fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

خطة تحويل الدعم العيني إلى نقدي

149

أعلنت وزارة التموين عن نيتها استكمال خطة تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي حيث صرح وزير التموين والتجارة الداخلية بأن وزارته تُعد خطة جديدة لإدخال منظومة الخبر -رغيف العيش- ضمن الدعم النقدي وليس العيني، في إطار خطط الحكومة المستقبلية للتحول إلى الدعم النقدي بشكلٍ كامل[1].

فالدعم العيني يعني توفير السلع والخدمات للفقراء بأسعار تقل عن أسعارها الحقيقية لضمان الحد الأدنى لمستويات التغذية الصحية اللازمة لكى يبقوا أصحاء. وهو ما كانت تنتهجه الحكومة المصرية لعقود متتالية، لكن مع دخول مصر في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض بقيمة 12 مليار دولار أصبحت قضية الدعم أهم القضايا المحورية في المفاوضات وقد اشترط الصندوق رفع الدعم الذي تقدمه الحكومة في العديد من السلع والخدمات والاستعاضة عنه بتوجيه دعم نقدي لبعض الفئات.

ويرى المحلل الاقتصادي مجدي عبد الهادي أن الدعم النقدي نظريا، يتضمن العديد من المزايا، منها وصول الدعم لمستحقيه وتكلفة أقل لتوزيعه، ومقدار أقل من الهدر والفساد، وأن الدعم النقدي يتميز بتقليل الاستهلاك ومنح حرية الاختيار للمستهلك، وتخصيص أفضل للموارد على المستوى الوطني وإحساس المواطنين بقيمة الدعم[2].

إلا أن الدعم النقدي عمليا يعنى زيادة الاستهلاك، ومن ثم رفع أسعار السلع التي ستشهد زيادة في الطلب عليها، تزامنا مع نسب تضخم مرتفعة.

كما يؤكد د. هشام إبراهيم، خبير الاقتصاد، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إنه يلزم أولا تحديد قاعدة بيانات حقيقية لمستحقي الدعم وتنقية منظومة الدعم من غير المستحقين.

وهناك العديد من المخاوف من التحول من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي طبقا لرغبة الحكومة. فقد أشارت بيانات البنك الدولى السابقة إلى أن دعم الخبز والسلع التموينية ساهم فى إخراج الملايين من المصريين من دائرة الفقر والمرض بل والحقد والنقم أيضا على الدولة وسياستها بسبب أوضاعهم المتردية، كما أن ارتفاع نسبة الفقر المعلنة رسميا تتطلب التروي تماما، والتأكد من أن الآليات المقترحة لتغيير نظام الدعم السلعى ودعم الخبز والتحول إلى الدعم النقدى يمكنها الوصول إلى جميع مستحقيه فى جميع المحافظات المصرية.

وعلى الجانب الآخر يرى العديد من الخبراء و المحللين الاقتصاديين –كما أوضح حازم حسانين– أنه ليس كل ما يمليه صندوق النقد الدولي من شروط، تصلح لمعالجة أمراضنا، خاصة إذا كانت أمراضًا مزمنة، فممولو قيمة الدعم في الغالب هم أصحاب الدخول الثابتة الذين يقتطع منهم ضرائب غير مباشرة، وأنه يجب النظر إلى الدعم بشقيه (دعم حماية المستهلك ودعم تشجيع المنتج في ضوء نظرة كلية هيكلية، تراعي حجم الدعم في الموازنة العامة وحالة الركود التضخمي الحالية، وتطوير منظومة التجارة الداخلية ورفع كفاءتها ومواجهة الطابع الاحتكاري للسلع الأساسية، وتحديد مستحقي الدعم، وتحديد المبالغ التي ستمنح لهم ومعرفة أماكنهم وكيفية الوصول إليهم.

إلا أنه يبقى هناك العديد من المخاوف التي تنتاب الفقراء من فكر التحول إلى الدعم النقدي تتلخص في :-

  • احتمال تكرار حدوث أزمات عالمية لارتفاع أسعار الغذاء مستقبلا أو ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري، بما يمكن أن يرفع أسعار الغذاء بنسب كبيرة فوق نطاق تحمل الفقراء، وبالتالى يجب أن تلتزم الدولة بإعادة النظر دوريًا في المبالغ المخصصة للدعم النقدى والذي لا نعتقد إمكانية حدوثه لأن فكر الدولة في التحول إلى الدعم النقدى يشير إلى رغبتها فى إغلاق ملف الدعم نهائيًا، وبالتالي يصبح الطلب فى إعادة النظر في مخصصات الدعم، مثل طلبات إعادة النظر في مرتبات العاملين بالدولة، والتي لا تجد تجاوبًا من الدولة.
  • إذا كان دعم الخبز والسلع التموينية معا لا يشكل أكثر من 18.8% من إجمالى مبالغ الدعم والمنح والمزايا، في حين تبلغ نسب دعم المواد البترولية 59.9% من إجمالى الدعم، وبالتالى فإن الحكمة تشير إلى أن دعم الغذاء يجب أن يأتي فى مؤخرة الفكر في رفع وترشيد الدعم.
  • كيف تضمن الدولة أن الدعم النقدي سيستخدم في شراء الغذاء فقط دون غيره ووصوله إلى كل أفراد الأسرة.

احتمالات حدوث ارتفاع في معدلات التخضم وارتفاع الأسعار، وهي مشكلات تهدد الاستقرار الاجتماعي بما يستوجب أن يكون هناك حوار مجتمعى مع كافة الأطراف والخبراء، عند اتجاه التحول من الدعم السلعي إلى نقدي في مرحلة مستقبلية.

[1] خبراء لـ”وزير التموين”: تحويل الدعم العيني للخبز إلى نقدي خطوة سابقة لأوانها

[2] الدعم النقدي في مصر بين إملاءات صندوق النقد وتحدي التنفيذ

التعليقات مغلقة.