاصيل.

وأشارت دراسة حديثة إلى أن: إعادة نمو غابات الأمازون تحدث بشكل أبطأ بكثيرٍ مما كان متوقعًا في السابق، كما حذَّر الخبراء من أن هذا الاكتشاف ذو أهمية كبيرة، حيث تجاهل علماء المناخ قدرة الغابات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وبالتالي: فإن للغابات دورًا كبيرًا تلعبه في مكافحة تغير المناخ، ويشير النمو البطيء إلى أن كوكب الأرض يختنق بسبب الأنشطة البشرية الضارة.

وحذرت دراسة حديثة مِن أن: العالم قد يقفز من مأساة الفيروس التاجي إلى نار المناخ، ما لم تتدخل الحكومات لتحويل الاقتصادات إلى مسارات نظيفة أثناء التعافي من الفيروس.

وأشارت الدراسة إلى أن: السبب الذي يجعل التغير المناخي مأساويًّا بشكل أكبر بكثير مما نعتقد، هو أن التأثيرات تحدث بالفعل عبر نطاق واسع في جميع أنحاء كوكب الأرض(3).

إن السياسات المتعلقة بتغير المناخ التي تصمم تصميمًا سليمًا يمكن أن تكون جزءًا لا يتجزأ من التنمية المستدامة؛ إذ تؤدي استنتاجات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن مسارات التنمية المستدامة يمكن أن تحد مِن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأن تقلل من القابلية للتأثر بتغير المناخ.

وفي نفس الوقت يمكن أن يحد تغير المناخ من قدرة الدول على تحقيق مسارات التنمية المستدامة، فلم تستطع جل الهيئات الدولية المعنية بشأن التغير المناخي ولا الاتفاقيات والمؤتمرات المناخية مجابهة تداعيات التغير المناخي والحسم في هذه المسألة، لكن مع انتشار جائحة كوفيد 19 أصبح الأمر سهل المنال، وأصبح تنفيذ التوصيات المقترحة من طرف اللجنة الدولية الحكومية لدراسة تغير المناخ (GIEC)  قدرا محتمًا، واستعادت بذلك الأرض وغلافها الجو توازنها ونظامها البيئي.

جائحة كورونا والتكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره:

إلى جانب ما خلَّفته كورونا من معاناة نفسية ووفيات مرتفعة في مختلف المجتمعات البشرية الملوِثة منها وغير الملوِثة، شكَّلت سنة 2020 تغير منحى تركز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وسنة محورية لتطبيق كل السياسات الرامية إلى التخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي بشكل إلزامي، وكذا فرصة لنهج نفس السياسات المستدامة في السنوات اللاحقة، وإعادة النظر في مستقبل التغير المناخي بعد جائحة كورونا، واعتماد سبل استغلال الحوافز وخطط الإنعاش الاقتصادية دون المساس باستدامة المنظومة البيئية.

فمع تفشي جائحة كورونا لاحظ مختصون في علم الرصد المناخي بأن طبقة الأوزون أصبحت تتعافى تدريجيًّا، ورصدت بعض الدراسات تحسن جودة ونقاء مياه مدينة فينيسيا بإيطاليا، فضلًا عن انخفاض تلوث هواء الغلاف الجوي ببكين، هكذا دواليك في معظم بلدان العالم، ويرجع السبب الرئيسي إلى انخفاض النشاط البشري وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة في الجو، بفعل حظر التجوال والحجر الصحي التي فرضته جل الدول على مواطنيها للحد من تفشي الوباء، وأسهم هذا الإجراء بشكل غير مباشر في تطبيق سياسة التخفيف والتكيف حتى ولو على الدول الصناعية الكبرى التي كانت قد عبرت عن رفضها المطلق في تطبيقها لهذه السياسات.

هذا وقد اتضح بالجلاء أن التربية من أجل المناخ قد أخذت منحى جديدًا، فمع زيادة الوعي بأهمية المحافظة على البيئة والتقليل من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري لا سيما غاز ثاني أوكسيد الكربون  (CO2، واعتماد الأساليب التي تساعد على تحفيز المصادر الطبيعية المعتادة، وأساليب تخفيض الانبعاثات البشرية، فضلًا عن مبادرات التحسيس والتوعية، وتنمية السلوكيات البيئية المسئولة عبر إدماج التربية البيئية في السلوك اليومي؛ أصبح اليوم من اللازم التقيد بهذه المبادئ لإعادة توازن النظام المناخي والبيئي بشكل تام، ولضمان تحقيق تنمية مستدامة تستجيب لحاجيات الشعوب الحالية منها والمستقبلية.

وقد أجبرت كورونا المجتمعات البشرية اللاهثة وراء تطلعاتها الاقتصادية، إلى التخفيف والتكيف من أوضاع المناخ الجديد، الذي يحدد مختلف الإجراءات والتدابير القطاعية الواجب اتخاذها في مختلف الميادين للتكيف مع التغيرات المناخية الحالية والمستقبلية(4).

منظمة الصحة العالمية:

ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة: أن مواجهة التغير المناخي تمثِّل أولوية حاليًا لا تقل أهميةً عن مواجهة جائحة كوفيد – 19؛ إذ وصلت مشكلة التغير المناخي إلى ذروتها خلال الأعوام الخمسة الماضية، وسجَّل العالم أعلى درجات حرارة في التاريخ.

ويعد قياس مستوى ثاني أكسيد الكربون أحد العلامات المهمة في عملية مراقبة التغير المناخي، وزاد مستواه الحالي بنسبة 26% بالمقارنة مع مستواه في العام 1970، وارتفع متوسط درجة الحرارة عالميًّا بنحو 0. 86 درجةً مئوية منذ العام 1970 وحتى الآن.

وأضافت المنظمة: إن أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) فاقمت التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للتغير المناخي، لكنها في الوقت ذاته ساهمت في تقليل كمية الملوثات وحسنت جودة الهواء بسبب توقف الأنشطة الصناعية.

وقال بيتري طلاس -السكرتير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية-: “نتوقع أن تنخفض الانبعاثات الكربونية بحلول نهاية العام الجاري بنسبة 6%؛ بسبب تراجع الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة الصناعية ووسائل النقل، لكن هذا الانخفاض مؤقت وستعود الانبعاثات الكربونية إلى مستوياتها السابقة خلال العام المقبل؛ ولذا فإن مواجهة التغير المناخي أولوية لا يجب تجاهلها”(5).

حلول مصرية لمواجهة التغير المناخي في مصر:

  •  1ـ وضع خطة طوارئ في المدن والمحافظات التي تتأثر بالسلب من التقلبات المناخية، مثل «ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، وزيادة تآكل الشواطئ والعواصف الرملية»، وعمل المزيد من الدراسات لمعرفة الظواهر غير الطبيعية التي بدأت تضرب مصر، مثل: هطول الأمطار بغزارة في مرسى مطروح، وغيرها من الظواهر، وتوفير تمويل كافٍ من الحكومة لتنفيذ المشروعات البيئية.
  • 2ــ الترشيد في استهلاك الموارد الطبيعية، ومنها: المياه والطاقة، وتوعية المواطنين ودمجهم في خطة مواجهة التغيرات المناخية؛ لأن الاستهلاك الكبير للموارد الطبيعية يزيد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وترشيد إنتاج الطاقة بحرق الوقود الأحفوري الذي يزيد الكربون، ويتطلب هذا تحسين آلية بناء المساكن، وضمان التهوية والإنارة الطبيعية لها قدر الإمكان، وتشجيع استخدام وسائل النقل العام، بدلًا من وسائل النقل الفردية لترشيد استخدام الوقود.
  • 3- الاعتماد على الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة، والتخلي بالتدريج عن الوقود الأحفوري (بترول، وفحم، وغاز طبيعي).
  • 4ـ استكمال البرنامج النووي المصري؛ نظرًا إلى أن المفاعلات الذرية تعتبر الأقل إصدارًا للغازات الدفيئة، وذلك بالنظر إلى تقرير مكتب الطاقة الذرية الأوروبية، الذي يكشف أن أوروبا يمكنها زيادة طاقتها الذرية إلى ثلاثة أضعاف حتى عام 2050؛ ما يؤدي إلى تفادي انبعاث 6. 3 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون.
  • 5- زراعة الأشجار في كل الأحياء وحول المدن؛ لأنها تستهلك الكربون، وتزيد الأكسجين في الجو؛ خاصة أن جهاز شئون البيئة أشار إلى حاجة القاهرة لزراعة 12 مليون شجرة على الأقل، لاستهلاك الكربون الناتج عن عوادم السيارات، ويمكن زراعة الغابات الشجرية حول المدن (الأحزمة الخضراء Green Belts)، بمياه الصرف الصحي المعالجة بتكنولوجيات وتكاليف يسيرة.
  • 6ــ فلترة مداخن المصانع، مع الوضع في الاعتبار أن مصانع القاهرة (12600 مصنع) مسئولة عن انبعاث 50% من إنتاج الكربون في الجو، ويقترح الخبراء ابتكار أساليب تقنية بسيطة كتمرير دخان المصانع على أحواض مياه بها طحالب تستهلك الكربون، وتنتج كهرباء، وبذلك نخفض زيادة درجات الحرارة إلى نحو النصف.
  • 7ـ إعادة تدوير المخلفات بشكلٍ صحيحٍ، وتحويلها إلى منتجات نافعة وطاقة كهربائية؛ لأن حرق القمامة في مصر يتسبب في 15% من تلوث الهواء، وتركها بدون حرق في الشوارع يزيد من إنتاج غاز الميثان في الجو، وتجدر الإشارة إلى أن مصر تنتج نحو 52 مليون طن سنويًّا من المخلفات (القاهرة تنتج 25 ألف طن يوميًّا)، وما يعاد تدويره منها لا يتعدى 3%، مع التوسع في استخدام قش الأرز في صناعات وتطبيقات زراعية بدلًا من حرقه.
  • 8ـ زيادة المساحة المأهولة بالسكان من مصر، وإعادة توزيع السكاني بالتساوي لخفض الكثافة السكانية من خلال إنشاء مدن جديدة متمتعة بالبنية التحتية والمرافق الشاملة والطاقة المتجددة بحسبٍ حسنٍ.
  • 9ـ منع بخر نهر النيل والترع الزراعية بتغطيتها، ويمكن أن يكون ذلك بخلايا شمسية كما يحدث في الهند، وبذلك نتحكم في بخر النهر، وننتج كهرباء نظيفة مستدامة لسد عجز الطاقة، والتغذية الصناعية بإلقاء الرمال الدورية على الشواطئ لحمايتها من النحر، مع ملاحظة أنها لن تمنع الزيادة المتوقعة في تغلغل المياه المالحة، وامتداد تملح الأراضي، وفقدان إنتاجيتها تدريجيًّا.
  • 10ــ حظر المبيدات والمخصبات الكيميائية في الزراعة، والاتجاه إلى البدائل الطبيعية والزراعة العضوية المستديمة (مثلًا إنتاج الأسمدة العضوية من المخلفات الزراعية والحيوانية المعالجة، وإعادة توزيع الخريطة الزراعية المصرية بالابتعاد عن المناطق التي بها أمراض (كالدلتا مثلًا)، وتعديل النمط الزراعي بعمل دورات زراعية مناسبة (بمعنى زراعة محاصيل تقوم مخلفاتها بدور المسمدات للمحاصيل التالية لها)(6).

1_بي بي سي

2_الاهرام

3_ألوان

4_أخبار البيئة

5_مرصد المستقبل

6_الشروق

التعليقات مغلقة.