fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

حرب الناقلات… الإرهاب الإيراني والسطو على ناقلات النفط بالخليج العربي

242

تمهيد:

في ظل التوترات الموجودة في الخليج العربي يعود من جديد ظهور مصطلح: “حرب الناقلات” الذي تقوده دولة الملالي أمام ناقلات النفط؛ هذا المصطلح يُطلق عليه: القديم المتجدد؛ وذلك لما له مِن تاريخ وأحداث قديمة في الخليج العربي.

التعريف بحرب الناقلات:

هذا المصطلح يشير إلى فترة زمنية من فترات الحرب العراقية الإيرانية، وهي تقع ما بين 1980-1988م، وقد جرى فيها ضرب ناقلات النفط في الخليج العربي، هذه الضربة استهدفت معظم موانئ النفط في إيران على أيدي القوات الجوية العراقية، في خطوة جريئة من جمهورية العراق لمنع إيران من تصدير النفط.

وبعد هذه الضربة الجوية من القوات العراقية تركّزت الهجمات البحرية والجوية الإيرانية على ناقلات النفط الخليجية بالكامل، بدعوى أن دول الخليج العربي داعمة للعراق، وكانت معظم الخسائر من نصيب ناقلات النفط الكويتية؛ مما دفع الحكومة الكويتية في 1 نوفمبر 1986م أن تطلب حماية دولية لناقلاتها، وقتها حصلت على الموافقة بتأجير ناقلات النفط المملوكة للاتحاد السوفيتي في بداية عام 1987م؛ وذلك لعدم قدرة إيران على ضرب الناقلات السوفيتية، ولكن مع ذلك تم استهداف ناقلتين روسيتين.

وأثناء هذه المعركة وصلت الخسائر إلى مليارات الدولارات، حيث إنها ألحقت أضرارًا بيئية وبشرية ومادية كثيرة، كما يشير باحثون إلى أن الحرب استهدفت 546 سفينة تجارية، و259 سفينة، منها: سفن ناقلات نفط أو ناقلة للمنتجات البترولية، وقتلت الهجمات حوالي 430 بحارًا مدنيًّا.

دروس من حرب الناقلات الأولى:

حرب الناقلات والحرب البحرية بين إيران والعراق شملت نوعين من الصراع البحري المُعقّد، فمِن جهة: محاولات العراق لإضعاف إيران من خلال تدمير قدرتها على استخدام ناقلات النفط لتصدير النفط، ومن الناحية الأخرى: الوجود البحري الغربي بقيادة الولايات المتحدة في الخليج الذي كان يهدف إلى ضمان حرية مرور الناقلات إلى الكويت، وتوفير الأمن العام لسفن الشحن مِن وإلى دول الخليج المحايدة، وكل أشكال الصراع هذه أدَّت إلى تصعيدٍ كبيرٍ.

يقول أنتوني كوردسمان -المسئول لدى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS الأميركي- في بحث أعده في مايو (أيار) 1990م:إن (حرب الناقلات) اكتسبت أهمية حقيقية فقط في السنة الرابعة من الحرب“.

ففي الوقت الذي تبادل فيه الجانبان استهداف السفن في بداية الصراع، بدأ التصعيد إلى ضربات واسعة النطاق على الملاحة في دولة ثالثة في عام 1984م.

مضيق هرمز:

يقع “المضيق” في منطقة الخليج العربي فاصلًا ما بين مياه الخليج العربي من جهةٍ، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.

ويضمّ المضيق عددًا من الجزر الصغيرة غير المأهولة، أكبرها: جزر قشم الإيرانية ولاراك وهرمز، إضافةً إلى الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، ويبلغ عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60 م فقط، ويبلغ عرض ممرّى الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10,5كم).

الأهمية الاقتصادية والتجارية لمضيق هرمز:

  • 1- مع اكتشاف النفط ازدادت أهمية المضيق الاقتصادية نظرًا للاحتياطي النفطي الكبير بالمنطقة العربية واستيراد الخدمات والتكنولوجيا، بمعنى أن المضيق يربط بين أكبر مستودع في العالم وأكبر سوق.
  • 2- تعبره من 20-30 ناقلة نفط يوميًّا بمعدّل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة، محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحرًا على مستوى العالم.
  • 3- تعتبر دولة اليابان من أكبر دول العالم استيرادًا للنفط عبر مضيق “هرمز”، وفي حالة غلقه؛ فإن العالم سيُحرم مِن هذه التكنولوجية المتطورة.
  • 4- 22% من السلع الأساسية في العالم (الحبوب وخام الحديد والأسمنت) تمر عبر المضيق.
  • 5- المملكة العربية السعودية تصدر 88 % من إنتاجها النفطي عبر المضيق، بينما تصدر العراق 98 % من إنتاجها النفطي عبره، والإمارات بنسبة 99%.

الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز:

ماذا يعني غلق المضيق؟

نظرًا للأهمية التجارية والاقتصادية للمضيق، فإن له أبعادًا إستراتيجية كبيرة على المنطقة العربية، وحال إذا ما تم غلق المضيق، فإن لذلك انعكاسات تؤدي إلى انهيار اقتصاديات العديد من الدول.

  • 1- إيران أكبر الخاسرين من غلق مضيق هرمز؛ لكونها تعتمد عليه في تصدير النفط الخام إلى دول آسيا، خاصة الصين أكبر المستوردين منها.
  • 2- إيطاليا، وإسبانيا، واليونان من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق مضيق هرمز؛ لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكري بين البلدين: (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالي ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل نفط يوميًّا، أي: بنسبة 18% من إجمالي الصادرات الإيرانية البالغة 2.7 مليون برميل نفط يوميًّا.
  • 3- العديد من الدول ستلجأ إلى تصدير النفط والغاز الطبيعي عبر الأنابيب مثل: المملكة العربية السعودية، حيث قامت المملكة بمد خط أنابيب رأس التنورة.
  • 4- الإمارات العربية المتحدة تمكنت هي الأخرى من مد خط أنابيب، والذي بدأت فيه عام 2012م.
  • 5- ستضطر الدول العربية لشق قناة مائية على غرار قناة السويس تربط بين الخليج العربي وخليج عمان، وتقوم عند أقرب نقطة بين الخليجين، أي في أقصى شمال شرق الأراضي العمانية بين شبه الجزيرة العمانية الممتدّة في مضيق هرمز، وبين خطى عرض 26 شمالًا وطول 56 شرقًا، وتؤمّن هذه القناة مدخولًا ماليًّا مذهلًا لسلطنة عمان والدول الخليجية المساهمة في إنشائها.

القديم المتجدد:

اليوم تطفو لعبة حرب الناقلات مما يدفعنا لتسميتها بالقديمة المتجددة، وهي: “لعبة المضايق المائية“، حيث تتلاطم فيها الأمواج دومًا بحثًا عن النفوذ والتأثير، ولا سيما في تلك المضايق التي قد تمثِّل أهمية إستراتيجية عالمية تتجاوز معها الحدود الجغرافية لدولها المحيطة.

والآن يتخذ المشهد في الخليج العربي تصعيدًا مستمرًا في ظل الحرب الكلامية المستمرة بين طهران وواشنطن، والتي قادت بالفعل إلى إعلان البيت الأبيض نشر حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” وقوّة مِن القاذفات في منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، والتي ربما تتجه قريبًا إلى الخليج العربي، أعقب ذلك تصريح وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو): بأن الولايات المتحدة رصدت أنشطة إيرانية تشير إلى تصعيدٍ محتملٍ.

وجاءت الخطوة الأميركية في أعقاب تهديدات إيرانية بغلق مضيق هرمز بعد دخول العقوبات الأميركية بشأن إلغاء الاستثناءات التي كانت ممنوحة لثماني دول فيما يتعلق بالصادرات النفطية الإيرانية، حيز التنفيذ؛ هذه التطورات تطرح سؤالًا مهمًّا عما إذا كانت المنطقة على شفا حرب جديدة بين الولايات المتحدة وإيران.

أحداث حرب الناقلات الثانية:

غريس1:

في 4 يوليو اعترضت شرطة وجمارك جبل طارق -الأرض البريطانية في أقصى جنوب إسبانيا- الناقلة الإيرانية “غريس1″، بمساعدة مفرزة من البحرية الملكية البريطانية.

وقالت حكومة جبل طارق والولايات المتحدة حينها: إن السفينة التي يبلغ طولها 330 مترًا كانت متجهة بحمولتها إلى سوريا “في انتهاك” لعقوبات أقرها الاتحاد الأوروبي؛ إذ إن دمشق تخضع منذ بداية النزاع فيها في 2011م لعقوبات دولية تشمل بشكل خاص مشتريات النفط.

وقال قبطان السفينة الهندي: إن طائرة مروحية عسكرية هبطت على الجسر قبل أن تصعد إليها قوات البحرية الملكية.

ووصفت إيران عملية احتجاز السفينة بأنها “قرصنة بحرية”، وحذرت مِن أنها سترد، ولم تكشف طهران رسميًّا عن وجهة الناقلة، لكنها نفت أنها كانت متجهة إلى سوريا.

أم تي رياح:

اعترض الحرس الثوري الإيراني في 14 يوليو “ناقلة أجنبية” اتهمها بنقل نفط مهرّب، جنوب جزيرة لاراك الإيرانية، في مضيق هرمز الإستراتيجي.

وقال الحرس الثوري: “إن الناقلة التي تبلغ سعتها مليوني لتر وعلى متنها 12 من أفراد الطاقم الأجانب، كانت في طريقها لتوصيل النفط المهرب الذي تسلمته من مراكب إيرانية إلى سفن أجنبية”.

وقالت منظمة تانكر تراكرز المتخصصة في تتبع شحنات النفط: “إنها فقدت إشارة “أم تي رياح” التي كانت ترفع العلم البنمي في 14 يوليو/ تموز، منذ اللحظة التي دخلت فيها المياه الإيرانية”.

ستينا أمبيرو:

في 19 يوليو حاصر الحرس الثوري الإيراني الناقلة “ستينا أمبيرو” قبل الصعود على متنها في مضيق هرمز، واحتجزت السفينة التي يبلغ طولها 183 مترًا وتم توجيهها إلى ميناء بندر عباس الإيراني بسبب “عدم الالتزام بالقانون البحري الدولي”.

وقد اتُهمت بتجاهل نداءات الاستغاثة وبإيقاف جهاز الإرسال والاستقبال بعد اصطدامها بقارب صيد، كانت الناقلة ترفع العلم البريطاني ويملكها سويدي ويعمل عليها طاقم مكون من 23 شخصًا بينهم 18 هنديًّا، والباقون من الفلبين ولاتفيا وروسيا.

ناقلة مجهولة الهوية:

احتجزت طهران ناقلة نفط ثالثة في 31 يوليو على متنها سبعة من أفراد الطاقم الأجانب، مؤكدة أنها كانت تحمل 700 ألف لتر من الوقود المهرب، وقال الحرس الثوري: إنهم نقلوا السفينة إلى ميناء بوشهر (جنوب)، وسلَّموا السلطات السفينة التي كانت في طريقها لتوصيل النفط الخام إلى دول في الخليج.

توقعات وردود الأفعال:

هذه الأحداث دفعت الكثير إلى الحديث عن إمكانية وقوع حرب جديدة تشبه ما جرى خلال حقبة الحرب العراقية الإيرانية، في الثمانينيات من القرن الماضي.

صحيفة “واشنطن بوست” نقلت في 13 يوليو الجاري عن الخبير الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بهنام بن طالببل، قوله: “إن الوضع في الخليج ومضيق هرمز يشبه ما جرى خلال حقبة الحرب العراقية الإيرانية، التي تعرضت حينها سفن عدّة للهجمات”.

في حين رأى نيكولاس بيرنز -الأستاذ في جامعة هارفارد، ووكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية بين عامي: 2005 و2008م-: أن واشنطن لا تعتمد على تدفق النفط من الخليج كما كان سابقًا.

وأضاف:حلفاؤنا يعتمدون على ذلك الممر الحيوي في الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يجعل الأمر أكثر تطورًا، ويدفع أمريكا لمساندة الحلفاء دون التدخل مباشرة“.

وكان العراق هدد بمهاجمة جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإيرانية والآتية منها، وتعرضت سفن حينها للاعتداء، وذلك في العام 1980م، وبعد تطور الأحداث ردّت إيران بالمثل، قبل أن تتطور إلى دخول أمريكا على الخط بسبب تعرض سفنها للاعتداء.

واشنطن لا تريد الحرب!

وقال الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) في عدة مرات: إنه لا يريد الحرب مع إيران، لكنه حذَّر مِن أنها ستواجه “المحو” لو اندلع صراع بين البلدين.

ومنتصف يونيو الماضي، أسقطت إيران طائرة مسيرة أمريكية، وهو ما دفع أمريكا إلى التجهيز لإطلاق هجمات ضد طهران، قبل أن تتراجع في اللحظات الأخيرة.

وقال ترامب في تغريدات له حينها: إنه قرر وقف الضربة على إيران قبل عشر دقائق من تنفيذها؛ لأنها لم تكن متناسبة مع إسقاط طائرة مراقبة أمريكية مسيّرة غير مأهولة.

سيناريوهات مطروحة:

حتى الآن لا يمكن التحقق من صحة أي من السيناريوهات المطروحة حول الجهة المسؤولة فعليًّا عن الهجمات على ناقلتي النفط في بحر عُمان.

وبعيدًا عن ذلك نحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا الحادث الذي ليس الأول من نوعه:

بالنسبة لإدارة الرئيس ترامب وإسرائيل وحلفائهما في العالم العربي تتحمل طهران مسئولية الهجومين على ناقلتي النفط في بحر عُمان.

إيران بدورها رفضت الاتهامات الأمريكية التي لا تستند على أدلة ملموسة حسب وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أما المواقف الأخرى الداعية للتهدئة فتبدو ضائعة وسط الغموض في مشهدٍ يتجه إلى التصعيد، وفي غاية الخطورة على الجميع.

 هذه الخطورة مردها من جهة إلى أن الهجومين يأتيان بعد هجمات مماثلة طالت قبل شهر ناقلات وسفنًا تجارية قرب ميناء الفجيرة، ويزيد الطين بلة أن الهجمات وقعت قرب مضيق هرمز الحيوي لصادرات النفط العالمية.

 وبما أن 20 بالمائة من هذه الصادرات تمر عبر المضيق قادمة من السعودية والإمارات والكويت وقطر بالدرجة الأولى، فإن تهديد حركة الملاحة فيه يؤدي فقط إلى جنون أسعار النفط.

كما يؤدي أيضًا إلى تصاعد التوتر السياسي والعسكري بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربية من جهة أخرى، وهو الأمر الذي ينذر بالمزيد من الهجمات التي تؤدي إلى توقف جزئي أو كلي لصادرات الذهب الأسود إلى أسواق الاستهلاك الرئيسية في عددٍ مِن الدول الصناعية.

البدائل المتاحة:

قال خبراء في تصريحات متفرقة للأناضول: إن الحل الأمثل للأزمة -لكنه مكلف- يتمثَّل في مد خطوط الأنابيب داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وصولًا إلى موانئ عمان، مع تجنب مضيق هرمز مما قد يحافظ على إمدادات النفط وعدم تأثرها مستقبلًا.

وذكر الخبراء: أن تطور أزمة المضائق قد تدفع أسعار النفط لمستويات قياسية، لم تشهدها الأسواق من قبل، وهو ما تبتغيه “طهران”؛ مِن أجل الضغط على “واشنطن” للوصول لاتفاقٍ جديدٍ بشأن البرنامج النووي.

ويمر 32 بالمائة من النفط العالمي عبر مضيق هرمز، و8 بالمائة عبر باب المندب، فيما يمر 10 بالمائة عبر قناة السويس و28 بالمائة عبر مضيق ملقا و22 بالمائة، عبر مضائق أخرى.

وتزايدت حدة التوترات في مضيق باب المندب، بعد استهداف جماعة “الحوثي” ناقلتي نفط سعوديتين الأربعاء الماضي، ما ألحق أضرارًا طفيفة بإحداهما، دون أي انسكابات للنفط الخام في البحر قد تؤدي إلى كارثة بيئية.

وتحت وطأة الهجوم وبشكل مؤقت، أعلنت السعودية وقف مرور كل شحنات النفط الخام عبر هذا الجزء من البحر الأحمر، حتى تصبح الملاحة عبر المضيق آمنة من الحوثيين المتهمين بتلقي دعم إيراني.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تزايد سقف التهديدات الكلامية المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.

وقبل أسابيع هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بإغلاق مضيق هرمز، ومواجهة واشنطن بطرق مختلفة قائلًا: “لدينا مضائق كثيرة وهرمز أحدها”.

أسعار غير مسبوقة:

قال المحلل الكويتي لأسواق النفط العالمية أحمد حسن كرم: إن التوترات في منطقتي باب المندب ومضيق هرمز، قد تدفع أسعار النفط للصعود إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وأضاف كرم في اتصال هاتفي لـ”الأناضول”: إن المضيقين يتحكمان في مرور أكثر من 20 مليون برميل نفط يوميًّا، بخلاف المشتقات البترولية وصادرات الغاز.

وذكر أن مضي إيران في تنفيذ تهديداتها بغلق مضيق هرمز -الذي يتحكم في مرور نحو 17 مليون برميل يوميًّا- سيؤثِّر سلبًا على صادرات النفط والغاز من العراق والكويت وقطر (الأكثر تضررًا)، وربما الإمارات والسعودية والبحرين كونهم لديهم منافذ تصدير أخرى عند البحر الأحمر أو بحر العرب.

وأشار إلى ضرورة إيجاد طرق بديلة لعمليات التصدير، والتي في جميع الأحوال ستتسبب في ارتفاع التكلفة، أو المساعدة بتخفيض حدة التوترات السياسية بالمنطقة.

وتابع كرم: “إغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة دمار شامل للدول الخليجية واقتصاداتها؛ كونها تعتمد اعتمادًا كليًّا على الإيرادات النفطية”.

أما مضيق باب المندب الذي يمر من خلاله نحو 4.6 ملايين برميل يوميًّا، فيرى الخبير النفطي: أن البدائل المتاحة حاليًا للحيلولة دون توقف تصدير النفط (يذهب أغلبه لأوروبا)، فهي سلوك طرق بحرية أطول لحين استقرار الأوضاع.

وذكر أن ذلك سيكون له تداعيات سلبية على قناة السويس المصرية، مع انخفاض عدد الناقلات وتعليق الملاحة بباب المندب، وسلوك مسارات بحرية أخرى.

إعلان حرب:

وقال محمد الصبان -الخبير الاقتصادي والنفطي-: إن إغلاق المضائق البحرية ومنع مرور السفن التجارية يعتبر بمثابة “إعلان حرب” على الدول المنتجة والمستهلكة للنفط على حدٍّ سواء.

وأوضح الصبان الذي كان يشغل كبير المستشارين السابق في وزارة النفط السعودية: إن قيام المملكة بوقف تصدير النفط عبر باب المندب، قد تكون نبهت إلى خطورة الصراع القائم على اقتصادات الدول المستهلكة للنفط، ما يدفع إلى ضرورة مساندة دول المنطقة ضمانًا للمصالح المشتركة.

وتقود السعودية تحالفًا عربيًّا ينفِّذ منذ مارس/ آذار 2015م عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية في مواجهة الحوثيين المسيطرين على محافظات بينها صنعاء، منذ سبتمبر / أيلول 2014م.

ومِن بين أهداف التحالف العربي في اليمن: حماية طرق الشحن عبر البحر الأحمر، الذي يمر منه معظم نفط الشرق الأوسط والسلع الآسيوية إلى أوروبا عبر قناة السويس، التي تربطه بالبحر المتوسط.

وذكر أن الهدف من القرار ليس رفع الأسعار أو تحقيق مصالح آنية، إنما توصيف لحالة من عدم الاستقرار بمنطقة باب المندب، والذي تتحمل مسئوليته المجتمع الدولي ككل.

بدائل متاحة:

قال جاسم عجاقة الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية: إن مد دول الخليج خطوط أنابيب لنقل النفط هو الخيار الأفضل بالوقت الراهن؛ لتجنب تأثر الإمدادات النفطية بالمستقبل.

وأضاف عجاقة في اتصال هاتفي مع “الأناضول” من بيروت: إن المسار الأول يشمل مد خطوط تغطي الإمارات وشرق السعودية مما يساعد على تفادي المرور بمضيق هرمز، وصولًا إلى موانئ سلطنة عُمان.

وتابع: “المسار الثاني للخطوط يمر الشرق للغرب رغم وجود خط أنابيب موجود حاليًا إلا أنه غير كافي… بدليل استمرار الاعتماد بشكلٍ أساسيٍ على ناقلات النفط”.

ولدى السعودية خط أنابيب “بترولاين” بسعة 3 ملايين برميل يوميًّا، وهناك خطط لزيادته لـ 5 ملايين، ويمتد مساره إلى مدينة ينبع على البحر الأحمر، ويوفِّر إمدادات إلى أوروبا والولايات المتحدة.

ولفت عجاقة أنه يمكن الانتهاء من مد خطوط الأنابيب على المدى المتوسط ولن يستغرق مدة طويلة، مضيفًا: “إن ذلك سيحقق تنمية مشتركة بين دول الخليج خاصة عمان التي ستستفيد موانئها التي ستصبح مركزًا لعمليات التصدير”.

وذكر أن إيران تحاول الضغط على الولايات المتحدة، من خلال المساهمة في رفع أسعار النفط وإلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي جراء ذلك، بغرض الوصول لاتفاقٍ جديدٍ بشأن البرنامج النووي.

وأوضح أن الارتباطات السياسية المحيطة بمضيق هرمز، أكبر مقارنة بباب المندب، نظرًا أن الأول يقع داخل العمق الإيراني، مطالبًا بإيجاد حلول دبلوماسية للأزمة التي ستلقي بضغوطٍ كبيرةٍ على اقتصادات المنطقة ككل.

واستبعد تطور الأحداث لتصل لحرب شاملة، ولن يتجاوز الأمر بعضًا من المناوشات من الجانب الإيراني للضغط على الولايات المتحدة.

ويعد النفط الخام، مصدر الدخل الرئيس لإيران والمصدر الأوحد تقريبًا للنقد الأجنبي، إذ تنتج قرابة 3.8 ملايين برميل يوميًّا، وفق أرقام “أوبك”.

المصادر:

الاندبندت

ويكبيديا

 DW

الخليج أون لاين

بي بي سي

رأي اليوم

التعليقات مغلقة.