fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قرار السعودية بتعليق مرور ناقلات النفط من مضيق باب المندب

177

أثار إعلان السعودية، الأسبوع الماضي، تعليق مرور شحنات النفط في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر بعد أن هاجم الحوثيون سفينتين في الممر المائي، العديد من التساؤلات والمخاوف على الرغم من أنه حتى الآن لم تحذ حذوها أي من الدول الأخرى المصدرة للنفط، وترجع أهمية هذا القرار إلى أنه يمثل خطوة أولية من شأنها إغلاق كامل للممر المائي الاستراتيجي أن يؤدي ذلك فعليًا إلى وقف شحنات تبلغ نحو 4.8 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة إلى أوروبا والولايات المتحدة[1].

ويعد مضيق باب المندب، هو أهم الممرات المائية، حيث يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، ويفصل بين جيبوتي في قارة أفريقيا واليمن في قارة آسيا، ويقع في منتصف المسافة بين السويس ومومباي. يحده من الشرق اليمن، وإريتريا وجيبوتي من الغرب، وتتحكم الثلاث دول هذه في إدارة المضيق.

يبلغ عرض المضيق حوالي 30 كيلو مترا، وتتم الملاحة في الجزء الغربي منه نظرًا لاتساعه حيث يبلغ عرضه 25 كيلو مترا ويصل عمقه إلى 310 مترًا. وتحول باب المندب إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية مع افتتاح قناة السويس 1869م، إذ إن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس.

و تأتي خطوة المملكة بعد استهداف الحوثيين لناقلات نفط سعودية بشكل متكرر، لكن في هذه المرة تحاول السعودية استغلال الحادث لتحقيق مكاسب سياسية من خلال الضغط على حلفائها لاتخاذ مواقف أكثر جدية للخطر الذي يمثله الحوثيون وزيادة الدعم لحربها في اليمن حيث تسعى السعودية إلى أن تضع ما تقوم به إيران من تخريب للاقتصاد العالمي بأسره تحت أعين الجميع وأن معركة السيطرة على ميناء الحديدة لن تضع نهاية لهذه العراقيل والتهديدات الحوثية والإيرانية بالمنطقة.

وتسعى السياسة السعودية من خلال تعليق الشحنات السعودية، مع التهديد الضمني بارتفاع أسعار النفط، ربما يهدف أيضًا إلى الضغط على الحلفاء الغربيين الذين ما زالوا يدعمون الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو الماضي، لاتخاذ موقف أقوى ضد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعم جماعات مسلحة في أرجاء المنطقة.

وفي المقابل عبر الحلفاء الغربيون الداعمون للتحالف الذي تقوده السعودية يقاتل الحوثيين في اليمن عن القلق بشأن الهجمات، لكنهم لم يشيروا إلى أنهم سيتخذون إجراءات لتأمين المضيق، وتهدد هذه التطورات بتصاعد وتيرة حرب ينظر إليها على أنها معركة بالوكالة بين السعودية وإيران من أجل الهيمنة الإقليمية.

ويبدو أنه ليس لدى أي طرف الرغبة في صراع شامل لكن الوضع يمكن بسهولة أن يتدهور، ويبدو أن هدف السعوديين والحوثيين هو التصعيد إلى أعلى مستوى ممكن ولكل منهما أهدافه المختلفة.

في حين يرى بعض المحللين أن:

“الحوثيون يحاولون تصعيد الوضع حتى يتم بذل المزيد من الجهد للتفاوض لإنهاء الحرب في اليمن، وأن السعوديين يحاولون خلق وضع تكثف فيه الولايات المتحدة بشكل أو آخر دعمها إلى حد كبير … حتى يمكنهم الإعلان عن نصر عسكري”[2].

ويرى آخرون أننا:

“على بعد مسافة قصيرة من الدخول في مواجهة مباشرة على نحو أكبر”[3].

ويبدو أن بعض دول الخليج تدرس إمكانية حذو المملكة في اتخاذ نفس القرار حيث ورد عن أحد المسئولين بالكويت أن بلاده قد تتخذ قرارًا بوقف صادرات النفط عبر مضيق باب المندب، بعد قرار سعودي مماثل، لكنه أكد أن الأمر ما زال “قيد الدراسة” وأن قرارًا نهائيًالم يُتخذ بعد[4].

وعلى صعيد أسعار النفط ومدى تأثره بالقرار يبدو أن هذا القرار ذا تأثير محدود على شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب، على قناة السويس المصرية خلال الفترة الحالية، لأن السفن السعودية ستكون متجهة شرق آسيا وجنوب أسيا، وبالتالي لن تمر على القناة ومن المتوقع انتهاء التعليق بداية أغسطس المقبل، بعد السيطرة على المنطقة بشكل كامل[5].

و يبدو واضحًا أن قرار السعودية محاولة لدفع أمريكا نحو استعادة الأسطول الأمريكي للسيطرة بشكل كامل على المنطقة.

___________________

[1] رويترز

[2] جيمس دورسي من معهد إس.راجارتنام للدراسات الدولية

[3] حليمة كروفت الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأولية بشركة آر.بي.سي كابيتال ماركتس

[4] سكاي نيوز

[5] الخبير اللوجيستي أحمد الشامي،

التعليقات مغلقة.