fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

وقفة مع موازنة البرامج والأداء

152

مؤخرًا تم الإعلان عن استلام ومناقشة مجلس النواب موازنات البرامج والأداء للوزارات الست المعنية بتطبيق موازنة البرامج والأداء (التعليم العالي والبحث العلمي، والتخطيط، والمالية، والتنمية المحلية، والتجارة والصناعة، والشباب والرياضة) طبقًا لمنشور وزارة المالية من أجل إعداد الموازنة العامة للدولة 2018-2019.

فالموازنة العامة هي البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة لتحقيق أهداف محددة، وذلك في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وطبقًا للسياسة العامة للدولة. وتعد موازنة الدولة العامة البرنامج المالي الذي يعكس سياسات الحكومة المختلفة، والإطار الذي يتضمن القرارات المتعددة لاختيار السياسات والأهداف التي ترغب الحكومة في تحقيقها، وكذلك اختيار الوسائل، والبرامج التي تؤدي إلى إحراز هذه الأهداف؛ لذلك فإن وثيقة الموازنة توفر معلومات عن القرارات التي تتخذها الحكومة لتوزيع مواردها بين الاستخدامات المتنافسة لإشباع الحاجات العامة.

وهناك عدة أنواع من الموازنات العامة التي تتبعها مختلف دول العالم مثل موازنة البنود وموازنة البرامج والأداء وغيرها؛ ومن المعلوم أن مصر تتبع منهجية موازنة البنود في إعداد الموازنة العامة منذ عقود؛ بمعنى أن يتم حصر المصروفات ذات الطبيعة الواحدة في مجموعات متجانسة رئيسية وفرعية، بصرف النظر عن الإدارة الحكومية التي تقدمها. ثم بعد ذلك يتم تقسيم النفقات إلى فئات رئيسية تسمى أبواب حيث يتم تقسيم هذه الأبواب الرئيسية إلى بنود فرعية. ويتميز هذا النظام بضمان الرقابة على إنفاق المال العام

لكن يعيب هذا النظام:

  • يركز على المدخلات، مثل: عدد العاملين والموارد والمرافق المتاحة لهيئة أو وزارة، فلا تشير إلى العلاقة بين الإنفاق والنتائج، مما يعوق الاختيار السليم بين الأهداف المرجوة وترشيد تخصيص الموارد، وهذا يمنع وضع وتنفيذ سياسات ذات مغزى من الناحية الاقتصادية، حيث من المفترض أن تعكس الموازنة العامة الخطة الاقتصادية والسياسة العامة للدولة.
  • لا توفر معلومات كافية عن مدى فاعلية وكفاءة الحكومة؛ حيث تعوق قدرة الرقابة على الأداء الفعلي طبقًا لأهداف محددة.
  • لا يمد بالمعلومات عما تقوم به الحكومة فعلًا وما تحقق نتيجة إنفاق الأموال، وبشكل عام تهتم موازنة البنود بالتكلفة أكثر من الناتج من الإنفاق.
  • يفتقد هذا النظام للمرونة فإذا تعذر صرف المبالغ المخصصة لأمر ما لأي سبب من الأسباب، كأن يحدث تأخير في التنفيذ فإن هذه المبالغ يتم إعادتها إلى الخزينة وغالبًا ما يستحيل إنفاق بعض المبالغ المخصصة لبند ما على بند آخر .

مؤخرًا بدأت عدة دول اعتماد أسلوب آخر في إعداد موزانتها العامة، وهو نظام موزانة البرامج والأداء (الإمارات – جنوب أفريقيا – إثيوبيا – ماليزيا) وغيرها.

فموازنة البرامج والأداء تقوم على الاهتمام والتركيز على الإنجازات التي تتم، إذ إن الميزانية تُعتمد لتحقيق أهداف معينة وليس لمجرد شراء سلع وخدمات. وتهتم بطبيعة أنشطة وأعمال الأجهزة الحكومية أكثر من اهتمامها بموضوع الإنفاق (أجور – مشتريات – إنشاءات……) .وتلقي الضوء على العمل الذي تم أو الخدمة التي أنجزت للتأكد من أن النتائج التي تم الوصول إليها تحقق ما كان مخططًا له.

تقوم موازنة البرامج والأداء على الاعتبارات الثلاثة التالية[1]:

أولًا: وضع برامج وأنشطة لها معناها بالنسبة لكل وظيفة من الوظائف أو مهمة من المهام التي تقوم بها الوحدة (سواء كانت وحدة اقتصادية أو إدارية) بغرض الإفصاح بدقة عن أهداف العمل في مختلف هذه الوحدات.

ثانيًا: تعديل النظام المحاسبي والإدارة المالية لمسايرة التبويب المشار إليه.

ثالثًا: مقاييس للعمل ومعدلات للبرامج تفيد في تقييم الأداء وذلك بالنسبة لكل برنامج وتقسيماته.

وتتميز موازنة البرامج والأداء:

  1. تمتاز باللامركزية والمرونة فى التطبيق.
  2. تعتمد على تبويب النفقات إلى برامج، والبرامج إلى مشروعات، والمشروعات إلى أنشطة وتحديد الوحدات الإدارية الحكومية المسئولة عن هذه البرامج.
  3. يوفر هذا الأسلوب الأدوات ومعدلات الأداء التي يمكن من خلالها قياس كفاءة المصالح الحكومية.
  4. تمتاز بالواقعية في تقديراتها.
  5. تعطي صورة واضحة عن الإنفاق، بمعنى أن كل بند من بنود المصروفات أو الاعتمادات يكون النشاط الذي ينفق على هذا البند معروفًا مقدمًا، ومن ثم لا يتم صرف أي مبالغ دون مبرر لصرفها.
  6. تساعد في تحسين عمليات تنفيذ البرامج والمشاريع للأجهزة الحكومية والوزارات والمصالح، كما أنها تسهل عملية الرقابة في مرحلة التنفيذ، نظرًا لوجود معايير للأداء .
  7. تساعد على توزيع الإمكانيات المالية المتوفرة لدى الدولة بشكل أفضل من الموازنة التقليدية.
  8. توفر للمواطنين معلومات كافية عن الخدمات التي تقدمها الحكومة لهم .
  9. يتيح أسلوب موازنة البرامج والأداء لأفراد الشعب الحكم على مدى كفاءة استخدام الأموال العامة في تنفيذ برامج خطط التنمية.
  10. تساعد السلطات التشريعية على إتمام الرقابة الفعالة؛ حيث يتحول الاهتمام إلى ما تم إنجازه بالفعل وليس بمدى الالتزام بالاعتمادات المخصصة.
  11. إقرار مبدأ المساءلة والمسؤولية حيث تحدد المسؤول عن أداء الأعمال.
  12. رفع مستوى الجودة المتعلقة ببيانات الأداء المتاحة للحكومة والمسؤولين في المؤسسات؛ بما يساعد ذلك في التخطيط الاستراتيجي وتوزيع الموارد والرقابة على العمليات.
  13. تغيير دور الرقابة من رقابة مسبقة إلى رقابة مؤخرة، ومن رقابة مالية إلى رقابة الأداء، وتعميم ثقافة الأداء مما يؤدي إلى تحسين فعالية المؤسسات الحكومية.

أهم عيوب موازنة الأداء:

  1. صعوبة تحديد الأهداف لجميع الأجهزة الحكومية تحديدًا دقيقًا.
  2. صعوبة تحديد وحدات قياس الأداء المخرجات التي تقاس بها الإنجازات لكل وزارة ومصلحة حكومية فهناك بعض النشاطات والأعمال الحكومية التي يصعب تحديد معايير لقياس أدائها.
  3. صعوبة تحديد عوائد بعض البرامج والمشاريع بشكل مادي وملموس.
  4. صعوبة تطبيقها إذ يتطلب تطبيق موازنة الأداء وجود أنظمة محاسبية معقدة ومتابعة معينة.

ويواجه تطبيق هذا الأسلوب عددًا من الصعوبات في الحالة المصرية [2]:

  1. نقص الموظفين المؤهلين عمليًا وفنيًا لتنفيذ مثل هذه الأسس.
  2. صعوبة قياس الأنشطة في صورة وحدات ناتج.
  3. صعوبة ربط الأداء بالهدف وصعوبة قياس الفاعلية.
  4. ارتفاع تكلفة التطبيق، لما يتطلبه من جهود وأعباء.
  5. اهتمام هذا الأساس بالمشروعات قصيرة الأجل نسبيًا.
  6. عدم شموله بعض الأنشطة مثل الأمن الداخلي والدفاع الخارجي.
  7. صعوبة تقبل الجهاز الإداري والمالي للتغيير ومقاومته له.
  8. صعوبة تغيير الأنظمة المحاسبية لتتوافق والعمل وفق هذا الأساس.
  9. عدم ملائمة الهياكل التنظيمية للجهاز الإداري للدولة لتطبيق هذا الأساس.

 

و يعتبر نمطية الجهاز الإداري والمحاسبي للدولة أحد أكبر المعوقات التي تواجه هذا النوع من الموازنات؛ حيث يعتمد هذا النظام بالأساس على امتلاك هذا الجهاز درجات من المرونة الابتكارية، حيث إن العنصر البشري يعتبر حجر الزاوية في هذا الأمر، وهو ما لا يتوفر حاليًا، و يتطلب مرحلة من التدريب والتأهيل والتطوير وإجراء تغييرات جذرية في نظام الموازنة العامة وعلاقته بالتنظيم الإداري للحكومة، والربط بين جهازي الموازنة العامة، والتخطيط بالدولة.

 

كما أنه يجب تطوير العديد من المفاهيم والسياسات خصوصًا في بعض المحاور كالمتعلقة بالأمن والدفاع ليتلائم مع آليات ومفاهيم موزانات البرامج، وهو ما يبدو أن وزارة التخطيط والمالية اعتمدت هذا النوع من البرامج في بعض الوزارات كتجربة أولية لكن يبقى أن يتم تأهيل باقي الوزرات والهيئات أيضا خلال تلك الفترة حيث إنه ليس من المعقول أن تتكون موزانة الدولة من نوعين من أساليب إعداد الموزانات في موزانة واحدة.

[1] مركز البديل

[2] مركز البديل

التعليقات مغلقة.