fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في مظاهرات العراق

562

قراءة في مظاهرات العراق

 

مقدمة:

شهدت بعض المدن العراقية مطلع شهر أكتوبر، موجة احتجاجات واسعة النطاق، بدأت مِن بغداد والبصرة، والنجف، وكربلاء، والديوانية، وعمت عددًا من المحافظات العراقية الأخرى، طالبت بتوفير الاحتياجات اللازمة من الماء والكهرباء، ومعالجة مشكلات الفقر والبطالة، ووضع حدٍّ لاستشراء الفساد والمحسوبية، في بلدٍ يمتلك رابع أكبر احتياطي للنفط في العالم!

تأتي هذه الاحتجاجات بعد سلسلة من المظاهرات المتقطعة قام بها خريجو الجامعات العاطلون عن العمل، وبعد عام من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي، وإخفاقها في معالجة الوضع المعيشي المتردي، في ظل خلافاتٍ سياسيةٍ يعيشها العراق؛ بسبب حالة المحاصصة المزمنة.

وهو ما يطرح عددًا من التساؤلات المتعلقة بطبيعة المشهد السياسي العراقي، وتطورات هذه الموجة من الاحتجاجات، ودوافع الأطراف المختلفة، وما الجديد الذي صنعته الأحداث.

سياق الأحداث:

بدأت هذه الموجة في بغداد بداية شهر أكتوبر منطلقة نحو ساحة التحرير، وفي اليوم التالي امتدت إلى مناطق الشرق والغرب والجنوب لتشمل محافظات: كربلاء وديالى، وذي قار، وميسان والنجف، وواسط والبصرة.

وفي يوم الخميس الثالث من أكتوبر، أعلن رئيس الحكومة حظر التجوال في بغداد وعددٍ مِن المدن باستثناء المسافرين والإسعاف؛ غير أن المحتجين كسروا حظر التجوال وخرجوا إلى الشارع، وبعده بيوم دعا زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” الحكومة إلى تقديم استقالتها، وعلَّق نواب كتلة “سائرون” عضويتهم في البرلمان، ودعا رئيس الحكومة البرلمان إلى دعمه لإجراء تغييرات وزارية.

ثم عادت المظاهرات إلى بغداد في حين فشل اللقاء بين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وممثلين عن المتظاهرين، لتعلن بعد ذلك الحكومة في اليوم التالي حزمة قرارات، أبرزها: فتح باب التقديم على الأراضي السكنية لذوي الدخل المحدود، واستكمال توزيع قطع سكنية للمستحقين، ومع هذا استمرت الاحتجاجات بوتيرة عالية.

وتدخل الاحتجاجات في أسبوعها السادس (وقت كتابة التقرير)، ولا زالت

‎تشهد ساحات التظاهر في ساحة التحري ‎ببغداد، وساحات التظاهر في محافظات البصرة والناصرية، وميسان وواسط، والسماوة، والديوانية، وكربلاء، والنجف وبابل، تدفقًا بشريًّا، وتتوالى للانضمام إلى آلاف المتظاهرين والمعتصمين داخل سرادق وخِيَم تم نصبها منذ انطلاق المظاهرات في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

ويحاول المتظاهرون في الوصول بمسيراتهم إلى المنطقة الخضراء “مقر الحكومة والوزارات والسفارات، ومنها: سفارة إيران، التي باتت تتحكم ليس بالاقتصاد العراقي فقط، بل وبالنظام السياسي أيضًا، فخلال العام الجاري تم ضم ميليشيات الحشد الشعبي إلى الدولة، كما تم الكشف عن فضيحة إدراج قوائم كاملة من الأسماء لصرف الرواتب دون قيامهم بأي وظائف، ووجود فرق عسكرية داخل الجيش تصرف لها مخصصات دون أن تكون موجودة في الواقع، في الوقت الذي تعجز فيه حكومة عبد المهدي عن توفير الخدمات الأساسية “الماء والكهرباء” داخل العاصمة بغداد.

وقتل أكثر من 300 شخص منذ الأول من أكتوبر مع إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على حشود المتظاهرين، وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت أبلغت البرلمان العراقي بقولها: “لقد دفع العراقيون ثمنًا لا يمكن تصوره لكي تصبح أصواتهم مسموعة، فمنذ بداية المظاهرات في الأول من أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن 319 شخصًا، وأصيب حوالي 15000 شخص من المتظاهرين السلميين وأفراد قوات الأمن”.

المشهد السياسي في العراق:

ذات المشهد في العراق لا يختلف كثيرًا عن المشهد في لبنان، فمنذ إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين على إثر الغزو الأميركي للعراق في مارس/ اذار 2003، يدير الحكم تحالف أحزاب شيعية حيث يرأس الحكومة شخصية شيعية، ويرأس البرلمان شخصية سنّية، وتتولى رئاسة الجمهورية شخصية كردية، وفشلت منظومة الحكم في العراق على مدى أكثر من 15 عامًا في معالجة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الوقت الذي استشرى فيه الفساد وتغلغل في كافة مؤسسات الدولة.

فالمشهد السياسي في العراق منذ ستة عشر عامًا يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية، ولم يتمكن أي حزب من تشكيل الحكومة منفردًا، وهذا ما يدفع المكونات السياسية لتشكيل تحالفات كبرى تجمع قوى مختلفة فكريًّا وسياسيًّا، وطائفيًّا أحيانًا، يسفر عنها في كل مرة خارطة معقدة من التحالفات التي سرعان ما تسقط أمام أبسط هزة.

يسيطر على المشهد السياسي حاليًا تحالفان كبيران:

التحالف الأول: تحالف البناء، ومِن أبرز رموزه: (دولة القانون) بزعامة نوري المالكي، و(الفتح)؛ وهو الجناح السياسي للحشد الشعبي، بزعامة هادي العامري، وحزب (الحل السني) بزعامة جمال الكربولي.

التحالف الثاني: تحالف (الإصلاح)، الذي يضم تيار (سائرون) بقيادة مقتدى الصدر، و(ائتلاف النصر) بقيادة حيدر العبادي، و(ائتلاف الوطنية) بقيادة إياد علاوي، و(التضامن العراقي) بقيادة أسامة النجيفي.

يضم كل تحالف رئيسي تيارات ربما تكون مختلفة فيما بينها: كاجتماع الحزب الشيوعي مع “سائرون”، وحزب الحل السني مع تحالف الفتح الشيعي، في حين يزعم كل منهما أنه المكون الأكبر، وهذا كان له أثره في تأخر تشكيل الحكومة وشغور بعض الوزارات، وغياب صوت المعارضة الداخلية، والتأزم السياسي الذي كان سببًا في تفاقم الفساد والترهل والمحسوبية في مؤسسات الدولة.

كان اختيار رئيس الحكومة الحالي على إثر تفاهمات بين زعيم (سائرون) مقتدى الصدر، وزعيم (الفتح) هادي العامري، وتتهم تيارات في تحالف الإصلاح تيار (سائرون) بالتفرد بقرارات (الإصلاح)، وهدد بعضهم بالانسحاب من التحالف، في حين هدد آخرون في تحالف البناء بالانسحاب من التحالف بسبب استئثار تيار الفتح، وانتهاكات الحشد الشعبي، خصوصًا في المناطق السنية، التي كانت سببًا في انشقاق حزب الحل السني الذي يمتلك 14 مقعدًا في البرلمان الحالي، وبهذا أصبحت حصة تحالف البناء أقل من 115 مقعدًا من أصل 329 مقعدًا، وهو ما جعل تحالف (الإصلاح) صاحب الكتلة الكبرى بـ 140 مقعدًا.

دوافع الاحتجاجات ومواقف الأطراف:

دوافع الاحتجاجات متعددة، ما بين دوافع شعبية لها ارتباط بالوضع الاقتصادي المتردي، وأخرى سياسية، ودوافع أخرى لها علاقة بالعامل الخارجي.

– الدوافع الشعبية:

تُجمع الأطراف المختلفة على أن ثمة أزمة اقتصادية يعيشها العراق؛ بسبب ضعف الخدمات المتعلقة بالماء والكهرباء، واستشراء الفساد والمحسوبية، ومشكلات الفقر والبطالة، وبحسب منظمة الشفافية الدولية فإن العراق احتل في عام 2018 المركز السادس عربيًّا والـ13 عالميًّا في قائمة الدول الأكثر فسادًا من إجمالي 168 دولة، وبحسب مصادر أخرى فإن الفساد يجتاح أكثر من تسعة آلاف مشروع في مجالات مختلفة، منها: مشاريع وهمية، وأخرى متعثرة بقيمة تجاوزت ثلاثمائة مليار دولار، وكشف رئيس الحكومة العراقية حتى الآن عن أربعين ملف فساد، حسب موقع الجزيرة.

– الدوافع السياسية وموقف الأطراف العراقية:

حالة الفساد المتجذر، والمشرعن أحيانًا، الذي يأتي بعضه في إطار صفقات سياسية؛ لعل مِن أسبابه الحقيقية هذا المشهد السياسي المعقد، وحالة المحاصصة التي يعيشها العراق منذ الانسحاب العسكري الأمريكي، الذي أدَّى إلى اللعب بنتائج الانتخابات البرلمانية، وشغور بعض الوزارات، ورفض الكتل السياسية المتصارعة للتعديلات الوزارية وتمسكها بوزرائها حتى المتهمين بالفساد منهم، وعدم استطاعة القوى السياسية الوصول إلى آلية توافقية تضمن استقرار النظام السياسي، وسيطرة الفصائل الشيعية المدعومة إيرانيًّا على المشهد السياسي والعسكري، وشعور بقية الفصائل الشيعية والسنية بفقدان مكانتها، والسعي لإعادة التوازن في إطار البيت الشيعي؛ هذه الأسباب وغيرها أدت إلى يأس الشارع العراقي من أي حالة إصلاح يمكن أن يأتي بها النظام الحالي، وهذا ما يفسر حالة العزوف الشعبي في الانتخابات البرلمانية الماضية.

إضافة إلى ذلك: يعيش العراق حالة انقسام سياسي أمريكي وإيراني، وينسحب هذا الانقسام على كل المستويات؛ العسكرية منها والإعلامية والاقتصادية، وهذا ما يظهر في شعارات المحتجين الرافضة للارتهان العراقي للخارج، وخصوصًا إيران، حيث رفع المحتجون صورًا للقائد السابق لقوات مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي، الـمُقال في سبتمبر بدوافع يراها المحتجون إيرانية.

موقف الحكومة العراقية عكس حالة مِن التخبط في الموقف الرسمي، فبعد بيان رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، في بداية الاحتجاجات الذي أشار فيه إلى وجود معتدين غير سلميين بين المتظاهرين، عاد بعدها خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الأمن الوطني ليتراجع عن اتهاماته التي وجهها للمحتجين، مؤكدًا “حرية التظاهر والتعبير والمطالب المشروعة للمتظاهرين”، ويستنكر الأعمال التخريبية التي رافقتها، مشددًا على تسخير جميع الجهود الحكومية لتلبية المتطلبات المشروعة للمتظاهرين، معلنًا حزمة من الإصلاحات الداخلية، على رأسها: إقالة الفاسدين ومعاقبة المسئولين عن سقوط الضحايا.

مواقف الكتل السياسية جاءت متقاربة؛ حيث دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الرئاسات الثلاث: (برلمان – حكومة – رئاسة) إلى التحقيق العادل في مقتل المتظاهرين؛ كذلك أدانت كتلتا الحكمة والنصر (الشيعيتان) ما أسمتاه الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين؛ ومثلهما جبهة الإنقاذ والتنمية (السنية) إذ طالبتا بدراسة الأسباب التي دفعت الجماهير إلى الخروج في تظاهرات كبيرة للمطالبة بالحقوق؛ في حين اقترحت المرجعية الشيعية في العراق تشكيل لجنة من خارج السلطة لوضع آلية لمكافحة الفساد؛ وفي المقابل قال تحالف الفتح في بيان له: “نقف مع المطالب المشروعة للمتظاهرين، ونتبنى ما جاء من توجيهات وتوصيات المرجعية الدينية، ونطالب الحكومة بإطلاق حزمة إصلاحات واقعية وجريئة بتوقيتات زمنية محددة تلبي متطلبات الجماهير”.

وفي ظل غياب الحامل السياسي للاحتجاجات، وغياب المعارضة في الداخل، تصر الأطراف العراقية المتصارعة على الهروب إلى الشارع وتبني أي مطالب احتجاجية يرفعها الشارع، والتسابق على ركوب موجة المعارضة للتحلل من التزاماتها من أجل المشاركة في أي تسوية قادمة.

– الدوافع الخارجية:

تصر إيران على إضفاء صفة المؤامرة على الاحتجاجات العراقية، واتهام ما تسميها عناصر مندسة في الاحتجاجات بتلقي تدريب في معسكرات خاصة بأمريكا والسعودية، كما جاء في تصريح عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة في إيران، عباس كعبي، خصوصًا أن جزءًا من مطالب الجمهور يتعلق بالتحرر من التدخلات الخارجية، ولهذا وصف المرشد الإيراني “علي خامنئي” الاحتجاجات العراقية بأنها: “مؤامرة من الأعداء تهدف إلى التفريق بين إيران والعراق”، وقال في تغريدة له على تويتر: “إن إيران والعراق شعبان ترتبط أجسادهم وقلوبهم وأرواحهم بوسيلة الإيمان بالله وبالمحبّة لأهل البيت وللحسين بن علي”.

– الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت من خلال سفارتها في بغداد، أنها تراقب الاحتجاجات عن كثب، وأضافت: “أن التظاهر السلمي هو حق أساسي في جميع الأنظمة الديمقراطية، ولكن لا مجال للعنف في التظاهرات مِن قِبَل أي من الأطراف”، داعية “الأطراف كافة إلى نبذ العنف، مع ضبط النفس في ذات الوقت”.

– الخلاف الأمريكي الإيراني حول كثير من الملفات في العراق أبرزها: ملف الكيانات المسلحة غير التابعة للجيش العراقي، كالحشد الشعبي المدعوم إيرانيًّا، ألقى بظلاله على المشهد؛ ولهذا تضغط الإدارة الأمريكية على الحكومة العراقية لتعطيل عمل القوات المدعومة منها، والخلاف بين الحشد الشعبي وأمريكا وصل إلى حد اتهامه لأمريكا بالسماح للكيان الإسرائيلي بضرب مخازن أسلحة تابعة له، وبرغم صدور قرار حكومي بحل الفصائل المسلحة غير التابعة للجيش، فإن الواقع بخلاف ذلك.

– مجيء الاحتجاجات العراقية بعد فتح معبر البوكمال بين العراق وسوريا عزز المخاوف الإيرانية؛ وذلك أن المعبر يشكِّل أهمية كبيرة لإيران التي تخضع لعقوبات أمريكية، ويفتح الباب أمامها لطريق بري يصلها بالبحر المتوسط، في حين أن مزامنة الاحتجاجات في ظل تصاعد الخلاف الأمريكي السعودي مع إيران، وعدم رغبة الطرفين في الدخول في مواجهة مباشرة، عزز هو الآخر المخاوف الإيرانية من استخدام هذه الأطراف الاحتجاجات للتأثير في مصالحها بالعراق، أو ارتفاع سقف المحتجين إلى المطالبة بتغيير سياسي قد يؤدي إلى إضعاف دور حلفاء إيران في العراق المسيطرين على السلطة حاليًا.

ومن جانب آخر: وبمنطق لغة المصالح السائدة في العلاقات الدولية كشفت محطة روسيا اليوم، نقلًا عن سياسي عراقي عن وجود مباحثات أميركية إيرانية بشأن الأوضاع التي يشهدها العراق.

وذكر تقرير للمحطة الروسية أن: “المباحثات جرت خلال الفترة الماضية أفضت إلى اتفاق يتعلق ببقاء عادل عبد المهدي رئيسًا للحكومة لمدة محددة (لم يعلن عنها)، وإيقاف حملات الاعتقال والعنف ضد المتظاهرين”. وأضاف: “إن الطرفين الإيراني والأميركي لم يتفقا بخصوص كثيرٍ من الملفات، خاصة تلك المتعلقة بالحشد الشعبي”.

المآلات وماذا بعد… ؟!

بعد هدوء الشارع العراقي المتزامن مع ذكرى أربعينية كربلاء ثم تجدد الاحتجاجات بصورة أسرع وتحدٍّ أكبر، وارتفاع لسقف مطالب المحتجين يظهر لدينا صورة جديدة أدعى للرصد، وهي ظهور نزعة قومية في الحس العراقي نحو ايران، فعلى مدار الشهر الماضي تسببت أعمال طهران وخطاباتها -عن غير قصد- في ظهور نزعة قومية عميقة بين العراقيين، فقد أدرك أولئك المحتجون الذين غالبيتهم من الشيعة أن إيران تستغل انتماءهم إلى الطائفة نفسها لكي تستخدم الأرض العراقية كمعركة لحروبها ومكبًّا لمنتجاتها الإيرانية الأقل ثمنًا على حساب الاقتصاد المحلي العراقي.

ولا عجب أن أحد الشعارات الأكثر شعبية اليوم في شوارع بغداد هو: “عراق حرة حرة؛ إيران بره بره!”.

وفي حين ما زال العديد من القادة العراقيين يتعرضون للترهيب من قِبَل السلطة الإيرانية، يُظهر شباب العراق اليوم أنه لا يرضخ مثلهم لهذا الترهيب. فقد قام المتظاهرون بنهب القنصلية الإيرانية في كربلاء، وحرق صور السيد خامنئي. وبدورها أمرت السلطات الإيرانية مواطنيها بعدم السفر إلى العراق.

ويمتد هذا الاستياء إلى النجف -مقر السلطة الدينية الشيعية-، فقد أشار آية الله العظمى علي السيستاني، الذي وقف إلى جانب المتظاهرين بشكلٍ متزايدٍ إلى معارضته للتدخل الإيراني في العراق، فهو يخشى أن يؤدّي خلط أمور الدولة والمساجد بإلحاق الضرر بهذه الأخيرة، كما حصل في إيران، وقد أثارت جرأة إيران مخاوف أيضًا في صفوف رجال الدين في النجف من فقدانهم السلطة لمنافسيهم في مدينة قم الإيرانية.

وإذ يتمسك المتظاهرون بهويتهم الشيعية يجدون في القومية العراقية دواءً شافيًا من الانقسامات الطائفية التي رغم كونها مدمرة للعراق؛ إلا أنها لطالما سمحت لإيران ووكلائها بامتلاك نفوذٍ هائلٍ ومفرط في بلادهم.

تميزت هذه الموجة من الاحتجاجات بزخمها القوي؛ إذ إنها جاءت عابرة للجغرافيا العرقية والطائفية، وفاجأت الجميع بحجمها غير المألوف سابقًا، ورغم تجدد موجات الحراك في العراق بين حين وآخر فإنها لم تشهد مظاهرات بهذا الزخم سابقًا.

وما زال المشهد غير مستقر، والظاهر لدينا صعوبة وضع سيناريوهات محتملة إلا أن المؤكد أن العراق الآن، وفي المستقبل القريب لن يشبه عراق أمس.

المراجع:

مظاهرات العراق: رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يحذر من خسائر بمليارات الدولارات

الاحتجاجات العراقية بين العاصفة والهدوء

http://arabprf.com/?p=1677

الحرية العراقية تتصدى للهيمنة الإيرانية

مظاهرات العراق والحق الذي يراد به باطل

‎مظاهرات العراق: هل يتراجع الشارع عن المطالبة باستقالة الحكومة؟

تقرير روسي: اتفاق امريكي – ايراني يخص وضع العراق ومستقبل عبد المهدي

العراق ـ قتلى وعشرات المصابين في مستهل يوم احتجاجي جديد

التعليقات مغلقة.