fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

سباق الانتخابات الرئاسية الجزائرية… الفرص والتوقعات

384

سباق الانتخابات الرئاسية الجزائرية … الفرص والتوقعات

 

فقد كان من المفترض أن تتم الانتخابات الرئاسية في الجزائر في 18 إبريل 2019م، وفق ما أعلنه رئيس الجزائر السابق -عبد العزيز بو تفليقة- في يناير 2019م بعد مرسومه الرئاسي المتضمن استدعاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إلا أنه لم يتم إجراؤها؛ نظرًا لاندلاع الاحتجاجات الشعبية ضده واستقالته بعدها في إبريل من نفس العام. وبعد تولي عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة قيادة الدولة -بشكل مؤقت- أعلن عن إجراء الانتخابات في 4 يوليو 2019، ولكن المجلس الدستوري الجزائري قد رفض الملفين الوحيدين لديه للترشح للانتخابات وأعلن استحالة إجرائها في الموعد الأخير.

تم مؤخرًا استدعاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات للمرة الثالثة لاختيار رئيس الجزائر في 12/12/2019، ويبلغ عدد المواطنين الجزائريين الذين لهم حق التصويت في هذه الانتخابات أكثر من 23 مليون جزائري حسب القائمة التي توقفت في ديسمبر 2018، كما يبلغ عدد الذين تقدموا للحصول على طلب الترشح للرئاسة نحو 147، وتقدم منهم بملف الترشح 23 وقبلت ملفات خمسة منهم هم: عز الدين ميهوبي، وعبد القادر بن قرينة، وعبد المجيد تبون، وعلي بن فليس، وعبد العزيز بلعيد.

وفيما يلي نبذة مختصرة عن كلٍ منهم:

  • عز الدين الميهوبي([1]) : وزير الثقافة السابق، ومرشح التجمع الوطني الديمقراطي وأمينه العام بالنيابة، وقد كان التجمع الوطني الديمقراطي أحد أهم حلفاء حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم([2])، خلال فترة حكم بوتفليقة التي استمرت 20 عامًا، وُلد سنة 1959 بعين الخضراء (ولاية المسيلة)، وجده محمد الدراجي، من معيني الشيخ عبد الحميد بن باديسفي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان جده قاضيًا أثناء الثورة التحريرية بالجزائر عام 1954، تقلد عدة مناصب حكومية وكان نائبًا بالبرلمان في 1997 وحتى 2002 وله عدة مؤلفات وأعمال فنية، حصد على إثرها العديد من الجوائز المحلية والدولية. وفي عام 2017 منحته جامعة الدول العربية جائزة التميّز العربي للأداء الثقافي خلال المؤتمر العربي للثقافة والإبداع، وذلك بعد اختياره شخصية العام الثقافية في نفس العام من طرف ملتقى المثقفين المقدسي بفلسطين، كما اختاره حاكم إمارة الشارقة بدولة الإمارات، شخصية عام 2018 الثقافية في معرض الشارقة الدولي للكتاب([3]) .
  • عبد القادر بن قرينة([4]): هو سياسي ونقابي ومرشح حركة البناء الوطني التي يرأسها وهو عضو ائتلاف أحزاب إسلامية، ولد في عام 1962 في ورقلة بالجزائر، تقلد عدة مناصب في الحكومة الجزائريةأهمها: أنه عين وزيرًا للسياحة والصناعات التقليدية، ونائب رئيس البرلمان.
  • عبد المجيد تبون([5]): هو رئيس الوزراء الأسبق في حكومة الجزائر 2017، حيث عينه رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة قبل أن يقيله من منصبه بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه، على خلفية صراع مراكز القوى المحيطة بالرئيس السابق([1])، وشغل عدة وظائف سياسية وبرلمانية ووزارية، وهو المترشح الوحيد المستقل من بين باقي المرشحين الحاليين، ولد في عام 1945 في المشرية (ولاية النعامة) بالجزائر.
  • علي بن فليس([6]) : سياسي جزائري، تقلد عدة مناصب في الحكومة الجزائرية، أهمها: عين وزيرًا للعدل ورئيسًا للحكومة، وهو رجل قانون في الأساس، متزوج وأب لأربعة أولاد، ولد في 1944 بباتنة (الأوراس)، وهو من عائلة ثورية، فقد اغتال الاستعمار الفرنسي أباه وأخاه وهو لا يتجاوز سن الثالثة عشر. وقد أسس بن فليس حزب طلائع الحرياتفي 2015، وهو حزب وطني ديمقراطي قائم على تثمين الحريات الفردية والجماعية لبناء دولة الحق والقانون، ويسعى لبعث دولة ديمقراطية ترسى فيها دعائم مجتمع الحريات.
  • عبد العزيز بلعيد([7]) : رئيس جبهة المستقبل، سياسي جزائري وأصغر مترشح لرئاسة الجزائرفي انتخابات 2014. متزوج وأب لخمسة أبناء، ولد في 1963 ببلدية مروانة في ولاية باتنة، وانضم في صغره إلى صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية بمنطقة باتنة، ومثّل الجزائر في التجمعات الكشفية الدولية. حصل على دكتوراه في الطب وليسانس في الحقوق. انخرط في عام 1986 في صفوف حزب جبهة التحرير الوطنية الجزائرية، وانتخب نائبًا بالمجلس الشعبي الوطني الجزائري لفترتين متتاليتين: ما بين 1997 و2007، بعد اختلاف مع توجهات جبهة التحرير، غادر الحزب ليؤسس في فبراير 2012 حزبًا جديدًا هو جبهة المستقبل.

وقد انطلقت الحملة الانتخابية رسميًّا يوم 17 نوفمبر الجاري، وتنتهي قبل ثلاثة أيام من تاريخ الاقتراع([8]) ، بينما تفتح هذه الحملة قبل اثني عشر يومًا من تاريخ الاقتراع، وتنتهي قبل يومين من تاريخه، في حالة الحاجة إلى دور ثانٍ للاقتراع.

وسيتم التوقيع على “ميثاق أخلاقي للممارسات الانتخابية” من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والمترشحين والأسرة الإعلامية.

وحسب مراقبون، فإن هذه الانتخابات تشهد حالة غير مسبوقة، وذلك لعدم معرفة المرشح الأكثر حظًّا بالفوز بها كما جرت العادة منذ أول انتخابات رئاسية تعددية شهدتها البلاد في نوفمبر 1995([9]) ؛ إلا أنه وبافتراض نزاهة العملية الانتخابية القادمة وأن نسب تمثيل الأحزاب في البرلمان الجزائري لها نفس الوزن بين أصوات الناخبين، فيمكن القول بأن أوفر المرشحين حظًّا ينتمون إلى أحزاب السلطة، وهم على الترتيب: عز الدين الميهوبي باعتباره مرشح التجمع الوطني الديمقراطي، صاحب ثاني أكبر نسبة تمثيل في البرلمان، يليه عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل باعتباره عضوًا سابقًا في جبهة التحرير الوطنية صاحبة أكبر كتلة برلمانية حاليًا، واحتمال وجود تفاهمات وتحالفات مع حزبه السابق بالإضافة إلى احتمال اكتسابه جزءًا من القاعدة الانتخابية لحزبه القديم.

وعلى مستوى الانتخابات البلدية فقد مُني التيار الإسلامي بهزيمة كبرى، ما يعكس وجود تراجع حاد في شعبيته، حيث لم يتحصل التحالف الإسلامي المكوّن من ثلاث أحزاب هي: (جبهة العدالة والتنمية([10]) ، وحركة النهضة، وحركة البناء الوطني) سوى على 48 مقعدًا من أصل 462، بينما كانت الأغلبية لأحزاب السلطة بأغلبية مريحة تقدر بـ261 مقعدًا([11]) .

وعلى الجانب الآخر: فقد تجددت الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية -التي كانت قد بدأت في فبراير من العام الحالي- وذلك اعتراضًا على إجراء هذه الانتخابات خوفًا من إعادة إنتاج النظام القديم([12])، حيث يأتي الإعلان عن قائمة المرشحين الذين سيخضون الانتخابات الرئاسية المقررة في 12/12/2019 غداة الاحتفال بالذكرى الخامسة والستين لاندلاع حرب التحرير الجزائرية، والذي شهد خروج الآلاف من المتظاهرين الجزائريين إلى الشوارع؛ تعبيرًا عن رفضهم للمشاركة في هذه الانتخابات، وللمطالبة “باستقلال جديد”، وبتغيير النظام بأكمله([13]) .

وفي نفس الإطار، وعلى الرغم من مشاركتها في السلطة لنحو عشر سنوات في تحالف دعم بوتفليقة آنذاك، فقد امتنعت حركة مجتمع السلم([14])  -المقربة من جماعة الإخوان المسلمين والتي تعتبر أكبر حزب معارض في البرلمان– عن تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية نظرًا لتخوفاتها من عدم توافر شروط تنظيم الانتخابات مثل الشفافية، وتلبية مطالب الحراك الشعبي([15]) .

والمطلِّع على المشهد يرى أن لهذه الاعتراضات وتلك الاحتجاجات مبررها الذي تستند عليه، فحسب مصادر فإن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات –وزير العدل الأسبق- محمد شرفي، الذي تولى منصب وزير العدل مرتين في فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة، الأولى في حكومة علي بن فليس بين عامي: 2002 و2003 ثم في حكومة عبد المالك سلال بين 2012 و2013، قد ربطت الصحافة إقالته في 2013 من الحكومة بقضية فساد في شركة النفط والغاز “سوناطراك”، بعد توجيه أمر بالقبض على المتهم الرئيسي فيها وزيرِ النفط الأسبق شكيب خليل أحد المقربين من بوتفليقة([16]) ، وهذا الأمر يضاف إلى كون جميع المرشحين أعضاء في الحكومات السابقة في عهد بوتفليقة، ليجعل الاحتجاجات المناهضة لإجراء الانتخابات أمرًا ذا صدى مسموع بين الجزائريين ومبعثًا لتخوفاتهم.

 

([1]) عز الدين الميهوبي

([2]) جبهة التحرير الوطني الحاكم

([3]) وزير جزائري شخصية عام 2018

([4]) عبد القادر بن قرينة

([5]) عبد المجيد تبون

([6]) علي بن فليس

([7]) عبد العزيز بلعيد

([8]) إعلان القائمة النهائية لمرشحي “رئاسيات الجزائر”

([9]) ثقل المرشح أم برنامجه.. من ينقذ انتخابات الرئاسة الجزائرية؟

([10]) جبهة العدالة والتنمية

([11]) مستقبل الأحزاب الإسلامية في الجزائر

([12]) محتجو الجزائر يقولون كلمتهم قبل 48 ساعة من الحملة الانتخابية

([13]) أسماء المرشحين وبينهم وزراء في عهد بوتفليقة

([14]) حركة مجتمع السلم

([15]) أكبر حزب إسلامي يمتنع عن تقديم مرشح للرئاسيات الجزائرية

([16]) رغم الاحتجاجات.. انتخاب رئيس جزائري جديد في 12 ديسمبر المقبل لطيّ صفحة بوتفليقة

التعليقات مغلقة.