fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الأزمة الخليجية و مقاطعة قطر (كيف تعاملت قطر مع هذه الأزمة؟)

193

يمر الآن عام ونصف على إعلان السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، وتبعتهم في المقاطعة حكومة اليمن وجزر المالديف وجزر القمر بسبب ما وصفوه عدم التزام الدوحة بمقررات تم التوافق عليها سابقًا بمجلس التعاون الخليجي، والتي من أبرزها الموقف القطري من أحداث عزل د. محمد مرسي في مصر ودعم دولة قطر لثورات الربيع العربي وعلاقات حكومة قطر مع جماعة الإخوان المسلمين والتعاطي الإعلامي لقناة الجزيرة مع بعض الأحداث.

بالإضافة إلى ما بثته وكالة الأنباء القطرية من تصريحات لأمير قطر انتقد فيها ما أسماه «المشاعر المعادية لإيران»، ولكن سارع المسئولون القطريون إلى إنكار التصريحات، متهمين قراصنة باختراق وكالة الأنباء الرسمية، لكن الانتقادات السعودية والإماراتية تصاعدت بشدّة بعد أن اتصل الشيخ تميم بالرئيس الإيراني حسن روحاني ما اعتبر تحدٍ للمملكة. وقد أعلنت دول المقاطعة أسبابها في البنود التالية:

  • دعم قطر للجماعات المتطرفة عديدة من بينها جماعة الإخوان المسلمين والتي تعتبر تنظيمًا إرهابيًا في هذه الدول، وأيضا الحوثيين، مرورًا بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
  • تأييدها لإيران في مواجهة دول الخليج.
  • عملها على زعزعة أمن هذه الدول.
  • تحريض بعض المواطنين على حكوماتهم، كما في البحرين ومصر.

وقد كان للمقاطعة لقطر العديد من الآثار السياسية والاقتصادية والتي حاولت قطر مواجهتها بعدة إجراءات لتقليل آثارها في حين اعتبر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر أن “استمرار الأزمة الخليجية كشف عن إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه، وتلبية طموحات شعوبنا الخليجية، ما أضعف من قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر، وهمّش دوره الإقليمي والدولي“.

ويرى أمير قطر أنه:

“تعززت حصانة اقتصاد قطر من الهزات الخارجية وازدياد اعتمادهم على أنفسهم وترسخت الروابط مع حلفائنا أكثر وتطورت علاقاتنا مع معظم دول العالم، والأهم من هذا كله ازداد تمسك القطريين بأخلاقهم التي عرفوا بها وتعمق وعي شعبنا وإدراكه لحجم منجزات دولته وأهمية السيادة الوطنية،  وتمكن قطر إلى حد بعيد من تجاوز آثار الحصار. وتشاركنا المؤسسات الاقتصادية والأسواق المالية التفاؤل، إذ يتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في قطر إلى 2,8% عام 2018 وأن يرتفع إلى نحو 3% في الأعوام التي تليها، كما عدلت مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية نظرتها المستقبلية عن الاقتصاد القطري من سلبية بعد الحصار مباشرة إلى مستقرة حاليا ما يعكس تحسن توقعاتها عن الأداء المالي والاقتصادي لدولة قطر في المستقبل”. مشيرا إلى ثقة المؤسسات المالية العالمية بمستقبل أداء الاقتصاد القطري عند طرح سندات سيادية قطرية بقيمة 12 مليار دولار في أسواق المال العالمية حيث وصل حجم الاكتتاب إلى 53 مليار دولار وبأسعار فائدة معتدلة”.

وقد اتخذت قطر عددا من الإجراءات والتدابير من أجل مواجهة هذه المقاطعة والتي كان منها:

  • دعم الصناعة الوطنية من خلال زيادة عدد المصانع المحلية بنسبة 14% من أجل تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الغذائية والمستلزمات الاستهلاكية وزيادة الاعتماد على المنتجِ المحلي من 5% إلى30%ِ.
  • تدشين المرحلة الأولى من مشروع مخزون المياه الاستراتيجي وجارٍ العمل على تدشين باقي المراحل نهاية هذا العام بزيادة قدرها 155% عن مخزون المياه العذبة الحالي.
  • قامت قطر بتسليم جميع شحنات الغاز والنفط المقررة لعملائها دون أي تأخير.
  • إبرام عقود طويلة الأجل حتى 2040 مع شركات عالمية (شركة بتروشاينا) لتصدير النفط إلى مناطق متعددة مثل الصين (3.4 مليون طن) من الغاز المسال سنويا[1] كما وقعت شركة “راس غاز” القطرية، في سبتمبر الماضي، اتفاقية لبيع الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عامًا مع شركة بنغلادش للنفط والغاز والمعادن (بتروبنغلا) كما وقعت شركة قطر غاز في سبتمبر الماضي، اتفاقية متوسطة الأجل مع شركة بوتاش التركية لتسليم 1.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا على مدار ثلاثة أعوام. و قد ارتفعت صادرات قطر، وغالبيتها من الغاز الطبيعي والنفط 17.7% على أساس سنوي إلى 21.30 مليار ريال في أغسطس الماضي.
  • واصل جهازُ قطر للاستثمار (الصندوق السيادي) استثماراتهُ الخارجية التي وصلتْ إلى 335 مليار دولار في مختلف دول العالم.
  • افتتاحْ مِيناء “حمد البحري” بتكلفة 7.4 مليارات دولار وبطاقة استيعابية 7.5 ملايين حاوية، وهو واحد من أكبر موانئ الشرق الأوسط. حيث استقبلَ الميناء في الشهر الأول للمقاطعة أكثر من 49 ألف حاوية، وفي سبتمبر الماضي زاد عدد الحاويات ليصل إلى 84 ألف حاوية. بالإضافة إلى إطلاق شركة موانئ قطر تسعةَ خطوط ملاحية مباشرة منذُ الأسبوع الأول للمقاطعة.
  • اعتماد سريع لأسواق بديلة لتوفير السلع الغذائية؛ خصوصا الخضر والفواكه منها تركيا وسلطنة عمان والهند وإيران وتونس والمغرب واليونان.
  • التوسع في الملاحة الجوية من خلال إعلان شركة الخطوط الجوية القطرية اعتزامها شراء طائرات ركاب وشحن جديدة بهدف توسيع أسطولها الجوي، والاستحواذ على حصة قدرها 49% في “إيه.كيو.ايه هولدنج”، الشركة الأم الجديدة لشركة ميريديانا الإيطالية لتضيفها إلى محفظتها المتنامية من الاستثمارات في شركات الطيران الأجنبية. كما تمكنت الخطوط الجوية القطرية من توقيع العديد من الاتفاقيات، مع خطوط جوية عالمية، كما أطلقت وجهات عالمية جديدة لرحلاتها في مختلف قارات العالم.
  • تشجيع السياحة في قطر من خلال تنظيم الهيئة العامة للسياحة القطرية الاحتفال الرسمي بيوم السياحة العالمي، تحت شعار “السياحة المستدامة – أداة للتنمية”، والذي احتضنه الدوحة يوم 27 سبتمبر الماضي. كما أعلنت كل من وزارة الداخلية القطرية والهيئة العامة للسياحة والخطوط الجوية القطرية في أغسطس الماضي أن قطر سوف تسمح لمواطني 80 دولة بالدخول إلى أراضيها دون الحاجة لتأشيرة دخول وهو ما انعكس على نسب إشغال الفنادق في الأعياد (الفطر والأضحى) 100% مع إلغاء تأشيرات الدخول إلى دولة قطر لمواطني أكثر من 83 دولة[2].

هذا وقد لجأت قطر إلى إبرام عدد من الاتفاقات العسكرية مع تركيا من أجل إنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية بهدف التعاون والدفاع المشتركة بين البلدين حيث كانت تخشى قطر من أعمال عسكرية من دول المقاطعة يطيح بالنظام الحاكم في قطر فلجأت إلى الدعم التركي بالإضافة إلى الحليف الأمريكي في عدم السماح بحدوث أي عمل عسكري ضد قطر.

وقد أوضحت الأزمة عمق الخلافات والرؤى العربية و أجندات الأنظمة الحاكمة حيث اتضح أن الخاسر الأكبر هو الدول العربية جميعها سواء منفردة أو مجتمعة في حين أن الرابح الأكبر هو أمريكا وإيران و تركيا و بالطبع إسرائيل في المقام الأول خصوصًا مع تزايد مغازلة الأنظمة العربية جميعها للكيان الصهيوني المحتل في تحول معلن للاستراتيجية العربية لمواجهة الاحتلال حيث أصبحت أغلب دول الخليج يجمعها علاقات اقتصادية مع إسرائيل أو البعض الذي لا يزال في مرحلة فتح قنوات دبلوماسية لهذه العلاقات، هذا في الوقت الذي يتعاظم الدور الإيراني وخطره بالمنطقة بما يشكل تهديدًا للأمن القومي لدول وشعوب المنطقة.

[1] CNN

[2] البوابة نيوز

التعليقات مغلقة.